الفصل الثاني : شرط صغير.

3589 Words
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . خرج تايهيونغ من الفصل مصفقاً الباب بقوَّة تاركاً وراءه تلك الفتاة التي ترتعدُ أوصالها و تجمدت الدماء في عروقها متيقنة أن كلامهُ لم يكن عابثاً و إنما سيسعى لتحقيقه ” رائع . . “ همست لنفسها ” أول يوم دراسي و أول عدو لي في حياتي “ أكملت و نبرتها لم تكن تنم على المتعة أبداً إتقد لهيبُ غضبها من جديد و هي تسترجع تصرفاتهِ الع***ة كما وصفتها ليبدأ ثغرها بسرد الشتائم عليه بكل حقد و هي تتوجه إلى خارج القسم تدعس الأرض تحتها بخشونة ما إن وصل إلى مسامعها صوت رنِّ الجرس معلناً عن بدأ الحصص المدرسية كانت تمشي متوجهة إلى القسم حيث ستكون أول حصَّة لها هنا في الثانوية. غير أن صوت طالبتين تتحاوران مع بعضيهما أوقف مشيها و جذب كامل إنتباهها . كانت الطالبة ذات الشعر الطويل تخاطب رفيقتها و الحماسُ يتقدُ من عيونها قائلت ” أنا متشوقة للغاية هذه السنة لمعرفة ضحيَّة تايهيونغ الجديدة ! “ قطبت حاجبيها بإستغراب فقد بدا الإسمُ مألوفًا للغايةِ لها فكرت قليلا و ضيقة عينيها في محاولة التذكر ، و أخذت تبحثُ بكل همَّةٍ بين سجلاتِ عقلها علَّها تجدهُ ، و ما إن فعلت حتى إتسعت عيناها بتفاجئ إمتزج بالصدمة ، و من ثغرهَا خرجت شهقةٌ منخفضة. لعنة نفسها في سرِّها على ذاكرةِ السمكةِ التي لا تدوم سوى ثلاث ثوانِي حينمَا يتعلقُ الأمرُ بحفظِ الأسماء . بسرعةٍ أرجعت إنتباهها إليهما تكملُ تنصُّتها عليهما ما إن ردت رفيقتها ذات الشعر الذي يصل إلى منتصف رقبتها بحماس لا يقل عن الأخرى . ” أنا الأخرى متشوقة للغاية ! و لكن إحزري ماذا ! لقد سمعت من أحد الطلاب أنه قد سمع صراخَ تايهيونغ من غرفةِ الرسم و قد بدَى غاضبًا للغاية و على ما يبدو أنه كان يهدد أحدهم ، قيل أنها فتاة ! “ رمشت بعينيها بسرعة لما تسمعه من هاتين اللتين أمامها هما يتحدثان عنها أليس كذلك ؟ ! أهمَا لتوهمَا كانَا يصفانها بالضحية الجديدة لذاك المدعو تايهيونغ ! ؟ لم تستطع الوقوف ساكنة و عقلها يكادُ ينفجر من الأسئلةِ التي تتراكمُ فيهِ ، لتتقدمَ لهمَا و القلق ينبضُ بداخلهَا . لاحظت الفتاتان تقدمَ الفتاةِ الغريبةِ عنهما، لينظرَا لها في حيرةٍ منتظرين منها تفسيرَ مقاطعةِ نميمتهما - عنها - ” عفوا منكما ، و لكن من هذا المدعو تايهيونغ ؟ “ سريعًا ما تغيَّرت تلك الملامحُ المستنكرةُ على وجوههمَا لتحلَّ بدالها أخرى مصعوقةً تمامًا، و ناظراهَا كانهَا مخلوق فضائي. ” ألا تعرفين تاي ؟ ! ! “ سألت إحداهم منتظرة أن تجيبهَا نايون أنَّ ما قالتهُ ليسَ سوَى مزحة - ليست مضحكةً - منها . رفعت نايون حاجبهَا نحو الأعلى من ردةِ فعلهما المبالغ فيهَا حسبَ رأيها ، لتجيبهما بإعتيادية و بعضِ الفضول . ” كلا فأنا قد إنتقلت حديثاً هنا ، لما ؟ أيجدر بي معرفته ؟ “ ” طبعاً يجدر بك أن تعرفيه ! كيف لا تعرفينه و وجههُ كالمياهِ المقدَّسةِ لعيوننَا من بشاعةِ هذا العالم و ما فيه ! كل الفتيات تترامين عليه و ترتجين نظرة منه ليس إلا ! كما أنهُ أشهر شخص في المدرسة ، فبعيدًا عن وسامتهِ هو في غاية الثراء . فوالده يمتلك سلسلة فنادق عالميَّةٍ ، أما والدته و التي كانت سابقًا ملكة جمال البلاد ، فهي م**مةُ أزياء مشهورة للغاية . كما أن الأرضية التي تدوسينَ عليها و الأقسامَ التي تدلفينَ إليها، كلها ملكٌ لوالدهِ ! ولهذَا لا أحد يجرء بأن يمسه بسوء كان جسديًا أم لفظيًا ، و إلا لن تسرَّهُ الأيامُ القادمة . “ حالة نايون لم تكن بخير أبدًا و هي تسمع ما تلقيه هذه الفتاة و عقلهَا ك شريطٍ سنمائِي يعرضُ لها بكل بطئ الشتمات التِي ألقتها بحقِهِ و الصفعة التي ألقتها على خدهِ و كل ما كان يدور في عقلها هو أولا : ماذااا ! هو إبن مالك هذه المدرسة !! ثانيا : ما الذي بحق الجحيم أوقعت به نفسها . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . أخذت تمشي بخطوات تائهة تاركة إياهن يرمقنها بغرابة لتصرفِها و تركها لهنَ دون النبسِ بأيِّ حرف ، و على وجههَا لم توضع سوى تعابير فارغة . عقلها مشغولٌ يقيمُ معادلاتٍ حسابية عن كميَّةِ المشاكل و الصراعاتِ التي ستخوضهَا - معَ أنها ترجو أن تكونَ أيامها مملةً و عاديةً كما إعتادت أن تكون من قبل - لم تنتبه لنفسها و لعقلهَا الشارد سوى حينمَا وجدت نفسهَا وصلت بالفعل إلى فصلها الأول ، حسبَ الخريطة التي مدَّها بها أحد المسؤولين لمساعدة الطلابِ المستجدين أمثالها ، كون الثانوية شاسعة للغاية و الكثير قد واجهَ صعوبةً و ضاعَ فيها في البداية . أخذت نفسًا عميقًا تهدئ بها نفسها التِي تصرخُ بجزع في داخلها و تلقي على نفسها طمئنات - زائفة - ، لتطرقَ البابَ بخفةٍ و تنتظرَ في الخارج صوت الأستاذِ الذي سيسمحُ لها بالدخول . و لم تنتظِر كثيرًا حتَّى سمعت صوتًا رجوليًا هادئ يطلبُ منها الدخول ، لتفتح البابَ ببعضِ الترددِ و التوتر . دخلت و إعتذرت مباشرةً لأستاذهَا عن تأخرها و بررت لهُ بكونهَا أضاعت قد الطريقَ ، ليبتسمَ لهَا و يخبرهَا بأنهُ لابأس ، و يطلبَ منها إختيارَ مقعدٍ للجلوسِ عليهِ . أومئتُ لهُ و في داخلهَا ممتنةٌ لـ لطفهِ الذي هدءَ توترها و قلقها قليلًا ، و إستدارت لتبحثَ بعيونهَا عن مقعد - ترجو أن يكونَ في الصفِ الأوَّل - لتجلسَ عليهِ و تبدأ في أخذِ ملاحظاتهَا من الأستاذ . كلُ هذَا حدثَ تحتَ أنظَار خبيثةٍ و مستمتعةٍ عليها ، دون أن تنتبهَا حتَّى ، و دون أن تسمعَ همسهُ و ترَى الإبتسامة التِي على ثغرهِ . ” أتت قطتِي إلى عرينِي “ في طريق عيون نايون المنشغلةِ بالبحث عن مقعدٍ لها ، تلاقت أعيُنها مع من كانت تصلِّي و تدعو أن لا تراهُ سوَى و هي نائمةٌ تحت الترابِ ، تصلَّب كامِلُ جسدِها و تثاقلت أنفاسها و هي ترَى ملامِحَ الشيطان رسمة على وجههِ و يدهُ التِي إرتفعت تلوحُ لها ببإبتسامتهِ المستمتعةِ بالكامِل بتقلُّب ملامحِها . فأخذت تشتمُ حظَّها الذي و حسبَ قولهَا لم يفاجئها كالعادة . تجاهلتهُ بالكامل و إدعت أنَّها لم ترهُ حتَّى ، و توجهت بخطواتهَا نحو الكرسِي الشاغر الذي وجدته . و لكن و قبل أن تضع مؤخرتها و تريحها على الكرسي حقيبة طائرة توجهت نحوها لتحط عليهِ قبلها و تسببَ لها الفزعَ . تفاجئت لما حدث و بحثت بعيونها عن الفاعل لتجده شابًا قد إبتسم لها بلطف - ستكونُ عمياءَ إن لم تعرف أنَّهُ زائف - و أردف بأسف - بالطبع زائف - ” أعتذر منكِ و لكن قد طلب مني صديقي حجز هذا المقعد لأجله “ ضغطت على يدِها تكبَحُ غضبها ، و أومئت لهُ أنهُ لا بأس مخفيةً كل غيضها من فعلتهِ غير اللائقة و الهمجية ، و راحت عينيها برحلة بحث جديدة عن مقعد أخر . لتقعَ عيونهَا و بغير قصدٍ أو رغبةٍ منهَا علَى ذاكَ الم***فِ كمَا أطلقت عليهِ بأحدِ شتائمها ، يلوحُ لها من جديد بذاتِ بسمتهِ السابقةِ و يشيرُ بإصبعهِ على المقعدِ الفارغ بجانبهِ . إنقبضَ قلبُها ما إن وعت أن لا مقعدَ سيستقبلُ مؤخرتها سوَى ذاكَ الذي يرسو جانبهُ، و ما زادَ طينتها بلَّةً هو صوتُ الأستاذِ الذي إنزعجَ من وقوفِها . ” يا آنسة خذي مقعدًا لكِ و إجلسي لأبدأ الدرس “ إعتذرت للأستاذ بخفوت و حرج و سارت إلى من لايزال يرسم إبتسامته المثيرة للريبة ، تشعرُ و كأنما تسير نحو موتِها لا مقعدِها ، ما جعل حدقتيها ترتبكان . جلست بجانبه و كل خلية فيها ترتعش داخليًا و لكنها حاولت أن تبدو ثابت من الخارج و عقلُها يسترجِعُ ما قالته تلك الفتاة ، و أكثر ما أثار رعبها كونها قد تطرد من هنا إن إشتكاهَا لوالدهِ و هي بالكاد إستطاعة الحصول على منحةٍ لتدخل هذه الثانوية . لم تلتفت لهُ أبدا منذ أن جلست بجانبه في محاولة منها لتجنبه و تجنب أي شجار سينشب معه غير أنه قد كان لهُ رأي آخر . . إقترب منها جاعلا منها تتجمد في مكانها و هي تشعر بأنفاسه تض*ب خدها من حيث يجلس هو ، و لكن و مع هذا أبت الإستدارة نحوه و إبدائه أيَّ إهتمام رغم خفقان قلبها الشديد و الريبة التي إجتاحتها لأفعاله الغريبة . إبتسامة غريبة رسمت على ثغره و هو يرى حالتها المرتبكة و هيَ تحاول تصنع القوة التي لا تليق عليها حسبَ رأيه . زاد إقترابهُ منها بينما هي أخذت تعتصر تنورتها من تحتِ الطاولةِ محاولة التماسك للتوتر الذي يجتاحها بسبب قربه الشديد منها . للحظة فكرت أنه قد يقوم بتقبيلها بما أنه قد حاول فعل هذا سابقًا بالفعل ، و لكنها سرعان ما نفت الأمر من رأسها قائلت أنه لن يقدم على أمر كهذا داخل الفصل و أمام كافة التلاميذ - تتمنَى هذَا في الواقع - . لاحظ هو الإرتباك و التوتر على وجههِا و لغةِ جسدها و التي تسعى بجد لإخفائها ، لتظهر المتعة و ال ***ة على ملامحهِ للمشاعر التي يسببها لها . إقترب من أذنها و تعمد جعل شفتيهِ تلامسها ليشعر بإرتعادها و نسق تنفسها الذي إختل ، ليرسم إبتسامة صغيرة و يهمس بما جعلها تتوقف عن التنفس للحظات ” قطتي الصغيرة أتت لعريني . . و أنا سأجعل منها تحليتي ” وجهةُ نظرِ نايون : مـ-ماذا ؟ قطة ؟ عرين ؟ تحلية ؟ أنا ميتتٌ لا مَحال . . . حاولتُ إبتلاع ريقي لأجده قد جف بسبب الرهَابِ النفسي الذي سببهُ لي هذا الجالس بجانبي. إستجمعت القليل من شجاعتي و إستدرتُ نحوه و حاولت على قدر الإمكان أن لا أجفل لقربه المبالغ بي لأجيبه بثقة مهزوزة ” سيد حديقة الحيوان هل لكَ أن تترك مسافة بيني و بينك ، و من ثم ما خطبك ؟ دعني وشئني لقد إنتهى كل شئ بالفعل ! “ رأيت الصدمة ترتسم على ملامحه بينما عيناه أخذت ترمقني ك.. أغرب مخلوق في هذا الكون ؟ ما خطبه ؟ هو الغريب هنا لا أنا ! أعني . . بحق السماءِ من ذا الذي يهدد شخصاً و يدعوه بـ تحليتي ؟ أكِلُ لحومٍ بشريةٍ ربمَا . . ؟ سرعان ما تحولت ملامح وجهه ، و أخذت عيناهُ ترشقانِي بحدة و جديًا يبدو ك شخص على إستعدادٍ ليقتلك بقلم رصاص فقط ! تحوله السريع هذا جعلني أتأكد أنهُ مصاب بإنفصام بالشخصية ، و مازلتُ أعتقِدُ أنَّهُ مؤهَل لأخذِ دور ' جوكر ' في أحدِ الأفلام . ” لا شيئ ينتهِي ما لم أقرر أنا ذلك ! ، أمَا بشأن تلكَ الصفعةِ ، فأقسمُ أنِّي سأردُها لكِ أضعافًا “ بعصبيةٍ هسهسَ و في عيونهِ الجحيمُ ، في حين أنَّ يدهُ قد قبضت على يدِي يضغطُ عليهَا بقوَّة ألمتنِي ، كأنما يحاول إخراجَ القليل من غضبهِ فيها ، و لكن لحظةً واحدةً رجاءً هل سمعتُ ثغرهُ النتنَ ذاكَ يقولُ أنهُ سيصفعنِي ؟ ؟ ! بل و أكثرَ من صفعةٍ ؟ ؟ ! هه ، يا رجل ! تكونُ منتحرًا إن فعلت ! ! . لم يضِف حرفًا آخر، بل رمقنِي بنظرة أخيرة ، ليتركَ يدي من بعدها و يعودَ إلى مكانهِ ، أو بالأحرى يعودُ رأسهُ إلى مكانهِ فوق الطاولةِ حيثُ كانَ يستريح ، و على ما يبدو كانَ يحظَى بقيلولةٍ إلى أن أتيتُ أنا و قاطعتها . أمسكت يدي التي كانت بين قبضته لأجدها تتوهجُ إحمرارًا و قد نقشت أصابعه فيها ، ما جعلني أمسد عليها بحزن و لطف و أشتم ذاك الم***ف السافل طبعاً في داخلي . . أرجعتُ كافة تركيزي الذي قد سرقه مني سابقاً ذاك الم***ف للأستاذ الذي يعمل بكل جد أمامي ، لأخذ دفتري الذي أمامي و أبدأ بتدوين ملاحظاته . مرَّت الدقائق عديدة ليدوي صوت الجرس معلنًا عن نهاية الحصة ، ليبدأ التلاميذ بحزم أمتعتهم و الذهاب لإراحة عقولهم لبضع دقائق ريثما تبدأ الحصة التالية . حزمت أنا الأخرى حقائبي بهدوء متجاهلة ذاك الذي مرَّ بجانبي قاصدًا الخروج و متجاهلًا تمامًا وجودِي . أفكار كثيرة تغزو فكري كذلك خوف ينمو بقلبي أخشى أن يتخذني ذاك المدعو تايهيونغ عدوةً له ، و تكونُ مهمتهُ هذهِ السنةَ قلب حياتي المدرسية إلى جحيم ، كما قال لي سابقًا مهددًا . لا أرغب بشن شجار أو عداوة مع أي أحد في هذه المدرسة ، و بالأخص معهُ هو ، أرغب في أن تبقى حياتِي الهادئة - التي ما كنتُ أريدهَا و أنا في الطريق إلى هنا - على حالِها . أهدافي واضحة في هذه الحياة ، أن أدرس بجد و أتخرج من الثانوية ثم من جامعة مرموقةً تؤهلنِي للحصول على عمل براتب جيد أعيل بهِ نفسِي و والدتي و لكني أخاف أن يكون تايهيونغ ذاك عرقلة لأهدافي . هذهِ الأفكار المخيفةُ و التي أبت مغادرةَ رأسِي و إزاحت القلق عن ص*ري ، جعلتنِي و بكل عزمٍ أتقدمُ نحو الذي على وشكِ أن يغادر الفصل ، فتمنعهُ يدي التي أمسكت خاصتهُ و أدارتهُ نحوها بذلك نظرتُ إلى عيونهِ العميقةِ دون خوف، و بجديةٍ نطقتُ أقصِدهُ بـ كلامِي . ” أنت ! علينا التحدث “ نظَر إلى جديتِي بسخرية ، و فصلَ يدِي التي تمسِكُ خاصتهُ بعنفٍ ، و أجاب ” ماذا ؟ ما الذي تريدينه ؟ “ يا لهُ من وقح ! نظرة له مباشرةً نحو عيونهِ، أريه أنِّي لا أخاف من أمثاله من البشـ . . عذرا أعني الح*****ت . ” ألا ترى أنك تلعب دور الضحية بشكل مبالغ فيه ؟ أنا يا أيها السيد من أخطِئَ في حقها و تم التحرش بها من قبلك ! و عوضًا أن تأتيني معتذرًا لفعتكَ تأتيني بكل جراءة و وقاحةٍ مهددًا ! " إشتعل لهيبُ غضبِي من وقاحتهِ التِي **رت كأسَ صبري ، فتركتُ من ل**نِي العنان في أن ينطقَ بما يشاءُ - رغم أنِي أعلم كونِي سأندمُ نهايةً كما أفعل دائمًا حينما أتركُ له السيطرة، و لكن لا بأس راحتِي تستحق - و لم يبدُو عليهِ هو الأخر غيرُ الغضبِ من كلماتِي الصادقة ، و التي خدشت كبريائهُ اللعين . تعالت همساتُ و نميمةُ التلاميذِ من حولنَا كلٌّ يلقي رأيهُ و تعجبهُ من شجارنا و من الكلماتِ التي ألقيتها في حق الواقفِ أمامِي. على شفتيهِ أرتسمت إبتسامة مجبرةٌ و ساخرة ، و إرتفعَ حاجبهُ نحو الأعلى ليردفَ مستصغرًا إياي . ” أنا أتحرشُ بكِ أنتِ ؟ كم أن لك خيالا واسعة يا هذه ! مجرد نكرة لا تساوي شيئا ، لن أنفق عليكِ حتى نظرة واحدة مني ، و من ثم ما خلاصة حديثك ؟ لا تقولي أنك ترغ*ين بإعتذار مني ! فـ نكتٌ كهذه غير مضحكة أبدًا . “ هذا السافل ! أينكر فعلته بي ! أغمضتُ عيونِي و حاولتُ جاهدةً تهدئةَ أعصابِي ، فمحادثتِي معهُ كانت بنيَّةِ حلِّ خلافاتنَا لا جعلها أسوء ! إبتلعتُ غصَّة الشتائم في حلقِي ، و بهدوء و رزانةٍ أجبتهُ هذهِ المرة . ” لم أتيكَ طمعًا في إعتذار منك، بل أتيتك لتكف عن تهديداتكَ نحوي ك قاتل مأجور ، لا أرغب بتكوين عداوةٍ و خلافات ، لا معكَ و لا مع غيرك ، لذا من الأفضل أن يتخطى كلانا ما حدث ، فـ كلانَا قد أهانَ و جرحَ الأخر و أخطأ في حقهِ . . " أكذب طبعًا ، هو الوحيدُ المخطئ هنا ، و لكن من المحَال أن يتقبلَ هذا و قد يزدادُ حديثنَا حدة ، و يحدثُ ما لا أرغبُ بهِ ، لذا فضلتُ إلقاء هذه الكلماتِ الكاذبة على تدمير حياتِي الدراسية . في ذهنِي، تخيلتُ منهُ كافةَ رداةِ الفعل - حتَّى أن يقفزَ عليَّ و يطعننِي بقلمهِ فجٱة - و لكن هذه . . ؟ لم تخطُر ببالِي حتَّى . أعنِي .. لما قد يقومُ شخصٌ عاقل - و رغمَ علمِي أنَّ هذهِ الصفةَ لا تندرجُ ضمنَ صفاتهِ - بالضحكِ كالمجنون هكذَا و من العدم، حتَّى أنهُ قد رفعَ أناملهُ و مسحَ عن عيونهِ الدموع التِي لا يراهَا غيره . فليأخذهُ أحدكم للمصحةِ العقلية رجاءًا . ” واو ! لم أعلم أنكِ تمتلكين مثل هذَا الحسِّ الدعابي العالِي ! " أعلمُ أني أحيانًا أمتلكُ ذاكرةً سيئةً ، و لكن لم أعلم أنها بهذا السوء الذي جعلنِي أنسى الدعابةَ التي أخرجت الدموع من عيونهِ ! توقفَ عن الضحكِ و عادت ملامحهُ السافلةُ الإعتيادية ، ليكمل قولهُ . " كما أنكِ تجيدين عقدَ الصفقاتِ العادلةِ لكلا الطرفين ، كم هذَا مبهر ! . " لعقَ شفتيهِ، و ظهرت إبتسامتهُ التِي تصرخ ' أجل أيها الملاعين أنا أكبر سافل في هذهِ المدينة ' " غير أني و مع كامل أسفي شخص يكن الأحقاد و لا ينسى بسهولةٍ ، و لكن و بما أنك قد قدمتي لي عرضًا كومديا رائعا ، سأتغاضى عن الأمر كما طلبتي ، و لكن بشرط واحد صغير للغاية “ إختتم كلماته ببإبتسامة جانبية مستمتعة . الحيرة كانت عنواني في تلك اللحظة ، على الرغم من أن كلماته أشعرتني بالريبة الشديدة إلا أن فضولي جعلني أنطق لمعرفة هذا الشرط. ” و ما هو هذا الشرط الصغير ؟ “ في لمح البصر كانت ملامح قد تحولت للخبث الشديد ، ألم أخبركم أنه مصاب بالإنفصام ! ” كوني خادمتِي لأسبوعين كاملين “ حاولت إيجاد المزحة في تعاليم وجهه غير أنه قد بدا جادًا للغايةِ في كل كلمة قد نطقها ! ما الذي بحق السماء يقوله هذا المخبول ! ؟ فتحت ثغري لأعرب عن رفضي بأكثر طريقة قد تفتك بكرامته ، غير أن أصوات التلاميذ اللذين قد نسيتُ وجودهم لوهلة بسبب إندماجي في الحرب الكلاميةِ مع ذاك الم***ف قد تعالت فجأة لتصلني كلماتهم و التي كانت عبارةً عن ؛ ” إلاهي ! بما ورطت نفسها تلك المستجدة ! “ صدقنِي يا رجل ! أنا أيضًا لم أكن أعلم بمَا ورطتُ نفسِي ! ” أشفق عليها للغاية ! يبدو أنها ستعاني في الأيام القادمة سواء أكانت إجابتُها القبول أم الرفض . “ شكرًا على مواساتكَ ، أشعرُ بتحسن كبير بفضل كلماتك . ” تستحق ذلك تلك الشمطاء ! ألم تسمعوها حينما إدعت أن تاي قد تحرش بها ! و هل إنحدر ذوقه لهذه الدرجة لينظر لق**حة مثلها ؟ “ سأحرص على معرفة هويةِ هذه الفتاة و أجعل من كرامتها علكة تحت حذائي . ” من الأفضل لها أن تقبل ! خسارة كرامتها أفضل من خسارة مستقبلها و حياتها . “ فلتأتِي و لتخدمهُ معِي إذن :) . ” ستدخل لموسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر غ*ية في التاريخ إن رفضت ! كل الفتيات هنا يتمنين أن تكن قريبات منه و إن كان بشكل خادمة “ و أنتِ و رفيقاتك المهووسات ستدخلن الموسوعة كأكبر رخيصات في التاريخ . كانت هذهِ تعاليقَ التلاميذِ من حولنَا ، و الذي ما فضل أيٌّ منهُ التدخل بالحسنةِ و فضِّ شجارنا ، بل كانو متف*جين و كنتُ أنا و ذاك الم***ف الفيلم خاصتهم . تباينت تعاليقهم و نمنماتهم التِي ما جعلت شيئًا سوى القلق و التوتر يتفاقمُ أكثرَ بداخلِي ، و عن إن كنتُ أختارُ القرار الصحيح أم لا ، و كيف ستؤول حياتِي من بعدِ قراري . عقلِي حرفيًا سيهربُ من رأسِي لشدةِ الأفكار المتداخلةِ التِي بهِ ! ! لم أفعل شيئًا سوى البقاء متصنمةً في مكانِي ، عقلِي يسمعُ أحاديثهم ، و رأسي يراجعُ قراري . و ما ٱفاقنِي من هذهِ الدوامةِ سوى صوتُ ذاك الم***فِ و نبرتهُ المتمللةِ ، كأنما إنتظرَ دهرًا لا بضعَ دقائق ! لعين سافل ! ” هاتي جوابكِ بسرعة ، لن أقفَ هنا أنتظركِ للأبد ، وقتِي أهم من أن أضيعهُ على شخص مثلكِ . “ أغمضتُ عيونِي قليلًا ، و تنفستُ بقوة ، أدعو بداخلِي أن يكون القرارَ الصائب ، نظرتُ نحوهُ و نطقتُ بعزم . " لقد إتخذتُ قراري ! . " رفعَ بصرهُ عن ساعتهِ التي في مع**هِ و التي كان كذلكَ يتفقدها كل دقيقة ، على وجههِ ملامحُ متممللةٍ ، غير أني أستطيعُ و بكل سهولة رؤيةَ لمعةِ الخبث في عيونهِ ، و هذا جعلنِي أقلق ، ولكني لم أتراجع . “ جيد ، ماهو ؟ “ رغم أنهُ ما أظهرَ هذا و حرصَ على عدمِ إظهارهِ ، غير أنَّ نبرةَ صوتهِ خذلتهُ ، و جعلت الفضول و الحماسَ لإجابتِي يظهرُ فيها . إبتلعتُ ماءَ فمِي ، و تجاهلتُ نبضات قلبِي القلق و الخائف من المستقبل القريب ، عضضتُ شفاهِي المترددة ، و فتحتهَا حينما إستجمعتُ شجاعتِي لأنطق . ” أنا . . “ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD