قَد كان لطيفًا ذو شعر بُنّي وإبتسامة سُرِقت من ثغر نار**وس..
-
على أرجوحة خارِج المقهى جلس بِكتابُه الرومانسي يسرح في صفحاته ويختلس جرعة مُحرمة من الخيال
-
ألقيت نظرة خاطفة عليه بينما أسند باب المقهى بيدي لأخرُج بكوب قهوتي
-
كان ظاهرة غريبة فَمدينتي لا يقرأ فيها الرجال كُتبًا رومانسية..
-
جلست على مقعد مجاور وفتحت حاسوبي لِتبدأ أعمالي، لم يخفي ما يقرأه كعادة الرجال، ف*جال مدينتي لا يقرأون..
-
كان حالمًا حتى أنه لم يلاحظ وجودي بجانبه ثلاث ساعات، فقد غرق في الرواية بلا عودة
-
أنهيت قهوتي وأعدتها سبعًا مررت بجانبه كثيرًا حتى وإن قمت كنت أسأله أن يراقب حاسوبي ليومئ بدون النظر لي، بدون رفع ناظريه عن الرواية..
-
في الصباح التالي كان نائمًا على ظهره على عُشب الحديقة يقرأ شعرًا لِفاروق جويدة لأبتسم له وأجلس على مقعد مقابل لَم يرد الإبتسام حتى!
-
مُنهمكة في عملي وجدته يقف وينظر لي ثُم يبتسم ويجلس بجانبي بهدوء «غَيث» قال وحين نظرت له لأعرف عن نفسي كان غارقًا في كتاب أشعاره
ربما لم يُرد ردًا..
-
لم أهتم حقًا لغيث ولكن لف*ني إختلافه
-
جلوسي في الحديقة أصبح عادة، فهي مجانية و خدمة واي فاي المقهى تصل لها أعرف أنه للعاملين فقط ولكن لدي صديقة تعمل في المقهى..
-
اليوم غيث يقرأ أعمال محمود درويش كاملة ويردد «أحن لخبز أمي» لآخذ حاسوبي وأبتعد، لنقدس حرية و خصوصية حزن الفتى..
_
أظُنه معجب كبير لدرويش فهذه أول مرة أسمع صوته عدة مرات بعد المرة الأولى لنطقه لأسمه، لقد كان دائمًا صامتًا لا تلتقط صوت أنفاسه..
_
كُنت أحاول تذكر تلك الجملة التي سأدلل عليها في عرض المشروع الليلة لأتمتم «لِكُل فعل...» ثُم أزفر بحنق وأعيد الكرة «لِكُل فعل رادع؟...» لأنظر للفراغ وأحاول كتمان دموعي الغاضبة «لِكُل فعل ع**؟...»
أشرد بينما أركز على أظافري كي لا تسقط دموعي التي تصرخ 'أنا فاشلة كبيرة' لِيأتيني رد غيث الذي أغلق كتابه الفرنسي هذه المرة وَقال «لِكُل فعل رد فعل»
_
كالبلهاء أفتح فمي بِمسافة مناسبة لتدخله كوبرا بينما أشرد فيما حدث الآن لِيفيقني صوت غيث الهادئ مرة أخرى
«لِكُل فعل رد فعل، يساويه في الشدة، ويعا**ه في الاتجاه »
وكيف عرف هذا مقولة كارمن صديقتي!
_
«هل تعرف كارمن؟» بتسرع وجدتني أسأله لِينظر لي متبسمًا مستفهمًا بربه ألم يستطيع القول من كارمن مثلًا؟ هل يظن أن الكلام له حدود وأنه إن تحدث معي كثيرًا ستنفد بطارية حديثه لذلك يتحفظ على كلماته؟
«كارمن صاحبة هذه المقولة» دللت له لِيضحك كثيرًا ثُم ينهي ضحكاته وينظر لي متبسمًا بشوشًا «قانون نيوتن الثالث»
_
كان يومي البارحة صعبًا لذلك لم أستطع الذهاب لِلحديقة وقررت أن أرتاح قليلًا
_
في الحديقة يجلس غيث مرتديًا نظارات طبية وتفارق ثغره الإبتسامة اللطيفة نتيجة تركيزه التام على كتاب رجال من المريخ ونساء من الزهرة!
_
كان جميلًا وإن غابت عن محياه الإبتسامة الساحرة
_
كان لغزًا لا أعرف له حلًا فأرهقني، أي رجل يقرأ في وضح النهار بالحديقة
اي رجلٍ يقرأ كِتابًا مُختلفًا يوميًا ولا يبرح حتى ينهيه؟
_
بفضل معلومته قد كان عرضي ناجحًا
بفضل إبتسامته قد كنت-على غير العادة- غير متوترة
_
في يوم جمعة تجرأت وسألته «غيث لم تسأل عن إسمي» ليبتسم ويجيب «كان صباحًا ممطرًا ومياة المطر تعني غيث..»
_
هو لم يخبرني بإسمه حتى قد كان يتمتم..
لم يتحدث لي سوى حين أزعجته همهماتي..
ولم يهتم لوجودي..
_
وقد كان غيثي حممًا بركانية..
_
زينة تريدني أن أحضر حفل عيد مولدها وتُصِر إن لم آتي ستشكوا حياته وتنتحب فوق رأسي لمدة شهران متتاليان، عزيزي القارئ أنا أرتدي ملابسي لأصل لحفل مولدها
لا مجال للفتى الحديدي حتى أن يتحمل نحيب زينة شهران.
_
حفل متواضع في مقهى أحفظه عن ظهر قلب فأنا أجلس أمامه صباحًا أختلس الإنترنت الخاص به، والآن أنا هنا لحفل عيد مولد صديقتي، هل أنا ملعونة بهذا المقهى الذي أحب؟
_
إبتسامة نار**وس ترائت لي
كان هذا بعد حادثة سوء التفاهم بشهران أظُن؟
_
سحب كرسيًا ليجلس بجانبي
_
تمنيت لو إنشقت الارض وأبتلعتني جراء لقاءنا الاخير
_
«حفل جيد،أليس كذلك؟»
هل يسألني أم أن إجابته الآن ستسبب إحراج إضافي لنفسي؟
_
«أظُن ذلك»
أجبته على إستحياء ليبتسم ثغره
_
«أعتذر عن سوء الفهم السابق، أنا غيث وهذه المرة ليست تُمطر»
بأجمل إبتسامة رأتها عيني قدم نفسه
«چينا»
تلجم ل**ني لم استطع قول شئ غير هذا، قد نسيت الأبجدية والحروف واللباقة التي هي أساس عملي وفقط شردت في عينان رُسمتا بذات الفرشة التي رسمت يوسف، إن قطعن النسوة أيديهن لا أدري ما الذي سأفعل الآن
_
«إذا ماذا تعملين چينا يتطلب قانون نيوتن؟»
ذكرني بلحظة حماقتي لابتسم خجلًا وأحاول حث ل**ني الملجمم على الحديث ولكن..
إستغرقني الامر ثلاثون ثانية من التشجيع الداخلي لأنطق أخيرًا
«مسئولة علاقات عامة وأنت؟ »
«مالك هذا المقهى»
_
من هذه اللحظة بدا كُل شئ الحديث ليالٍ طويلة، التعلق، المشاغبة والمكابرة وعدم الإعتراف ما يجب الإعتراف به و... الخذلان.
_
تركني غيث مُعلقة لا أعرف صفتي في حياته
_
تارة لا ينقطع الحديث ولا يمل من إختراع أسبابًا للتحدث وتارة لا اعرف عنه شئ بالأشهر
_
أوقاتًا اشعر أنه واقع لي للنهاية وأوقاتًا أشعر أنه ليس لديه شغف في كإنسان
_
وقتما تسول له نفسه أجده ينظر لتفاصيلي كمن يحفظ عدد شاماتي وإن سالته يردد ٩٩ شامة وقلبي..
_
ثُم يعود شخصًا آخر أشك أنه لاحظ تغيير لون شعري
_
كان يتركتي معلقة فلا أعرف حقًا ماذا يريد مني
_
بعد نقاش يخطئ هو فيه يقلب الموازين ليشعرني بالندم ليالٍ على ذنب لم أقترفه..
_
في لحظة أدركت كل شئ كأني كنت عمياء
_
لقد كان يراني كإحتمالية، يعبث بمشاعري ويتركني ابكي على ما لم أفعل لأنه يريد ذلك.
_
يريد أن يتعلق عقلي به
_
يراني افضل دمية على الأرفف فيشعر بخسارة أن يتركني لغيره وإن كان غيره سيُحسن معاملتي ..
_
القارئ ذو الإبتسامة البريئة الذي ظننته قُتِل حُبًا
_
لا يعرف سوى أن يقتُل قلبًا أحبه..
_
ولم يكُن إختياري صائبًا في الحُكم عليه، فالقارئ أكثر من يتفنن الجرح..
_
في نهاية هذه المذكرات أُعلن أنا چينا، أني قتيلة بأيد غيث ليس فخرًا ولكن غبائًا.
_
وقد كان نار**وس قاتلي.