حكاية حياة ، الفصل الأول

3115 Words
في إحدي المناطق الراقية ، بمدينة العاشر من رمضان ، بينما كانت السيدة ، سهيلة العارف ، تودع ابنتها مريم للذهاب إلى المدرسة ، كانت تقف السيدة أسماء الصعيدي، هي وابنها حمزة ، أمام العمارة الكبيرة ، منتظرة العمال المكلفين بنقل الأثاث للدور الرابع حيث تسكن السيدة أسماء ، بمجرد أن رأتها سهيلة ، توجهت إليها لترحب بها قائلة ... السلام عليكم ، أكيد حضرتك الساكنة الجديدة ، مع حضرتك سهيلة العارف ، ودي بنتي مريم ، تعالي يامريومة سلمي علي طنط .. تزمرت مريم فهي لا تريد أن تختلط بهذه العائلة ، لأن حمزة لم يعجبها ، لقد كان حمزة طفل بدين ، أسمر الوجه ، بينما كانت مريم فتاة جميلة ببشرة بيضاء وشعر أحمر طويل ، ابتسمت السيدة أسماء ل مريم وقبلتها برفق ثم عرفتها علي حمزة .. دا حمزة ابني عنده عشر سنين ، تقريبا في سنك كدا يا مريم ، انتي عندك كام سنة .. لم تجاوبها مريم لوصول الحافلة ، فاستأذنتها للذهاب وتركت والدتها ترد بالنيابة عنها ... سهيلة ،، مريم بنتي في نفس سن حمزة ، في سنة سادسة ابتدائي ، في المدرسة الدولية للغات .. ابتسمت اسماء ثم قالت دي نفس المدرسة اللي حمزة مقدم فيها ، أن شاء الله يبقوا صحاب .. ابتسمت سهيلة ثم قالت إن شاء الله يا حبيبتي ، عند اذنك أنا بقي علشان ألحق أعمل الفطار لجوزي ... أذنت لها أسماء بالذهاب ، استقلت السيدة سهيلة المصعد ، وصعدت للطابق الرابع ، دخلت شقتها وجدت زوجها محمود المصري ينتظرها غاضبا ، محمود ..اتأخرتي كدا ليه ياسهيلة ، الساعة عدت ثمانية ، كدا هتأخر علي المصنع .. سهيلة باعتذار ..آسفة يا حبيبي والله ، كل الموضوع إن أنا وقفت شوية مع جارتنا الجديدة ، اسمها تقريبا أسماء ، جاية مع ولد شكلها كدا مطلقة أو أرملة الله أعلم ، شكلها طيبة قوي يا حبيبي .. رفع محمود حاجبا ثم قال .. ولحقتي تعرفي منين أنها طيبة يا حبيبتي ، ولا تكونيش فتحتي المندل ولا قريتي الودع ... أنهي حديثه بضحكته الساحرة ، إنه محمود المصري ، رجل في نهاية عقده الرابع ، صاحب مصنع صغير لصناعة الملابس الداخليه ، يعشق سهيلة لحد الجنون ، ملتزم جدا ، هادئ الطباع .. سهيلة بتذمر .. افضل أتكلم وهزر وفي الآخر أتأخر وقول إني السبب ، اتفضل الفطار جاهز .. ضحك محمود وقال .. أيه رأيك لو أخدت أجازة النهاردة وفضلت معاكي ، بقالي كتير مأخدتش إجازة وحاسس إني تعبان شوية .. اقتربت سهيلة منه ثم تحسست جبهته ، وقالت بقلق .. مالك يا حبيبي ، حاسس بأيه ، انت مش سخن. أيه اللي تاعبك قولي .. ابتسم محمود لقلقها عليه ، غمز لها ثم قال .. مش كل التعب عضوي يا جميل فيه تعب عاطفي ، تعب روحي ، صباح السكر يا سكر ، انتي نسيتي ولا أيه .. ض*بته بخفة علي ص*ره ثم قالت .. اه نسيت يا حبيبي ، شوف كدا بقالك قد ايه راكني علي الرف ، وكل ما اكلمك تقولي شغلي والماركة الجديدة واخدة كل وقتي وتفكيري ، وكلام كتير كدا ... كانت تتحدث والضيق ظاهر علي ملامحها ، تذكرت الشهور الماضية ، كل يوم يذهب محمود المصنع في الصباح الباكر ولا يعود إلا الساعة الثالثة فجرا ، لم يذق طعم الراحة ، حتي مريم اشتاقت لرؤيته والتحدث إليه ، كانت والدتها تصبرها وتجد الأعذار لوالدها ، لم تكن تعلم أتصبرها هي ام تصبر نفسها .. أطالت سهيلة ال**ت ، استغرب محمود وتسأل عن سبب شرودها ولكنها لم تجاوبه ، ثم تركته وذهبت إلي غرفتها .. شعرت بالضيق الشديد ، فالبرغم من اشتياقها له ، لا تريد التحدث إليه ، هذا هو طبع الأنثي ، تكاد الموت يفتك بها ، ولا تطلب المساعدة ، صفة العند والكبرياء ، صفة يبغضها معظم الرجال ، ويعشقها قلة قليلة من الرجال محبي الفتاة المتمردة ، وتلك الصفة جعلت محمود يغرم بها ، فبالرغم من عشقها الذي تصرح به عيونها دائما ، قل ما تبوح به شفاها .. أدمعت عيونها من شدة ألمها ، فلا يوجد في الحياة أشد ألما ، من ألم الاشتياق ، لحقها محمود إلي الغرفة ، شاهد دموعها ، أحس بالندم ، ولكن ماذا عليه أن يفعل ، أنه العمل ، لقمة العيش كما يطلق عليه الكثيرين ، يريد أن يؤمن مستقبلها هي ومريم ، فهما إمرأتان لا سند لهما سواه ، حتي والدته امرأة مسنة وتسكن في محافظة أخري .. جلس محمود بجوارها علي الفراش ، أزال دمعتها ، ثم قبل يدها ، وقال متأسفا .. أنا عارف إني قصرت معاكي الفترة اللي فاتت ، بس دا كان غصب عني والله ، تفتكري أن بعذب نفسي في الشغل علشان مين غيرك انت ومريم ، عايز أمن لكم مستقبلكم ، انا مش هفضل عايش لكم طول العمر ، فرق السن بيني وبينك كبير يا سهيلة و.. وضعت سهيلة إصبعها علي فمه ثم قالت .. متكملش يا محمود اوعي تقول كدا ، ربنا يد*ك الصحة وطول العمر وتجوز مريم وتشيل ولادها وتجوزهم كمان .. تهللت أساريره عندما رأي بسمتها، قال لها بمكر طيب شوفي انت بقي احنا لوحدنا والشيطان شاطر ، وانا إجازة النهاردة وبكرة كمان علشان خاطرك يا قمر ، صباحك سكر ولا أيه . ابتسمت بخجل ، صباحك سكر ، تذكرت هذه الجملة التي تغني بها كاظم الساهر ، تذكرت إصرار محمود أن يقولها عندما يريد الاقتراب منها ، حتي لا تفهم مريم شئ .. جاوبته قائلة .. صباحك سكر نسيبهم شوية مع بعض.. أما في الأسفل وصل العمال وتم نقل الاثاث إلي منزل اسماء .. كان يوما شاقا بالنسبة لها ، استغرقته جميعه في التوضيب والفرش ، لم تجد الوقت لإعداد الطعام ، قررت أن تذهب لتحضر طعاما جاهزا ، ولكنها صدمت عندما فتحت الباب ووجدت السيدة سهيلة تكاد أن ترن الجرس ، حاملة حقيبة بها طعام ، ذات رائحة نفاذة .. اهلا بحضرتك مدام سهيلة ، اتفضلي ادخلي .. هتفت بها اسماء بسعادة .. سهيلة .. خليها مرة تانية ، اتفضلي حاجة بسيطة كدا ، اكيد ميتين من الجوع ، وطبعا مش فاضين تعملوا اكل ، انا كنت كدا لما نقلت هنا ، بكرة إن شاء الله هبقي اجي اشرب معاكي القهوة ، تشرفيني يا حبيبتي ، شكرا جدا لذوقك وطيبتك ، أنا فعلا سعيدة بمعرفتك ، أن شاء الله تكون جيرة كويسة وصحبة حلوة .. سهيلة كان دائما تتمني من كل قلبها أن يرزقها الله بجارة علي خلق ولا تعلم لما شعرت أن أسماء ستكون تلك الجارة .. ابتسمت سهيلة ثم قالت .. ان شاء الله ياحبيبتي ، عن اذنك بقي احسن ابو مريم ماسك لي الساعة ولو اتأخرت مش هيحصل كويس .. اتفضلي يا حبيبتي وجزاكي الله خيرا .. أغلقت اسماء الباب ، ثم طرقت الباب علي حمزة .. يلا يا حبيبي الغداء جاهز . قالتها اسماء بسعادة .. خرج حمزة وهو يشتم رائحة الطعام قائلا بسعادة .. أيه الريحة الجميلة دي ، ابقي قولي لي علي المطعم دا علشان أنا هبات عنده كل يوم .. حرك حمزة أحد الكراسي ثم جلس عليه لتناول الطعام . نظرت له والدته وهي تتصنع الحزتدن . ثم قالت وهي تمثل البكاء . بقي كدا يا سي حمزة ، يعني الاكل دا احسن من اكلي شكرا يا سيدي ، شرفت يابيه.. ضحك حمزة بصوته كله علي طريقتها في الحديث ، ابتسمت لسعادته التي تراها بعد زمن كبير من العبوس .. مسحت علي سعره الناعم بحنان وقالت . بال هنا والشفا يا قلبي ، .. تناولوا الطعام بنهم شديد ، لقد كان لذيذ حقا .. انتهوا من فرش المكان ، القي حمزة بنفسه علي الفراش من شدة التعب ، وغفا في نوم عميق. .. في منزل محمود المصري . عادت مريم إلي المنزل في تمام الرابعة ، بعد الانتهاء من درس العلوم . تناولت طعامها ، وجلست مع والدها الذي اشتاقت له بشدة ، ظلوا يتحدثوا تارة ويشاهدوا التلفزيون تارة أخري ، أصبحت الساعة العاشرة ، طلب محمود من مريم الذهاب إلي النوم ، وافقت بعد إصرار كبير منه .. بينما محمود وسهيلة ظلوا يتحدثوا قليلا عن العمل وآخر ما تم به .. محمود . الحمد لله ياسهيلة ، خط الانتاج الجديد ما شاء الله شغال كويس ، يارب يكمل علي كدا ، لو كمل هنتنقل في حته تانية خالص.. سهيلة . ان شاء الله يا حبيبي ، ربنا مش هيضيع تعبك ، يلا بقي نقوم نصلي ركعتين قيام وبعدين ننام ، أصلي تعبانة جدا .. محمود ، يلا بينا .. اشرقت شمس يوم جديد ، وبعثت الامل في قلوب الكثيرين ، من بينهم اسماء تلك السيدة التي جاءت من أعماق الصعيد لتهرب من دائرة النار ، تلك الدائرة التي لم ينجو منها أحد ، كأس لابد أن يتجرعه كل ما كتب عليه أن يكون صعيدي ، عادات بالية راح ضحيتها زوجها الصحفي المعروف احسان الصعيدي ، تذكرت يوم أن وقع صريعا بين يديها نتيجة لض*ب ناري من عائلة حسين النجعاوي ، قررت أن تهرب بوليدها الوحيد حمزة حتي لا يطاله مرض الأخذ بتار والده ، قررت الهرب وترك كل ما تملك من مال وجاه ، فعائلتها من أغني عائلات الصعيد واكثرهم عزوة وتأثيرا وسلطة .. جهزت اسماء نفسها للذهاب مع حمزة الي المدرسة ، خرجت من حجرتها لتوقظ حمزة ، ولكنها وجدته مستيقظا يقرأ ورده اليومي من القرآن ، تلك العادة التي ورثها عن أبيه ، ابتسمت عندما رأته ثم قالت له .. أسماء لو خلصت يا حبيبي يلا علشان نلحق الباص علي وصول .. حمزة .. أنا جاهز يا ماما يلا بينا .. نزلت اسماء وحمزة للاسفل ، فوجدت سهيلة تقف مع مريم في انتظار الحافلة .. صباح الخير .. قالتها اسماء بابتسامة تنير وجهها البشوش .. اهلا بيكو صباح النور ، ازيك يا حمزة .. حمزة .. الحمد لله ازي حضرتك يا طنط .. سهيلة الحمد لله . دي مريم بنتي ياحمزة معاك في نفس المدرسة ، وكمان في نفس سنك يعني يمكن تكونوا في فصل واحد ، ابقي خلي بالك منها .. نظر حمزة ل مريم التي وجدها عابسة لرؤيته ، يعلم أنه سمين وليس حسن الوجه بسبب وزنه الزائد ، يعلم أنها لا تستلطفه لذلك لم يعطيها أي اهتمام ، نظر بعيدا فوجد الحافلة علي وصول ، استأذن ليذهب الي المدرسة ، نظر لوالدته ثم قال يلا يا ماما علشان هنتأخر ، عن إذن حضرتك يا طنط .. تركها وذهب دون أن تأذن له ، اعتذرت أسماء لها وتركتها وذهبت لتستقل الحافلة . وصلوا الي المدرسة ، ذهبت أسماء مع حمزة لمكتب المدير الذي رحب كثيرا بهما ، فهو كان يعلم الأستاذ احسان جيدا ، طلبت منه السيدة أسماء الاعتناء جيدا بحمزة ، وعدها المدير بذلك ، عادت اسماء للمنزل ، بينما تفتح باب شقتها وجدت سهيلة تخرج القمامة ،، ابتسمت لها ثم قالت .. مدام سهيلة ، اتفضلي نشرب القهوة مع بعض .. سهيلة بخجل ، لا تريد أن تخرجها ، وكذلك لا تستطيع أن تذهب إليها ، فزوجها الآن معها ، فلا تستطيع أن تتركه .. همت أن تعتذر ولكن موافقته لها بالذهاب الجمتها وأثارت دهشتها عندما سمعته يقول وهو يقف خلفها محمود ..روحي يا حبيبتي معاها وراي كام حاجة هعملها لحد ما ترجعي .. أنهي حديثه ثم رفع نظره إلي اسماء وقال . نورتي العمارة يا مدام اسماء ، اتشرفت بمعرفتك.. حركت اسماء رأسها ولكنها لم تتحدث ، شعرت سهيلة بوجود خطب ما ، لا تعلم لما شعرت أن محمود واسماء يعرف كل منهما الآخر .. نفضت سهيلة هذه الفكرة عن رأسها . ووافقت علي الذهاب إلي اسماء .. دخلت سهيلة الشقة ، أعجبت كثيرا بذوق أسماء الراقي ، وعلمت أن أسماء من أسرة غنية ، من فخامة الفرش وكثرة التابلوهات الأصلية المعلقة علي الحائط ، ظلت سهيلة تنظر لتلك القطع الفنية النادرة ، تبتسم دون وعي منها ، من شدة جمال تلك اللوحات .. جاءت أسماء من خلفها ثم قالت.. عجبوكي .. سهيلة . جدا ، جدا ، تعرفي أنا خريجة كلية فنون جميلة ، قسم رسم ، برسم لما بيكون عندي وقت فراغ ، بس بقالي كتير مرسمتش ، إنت أكيد عارفة يعني ايه تربية بنت ، وتعليمها ، الاهتمام ب مريم بقي همي الوحيد .. تبسمت اسماء وطلب منها الجلوس ، ثم استأذنتها لعمل القهوة .. بعد دقائق عادت اسماء وهي تحمل كوبين من القهوة والقليل من كيك الشوكولاته التي تبدع في صنعه .. سهيلة ،، ريحة الكيك دا قلبت العمارة ، أنا شمتها الصبح بس مكنتش اعرف فين بالضبط.. ضحكت اسماء بصوتها كله ثم قالت ، أنا ، بلا فخر أشطر واحدة بتعمل كيكات في مصر .. ضحكت سهيلة هي الأخري .. سألت سهيلة أسماء عن عملها ، وعن زوجها ، حاولت أن تعلم الكثير عنها حتي تقرر هل ستكمل في هذه العلاقة أم لا .. تحدثت أسماء عن نفسها وقالت .. أنا اسماء الدجوي مهندسة كهرباء ، من الصعيد اكيد واضح من اللكنة بتاعتي ، أرملة جوزي المرحوم احسان الصعيدي ، كان صحفي في جريدة المساء ، وللأسف حصل ظروف تسببت إن إحنا نسيب الصعيد ونيجي هنا العاشر .. سهيلة بحزن عليها فهي امرأة توفي زوجها ، وتركت منزلها وأتت إلي مكان بعيد لا تعلم عنه شئ .. فطنت أنه من المؤكد أن يكون السبب في تركها منزلها هو الثأر ، الذي تشتهر بها معظم مدن الصعيد .. سألتها سهيلة عن تلك الأسباب التي أرغمتها أن تأتي لبلد غريب وهي شابة لم تتجاوز الخامسة والثلاثون ولكن اسماء أبت أن تخبرها .. فعلاقتهما لم تتوطد بعد .. نظرت سهيلة إلي الساعة فوجدتها الثانية عشر ، استأذنت اسماء لكي تذهب ف مريم كادت أن تصل ولم تبدأ في إعداد الطعام بعد .. أذنت لها أسماء ووعدتها بزيارتها في القريب العاجل .. ظنت سهيلة أن تغضب محمود ولكنه لم يسألها حتي عن سبب تأخرها ، استغربت كثيرا ، لذلك قررت أن تسأله .. محمود ، قالتها سهيلة بجدية للفت انتباهه .. ابتسم لها محمود وقال ، خير يا حبيبي .. سهيلة .. فيك أيه متغير ، وافقت أني اروح لجارتنا الجديدة مع انك كنت دائما ترفض اختلاطي مع السكان ، فيه أيه ها انت تعرفها ولا ايه ، نطراتك لها كدا مش مريحاني ، قلبي بيقولي انك تعرفها ، أو علي الأقل تعرف سألت عنها .. محمود بإعجاب بذكاء سهيلة .. أيوة يا حبيبتي أنا اعرفها ، انا اصلا اللي أجرت لها الشقة هنا ، تعالي اقعدي وانا أحكي لك .. بصي يا ستي خال اسماء دا يكون صاحبي ، كان معايا في الجيش وبقينا صحاب قوي وبنتكلم علي طول ، الحاج راضي بتاع الصعيد فاكراه .. سهيلة تحاول التذكر ،ايوة أيوة افتكرت ، يبقي انت عارف بقي هي هنا ليه ، أحكي بسرعة قبل ما مريم تيجي من المدرسة .. انت عارف الفضول هيقتلني لو معرفتش الحكاية .. ضحك محمود بصوت عالي ثم قال ، عارف ، عارف ، ياستي دي كانت متجوزة بالكاتب السياسي احسان الصعيدي ، اللي اتقتل من ثلاث شهور ، مش عارف هو اتقتل ليه وايه اللي حصل ، بس اللي اعرفه أنه بسبب الثأر ، اسماء خافت علي ابنها حمزة ، طلبت من خالها يدور لها علي بيت في مكان بعيد ، فكلمني ، أنا نصحته يجيبها هنا ، لأن العاشر مدينة جديدة ومش هيخطر علي بالهم أنها هنا ، وكمان انا وانتي هناخد بالنا منها .. أوصي محمود سهيلة بالاهتمام باسماء فهي وصية صديقه له .. وعدته سهيلة بذلك ، تركته سهيلة وذهبت لإعداد الطعام .. وصل حمزة ومريم إلي المنزل ، حاول حمزة التحدث مع مريم ولكنها لم تجبه ، شعر بالحزن والاحراج ، دخل منزله والضيق ظاهر علي وجهه ، سألته والدته عن سبب حزنه ، أخبرها أن مريم هي السبب ، لقد سمعها وهي تتحدث مع صديقاتها عنه بطريقة سيئة ، تحدثت عن وزنه الزائد ، وعن أنها لا تريد التحدث معه ، أخبرها أنه حاول التحدث معها ليسألها عما قالته لاصدقائها ولكنها لم تعطه فرصة ، شعرت والدته باهتزازه وقلة ثقته بنفسه .. ذكرته أسماء بحسبه ونسبه ، طلبت منه أن يثق بنفسه والا يعطي لأحد الفرصة للاستهزاء به ، ولكنها تفاجأت بسؤاله .. حمزة ، اشمعني أنا يا ماما اللي ربنا خلقني طحين كدا ، مع اني مش باكل كتير قوي ، الناس هنا كلهم بيتريقوا عليه ، زمان لما كنا في النجع ، كانوا بيتريقوا عليه بس مش في وشي ، كانوا ببخافوا من جدي احسن يأذيهم ، أما دلوقتي محدش يعرف انا مين ، ف بقوا يأذوني بالنظرات وساعات بالكلام ، أنا شفتهم كذا مرة في المدرسة بيصحكوا عليه يا ماما .. بكي حمزة كثيرا ، لقد شعر بالقهر والذل .. حزنت والدته لما يشعر به حاولت التخفيف عنه فقالت .. أسماء ، يا حبيبي، سبب وزنك الزائد دا خلل في إفراز هرمون الغدة الدرقية ، والخلل دا بيتعالج مع الوقت ، وانا عرفت أن فيه دكتور هنا شاطر قوي هنبقي نحجز عنده وان شاء الله خير ، متقلقش يا حبيبي .. شعرت اسماء بالاسي والشفقة علي حال صغيرها ، لقد ازداد وزنه كثيرا في العامين الآخرين ، ذهبت به الي الطبيب أخبرها أن حمزة يعاني من اضطرابات في الغدة الدرقية ، وأن هذا المرض لا يشفي منه بسهولة .. دعت الله من قلبها أن يشفي صغيرها ، فهو سندها الوحيد في هذه الدنيا بعد وفاة والده ... مرت ايام كثيرة ، توطدت علاقة اسماء وسهيلة ، ولكن مريم ما زالت تشعر بعدم الرغبة في التعامل مع حمزة .. مر عامين وعلاقة حمزة ومريم كما هي ليس بها أي تغيير ، سوي حب دفين ، بذرة حب ألقاها حمزة في قلبه تجاه مريم ، ظللت تكبر بطريقة لم يستوعبها عقله الصغير ، فبالرغم من نصجه المبكر ، لم يستطع أن يفهم أنه منجذب لمريم .. كانت والدته تشعر به فنظراته كان تفضحه مهما حاول أن يخفي إعجابه بها .. أما بالنسبة لمريم فلم يكن في قلبها وعقلها سوي هدف واحد وهو التفوق فقط لا غير .. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ففي يوم من الأيام بينما كانت مريم في طريقها الي المدرسة وقع نظرها علي شاب أقل ما يتصف به الوسامة ، انبهرت به بشدة ، شعرت بالسعادة لمجرد دخوله المدرسة ، علمت لاحقا أنه طالب منقول حديثا ، وأنه يدرس في المرحلة الثانية للثانوية العامة ، أي يكبرها بأربعة أعوام ، كانت مريم تمر بفترة المراهقة فهو الآن تبلغ من العمر اثني عشر عاما ،، كانت تنظر دائما له في فترات الاستراحة وبين الحصص ، كان يلحظ نظراتها ولكن لم يأبه لها ولم يهتم ، . في أحد الأيام، بينما كان طارق يتحدث هو وبعض أصدقائه علي مغامراته مع البنات ، كان طارق شديد الاعجاب بنفسه ، ولكن صديقه خالد كان له رأي آخر .. خالد . بلاش تفتخر قوي يا طارق كلنا عارفين أن سبب اعجاب البنات بيك هو فلوس باباك والعربية اللي بتركبها ، ولازم تتعرف أن كل البنات اللي مصاحبينك ، بنات **ر اي كلام ، مفيش واحدة مجتهدة وشاطرة هترضي تبص لواحد سوري يعني فاشل .. تعصب طارق كثيرا ، وأردف والشرر يتطاير من عيونه ، مش هحاسبك دلوقتي علي اللي إنت قولته ، احنا في البريك أهو ، اختار اي بنت وانا في خلال اسبوعين هكون مصاحبها .. ظل يبحث خالد إلي أن وقعت عيناه علي مريم ، تحدث بتحدي ، أيه رأيك في مريم المصري ، أجمل بنت وأشطر بنت في المدرسة ، مؤدبة ووالدها غني ، فأنت بالنسبة لها مش مغري .. ابتسم طارق بمكر ، شعر بارتياح لاختيار طارق لتلك الفتاة ، ف خالد لا يعلم باعجابها ل طارق .. طارق ، بإصرار كبير ، وأنا قبلت التحدي ، لو انا **بت ، هديتك تليفون نوكيا الجديد .. ولو انت خسرت هتبوس رجلي .. وافق خالد فهذا عرض مغري ، بالنسبة لشخص مثله ، وايضا لتخيله صعوبة أن يلفت طارق نظر تلك الفتاة .. يا تري أيه اللي هيحصل ، ومين اللي هي**ب الرهان ، دا اللي هنعرفه الفصل اللي جاي .. قراءة ممتعة.. دمتم سالمين..
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD