الفصلُ الأوَّل : أول يوم دراسِي.

3507 Words
الحيـاةُ أمرٌ في غايةِ التعقـيـد و التَّقلُـبِ بحيثُ يُستَصعبُ علينا فهمُها . . تـَمـامـاً كالفـصـول . . يـأتيـكَ الشِتاءُ بقساوَتِهِ لتتجمَّد في صقيـع وحدَتِـه ، فيـأتيكَ الصَّيفُ ليلفَحـَك بحرِّه مذيباً الجليـدَ حولَـك قـد تـتـساقطُ أحلامـُكَ و رغـبـَاتُك اليـابِسةُ حـينـمـا يحلُّ الخريف و لكـن كُـن واثـقـاً أنَّـهُ سـيـأتـِيكَ الربـيعُ مواسِيـاً ذبولـكَ ليزْرَع في داخِلَكَ آمـالاً جديدة . . كيم تايهيونغ : فتى في الثامنة عشر من عمُرِه ، ذو شخصيَّة بارِدة كالصقيع ، أنانيٌّ للغاية ، إعتاد أن يحصُل على كل ما يريد بسبب أنه الإبن الوحيد لوالديه اللذان يملكان من النقود الكثير . بارك نايون : فتـاةٌ تبلغ من العمر الثامنة عشر ، لطيفة للغاية خِلقاً و خُلقةً ، ذو كبريائي لا يهدُّه أحد ، على الرغم من بساطة مستواها المعيشي إلا أن هذا لم يمنعها من الإجتهاد في دراستِها ما جعلها من أوائل مدرسَتِها . ما سيكونُ مصيرُ نايون التِي و بمنحةٍ دراسيةٍ تنتقلُ لمدرسةٍ للأثرياء ، لتتقابلَ معَ تايهيونغ الذي سيسعَى لتدميرِ حياتهَا المدرسيةِ إنتقامًا لكبريائهِ الذي داست عليهِ بكل برودٍ و دون ذرَّةِ خوف ؟ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . صباحٌ جديد حلَّ على سكان سيؤل ، يومٌ مشرقٌ و لطيف ، ليس بحار يسدُ النفوس ، و ليس بباردٍ يرعشُ الأبدان . منهم من يودُ إستقبال الصباح بكوب قهوة داكن ، و منهم من سيود إستقبالهُ بكوب حليب بالشوكولاتة و منهم لا يودُ إستقبالهُ حتى . . كالتلاميذِ و الطلابِ مثلا ، و تحديداً عزيزتنا نايون التي نهضت لتوها من على سرير تحدق نحو زاوية غرفتها الفارغة بنظرات خالية ، و على رأسها وجد عشُ عصافير عذراً ، أعني شعرها . رمشت عيونها قليلاً لتستفيق من غيبوبتها ، تدحرجت من على السرير بـ **ل و خمول شديدين ، و تثائبة للمرة المئة منذ أن استفاقت توجهت بخطى ثملة نحو الحمام الموجود في غرفتها بينما يدها اليمنى مشغولة بحك مؤخرتها . وقفت أمام مرآة الحمام تنظر لذاتها ، عيون منتفخة محمرة كأنها لأحد المدمنين ، شعر نصفهُ مجموع على شكل كعكة و الأخر قرر التخلي عن رفاقه و الإنسدال على كتفها ، على جانب شفتها بعض البقع البيضاء و الذي سببه مياهُ فمها التي تسيل ما إن تغط في النوم . لم تهتم لمنظرها ، أو دعنا نقل أنها اعتدات على هكذا منظر كل صباح . . بدأت بتجهيز نفسها ، في حين أن عقلها يحاول أن يشتغل من جديد ” أشعرُ و كأني نسيتُ شيئاً . . شيئاً في غاية الأهمية . . “ تمتمت مضيقة عيونها ما إن إنتهت من حمامها ، وضعت سبابتها على ذقنها تحكها ، كأن ما تبحث عنه معضلة في مسألة من مسائل الفزياء شهقت بقوة حد إختناقها ما إن خطر ببالها ما نسته ، ركضت بسرعة نحو هاتفها الموضوع فوق الطاولة ، غير مكترثة لتعثرات التي صادفتها بسبب ثيابها الملقية أمسكتهُ بين يديها بأيد ترتجف توترًا و أعين تتوهج حماسًا . فتحت شاشة هاتفها لتنظر نحو تاريخ اليوم ، شهقت مرة أخرى واضعت يدها على ثغرها ” سحقًا إنه اليوم ! ! ! “ شتمت بصوت عال و أخذت تركض في غرفتها بهلع تجمع أدواتها الملقية هنا و هناك لتضعهم جميعاً داخل حقيبتها . سارعت نحو خزانتها لتجذب منها فستاناً وردياً يصل فوق ركبتها بقليل ، بسيط و لكنه جميل ، ارتدت في قدمها حذاءً يناسبه ، ومن ثم وضعت الحقيبة فوق ظهرها ، و بدأ الماراثون ! ركضت و كأن كلباً مسعوراً يجري ورائها ! تدفع من أمامها بغير إكتراث لشتماتهم لها ، فهي تشتم نفسها على أي حال ، لن يشكل الأمر فرقاً كبيرًا ! ركضها جعل من كل الأنظار تصب عليها ، ينظر لها الناس و ينظرون ورائها منتظرين ظهور الشخص ، أو القاتل المأجور الذي يركض خلفها . جفَّ حلقها و تجمعت قطرات العرق على جبينها إثر ركضها المتواصل ، لحسن الحظ أن المكان لا يبعد سوى نصف ساعة مشي من منزلها ، وبركضها هذا إستطاعت الوصول بأقل من خمسة عشر دقيقة . وقفت أمامَ الثانويةِ، ثانويتها الجديدة ، وأعينها تبرقُ فخرًا بنفسها فهذهِ الثانوية من أشهر الثانوياتِ و أفضلها بكوريا ، و لكن و لغلاءِ رسموها لم يستطع سوى ذوي المال الوفيرُ دلوفها ، و لكنها حطمت هذه القاعدة ، فليسَ مالها - الغيرُ موجودِ أصلا - هو ما أتاحَ لها فرصةَ الدخول لها ، بل ذكائها و تفوقها هو ما جعلها تحصلُ على منحةٍ لدراسيةٍ لدخولها . وجهةُ نظر نايون : حينمَا وقفتُ أمامَ الثانويةِ ، بعضُ القلق انتابنِي ، لكونِي سأضطر لمعاشرة من هم أفضل من مستوايَ المعيشِي ، و قد أتعرض لنبذِ و التنمرِ بسببِ هذا أعنِـي . . هذا ما يحدثُ في أغلب الدراماتِ الكورية ! هل سيكون بمقدوري الحصول على أصدقاء ؟ هل سيقبلونني بينهم ؟ أم هل سيفضلون نبذِي ؟ . أسئلتٌ كهذه تدور دائماً في رأسي و تجعل من التوتر يلازمني . ولكنِي دائمًا ما أحاول ابعادَ هذه الأفكار التشائمية عن رأسِي ، و هذا ما فعلتهُ الآن أيضًا . فعلى أيِّ حال قدومِي إلى هنا ليسَ لرغبتِي بالحصول على الأصدقاء و المرح ، بل هدفِي الوحيد الذي أضعهُ صوبَ عينِي هو الدراسةُ بجد ، و الحصول على منحةٍ من المدرسةِ لدخول لأفضل الجامعات ، و بهذا سأحصل على عمل ذو راتبٍ جيد ، يكفينِي لإعالةِ نفسِي و أمِي مستقبلا . نظرتُ للملابسِ التِي أرتديها - و التِي لا يفترضُ بي ارتدائها - و نظرتُ لزيِّ الرسمِي لهذه المدرسة و التي يرتديها كل الطلابِ هنا - بإستثناءِ - ، أخرجتُ تنهيدةً من ثغري ، فأنا لم أستطع الحصول عليهِ ، المنحةُ الدراسيةُ لا تتكفل بملابسِ المدرسةِ التِي سعرهَا مثل سعرِ المنزلِ الذي أستأجرهُ . . و لا أعلمُ لما فجأةً ذاكرتِي عادت إلى ذاكَ المنزل ، منزلِي . . الذي يبدو موحشًا للغاية . . لدرجةِ أنِّي أكرهُ اقامةَ فيهِ . . هززتُ رأسي ما إن بدأت هذه الأفكار تقتحم عقلي ، لأرسم بسرعة إبتسامة صغيرة على ثغري ، هذَا أول يومٍ دراسِي و لا يجبُ لشيء أن يعكرَ صفوَ مزاجِي ، لا يجبُ لشفاهِي أن ترسمَ شيئًا غير الإبتسامةِ ، و أن أكون ممتنةً لهذه الفرصةِ التي منحنِي إيَّاها القدر . لذلكَ سرتُ أقتربُ أكثرَ من بابِ الثانوية ، و في عقلِي مجموعةٌ من السيناريوهات عن وقوع البطل الغني بحبِّ البطلةِ الفقيرة كما يحدثُ في كل الدراماتِ تقريبًا . و لشدةِ تأثرِي بهذهِ التخيلاتِ - التِي يسخرُ منِّي واقعِي بكل وضوح بسببها - لم أستطع عدمَ اخراج تنهيدةٍ حالمةٍ من ثغري و التمتمةُ لنفسِي . ” أسيحدثُ هذا لي يا ترى ؟ إن كان سيحدث . . “ نظرتُ إلى السماءِ بكل تأمل و ترجِي . ” فليكن يا إلاهي بذاتِ جمال الممثلينَ ، و بذاتِ موهبةِ الأيدولز المفضلينَ خاصتِي ، و بذاتِ رومنسية و لطفِ أبطال المسلسلات ، آآآه ~ مجردُ تخيُّل هذَا يجعل من قلبِي يرفرفُ بقوة ، سنكون أفضل و ألطفَ ثنائي بالوجود ! “ أخذتُ أنتحب و أضحك بصوت عالي و في عقلِي تخيلاتٌ عن مواعيدنَا الغرامية و محاولاتهِ للفوزِ بقلبي صعب المنال - ليسَ حقًا - ، و ما وعيتُ على نفسي إلا بعدما مرَّ رجُل عجوز بجانبي يرمقني بشفقةٍ ، يظننِي مصابةً بخلل ما فِي عقلِي . يال الإحراج ~ ” أكنتُ لتوِّي أتخيل حبيبِي الوهمي ! ألهذه الدرجة قد تصحَّرت مشاعري ! آآه لا بدَّ و أني قد جننت بالفعل . . “ تن*دتُ و أخذتُ بالسيرِ لأدخل الثانوية ، و لكن بهدوء هذه المرَّة ، فلا أود أن يتصل أحدهم بالمصحة النفسية ليسألهم عن مريض هارب . حسناً . . أضنُّ أني قد أخطأت العنوان و أتيت إلى فندق فخم لأن هذه أبعد لأن تبدو ك ثانوية حتى ! إنها كبيرة للغاية تعادل أضعاف بـ خمس أو ستة مرات لحجمِ منزلِي ، أو حتَّى أكثر ، أراهنُ أن أحدَ فصول هذه المدرسةِ ستكون بمساحةِ منزلي . حقيقةً لن أمانع أن أنام بضع ليالي هنا ! خطت قدماي إلى الداخل بينما ثغري لم يغلق مطلقاً ، فإما تراهُ يرسل عبارات الإعجاب و الغزل لما أراه و إما يبقى مفتوحاً بإنبهار مستقبلا بكل ترحاب كل أنواع الحشرات الصغيرة . أخذت نظرة على التلاميذ الذين يجولون في الساحة لأرى كل منهم مجتمعين إما في ثنائيات أو أكثر ، يدردشون و يقهقهون كأي طالب في مثل هذا السن . . يبدو أني كنتُ أبالغ في قلقي ، هم يبدون تماما ك طلاب مدرستي القديمة ، بإستثناء تلك الساعات الفخمة في أيديهم و الحقائب من ماركات عالمية التِي يحملوها . . كل شيء عادِي و لا يدعو للقلق - أتمنَّى هذا . . - دخلت أتجول بين الممرات و في كل مرة أبهر أكثر من سابقتها فيما أراه ، جدياً هذه الثانوية في غاية الفاخمة و الرقي ! أحد الأقسام قد جذبت إنتباهي و لم أستطع لجم فضولي و عدم دلوفها بعد أن تأكدت من خلوِّ أي روح فيها . دفعتُ البابَ بخفةٍ و دخلت ، لأنبهر أكثر من إنبهاري بالمرَّاتِ السابقةِ ، فما كنتُ أراهُ محال أن تكون مجرَدَ فصل ، بل أقربَ إلى الجنَّةِ ! كانت كل جدران الغرفةِ مصنوعةً من الزجاج ، فتتيحُ بكل وضوح رؤيةَ ما خلفها ، و الذي كانَ حديقةً في غايةِ الجمال ، كانت مزينةً بكل أنواع الورودِ التي أعرفها و التي لم يسبق لي رؤيتها من قبل ، و كان يوجد كذلك بعضُ الأشجارِ المثمرة و التي جعلتنِي فاكهتها المغريةُ و التي تلمعُ تحتَ أشعةِ الشمسِ أشتهِي اقتطافها و وضعها بأكملها داخل معدتِي . كمَا وجدَ بالمنتصفِ نافورة ذهبيةُ اللون - لا داعِي لأن أخبركم عن الدوارِ الذي أصابنِي ما إن تخيلتُ أن لونها الذهبي ليس نتاج دهان ، بل لأنهُ مصنوع من الذهب الخام ! ! - ، يتناسبُ لونها مع ألوان الزهور الصفراءِ المحيطةِ بها ، و لم تكن النافورة كأي نافورة إعتيادية ، بل كانت على شاكلةِ طفل صغير لطيفٍ للغاية تخرجُ المياهُ من الرضَّاعةِ التي يمسكها بيدهِ . رفعتُ رأسِي صدفةً لأكاد أصابَ بنوبة قلبية لشدة الإتقان في صنع هذَا المكان ، فقد كنتُ أستطيع و بكل وضوح رؤيةَ بعض أغصان الأشجار تعطِي ظلَّها لمن في الغرفةِ ، و تكون مسكنًا لبعض أعشاش الطيور الظريفة ، و قد اسطعتُ لمحَ عصفور بدا و كأنهُ قد ولدَ منذُ بضع ساعات ، و هذا قد أذابَ قلبِي لشدة ظرافتهِ . كانَ منظرُ السحبِ التِي تسبحُ في زرقةِ السماءِ خاطفًا للأنفاس ، و أشعل بداخلِي فضولًا لمعرفةِ كيفَ سيكون المنظرُ و الأمطارُ تتساقطُ فوق هذا الزجاج . . أراهنُ أنهُ سيكونُ الأفضل على الإطلاق ! . راودنِي فضول لمعرفةٍ ما نوع الفصل الذِي دخلتُ إليهِ ، و لكن رؤيتِي لأدواتِ الرسمِ الموضوعةِ بعناية و اللواحاتُ الفنيةُ الرائعةُ موزعةٌ بالغرفة ، جعلتنِي بديهيًا أدركُ أن هذهِ غرفةُ الرسم ط. و لا بدَّ أن صنع هذه الغرفة هكذَا ليسَ سوَى لجلبِ الإلهامِ للطلاب ، و هذا جعلنِي أحسدُ متقنِي هذا الفن ، فهم يستطعون الدخول لهذهِ الغرفةِ متى ما شائوا ، و لكنِّي لن أقدرَ لفشلِي الذريع جدًا بهذهِ المادةِ فكل ما بمقدورِي فعلهُ هو حلُّ المسائل الرياضيةِ الصعبةِ و الحصول على حبِّ الأساتذةِ و المديرِ بذكائِي . و لكن و مع هذَا لم أستطع منعَ إعجابِي من الظهور لهذهِ اللوحاتِ المتقنةِ للغايةِ و للغرفةِ التِي حازت على حبِّي بكل جدارة ، و هذا جعلنِي أتمتم ببعضِ الإنبهار بـ ” جميل “ ” أجل معكِ حق “ أجابني صوتٌ رجولي عميقٌ - ك عمق حبِّي لهذه الغرفة ، و الثانوية كذلك ، و لـ حبيبي الخيَالي و زوجِي المستقبلِي - من اللامكان جعلني أهتز في مكاني بتفاجئ ، وجديا كدت أتبول على نفسي ! . لقد أفزعنِي للغاية ! رفعت نظري و هدفِي البحث عن صاحب الصوت الذِي كاد أن يجعلنِي أصاب بنوبةٍ قلبية ، غير أنِّي جفلتُ و تصنمتُ مكانِي ما ان قابلنِي زوجُ أعين فضوليةٍ تحدقُ بي بتركيز ، كانَ قريبًا للغاية مني ، و أعني بقريبًا أني أستطيعُ الشعور بأنفاسهِ تلفحُ وجهي ! سحقاً ! أشردت لدرجة أن لا أشعر بوجود أحد أمامي ! ؟ ارتبكتُ للقربِ الشديدِ الذي بيننا ، ما جعلنِي أخطو بسرعةِ خطوة نحو الخلفِ أترك فيها بعضَ المساحةِ بين جسدينَا ، و قد رفضت عيوني نهائيًا خوضَ تواصل أعين معه ، رغمَ أن أعينهُ لم ترحمنِي و واصلت النظر لوجهِي دون توقف ، و هذا جعلني أتوتر أكثر أعني لما يحدقُ بي بهذهِ الطريقة ؟ هل أبدُو ك شخصٍ مشبوهٍ أم ماذا ؟ لم أعرف كيفَ يجدر بي التصرف في مثل هكذَا موقف. ” غريب . . كيف لي أن لا ألمحكِ مسبقًا هنا ؟ “ أردف بصوت منخفضٍ غير أن قرب جسدينَا و السكون من حولنا أتاح لي سماع تساؤلهِ الذي بدا بهِ كأنه يخاطب نفسهُ أكثر من كونهِ يخاطبنِي . أخذت عيونه بالجولان بكل أرياحية بين جسدي و وجهِي لا كأن شخصًا مرتبكًا و مرتابًا للغاية يقفُ أمامه ، بل واصل تحديقاتهِ مضيقًا عيونهُ كأنما يبحثُ في سجلاتِ عقلهِ إن كنتُ موجودة فيها . فقاطعتُ سلسلة تسائلاتهِ الداخلية بإعطائهِ الإجابة التي يبحثُ عنها . ” هذا لأني طالبة مستجدة هنا “ إبتلعت ريقي للمرَّة الألف و أنا أنظر لهُ و شعور الإرتباكِ لم يمحى من دواخلي ، ليسَ لنظراتهِ المتفحصةِ فحسب ، و ليسَ لخجلي الزائد بل لأنهُ أوسمُ شخص تراهُ عيوني ، وأنا الآن في حالة حيرة من أمري لـ كيفَ لشخص أن يحملَ كل هذه الوسامة ! ! أعنِي يا رفاق ، الفتى يبدو و كأنهُ آلهة من آلهاتِ الإغريق التي نحتت بكل عناية و مثالية ! ! على ثغره رسمت ابتسامة جعلت من قلبي يخفق بشدة و أردف بنبرة هادئة و لعوبة بعض الشئ . ” هكذا إذن ! و أنا الذي كنت أتسائل كيف لعيناي أن لا تلاحظ جميلة مثلك هنا “ مـ-ماذا ؟ ! أ-أنا ؟ جميلة ؟ أيراني آلهة الجمال هذا جميلة ؟ ! أيعرفُ أحدكم رقمَ الإسعاف ، أو كيفيةِ القيام بالإسعافات الأولية ؟ لأنهُ على وشكِ أن يغمَى عليَّ حاليًا ! ” أ-أوه ، شكرا لك هذا لطف منك “ هذا كل ما إستطاع فمِي أن يحيكه بسبب شعوري بوجنتاي تشتعلان حرفياً ! فليتصل أحدكم بسيارة الإطفاء ! ! كنت مطأطأت الرأس لا أقوى على النظر نحوه حتى ، كانت أول مرَّة لي أجمالُ فيها من قبل فتًى وسيم ، أو فتى عادي، أو مجردَ كائن بشري . . و هذا كان رائعًا ، و محرجًا بالآن ذاتهِ . . و لكني سأحرصُ على تخليدِ هذهِ الذكرَى في عقلِي و أتباهَ بها لأطفالي و أحفادِي ، و أصدقاء أطفالي و أحفادي ، و جيرانهم و جيرانِي ، و كل شخصٍ يتنفس أو تحتَ التراب . سمعتُ طرقات حذاء على أرضية الغرفة و شعرت به يقترب نحوي لأرفع عيناي نحوه و يا ليتني ما فعلت ! كان يفصل بيننا خطوة واحدة فقط ! ما جعل التوتر يشنُّ هجومه عليَّ ، لأرجع إلى الخلف بسرعة أترك بيني و بينه مسافة آمنة لقلبي و رئتِي و عقلِي و كل شيء يعمل في جسمِي لإبقائِي على قيد الحياة ! ! . دهشةُ حينما وضع يداه على خصري جاذباً إياي نحوه بلطف جاعلا من ص*ري يلمس خاصته ما جعل عيناي تتسع على فعله الجريئ و غير المتوقع ! حسنًا . . هذَا قليلًا . . و ضعت كلتا يدايَ على ص*رهِ أدفعهُ بلطف ، و في عقلِي أضعُ لهُ المبرراتِ كي لا يشهدَ تحولِي ، و لكنهُ رفضَ الإفراجَ عنِّي و هذا جعلنِي أتوترُ أكثر فسألتهُ . ” مـ-ما الذي تـ-تفعله ! ؟ “ حاولتُ أن تكونَ كلماتِي واضحةً و لا أظهرَ الإرتباكَ الذي يسببهُ لي و لكن . . أجل هذا ما حصلتُ عليه ، طفلةٌ تتعلمُ النطق . رغمَ أنِّي سألتهُ - و يا ليتهُ يعلمُ كميَّةَ المعاناةَ التِي واجههَا فمِي ليخرجَ تلكَ الكلمات - غيرَ أنَّهُ تجاهلنِي ، رفعتُ عيونِي بصعوبةٍ نحوهُ ، و إحزرو ماذَا . . لقدَ وجدتُ ذاكَ سافل بكل ثقةٍ يتوجهُ نحوي أكثر مغمضًا عيونهُ و هدفهُ الإنقضاضُ على شفتاي ! ! أهكذَا يقولون مرحبًا لطلاب الجددِ هنَا ؟ ؟ لأنِّي و بحق السماءِ لم يرقنِي هذا الترحيب ! . نارُ غضبِي إتقدَ حينهَا ، فكيفَ يجرءُ هذَا الوقحُ الذي لم أعرفهُ سوى لـ حرفيًا خمسِ دقائق أن يقبل و بكل ثقةِ هذا الكون على تقبيل شفاهِي الثمينة ! ! لم أفكر مرَّتين قبل أن أدفعهُ بكل قوَّة أملكها حينها جاعلتً من جسدهِ يرتدُ بقوة نحو الخلفِ و تتسعُ عيونهُ بتفاجئ ، و لم أفكر مرتين كذلكَ قبل أن أرفعَ يدِي و أرسوها على خدهِ فأجعل رأسهُ يستدير بسببهَا ، و عيونهُ تتسعُ أكثر . ” كيف تجرأ و تضع يداك عليَّ أيها الوضيع ! “ صراخي الغاضب قد دوَّى في أنحاء الغرفة ، كان عاليًا لدرجةِ أن حلقِي ألمنِي بسببها و أظننِي سأحتاجُ لدواءٍ بعدَ هذا الشجار الذي سأخوضه . لوهلةٍ ، كان فقط ينظرُ لي و يضعُ يدهُ على خدِّه المحمر ، ينظرُ بدهشةٍ شديدة كأن ما فعلتهُ لم يوضع في قائمةِ توقعاتهِ حتَّى . و هذَا جعلنِي أرتابُ قليلًا . . هذهِ ليست طريقةَ الأغنياءِ لقول مرحبًا . . أليسَ كذلك . . ؟ استدرتُ و هدفِي المغادرةُ من الغرفةِ بأسرع وقت ، ليس لشيء و لكن حقًا ، إن واصلتُ النظر نحوهُ فسأفقدُ هيبتِي و غضبِي للوجهِ المضحكِ الذي يصنعهُ و هو ممسكٌ بخدهِ بإنفجاري ضحكًا . غير أن يدهُ التي حاوطت يدِي بكل قوَّة منعتنِي من المغادرة ، وأعادَ جسدي إلى مكانهِ ، و بعيونهِ التِي كنتُ قد إنصهرتُ من جمَالها سابقًا و الآن أكادُ أنصهرُ من الحممِ البركانية التِي تتصاعدُ منهَا ، حدق بي ، و هسهسَ غاضبًا . ” كيف واتتكِ الجرأة لتصفعينني أيتها النكراء الوضعية ! كيف تجرئين . . “ لم أستطع البقاءَ ساكنةً عن الهراءِ الذي يتفوهُ بهِ ، كأنمَا أنا المخطئةُ بحقهِ لا الع** ، كلماتهُ المستفزةُ أشعلت لهيبَ غضبِي أنا الأخرى ، لأسحبَ يدي التِي يقيدها من خاصتهِ ، و قاطعتُ قولهُ أردُ عليهِ بغضبٍ لا يقلُ عن خاصتهِ . ” بل من أنت بحق السماء لتجرءَ و تفكر حتى بلمسِ جسدي دون إذن مني ، بل و تحاول بكل وقاحة و جرءة تقبيلي ! و ماذَا أيضًا ؟ تحاول إيذاء يدِي ! أقطعُ تلك اليد التي فكرت بلمسي حتى ! أنظر جيدًا ! أنا لستُ كؤلائك الفتيات اللاتي أكبر مخاوفهن إن**ار أحد أظافرهن ، إن لزم الأمر بالنسبةِ لي ، فسأسلخكَ بهذهِ الأظافر ، أفهمت ! “ ما إن أنهيتُ كلامِي حتى تعالت صوت ضحكاتهِ ، كأنما كنتُ ألقي عليهِ نكتةً لا تهديدًا أنا جادةً كل الجديةِ بشأنهِ ! . محى تلكَ الضحكةَ من على ثغرهِ فجأة ، ليرسمَ بدالهُ أخر مظلمًا ، و أنا لستُ أمزحُ حينمَا أقول أنهُ قد بدَى مختلًا حينها . ” تسألينَ من أنَا ؟ “ إقتربَ خطوةً نحوي ، و لم أستطع سوى أن أشعرَ بالقلق حينها. " أنَا الجحيمُ لكِ عزيزتِي ! . " إبتسمَ بخفَّةٍ و أكمل ، و جديًا لو لم أكن في خضم نقاش حاد معهُ الآن لنصحتهُ أن يذهبَ و يشاركَ في أحدِ أفلام ' جوكر ' سيناسبهُ كثيرًا ، و قد يحصلُ على الأوسكار كذلك . " و ماذا أيضًا . . ؟ تريدين سلخِي بأظافركِ ذاتِ الطلاءِ الوردِي و المقلَّمةِ تلك ؟ أيَّتها القطة ، من الغباءِ الوقوفُ أمامَ أسدٍ وإدعاءُ أنَّكِ من ذاتِ الفصيلةِ ، فمَا لستِ سوى قطَّة صغيرة ضعيفة ، لن ت**دَ أمامِي و لو لڤيمتو ثانية " رمَى ما في جعبتهِ من كلام دون أن يرمش ، و دون أن أرمشَ أنا الأخرى ، و للحظة . . توقفتُ عن التنفس ، و إزدادَ شعور القلق و الخوفِ بداخلِي ، و رغبةٌ شديدةٌ بلطمِ خدَّاي راودتنِي ، غير أنِّي تماسكت ما إن رأيتُ أقدامهُ التِي كانت قد توجهت سابقًا لمغادرة الغرفة توقفت ، و إستدار نحوي ببطئ مثل أفلامِ الرعب ، ليزيدَ من ض*باتٍ قلبِي و رغبتِي بلطمِ نفسِي ، و أنا أسمعهُ يقول بنبرة علمتُ فيها أنَّ كل ما سيحدثُ في الثانوية ، ستكون أبعدَ لأن تكونَ خيرًا كمَا رسمَ خيالي الساذجُ و أنا في طريقي إلى هنا . ” و بشأن الصفعة . . أقسمُ أنِّي سأجعل من كل ثانيةٍ تتنفسينها داخل هذهِ الثانوية ندمًا يتآكل بداخلكِ لفعلتكِ ، و إن ظننتِ أنكِ قد عشتِ الجحيمَ في حياتكِ فإعلمِي أن ما ستعيشينهُ منذُ هذهِ اللحظةِ سيكون أشنع ، و أفضع ، و أسوء بكثير مما قد عشتيهِ سابقًا ، ستكونُ حياتكِ جحيمًا تق*فين العيش بها ، فليست العاهراتُ أمثالكِ من يتجرأن على لمس كيم تايهيونغ . “ كم أن هذَا مبشر . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD