الفصل الأول (الجزء الأول)

1197 Words
ما الحب إلا خيال وجنون، وإنّي لأنبئك بأنّ المحبّ يستحق أن يُلقى به في غرفة مظلمة ويجلد بالسوط شأن المجانين، وأمّا السبب في أن المحبين لا يعاقبون على هذا النحو ولا يشفون من علتهم، فهو أن الجنون أصبح شيئا مألوفا حتى ليبتلي به الضاربون بالسياط أنفسهم طرقت الباب بـ خفة ثم دلفت ليُقا**ها رئيسها بـ العمل بـ إبتسامتهِ المُعتادة والمُخيفة ليس لشئٍ سوى رغبته المجهولة خلفها والغير مُريحة أبدًا إبتسمت كيان بـ تكلف ثم تقدمت من مكتبهِ وقالت بـ عملية شبه مرحة -حضرتك طلبتني، أقدر أساعدك بـ حاجة يا فندم؟!... أشار إليها بـ الجلوس فـ إمتثلت لأمرهِ الصامت ثم إنتظرت حديثه بـ أعصاب تحترق ليُشابك هو يده فوق المكتب وقال بـ رزانة -تعرفِ إني بعتبرك زي بنتي… رفعت حاجبها بـ ريبة ثم قالت وهي تنظر لإبتسامتهِ التي لا يزال مُحتفظ بها -البداية مش عجباني مستر رفعت -ضحك رفعت وقال بـ مرح:ليه بس! هو مينفعش أتكلم معاكِ بـ راحة بعيدًا عن الشغل!! -أجابت سريعًا:و دا لأنك بتخبي وراك كلامك دا خفايا بتخوفني شخصيًا -عبس بـ لُطفٍ وقال:أنتِ قاسية شوية عليا… حكت كيان جبينها بـ تعب ثم رفعت عيناها السوداء إليه لتردف بـ إبتسامة مُمتعضة -تمام، حضرتك تأمرني بـ إيه!... إتسعت إبتسامته فـ تأكدت شكوكها لنيتهِ الخفية ولكنها لم تتحدث بل تركته يبدأ حديثه بـ نبرةٍ راجية -حوراء؟! -قطبت جبينها وتساءلت بـ غرابة:خير! مالها حوراء؟! -تن*د بـ تعب وقال:والدتها و أنا هنسافر فترة علاجية عشان مرضها… بهت وجهها ثم تساءلت وهي تشعر بـ شئٍ حاد يُغرز بـ قلبها -هي حوراء متعرفش لسه!! -نفى رفعت قائلًا:لأ متعرفش و لا هتعرف أبدًا، مش هتتحمل يا كيان، هتروح فيها و أنا مش هستحمل اللي هيحصلها… مدت يدها لتضعها فوق يده المُجعدة وهتفت بـ لُطفٍ -متقلقش إن شاء الله هتخف و ترجع أحسن من الأول -و دا أكتر حاجة بتمناها… ساد ال**ت لعدة ثوان قبل أن تقطعه كيان بـ سؤالها -طيب و إيه دخلي أنا بـ حوراء؟ -أخذ نفسًا عميق وأجاب:هتاخديها معاكِ فـ الأجازة اللي طلبتيها، هتقضيها معاكِ مش هقدر أأمن عليها مع حد غيرك -أشارت إلى نفسها وتساءلت:غيري أنا! -أومأ بـ تأكيد وأردف:أيوة أنتِ و بس، عارف إني هقدر أعتمد عليكِ و مش هتخذليني أبدًا يا كيان إتسعت عيناها بـ صدمة قليلًا قبل أن تقول بـ حرج -دا شرف ليا و أكيد حضرتك عارف بس آآآ -قاطعها رفعت بـ توسل:أرجوكِ يا كيان، قرايبها هيكلوها حية… **تت لا تجد ما تقوله.. تذكرت هي ما قَصْهُ عليها سابقًا عن عائلته وما يُريدونه منه، الشركة و أملاكه فقط إذًا تزوجت حوراء من أحد أبناء أعمامها، لذلك لم تستطع الرفض لتلك الفتاة الصغيرة التي لم تتخطى حاجز العشرون فـ إبتسمت وقالت -تمام أصلًا كدا كدا هحتاج حوراء معايا فـ حفلة الخطوبة ، أنا معنديش إخوات بنات… إرتسم الإمتنان على وجه رفعت ثم أردف بـ بشاشة -مب**ك بـ المُناسبة، رشاد شاب رائع و مُكافح أحسد أي بنت هتتجوزه -غمغمت بـ خجل فطري:شكرًا جدًا… نهضت كيان لتُصافح رفعت قائلة بـ هدوء -ألف سلامة على حرم حضرتك، أتمنى ترجعلكوا بـ السلامة -شكرًا يا كيان، بتمنالك ديمًا الأفضل، لأنك تستحقيه… ******************** نظر خلفه إلى الباب الذي أُغلق خلفه لتو ثم إبتسم بـ شراسة إكتسبها أثناء طوال تلك الثلاث سنوات رابتًا على كتف صديقه الذي خرج مُنذ قليل وأردف بـ صوتهِ القوي -مب**ك الخروج يا وحش… إبتسم صديقه، ذلك الذي خاض مع شجارات ومعارك طاحنة، فـ بـ الداخل البقاء للأقوى ثم هتف بـ سعادة وهو يتنفس بـ قوة -أخيرًا دُقت طعم الحرية، ياااه الواحد مكنش عايش يا جدع جوه -رد هو بـ شرود:عندك حق، بس بتبقى مُرة جدًا لما متلاقيش اللي مستنيه، مستنيك نظر إليه صديقهِ مطولًا ثم تساءل بينما هو يسير بـ إتجاه دراجة البخارية الواقف خلفه -هي مكنتش مستنياك! .. هي إتجوزت ولا إيه!! -ضحك ساخرًا:لأ هربت، هربت وكُل اللي سابته نظرتها المرعوبة اللي بصتلي بيها قبل لقاءنا الأخير -عدا أد إيه على الحادثة دي يا قُتيبة!... تقدم قُتيبة ليأخذ من صديقهِ آدم حقيبته ثم ثبتها فوق المقعد الخلفي و أجاب بـ نبرةٍ لا تنم عن شئ -ست سنين، تلاتة قضيتهم أنا مُجبر بعيد عنها فـ السجن و التلاتة التانين إختارتهم هي بـ رضاها… صعد قُتيبة الدراجة و تبعه آدم لينطلق قبل أن يسأله -و ليه مرجعتهاش ليك! -معرفش هي فين و محدش بيقولي هي فين، و كأنهم أما صدقوا يفرقونا -طب و ليه أنت مدورتش عليها بـ نفسك؟!... قا**ه ال**ت ليبتسم آدم بـ إشفاق ثم أردف بـ تقرير -أنت خايف مش كدا!... ساد ال**ت لعدة لحظاتٍ أُخرى قبل أن يُجيب قُتيبة بـ صوتٍ غريب، مُتباعد -خايف! أه خايف، خايف ألاقيها و ألاقي نفس النظرة، نفس نظرة الرُعب… توقفا أمام الشاطئ ليترجل قُتيبة تبعه آدم وخلعا نعليهما ثم سارا فوق الرمال الصفراء ليُكمل الأول -نظرة دي بتطاردني فـ كُل لحظة، حتى فـ كوابيسي، خايف وقت أما أقا**ها تقولي إنها بطلت تحبني، إنها إختارت تتخلى عني بـ إرادتها… جلس آدم فوق الرمال وجذب قُتيبة ثم أردف وهو ينظر أمامه إلى المياه الزرقاء -بس هي كذبت عشانك، شهادتها الزور هي اللي خلتك بره السجن دلوقتي، أنت بره بسبب كذبتها… تلاعب آدم بـ الرمال ثم نظر إلى صديقهِ وأكمل بـ نبرةٍ ذات مغزى -واللي تعمل كدا تفتكر مش هتستمر بـ حُبك؟ -رد بـ شك:كانت صغيرة، مشاعرها هتتغير من غير شك -هز آدم كتفيه وقال بـ بساطة:و ممكن لأ، هي إتربت على إيدك يا قُتيبة، فـ مُستحيل مشاعرها تتغير بـ سهولة، ولو شكيت فـ كدا يبقى أنت معندكش ثقة فيها من الأساس و قبلها ثقة فـ اللي زرعته فيها… لم يصله إجابة سوى تنهيدة عميقة مُحملة بـ الكثير، آدم يعرف الكثير عن قُتيبة كِلاهما خاضا الكثير معًا من أجل البقاء على قيد الحياة وماضيه كان الأكثر قسوة على الإطلاق و بـ الوقتِ ذاته الأجمل على الإطلاق نظر إلى قُتيبة الذي ربت على رُكبتهِ ثم أردف -يلا مراتك مستنياك، أنا أقنعتها بـ صعوبة متجيش عشان تستقبلك -طيب، يلا… ******************** سارت بـ رواق الشركة ورأسها يعمل دون هوادة، الآن وبعد غياب دام ست سنوات ستعود إلى نقطة البداية.. المكان الذي هربت منه سابقًا ولكن الذكريات ظلت تُطاردها بـ شراسة مُقسمة ألا تدعها تنسى مُطلقًا، مُقسمة ألا تنساه -كيان؟… إنتفضت على الصوت الرجولي الآتي خلفها لتلتفت إليه فـ وجدته رشاد، شاب يسبق سنواتها الثلاث وعشرون بـ ثلاث سنوات، وجهه بشوش مبتسم، جسده نحيل مُقارنة به هزت رأسها بـ قوة تنفض صورته التي لا تنفك تتجسد أمامها ثم إبتسمت ونظرت إليه قائلة بـ لُطف -إزيك رشاد؟ -إبتسم وقال بـ راحة:بخير، بقيت أحسن لما شوفتك -شكرًا… حكت جبينها بـ توتر قبل أن ترفع رأسها مُجددًا حينما سألها بـ شك -المُدير وافق على إجازتك! -أومأت قائلة:أه، بس بعد عناء طويل -ضحك هو وأردف:هو يُحبك -ضحكت هي الأُخرى وهتفت:عارفة، بس هو ساعات كتير بيخرجني عن شعوري -بس أنتِ عارفة معزتك عنده، عشان كدا الموضوع يستحق شوية تعب… أومأت ثم ساد ال**ت المتوتر مرةً أُخرى حتى أردف هو بـ صوتٍ أجش، خافت -هاجي بكرة مع والدتي، عشان أطلبك… لا تعلم لِمَ أصابتها تلك القبضة الثلجية وجثمت فوق ص*رها، لا تشعر بـ السعادة كأي فتاة يرغبها شاب كـ رشاد، وسيم يتسم بـ الرجولة و يمتلك أخلاق عالية تتمناها أي فتاة إلا أنها لم تشعر بـ السعادة مُطلقًا، يبدو أنها تنتظره أخفضت وجهها فـ تناثرت خُصلاتهِا تُخفي وجهها الجامد والذي فسره رشاد كـ خجل ليبتسم ثم أردف مُحمحمًا -تمام مش ه**فك أكتر، أنا همشي دلوقتي، و هبقى أتصل بيكِ نتفق على معاد عشان أقدر أجي -أجابت بـ خفوت ميت:تمام، هسـ هستناك… سمعت غمغمة لم تتوضح ما هي ثم صوت خطواته تبتعد لتزفر هي بـ راحة كبيرة والثقل بدأ يزداد بـ شراسة مُقلقة إلا أنها قررت التخطي، لن تستطيع المُضي قدمًا إلا بـ تلك الطريقة أجبرت ساقها على التحرك لتعود إلى منزلها وحزم حقائبها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD