ض*بت بيدها على ص*رها و قالت بعدم تصديق
:- رضوى ! رضوى تاني يا مراد بعد كل اللي حصل فينا زمان جاي دلوقتي تقوللي رضوى
ثم نهضت من مكانها و هي تنظر له بحزن و أكملت
:- كنت فاكرة السنين قدرت تنسيك و بقيت أقول الحمد لله و أنا شايفاك مركز في شغلك و بتكبر يوم عن التاني ، كنت طايرة من الفرحة و أنا شايفة صحابك حواليك و حياتك بتمشي بشكل طبيعي ، جاي بعد دة كله تقوللي رضوى !
هز رأسه يميناً و يساراً بيأس و غمغم
:- أول مرة ما تفهمنيش يا جميلة
ردت بعصبية
:- و المرة دي بالذات مش عايزة أفهمك ، مش عايزة أفهم إنك حطيت كرامتك تحت رجليهم من تاني و رايح ترمي نفسك في حضنهم ، كنت مفكرة إن كل حاجة عملتها و وصلتلها كانت لنفسك مش علشان تليق بست الحسن و الجمال
نظرت لتعبيرات وجهه الغامضة ثم زفرت بقوة و قالت
:- إعمل اللي يريحك يا مراد أنا معنديش إستعداد أرجع لوجع القلب تاني
أنهت كلماتها ثم رحلت من أمامه ، أخذ ينظر لأثرها حتى إبتلعها باب القصر فنهض من مكانه و ركب سيارته مرة أخرى و غادر ..
في حي خلدون
رحل جميع الفتيات اللاتي جئن لمشاهدة العريس الذي نال الشرف أخيرا و سيتزوج أميرة الحي و عندما لمحت بعينيهم نظرات الأعجاب و الوله أرضى ذلك الجانب المتعجرف بداخلها
جلست رضوى مع والدها الذي قال
:- أنا بس مش عارف هو مستعجل كدة ليه ؟
ردت رضوى بدلال
:- و ما يستعجلش ليه هو أنا شوية ، و بعدين الناس اللي زي دول ما يحبوش يضيعوا وقت زي ما بيقولوا بياخدوها على الحامي ، الأغنياء دول يا أبا الوقت عندهم بفلوس و الدقيقة بملايين علشان كدة تلاقيهم بيحسبوها بالثانية ..
قال سالم
:- اااه يا بت يا رضوى هي الملايين دي اللى نفسي أجربها و أدوق حلاوتها بس ملحوقة ، من جاور السعيد يسعد و لا إيه يا قلب أبوكي
إبتسمت رضوى بسعادة و أومأت له في **ت فأكمل
:- بس مش غريبة يعني إنه جه لوحده و محدش من أهله جه معاه
أشارت له بيدها و قالت بلا مبالاه
:- و إحنا هنعمله بأهله إيه خليه كدة لوحده علشان نعرف نعمل اللي عاوزينه
قطع كلامهم دخول والدتها و بيدها صينية عليها بعض الأكواب وضعتها أمامهم و قالت
:- إنت إزاي توافقه يا معلم على إنه ميعملش فرح ، ملكش حق يا أبو رضوى دي البت اللي حيلتنا هنجوزوها كدة سكيتي ؟
رد المعلم سالم و هو يدث الأرجيلة بفمه يسحب منها نفساً عميقاً ليخرج صوت كركرة عالية ثم أخذ يموج الدخان بقوة
:- بتك اللي وافقت و أهي قاعدة قدامك أهي إسأليها
ردت رضوى و على وجهها إبتسامة ماكرة
:- و النبي يعني عايزنا نوقف الجوازة علشان خاطر الفرح !
كان باين عليه إنه بيتكلم بجد و الحوار معاه منهي علشان كدة ممسكتش فيه بالقوي ،
و بعدين يا أما إنتِ مش كل اللي يهمك بتك تعيش متهنية يبقى خلاص إسمعي بس كلامي و لو على الفرحة أبويا هيقيم تلات ليالي إبقي إفرحي فيهم براحتك
رد سالم قائلا
:- البت بتقول كلام موزون يا فتحية و الراجل بصراحة قدم السبت و ساب مهرها قبل ما يمشي يعني شاري مش هنقفله إحنا على الفرح
إعتدلت بجلستها و قالت
:- أيوة يا معلم بس انا كنت عايزة أفرح بيها ويا عريسها في الكوشة يعني هي أقل من صفية بت أم هاشم جارتنا ؟
ما أنت شوفت بعينك الفرح اللي كان عاملهولها الواد عبده و كان صارف عليه شئ و شويات
إنتفضت رضوى تقول بإستنكار
:- صفية مين دي اللي بتحطيها قصادي بت بياعة المخلل !
أنا مش مصدقاكي يا أما بقى تجيبي مراد بجلالة قدره للواد عبده بتاع دكان الخردة يا شيخة دة يغور الفرح من وشه .
رمقها المعلم سالم بنظرة متعالية و قال
:- ملكيش حق يا أم رضوى بقى تحطي بنتي أنا المعلم سالم أكبر تاجر مواشي قصاد بت بياعة المخلل إتجنيتي يا ولية
تلعثمت بخوف من أن يغضب عليها و أسرعت قائلة
:- و الله ما أقصد يا معلم أنا بس قصدي نفرحوا بالبت اللي حيلتنا
أمسك سالم بكوب الشاي و أخذ منه رشفة و قال بإبتسامة صفراء
:- لو كنتي عايزة تفرحي بحق و حقيق كنتي تشوفيه و هو بيطلع من جيبه الورقة أم 200 ألف دة أنا قلبي كان هيقف من الفرحة
ثم وضع الكوب على الطاولة أمامه و أكمل
:- و على العموم متقلقيش أنا هقيم التلات ليالي زي ما وعدت و إبقي إفرحي و إتفشخري فيهم براحتك زي ما قالت رضوى .
أنهى كلماته و هو ينظر لإبنته بإبتسامته الصفراء و أكمل
:- المهم بس عايزك تبقي واعية يا حبيبة أبوكي و مش عايز دول يبقوا آخر 200 ألف يديهوملك ، عايزك تبلفيه هيد*كي عنيه فهماني ؟
أخذت تعبث رضوى بخصلاتها الذهبية و هي ترسم أحلاماً وردية بجوار الفتى الوسيم و على وجهها إبتسامة ماكرة و ردت
:- فاهماك يا أبا و لا حد فاهمك أدي و ما تقلقش بكرة تشوف بتك دي بقت حاجة تانية خالص
أومأ لها برأسه قائلا بزهو
:- عفارم عليكي بت أبوكي صحيح ..
ثم نهضت من مكانها و هي تقول
:- أقوم أنا بقى أريحلي ساعتين و إبقى سيبلي الشيك علشان بكرة أروح به البنك
ترك سالم الأرجيلة من يده و هب واقفا و قال
:- هتصرفي الشيك ليه يا بت ما تسيبيهم على بعض ، الفلوس لما تتفك تقل بركتها
ردت رضوى
:- متخافش يا أبا دة أنا هفتح بيهم حساب بإسمي علشان لو عوزت حاجة ما أطلبهاش منه
شعر سالم بالحنق من إبنته فقال
:- إنتِ هبلة يا بت ما لازم تطلبي من جوزك لما تعوزي حاجة
إقتربت منه رضوى و وضعت يدها على كتفه من الخلف و أخذت تسرد له ما يجوب بخاطرها
:- يا ابا إفهمني لازم أحسسه إني مش طمعانة فيه و إن فلوسه دي آخر حاجة نفكر فيها علشان يطمن لي و يعرف إني عيني مليانة ، و أما اجي أطلب منه حاجة بعد كدة ميقولش لأ و ما يشكش في حاجة ، فهمت
نظر لها بجانب عينيه و رُسم على وجهه إبتسامته الصفراء و رد بفخر
:- كنت خايف لا تطلعي خايبة زي أمك ، بس طلعتي شاطرة زي أبوكي
قالها و هو يشير إلى نفسه ثم أخرج الورقة المطوية من جيبه و مدها إليها قائلا
:- خدي يا ست البنات مهرك في إيدك أهو إعملي بيه اللي إنتِ عاوزاه
تناولته من يده و أخذت تنظر فيه بتمعن ثم تحركت إلى غرفتها بمشيتها المتهادية ترسم ما كانت تحلم به دوماً من حياة تختلف كليا عما هي عليه الآن ، تختلف عن حياة الحواري
**********
حورية صغيرة دلفت إلى القصر كفراشة طائرة تنشر السعادة و الجمال أينما وجدت ، صدح صوتها عاليا تنادي على أمها التي ردت عليها من المطبخ فهرولت إليها تتعثر بفستانها الطويل ،
رفعته بتأفف و دخلت إلى أمها و هي تتشمم رائحة الطعام الذكية و قالت
:- الله على روايحك يا جوجو ، ريحة أكلك تدخل القلب مش المعدة
مسحت جميلة دموعها و إبتسمت لها بحنو و قالت
:- حمد لله على سلامتك يا حبيبتي ، طمنيني عملتي إيه في الإمتحان ؟
إلتقطت نور قطعة خيار و قضمتها فض*بتها جميلة على يدها قائلة
:- قولتلك مية مرة متاكليش من غير ما تغسلي إيدك
زمت نور شفتيها بحنق طفولي ثم إتجهت إلى حوض المطبخ و غسلت يديها و عادت إلى أمها تأخذ قطعة من الجزر و هي تجلس بجانبها و تقول
:- بصي يا ماما ما أوعدكيش إني هطلع بإمتياز زي كل سنة بس على الأقل إن شاء الله هطلع بتقدير
رفعت جميلة حاجبها بإستنكار و سألتها
:- و دة من إيه إن شاء الله ؟ إيه اللي إختلف السنة دي يعني ؟
قضمت نور قطعة أخرى من الجزر و قالت
:- يا جوجو السنة الأخيرة دي بتبقى صعبة شوية
ردت جميلة
:- و الله اللي أعرفة إن مفيش حاجة صعبة على اللي بيذاكر
هتفت نور
:- دي مقولة غلط تماما و مش عارفة ليه كل الأمهات حافظينها ، عادي يا ماما ممكن أكون بذاكر و تيجي حاجة مش عارفاها
تن*دت جميلة و قالت
:- و الله يا حبيبتي الكلام دة تقوليه لمراد إنتِ عارفة هو في التعليم ما بيهزرش
تحمحمت نور و هي تتذكر أخيها الذي دوما ما يحسها على الإهتمام بمذاكرتها
:- أبيه مراد دة حبيبي و بعدين يا جوجو أنا ليا عتاب عندك
أكملت جميلة تحضير سلطة الخضراوات و هي تقول
:- عتاب إيه يا روح جوجو
إستقامت نور من على المقعد قليلا و حركته تجاه أمها و جلست عليه ثانيا و قالت
:- هو مش أبيه مراد دة إبنك البكري و المفروض إنتِ كأي أم عظيمة تدوريله على عروسة المستقبل اللي هتشيل إسمه و لا إنتِ مش عايزة تفرحي بعياله و هما بيلعبوا حواليكي و لا إنتِ خايفة تكبري نفسك و لا إيه يا جوجو
إبتسمت جميلة بسخرية و ردت
:- متخافيش يا روح جوجو هو إختار خلاص و خطب كمان و كلها كام يوم و تلاقيه داخل علينا بيها
إنتفضت نور من مكانها تهتف بإستنكار
:- إختارها إمتى و فين و إزاي يخطب من غير ما يقوللي أصلا
تركت جميلة السكين من يدها و قالت بشرود
:- إختارها من زمان يا نور و إحنا مش حاسين بحاجة أتاريه عايش على ذكرى الماضي
ترقرقت الدموع بعيون نور و لأول مرة تشعر بعدم أهميتها عند أخيها فقالت
:- بس أنا أخته و طول عمري بحلم باليوم دة و عمري ما تخيلت إن أنا مش هبقى موجودة و هو بيخطب
شعرت جميلة بالألم على صغيرتها فربتت على كتفها بحنو و قالت تهون عنها
:- أنا أمه أهو و مقاليش غير بعد ما جه من عندهم ، متزعليش من مراد يا نور أنا حاسة إن تصرفه دة مش موزون و في حاجة في دماغه أنا مش فاهماها
كفكفت دموعها بظهر يدها كالأطفال و زينت إبتسامتها الصافية وجهها مجددا و قالت
:- خلاص مش مهم المهم بقى يعملنا فرح كبير علشان ألبس فستان سواريه ، هموت و ألبس فستان سواريه يا ماما
لم تريد جميلة أن تهدم أحلامها الصغيرة و لكنها أيضا لا تريدها تصطدم بالواقع فقالت بهدوء و هي ترتب الكلمات جيدا
:- ما بيتهيأليش هيعمل فرح يا نور و زي ما قولتلك في حاجة في دماغه إحنا مش عارفينها و مش حنعرفها غير لما هو يقرر يقول
دبت نور بقدميها في الأرض بتذمر و هي تهتف
:- لأ بقى دة ظلم ، يعني يجيبلنا واحدة و لا نعرف عنها حاجة و لا شوفناها حتى قبل كدة و تيجي تعيش معانا طب حتى كان عرفنا عليها
لاحت السخرية على وجه جميلة التي قالت بشرود
:- و دي مش أي واحدة دي ربنا وحده اللي يقدر عليها
ثم إلتفتت إلى نور و أكملت بجدية
:- المهم إنتِ ملكيش دعوة بيها خالص ، إتعاملي معاها من بعيد كدة إحنا مش ناقصين يا بنتي
تطلعت لها نور بإستغراب
:- ليه يا ماما بتقولي كدة و لما هي زي ما بتقولي ليه أبيه مراد يتجوزها ؟
نظرت جميلة أمامها و أخذت الأفكار تموج بعقلها
:- و دة اللي هيجنني و يطير برج من مخي ، جربها و داق لاسعتها رايح ليها تاني ليه ؟
قالت نور بتعجب
:- أنا مش فاهمة حاجة ؟
قامت جميلة من جلستها و إتجهت إلى الحوض تغسل يدها ثم وقفت أمام المقود و هي تقول
:- مش لما أفهم أنا الأول تبقي تفهمي إنتي يا مفعوصة ، روحي يلا غيري هدومك دي علشان تتغدي
أومأت لها نور و صعدت إلى غرفتها لتبدل ملابسها تاركة جميلة سابحة في أفكارها ..
********
بقلب ممزق و كرامة مهدورة و خطوات كللتها روح إنتقامية و كبرياء يئن وجعاً من جرح بالماضي لا زال ينزف إلى اليوم ، بالواقع هو ليس جرحا وحيدا ، بل أنها عدة جروح سطحية تحولت إلى ندوب مع مرور السنين ، أما هذا الذي يخص قلبه كان جرحا غائراً لم يستطع أن يُشفى منه إلى الآن .
وقف أمام العمارة و نظر لأعلى ليرى الإضاءة مفتوحة ، فصعد إلى الطابق الثاني و ضغط على الجرس بإلحاح ليُفتح الباب بعصبية تجاهلها مراد و أزاح صديقه بيده و ولج إلى الداخل تاركاً صديقه يبتلع صدمته بهدوء
بعد ثواني أغلق آسر الباب بقوة و أثار النوم مازالت محفورة على وجهه ثم إتجه خلف صديقه الذي إرتمى بجسده على الأريكة و سند رأسه إلى الخلف مغمضاً عينيه مما أثار قلق آسر .
إقترب منه و جلس بجواره يسأله بتوجس
:- إيه اللي حصل يا مراد ؟ حد جراله حاجة
تحفز مراد بجلسته و قال بقلق
:- و إنت عندك معلومات إن حد حيجراله حاجة
مط آسر شفتيه و رد
:- لأ مفيش بس شكلك ما يطمنش
تراخت ملامحه مجددا و هو يتذكر ما حدث اليوم و قال
:- أنا خطبت
نهض آسر من مكانه بغيظ و هتف
:- يعني إنت عارف إني كنت في مأمورية و راجع منها الصبح و جاي تخبط عليا لحد ما فزعتني علشان تقولي إنك خطبت !
ملامح رفيقه الجامدة جعلته يتراجع عما قال و علم أن هناك أمر آخر خلف خطبته تلك فإتجه إلى المطبخ يقول
:- هعمل فنجان قهوة علشان أفوقلك و أفهم بالتفصيل إيه موضوع خطوبتك دة
تحرك مراد من مكانه متجهاً إلى غرفة صديقه قائلا
:- و أنا هدخل أنام شوية على بال ما أنت تشرب فنجان القهوة بتاعك و تفوق
بينما آسر ظل يحدق في أثره بحنق ثم غير وجهته إلى الغرفة المجاورة للتي دخلها صديقه و اغلقها خلفه لعله يستطيع العودة للنوم مجدداً