" الفصل الثامن والعشرين ومقدمة الجزء الثاني.."
اذكروا الله يا جماعة الخير ??..
" المقدمة.."
" فيلا الحناوي.."
حيث نرى الحديقة المفتوحة على شاطئ الساحل ممتلئة بالأشخاص بعضهم يتراقص على أنغام أغنية أجنبية مشهورة في تلك الفترة.. والبعض يتحدثون و يتناولون أجود أنواع الخمر.. الموسيقى عالية لدرجة كبيرة تض*ب جدران الحائط بقوة.. ويتم تقديم مشروب الخمر على صينية من الذهب البراق بواسطة عاملين متخصصين بالحفلات..
" بقلم سمر عمر.."
علي إحدى الطاولات الجانبية تجلس " ثراء .. ذات ملامح متناسقة رائعة بشرتها بيضاء تخ*ف الأنظار عينيها فيروزية واسعة .. شعرها أحمر براق ناعم ثقيل يصل إلى نهاية ظهرها.." ترتدي فستان أحمر مجسم ذات حملات عريضة يصل إلى فخذيها وتظهر مقدمة ص*رها بفتحة الفستان التي تشبه الرقم سبعة.. تناولت كوب الخمر على مرة واحده ثم تحدثت مع الرجال التي تجلس معهما على ذات الطاولة..
" بقلم سمر عمر.. "
بالخارج تقف الكثير من السيارات أمام باب الفيلا ويدخلون الشباب والبنات بالدعوة التي معهم.. وقفت سيارة سوداء فخمة أمام باب الدخول مباشرة وترجل "يونس.. بشرته بيضاء ذات ملامح حادة بعينين بنية تميل إلى السواد.. ب*عر أ**د كثيف ولحية سوداء طويلة تجعله أكثر رجولة وجاذبية.. طويل القامة عريض المنكبين.. مقدم معروف في الداخلية باسم الغراب بفضل ملفه المشرف والقضايا التي ينهيها بمهارة.."
دخل الحفل دون أن يعطي لهم الدعوة بفضل معرفتهم المسبقة له جيدًا وبعلاقته القوية بثراء.. وقف يضبط بدلته السوداء الأنيقة ويبحث عن ثراء بمقلتيه الحادة حتى رآها أخيرًا.. اتجه نحوها و وقف بجوارها يحيط خصرها الصغير بذراعه الضخم بفضل العضلات البارزة منه.. نظرت إليه بلهفة لكن سرعان ما اتسع ثغرها بابتسامة خاصة به فضمها إلى ص*ره يتطلع إلى عينيها بثقل اعتادت عليه.. في حين جاء العامل وقدم له مشروب خاص به فأخذ الكوب ليستقبل غمزة من ذلك العامل ثم غادر لمتابعة العمل..
" بقلم سمر عمر.."
تناول المشروب على مره واحده ثم ترك خصرها ليمسك بكفيها واتجه بها نحو ساحة الرقص.. رقص معها باحترافية بالغة انبهر الجميع بالرقص وتنحوا جانبًا وأصبحوا مشاهدين لهما.. استمر الرقص لدقائق ليست قليلة ثم أنهى الرقصة بجذبها إليه عنوة واحتضنها فضحكت ضحكة عالية وقبلته على وجنته برقة.. صفق الجميع لهما بحرارة وعاد بعضهم إلى الرقص..
اتجها نحو البوفيه وجلس على المقعد لكنها فضلت أن تقف امامه تتفرس ملامحه بحب وقالت بنعومة :
-فرحانه جدًا بوجودك يا يونس
-أنا مقدرش اتأخر على القمر.. مع إنك عارفه إني ما بحبش جو الحفلات
-طبعًا.. أنا حفظاك أكتر من نفسك
قالت كلماتها بتأكيد بالغ ليبتسم ساخرًا لكنه لم يوضح لها ذلك.. فأخذت تتحدث وعيناه على باب الفيلا المفتوح على الحديقة كأنه ينتظر شيء ما.. تناول قطع الم**رات الصغيرة ويجاملها بابتسامة خفيفة ليعود بالنظر إلى ذلك الباب.. حتى خرج " الحناوي.." أخيرًا من جحره برفقة بعض الرجال المعروفين.. فابتسم الأخير بانتصار ثم نظر إلى الفتاة الجميلة وبحركة واحده أحاط خصرها ونهض عن المقعد وتحدث بالقرب من أذنها :
-استأذنك أروح الحمام
قبلها على وجنتها برقة فابتسمت تومئ بالإيجاب ثم استدارت إلى البوفيه لتناول الم**رات.. وقف يونس يتطلع إلى العامل الذي قدم له المشروب نظرة يفهمها جيدًا.. فترك ما في يده ودلف إلى الداخل في حين وقف الأخير خلف بعض الأشجار وتحدث في الهاتف مع أحدهم.. ما هي إلا لحظات واقتحم البوليس المكان فهلع الجميع يركضون بطريقة عشوائية بعد تبادل إطلاق الرصاص من الطرفين.. التفتت ثراء بفزع وأسرعت بالاختباء خلف البار وهي تشعر بالخوف الشديد على يونس أولًا ونفسها ثانيًا..
" بقلم سمر عمر.."
قام أحدهم بإشعال النيران بواسطة البنزين لتمسك في كل شيء في لحظة.. وتم القبض على بعض الرجال لكن حاول الحناوي الهرب من إطلاق الرصاص والنيران لكن أطلق الضابط النار عليه لتستقر في منتصف ظهره وسقط على وجهه وصعدت روحه إلى الأعلى..
اقتحموا الفيلا وتم القبض على من في الداخل متلبسين بالم**رات الهيروين.. دائمًا ما يفعلون الحفلات تمويه لتهريب ال*****ن وبيعه للشباب والبنات الذين يأتون إلى الحفل من أجل تلك الأشياء اللعينة
***
" إيطاليا.."
معروفة بالمناطق الأثرية الرائعة وشوارعها النظيفة... من إحدى المباني القديمة يخرج شاب يدعي ليث بهيبته المعتادة.. " قمحي البشرة يتميز بلحية سوداء خفيفة وشعر أ**د وعينين زرقاء مثل والدته التي من أصل إيطالي.." استقل سيارته السوداء ورفع نظارته الشمسية إلى رأسه وهو يدير مفتاح السيارة ثم تحرك إلى وجهته.. عند وصوله صف السيارة جانبًا وترجل ثم دلف إلى داخل مطعم كبير يبدو عليه الفخامة.. لكنه خالي من الزبائن إلا طاولة واحده تجلس عليها فتاة لتناول الإفطار..
وقف أمام البار وطلب عصير بمجرد أن سمع صديقة صوته.. ترك ما في يده و وقف أمامه من داخل البار " يدعي سليمان.. بشرته بيضاء شعره أ**د وبنية عيناه تميل إلى اللون الأخضر" وبعد تبادل السلام بينهم قال بنبرة جدية مغلفة بالمزاح :
-ما شاء الله المطعم اشتغل تاني
وضع العامل العصير أمامه ف*ناول أول رشفة في حين قال الأخير بجدية :
-مش ناقص هزارك يا ليث
-يا سُلم اوعى تقلق كله بيعدي
-ولا حاجة بتعدي وصاحب المكان عايز إيجار الشهر
ما أن أنهى حديثه حرك رأسه في كلا الاتجاهين حاملًا هم الدنيا فوق رأسه.. شعر الأخير بالأسى على حال صديقة المقرب ثم دفع حساب العصير قبل أن ينهيه.. ثم ربت على كتفه بلطف وغادر المكان.. فحاله مثل حال صديقة عندما توقف عن عمله هو الآخر في الفترة الأخيرة الصعبة على الجميع ليس عليهما فقط..
فتح حقيبة السيارة وتناول الجيتار الخاص به و وضع حزامه على كتفه وأخذ يتجول شوارع روما وهو يلعب بأوتاره باحترافيه شديدة.. يفعل هذا كعادته عندما يكون مهموما ليحظى بالقليل من المرح والسعادة.. بدأ بالغناء بصوت عذب عالي بأغنية أجنبية.. ويتمايل يمينًا ويسارًا بمرح بين المارة فيخ*ف أنظارهم جميعًا.. تقابل مع أمرآه عجوز حركت رأسها يمينًا ويسارا على صوت أوتار الجيتار الرائعة أولًا وصوته الرائع أخرًا.. وقف أمامها ناظرًا إليها بابتسامة واسعة وهو يكمل غنائه فاتسعت ابتسامتها التي بدون أسنان.. قبلها على جبينها بحنان ثم تابع السير بذات المرح..
" بقلم سمر عمر.."
حتى وصل إلى الكنيسة عن قصد و وقف أمامها للحظات وخرج جميع الأطفال يركضون إليه.. و وقفوا يقفزون أمامه بسعادة فحرك رأسه معهما بمرح شديد.. لكنه توقف عن الغناء تاركًا الأوتار تكمل نيابة عنه عندما رأى شمسة تخرج من الكنيسة بطلتها الذهبية الثابتة.. ومقلتيها السوداء الواسعة تطلع إليه وثغرها متسع كعادتها والرياح تهب منه نسائم تعبث بين خصل شعرها البنيه ليتحرك خلف عنقها بأريحية عالية..
وجد نفسه يغير اللحن بلحن هادئ مثلها يليق بمقام سيدة قلبه وتحركت شفاه بأغنية أجنبية تتحدث عن الحب بكل حرف بها.. ضيقت عينيها عندما زاد ثغرها اتساعًا وهبطت درج الكنيسة متجه نحوه و وقفت خلف الطلاب معقده ذراعيها أمام ص*رها.. فأخذته قدميه إليها غارقًا داخل سوداويتها حتى وقف أمامها عن قرب ومازال يغني لها بكلمات العشق.. وبدأ يدور من حولها وهي تراقبه بسوداويتها التي تنطق بعشق ليث.. حتى وقف أمامها مباشرةً دقيقًا بالنظر داخل مقلتيها وهو ينهي كلمات الأغنية بهدوء وصوت عذب يخ*ف قلبها من بين ضلوعها وروحها من بدنها..
-لماذا جئت إلى هنا؟!
تساءلت بصوتها العذب وباللغة الإيطالية التابعة لها فرد مداعبًا :
-جئت من أجل الأطفال
ارتفع حاجبيها بمرح :
-حقًا؟!..
ثم حركت مقلتيها هنا وهناك والتفتت عائدة إلى الكنيسة :
-حسنًا ابقى معهم
أسرع بالوقوف أمامها مانعًا إياها من متابعة السير وتحدث بجدية متأملًا عينيها بحب عميق :
-جئت من أجلك سيدتي.. لقد اشتقت إليكِ
ارتسمت ابتسامة خجولة على ثغرها وهمست ببحة صوتها المميزة :
-وأنا أيضًا اشتقت إليك
وقف يتحدث معها للحظات.. وفجأة استمعا إلى الصراخ يأتي من محطة القطار القريبة وبدأ الجميع يركض خارج المحطة بهلع.. مما هلع الأطفال ايضًا فأدخلتهم إلى الكنيسة فورًا.. في حين أوقف ليث أحد الرجال :
-ماذا يحدث ؟!
-متفجرات في القطار
ثم تابع الركض فأعطى الجيتار إلى لاما وهم بالذهاب لكنها قبضت على مرفقة :
-إلى أين؟!
-سأوقف المتفجرات..
حدقت به في قلق واضح فربت على يدها التي تمسك بمرفقه وتابع بهدوء :
-لا تقلقي أنا متخصص في المتفجرات
تركت يده ومازالت تشعر بالقلق.. ركض باتجاه المحطة في حين دخلت إلى الكنيسة تهدأ الأطفال وقلبها منشغلًا على ليث.. عند وصوله حاول الدخول إلى العربة التي تحمل المتفجرات لكن تم منعة بواسطة الأمن والضباط وهم في انتظار المسؤول عن المتفجرات.. أخرج المحفظة من جيب سروالة وأخذ بطاقة العمل الخاص به وأعطاها إلى الضابط... فحصها جيدًا ليعلم أنه ضابط في الجيش وهذا تخصصه.. أعطى له البطاقة وتردد في الموافقة لكن ليس أمامه خيار أخر وسمح له بالدخول..
ركض إلى العربة التي تحمل المتفجرات وجلس على ركبتيه يتفقد الأسلاك بهدوء ممزوج بالبرود الشديد.. كانت يده ثابتة ومتمكنة وهو يحرك السلوك حتى عثر على السلك المطلوب فطلب شيء حاد على وجه السرعة.. أسرع أحدهم بإعطائه شيء حاد.. فأغلق عينه اليمين وهو يفصل السلك عن القنبلة بحرص شديد ثم توقفت.. زفر بهدوء وحمل القنبلة بين يديه وخرج بها مبتسمًا.. زفر الجميع بهدوء وأخذ الضابط القنبلة من يده وأخذ يشكره كثيرًا.. هم بالمغادرة وصافح كل من يقا**ه من العساكر..
عاد إلى الكنيسة ينادي سيدته فخرجت على الفور واتسعت ابتسامتها ثم دخلت من جديد وعادت بالجيتار الخاص به و وقفت أمامه متمتمه بالشكر على ما فعله ثم أعطت له الجيتار فأخذه ورفعه على كتفه اليسار ورفع يده الأخرى صوب شعرها و وضع خصله خلف آذنها وأعطى لها موعدًا للمقابلة ثم أعطى لها تحية بيده وبدأ بالعزف ثانية.. وقفت تطلع إليه حتى غاب عن عينيها ثم التفتت عائدة إلى الكنيسة
***
" عودة إلى الوطن.. القسم تحديدًا غرفة الاجتماعات.."
" بعد مضي أسبوعين.. "
حيث يجلس يونس على المقعد المجاور لمقعد صديقة الذي يدعى " معتز.. شعره أ**د ذات بشرة قمحيه وعينان بنيتان.." رأسه منشغلة ببعض الرجال الذين استطاعوا الهرب من ضمنهم ثراء.. خدعها باسم الحب لأكثر من ستة أشهر ليصل إلى الحناوي ويغلق ملف القضية وبالفعل كل شيء حدث مثلما خطط..
" بقلم سمر عمر.."
دخل اللواء شرف الدين معتز الغرفة مغلقًا الباب خلفه واتجه صوب طاولة الاجتماعات الكبيرة وهو يقول مبتسمًا :
-حضرة الغراب بذات نفسه منتظرني
انتبه يونس إليه وابتسم شبه ابتسامة :
-من بعض ما عندكم أستاذي
جلس على المقعد المقابل له و مد يده بملف جديد فأخذ الملف بحماس وتفحص أوراقه في حين تحدث اللواء مع ابنه معتز في بعض الأمور.. بعد لحظات تحولت ملامح يونس إلى الدهشة ورفع عيناه عن الملف لينظر إلى أستاذة :
-أيه ده؟!
نظر إليه بثبات :
-أنت مش كان نفسك تنتقل للمخابرات.. حلمك اتحقق اهو..
ثم انتقل ببصره بينهم وتابع بتحذير :
-الموضوع ده سر بينا أحنا التلاته.. طبعا فاهمين
-حضرتك دي قضية جاسوسة عايشه هنا في مصر..
توحشت ملامحه وهو يكمل حديثه بحنق شديد :
-عايزني تاني أرسم عليها الحب عشان في الاخر نوصل لهدفنا وتهرب ولا نعرف عنها حاجة زي ثراء
-أولًا ثراء هربت بره البلد.. ثانيًا مفيش حل تاني
نهض عن المقعد وتحدث بتذمر واضح :
-أسف مش هقدر أقوم بالمهمة دي مش مستعد أخدع تاني باسم الحب
اتجه نحو الباب بخطوات واسعة وخرج مغلقًا الباب خلفه فقال معتز :
-أعذره يا سيادة اللواء
اندفع بحده :
-شغلنا ما فيهوش عواطف.. مفهوم؟
أومأ بالإيجاب واستأذن من والده ولحق بصديقه عله يهدئه قليلًا.. خرج من القسم ليرى يستقل سيارته فركض بأقصى سرعته وبالفعل لحق به وجلس على المقعد المجاور له واضعًا يده على ص*ره يلتقط أنفاسه بصوت مسموع.. في حين تحرك الأخير بسيارته وبعد لحظات **ر معتز حاجز ال**ت وتساءل بمكر :
-حبتها؟
رمقه بنظرة سريعة لينتبه إلى الطريق جيدًا و رد بحده :
-لاء.. لكن كان نفسي أشوفها بعد اللي حصل
-عشان تعتذر؟
-لاء عشان اقولها الحقيقة.. ومش عايز اسمع كلمة زيادة
***
" منزل خالد سلحدار.. "
شقة فخمة ذات طابقين تقع على النيل.. حيث تجلس " لينا" دائمًا داخل الشرفة تراجع دروسها جيدًا.. " ذات بشرة بيضاء وعينان بنيتان وشعر أ**د كثيف يصل إلى منتصف ظهرها وتتميز بخصل كثيفة على جبينها.. في السنه الثانية من كلية الطب.."
نظرت إلى ساعة يدها التي تدق العاشرة والنصف صباحًا.. فلملمت أغراضها وضعتها داخل حقيبة الظهر خاصتها ثم ارتدت الحقيبة على ظهرها ودلفت إلى الداخل و وقفت أمام والدتها بابتسامةٍ واسعة قائلة :
-مامي أنا رايحه الجامعة مش عايزه حاجة؟
" تدعي نجلاء ذات بشرة بيضاء ومازالت تحتفظ بوسامة قديمة كما تحتفظ برشاقتها.. عينيها بندقية وشعرها بني داكن يصل إلى كتفيها.."
-سلامتك يا حبيبتي.. لينا تخلصي محاضراتك تجي على البيت
قالت وهي تتجه نحو الباب :
-أوكي
همت بفتح الباب لكن فتح يونس الباب من الخارج ابتسم إلى شقيقته وتبادلا بالصباح ثم قال بصوت عال :
-ماما معتز معايا
ارتدت حجابها ونهضت عن الاريكة وقالت بترحاب :
-يا أهلًا وسهلًا بالغالي منور
دخل وهو يتنحنح ثم نظر إليها وقال مبتسم:
-ده نورك يا طنط
في حين تحدث يونس مع شقيقته ثم تركها تذهب إلى الجامعة وأخذ ضيفه ودخلا إلى غرفة الصالون.. جلس على الاريكة بينما جلس يونس على المقعد المقابل له واضعًا قدمه فوق ركبته وأخذ يض*ب على رسغه في حين تحدث معتز بهدوء :
-يونس من فضلك فكر شويه وبلاش قرارات متهورة
-عايزني ادخل في علاقة حب تاني؟
تساءل بحنق واضح فرد الأخير مداعبًا :
-دي مش واحده عادية.. عيش لك يومين
قهقه بصوت عال ثم غمز له ورد مازحًا :
-ما تعيش لك أنت اليومين دول
***
صفت لينا سيارتها أمام العمارة التي تمكث صديقتها بها.. انتظرت لحظات وخرجت لميس واستقلت السيارة لتتحرك لينا في طريقها إلى الجامعة.. " لميس ذات ملامح صغيرة بشرتها بيضاء هادئ وعينان بنايتان.."
-طمينني عليكِ
نظرت إليها بحزن واضح وقالت بصوت منخفض :
-مفيش جديد يا لينا.. البيت بقى عبارة عن زنزانة
مدت يدها وامسكت بكفها وقالت بهدوء :
-مفيش بيت يخلى من المشاكل يا قلبي
-الحمد لله
وصلت إلى الجامعة ودخلت بالسيارة وصفتها داخل المنطقة الخاصة بالسيارات.. ترجلا ومن ثم صعدا إلى المدرج لحضور المحاضرة.. انتبهت لينا جيدًا إلى الدكتور بينما كانت تشخبط لميس على الورق دون أن تنتبه وكل هذا بفضل المشاكل التي في المنزل بين شقيقة أبيها و والدتها..
" بقلم سمر عمر.."
انتبهت لينا إليها فلكزتها وأشارت برأسها إلى الدكتور كي تنتبه من المحاضرة.. وبعد الانتهاء جلسا داخل كافية الجامعة وكعادتها تستمع إلى صديقتها وتهون عليها صعوبة الأيام..
-المهم سيبك مني وقوليلي أي الصورة الجميلة اللي على انستا دي
توقفت عن تناول العصير وابتسمت بحنين قائلة :
-دي صورة العيلة.. كنا بنحتفل بنجاح أزياء عمتو
همهمت وهي تومئ بالفهم ثم استندت بوجنتها على قبضة يدها وقالت مازحه :
-ما تجوزيني واحد من العيلة الجميلة دي
اتسعت ابتسامتها و ردت بشغف :
-يا ريت بجد.. فيه الضابط والمحامي والدكتور اختاري بقى
ثم تناولت العصير في حين بدأت لميس تعد على أصابع يديها وقالت فب تعجب :
-لسه اتنين
-أه ما هو واحد ضايع سيبك منه وآدم.. بس خلاص آدم اتجوز وشوية وهيبقى أب.. أخيرًا طفل جديد للعيلة
-ربنا يفرحكم دايمًا يا قلبي
-يا رب ويفرح قلبك..
تأملت عينيها الحزينة وتابعت بتأكيد :
-أنتِ مخبيه عليه حاجة..
أومأت بالنفي فارتفع إحدى حاجبيها بعدم تصديق وقالت بجدية :
-لميس أحنا أصدقاء الطفولة وحفظاكِ أكتر من نفسك
-بصراحه كده انا مش هكمل في الطب
جحظت عينيها في ذهول :
-أكيد بتهزري.. لميس ده كان حلمنا
ابتسمت ابتسامة حزينة تخبرها بها انها بخير وقالت بصوت مبحوح :
-حققي أنتِ حلمنا يا لينا.. هتبقي أنجح دكتوره
-مستحيل أسمح لكِ تعملي كده
***
" إيطاليا.."
ساعد والدته في وضع أطباء الطعام على السفرة.. ثم جلس على المقعد المقابل لها.. وأخذ يقص عليها ما حدث اليوم في القطار مما شعرت بالقلق عليه وأخذت توبخه على تهوره فقال في تعجب :
-نسيتِ أن ده تخصصي ولا أيه؟!
-لا لكن لا تفعل هذا ثانية..
أومأ بالإيجاب ثم أدار رأسه ناحية اليمين حيث يوجد التلفاز وانجذب للفيلم المصري بشدة.. مما انتبهت والدته من ذلك وانتقلت ببصرها بينه وبين التلفاز ثم ابتسمت بحزن :
-اشتقت إلى مصر
نظر إليها مقطب جبينه وقد توقف عن الطعام وقال بمشا**ة :
-ايوا وأنتِ اشتقت إليها ايضًا
-صحيح اتمنى أعيش فيها من جديد
تساءل ببساطة :
-أيه المانع
-والدك.. ما أقدر على العيش بمصر بدونه..
تابعت بندم شديد :
-لقد أخطأت ليث.. خونت الوعد لكن لأنني أحبه أردت أن أنجب منه طفلًا
-بابا غلط هو كمان.. اتفق يتجوزك عشان الإقامة لكن المفروض لما عرف إنك حامل ما كان يطلقك
مدت يدها إليه فأمسك بها وقبلها وربت عليها بلطف وهي تقول بحزن :
-أسفه ليث لأنني تركتك طفل صغير.. حسبت انه سيعود لي لكنه لم يعود
-تركتي ابنك وسط عائلة جميلة رائعة كلها حب وحنان.. أنا بشكرك
اتسعت ابتسامتها وقالت بصوت منخفض :
-مكتفية بك عزيزي
***
" الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت القاهرة.."
أستعد يونس للذهاب إلى العمل بعد أن أقنعه صديقة معتز بالموافقة.. وأيضًا مجبر لأنه يعشق عمله كثيرًا كما أنه يعشق أرض الوطن.. خرج من الغرفة متجه نحو الدرج وهبط إلى الطابق السفلي ليرى والدته داخل الشرفة تتذوق البن بسبابتها كعادتها كلما انتهت من فنجان القهوة..
" بقلم سمر عمر.."
لاحت ابتسامة جانبية على ثغره واتجه نحوها ومن ثم خرج وهو يقول بمرح :
-صباح الفل على أجمل عيون بالكون
-يا بكاش
هتف وهو يجلس على المقعد المقابل لها :
-خالص.. أمي أجمل أم بالكون
تذوقت البن ونظرت إلى عيناه بعمق قائلة :
-أنت اللي عيونك حلوه
-عايز أخد رأيك في شيء مهم
وضعت الفنجان جانبًا واستندت بمرفقيها إلى الطاولة تتفحص ملامحه بعمق :
-أنا كمان عايزاك في شيء مهم.. ابدأ انت الأول
أومأ بخفه ثم بدأ يحك جبينه في تردد واضح لكن تحدث بثبات :
-شغلي اجبرني اخدع بنت باسم الحب عشان أخلص مهمتي واترقى.. هل ده صح او غلط؟
-كان ممكن تخلص مهمتك بدون خداع.. أنا مش مع الفكرة دي..
تابعت بحده ممزوجة بالتذمر الشديد :
-خلاص الحب بقى خدعة.. يونس أنت غلطان غلط كبير.. ضميرك مرتاح حاليًا ؟
تحدث بنبرة ندم :
-أنا مش عارف أنام من التفكير.. كنت فاكر لما المهمة تخلص هقا**ها تاني لكن للأسف هي سافرت
-سافرت!.. اتمنى متعملش كده تاني
أومأ بالإيجاب ثم تساءل باهتمام :
-كنتِ عايزاني في ايه؟
ردت دون مقدمات :
-تتجوز وعندي العروسة..
وجد نفسه يضحك ضحكة خفيفة فارتفع حاجبيها في تعجب على أنها لم تقل شيئًا مضحكًا وتابعت بجدية :
-أنا مش بهزر عشان تضحك
-عارف عشان كده بضحك..
نهض عن المقعد وتابع بحسم :
-مبفكرش في الجواز حاليًا.. واللي هجوزها هختارها بنفسي
هم بالذهاب لكنها أجبرته على الوقوف بكلماتها التي تعجب لها كثيرًا :
-جواز على الورق يا يونس..
جلس على المقعد ثانيًة يتأملها في دهشه واضحة فقالت بحزن :
-نجمة بنت خالتك جوز امها رمى طاسة الزيت في وشها.. ولازم نوقف جنبها وننقذها منه
تنحنح بخفه وقال ليبعد فكرة الجواز عن رأسها :
-تمام ده لازم يتعاقب.. هكلم حازم ونفتح محضر و..
قاطعت حديثه بحده :
-هرب ومش عارفين مكانه.. نجمة لوحدها حالتها صعبة و رافضة تيجي تعيش معانا اولًا عشان خايفه حد يتريق على شكلها ثانيًا نفسها عزيزه عليها
اندفع بتذمر :
-أه وعايزاني بقى ادبس فيها
ردت بحده مفرطة :
-ما سمهاش كده اسمها هنوقف جنبها ونساعدها عشان توافق تيجي تعيش هنا
خرج والده إلى الشرفة ينتقل ببصره بينهم وتساءل :
-صوتكم عالي ليه؟!
نهض عن المقعد وشرح له كل شيء فقال بهدوء :
-هيبقى جواز على الورق
-حضرتك ازاي موافق على كده.. ذنبي ايه
-ذنبك إنك بتخدع البنات باسم الحب
قالت كلماتها بحده ممزوجة بنبرة ساخرة فتطلع إليها بنظرة نارية ثم تركهم وغادر المنزل وهو في قمة غضبه من حديث والدته الأخير الذي زرع الندم داخلة من جديد
***
....... يتبع