اذكروا الله يا جماعة الخير ??..
"الفصل الثاني .."
مع بداية ظهور خيوط لأشعة الشمس استيقظ وأخذ حمام دافئ ووقف أمام المرآة يضبط معطفه الأ**د المميز ثم مشط شعره و وضع عطره الرجولي.. ومن ثم ترك غرفته أقل ما يقال عنها أنها فخمة وهبط إلى الطابق السفلي.. ودخل غرفة الطعام وهو يلقي الصباح على شقيقته ووالدته التي يبدو عليها الحزن..
"والدته تدعى جيهان في منتصف الخمسينات محافظة على رشاقتها و تحتفظ أيضا ببعض من الوسامة القديمة.. "
" مرام الأخت الصغرى لـ آدم.. تمتلك وجه قمحاوي مع شعر بني يصل إلى منتصف خصرها وعينان بنيتان براقه.."
جلس علي المقعد المجاور لشقيقته يتناول الفطار لكنه لاحظ غياب حازم فسأل عنه لتقول والدته بحده :
-انا تأكدت دلوقت أني معرفتش اربي كويس
لينظر إليها في دهشة ثم قال بجدية :
-أمي حازم بيتكلم صح.. بس طبعا لا يمكن أقوله كده
تدخلت مرام في الحديث تأكيدا على حديث شقيقها :
-بصراحة يا ماما أنا مع حازم.. جوز حضرتك لما بيكون في البيت مش بقدر أخد راحتي
انتقلت ببصرها نحوها للحظات حتى تجمعت الدموع حول مقلتيها وقالت من بين أسنانها :
-للأسف ماكنتش اعرف انكم أنانين بالطريقة دي..
ثم انفجرت بالكباء وتابعت باندفاع :
-أنا أبوكم سبني وكنتم عيال ورفضت أتجوز عشانكم وربتكم لحد ما كبرتم.. وحاليا جاين تحاسبوني.. هو أنا مش من حقي أكون سعيدة في حياتي لو لمرة واحده قبل ما أموت
ثم ألقت بفوطة الطعام على المائدة وتركتهم وغادرت.. لتنظر مرام إليه بحزن بينما هو استند بجبينه على قبضتي يديه فمسحت على كتفه بلطف قائلة :
-آدم ماما هي كمان عندها حق..
لينظر إليها مقطب جبينه وهي متابعة بحزن :
-أنا خلاص هجوز وأنت وحازم بكرة تتجوزا ونسيبها
آدم بحده ونفاذ صبر :
-أنا مابحبش ادخل بحياة حد.. الكلام دا قوليه لحازم مش ليا
ما أن أنهى حديثه ونهض مغادرا الغرفة فزفرت بسأم وبعد لحظات رن هاتفها لتنظر إلى شاشته التي تضيء باسم " مالك.. " فأجابت عليه واستمعت إلى حديثه مستنده برأسها على راحة يدها :
-ميمي مهندس الد*كور هيكون في بيتنا الساعة أربعة
مرام بإرهاق :
-مالك أنا أسفه مش هقدر أخرج من البيت النهاردة
صف السيارة أمام الشركة وقال بحنق :
-مرام المهندس مش هيكون فاضي تاني غير بعد اسبوع
-تمام كويس.. يبقى بعد أسبوع
صدم من ردها وض*ب على المقود بعصبية قائلا :
-خلاص براحتك.. بس أنتِ لازم تعرفي انك معطله كل حاجة
ثم أنهى معها المكالمة دون أن ينتظر ردها لتنظر إلى شاشة الهاتف في دهشة ثم حركت رأسها في كلا الاتجاهين.. واتصلت على حازم لتنتهي المكالمة دون أن يجيب عليها فجزت أسنانها بغيظ والقت بالهاتف على الطاولة
***
"عند كاميليا.. "
رتبت حياة كل شيء داخل الغرفة الخاصة بالتصاميم.. بينما كانت كاميليا تلملم أغراضها الشخصية ثم ودعت حياة وغادرت المنزل.. وقفت حياة تنظر إلى فستان أبيض سادة وشيفون من عند مقدمة الص*ر ذو أكمام فضفاضة من الشيفون وبذ*ل طويل.. تحسست الفستان وهي تتفحصه بإعجاب شديد ثم نظرت حولها وهي تفكر أن ترتديه لكنها مترددة.. تن*دت بعمق ثم نزعت الفستان عن المانيكان وبدلت ثيابها به وحاولت اغلاق السحابة لكنها توقفت عند منتصف الظهر فتركتها عندما شعرت بألم في ذراعيها..
وقفت أمام مرآة تصل إلى الأرض تقع في زاوية الغرفة.. الفستان كان جميلاً للغاية ومجسم عليها ليظهر أناقتها وجسدها الممشوق.. أطرقت رأسها تحمل الفستان من الأمام قليلا لكنها تفاجأت وشهقت بهلع عندما شعرت بأحدهم يغلق لها سحابة الفستان.. لتنظر إلى المرآة تفاجأت بـ كاميليا والتفتت إليها وهي تقول بإحراج ممزوج بالتوتر :
-أ أنا أسـ أسفه..
قاطعتها بهدوء :
-أسفه أي بس!. الفستان يجنن عليكِ..
حملقت بها بعدم تصديق فابتسمت وتابعت في تعجب :
-الفستان دا هو الفستان الرئيسي للعرض بتاع بكرا.. ولحد النهاردة ماكنتش لاقيه البنت المناسبة..
أشارت بيدها أن تلتفت فالتفتت لتنظر إلى المرآة فوضعت يديها على كتفي حياة وتابعت بجدية :
-لكن دلوقت خلاص أنا لقيت البنت المناسبة
ابتسمت في دهشة متسائلة :
-حضرتك بتكلمي جد؟!
أومأت بتأكيد فالتفتت إليها وهي تقول :
-لو وافقتي انك تبقي عارضة الأزياء الرئيسية
حركت رأسها في كلا الاتجاهين بسعادة قائلة :
-طبعا موافقة.. موافقة جدا
***
"فيلا آدم.. "
كانت تجلس مرام في الحديقة وفي يدها هاتف جنى تشاهد الفيديو التي قامت بتصويره وهي تجلس على المقعد المجاور لها تأكل الم**رات.. بعد أن انتهى الفيديو نظرت إليها وقالت بإعجاب :
-هايلة يا بنتي.. بإذن الله تنجحي
أخذت الهاتف وهي تدعي ربها ثم قالت بحزن :
-آدم محبط خالص يا مرام.. مفيش مرة شجعني فيها..
تابعت في دهشة :
- يعني ولا بيحس بيا ولا حتى يشجعني
ضحكت ضحكة خفيفة وأمسكت بيدها ثم قالت بهدوء :
-آدم مضغوط الفترة دي استحملي.. وأنتِ قربي منه أكثر بيني مشاعرك يا قطة
زمت شفتيها وهي تحرك رأسها في كلا الاتجاهين وقالت بسأم :
-حاولت كتير وكأني بحاول مع لوح تلج..
ثم نظرت إليها وض*بتها على كتفها متابعة بتذمر :
-وبعدين بدل ما تنصحيني كنتي انصحي نفسك.. وقعتي في حب ابن عمك وفي الأخر اتخطبتي لغيرة
جزت أسنانها بغيظ وقالت بحده :
-أهو دا بقى مش بس لوح تلج.. دا سئيل وبارد..
كان يقترب منهما شاب طويل القامة عريض المنكبين وعليه هيبة تخ*فُ الأنفاس و الأنظار.. رأتهُ جنى وهو يقترب لتتسع عينيها بينما هي متابعة بحنق :
-وشبه الجبل والصنم كمان ولا بيحس
وقف جوارها وتساءل بنبرة ثقيلة رجولية :
-هو مين دا يا مرام ؟
جحظت عينيها وحركت شفتيها بسؤال " هو ؟!.." لتحرك رأسها بتأكيد.. فوضعت يدها على بطنها التي شعرت بها بتوتر و من ثم انتقلت إلى جسدها بالكامل ثم ألتفتت برأسها تنظر إليه لتشعر بقلبها ينبض من جديد بحبه وقالت بنبرة توتر :
-أذيك يا آسر
ربت على كتفها بلطف قائلا :
-أنا تمام.. جيت أسأل على حازم
نهضت عن المقعد وتساءلت في دهشة :
-هو مش كان بايت عندكم من أمبارح ؟
-أيوه بس هو مشي وقال أنه هيسافر
تركته وركضت إلى الداخل فلحق بها بخطوات ثابتة.. كادت أن تصعد الدرج ألا أنها رأت حازم يهبط الدرج حاملاً حقيبة متوسطة الحجم.. وقف أمامها وهي تنتقل ببصرها بينه وبين الحقيبة وقالت بحده :
-أنت مكبر الموضوع ليه يا حازم.. ولا هي حجة وخلاص
اندفع بعصبية :
-أه حجة.. وزي ما اتفقنا نسيب ماما تعيش زي ما هي عايزه احنا كمان لازم نعيش زي ما احنا عايزين
وضعت رأسها بين يديها تزفر بسأم فتدخل آسر في الحوار بهدوء :
-حازم لازم نتكلم ونفكر في هدوء
وضع يده على كتفه مشدداً عليه وقال :
-هبعتلك عنوان البيت اللي هقعد فيه قبل السفر
ثم تركه واتجه نحو الباب فالتفت آسر ينظر إليه حتى خرج مغلقا الباب خلفه.. بمجرد أن سمعت صوت أغلاق الباب وجدت نفسها تبكي ليلتفت إليها واضعـًا يده خلف رأسها ليضمها إليه فتشبثت في سترته من الخلف وقالت بترجي :
- حاول تقنعه مايسفرش أرجوك
- حاضر.. بس أنتِ اهدي وكله هيبقى تمام
ابتعدت عنه لتنظر إليه فمسح دموعها بأنامله ثم ودعها وغادر.. تن*دت بعمق ثم عادت إلى جنى وجلست على المقعد متمته بالاعتذار لها على تركها.. فربتت على ركبتها وهي تقول بحزن :
-ولا يهمك.. عارفه ان انتوا في ظروف صعبة اليومين دول
***
" قاعة الحفل.. "
كانت كاميليا مرتدية فستان أنيق وحجاب يليق به تتجول بين الحاضرين ترحب بهم بابتسامة بشوشة.. عندما رأت مرام تدخل برفقة جنى تقدمت نحوهم فـَاردة ذراعيها لتحتضنهم الاثنان في آن واحد وهنيئتها جنى على نجاح ذلك العرض مقدمـًا.. قبلتها على وجنتها ثم أشارت لهما أن يدخلا وذهبت هي لتكمل الترحيب..
جلست كلًا من مرام وجنى أمام طاولة وأخذت تنظر حولها بحثاً عن آدم الذي رأته أخيراً يقف مع بعض الرجال.. فاستندت بوجنتها على قبضة يدها شارده به بهيام..
بينما أقترب مالك منهما وجلس بجوار مرام هامسـًا :
-وحشتيني
نظرت إليه بجمود وتلاشت كلمته ووتساءلت :
-اخدت معاد تاني مع مهندس الد*كور ؟!
-أه يبقى لسه واخده مني موقف
مرام بتأفف ممزوج بالغضب :
-طبعا.. عشان المفروض توقف جنبي في الظروف دي مش تتخانق معايا
مالك بابتسامة رضا :
-حاضر يا ست البنات.. أنا أسف
أكتفت بتحريك رأسها فقط وبعد لحظات اشتغلت موسيقى عالية فانتبه الجميع إلى منصة عارضات الأزياء العصرية بألوانها المبهجة التي تشع بألوان زهور و ورود الربيع.. تخرج فتاة وتليها الأخرى والأخرى..
أما في الداخل تجلس حياة أمام المرآة وفتاة متخصصة تضع لها مساحيق تجميل رائعة وهادئة تليق بوجهها وبملامحها الصغيرة.. لكنها تفرك في أصابع يديها بتوتر فهذه المرة الأولى لها أن تقوم بعمل مثل هذا .. لفت نظرها في المرآة زهره التي تجلس على مقعد خلفها تنظر إليها بابتسامة واسعة فابتسمت حياة وأرسلت لها قبلة عبر الهواء..
بعد ربع ساعة تقريبـًا انتهى العرض وحان وقت خروج حياة بفستانها المميز والرئيسي.. أخذت تزفر مرارا وتكرارا وتنظيم أنفاسها ثم رفعت رأسها بثقة واعتزاز وخرجت إلى المنصة تمضي قدم تليها قدم بثقة عالية.. شعرت كاميليا بالسعادة تضم يديها إليها فحقـًا كانت خائفة من توترها لكنها أدهشت الجميع بجمالها وبالفستان..
بينما اندهش آدم من وجودها هنا وأخذ يمسح على ذقنه محدقا بها حتى دلفت إلى الداخل ثم نظر إلى عمته متعجبـًا وسؤال واحد يتكرر في ذهنه.. كيف المساعدة الخاصة بها هي عارضة الأزياء ؟!..
صعدت كاميليا إلى المنصة لكي ترحب بالجميع ثم خرج جميع الفتيات ليقفن خلفها بينما وقفت حياة بجوارها وأمسكت بيدها لتعطي لها شكر خاص فشعرت بالخجل وأطرقت رأسها..
بعد دقائق هبطت من على المنصة برفقتها ووقفت تعرفها على مرام وجنى وأبناء أشقائها الشباب والبنات ثم نظرت حولها بحثاً عن آدم حتى رأته وأشارت إليه أن يأتي فنفذ رغبتها واقترب منهما ووقف أمامهم ينظر إليها بملامح جامدة.. عرفتهم على بعض فنظرت حياة إليه وهي تمد يدها وقالت بهدوء :
-اه شوفته عند حضرتك.. اهلا بيك
هبط بعينيه إلى يديها ثم صافحها ليشعر بنعومتها ورحب بها بثقل وترك يدها مما تعجبت منه قليلا ثم انتبهت لحديث كاميليا الموجه لها بينما هو حاول أن ينظر إلى شيئاً أخر غيرها لكنه لم يستطيع أبدا.. تفرس ملامحها بتدقيق ممل مستمتعـًا بالنظر إليها ليشعر بنبضات قلبة تنبض بالإعجاب في طريقها إلى الحب.. ووجد نفسه يبتسم عندما رأى ابتسامة شفتيها وحركت يدها وهي تضع شعرها خلف أذنيها..
استأذنت حياة وذهبت إلى صغيرتها فتحرك آدم ليقف في المكان التي كانت تحتله منذ لحظات متسائلا :
-خريجة أي ؟
لتنظر إليه بلهفة وأجابت :
-تجارة انجليزي
ثم تركته وذهبت فأخرج علبة السجائر وأخذ سيجارة وضعها بين شفتيه ليشعلها و وجد نفسه منشغلا بها كثيراً.. يود أن يراها كل يوم بل كل دقيقة ولهذا فكر ان يعرض عليها أن تشتغل معه بالشركة وبهذا الشكل ستكون معه دائما كي يعرفها ويتعرف عليها أكثر.. ولم ينتبه من تلك التي تنظر إليه بحب وتتمنى أن يشعر بها ولو ليوم واحد
***
ذهب في اليوم التالي إلى منزل كاميليا و وقف يدق الباب لتفتح له بعد لحظات ورحبت به.. أغلقت الباب بعد دخوله وجلسوا على أقرب أريكة وبعد تبادل السلام بينهم اقترح عليها شغل حياة معه كمحاسبة في الشركة.. اندهشت في البداية ثم ابتسمت وتساءلت بمكر :
-واشمعنا حياة ؟
أرتفع حاجبيه وتحدث بشيء أخر غير الذي في رأسه :
-يعني حرام بنت تخرجت من تجارة انجليزي وماتلاقيش شغل
مسحت على كتفه وهي تقول بهيام ساخر :
-يا ابن اخويا يا حنين
أزاح يدها عن كتفه ناظرا إليها في تعجب فابتسمت ثم نهضت متجه نحو الدرج و وقفت تنادي حياة.. فانتفض قلبه فور سماع أسمها فقط فماذا عن رؤيتها؟!.. قبض قبضته وهو يخبر قلبه أن يهدأ ويتماسك ثم تن*د بعمق وزفر بهدوء.. جاءت برفقة كاميليا و وقفت تمد يدها إليه فصافحها دون أن ينظر إليها عن قصد بينما جلست كاميليا بجوار آدم وهي تشير إلى المقعد عازمة عليها بالجلوس لتجلس ناظرة إلى الأمام في **ت..
قال آدم دون مقدمات :
-جيت عشان أعرض عليكِ تشتغلي عندي في الشركة
لتنظر إليه بلهفة وتساءلت بعدم فهم :
-اشتغل أي؟! مش فاهمة
-في قسم المحاسبة..
ثم نظر إليها أخيراً متأملا عينيها بعمق حتى خيل له أنه يرى نفسه داخلهما.. فاق على نفسه فوراً وتابع بثقة :
-أنا آدم كمال عبد الرحمن سلحدار صاحب شركة آي أتش
ابتلعت ل**بها بصوت مسموع محدقة به ثم قالت في توتر :
-أه.. أ أنا اسمع عنك طبعاً
ثم نظرت إلى كاميليا في دهشة لتقول مبتسمة :
-حبيبتي دي فرصة ليكي كبيرة.. أنتِ اكبر من أنك تبقي مجرد مساعدة..
ثم نظرت إلى آدم متسائلة :
-وحياة تقدر تستلم الشغل من امتى ؟
-من بكرة الساعة تسعه الصبح تكون في مكتبي
نهضت عن المقعد وهي تفرك في أصابع يديها بتوتر قائلة :
-بإذن الله.. بعد اذنكم
تركتهم وركضت إلى الدرج ثم صعدت إلى الطابق العلوي.. فنظر آدم إلى عمته وبدأ يتحدث معها عن حياة ليعرف تفاصيل أكثر عنها وعن حياتها
***
" فيلا آدم.. "
دخل حازم المنزل مغلقا الباب خلفه و وقف ينظر حوله ممسكاً بيد الحقيبة.. خرجت مرام من غرفتها متجه نحو الدرج وبمجرد أن رأت شقيقها اتسعت ابتسامتها وهبطت الدرج سريعا ثم ركضت إليه لترتمي في أحضانه بلهفة قائلة :
-حازم كنت متأكدة أن انت مش هتسافر
احتضنها وقبلها على جانب رأسها وقال مضطراً :
-هعمل أي بقى في استاذ آسر اللي اقنعني
ابتعدت عنه لتنظر إليه وقد اختفت ابتسامتها تدريجياً وتساءلت بنبرة حب :
-هو آسر مجاش معاك ليه ؟!
أمسك بيدها واتجه نحو أقرب أريكة قائلا :
-هنتكلم على الباب ولا أي؟!..
جلسوا بجوار بعضهم وهو يتابع :
-آسر مسافر لبنان يشوف أهل والدته
شعرت بالحزن وأطرقت رأسها وبعد لحظات دخل آدم مغلقا الباب خلفه فنظروا إليه وهو يقترب منهم قائلا :
-كنت متأكد أن آسر هيقدر يقنعك
ض*ب بيده على ركبته وهو يقول مبتسما :
-نعمل أي بقى مع فليسوف العيلة
جلس آدم على المقعد المجاور للأريكة ينظر إلى ساعة يده ثم نظر إلى الأمام وكأنه يرى حياة أمامه ويستمع إلى نبرة صوتها التي تحتاج إلى قلب أخر ليعشقها.. فاق من شروده على سؤال مرام :
-ممكن أعرف أنت مش واقف جنب جنى ليه ؟!..
لينظر إليها ببلاهة دون أن يجيب عليها.. فقالت بتأكيد :
-صدقني البنت بتمثل حلو جدا
ليقول بعدم اهتمام :
-ماليش في الجو ده.. وبعدين رأي هيفدها بأية؟!
أرتفع حاجبيها في دهشة وتساءلت بمكر :
-بذمتك يا آدم أنت ماتعرفش؟!
نهض عن المقعد ينظر إليها بحده بالغة.. فقد علم بمقصدها جيدا وهذا يضايقه كثيراً لأنه لا يحبها ولن يفكر بها قط.. ثم اتجه نحو الدرج وهو يقول بخشونة :
-تصبحوا على خير
صعد إلى الطابق العلوي فقالت بحده :
-شوفت يا حازم أخوك متأكد انها بتحبه وهو ولا بيحس
حازم بجدية :
-الحب مش بأيدينا.. آدم عمره ما فكر في جنى ولو بأيده أكيد كان هيحبها..
ثم أردف :
-انصحيها تبطل تفكير فيه عشان الحب من طرف واحد مؤذي أوي
حدقت به في ذهول فكلماته كأنها تصفها هي بالتحديد.. تعشق رجل لا يشعر بها وارتبطت بغيرة وحاولت مرارًا وتكرارًا أن تحبه لكنها لن تستطيع أبدا.. فالحب في قلبها كا****ة ملتصق في جدار القلب لا تستطع إخراجه أبدا الدهر..
بمجرد أن نهض حازم ليحمل الحقيبة ويصعد إلى غرفته هبطت دموعها على وجنتيها بغزارة وتتن*د بصوت مسموع حتى شعرت بألم في ص*رها فوضعت يديها عليه.. ثم نهضت بجسد غير متوازن لتصعد إلى الطابق العلوي ومن ثم إلى غرفتها.. وجلست على الفراش مستنده بظهرها إليه وتناولت الهاتف لتنظر إلى صور آسر فتجد نفسها تبكي قهراً أكثر على عدم شعورة بها.. وسؤال يتكرر حول رأسها.. لما لا يفكر بها وهي كانت أمامه طوال الوقت؟ ودائماً ما كانت تنظر إليه بحب واضح.. لم تجد إجابة على سؤالها فالإجابة يمتلكها آسر
***
" شركة آدم.. "
وصلت إلى مقر الشركة في الصباح وهي الأن تقف أمام آدم بثبات بينما هو يفحص الملف الخاص بها ولأنه يعلم أنها كانت تعمل في أوروبا لم يجد في الملف أي شيء يثبت هذا.. فنظر إليها وقال بجمود :
-عرفت أنك كنتي بتشتغلي في أوربا لكن مفيش ورقة في الملف تثبت ده
قالت بصوت مبحوح :
-كنت بشتغل مساعدة ممثلة مش محتاجة ورق إثبات..
استند بذقنه على قبضة يده ناظرا إليها بعمق يود استفسارا عن ذلك العمل.. ابتسمت متسائلة :
-حضرتك بتبصيلي كده ليه ؟
-يعني بفكر لدرجة دي مش لاقيه شغل
تن*دت بعمق وهي تحرك رأسها في كلا الاتجاهين وقالت بحزن :
-أنا متعودة على العز.. والدتي كانت وحيدة الأب والأم وفلوس جدي كانت ملكها وسافرت بيها بعد ما أمي اجوزت.. وفضلت أصرف في الفلوس من غير تفكير لحد ما خلصت طلبت من أمي قالت لي جوزي اخد كل فلوسي.. والممثلة دي كانت صحبتي فاشتغلت معاها
حرك رأسه بالفهم وبدأ بفحص الملف ثانية وهو يقول بجدية :
-يعني مالكيش في الشغل
-بالظبط كده.. بس طبعا لازم أشتغل
تناول القلم ومضى على الملف ثم نهض عن المقعد متجه نحو الباب طالبا منها أن تلحق به لتنفذ رغبته ومضت خلفه وعيناها على خطواته الثابتة ولم تنتبه من أنه وقف فجأة لترتطم رأسها في ظهره لتضع يدها على جبينها متأوه بخفة.. فالتفت إليها بثقل قائلا :
-خلي بالك
أومأت بالإيجاب فالتفت إلي غرفة المكتب ودق الباب ثم فتحه لتنهض جنى عن المقعد تنظر إليه بابتسامة حب لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها عندما رأت حياة ثم نظرت إلى آدم في تساؤل.. أشار إليها قائلا :
-حياة زملتك الجديدة
ابتسمت باضطراب ومدت يدها قائلة :
-أه اهلا وسهلا حياة سعيدة جدا بالخبر ده
صافحتها مرحبة بها فقال آدم بجدية :
-يا ريت تعرفيها على طبيعة شغلها هنا..
ثم تابع موجه حديثه إلى حياة :
-وقبل ما تمشي تعالي المكتب عشان تمضي على عقد العمل
ما أن أنهى حديثه خرج مغلقا الباب خلفه ولا زالت تنظر إلى المكان الذي كان يحتله منذ لحظات مما لاحظت جنى لكنها كانت صامته بفضل رائحة عطره الرجولية التي جعلت من قلبها ينتفض.. ثم تن*دت بعمق وأشارت إلى المكتب المقابل لها لت**ر حاجز ال**ت بينهم بقولها :
-تفضلي اقعدي قدام مكتبك
لتنظر إليها ثم التفتت إلى المكتب وجلست على المقعد الخاص بها.. رن هاتفها بعد لحظات فأخرجته من الحقيبة لتجيب على كاميليا واطمئن قلبها على زهرة ثم تحدثت كاميليا معها بسعادة :
-في واحدة عايزاكِ في عرض ازياء أنها ردة.. انبهرت من جمالك وطلتك
اتسعت ابتسامتها وتساءلت بحماس :
- الساعة كام ؟
-بس تخلصي شغل وتجيلي وأنا هقول لكِ على كل حاجة
وافقت ثم أنهت معها المكالمة لتضم الهاتف إليها تتن*د بعمق وانتبهت لسؤال جنى التي تسأله بحده :
-هو آدم اللي طلب منك تشتغلي هنا ولا جيتي من نفسك ؟
نهضت عن المقعد متجه نحوها وهي تجيب ببساطة :
-لاء هو اللي طلب مني وأنا وافقت..
ثم جلست على المقعد المجاور للمكتب واضعة قدم فوق الأخرى وتابعت بحماس :
-أنا جاهزة أتعلم الشغل
***
مكتب مرام الخاص بكل شيء داخل الشركة.. جلست على المقعد الخاص بها وفتحت شاشة الحاسوب تراجع شيئا ما لمدة دقائق قليلة.. دق الباب فنظرت إليه لتأذن بالدخول ليدخل شاب يدعى "مروان.. ذات وجهه قمحاوي وشعر أ**د يمتلك عينين بنيتين داكنة تميل إلى اللون الأسود.. "
أغلق الباب خلفه ثم اتجه نحو المكتب بابتسامة بسيطة و وقف قائلا :
-فاضل موافقتك عشان الشحنة تتم
ثم مد يده بالمستند فأمسكت به وجاءت تأخذه تفاجأت به يمسكه من الطرف الثاني وكلما حاولت سحبه كان يسحبه هو الأخير بمشا**ة فابتسمت وتركت له الملف وهي تحرك رأسها في كلا الاتجاهين.. فضحك ضحكة خفيفة و وضعه أمامها ثم جلس على المقعد المجاور للمكتب ينظر إليها بإعجاب وهي تفحص الملف لتجد أمضت آدم.. ف*ناولت القلم ومضت على الورقة ثم اغلقتها ومدت يدها به وهي تقول بلطف :
-تروح وتجي بالسلامة
أخذ منها الملف ينظر إليه وهو يقول بجدية :
-تقريبا أجمل دعوة بسمعها
أرتفع حاجبيها وتساءلت ببعض من السخرية :
-ليه هي والدتك مش بتدعي لك ؟
رفع رأسه عن المستند وقد لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة ثم نظر إليها وقد ارتفع إحدى حاجبيه وقال بجدية :
-أمي متوفيه من وانا عندي خمس سنين..
شعرت بالحزن والخجل منه وكادت أن تتحدث ألا أنه تابع بمزاح :
-يعني يعتبر يتيم ومحتاج للحنان
-أنا أسفه بجد.. ماكنتش أعرف
رن هاتفها فأخذته لترى أسم جنى وأجابت عليها لتستمع إلى حديثها العصبي :
-لازم نتقابل أنها ردة بعد الشغل
مرام بهدوء :
-طيب اهدي حاضر.. نتغدى مع بعض في النادي
ثم أنهت معها المكالمة ونظرت إلى مروان بابتسامة قائلة :
-اوك يا مروان اتفضل انت
تساءل بصوت هادئ :
-يا أيه؟..
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم وكادت أن تتحدث ألا أن دخل مالك لينظروا إليه ولينهض مروان عن المقعد بتذمر واستأذن منها ثم خرج مغلقا الباب خلفه.. جلس مالك على المقعد الذي كان يحتله مروان منذ لحظات وقال بدون مقدمات :
-معادنا يوم السبت مع مهندس الد*كور
كانت تنتقل ببصرها بين مالك وبين الباب الذي خرج منه مروان منذ لحظات ولا زال سؤاله الاخير عالقا في رأسها وهي تقول بهدوء :
-أوكي يا مالك
نظر إلى الباب ثم عاد بالنظر إليها وتساءل في تعجب :
-مستنيه حد ولا أي ؟!
لتقول بلهفة :
-لاء خالص..
ثم تن*دت بعمق لتزفر بهدوء وتابعت بقصد أن تنهي الحوار معه :
-أنا لازم اخلص شغلي حالا
-وحشتيني
حملقت به للحظات وقالت بحده :
-شكرًا يا مالك
ضحك ضحكة خفيفة لتتحول ملامح وجهها من الحده إلى الغيظ.. وقال بتأكيد :
-يبقى أنتِ لسه زعلانه مني.. على العموم أنا آسف
مرام بتذمر واضح :
-ما هو المفروض توقف جنبي في مشاكلي مش تتنرفز عليه يا استاذ مالك
-عندك حق.. أنا أسف.. ابتسمي بقى وحشتني ابتسامتك
وجدت نفسها تبتسم ثم نظرت إلى الحاسوب قائلة :
-ممكن تروح تشوف شغلك وتسبني اشتغل
قال بإصرار :
-لاء أنا هفضل قاعد اتف*ج عليكِ وأنتِ بتشتغلي بدون أي صوت
رفعت مقلتيها عن الحاسوب لتنظر إليه ثم عادت بالنظر إلى الشاشة وهي تشعر بالتوتر قليلًا.. حاولت ان تشغل نفسها لكنها لم تستطع لتجد نفسها تفكر به وفي كلماته.. تحاول أن تحبه لكن هذا صعبا بالنسبة لها حقا.. وكلما حاولت التفكير به تجد نفسها تفكر في آسر.. حقا شيء مؤذي ومؤلم و يوجع القلب
***
" مكتب المحاماة.."
بدأ يلملم أوراق القضايا ويضعها داخل الخزنة التي يفتحها بالب**ة ثم اغلقها.. في ذات الوقت دق الباب ودخلت السكرتيرة تخبره بوجود سيدة تنتظره في الخارج ليأذن لها بالدخول.. فخرجت وبعد لحظات دخلت فتاة تدعى " هنا.. في منتصف العشرينات ذات بشرة بيضاء وعينين بنيتين واسعة يصل شعرها البني الكثيف إلى أسفل كتفيها بقليل.."
وقفت أمام المكتب تمد يدها له فصافحها وهي تعرفه على نفسها بابتسامة واسعة :
-أنا هنا مندور صاحبة شركة الإعلان الخاصة بمواقع التواصل
ترك يدها ليشير إلى المقعد قائلا :
-أهلا وسهلا تفضلي
جلست على المقعد واضعة قدم فوق الأخرى وقالت بابتسامة بسيطة :
-أنا اسمع أنك محامي شاطر أوي لاء وكمان دكتور في المحاماة و شوية وتبقى وكيل نيابة
ليستند بظهره إلى المقعد و رفع حاجبيه بتعجب قائلا :
-أنتِ درساني بقى
-طبعا.. لازم أي حد قبل ما يروح لمحامي يدرسه كويس..
ثم تن*دت وقالت بجدية :
-الشركة بتاعتي في دور من عمارة في المهندسين وفي واحد رافع عليا قضية أن الدور ده ملك لوالده..
عقد بين حاجبيه يستمع إليها باهتمام بينما هي أخرجت بعض الأوراق من الحقيبة وضعتها أمامه ليعتدل في جلسته وبدأ يفحص الأوراق وفي ذات الوقت يستمع إلى باقي الحديث :
-دي أوراق تثبت أن العمارة دي ملكي وكل الأوراق اللي معاه مزورة
رفع عينيه عن الأوراق لينظر إليها وتساءل برسمية :
-طيب والشاب دا ليه عمل معاكي كده؟
بدأت تحرك أنامل يدها على المكتب تفكر للحظات ثم قالت بجدية :
-بابا و والد الشاب ده كانوا أصحاب واشتروا الدور ده مع بعض لكن بعد فترة هو باع نصيبة لبابا وأنا شغلت ابنه معايا وكان بياخد مرتب كويس وكنت بثق فيه لدرجة أن هو اللي كان مسؤول عن ميزانية الشركة.. لكن بعد كده اكتشفت أنه بي**قني وطبعا وقفته عن العمل معايا
-أه يعني افهم من كده أنه ده انتقام..
ثم تابع بثقة :
-اطمني مش هيقدر يعمل حاجة
هنا بابتسامة اعجاب :
-مطمنة من قبل ما اجيلك
***
" النادي.. "
-أنا لو جرا لي حاجة يبقى بسبب اخوكي
قالت جنى كلماتها بعصبية حادة ثم تناولت ما تبقى من العصير على مرة واحده فيما قالت مرام بهدوء :
-أنا شايفة أن الموضوع بسيط ومش مستاهل كل ده
حدقت بها في دهشة ثم جزت أسنانها وقالت بغيرة حادة :
-لاء الموضوع كبير أوي.. آدم عمره ما طلب من واحده تشتغل معا في الشركة
ثم وضعت رأسها بين يديها تلهث بصوت مسموع لتشعر مرام بالشفقة عليها لتتذكر حديث حازم إليها وقالت بحزن :
-جنى أنا عايزة أقولك بطلي تفكري في آدم
لتنظر إليها بلهفة للحظات من الذهول ثم قبضت على مع** يدها وتساءلت بنبرة بكاء :
-آدم بيحبها صح ؟
وضعت يدها الأخرى على يد جنى التي تمسك بها برفق وقالت بصوت مبحوح :
-لاء مش عارفه.. بس آدم اللي متأكدة منه أنه مش بيحبك
حركت رأسها على أنها تعلم لتهبط دموعها على وجنتيها ثم تناولت حقيبة يدها واستأذنت منها فأسرعت مرام وأمسكت بمع**ها وقالت بحسم :
-مستحيل اسيبك وأنتِ في الحالة دي
سحبت يدها بعنف ونهضت عن المقعد وهي تقول بضيق :
-مرام أنا عايزة ابقى لوحدي من فضلك
ثم ركضت بعيدا لتلتفت برأسها إليها بلهفة ثم نظرت إلى الأمام تض*ب الطاولة بقبضة يدها بخفية.. وبعد لحظات تفاجأت بمروان يجلس على المقعد المجاور لها رافعا نظارته على شعره لينظر إليها بابتسامة واسعة قائلا :
-أي الصدفة الفظيعة دي
حركت رأسها بخفة محدقة به للحظات ثم قالت بهدوء :
-أهلا يا مروان.. أنت بتيجي هنا كتير؟
-يعني مش دايما..
ثم تابع بوضوح :
-بس جيت عشان أشوفك.. سمعت الاتفاق اللي بينك أنتِ وجنى تتقابلوا هنا
أرتفع إحدى حاجبيها وقالت بتذمر :
-أنت بتجسس عليه ولا اي
-لاء خالص انا بس..
نهضت عن المقعد مقاطعة لحديثه بحده :
-لو سمحت يا أستاذ مروان كلامنا كله يبقى خاص بالشغل و بس.. بعد اذنك
تناولت الحقيبة وأخذت منها المال وضعته أسفل الكوب وغادرت تحت أنظاره المندهشة.. ثم زفر بهدوء وض*ب على الطاولة بغضب شديد
***
........يتبع
رأيكم بقى وتفاعلكم محتاجة دعمكم ..
?? ..