ست البنات 2
الفصل الاول ...
جفي حلقه وهو يراها تسقط بين يديه وقد اندفعت الدماء من ص*رها ، هبطت علي الارض فأسرع جالسا قبلها واضعا رأسها علي قدميه كانت رقيقة الجسد وضعيفة لم تستطع ان تتحمل قوة الرصاصة التي دخلت جسدها منذ لحظات
تحارب لفتح عيونها ولكنها لا تستطيع ، قوتها تضعف وتختفي تدريجيا
صرخ فيها بخوف:-نوران ، نوران فتحي عينك متقفلهاش يانوران
لكنها لم تستمع له ، تشعر ان صوته يأتي من مكان بعيد ، بعيد لـ الغاية
ابتلت عيونه بدموعه وهو يراها بتلك الحالة .. هل ستغادره ؟ الفكرة وحدها ترعبه ، لذلك عندما وصل تفكيره لها هتف سريعا بصراخ:-حد يطلب الاسعاف ، اسعاف بسرعة اسعاااف
كانت فقط الهمزات والهمهمات المنتشرة في المكان من بعض سكان المنطقة همهمات حزن علي حال العروس
هتف خالد وهو يربت علي كتفه:-انا اتصلت بينهم زمانهم علي وصول ياحسن اهدأ انت بس
ناظره بعيون دامعة ونظر لما بين يديه التي تصارع لتحيا هامسا:-لوحصلها حاجة انا مش هستحمل صدقني
بوسط حرقته الشديدة علي من باتت زوجته من دقائق يمكن عدها تجاهل امر البيت المحترق ، بيت العائلة المتوارث منذ مئات السنين ظننا منه بأن جميع العائلة كانت بالاسفل وانه كان فارغا..
وصلت سيارات الاسعاف فأبتعد بعض السكان عن مكان العروس والعريس يوسعون لـ المسعفين كي يمروا
كانت يد حسن متشبثة بـ نوران كأنه يخبرها بهدوء انه لن يتركها
فك عقدة يدها التي لفها حولها احد رجال الاسعاف فأبعدها قصرا بينما نقلوها هم من الارض علي فراش المشفي المتنقل حاول ان ينهض لكن قدمه لم تسعفه فسقط مرة اخري
تقدم عماد ليعاونه علي النهوض ومعه ابراهيم
اما خالد ... فأختفي كما اختفي عبده وامجد
لكن .. الي اين ذهبوا ، العلم عند الله
_______________________________
غادرت سيارة اسعاف وبقيت واحدة اخري ، منتظرة ان تري هل هناك اصابت اخري ناتجة عن الحريق ام لا
اخذت السيدة فوز تبحث بعيونها عن جميع افراد العائلة هذا زوجها اولئك اولادها ، تلك حماتها ، تلك زوجة ابنها البكري
و ... و
اين اختفت صباح ورضوي ؟!
هتفت بفجع وهي تنتقل بين الموجودين باحثة عنهم:-رضوي .. رضوي ، صباح انتوا فين
امسكت سيدة من يدها تسألها:-شفتي رضوي ياام سعد
اؤمات لها بالنفي ومن الصدمة لم تستطع ان تجيب وان يخرج صوتها من حلقها الذي جف من وقع تلك الاحداث الصادمة المتتالية
فراحت تكمل بحثها المجنون ، عندما سمع " علي " والدته تنادي علي زوجته وشقيقته وعلم بعدم وجودهم انفزع وهو يتجه بهجوم لـ المنزل المحترق
امسك به والده بقوة قائلا:-انت اتجننت ، عايز تدخل بين النار علشان متطلعش منها تاني
حاول ان يقاومه لكن السيد شوقي رغم كبر سنه الا انه يتمتع بجسد يجعله يصلب طوله فأحكم قبضته عليه بقوة هامسا:-اهدأ .. رجالة المطافي هتتصرف اهدأ
نظر " علي " بعيون دامعة لـ المنزل الذي يزداد احتراقا وهو يهمس:-اهدأ ازاي ، دي مراتي واختي
ونظر له وجد والده صامتا متماسكا لكن استطاع ان يري خلف جمود عينيه غابات من نيران الحزن تحترق ، وانهار من الخوف تندلع
علي من ؟ علي ابنته ، وعلي ابنته ايضا
فـ صباح تعد تربية يده ايضا
وهم قالوها يوما ، اذا جاءت المصائب لا تأتي انفرادي ابدا ..
_____________________________
وصلت سيارة الاسعاف لـ امام احدي المستشفيات الخاصة القريبة من المنطقة ، هبط منها الفراش الذي يحمل جسد نوران ومعه المسعفين وثم ظهر حسن معهم ، اخذ يدفع الفراش معهم لـ الداخل وهو يصرخ:-اسعاف بسرعة اسعاااف
ظهرت ممرضة امامه وقبل ان يصرخ بوجهها هتف احد المسعفين:-مصابة بطلق ناري في القلب جهزوا اوضة عمليات بسرعة
تفاجأت من وضعها فتوترت ، سرعان ما اؤمات بنعم بخوف واسرعت بخطواتها تسبقهم
بينما نظر حسن لوجه نوران الذي اخذ بالشحوب وعيونها التي تغلقها دقيقة وتفتحها ثانية وهو يهمس:-استحملي يانور ، استحملي علشان خاطري ، هتبقي كويسة والله
ربت همام علي كتفه وهو يراه يقترب من الانهيار هاتفا بهدوء ظاهري:-اهدأ ياحسن متنفعش حالتك دي ابدا
ترك يدها التي كانت بين يديه واندفع لـ اخيه يحضنه يخفي وجهه في ص*ره هاتفا بصوت مختنق من الدموع:-هي مش هتموت صح ؟
وكم كان السؤال صعبا
واجابته كانت اصعب
فالموت ، والحياة ، والسعادة ، والحزن
كل تلك الاشياء ... بيد الله وحده
ابتعد عنه عندما شعر بأستكمال سير المسعفين بها اسرع خلفهم حتي وصلوا لـ امام غرفة العمليات
ادخلوا الفراش المتنقل لـ الداخل ، كاد يلحقها
الا انهم منعوه ، فبقي في مكانه ينظر لـ الباب المغلق والذي علت فوقه اضاءة حمراء تعلن عن بدء العملية بحزن عميق سكن قلبه
وراح يهمس لـ نفسه
" فكرت ان حبي ليها عادي ، واحدة عايزها تفضل دايما معايا ، مش عايز غيري يشوفها زي ما بشوفها ، بس شكلي وقعت فيها اكتر ما كنت متوقع ، شكلي محبتهاش حب عادي ، نوران انا دلوقتي اتأكدت اني بحبك ، قلبي اللي صوت ض*باته واصله ليا من الخوف اكبر دليل علي اني خايف افقدك ... نوران انا منتظرك اوعي تمشي وتسيبيني
انا من غيرك مش هعرف اعيش "
وهل نوران تسمعه .. لا والف لا
ونعم والف نعم
لا .. فهو بعيدا عنها بالمكان
ونعم .. لان قلبه وروحه تجاور قلبها وروحها في عالم الغرام
______________________________
كان عبده يركض في تلك المنطقة المظلمة ، تشبة الصحراء في هجرها والخرابة في " كركبتها " راح يلاحق ذلك الظل بأسرع ما لديه متجاهلا كل ما يحدث حوله وانفاس امجد التي تقبع خلفه التي كادت تنقطع فهو لا يفضل الرياضة ولم يمارسها يوما لذلك تعب لركضه كل تلك المسافة فـ وقف ليأخذ استراحة
بينما عبده ظل يسير خلف الرجل ، هو لمحه وهو يض*ب النار علي نوران هو وامجد فأسرعوا يلاحقونه ، اختفي الرجل بتوجس من بينهم وهدوء وعندما لمحهم يلحقونه سارع بالركض
وها هي تمر الدقائق ومازال هو يركض وعبده يركض ليتبعه
فليس هو من يترك دم زوجة اخيه وشقيقة يتساقط علي الارض بدون ثمن
كان امجد مستندا بيده علي ركبيته يميل بظهره لـ الاسفل مازال ينهج بصوتا عالي رغم انه توقف منذ ثلاث دقائق ربما ، انتفض مرة واحدة وهو يجد يد توضع علي ظهره رفع بصره واعتدل في فوقته ليري من صاحبها
فوجده خالد
تن*د براحة لذلك
فـ المكان مظلم وخاف ان يكون هذا مجرما او سارقا او شئ من هذا القبيل
هتف خالد وهو ينظر لـ الامام لـ المكان المظلم الذي تظلله اشباح من النور الخافت:-عبده لسة وراه ؟
خرج صوته متقطعا ، مجيبا عليه:-ايوة وراه ، انا مقدرتش اكمل
ربت علي كتفه متفهما ، نظر امامه بعيون لامعة ثم نظر لـ امجد هاتفا:-ارجع انت وخليك مع حسن
نظر له بقلق متسائلا:-وانتوا ؟
هتف بأصرار بالغ:-مش هنرجع غير والواد معانا
وض*به علي كتفه بتشجيع ليجعله يغادر
فقال امجد:-خلي بالك من نفسك ومن عبد الرحمن
وثم عاد بأدراجه لحيث المكان الذي جاء منه
بينما خالد نظر لـ الطريق من علي الجانبين ولـ الطريق امامه
قبل ان يتن*د وبلحظات كان يسرع بخطواته لذلك الشارع الجانبي الذي يقبع بناحية اليمين
مرددا بداخله:-اكيد ملحقوش يوصلوا لـ الشارع الرئيسي
ذلك الشارع الذي سيخرجهم من تلك المنطقة المهجورة الي الارض المعمورة
___________________________
خرج رجل المطافي من المنزل حاملا بين يديه رضوي وخلفه ظهر صديقا له حاملا صباح ، النيران كادت تختفي نهائيا فقط انتشر الدخان بالمكان ، اسرعت جنات ومروة نحوهم بينما فوزية فوقفت متسمرة مكانها ولم تلمح عيونها سوي حروقهم
فهمست بداخلها بفزع:-اتش*هوا ، بناتي اتش*هوا
واطلقت صرخة عالية بحزن عليهم ، تقدمت جنات من صباح تراها هل هي بخير ام لا وتقدمت مروة من رضوي
نظرت مروة لـ الرجل الذي يحمل شقيقتها تسأله بسؤال بديهي:-هي عايشة
ظل يواصل تقدمه لـ سيارة الاسعاف مرددا:-ايوة عايشة ، لسة بتتنفس هي و..
ونظر لمكان صباح مكملا:-والتانية
وبلحظات كانت السيارة تحمل جسد الفتاتين ومعهم مروة
واستقلت جميع العائلة بسياراتهم الخاصة ومعهم امجد الذي حضر في تلك اللحظة تحديدا
لم تكاد السيدة صفية تتحدث بما يجول بخاطرها حتي وجدت ابراهيم يهتف:-تعالي ياماما بسرعة ، انا وقفت تا**ي اهو
واستقلت صفية سيارة الاجرة ومعها ابنها وسمر المنهارة علي صديقتها
خرجت اصوات الجيران تهتف بحزن وحسرة:-
_ميستهلوش كل اللي حصل دا ، دي الفرحة اتقلبت مجزرة
_ياقدمك العسل ياعروسة ، شكلها جوازة غم
_قولنالهم حسن ملهوش غير بنتي بس هما بصوا برة
_كل اللي حصل حاجة والبيت اللي ضاع في الرجلين دا حاجة تانية
وراحت السيدة الاخيرة تنظر لـ المنزل بحسرة
كم كان جميل واثري ، كم كان يملاه الدفء بتجمع افراده فيه..
________________________________
بالمشفي الخاص....
يسير حسن ذهابا وايابا امام غرفة العمليات ، يمر الوقت ببطء الثانية دقيقة والدقيقة ساعة ، ولا يوجد اي جديد
هل ستحيا ؟ هل ستبقي بخير ؟
لما لا احد يطمن قلبه الخائف علي من ملكته وصكت ملكيتها فيه
همام فقط ينظر له بحزن ، اذن هذا هو الحب الذي كانوا يبحثون عنه لـ حسن
فتاة قوية وضعيفة ، جميلة ، تقول له نعم بعد ان تعانده ، تخجل منه وتخشاه
وجد اخيرا ضالته في واحدة مجنونة مثله ولا تعلم هذا
قوية رغم رقتها ، شرسة رغم ضعفها
.......
امام باب المشفي الخارجي ، وقفت سيارة الاسعاف وهبط منها فراش ثم اخري يحمل جسد الفتاتين ، وخلف الفراشين اخذت اقدام العائلة تلحقهم بأندفاع وخوف
جنات تسند فوزية ومروة تسند نيسة ، والاطفال بالمنطقة موجودين مع إحدي جيرانهم ، تسبق خطوات النساء اقدام الرجال الخائفة ..
وصلوا لـ الطابق الثاني ، دخلت كل من الفتاتين لـ غرفة وبقيت العائلة تنظر بشرود لـ ابواب الغرفة المغلقة
ياالهي ، اين كانت تختفي كل تلك المصائب ؟
زوجة ابنهم الجديدة تصارع لتحيا ، انفاسها قد تتوقف بأي لحظة
ابنة العائلة تكاد تصبح مش*هة بعد قليل
وصباح .... بعد ان كانت مش*هة داخليا ستبقي داخليا وخارجيا
يا الله مون بعون تلك العائلة وربت علي قلوبهم المجفلة التي تشتم رائحة الموت بكل مكان
_____________________________
خلف منطقة العطار ، تلك الصحراء الجرداء ، ظل الرجل يركض لكن قدميه بالفعل بدأت بالتعب انفاسه ستذهب ولن تبقي اكثر من ذلك
راقب عبده انفعالته فعلم انه علي وشك الانهيار فأبطأ من ركضه وهو يراه ينظر لـ خلفه بتوتر ليمنحه شعور بالاطمئنان بأنه بعيد عنه بمسافة كافية ، بالفعل ابطأ الرجل من خطواته وهو يلهث بحثا عن الهواء ، تن*د عبده عاليا هو الاخر قبل ان يجري بأقوي قوة لديه مرة اخري ، شعر الرجل بأقتراب الخطوات فنظر خلفه برعب
قبل ان يعاود السير بغير هدي ، فكاد يسقط عدة مرات قبل ان يسقط فعلا اثر اصطدام قدمه بحجرا ما
نظر خلفه فوجد المسافة بينه وبين عبده عبارة عن متر ونصف لا اكثر
فحاول النهوض لـ المغادرة ، ونظر لـ امامه مستعدا لذلك
قبل ان يصطدم بـ ظل اسود امامه
لم يكن سوي لـ خالد الذي ظهر فجأة من احدي الشوارع...
.......
ردد رجلا ما:-اللي اض*بت بالنار يابية هي بت عامر
فهتف ضياء غاضبا:-وحسن
بلع ريقه قبل ان يجيبه:-لسة عايش
عاد ضياء يسأل:-والبيت
فأسرع الرجل يرد:-اتحرق واكيد الورق معاه اتحرق وبقي عبارة عن تراب
فأبتسم قبل ان يهتف بشر:-حاول تخلص علي البت خالص لو كان لسة فيها نفس ، علشان حسن يتشغل بيها وينسانا شوية ، اصلي سمعت ان البية بيحبها
وراج يضحك بسخرية
وعاد يكمل:-ولو عرفت تخلص عليه خلص ، الواحد مش عايز دوشة
اؤما بحسنا قبل ان يتابع بخوف:-بس في حاجة
نظر له صامتا فهتف الرجل:-الواد اللي ض*ب نار علي البت لسة مجاش ، والعيال اللي حرقت البيت اللي كانوا معاه شافوا ناس بتلحقه
قال ضياء بشر:-خلص عليه قبل ما يقول كلمة ليهم
. . . . . .
اين الكومنت انا لا اراه ؟
التوقعات بقي ..