مما زاد الغضب بداخلها فانفجرت به معنفه إياه بحدة.
رغد : أنت بتتجاهلني يا بتاع أنت مش بكلمك ترد عليا أنت مين أنت عشان متردش عليا.
قست نظرات مراد : ياريت تحترمي نفسك وتحترمي المكان اللي أنتي واقفه فيه وتوطي صوتك مفهوم.
على صوت رغد بحدة : لااا أنت أكيد أتجننت فين صاحب المحل ده ولا المدير بتاعه أنا لازم أخليه يرفدك.
أمسك مراد بالملابس بعد أن وضعها بحقيبة ورقية تحمل إسم المتجر والقاها على المكتب أمامه بضيق : وأنتي فكرك أن تهديدك ده هيهمني مكتب المدير من هنا اطلعي على السلم ده هتلاقيه أخر الطرقة.
استشاطت رغد بغضب اكثر : أنا مش هطلع لحد لازم هو يجيلي أنا رغد التاجي عارف يعني ايه.
مراد بل**ن يقطر سخرية : حقيقي معرفش أصلهم لسه مكتبوش عنك في كتب التاريخ ولا موسوعة جينيس.
صرخت رغد منادية على صاحب المتجر : أنا عايزه المسؤول هنا مش معقول سايبين واحد حقير زي ده يبهدل في عملا المحل بالشكل ده.
اشتدت نظرات مراد حدة وامسك مع**ها بقوة دبت الرعب في نفسها : لو في حقير فهو انتي مش معنى أن ربنا مد*كي شوية فلوس تتنمردي بيها على الناس أنتي مين أنتي لازمتك أيه في الحياة كل الحكاية واحدة تافه بتبعزق في فلوس أبوها يمين وشمال.
في ذلك الوقت نزل صاحب المتجر رجل خمسيني يبدو عليه التقدم في العمر من يراه يعطيه عمرًا أضافيًا فوق عمره، وجاءت نيهال من خارج المتجر فهى تركت رغد تبتاع ما تريده وذهبت هى لتبتاع احتياجاتها من متجر آخر.
عبدالحميد : أيه يا مراد يا بني في أيه.
رغد بحدة : في أن الموظف بتاعك قليل الادب ومش محترم.
مراد بغضب : أحترمي نفسك أنتي بنت ومش عايز أمد إيدي عليكي قسمًا بالله لو راجل واقف مكانك كان زماني دفنته.
نيهال بغضب : أنت أتجننت ازاي تكلم بنتي كدا أنت مش عارف انت بتكلم مين.
مراد بثقة : لأ مش عارف وحتى لو عارف فا ده ميديش بنت حضرتك حق انها تهني وانا اسكت ليها دا لو كان مين مش هسكت له.
عبدالحميد منهيا ذالك الصراع: مراد أنسان ذوق ومحترم وعشرة معايا بقاله أكتر من سبع سنين من أيام ما كان في ثانوي، مبيغلطش في حد من غير سبب والظاهر أن بنت حضرتك يا مدام هى اللي استفزته لو مش عجبكم تعامله ممكن تسيبوا الحاجة وتمشوا عادي جدا مفيش مشكلة.
استشاطت نيهال غضبًا وهى تسحب رغد من ذراعها إلى خارج المتجر بعد أن رمت الحقيبة أرضا
_ يلا بينا يا رغد أن ما خليت باباكي يقفل المحل ده مبقاش أنا نيهال شر**.
سارت رغد بغيظ خلف والدتها وهى تطالع مراد بنظرات بغض حارقة، كتف مراد يديه أمام ص*رة وهو يرميها بنظرات سخرية متشافية تحط من قيمتها.
اسبوعان خمسة عشر يوما مروا عليها وهى تتلمس حضوره لا تعلم ماهية الشعور الذي يراودها لكن الألم والحزن يسيطران عليها بطريقة افقدتها صوابها إحساس بالذنب تملكها وبرغم تأكيد والدتها أن ما فعلته هو الصواب الإ أن صوت ضميرها أصبح يؤنبها في كل صحوها حتى منامها تحول لكوابيس نغصت حياتها، شعرت بها فرح صديقتها الوحيدة بالجامعة وراحت تهون عليها بعذوب كلماتها لكن مذاق العلقم الذي تذوقته منذ فصل بسببها أبى أن يشعرها براحة، جلست مع فرح ذات يوم في الكافية.
فرح : يا بنتي هو يستاهل اللي عملتيه فيه عارفه أنا لو مكنتش غايبه عشان عيانه كنت مسكته ف*جت عليه الجامعة كلها.
وعد : أنتي بتقولي أيه يا فرح حرام عليكي انتي عايزه اللي ما يشتري يتف*ج علينا.
فرح : ما هو اللي قليل الأدب يمسك إيدك أزاي.
وعد : ما هو ده اللي ضايقني واصريت اني اقدم شكوى عشان يلتزم حدوده.
فرح : طيب مالك بقى مصدعاني في الراحة وفي الجاية حاسه بذنب حاسه بذنب، ريحي نفسك وهدي ضميرك بقى أنتي مغلتطيش.
وعد : أااااه..... مش عارفه اقولك ايه بس الاحساس بالظلم وحش قوي يا فرح واحساسك أني ظلمت حد صعب جدًا مش قادره اتحمله.
فرح : هو اللي ظلم نفسه مش أنتي كبري دماغك بقى.
وعد بقلة حيلة : ماشي هكبر دماغي وامري لله، يلا قومي هاتي لينا نسكافية اصل مصدعة قوي.
فرح : يادي النسكافية هو أدمان.
وعد : أكتر من الادمان بشويه يلا بقى قومي.
غادرت فرح لجلب المشروب وتركت وعد تعيد حساباتها للمرة المليون، انخلع قلبها عندما رأت رامز يأتي من بعيد برفقة أحدهم، أعصار عصف بها وتركها تتخبط في ظلماتها وطارت منها كل الكلمات التي كانت تعدها من أجل الحديث معه، وقف رامز يطالعها بنظرات قوية تخبرها أنه مازال قويًا ولن ينحني لعقابها، ارتباك سيطر عليها لملمت اشيائها وهمت من أمامه مسرعة قبل أن تفضحها عينيها الناطقة بأحساسها بالذنب تجاهه، أسرعت تهم الخطى بعيدًا عنه، لكنها تسمرت بمكانها بعد أن استمعت لأسمها يخرج من بين شفتيه بقوة، استدارت تواجهه فلا مفر من الهروب، المواجهة الأن خير ما ستفعله لكي يتوقف ضميرها عن تقريعها بسببه.
قبضت وعد على ذراع حقيبتها ونطقت بقوة : افندم.
رامز بوعيد: اوعي تفتكري أن اللي حصل ده هيعدي بالساهل عقابي ليكي هيكون قاسي قوي.
نظرت له وعد بقوة لا تعلم من أين اتتها: بص يا رامز من غير تهديد عشان أنا مش ضعيفة بالع** أنا قوية قوي وسلاحي هو إيماني بربنا أنه عمره ما هيخذلني ولا يضيعني.
سلط رامز أنظاره القوية عليها يحاول سبر أغوارها، وسؤال واحد تردد بداخله من تكون أهى تلك الفتاة التي ظنها ضعيفة سهلة الأصطياد أم أنها الفتاة التي تقف الأن تجابهه بقوة، حالة من ال**ت سيطرت عليه وتركته يستمع لباقي حديثها.
اكملت وعد بحذر : أنا وبرغم اقتناعي أنك غلطان وتستاهل اللي جرالك بس أنا مبحبش حد يتأذي بسببي مهما يكون أذاني، ضميري أنبني بما فيه الكفاية بعد اللي حصلك، أنا أسفة أني أذيتك بس غصب عني دي اول مرة حد يتطاول عليا ويمسك إيدي عشان كدا أعصابي فلتت مني ومقدرتش ألجم غضبي، ياريت تقبل أعتذاري وتتفهم موقفي وخلينا كل واحد يكون في حاله وملكش دعوة بيا وياريت تنسى اللي حصل وتنساني زي ما هعمل انا كمان.
شعور بالراحة تملك من رامز وكأن أحدهم سكب دلو ماء على النار بداخله فأنطفات، عجيبة هى تلك البسيطة الفاتنة التي ينظر لها الأن أبدلت شعوره ١٨٠ درجة بلحظات جعلت أحساسه من ناحيتها يتحول من الكره الى بوادر إعجاب وربما بذور حب على وشك النمو بداخله، لمعت عينيه ببريق جذاب جعل اخر خيوط المقاومة عند وعد تتقطع ويخر قلبها صريعًا في حبه رغمًا عنها .
اقترب رامز بحذر ورغمًا عنه نطق بكلمات أسفه لها : أنا أسف ...... سامحيني .
ثم فر من أمامها قبل أن يخر أرضا يقبل يدها ويطلب مسامحتها الجبرية ويعترف بوقوعه في حبها ويو** به لآخر حياته، ولاول مرة في حياته تغلبه فتاة وتجعله يتلجم أمامها ولا يعلم ل**نه المدرب جيدًا على انتقاء اجمل عبارات الغزل ما يتفوه به في حضرتها، لما هى صعبة هكذا ولم تكن كاسبيقتها ممن وقعن في اسره بمعسول كلماته.
وقفت وعد تنظر في أثره وقلبها يرقص بداخلها فرحًا على تفهمه موقفها وطلبه السماح منها، انتزعت من شرودها على يد تربت على كتفها.
فرح : خلاص كدا أرتحتي أهو اتأسفلك واتأسفتيله، روقي بالك بقى وريحي ضميرك.
أبتسمت وعد لها : الحمدلله عدت على خير يلا بينا نروح محاضرتنا بقى كدا خلاص معدش في حاجة تنغص عليا حياتي.
جالس بداخل قاعة المحاضرات يحضر جسد فقط اما عقله فقد أبى أن يحضر معه وبقى هناك حيث تقف تلك البريئة، يعيد استرجاع تلك الدقائق التي جمعته بها، لم ينتبه لصوت الماحضر وهو يصدح بأسمه حتى لكزه برفق زميل له يجلس بجواره فأنتبه وانتصب واقفًا.
رامز : نعم يا دكتور،
الدكتور : أيه يا رامز سرحان في أيه مش كفاية المدة اللي غبتها جاي تسرح هنا كمان .
رامز : أسف يا دكتور .
الدكتور : لا أسف لوحدها متنفعش أتفضل اشرح اللي كنت بقوله .
وبرغم شروده الإ أنه استطاع أن يبهر الدكتور باستفاضته في شرح درس اليوم، ابدى الدكتور إعجابه الشديد بذكائه الذي لا يستهان به.
الدكتور : برغم أنك كنت سرحان بس ابدعت في شرحك لدرس النهاردة .
رامز بتأدب : أنا قريت كتاب حضرتك كله وذاكرته كويس لدرجة أني ممكن اسمعه لحضرتك دلوقتي.
الدكتور : براڤو أنت مثال الطالب المجتهد اتفضل أقعد، بس ياريت متسرحش تاني مفهوم .
أمئ رامز برأسه : حاضر يا دكتور .
عادت لمنزلها كحورية من حوريات السماء تحلق في أرض العاشقين بسعادة بالغة، كيف لا وهو تفهم موقفها وسامحها وسامحته لا ضغينة بينهما، فتحت لها والدتها الباب بعد أن دقته بإيقاع موسيقي، تعجبت إلهام من حالتها، عاجلتها وعد بقبلة خاطفة على أحد وجنتيها وهى تحييها بفرح .
وعد : مساء الخير والسعادة على احلى ماما في الدنيا كلها .
شكت إلهام بتصرفات أبنتها : مالك يا حبيبتي انتي سخنة ولا في حب خبط على بابك .
ارتبكت وعد من تصريح والدتها : هه حب أيه بس يا ماما أنا معنديش وقت للكلام الفاضي ده دلوقتي .
إلهام محذره إياها: وحتى لو عندك يا قلب أمك الحب يبقى لخطيبك اللي هيكون جوزك أن شاء الله فاهمة .
وعد بابتسامة خجلة : حاضر يا ماما أنا عارفه ده كويس متخافيش .
إلهام : كويس ادخلي غيري هدومك بسرعة يلا أصل المفجوعة الصغيرة ممكن تاكلنا واحنا واقفين دلوقتي .
قهقت وعد على تشبيه والدتها : هههههههه دا على أساس أن أنا المفجوعة الكبيرة يعني ماشي يا ست ماما اديني خمس ثواني وجاية بسرعة .
صدح صوت نور المليئ بالطعام من داخل غرفة إعداد الطعام: يلا بقى يا ماما هموت من الجوع .
إلهام : يا بنتي اصبري خمس دقائق هو ألاكل اللي بتاكليه ده كله بيروح فين دا أنتي بتاكلي كل ساعة وياريت باين عليكي .
ضحكت وعد على مشاغبة نور في والدتهما ثم توجهت لغرفتها وتركتها لمشا**تهما التي أعتادت عليها بل وعشقتها.
خرجت نور من الغرفة وهى تمسك بيدها قطعة خبز تقضم منها : أيه يا ماما مش في ثانوي وبذاكر هو محدش قالك أن الثانوي ده جهاد في سبيل الله والوطن .
إلهام بيأس : وهو الثانوي جهاد في الأكل بس الأ ما شوفتك ماسكه كتاب من غير ما أكون قاعدة على نفسك ياختي لما هديتي حيلي .
نور بفم مليئ بالطعام: أصل بصراحة نفسي مش بتتفتح على المذاكرة غير وأنتي جنبي يا لولو يا جميل أنت يا قمر .
إلهام : أنتي نفسك مش مفتوحة لحاجة غير الأكل أصلاً، ادخلي قدامي نغرف الأكل لغاية أختك ما تطلع من اوضتها .
نور بخبث : ماشي يا لولو اللا قوليلي أنتي عمله لينا أكل أيه النهاردة .
إلهام: كشري مصري يا آخرة صبري عندك مانع .
قفزت نور أمام والدتها عدة قفزات تنم عن سعادتها : أخيرًا عملتيه يا لولو دا أنا كنت هموت واكله وأنتي منعاني أشتريه من بره .
إلهام : أهو أنا عملته ليكي النهاردة وعمله كمية كبيرة تقضي يومين عشان متقوليش ملحقتش أكل منه زي كل مرة .
نور وهى تضع يدها على كتف والدتها : ههههع أنتي تعرفي عني أني ممكن أسيب حاجة لبكرة عيب يا ماما دا حتى يبقى عيب في حقي أن شاء الله كله هيخلص النهاردة .
نفضت إلهام يد نور : بت أنتي لمي نفسك أه أنا عملت حسابي أن الأكل يقضي يومين عشان بكرة في غسيل ومش هفضى اعمل ليكم أكل تاني .
نور بمرح : هطبخلك أنا يا روح قلبي بس سبيني انتقم من الكشري النهاردة اصل أنا بيني وبينه تار بايت نفسي اخده منه دلوقتي حالا .
إلهام : أخ منك ربنا يصبرني عليكي يا مفجوعة هانم أمشي قدامي هتجننيني وأنتي ولا في بالك، ومتنسيش أنك لسه مرجعتيش على الكيميا يا فالحه ولا ناسيه كالعادة .
نور : لا طبعًا يا حياتي بعد ما ناكل احلى كشري من إيدك هندخل على طول أنا وأنتي نراجع سوى .
وضعت إلهام يدها على رأسها فقد طفح بها الكيل من تلك المشاغبة : أنا عارفة أني مش هخلص منك عليتي ضغطي اروح منك فين .
فتحت نور فمها للحديث لكن قاطعتها إلهام بصرامة : ولا كلمة واحدة فاهمة .
أشارت نور برأسها دون كلام وسارت خلف والدتها إلى داخل غرفة إعداد الطعام .