مُقدّمة
سبارتينا..
مطعمٌ صغير في أحد أركان تلك المدينة الصاخبة، يأتي إليهِ كُلّ مساء ذلك الرّجل الذي ليس مُلكي.. الذي أعرفهُ عن ظهر قلب ولا يعرفني.
أجلسُ في تلكَ الزاوية بحيثُ أراهُ ولا يراني، تلك الزواية المميزة حيثُ تع** عليه الأضواء الخافتة لأراهُ بوضوح.
أتتبعُ عينيهِ الخضراوين وهو يقرأ قائمة الطعام، لا أعلم لماذا يقرأ القائمة فهو يطلُب الطلب ذاتهُ كلّ مرة.
"معكرونة إيطالية"
سأطلبُ مثله.
جميلة هي شفتاهُ المزمومتان تأكلا المعكرونة بكلّ هدوء، جميلة بكلّ ماعلاها من دُهن الطعام، ليتهُ يناديني لأكون منديلاً بين شفتيه.
ساحرٌ هو وزقزقة شوكتهِ فوق الطبق كآلة موسيقية.. كقطعة من الجنة.
أشاهدهُ يقوم بممازحة النادل، وتبادل الضحك وأطراف الحديث، هو دائماً يأكلُ وحده في هذا المكان ولكنهُ دائماً ما يتحدث مع النادل.
كانت مشاهدتي لهُ تُساوي ألف ساعة ممتعة أقضيها مع صديقاتي فالخارج.
كان كالنعمة وكا****ة في الوقت ذاته، يجلبُ لي السعادة ويمكنهُ سلب تلك السعادة في غمضة عين وبكلمة واحدة.
كانت أحاسيسي تجاههُ مُرعبة.
ولكني أكتفي بمشاهدته، كان هذا الجُزء الأفضل من يومي.
أخرجُ من سبارتينا بمعدةٍ فارغة، وثيابٍ ملطخة بالطعام، وبقلبٍ مليء حتى التُخمة.. بالحُب.