الفصل الاول
قد يكون تفسير بعض جوانب ذلك هو أن هناك نوعا من الثقافة يسميه البعض ثقافة الطبع.. يختلف كثيرا عن ثقافة التعليم والقراءة وتحصيل العلم.. وهو نوع من الثقافة يخلق لدي الانسان حسا حضاريا مهذبا يستمد جذوره من تربيته الدينية والأخلاقية والعائلية.. ومما يقرأه في الكتب ويشاهده في الحياة وينقله عن الآخرين الذين يتشبه بهم, فيصبح لديه طبع المثقف حتي ولو لم يكن حاصلا علي مؤهل علمي, ويسلك في حياته الشخصية وتعاملاته مع الآخرين سلوكا راقيا خاليا من الغلظة والهمجية والأنانية والبدائية يهديه اليه طبعه وقيمه الاخلاقية الراسخة وما يسمي بالذوق الانساني..
ومشكلتنا الحقيقية هي أن بعض من يفترض فيهم أن يكونوا من الصفوة بحكم درجاتهم العلمية ومناصبهم الرفيعة قد لا يكونون في واقع الحياة كذلك.
بالنظر الي سلوكياتهم الشخصية وروحهم الهمجية في التعامل مع الآخرين ومن هنا تأتي الصدمة فيهم.. ويثور السؤال: كيف يتسني لهم أن يفعلوا كذا وكذا وهم من حملة الدرجات العلمية وشاغلي المناصب الرفيعة, والحق أنه لا وجه لمثل هذا التساؤل المغلوط.., لأن الدرجة العلمية والمنصب الرفيع ليسا دائما من علامات الشريف ان لم يصاحبهما السلوك الراقي, والاهتداء بالقيم الدينية والاخلاقية والاحتكام الي روح العدل في التعامل مع الآخرين.
وصاحب الدرجة العلمية أو المنصب الرفيع اذا افتقد كل ذلك لم يكن متحضرا حقا لا بالدراسة ولا بثقافة الطبع.. ولعل من العوام من يكون أكثر رقيا وتحضرا منه باهتدائه بقيم دينه في حياته الشخصية ورعايته لحدود ربه في تعاملاته مع الآخرين وربما يكون قد اكتسب ذلك بالسماع عن غيره أو عن أبويه.
ولقد كان المأمون يقول: ان من علامات الشريف أن يظلمه من هم دونه وأن يظلم هو من هم فوقه! بمعني أن يكون رفيقا بمن هم دونه حتي ليبدو للعامة وكأنه الضعيف أمامهم, وأن يكون جريئا في الحق مع من هم فوقه حتي ليبدو وكأنه يظلمهم. فقيسي بهذا المعيار تصرفات البعض ولسوف تعرفين من هم الشرفاء ومن هم غيرهم.. والسلام!