الفصل الثالث

4917 Words
حرباء لم أكن خنوع يوماً إلا مع سارة و ذلك لكونها عصبية للغاية إن لم تستمع لها تتركك وتبحث عن من يسمعها ويسمعها المليون المتابع ولن يضيرها نقصان متابع. أتابع بشدة تفحصها لوجهها في المرآة الكبيرة التي تحتل واجهة السيارة بأكملها من طرفها العلوي  وحتى أخرجت من حقيبتها زجاجة تبدوا لعطر ولكنها بلاستيكية و لا تتعطر بها, لأنها تضمخ بها وجهها فحسب, كما أن رائحته مستغبرة بعض  الشيء وكأنه أو**جين مركز, علمت لاحقاً أنه بالفعل أو**جين و لكن سائل الهيئة لأنه خاص بالأمور التجميلية . و لأول مرة بحياتي تقريباً أنشغل عن طريق بــروتين الجميلات فقد سهيتُ عن مطب صناعي إندفعت إليه بكامل سرعة السيارة وللأسف الشديد سارة لم تكن ترتدي حزام الامان و قد إرتطمت رأسها بالزجاج الأمامي عند إندفاعها للأمام, لما أوقفت سيارتي مرة واحدة لأتفادى المطب الصناعي. صرخت إثر إرتطامها ثم صاحت بي : - ما تحاسب يا بني أدم إنت ..انت مش بتقول طيار .. مش عارف تسوق عربية ؟! قلت متخوف متهدج الأنفاس :    - ما شفتش المطب .. انا آسف حصلك حاجة ؟ قالت بوهن وقد رفعت شعرها الساحر عن وجهها بكلتا يداها : -        مش عارفة بص كده الخبطة علِّمت ؟ وتقصلت المسافات عن ذي قبل, فقد أمسينا وجهاً لوجه, لا يفصلني عنها إلا أنفاسها الهادرة بتسارع إثر الجزع من الإصطدام الأخير. أجاهد وأحارب و أقتل لهفتي للتفرس بقسماتها الدقيقة و أنظر للكدمة المتوردة بجبهتها و أقول مازحاً متدراكاً مشاعر حامية لفتني لإقتراب أنثى : -        حاجة بسيطة .. هتعيشي .. إلبسي الحزام . إبتسمت في خبث ثم قالت : -        لا ممكن أموت من ريحة عربيتك انت بتربي فيها ح*****ت . - في الحقيقة أه . - بجد ؟! تناولت من الكنبة الخلفية صندوق عزيزة حيواني الأليف الأول و الأشد قرباً لقلبي, إصطحبتها معي اليوم لما بدى عليها المرض منذ أمس فقررت العروج على البيطري للإطمئنان على حالها قبل لقائي بسارة التي تقول بسعادة بالغة : - قطة ؟! انا بحب القطط أوي . أردفتْ مستغربة بشدة لما فتحت الصندوق و عرضت عليها عزيزة لتدقق بها النظر بها كي تعرف ماهيتها الحقيقية : - قطتك شبه التمساح ليه ؟! نظرتُ لقطتي بغرابة لأنها ليست قطة بل حرباء ثم تحولت لسارة و قلت موضحاً : - دي حرباية . - يعني إيه ؟ - نوع من السحالي. - يعني إيه ؟ - حيوان جبلي . - جمل صغير يعني ؟ أخرجتُ الجمل الصغير من علبته و وضعته على ملابسي السوداء فتحول لون جلده الأخضر الداكن للأ**د وحينها قالت سارة مشدوهة : - انت ساحر ؟! الجمل الصغير بقى لون التيشيرت . نظرت لها غير مصدقاً و قلت يملؤني التعجب : - معقولة مش عارفه الحرباية ؟! قالت مازحة باسمة الثغر : - أعرف الحرباية مرات البواب بتاعنا بس ما كنتش أعرف ان الحرباية دي تبقى الجمل الصغير كنت فاكراها شتيمة . ذهبت في نوبة من الضحك ثم قلت : - مش جمل صغير يا سارة دي حرباية نوع من الزواحف . عندما قلتُ زواحف أيقنتْ إنها أمام مخلوق خطير فقد قالتْ بتخوف شديد : - ايوه .. إفتكرتها .. يا مااااااامي . بالطبع الكلمة الأخيرة قالتها صارخة بجزع من بين محاولاتها المضنية لفتح باب سيارتي المغلق مركزياً طبقاً لأوامر السلامة على الطريق و ليس لسجنها مع حربائي كما أرى بعيونها وكما تصرخ بوجهي : - إفتح الباب يا مجنون إنت . - ما تخافيش دي ما بتأذيش . - إفتح الباب بقولك وإلا هود*ك ف ستين داهية . فتحتُ لها الباب حتى لا تظن بي الأسوء كما تبدى بعيناها. ترجلتْ من السيارة على عجالة حتى إنها تعرقلتْ بحزام الأمان وسقطت على وجهها مباشرة عند نزولها وحينها ترجلتُ من سيارتي وسارعت إليها. وجدتها نهضت عن الأرض تنفض عن ركبيتها وجونلتها الأتربة ولما إنتهت نظرت ليداها المغبرة من أتربة الأسفلت الذي سقطت عليه في إمتعاض شديد أثار بداخلي الخوف من تبعاته. تنظر الآن نحوي في غضب عارم إنما مكتتم للذكاء الإجتماعي الذي تتسم به على الدوام فقد نظرت لجسدي لتقيم معركتها القادمة معي و التي تراجعت عنها من فورها لما علمت إنها خاسرة فأنا أملك بنية عضلية ضخمة لمداومتي على التمارين الرياضية . سارة حينها لم تكن تعلم إنها لو إستخدمت سلاحها الفتاك أي حقيبتها الضخمة ذو المستحضرات التجميلية الثقيلة لتأديبي ما كنت لأرفع صوتي عليها وليس يدي كما ظنت فلم أبطش بإمرأة لحق أو باطل ما حييت وأعاملهن كح*****تي الأليفة بكل رفق و لين و إن كانت معظم النساء لا تستحق حتى تلك المعاملة ولكن ذلك ما تربيت عليه . - يا ستي حقك عليا حتى لو مش عارف انتي زعلتي ليه أصلا  .. إتفضلي اركبي عشان أوصلك . لا تعيرني الإنتباه, تفتح باب السيارة لتخرج حقيبتها ومن حقيبتها تستل هاتفها النقال الذي تصيح من خلاله وقد تلألت عيونها بالدمع : - ايوه يا حيوان .. انت فين .. تجيب تا** و تيجي تاخدني من .. تحولت إلي و قالت : - احنا فين ؟ - مدخل نادي الرماية . - إحنا في زفت مدخل الرماية ونهارك إسود ماشي يا إيهاب . وتنتهي المكالمة فأبادر بسؤال : - فهميني بس انتي زعلتي ليه ؟ العيون الدامعة حدجتني بتسائل ثم قالت صاحبتها : - انت ظابط بجد ؟ - انا طيار مقاتل بمقام جيش من اللي فاكراهم ظباط . - أومال أهبل ليه ؟ - انا أهبل ؟! راعي كلامك شوية يا مودموزيل . - مودموزيل ؟! انت منين ؟ - من الزقازيق يا ستي . حدجتني بغرابة ثم قالت متسائلة : - يعني إيه ؟ الزقازيق بلدي و منشئي وحتى الآن ملاذي وإعتزازي دوناً عن أي بلدة زرتها. لماذا سميت الزقازيق بهذا الإسم هناك ثلاث نظريات ولكن غير متكملات. الأولى ترجع أصل تسمية مدينة الزقازيق نسبة إلي أسرة السيد أحمد الزقزوقى الكبير وهو أحد فروع عائلة بركات الوكال الذي أنشأ كفر الزقازيق قبل مجيء محمد علي إلى مصر ثم إلى نزلة الزقازيق والتي أنشأها إبراهيم الزقزوقى بجوار القناطر وهو من ذرية أحمد الزقزوقى. وقد ورد اسم كفر الزقازيق بخريطة الوجه البحري التي رسمها علماء الحملة الفرنسية في سنة 1800 م إنما ورد محرفاً باسم كفر زجزي. النظرية الثانية؛ ترجع أصل التسمية إلى عائلات الزقازيق أو الزقزوقى وهى عائلة ذات أصول عربية نزل قسم منها في كفر الزقازيق البحري وهو الآن أحد أحياء مدينة الزقازيق والآخر في كفر الزقازيق القبلي و يقع الآن في مركز منيا القمح وقسم صغير نزل في عزبة الزقازقة مركز أبو حماد. النظرية الثالثة؛ عندما أمر محمد علي باشا بعمل قناطر في محل سد بحر مويس المعد لري أراضي مديرية الشرقية؛ ليسهل بها الري وتصريف المياه، أقام عمال الحفر و البناء عشش من الطين لإقامتهم علي جانبي البحر و تبعهم في ذلك باعة المأكولات ونحوها، وتكاثرت الناس وكان منهم من يهتم بهواية الصيد فوجد ببحر مويس نوع من الأسماك يسمى الزقزوق نظرًا لإصداره صوت يشيبه الزقزقة، فسميت المدينة بذلك؛ نظرًا لوجود هذا النوع النادر من الأسماك بها دون غيرها من المدن التي يجرى بها بحر مويس. وتضحك وتضحك .. تتورد وجنتاها بلون العناب وليس الوردي البارد .. لا تتمالك نفسها و تميل بجزعها من كثرة الضحك إنما أفضل ما بالميل و الضحك أمسكت بساعدي الأيمن لتستند علي و كان هذا أول تلامس جرى بيننا و أول تلامس لي بإمرأة بعد زوجتي السابقة وأخلف بص*ري ما عرفته منذ رأيت سارة؛ الراحة .   تدريجياً تعود عيونها الدامعة إبتساماً لعيوني ثم تقول : -   زقزق !!! -   أه .. السمك بيزقزق زي العصافير أول ما يطلع من المية .  - يعني فين الخرابيق دي ؟ -   الزقازيق يا سارة .. عاصمة الشرقية. -   شرقية لإيه ؟ قلت وقد نفذ صبري من جهلها بأبسط الأمور : -   يا سارة .. الشرقية دي محافظة زي محافظة القاهرة و محافظة المنوفية وهكذا .. والزقازيق العاصمة . عادت للضحك والتلفت من حولها و لازالت يدها ممسكة بساعدي والحرارة بجوفي تزداد حد الغليان, فلم أقابل مخلوق أنفاسه الحامية إثر حرارة سبتمبر تلفظ بعبق الفل, كف متناهي الصغر, هلامي الملمس, ناعم كمثيلها عندما تكون هادئة والمدهش رغم جنوحها أحياناً أتملس الهدوء بحناياها ساكنة. تقول بوهن : - دماغي وجعتني من المعلومات الكتير و السحالي و يومك الغريب ده   -  تيجي نروح مكان ترتاحي فيه و تغسلي إيدك و وشك ؟ غادرها الوهن بلحظة وأجابتني بحدة : -   فين يعني يا روح أمك ؟ تفاجئت للغاية بلغة كتلك قد تص*ر عن فتاة برقة النسيم **ارة أنور و قلت متسائلاً : -   انتي ليه عنيفة في ردودك ؟ لم تجيبني فقط نظرت لي بإزدراء وسبابتها تتلاعب بخصلة من شعرها فأدرفتُ : -   قصدي مكان عام .. فيه حمام عام .. تغسلي فيه إيدك . -   فين يعني ؟ -   بما إننا في الرماية نروح مينا هاوس أسمع إن الفيو فيه حلو . -   مينا هاوس !!! إنت قديم أوي .. انت حياتك كلها vintage   (أنتيك ) -   Old is gold   ( كل قديم ذو طابع ذهبي ) أومئتْ بإستحسان لقاعدتي الأولى بالحياة و قد بدى عليها الإرهاق بحق, فطلبتُ منها بكل تأدب أن تعود للسيارة بعدما ذاب جبينها القطبي من ثلوج ألاسكا البيضاء و لكنها لم تسجيب و قالت آمرة : -   شيل صاحبتك في شنطة العربية . -   الجو حر عليها .  بررت لنفسها ساديتها مع حيواني الأليف : -   المفروض إنها كائن جبلي. -   هحطها في الدواسة ينفع ؟ قالت في إصرار : -   في شنطة العربية. وكانت أول التنازلات و ليس أخرها : -   حاضر يا سارة  . قلتها بكل بأريحية غير غاضب بالمرة فقد كان همي و مطلبي بالحياة حينها أن أرى بعيون سارة الرضا عني, إنما لأي سبب لا أعرف , فيمَ أطمع لم أستبين, أكيد بكونها لن تحبني ولو على الأقل من أول لقاء جمعنا, كما أنني أكيد من كوني رجل سطحي لا يطمح بأي شيء بخلاف الهدوء ولا سيما جمال مثل ذاك يراه المرءٌ منا نصب عيناه للتأمل في خلق الله لما أبدع و صوّر, جمال يبتسم بوجهي منتظر قراري إما صاحبة الجمال إما صاحبتي القديمة. وبالطبع إخترت صاحبة الجمال فاليوم كان لها من بدايته بأي حال. نقلتُ عزيزة من الكنبة الخلفية لصندوق السيارة الخلفي وعيونها تشكوا قسوتي الجديدة عليها ولكننا يا عزيزة رجال والرجال تتحول طبائعهم و ميولهم و أحياناً أخلاقهم للنقيض بوجود أنثى من معشرهم و أرجو منك أن تسامحيني فمن أجل أنثى البشر,  سوف أفعل ما هو أكبر من طردك من سيارتي و رحابتها لحقيبة سيارتي و فوضاها العارمة .  كانت السعادة بعيون سارة لا تقدر بأثمان لما إخترتها دون عزيزة, وبلا دعوة جديدة مني, ركبت سارة السيارة وأغلقت الباب من خلفها برفق و أنا أحب من يعامل سيارتي بلين. عدت لموضعي بالسيارة وجدت سارة تنشر عطرها من جديد بأركان السيارة, تريد التخلص من كل شيء متعلق بحيواني الأليف حتى الرائحة مما إستدعى ضحكي و جعلني أقول :     -   خسارة البرفان بتاعك . -   مفيش حاجة خسارة فيا . قالتها بمنتهى الثقة والثبات, ثقة جعلتني أستشعر إنها تعلم عن مخططي لليوم , تعرف إنني دفعت ألفين من الجنيهات كي تكون معي, تعرف إنني ممثل بارع أمام أصدقائي و عائلتي ولكن أمامها أضعف من ضعيف فقد كشفت علّتي من أول لقاء, ومن أول نظرة وجهتها لعيناي فأنا مريض و ترياقي الونس, مخلوق يؤنسني بقلعة الوحدة التي بنيتها بسواعدي و بلا مساعدة من أحد لأسكنها وحيد بعيداً عن الهموم و الشجون, في حاجة لمن يسقيني جرعات الترياق على مهل فمن سكن عتمة الوحدة لسنوات صعيب عليه هجرها مرة واحدة كما فعلتُ اليوم ويا حبذا لو الساقي و المداوي إمرأة فقد سأمت الرجال,  رجال بالعمل والصحبة والشارع فليس لي أي علاقات نسائية من أي نوع .  إمرأة مثلها  رغم إنها ليست إمرأة بعد لأن سارة فتاة صغيرة لم يسبق لها الزواج و حالتها الإجتماعية في حساباتها الإلكترونية تذكر إنها عزباء وتلك الحالة الإجتماعية لم تتبدل أبداً منذ أمسى لسارة حساب إلكتروني و هذا شيء يدعوا للتأمل فكيف لفتاة في جمالها ورقتها أن لا تملك زوج أو حبيب !! يبدوا إنني وقفتُ في خياري لمينا هاوس فقد بدى على عيونها الإنبهار لما أبصرتْ مدخله فحسب . أظن الشارع المقابل للفندق تم غسله بالصابون الفاخر و المياة المعدنية لأن الملاط الأبيض للرصيف المواجه للفندق يع** الشعاع القرنفلي لشمس الظهيرة الحارقة الخبيثة فقد أزعجت عينا الصغيرة  الجميلة الأسيوية و أعتب عليها؛ الشمس و ليس سارة فـسارة كاملة و قد تعرضت لإنزعاج كافي بلقائي الغير منتظر.  تترجل من سيارتي مسلوبة الإرادة من قبل سحر الماضي, ولا تستمع لندائي لها لتنظرني حتى أصف السيارة لنذهب سوياً و نهاية تقول هائمة عيونها تغول بكل شيء من حولها إلاي : - وطي صوتك انا سمعاك .. انت مزعج أوي . لم أكن مزعج يوماً, لا طفل و لا مراهق ولا كهل كحالي الآن ولكن سارة رقيقة هادئة ويزعجها ما يزعج الماء العذب. تركتُ سيارتي لموظف جراج الفندق ليصفها لي من أجل سارة و رضاءها, فلم أدع مخلوق على وجه الخليقة يقود سيارتي منذ إشتريتها وذلك منذ سنوات عدة. تسابقت خطواتي لألحق بالواقفة التي تحدق بمدخل الفندق المصنوع بالكامل من خشب الارابيسك البني المطعم بالنحاس ثم تتحول لي و تقول بحماسة : -   طويل العمر يطوِّل عمره و ينصره على من يعديه . أبتسم لها و أقول : -      إنتي مذاكرة أفلام كويس . قالت بحماسة مضاعفة: -   أصل بحب الفيلم ده أوي . -   و انا كمان . لست محب فقط للأفلام القديمة بل صبٌ ونقلت ذلك الشغف لسارة لاحقاً فقد كانت تتابع الأفلام الهوليدية فحسب و من أحب الأفلام لقلبينا فيلم صاحب الجلالة و الذي تم تصويره بمينا هاوس. و أخيراً القربة لما دلفنا سوياً من مدخل الفندق للبهو المكيف لفتاة تناهز العاشرة أو الحادية عشر تهرع لسارة بينما تصرخ بإسمها. تلقي بنفسها بين أحضان سارة, و ذراعيها تلتف من حول خصر سارة بمودة حقيقية و تقول :    -   انا بحبك أوي يا سارة. قالت سارة بتعجب عانت الأمرين لإخفائه : -   و انا كمان بحبك .. انتي إسمك إيه ؟ إبتعدت الفتاة عن سارة بحنق و قالت بتذمر : -   انا كارولين إزاي مش عارفاني انا بعمل تاج على كل فيديوهاتك و بشيرها كلها. قالت سارة متداركة : -   كوكي إزيك انتي أمورة أوي .. غيري الفوتوغرافر بتاعك بيغير لون بشرتك خالص مش عرفتك. أنا من تعجبت هذه المرة إنما وحيد و من كلتاهما, إندهشتُ لسرعة بديهة سارة لما تملصت من غضب معجبة تهيم بها عشقاً, وزاد من إندهاشي الفتاة الصغيرة التي صدقت علة سارة الكاذبة بكل بساطة حيث قالت الفتاة بإبتئاس متهدلة الأكتاف في حزن :    -   فعلا كل إصحابي قالوا كده و مش صدقتهم .. انا هغيره بس الفوتغرافر بتاعك مشغول أوي . إبتسمت سارة بنعومة و قالت برأفة للبنت : -   انا هكلمه عشانك ... You are my number one fan (انتِ معجبتي الأولي) -   Really? -   Sure darling. تحولت لي الفتاة و دققت بي النظر للحظات ثم عادت لسارة سائلة  : -   Your boy friend ( هل هو صديقك الحميم؟) -   The princesses had no boy friend (الأميرات لا يملكن عشاق ) جملة سارة التحفيزية لها تكملة و لكن الفتاة لم تنتظر وإنطلقت تقول بفرحة غامرة بينما تقفز في الهواء بسعادة : -   Always had a Knights  ( دائماً لهن فرسان ) كانت تلك إحدى مقولات سارة المأثورة؛ فهي لا تعترف بعلاقات قبل خطبة و زواج مهما كانت الإعتبارات ؛ ترى نفسها أميرة والأميرات لا يخضن مغامرات عاطفية. معجبة سارة الأولى نظرت لي بتفحص ثم قالت بإشادة :  -   أنت أمُّور أخر حاجة . حقيقةً لست وسيم فأنا في أعراف بلدي رجل رحل عنه قطار الزواج؛ أقرع, متوسط القامة ولكن و للحق أميل للقِصر, لا أملك قسمات دقيقة ولا سَمت الفرسان, إختصاراً للوقت المهدور زوجتي السابقة كانت لما تراني أطالع المرآة لأي سبب كانت تضحك بسخرية ولم أعرف تحديداً لأي شأن ولكني خمنتُ كما خمنتم فعيونها كانت تنقل بغضها لخلقتي, إنما اليوم أشبه جيسن استاسيم و الفتاة الصغيرة تسألني عن صلة قرابة تربطني بالفنان أحمد مكي . -        لا مش قريبي فينا صلع من بعض شوية. كما إنني خفيف الظل اليوم كذلك فالصغيرة تضحك كما القصيرة الجميلة وخطيبتي تمثيلياً والتي طلبتُ منها بحزم : -        يايلا يا سارة انا تعبت من الوقفة.  نظرتْ لي في إستنكار لقطع حديثها مع معجبتها الطفلة ولكنها من بدأت التمثيلية الهزلية لذلك قالت متراجعة :    -   أوكيه حبيبي . باغتتني حبيبي؛ جعلتني أوقن إني فاشل في كل شيء حتى التمثيل فأداءها تغلب على أدائي الصادق كل الصدق بل و نال مني وحولني من متربص بفتاة جميلة لحبيب بثانية واحدة ولكن بالخيال. تمشينا برفقة الفتاة الصغيرة و الثرثارة للغاية **ائر الفتيات في عمرها الصغير فأنا أملك مثيلها, أتغيب عنها لأشهر لطبيعة عملي و عند عودتي تنزل علي ما إختزنته من أحاديث ضجرة تذهب عن عيوني النوم قهرياً و إلا عبوس و عيون لامعة بالدمع تنضح بجملة لا تمل من تكرارها- لم تعد تحبني بعدما طلقت أمي. لنترك فتاتي جانباً الآن و نعد لفتاة الفندق؛ إتضح من حديثها إن أمها تعمل بالفندق كمديرة للموارد البشرية وفي وسعها توفير جلسة أكثر من رائعة بالفندق إحتفالاً بالخطيبين السعيدين . أظنني اليوم أبصرت أجمل مكان بالعالم وقد جبت العالم أجمع؛ حديقة شاسعة تقبع أمام أهرامات الجيزة الثلاث, لا يفصلها عن الأهرام إلا النخيل الباسق وهضاب متوسطة متباينة الإرتفاعات ي**وها الخضار من كل الجوانب, يتوسط الحديقة حوض سباحة كبير صمم بداخله جزر مستطيلة الأبعاد من الرخام الأبيض المائل للحلكة, تلك الجزر البديعة زرع من داخلها الزهور الحمراء و الوردية وتتوسط كل جزيرة نخلة متناهية الصغر أضحكني قصرها للغاية . -        بصي النخلة .. صغيرة جداً .. أول مرة أشوف الحجم ده في النخل . قلتها لسارة مازحاً فنظرت لي بإستهتار ثم تحولت للفتاة و قالت : -   لا يا حبيبتي إحنا كنا جايين نشرب حاجة ونمشي على طول . -   بليز يا سارة    . -   حبيبتي المكان شكله غالي أوي و وجيه مش عامل حسابه . - How dare you it's my gift to you Sara, enjoy(كيف تجرئين, هذه الجلسة هديتي لكِ سارة ) و تركتنا الفتاة أمام الطاولة الوحيدة بتلك الحديقة الشاسعة تحملها السعادة على جناحين من ذهب بعدما وفرت لحبيبين جلسة شاعرية, أما أنا جلست إلى الطاولة وملئت عيناي بجمال المظاهر من حولي و أولهم الصائحة بوجهي :   -   انت هتعقد, قوم نمشي. -   ليه المكان جميل جداً ؟ -   المكان غالي جداً .. إتفضل قوم . -   انا معايا فلوس إطمني .. أقعدي. سحبت الكرسي بعيدًا عن الطاولة بحدة, محدثة شتى أنواع الضوضاء و من ثم جلست عليه و قالت بعصبية : -   انت عايز إيه بالظبط ؟ -   ولا حاجة . -   يعني تطلعلي  من نص الصحرا وتعرض عليا توصلني من أكتوبر لمدينة نصر ودلوقتي عازمني في مينا هاوس ومش عايز حاجة ؟!!! إستندت بساعدي على الطاولة و نظرت لها وقلت : -   انت ليه قولتي للبنت إني خطيبك ؟ -   عايزني اقول لبنت عشر سنين إننا أتقابلنا في الصحرا لأول مرة و ركبت معاك عربية عشان تعمل كده مع حد غريب و يقتلها ؟! أدهشني تبريرها, و حرصها على فتاة تراها للمرة الأولى تعد في طور المراهقة و الخصب لإنشاء روايات رومانسية مقلدة من البيئة من حولها و قد تنتهي بالفتاة لحال مأساوي, إنما ماذا عن تلك المراهقة التي لا تخافني ولا هيئتي و قد حدثني الجميع أنني أملك هيئة ثور هائج ترهب من لم يتعرف عليْ عن كثب. كنت أعلم أنها أرق مما تبدي من صلابة أمام الجميع مما جعلني أسألها :      -   وانتي ليه مش خايفة أقتلك ؟ ابتسمت هازئة و قالت بثقة متناهية : -   جرب و انت تعرف . ضحكتُ وعدت بظهري لمخضع الكرسي المبطن بالإسفنج المريح كما كل شيء بالجلسة, خضرة و ماء و وجه حسن ممتعض بعض الشيء. أشرت للنادل فقد كان على مقربة وفي إنتظار أوامري, و كما إعتدتُ فيما بعد و بعد عناء شديد؛ نظرات النادل كانت مرتكزة على سارة للحظات عدة, لعله يحاول التعرف عليها لأنها تعتبر شخصية عامة أو لسبب أخر بديهي سوف يدفعني لإغراقة بحوض السباحة إلا أن نظرات النادل إنصرفت عن سارة وتحولت إلي في الحبور الفندقي المزيف  : -   الغدا إيه إنهارده ... يااا ..  دققت بالقطعة النحاسية التعريفية للنادل والمعلقة على جيب قميصه الأحمر الداكن وأردفت : - يا شريف . -   اللي تحبه يا فندم . الجلسات الفخمة كتلك تؤهل جالسيها لطلب أي نوع من الأطعمة و إن لم تكن مدرجة على قائمة طعام اليوم و لكن بالطبع تستغرق وقت أكبر في التحضير و لذلك قلت : - هناكل من أكل الريستوران عادي احنا جعانين . -   حضرتك جرب تختار أي صنف و هيكون عند حضرتك في خلال 40 دقيقة . نظرت لضيفتي لليوم لتختار غدائها إلا إنها لم تجيبني بأي شيء إلا الصمت فطلبت عنها : -   Philly cheese steak. 300 جرام على الأقل... well done... وكل السلطات بس مش خضرا. -   والمشروبات يا فندم ؟ -   ليمون بالنعناع دلوقتي وبرتقال مع الغدا وقهوة بعد الغدا .. إنصراف. اتسعت ابتسامة النادل عن قبل بينما يقول متسائلاً : -   مش حضرتك تقول من الأول يا باشا .. طيار صح ؟ فئة الطيارين يشتهرون بكياستهم الشديدة و ثقافتهم العالية والمعتمدة كلياً على السفر و التنقل أغلب الأوقات و بالتالي علومهم و معلوماتهم متنوعة, متمرسين في شتى نواحي الحياة كما إستشعر النادل من دقتي في إختيار غدائي .  أجبت النادل :   -   برافو عليك. -   أكتر ناس ليهم مزاج في الاكل و الشرب و أي حاجة. -   شكراً فات من الاربعين دقيقة خمس دقايق يا شريف ياخويا .  وعلى فور غادرنا النادل ليبلغ طلبية غدائنا للمطبخ أما سارة قالت بسقم : -   انت عايز إيه بالظبط ؟! ليه عامل ده كله ؟! -   بنتسلى إنتي وراكي حاجة ؟! -   مش مبرر إنت عايز حاجة ؟ -   والله ما عايز أي حاجة من اللي في دماغك .. انا بس عايش لوحدي .. معنديش حد آكل معاه ولا أخرج معاه وانتي وقعتي عليا من السماء ولازم أستغلك. -   انت غني ؟ -   مستور الحمد الله . -   أومال إزاي هتدفع 5000 في غدا ؟ -   انا في الاكل أدفع أي حاجة بحب الأكل جداً . -   مش باين عليك . -   بتمرن بصفة مستمرة. -   بتجاوب بسرعة من غير ما تفكر. -   عشان مش بكدب زي ما انتي فاكره. -   اصلي مش واخده على المعاملة دي من الرجالة .. كلهم زبالة. -   وبتجمعي ليه بقه ؟ دققت في للثوان و كأنها تدرس قسماتي وحنايا جسدي لإختبار جاري تجميعه في رأسه و نهاية قالت ما نتج عن معاينتي الأخيرة : -   أهاااا .. انت من بتوع الصيت ولا الغنى. روعتني نظرتها الغ*ية لشخصي وجعلتني أقول بعصبية مضاعفة :   -   انت مجنونة ولا إيه .. إيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده ؟! قالت ببرود :  -   طب خلاص ما تزعلش فهمت إنك مش منهم . -   وفهمتي إزاي ؟ -   ما يبقوش عصبيين . -   واضح إنك أتعاملتي مع كل صنف . -   إنت قليل الأدب . غضبتْ بدورها من الكلمات الجالدة و لكنها البادية و لكني كذلك قد أتحمل الجَلد وليس فراقها ومن ثم وحدتي المألوفة. تركت سارة المائدة و همت بالرحيل ولم أجد سبيل لإعادتها من جديد فلست جيد بتلك المواقف إنما دون وعي مني لحقت بها و وقفت أمامها مانعاً إياها من خطوة جديدة بعيداً عني و قلت :     -   انا أسف بس انتي عصبتيني انا بحاول أكون ظريف معاكي لكن إنتي ... قليلة الذوق بصراحة . كان في وسعي الأسف فحسب وليس المعيب بكياستها إنما قلة خبرتي الحياتية من تتحدث عني دائماً.   من بعد الريبة من رجل أهانها ثم قطع عليها الطريق بدى على عيونها التحير ثم قالت : -   انت مش خايف مني ؟ -   و هخاف منك ليه ؟ -   انا لو نزلت صورتك على صفحتي وقلت إنك شتمتني أو إتحرشت بيا .. ممكن ما تعرفش تمشي في الشارع تاني . -   يمكن عشان واثق إنك ما بتكدبيش . صعقتها جملتي الأخيرة فتلك جملة إستفتاحية - إعتباطية -  هزلية أكثر منها إثبات فجميعنا نكذب خاصة النساء وأكيد بكون سارة أكبر كذابة رأيتها بحياتي و لكنها تأثرت لجملتي كثيراً حتى أنها ابتسمت لوقعها إلا أنني لم أجد بعيونها أي إشادة لمديح وجهته إليها. عادت للمائدة من جديد تضع حقيبتها الضخمة و تجلس بأريحية, عيونها مرتكزة علي وتقول : -        فعلا انا مش بكدب خاااالص . قالتها بسخرية أضحكتني للغاية ثم أردفت : - تعالى أقعد أومال مين اللي هيحاسب ؟! وعدت لجلستي من أمامها على الطاولة أطالعها بإرتياح تهربتْ منه عن قصد فقد تحولت عني تطالع كل ما حولها فيما عداي, يبدوا إنها إستشعرت الأمان من ناحيتي أخيراً  و تركت التوجس فقد زاد تلفتها لترى جمال المكان من حولنا .. و بلا علل لن أجد لها تبرير أشعر بسعادة يضيق بها قلبي؛ لأول مرة منذ سنوات, لست وحيد إلا أن الواقع فرض عتمته على فرحتي بونيسي الجديد لأنه يوم فحسب و ينتهي كل شيء؛ و أعود وحيد كما بدأت, أظن أن أصدقائي هم إخوتي و إن عملي ملاذ و ح*****تي ونس .  النساء يا سادة تبدل طعم كل شيء حتى الليمون بالنعناع كان أغنى مذاقاً هذه مرة لأن أتشاركه مع سارة .  أتى الليمون بالنعناع و شكرتُ النادل على سرعة الإستجابة أولاً, أما ثانيًا لما أعاد أنظارها عن الشتات فعادت إلي أو إلى الليمون فلازالت لا تعيرني الإنتباه الذي أرجوه. كانت عشطة للغاية, شربت على عجالة وحتى أنهت الكأس عن أخره يبدوا إنها من عشاق الليمون الحمقى فقد أصابها تجميد الدماغ وهو صداع طاعن قصير المدى يحدث عند تناول أو شرب أي شيء مجمد على عجالة  . -   إدعكي بين حواجبك هيروح . قلتها ناصحاً ورغم إنها عنيدة للغاية إستمعت إلي وتخلى وجهها عن تغصن الآم الصداع إنما لم تشكر نصحي بل وقالت مباشرة: -   سينجل ؟ -   أيوه . -   إجوزت قبل كده ؟ -   وطلقت و عندي بنت إسمها سما .  نظراتها تشتتت عني من جديد بعد تصريحي الأخير إنما تلك طبيعتي أجد الكذب يهدر الحقيقة ؛ يذهب الإحترام عن أي علاقة مهما كانت بسيطة كنشأة علاقتي بسارة. لأجذب إهتمامها من جديد أخرجت جوالي من جيبي وإستخرجت من محتواه صورة حديثة لإبنتي الوحيدة وقلت بينما أعرض على سارة جوالي :    -   هي دي سما . أمسكت جوالي و طالعت صورة إبنتي بتعجب بينما تقول : -   بنت كبيرة .. انت إجوزت إمتى ؟ -   إجوزت أول ما أتخرجت على طول . استعلت أخفانها عن هاتفي لعيناي بينما تقول :   -   شبه مامتها مش كده ؟ -   أه فعلا ده من بختها.. أمها كانت جميلة . -   طليقتك كانت من المخابيق برضه ؟ -   أه وبلدي إسمها الزقازيق. -   أهاااا .. مطلقين بقالكوا كتير ؟ - 5 سنين    . -   ما فكرتش ترجعوا لبعض ؟ -   ما جتش في دماغي الفكرة من أساسه . -   قد كده ما كنتش مبسوط معاها ؟! -   بتدرسي إيه ؟ -   بيزنيس ومتهربش من سؤالي ؟ -   بصي يا سارة مش هقولك زي كل المجوزين وأقولك باردة و ماكنتش فهماني و كل الإسطوانات دي وهقولك حاجة واحدة بس .. كل واحد فينا كان شايف سعادته في طريق ومحدش فينا فكر يضحي عشان التاني و كان الإنفصال أسلم حل . -   So deep... Iike it (كلمات عميقة  ...أعجبتني) وأخيراً جاء الغداء و رحمتُ من أسئلة سارة الشخصية لأبعد الحدود. تحمست سارة للغداء للغاية كما تحمستُ فقد كان منسق ومنظم لأبعد الحدود. صحن أبيض كبير يحوى شريحة لحمة كبيرة مشوية على الفحم سابحة في صلصة الكاري, بينما على أطراف الصحن الكبير  دوائر عدة من البطاطس المهروسة البيضاء تماماً وعود واحد من الإسباريجيس المشوي.  رائحة الشواء تسكر ولا تثير الشهية فحسب إنما ذلك لم يكن سر السعادة التي تملكني منذ أقل من ساعة؛ سعيد كل السعادة اليوم وبكل ما يحدث به, خاصة لما تثنّى لي إبهار فتاة مجتمع شهيرة مثل سارة بأقوالي و أفعالي, لكم إشتقت لتلك النظرات من زوجتي, فاللعينة دخلت حياتي بفستان زفاف على نفقتي وخرجت منها طبيبة أطفال وتملك عيادة ولم أتلقى منها كلمة شكر واحدة. -   تمام يا باشا؟ قالها النادل بعدما حمّل المائدة بما لذ و طاب فأخرجني من حالة التأسي على حالي وعدت للإنتباه ليومي المميز, ورغم مرور خمسون دقيقة و ليس أربعون كما وعدني النادل, كنت سعيد ولم أرد تعكير مزاج أحد ولو النادل فقلتُ: -   تمام .. شكراً يا شريف .  لازالت سارة متعجبة من كل شيء متعلق بي؛ دعوتي لها؛ سيارتي؛ ساعتي التي تطالعها من وقت لأخر و حتى تأكدت بكونها رولي** أصلية وموديل تلك السنة لأني أقوم بتبديل ساعتي بإستمرار  ونهاية خلعت ساعتها الرولي** المزيفة ووضعتها بحقيبتها, أظنها خشت أن أقارنها بنفسي وأستذلها بزيف ما ترتديه من حلي إنما تلك البذائات ليست من طباعي؛ أن أستذل أحدهم بأي شيء ليس في متناول يديه خاصة لو شيء متعلق بالنقود فقد كنت فقير بيوماً من الأيام وأعرف تمام المعرفة معنى الإحتياج . همهمات ص*رت عن فمٌ صغير منمق مطلي بالعنابي, يُبدي التنعم إثر ما تذوق من شريحة اللحم التي طلبتها ثم قالت صاحبتها : -   الأكل تحفة .. يستاهل خمس تلاف جنيه .. انا كنت ناويه آشير معاك والله لكن مش معايا المبلغ ده دلوقتي .. رووحني مدينة نصر و أنا أد*ك نص الحساب . -   هرووحك و مش عايز حاجة ينفع كده.         -   انت لو عرفت انا ساكنة فين مش هترووحني. -   لو ساكنة في القمر هرووحك . -   شارع أسماء فهمي من نبيل الوقاد. تسكن سارة بين أسخف وأزحم ثلاثة شوارع في القاهرة بأكملها إنما ليس في وسعي تركها تعود للبيت وحيدة خاصة وهي ترتدي تلك الجونلة القصيرة إنما في وسعي تخطي زحام تلك الشوارع عبر طريق مختصر :  -   مش لازم نعدي من عباس العقاد و لا رابعة هنعدي من شارع الجلاء ما بيكنش زحمة أوي . نظرت لي بتعجب و قالت : -   إزاي ما جتش في دماغي . . انا دايما بلبس في زحمة عباس .. إنما عرفت إزاي .. كنت ساكن هناك ؟ -   بطير هناك . -   والطرق عندكوا فوق في السما زي تحت ؟ طرق في السماء ؟! حتى سما إبنتي ومن دون التطرق إلى تفاصيل عملي تعرف إنني أهتدي لخطوط العرض و الطول بينما البلوجر الشهيرة من يستمع لها نساء المجتمع وبعض رجاله تظن أن بالسماء طرق و إشارات مرور و زحام : -   انتيmaster piece    ( قطعة فنية فريدة ) تفيد أن جهلها لا مثيل له) قالت بتحرج : -   عشان مش بفهم أوي يعني ؟ على العموم أنا بفهم في اللي يخصني .. و انا مش طيار . تباً لغبائي؛ لم أقصد السخرية منها أبداً ولكن أضحكني ما لا تعرفه من بديهيات فحسب وهذا الخجل بعيونها إهتز له وجداني و لا سبيل لإستبداله بشعور أخر : -   لا أنا مقصدتش .. انتي صغيرة و أكيد في حاجات كتير ما تعرفهاش لسه أدامك العمر تتعلمي. أظنني تعمدت إذلالها هذه المرة و لكن بصغر سنها و المرتبط إرتباط وثيق بقلة خبرتها الحياتها, يالي من أ**ق, من مثلها ليس في حاجة للتعلم, فقط لتشع, تبرق, تتلألأ هذا كافي, على الأقل لي. تمتمت أوكيه كإجابة وصمتت وذلك أفضل عللني أجد مدخلاً لائقاً بعدما خربتُ المدخل الأخير لحديثنا, كذلك وضع الطعام و حانت لحظة السكينة.     أكثر ما لفت أنظاري لسارة بخلاف جمالها بالطبع, كونها تشبه إبنتي كثيراً؛ لا تملك أبٌ أو أمٌ, ضائعة محرومة من القربة, تظن أن جمع المعجبين من حولها قد يعوضوها عن وحدتها و الأكثر إيلاماً أن سارة لا تشعر بألم الوحدة حتى الآن رغم إنها إختبرته إلا إنها لم تستطع ترجمته لأنها لازالت صغيرة و لم يسرقها العمر بعد فعندما تبلغ مبلغي من العمر سوف تعي حجم مأسآتها, سوف تعلم إنها تعيش كذبة كبيرة من صنعها فالكل من كل سارة طامع و ليس محب كما حالي تماماً . 
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD