(2) الفصل الثاني

3273 Words
أخذ يتأملها برغبه وهو يُلامس وجهها بكفوف أيديه الخشنة، فرفعت عينيها اليه بسعاده : حلوه اووي الهديه يازين وتمايلت بين ذراعيه بدلال ، لتقبله قبلة هادئه فوق شفتيه فلمعت عين زين ببرود فقد أعتاد علي تلك الطريقه منها... يعطيها الهدايا القيمه لترضي رغباته .. ورغم أنه يعلم بأنها لا تتصنع حبها له وأنها تفعل كل شئ حباً الا ان زواجهم كان بدايه صفقه ليس اكثر (رغبه مقا**ها المال) وهتفت بصدق: بتحسسني ديما إني أكتر ست محظوظة في الدنيا ديه عشان اتجوزتك. ويسمع صوت تنهيداتها وهي تتمايل برأسها علي ص*ره القوي، وتابعت حديثها: كنت بنت بضفاير و أنت كنت لسه ما كملتش العشرين... بتشتغل في المطعم بتاع بابا. ليتهكم وجه زين عندما ذكرت أسم والدها لينطق أخيرا: بلاش نفتكر الماضي يا رحمه. فشعرت سريعا بما يحرق ص*ره، فذكرى والدها تُسبب له كل ما يحمله من ألم قد تناساه ... وأبتعدت عنه بحب: بحبك أوي يا زين، ونفسي تحبني زي مابحبك. وعندما وصل حديثهما لذلك الطريق، تن*د قائلا: رحمه أنا قبل ماأتجوزك.. قولتلك ان الحب مش في قاموس حياتي ، فبلاش تتمني حاجه مش هتحصل ولامس وجهها بهدوء وهو يُكمل : متجرحيش نفسك بأيدك يارحمه .. فهماني حركت رأسها اليه بتفهم .. وهي تشرد بذاكرتها في ذلك اليوم الذي تعارفت فيه عليه ورغم انه لم يعرفها لانها تغيرت تماماً فهو عرفها وهي طفله في الثالثه عشر من عمرها ولكن يوم أن عاد واصبح رجلا يهابه الجميع كانت هي أمرأه مكتمله الانوثه لا ينقصها شئ وهذا هو ما أعجبه بها في احد عروض الأزياء التي كان مدعو اليها من قبل أحد معارفه  .................................................................... أخذت تكتم صوت بكائها بقهر وهي تستمع إلي حديثهما وهما يخططان كيف يذيقوها معني الذل... وتعالت صوت ضحكاتهم إلي أذنيها وهي تسمع زوجة سيدها تُخبر أختها بأن تجعلها تكره الجامعة وتتركها، فكيف لبائسة خادمة مثلها تتساوي معهم. وخرجت زينب من غرفتها تتبعها خطوات أختها منه، ووقفوا يُشاهدونها بأبتسامة تسقط كالسهام علي القلب. وأقتربت منها زينب بشماتة: اللي يفكر يقف قدامي لازم أفعصه، وأزاحت تلك المسكينة من طريقها بقسوة. فأمسكت ليلي ذراعها بتوسل: طب أنا عملتلك إيه يا ست زينب، هو الفقير يقدر يقف قدام حد. ليتهكم وجه زينب قائلة بتأفف: يا دي الشعارات الشريفة اللي عايشه بيها، بت إنتي هتمثلي عليا. وتركتها زينب بملل وهي تغلي بداخلها من مشاعر زوجها نحو تلك الفتاه المُعدمه والتي لا يفهمها ولا يشعر بها أحداً غيرها. فوقفت ليلى تُطالعها وهي لا تعلم لما تكرهها... فكل من في هذا البيت يحبونها ويشفقون عليها حتي الحج ناجي صاحب البيت لتضع "منه" بيدها علي أحد كتفيها قائلة بتهكم: أحسنلك سيبي الشغل هنا يا بنت الخدامة فنزلت الكلمة علي قلبها ناراً، و تمتمت بأسى: يا ريت كان ينفع. وظل يمر شريط ت***ب أخيها لها من أجل جلب المال، وبؤس والدتها المريضة وعلاجها. ف*نهدت ليلي بأسي وأمسكت بمقشتها كي تُكمل كنس باقي الارضيات وهي لا تعلم متى ستنتهي من كل هذا الشقاء، وسريعا ما تذكرت الأية القرأنية التي دوما تواسي بها قلبها. (فاصبر صبرا جميلا، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا) ................................................................... جلس يتناول فطوره ب**ت، ومن حين لأخر يُتابع بعينيه طفله الذي لم يمس طبقه بعدما أخبره بأنه سيتركه في مدرسة داخلية من أجل تأديبه. ليتخيل سليم بأن والده سيتركه من أجل خطيبته التي ستحتل بعد شهران مكانة والدته... وسوف تنجب لأباه أطفالا أخرين يحبهم وينساه... ليترك معلقته بأعين تلمع بها دموع يُتمه ونهض من مقعده مُن**ا برأسه تاركاً حجرة الطعام الواسعه التي لا تضُم أحدا سوي هو و والده وذلك الخادم الذي يقف منتظراً أي أمر أخر من سيده. فترك أياد معلقته وهو يشعر بالذنب من قراره الذي أخبره به منذُ ساعات، والذي تقبله طفله ب**ت ونظرة لا يفهمها أحداً سواه... فهذا مافعله به أيضاً جده عندما توفي والديه وتركوه تحت وصية جده رحمه الله الذي كان مُنشغلا عنه بجمع الأموال. لتعصف به ذكريات طفولته التي لم ينساها يوما .................................................................. لا شيء يوحي بأن**ارك أكثر من عينيك، تلك هي حقيقة الحزن مهما أحتل مكانه كبيره في قلوبنا لا يفضحه سوي عينينا. ظلت تتأمل تلك الرسالة التي أوصاها والدها بأن تقرأها، وبعد ثلاثة أيام العزاء التي قضتهم لا تري شئ حولها سوي صبر وتحمل والدتها ... لكل تلك المصائب التي حلت بهم و ل**نها يبتهل بأسم خالقها. فأخذت تُقرأ بعينيها كل كلمه قد سُطرت بهذا الجواب .. الذي يخبرها فيه والدها بالأموال التي أقترضها من أحد الاشخاص من أجل عملية أخيها، وأن تدعو له دوما بأن يغفر الله له ذنبه الذي كان سيفعله ولولا حكمة خالقه في موت أبنه وأنه ذاق مرارة الوجع لكان الشيطان أوقعه في ذنب لا يُغتفر. فدمعت عيناها وهي لا تعلم كيف لها أن ترد تلك الأموال وترحم والدها من ذنب هذا المال العالق في رقبته. ويسقط بصرها علي اسم أحدهما وتظل تردده بخفوت "هاشم رياض" وتسمع نداء والدتها الحنون: حنين ، حنين فتمسح دموعها سريعا ومن ثم اتجهت إلي والدتها المسكينة التي عندما وجدتها تخفض برأسها أرضا علمت بأن مصيبة أخري قد حُلت عليهم. سعاد بأسي : صاحب البيت عايزنا نخلي الشقه عشان يجوز إبنه فيها، ومدينا مُهله شهر. وتهوي هي بجسدها الضئيل بجانب والدتها في **ت لتربت علي احد أيد والدتها بعد أن تمالكت نفسها. وأحتضنتها والدتها بعدما سمحت لنفسها أخيراً أن تبكي وهي تُتمتم: البلاء صعب أوي يا بنتي، مبقاش حيلتنا حاجه وتحويشت عمرنا صرفناها علي مرض أخوكي. وتبقي كلمات والدتها مُعلقه بأذنيها وهي لا تعلم أهذا بلاء أم اختبار. ................................................................... أخذ يتأمل ارتعاش أيد تلك الفتاه وهي تُسطر بحروف أسمها علي ذلك العقد العرفي الذي ستبيع به شرفها، وتشتري حُرية أخاها. ليقترب منها حاتم بأبتسامة خبيثة وهو يسحب منها القلم والورقه: وكده أخوكي هيطلع ياحلوه. وسحبها من ذراعيها نحو إحدى الغُرف دون أن يترك لها فرصة بأن تقول شيئاً، فوجدته يمسك بأحد الحبال قائلا: اقلعي هدومك ونامي علي السرير.... لتفزع الفتاه خوفاً من كلامه، فيما ضحك هو بقوة : إسمعي كلامي بدل ما انتي عارفه أنا ممكن أعمل إيه. فنظرت إليه هي برجاء وانحنت بجسدها سريعا تتوسله: أرجوك يا حاتم بيه سيبني أروح لحالي، أنا ممكن أعيش خدامة تحت رجليك طول عمري بس الله يخليك بلاش. فيضحك حاتم بنصر وهو يستمع لتوسلاتها، فمنذ أن علم بعجزه كرجلا أصبح نصره بأن يري دموع النساء تحت قدميه... ليرفعها نحوه بغموض: يلا، بدل ما أخوكي يعفن في السجن واتهمه بحاجات تانيه... اسمعي الكلام يا حلوه. وبعدما استخدم قوته جعلها تفعل ما يريد، و أخذ يفترس جسدها العاري برغبة عاجزة ويُحكم من ربط قدميها ...ليلتهم كل إنش من جسدها بعينيه. ثم اقترب منها ليزيل دموعها: بتعيطي يا حلوة، انتي لسه شوفتي حاجه. لترتجف الفتاه من نظراته وتراه يشعل ولاعته الذهبية ويُقرب نيرانها من قدميها وهو يُطالع جسدها.. وتُدرك أخيراً أنها لم تقع سوي بين يدي شخص مريض! ...................................................................... نظر إلي عقود بيع تلك الأرض والمصنع الصغير الذي بقربها وأصبح يملكهم اليوم، فأبتسم بتشفي وهو يُدرك بأنه حقق نصراً أخر على أصحاب القلوب التي لا تعرف الرحمه يوماً.. ليتذكر اسم صاحب هذه الأرض وهو يتمني لو كان مازال حياً ليُريه بأن ذلك الصبي صاحب أربعة عشر عاما الذي كان يحرقه ويض*به كل يوم إذا أخطأ في شيء عندما يأمره بتصليح السيارات. لينتبه لصوت أحدهما يشكره: أنا سعيد جدا إني عرفت حضرتك يا زين بيه، متعرفش قد إيه كنت محتاج الفلوس وماكنش عندي غير الأرض ديه والمصنع الصغير أني أبيعهم، ولولا الحاجة مكنتش بعتهم أبدا، الحاج تعب أوي عشان يشتريهم زمان ووصاني مفرطش فيهم ابداً.. بس أعمل أيه الظروف بتحكم. فأخذ يُحرك زين شفتيه بأبتسامة بسيطة ومد يده ليُصافح الرجل : الحج كان عنده حق إنه ميفرطش فيهم، بس زي ما قولت الحاجة للفلوس بتحكم. فهز الرجل رأسه بتفهم، وحمل حقيبة الأموال بعدما ألقي نظره أخيرة علي أرض والده التي قد تركها له والمصنع الذي كان يوما ورشه صغيره. وذهب ناحية سيارته ليُغادر، فيما ظل زين واقف بجانب سيارته السوداء الفارهه ومازالت نظارته السوداء تُغطي عينيه.. و سار إلى سيارته وهو يتأمل المكان حوله متمتما: الولد الصغير كبر يا حج رأفت واشترى بفلوسه أملاكك عشان تعرف بس إن الفلوس مش بتدوم لحد ليفتح سائقه باب سيارته بعدما أشار له، وتبقي صفعات الماضي هي من تُحرك قلوبنا عندما يموت كل شيء داخلنا. ................................................................... وقف هاشم للحظات يتطلع الي أعين تلك الفتاه التي جذبته فور دخولها حجرة مكتبه و أخذ يهمس داخله: مش معقول ديه بنت الراجل اللي اسمه حمدي. فتخفض حنين وجهها عندما وجدته يُحملق بها بنظراته ليتمالك هاشم نفسه: أفندم يا أنسه، يا ريت تقولي جاية ليه عشان مش فاضي. فرفعت وجهها قليلا وهي لا تعرف بما ستُجيبه... وأخيراً تحدثت: أنا جاية أطلب من حضرتك تديني مُهلة أسدد فيها دين والدي. ليُطالعها هاشم ب**ت وهو يُدرك بأن هذا الرجل لو كان حي الي الان لكان تخلص منه، فكيف يخبر أحداً بما كان سيفعله، فأخذ يُتمتم بغضب وهو يتذكر كيف كان الامر سينكشف عندما سقط أرضا قبل أن يوقع أوراق بضاعة الألبان المُسرطنة ولولا تدخل زين لكان قد ضاع وخسر كل شيء. وينطق أخيرا: فلوس إيه اللي ليا عند والدك؟ لتحملق به حنين: الفلوس اللي ساعدت بها بابا عشان يعمل عملية أخويا،وهو وعدك إنه هيرجعها ليك. طالعها هاشم دون فهم وبعد أن تابعت بحديثها لتشكره عما فعله، أدرك أخيرا أن الرجل لم يخبر ابنته بشيء سوى بأموال قد أخذها **لفه منه فقط. وتظهر ابتسامة واسعة علي وجه هاشم وهو يقترب نحوها: مدام مُصرة تردي فلوس والدك اللي تقريبا نسيتها، وعايزاني أد*كي فرصه .. يبقي نمضي عقد بالمبلغ ولا إيه رأيك يا أنسه فطالعته حنين ب**ت وهي لا تعلم كيف تتصرف، ونظر إليها قائلا بهدوء: ده مجرد ضمان لحقي مش أكتر، ولو مش عايزه تدفعي الفلوس فأنا ياستي مسامح. وترتسم ابتسامة صافية علي شفتيها وهي تظن بأن مازال في نفوس بعض الناس خيراً كما تُحدثها دوما والدتها، فرفعت بوجهها وهي لا تُدرك بأنها قد وقعت في فخ الأفاعي: أنا مــوافــقــة يا هاشم بيه ................................................................... وقف بكل وقار يستقبل خطيبته ووالدها و لأول مرة يشعر بالخجل من تصرفات طفله الطائش فمدّ أياد يده بترحيب : مش عارف أشكرك إزاي يا عبدالرحيم باشا علي قبولك لإعتذاري وضيافتي. ليبتسم عبدالرحيم بمجاملة قد اكتسبها من سنين خبرته، وتقترب سالي بدورها قائلة بود قد تصنعته بصعوبه: سليم طفل صغير يا أياد، ولا إيه يا بابا؟ وتعود الابتسامه إلي وجه عبدالرحيم وهو يشك في حديث ابنته التي كانت تُقلب الدنيا قياماً قبل مجيئهم ولولا معرفتها بأحتياجهم لأموال أياد ومساندته حين تتزوجه لكانت حرقت كل شيء بنيران غضبها... فذلك الطفل اللعين قد دمر حفلتها وجعلها أضحوكة في أعين الجميع. وألتفت بعينيها يميناً ويساراً قائلة بأمل أن يكون ذلك الطفل قد رحل لاي مكان: هو فين سليم حبيبي يا أياد؟ ليُطالعها أياد بسعادة ظناً منه أن سالي تفهمت طفله و أحبته: سليم مُعاقب في أوضته. فظهرت علامة السرور علي وجه سالي فلم تُلاحظها غير حُسنيه التي وقفت بعيداً تُتابع الحديث ب**ت. ............................................................... تأملت ليلي ذلك الفستان بسعاده، وهي لا تُصدق بأنها أخيرا حصلت علي ثوب جديد ضمن أفراد خدم ذلك البيت. ليقترب منها ياسين بعدما لاحظ إنشغال باقي الخدم بهداياهم ليتفرس جسدها بوقاحة لم تُلاحظها يوما، فكل ما تظنه أن هذا الرجل يحمل قلبا رحيماً علي الفقراء ع** زوجته المُتكبرة سليطة ا****ن، لتنتبه ليلي له قائله بأمتنان: شكرا يا ياسين بيه. ليتأملها ياسين بأبتسامة خبيثة لم تفهمها بعد: ده حقكم علينا يا ليلى، المهم الفستان يكون عجبك... ثم تابع قائلا: أنا واثق إنه هيكون عليكي... ويبتر عبارته الو**ة عند دخول والده بهيبته المُعتادة مُستغربا من مُبادرة ولده... فياسين يقف وسط الخدم وفي المطبخ أيضا ويعطيهم الملابس. وأقترب ياسين من والده بأحترام .. ليتنحنح الحج ناجي بخشونة فأنتبه الجميع لوجوده... وتتعالا أصوات الشكر والإمتنان له داعين الله بأن يرزق ولده ياسين الذرية الصالحة. .................................................................. وقف للحظات يتأمل نظرات صديقه الهائمة في تلك السكرتيرة وهو يُمليها بعض المُلاحظات، فلمعت عيناه بشده وهو يري بريق حبهم المخفي عن الجميع ولكن هو لا بد أن يكشفه .. فحاتم الريان المُتخفي تحت قناع الطيبة والرحمة ليس إلا صائد فتيات... فأنتبه طارق لوجوده، أمراً سكرتيرته بالإنصراف سريعا. ليبتسم حاتم مُعلقا: بس البنت حلوه. ثم اتجه ناحية إحدى الأرائك وجلس عليها واضعا ساق فوق أخرى و أخرج سيجارته من علبتها الأنيقة. ليتكلم طارق بتوتر: قصدك إيه يا حاتم فضحك حاتم بخبث وهو يري نيران الغضب علي وجه صديقه، وكاد طارق أن يعلق على حديثه... ولكن أبتسم حاتم سريعاً مُغيرا الموضوع: أخبار الشغل إيه يا صاحبي ................................................................. أخذ ينفث دخان سيجارته وهو يُفكر في تلك الفتاه التي قد أطاحت بعقله بجمالها الهادئ وعيونها ال التي تمزج بين لوني العسلي والاخضر... ليقطع شروده اقتراب زوجته تتلمس بيديها ص*ره العاري لينتفض جسده فزعاً على أثر لمستها ونظر الي هيئتها طويلا ثم تسائل: مالك يا هبه فيكي حاجه لتُطالعه بغرابه وهي لا تعلم كيف ترضيه، فهي تفعل كل ما يطلبه منها...يريدها أنثي مغرية دوماً تتفنن في إظهار جمالها..... وتتأمل معالم وجهه الجامدة: إنت لسه زعلان مني يا هاشم .. أنا عارفه إن طلبات أهلي كتير بس غصب عني.... ليقطع هاشم استرسالها في الحديث الذي اصبح محور حياتهم دوما .. فهي تعتذر عن أفعال والديها .. ثم تعود تطلب منه كما يأمروها..فهو لا يكره أن يُدفق عليها الأموال هي وعائلتها ولكن ما أصبح يكرهه أن زوجته أصبحت لا تختم أي لحظه حب بينهم أو علاقة حميمة ألا بطلب لأهلها وكأنها تُرضيه لتأخذ منه ما تُريد. هاشم : هبه أنا تعبان وعايز أنام .. إطفي النور تصبحي علي خير. ودون أن ينتظر نقاش منها، أعطاها ظهره وهو يُفكر في اللعبة التي أغرته... ويريد أن يتسلي بها فكيف سيترك لعبته بعدما أصبحت تحت رحمته. ................................................................... ظل زين يدور وسط عُماله، وهو يري نظرات الخوف من أعينهم بسبب قدومه المفاجئ .. ليتذكر تلك النظره التي كانت دائما تحتل عينيه عندما كان مثلهم عامل. ووقف فجأة يتأمل السيارات من حوله، حتي لفت نظره شاب يغمره الشحم ومازال مُنبطح علي ظهره أرضاً، فعاد به شريط ذكرياته عندما سافر الي ألمانيا وسط الكثير من الشباب علي إحدى المراكب الغير شرعيه... ليأخذ البحر أناساً لا ذنب لهم سوي أنهم هربوا من الفقر ليسقطوا في حفرة الموت .. ليتبقي منهم ثلاثون فردا من مائتي وكان هو من بينهم هارباً من حياته القديمه باحثا عن حياه أخرى ... ويعود من ذكرياته على صوت مُدير مصنعه الذي ظل مسترسلا في الحديث يحثه علي أن يُلقي نظرة علي القسم الأخر من السيارات التي أعُدت هيكلتها بأحدث التقنيات. ................................................................. أخذ حاتم يرتشف من مشروبه الكحولي والعرق يتناثر علي وجهه بغزاره وهو يُشاهد أجساد الفتيات التي عراهم بالكامل كي يُشبع رغبته في رؤيتهم هكذا... لينتهي ذلك المقطع... فيبحث عن أسطوانة أخري كي يُشاهد برغبة لا تُخمد. ليقاطعه رنين هاتفه لينظر للمتصل قليلا قبل أن يُجيبه متسائلا: إمتى هنكمل فتح المقبره؟ .................................................................. يومان بأكملهم لم يسمع لصغيره صوتاً .. فمنذ أن عاقبه وأخبره بتخليه عنه وتركه في مدرسة داخليه... وصغيره أصبح منعزلا تماماً وهادئ وكأنه ليس سليم ابنه الذي يعلم مدي شقاوته و حركاته. ليسير ناحية غرفة صغيره وهو لا يعلم كيف صدقه بأنه سوف يتركه .. ويمسك مقبض الباب ويفتحه وهو يهتف: إبني الحلو بيعمل إيه؟ فرفع سليم وجهه عن رسوماته ، وترك قلم التلوين سريعا .. واتجه نحو فراشه الصغير ليتمدد عليه ثم غطي نفسه وكأنه يرفض قدوم والده. فأقترب منه أياد قائلا بأسي: زعلان مني عشان بعاقبك، طب ليه أنا مش بزعل لما بتتشاقى؟ فرمى سليم الغطاء و نظر لوالده بألم... ليكمل أياد بحنان: تعرف أنا بحبك أد إيه. ليُحرك سليم رأسه مُعترضاً: إنت مش بتحبني، ماما لو كانت عايشه كانت هتحبني أكتر منك... إنت هتجبلي واحدة تض*بني وتخليني أنام علي الأرض. فأنصدم أياد من حديث طفله فيما تابع هو مُعلنا: أنا مش بحبك يا بابا. فحل ال**ت بينهم للحظات، وأياد لا يعرف كيف لأبنه أن يكرهه لتلك الدرجة... ليسرد سليم قائلا: الست اللي في التليفزيون كانت بتحرق رجل الولد كل يوم عشان مش بيسمع كلامها، وباباه مكنش بيقول حاجه كان بيسيبها تض*به وكان هو كمان بيض*به. ف**ت الدهشة وجهه وهو لا يُصدق بأن صغيره، أصبح يُشاهد تلك المسلسلات التي تحكي عن ت***ب زوجة الأب! لكنه سريعا ما نظر لصغيره وهو يُتمتم: سالي وحشه ومش بتحبني! ................................................................. مُنذ وفاة والدها من أسبوعاً وهي كل يوم تقف أمام تلك النتيجة الورقيه تنظر الي التاريخ الذي يُخبرها بأن وقت خروجهم من ذلك البيت الذي أواهم لسنين قد حان. وتسمع صوت والدتها البائس: مش هتنزلي شغلك ياحنين؟ فتُطالع هي ساعة يدها البسيطة لتري بأن وقت خروجها قد أتي، وأن توبيخ مُديرها لم تعد تتحمله وحتي تفكيرها في ترك تلك الوظيفه كما كانت تفكر من قبل اصبح مُستحيلا، فهي ووالدتها لم يعد ليديهم سوي راتبها ..حتي وظيفة والدها اكتشفت بأنهم قد فصلوه عن عمله في يوم سقوطه علي أرض أحد المواني التي يعمل بها كموظف جمركي، لتتن*د بعمق وهي تُقبل يد والدتها المسكينة: ادعيلي يا ماما فتتابعها دعوات والدتها التي لم يعد بمقدورها سوى الدعاء بأن يستر الله ابنتها قبل أن تترك الدنيا راحلة إلي أحبابها. ................................................................... وقفت بجانبه بسعاده وهي تري الأضواء مسلطه عليهم .. من كل مكان وكيف لا تُصوب عليهم الأضوء وهي زوجة لرجلا تتمناه الكثير ليقترب منهم أحدهم وهو يرحب بهم : اهلا بزين باشا نورت الحفله فيبتسم اليه زين بأبتسامة مُجامله ويلتف الي زوجته التي تعبث بخصلات شعرها ..فيٌحاوطها بيده من خصرها بتملك لتبتسم اليه بهدوء .. وهي تعلم ان كل هذا التملك والحب لا يحدث سوي في عالمهم الخارجي فزين لم ولن يُحبها يوم رغم عشقها له ..................................................................... أخذت تبحث كالمجنونة بين طيات ملابسها عن راتبها الذي أخذته اليوم، لتُحرك رأسها بيأس وهي تعلم أنها لم تضعه سوي في محفظتها الصغيرة... لتعود لمحفظتها التي نفضتها عشرات المرات بيأس ورغم أنها لا تستحق كل هذا فكيف لمحفظه مثلها أن تبتلع خمسمائة جنيهاً لتسمع صوت أخيها صائحا: فين الفلوس يا ليلي؟ فألتفت نحوه بخوف، ونظرات أمها تُراقبها بلا حول و لا قوة لتتن*د الأم بأسى: ربنا يعوض علينا يا بنتي. ليدلف محمود إليهم وعيونه تتأمل الغرفه التي لا تُدل إلا علي الفقر،مُزمجرا بغضب: ضيعتي الفلوس يا فالحه؟ وجذبها سريعاً من حجابها ليجرح ذلك الدبوس اللعين عنقها... وصفعة تلو الأخرى إلى أن سقطت تحت قدميه متوسلة: ارحمني يا محمود حرام عليك، ضاعوا غصب عني.... بينما تُطالعهم والدتهم بيأس وهي غير قادرة بأن تُحرك جسدها، لتنهمر دموعها وهي تصرخ بدعاء لأول مرة: ربنا ينتقم منك يا محمود، سيب أختك حرام عليك. فنفض بذراعيه دون رحمة تلك المسكينة، وصار ناحية والدته ليصرخ بها: بتدعي عليا يا ست إنتي، وجذبها من ذراعها دون رحمه... ومن ثم جرها من فراشها أرضاً... لتشهق ليلي بضعف وهي تري والدتها المشلوله مُنبطحه أرضاً لا تقوي علي الحركه وأخيها يُطالعهما وكأنه شيطاناً قد تلبسه. ................................................................... {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} عندما توفق الشيخ الذي يقف بجواره أمام قبر زوجته عن تلاوة بعض الأيات التي تطيب بها النفس. اقترب منه أياد و أخرج بعض الأموال من جيب سُترته .. ليشكره، فأنصرف الشيخ سريعا داعياً الله له بالصبر. ليُحرر أخيراً دموعه وهو يتأمل قبر زوجته: وحشتيني أوي يا سلوى. وتعصف به رياح الماضي ويتذكر أول لقاء بينهما... فقد كان في العا**ة البرازيليه يُنهي بعض أعماله وهي كانت تتجول في شوارع المدينة بدراجتها .. ليجمعهم القدر بذلك الصدام الذي حدث بين سيارته ودراجتها وأدي ل**ر أحدي ذراعيها .. وتبدأ من هناك قصة حبهم. فحبيبته كانت مثله والديها توفيا في صغرها، وتعيش معا خالها المُغترب مُنذ سنين طويلة...... ليفيق من شروده قائلا بحنين : أنا وسليم بقينا محاتجينك أووي .. وتابع حديثه الذي يخنقه: متزعليش مني يا سلوي عشان فكرت أتجوز سالي، سليم بقي محتاج لأم تراعيه! ................................................................... كان يقف يتطلع بعينيه للاسفل حيث الساحة الواسعة المُهيأة لاستراحة موظفيه، ورغم أنه لا يأتي إلي مقر شركته هذه غير يومان في الأسبوع يطمئن فيهم علي سير العمل،فهو يُحب أن يتواجد في مصانع تصليح السيارات التي يعشقها وكانت سببا في نجاحه... ليتأمل ملامح تلك الجالسة بشرود وترتدي ملابس سوداء دون قصد منه كما أصبح يفعل في الأوان الأخيرة حين يأتي هنا. لينتبه علي صوت أحدهم يُحدثه: زين بيه ..في عقود محتاجه تتمضي من حضرتك. فنزع زين يديه من جيب بنطاله و ألتف ليتأمل الملف الذي ينتظر إمضاءه... في تلك اللحظة رفعت حنين وجهها لأعلي تتأمل كل ركن من أركان ذلك المكان وهي تُفكر في حالها... وموعد تركها لشقتهم وأيضا الأموال التي مضت عليها بشيك من أجل التسديد كما وصاها والدها... قطع شرودها صديقتها : بيقولوا صاحب الشركة هنا، وأشارت بأصبعها للأعلى حيث يقف شخص لا يظهر منه سوي ظهره العريض وتابعت بدعابة: يا سلام يا بت يا حنين لو أتجوز واحد زيه .. ده الحظ يبقي لعب ليا. فأبتسمت حنين بصعوبة لدعابة صديقتها المحببة لقلبها... لتُكمل صديقتها المرحة التي تُدعي خديجة: أيوه كده خلي الشمس تنور، افتحي شبابيك الأمل ياشيخة. فطالعتها حنين بألم، لتعود و تخفض رأسها أرضا وهي لا تقوي أن تُسيطر علي دموعها التي تخفيها عن والدتها: أنا تعبانة أووي يا خديجة. ليعود بعينيه في تلك اللحظة إلى القابعة أمام مشروبها الساخن وقد أنضمت اليها رفيقتها... فتأملها للحظات وهو يُتمتم: إنت إيه اللي بتعمله ده يا زين ويسرع بخطاه بعيدا عن ذلك المكان .. مغادرا الشركة بأكملها *******************.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD