الجزء الثاني (2)

2060 Words
الجزء الثاني - تعددت محاولات رامز للإيقاع بوعد في شباكه والجر بها لمستنقع الفساد الذي أصبح من امهر سباحيه منذ زمن طويل، وحتى يثبت لنفسه أن بنات حواء كلهن سواء ولا يوجد بينهن من تجبره على احترامها وما هن الإ وسيلة للترفية عن أشباه الرجال على شاكلته، غرور تملكه نتيجة لاستهتار بعض الفتيات بأنفسهم والحط من شأنهم لتراميهن تحت أقدامه حتى ينالن شرف مصادقته، فشعر بالكبر يتملك من نفسه وزاد في استحقاره لمشاعرهن، مما جعله يجيد العزف على اوتار قلوبهن لكي يملن إليه، كيف لا وهو ذلك العاشق الذي لا ترفض حبه أمرأة، لكنه وجد وعد مختلفة عن الآخريات اللآتي يسهل أخضاعهن بالقول أو بالفعل ثم يتركهن بعد ذلك محطمين لأشلاء يصعب جمعها، ظل على محاولاته لكنها بائت جميعها بالفشل، فهى لم تكن من شاكلة هؤلاء المستهترات اللآتي يسهل إيقاعهن مهما دق له قلبها، فهى أهون عليها تحطيم ذلك القلب بيدها على أن تجعل تحطيمه على يد لعوب تعلم جيدًا أنه بعد قضاء غرضه منها سيتركها كا خرقة بالية لغيرة ينظف بها قاذوراته، لا هى اكبر واطهر وانقى من ذلك، هى من أعزها الإسلام بعد ذل، هى من جعلها الإسلام كالجوهرة المكنونة وكالملكة المعظمة وحدد لها من يحق مصافحتها واختصرهم على محارمها فقط، هى من جعل الجنة تحت أقدامها، هى الأم الفاضلة، والأخت المحبة، والجدة الحنونة، والزوجة المطيعة، هى من جعل الله راحة الرجل بجوارها ومن لم يكتمل دينه الإ إذا تزوج بها، هى نصف المجتمع وتنجب النصف الآخر وتربيه، هى الطبيبة والمعلمة والمحامية والقاضية والسفيرة والوزيرة والطاهية الشهيرة والموظفة البسيطة هى عاملة النظافة التي تعمل من اجل أن تعيل أبنائها بشرف ولا يعيبها ذلك بل يزيد من قدرها، هى أبنت حواء التي خلقت من ضلع أدم ليكملا بعضهما بعضًا لا ليتعالى عليها ويجعل منها لعبة بين يديه يأخذها وقتما يشاء ويرميها إذا فرغ منها، هذه الدروس تعلمتها جيدًا من والدها منذو صغرها فهو دائمًا ما كان ينمي لديها احساسها بكرامتها وعزة نفسها حتى لا تكون لقمة سائغة في فم من لم يحسن احترامها، تجلدت وعد أمام سيل محاولاته وأتقنت رسم الامبلاة على ملامحها، وادعت الضيق والنفور منه عله يكف عن مضايقتها وملاحقتها، لكنه كان في العناد أستاذ ورئيس قسم، مما زادها إصرار على صده حتى لا تحطم نفسها ويتحطم معها كبريائها وكرامتها وتخسر أهلها التي في سبيل سعادتهم تضحي بالغالي والنفيس وليس فقط حب تعرف نهايته جيدًا. في صباح أحد الأيام وكعادة رامز مؤخرًا شارك وعد جلستها رغمًا عنها في كافية الجامعة، فنظرت له بحنق وأظهرت ضجرها منه، هزت رأسها بضيق وحاولت النهوض من مكانها لتجده يسمك ذراعها ويمنعها من المغادرة وعد بضيق : أنت أزاي تتجرأ وتمسك إيدي أنت إنسان مش محترم سيبها والإ مش هيحصلك طيب رامز بغضب : أحترمي نفسك واتنيلي أقعدي أنا مش هتحايل عليكي عشان أتكلم معاكي أنت مفكره نفسك أيه. على صوت وعد رغمًا عنها : أنا محترمة غصب عنك، وبعدين خلي عندك دم لقتني رفضاك ورفضه كلامك معايا يبقى تسبني في حالي أنت ايه معندكش إحساس. انفجر الغضب بداخله رفع يده لصفعها لكنه تمالك نفسه وهوى بيده على سطح الطاولة: عارفه أنتي غ*ية ومتستهليش اني أقف معاكي وبعدين ايه رفضاك دي ليه هو أنا كنت أتقدمتلك متحلميش كتير احلمي على قدك، أنا اللي غلطان واعتبري دي اخر مرة هكلمك فيها. وعد بغضب : احلم على قدي ليه أنت فاكر نفسك مين ما هو أنت لو راجل كنت عرفت معنى الكلام قبل ما تقولوا. زاد عدد الطلاب الملتفين حولهما عندما ارتفع صوتهما وتدخل آمن الجامعة لأنهاء تلك المعضلة. رامز بشرر يتطاير من عينيه: أنا راجل غصب عنك وأخرسي خالص بدل ما أمد إيدي عليكي. وقفت وعد أمامه بتحدي : وأنا قدامك أهوة اتفضل مد إيدك واض*ب. أغمض رامز عينيه متمالكًا نفسه : أمشي من قدامي بدل ما اقتلك. أحد أفراد الآمن : ياريت أنتم الأتنين تتفضلوا معانا لمكتب عميد الكلية. رامز بغيظ : خلاص مفيش داعي لده كله حصل خير. وعد بتحدي : لأ في داعي وأنا مصره أننا نروح للعميد واقدم شكوة ضدك ولا أنت خايف. رامز بغضب : خايف ...... لأ الكلمة دي شيلتها من قاموسي أتفضلي على العميد واعملي ميت شكوة مش شكوة واحدة. توجهوا جميعًا لمكتب رئيس الجامعة وقدمت وعد شكوى ضده فصل على آثارها اسبوعين من الجامعة، ثم توجه كل واحد إلى وجهته مرة أخرى، بعد فترة هدأت وعد وأحست بتأنيب ضمير، حاولت مرارا وتكرارا أن تخمد صوت ضميرها لكنها فشلت وشعرت بوجعًا كبير يسكن قلبها، وعجزت عن ممارسة روتين حياتها، لاحظت والدتها التغير الذي طرأ عليها **تها وشرودها ولمعت الحزن بعينيها وكأنها على وشك البكاء، فأنفردت بها في غرفتها لكي تعلم منها ما ألما بها وأحزنها بهذا الشكل. إلهام : قوليلي بقى يا حبيبتي مالك فيكي أيه. وعد بحزن : زعلانه شوية يا ماما. إلهام : بعد الشر عنك من الزعل والحزن يا قلبي أحكيلي يا حبيبتي مالك أيه مزعلك. وعد : حاضر يا ماما هقولك على كل حاجة عشان تساعديني أخد القرار الصح. إلهام : الظاهر الموضوع كبير قوي قلقتيني أتكلمي. وعد : من ناحية كبير فهو كبير الحكاية بدأت لما زميل ليا حاول يقرب مني. قصت وعد لوالدتها من اول محاولة تقرب رامز لها إلى فصله اسبوعين من الجامعة. إلهام : بس أنني كدا مغلطيش يا وعد بالع** أنتي عملتي الصح والإ الولد ده كان هيفتكرك ضعيفة ويسوق فيها. وعد : بجد يا ماما يعني أنا كدا مأذتوش. إلهام: لأ يا حبيبتي هو اللي أذى نفسه بنفسه بتعرضه ليكي ومخافش على سمعتك، هو لو ليه أخت كان رضي عليها كدا، شيليه من دماغك خالص ومتفكريش فيه ولو اتعرضلك تاني لازم تعرفيني عشان أنا المرة دي مش هسكت ماشي يا قلبي. وعد بابتسامة: ماشي يا أحلى واحن ماما. قبلت إلهام جبين وعد : ربنا يخليكم ليا انتي واختك وميحرمنيش منكم يارب. قبلت وعد يد والدتها : ويخليكي لينا وميحرمناش منك يا ماما. في منزل رامز يجلس على فراشه بداخل غرفته غضب عظيم يجتاحه بركان ثائر يتفاقم بداخله يتمنى احراق وعد بحممه الملتهبة، لأول مرة بحياته يفصل من دراسته وهى المتسببة في ذلك لن يصفح عنها سيذيقها مر ما اسقته سيجعلها تتذلل له أن يسامحها ويعفو عنها، كور قبضت يده بضيق ولكم بها الحائط بجواره وهو يتخيلها وجه وعد، دخلت عليه والدته لتجده بتلك الحالة، استغربت كثيرًا فمنذ عودته من جامعته وهو منذوي بغرفته حتى الطعام رفض تناوله، جاورته في جلسته ومسدت على ذراعه بحنو. علية: مالك يا حبيبي فيك إيه. رامز بضيق: مفيش يا ماما أنا كويس. علية : يعني أنا مش عرفاك وعارفه كمان لما حاجة بتضايقك بترفض الأكل فين هزارك ومرحك وشقاوتك اللي بتملى علينا البيت. أغمض رامز عينيه : صدقيني يا حبيبتي مفيش حاجة مهمة أنا بس أتخانقت مع واحد صحبي. حاوطت علية كتفيه بإحدى ذراعيها : شكله عزيز عليك صحبك ده عشان كده متعكنن وزعلان صح. شرد رامز في كلام والدته للحظات ثم نظر لها ينفي صحة ما قالته : لأ يا ماما أنا مبكرهش حد زي ما بكرهه. علية : ممممم ماشي هعمل نفسي مصدقاك، ممكن تيجي بقى عشان ناكل مع بعض لأني متغدتش وميته من الجوع. رامز : أنتي لسه متغدتيش لحد دلوقتي ؟ علية : وانت تعرف أني ممكن أكل واشرب عادي كدا وأنت زعلان وحارم نفسك من الأكل. رامز : يا حبيبتي انتي عندك السكر يعني غلط عليكي تقعدي لدلوقتي من غير أكل. جاء والده أيضًا : قول ليها يا رامز فضلت اتحايل عليها ورفضت تقول عمري ما أكل وابني زعلان وحارم نفسه من الأكل. وقف رامز احترامًا لولده : أنا أسف يا بابا أنا لو أعرف أنها مش هتاكل كنت خرجت وأتغديت معاكم. وجه طاهر حديثه لزوجته: ممكن تسبيني مع رامز شوية يا علية. علية : ماشي يا أبو رامز أنا هروح أجهز الأكل لينا كلنا، خلي بالك يا رامز أبوك مرضيش يأكل بردو عشان متلمونيش لوحدي. أنزل رامز رأسه بحرج : أنا أسف ليكم مش هعملها تاني. غادرت علية لغرفة أعداد الطعام وتركت زوجها ينفرد بأبنها لعله يسبر اغواره ليعرف ما ألما به في الفترة الأخيرة. جلس طاهر على الأريكة وأشار لرامز بالجلوس بجواره. طاهر مسبحًا على سبحته بهدوء : قولي يا حبيبي مالك فيك أيه. رامز بتحفظ: مفيش حاجة يا بابا أنا بس متوتر شوية عشان نتيجة نص السنة لسه مظهرتش وكنت عايز أطمن على نتيجتي. تطلع طاهر له بنظرة عميقة : وأنت من أمتى النتيجة بتوترك أنت مشاء الله كل سنة بتطلع من الخمسة الأوائل. رامز بكذب : ما هو عشان دي آخر سنة كنت عايز أطمن. طاهر : من أمتى بتكذب عليا يا رامز أنت اللي ملخبط حالك كدا مش خوفك من النتيجة والدتك قالتلي أنك أهملت في صلاتك وبتسهر تكلم بنات في التليفون دا غير احوالك الملخبطة، ازاي ده يحصل فين خوفك من ربنا أيه اللي غير حالك يا أبني أنت طول عمرك قدوة ومثل أعلى. أنزل رامز رأسه بخزي : عندك حق يا بابا أنا أسف أن شاء الله ترجع زي الأول وأحسن وصلاتي نحافظ عليها. طاهر : متتأسفش ليا أسفك وندمك يبقى لربنا ولأخر مرة هقولك لو المشكلة اللي حصلالك بسبب بنت فأنا بقولك بلاش يا حبيبي أتقي الله في أي بنت تقا**ها وتخيلها كدا لو أختك الله يرحمها لسه عايشه كنت هتقبل عليها اللي أنت بتعمله. رفع رامز رأسه لوالده ولاح الحزن في عينيه : الله يرحمها، بس حقيقي يا بابا مفيش أي مشكلة أنا بس زي ما قلت لحضرتك قبل كدا. طاهر : ماشي يا رامز هصدقك بس بتمني لو في مشكلة أعرفها منك افضل ما أعرفها من الغريب لأن ساعتها عقابي ليك هيكون في بعدي عنك ومش هكلمك تاني مهما يحصل فاهم يا حبيبي. رامز : حاضر يا بابا أنا عمري ما خبيت على حضرتك حاجة ولا هخبي أن شاء الله. علية من خارج الغرفة: يلا يا حبايب قلبي أنا خلاص حطيت الأكل على السفرة. أمسك طاهر ذراع رامز يدفعه أمامه بمزاح : يلا يا خويا أنت وامك موتوني من الجوع النهاردة. توقف رامز أمام أبيه: ماشي يا بابا ثواني بس هلبس جاكت البيجامة وجاي ورى حضرتك أنا كمان جوعت قوي. أغمض رامز عينيه بأمتنان وحمد الله على أنه منحه تلك العائلة المحبة التي أخرجته من ضيقة دون أن يشعر، وجاس يتناول طعامه وسطهم في جو ملئه الحب والأهتمام والخوف. في إحدى الابراج السكنية الحديثة شاهقة الأرتفاع حيث تسكن رغد وهى أبنة عم وعد وتماثلها في العمر، فتاة جميلة رقيقة أكثر ما يميزها عيناها الزيتونية وشعرها البني المموج وبرغم جمالها الصارخ وغنى والدها المميز الإ أنها تكن مشاعر غيرة لوعد دون سبب مبرر غير أن وعد ذو اخلاق نبيله تجبر الجميع على حبها واحترامها، رغد مدللة أبيها تسكن مع عائلتها في شقة دوبل** تطل على النيل مباشرةٍ يوفر والدها لها ولشقيقها الذي يكبرها بخمسة أعوام كل سبل الراحة والرفاهية، يمتلك والدها شركة محاسبة كبيرة تدر عليه الكثير من الأموال، علاقة رغد بوعد شبه معدومة قد حددتها والدتها نيهال هانم سليلة الحسب سابقًا والتي يمتد نسبها للأتراك ترى أن إلهام وبنتيها دون مستواهم ولا يصح أن تربطهم بهم علاقة مباشرة حتى عزيز التاجي زوجها وعم رغد امتثل لاوامرها فهو لم يرى بنات أخيه منذو وفاة والدهما من عامين، ولم تحاول إلهام وبناتها التقرب من عائلة اخو زوجها فهى تعرف نتيجة هذا القرب جيدًا فوفرت على نفسهم الاحراج والشعور بالدونية من ناحيتهم. دخلت نيهال على أبنتها وهى نائمة جلست بجوارها وداعبت خصلات شعرها بحنو. نيهال : رورو حبيبتي فوقي يلا. تململت رغد بضيق : أيه يا مامي بتصحيني ليه أنا نايمة متأخر ومش هقدر اقوم دلوقتي. نيهال : أنتي نسيتي أننا هنخرج نعمل شوبنج وبعدين نروح نتغدى في النادي. أنتفضت رغد من نومتها : أيه هو الشوبنج النهاردة دا أنا نسيت خالص اديني خمس دقايق واكون جاهزة. نيهال : أوكية يا قمر أنا كمان هروح عشان أجهز بس خلصي بسرعة. رغد : حاضر دا يوم الشوبنج يا مامي يعني مش محتاجه كلام روحي أنتي بس البسي. خرجت نيهال تعد نفسها للخروج وبعد وقت ليس بقصير كانتا الاثنتان تتفتلان في أحدى المولات الكبيرة المختصة في بيع الماركات العالمية ينتقيان ما طاب لهما ليزيدا به تخمة خزانة ملابسهما، متناسيتان أن هناك ابطن تبات تأن من توحش الجوع بداخلها ويمكن بثمن قطعة واحدة مما يبتعانها تسد بها رمق عائلات لأيام، لكن هناك بشر غفلوا والهتهم الدنيا عن هؤلاء المساكين الذين أوصانا بهم الله في محكم آياته وسنة رسوله وتناسوا أن الحياة ما هى الإ دار فناء نحن عليها ضيوف وخير الضيوف من أعد زاده جيدًا للرحيل وحصن نفسه بالعمل الطيب ونهل من تقوى الله استعدادً لملاقاته في أي وقت. وقفت رغد في إحدى المحال التجارية تنتقي بضع قطع ملابس وهناك زوج من العيون ترصدها بضيق غير راضية عن افعالها، أقتربت من صاحب تلك العيون البنية المتابعة لها، نظرت له بتأفف كي تشعره بدونيته وان محادثتها له تزيد من قيمته، لكنها تفاجأت به يبادلها النظرات بأخرى محقرة من شأنها نظرات تعريها وتظهر حقيقتها وأنها بدون تلك الأموال لا قيمة لها على الاطلاق. رغد وهى تشير له بضيق : أنت ممكن تشوف ليا اسعار دول وياريت بسرعة عشان أنا مش فاضيه ومخنوقة. مراد بضجر من اسلوبها : من غير خانقة الحكاية مش نقصاكي. أحست رغد بنبرة سخرية في حديثه فتجهمت مشاعرها : أنت بتتكلم معايا كدا أزاي وايه الاسلوب ده. واصل مراد عمله بتسعير الملابس على الحاسب أمامه ولم يكترث لغضبها أو يعيرها أهتمامًا.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD