الفصل الثالث :

1613 Words
انطلق ذاك السؤال ليفاجئها فتراجعت تترك السترة لتهتف رفيقتها : " شككت بالأمر منذ رأيتك.. أنت أضعف من أن تقتلي أحداً" سخرت منها بقوة فشعرت بتجمع الدموع داخل عينيها.. لكنها عادت لتتوسل بصوت ضعيف: " أرجوك لا تدعيني وحدي هنا! " زفرت ميست في وجهها ثم أخذت تراقب ما حولها: "اسمعي.. سنستمر معاً إلى أن نصل للبلدة وبعدها سنفترق.. لكن هذا ليس لأجلك.. بل لأني لا أثق بك.. فربما تخبريهم إني هربت معك إن استطاعوا إمساكك.. هيا بنا لنجد شيء نأكله أكاد أتضور جوعاً " تن*دت براحة وخطت خلف خطواتها.. على الأقل لن تبقى وحدها في هذا المكان.. وأص*رت معدتها صوت تعلن عن احتجاجها هي الأخرى. -:" خذي هذه.. وهذه.. هل تحبين الجبن؟" -:" هل سنقضي الليلة في النزل؟!.. " لم تكترث ميست لها أو تجيبها.. بل استمرت برمي الأشياء لها لتحملها.. ثم وقفت أمام الرجل العجوز لتسأله : " كم تبعد البلدة عن هنا؟" -:" ها؟" وأرادت أن تبتسم عندما أمال الرجل رأسه باتجاه رفيقتها.. فيبدو إنه خفيف السمع.. لتكرر ميست عبارتها بصوت أعلى.. ثم أعلى.. حتى أجاب أخيراً :" ثلاث أميال من هنا جنوباً" -:" جيد.. ضعيها هنا" أشارت إليها لتضع ألواح الشيكولاتة والأطعمة المختلفة فوق الطاولة الخشبية القديمة.. وأخذت كلتاهما تراقبان اليدان المرتجفتان التي تتحرك بأبطأ حركة مرت عليها يوماً لتقوم بحساب سعر تلك المشتريات ثم إدخالها إلى الكيس البلاستيكي الأ**د. -:" سأقتله!!" همهمت ميست بصوت غاضب.. فعضت هي شفتها تكتم ضحكاتها.. خاصة وإنه قطب ثم أعاد إفراغ الكيس ليبدأ مجدداً. هذه المرة انطلقت ضحكة منخفضة منها وتلقت مقابلاً لها نظرة قاتلة من رفيقتها.. والتي لم تتحمل أكثر فرمت عملة ورقية بقيمة كبيرة وسحبت الكيس من بين يدي البائع لتضع الأغراض به بسرعة :" احتفظ بالباقي!!" -:" هاا؟" -:" ا****ة عليه.. قلت احتفظ بالباقي!!" وصرخت حتى كادت ت** أذني سام التي عادت لتضحك بينما الرجل يرفع العملة مقرباً إياها من أنفه ليتأكد من فئتها.. بينما تدفع ميست بالكيس لها وتأمرها :"هيا.. بنا" عادتا لتتحركا نحو الطريق فقطبت هي ثم ركضت خلفها تسألها : " ألن نبقى في النزل حتى الصباح؟! " -:" اسمعي أيتها الغ*ية الحمقاء.. إن أردت إراحة مؤخرتك اللعينة فافعلي.. فلد*ك المال لذلك.. لكن ما هي إلا ساعة وستجدين رجال الشرطة فوق رأسك.. مؤكد قد وصل الآن خبر عن ما أصاب الشاحنة والحراس وهروب جميع السجينات" تحركت بتعب خلفها ثم أخذت تفتش داخل الكيس الأ**د لتخرج أي شيء تأكله وتجنبت الشيكولاتة فهي لديها حساسية من الكاكاو. -:" همم.. لذيذة أتريدين واحدة؟ " وأشارت نحو قطع البسكويت المملح لترفض الأخرى ثم تأمرها : " أعطني لوح من الشيكولاتة فأنا احتاج للسكر " وتحركتا تاركتان آثار المغلفات خلفهما بخط مستقيم. -:" آآه.. لا استطيع أكل المزيد.. ميست.. من هؤلاء الذين هاجمونا؟" -:" لا أعرفهم.. لكن الغريب إنهم لم يأخذوا أي فتاة معهم" -:" إذاً لم هاجمونا؟" زفرت ميست بينما ترمي هي أخيراً مغلف الشيكولاتة وتنفض يديها وقماش سترتها: " لم اسألهم.. أتريدين العودة وسؤالهم بنفسك؟ " مال فمها بابتسامة عميقة ثم ركنت لل**ت بدورها تفكر إلى أين ستهرب بعد أن تفترق عن ميست؟.. ثم قطبت وابتسامتها تتوسع.. بالتأكيد هذا الحل الأنسب لها.. ونظرت نحو خاتم زواجها بتقطيبة عميقة ثم سحبته من يدها واقتربت نحو رفيقتها" ميست؟" -:" ماذا أيضاً؟ " -:" خذي هذا ستحتاجينه" التفت رفيقتها ثم احتل الخاتم الثمين راحتها لتقطب ثم دون أي رد أو شكر تحركت يدها لتخفي الخاتم في جيب سترتها. ترى ما سر تلك الفتاة؟.. وما هو سبب تواجدها بالسجن؟ ********* -:" لقد زرتها من قبل مع جايمس أثناء رحلتنا الأخيرة.. لديهم أفضل شاطئ على الإطلاق" أخذت تثرثر بينما لا تتلقى رداً حتى.. وعضت شفتها تتأمل اللوحة الأخرى التي مرت عبرها. -:" آه تبعد البلدة ميل واحد..." -:" أنا لست عمياء لقد رأيت اللوحة.. وحباً بالله اخرسي.. لقد سببت لي الصداع!!" عضت شفتها تتمتم بتذمر كبير: " إلى متى سنستمر بالسير؟!" -:" أكثر عمل أندم عليه هو أخذك معي.. كان يمكن أن أكون الآن قد وصلت" تذمرت ميست ثم نظرت حولها ولم تستطع أن تجيبها.. فلو أن ميست تركتها لربما بقيت في الحافلة هناك تنتظر مجيء الشرطة.. وتن*دت بتعب وآلم رأسها يتزايد فيبدو أن جرحها كان أعمق مما ظنت. -:" لد*ك هاتف دعينا نتصل منه.. سأكلم أحد إخوتي... " -:" إنه ليس هاتف أيتها الغ*ية.. هذا جهاز لاسلكي.. ومن خلاله سأعلم تحركات الشرطة.. ألم تري مثله من قبل؟" شعرت بالحماس للأمر وأسرعت خطاها لجانب ميست ثم طلبت برجاء : " أيمكن أن تريني إياه؟!. اجعليه يعمل " -:" كم عمرك؟ " -:" ها؟!.. سبعة وعشرون عاماً" مال فم ميست ساخراً منها وتحرك الشعر الأشقر في الهواء فبدت جميلة جداً: " لا أظن أن عقلك تجاوز السابعة فأنت غ*ية بالكامل.. ابتعدي!!" ودفعتها بعيداً عنها ثم خطت أسرع.. فزمت شفتيها حنقاً.. ثم صرخت بجنون : " آآه.. ميست؟!!!" -:" ما بك؟!.. ما الذي يجري؟!" -:" انظري هناك.. انظري! " وأشارت نحو جسم يتحرك فوق الطريق ثم اختبأت خلف الفتاة التي طالعتها بجمود ثم شهقت وهي تراها تستل المسدس ثم توجهه نحو الحيوان فتفجره برصاصة واحدة. -:" هل انتهى الأمر الآن؟!.. تحركي قبل أن أقرر أن تلتحقي به.. تقدمي!!" ومنذ تلك اللحظة لم يعد ل**ن سام يتحرك.. فقد قدماها.. فهي لا تريد أن تنفذ ميست تهديدها... ******* -:"خذي ارتدي هذه.. احتفظي بالسترة ربما نحتاجها.. لكن تخلي عن ملابس السجن.. آه.. ولتضعي هذه القبعة.. اخفي شعرك أسفلها" امتدت يدها لتأخذ السترة الواسعة قصيرة الأكمام.. وتن*دت.. لقد وصلا للبلدة عند بداية الفجر ثم لم يعد بإمكانها الاستمرار.. فرمت نفسها أرضاً مخالفة أوامر ميست ولأول مرة سمحت لنفسها بالنوم دون سرير أو غطاء فهي مرهقة كالجحيم.. ويبدو أن رفيقتها استسلمت أيضاً.. وبمجرد أن فتحت كلتاهما عيناها هبت الأخرى تصرخ بوجهها ثم تدفعها نحو متجر للملابس لتبدلا ثياب السجن بأخرى.. بناء على أوامرها الغاضبة.. -:" إنها واسعة.. انظري.. وسروالي أيضاً!" -:" توقفي عن التذمر.. لا وقت لدينا!!" -:" أريد سترة جلدية.. أو ذاك الفستان" وأشارت نحو الجهة المقابلة -:"هل نحن في رحلة تسوق؟! .. تحركي!!" -:"لن أفعل قبل أن أحصل عليه!" شتمت ميست وتحركت بسرعة تسحبها من يدها خارج غرفة التبديل.. فامتدت أصابعها تتطاول لتلتقط القماش الأ**د وتضعه فوق مرفقها.. متلقية نظرة قاتلة من رفيقتها دون أن يردعها الأمر.. تكفلت هي هذه المرة بالدفع عن كلتاهما.. لتنظر نحو السروال الجلدي القصير والسترة الواسعة التي تظهر الشقراء مثيرة للغاية.. بينا تبدو هي كتلة فوضى متنقلة. -:" ماذا الآن؟! " -:" سأجري اتصالاً.. ابحثي أنت عن مكان لتأجير السيارات.. وإياك وإعطاء اسمك الحقيقي.. دورا.. دورا هو اسمك" انتظرت حتى غابت عن عينيها ثم زفرت وأدارت جسدها تنظر من حولها لتلك البلدة الصغيرة.. ترى أين هم الآن؟! .. وتحركت بذاك الحذاء العالي لتبحث عن مكان يؤجر السيارات .. -:" ألم تجدي أفضل من هذه الخردة؟!!" صرخت ميست في وجهها تراقب كلتاهما تلك السيارة الصغيرة الخضراء.. من نوع فول** فاكن.. وتلقت تلك النظرة القاتلة لتبعد جسدها خطوة بسرعة فتتجنب تلك الض*بة من كوع مرافقتها بمهارة. -:" بالكاد وافق صاحبها خاصة مع المبلغ الضئيل الذي أحمله.. ماذا تريدين أن أفعل؟!" -:" كم أكره الأغ*ياء.. اصعدي قبل أن أخرج المسدس وانهي حياتك اللعينة مسدية خدمة للجميع!!" تولت رفيقتها القيادة بينما تجلس هي وترمي أغراضها على الكرسي الخلفي.. وعادت ميست لتشتم وتلك الخردة تص*ر صوت غريباً ثم تتحرك بصعوبة قبل أن تبدأ رحلتهم مجدداً بسرعة بالكاد تجاوزت الأربعين ميلاً.. -:" مي... " -:" اخرسي لا أريد أن أسمع صوتك!! " صرخت الفتاة ثم أخذت تض*ب المقود بحدة جعلتها تتراجع للخلف في كرسيها.. تباً إنها غاضبة جداً.. وساد بعدها ال**ت إلى أن توقفت تلك الخردة في وسط الشارع بدخان عال ومجدداً نظرة قاتلة جعلتها تهرع خارجها لتلاحقها ميست تريد ض*بها.. فتتعالى صرخاتهما وسط الفراغ. -:" ستأخذين السيارة وتذهبين إلى أي مكان لعين تريدينه.. لقد انتهى هذا الاحتفال.. وداعاً!!" -:" ميست!!!!!.." صرخت ورائها لكنها علمت يقيناً إن الأمر انتهى لذا تن*دت بتعب.. عليها الاعتماد على نفسها الآن.. عليها أن تجد حلاً وبشكل سريع قبل أن تصبح سجينة مرة أخرى. ******* بعد رحيل ميست شعرت سام بالخوف ولاول مرة منذ فترة طويلة شعرت برغبة ملحة للبكاء.. ضمت جسدها بكلتا يديها تجلس على الرصيف غير ابهة لنظرات المارة القلائل في المنطقة.. موت جايمس وما اصابها لاحقاً كان اكثر من كافي لتنهار لكن هل ستسمح لنفسها بذلك؟.. وان استسلمت وسلمت نفسها للشرطة كم سنة من عمرها سيمر قبل ان تخرج؟ هذا ان خرجت حية من الداخل.. فركت فروة رأسها تعض شفتها بحنق فالغضب افضل من النحيب.. ذاك الو*د المدعو ايدموند كم تكرهه.. ايموند؟!!!.. لحظة.. ماذا كان لقب عائلته؟.. جورد.. لا.. جوردن.. لما يبدو الاسم مألوف لها؟.. ولم تعلم ما الذي حعلها تذكر تلك العبارة التي قالها والدها الراحل.. " اه ذاك الصبي الصغير.. لقد اصبح رجل مميز ومحقق ذكي.. لو كان ويليام جوردن حياً لكان فخوراً به جداً.." هل يعقل انه ابن العم ويل؟.. هل هو ذاك المراهق العصبي البغيض الذي كان يأتي لجز العشب في حديقة منزل عائلتها؟.. لا يعقل.. لكن ماذا ان كان هو؟.. انتفضت تتحرك حولها ولمعت عيناها.. انه هو.. فل**نه اللاذع نفسه.. ومظهره البغيض عينه.. وعيناه الشريرتان هما نفسهما ومن يملك تلك النظرة الباردة سواه.. انه مدين لها.. وعليه رد الدين ولو مرغماً.. " صحيح.. صحيح.. لقد اساء لقطتي واخفى محفظتي.. وقام بشد شعري.. ماذا ايضاً؟.. اه لقد تسبب ب**ر مرفقي عندطا ترك سلك الكهرباء وسط الحديقة.." ابتسمت بظفر هذه قائمة رائعة للابتزاز.. وما عليها الآن سوى ان تجد مكان اقامته لتجعله يدفع دينه بمساعدتها.. صفقت بسعادة وحركت رأسها تبحث عن موقف الحافلات.. انتظرني ايدموند انا قادمة إليك.. *********** تشولا فيستا- مقاطعة سان دييغو - كاليفورنيا -:" قادم!!.. " صرخ الصوت الرجولي من وراء الباب بينما تكاد تهوي من تعبها فأسندت نفسها لعارضة الباب بينما يفتح ليظهر ص*ر مثير عاري في وسط وجهها.. رمشت لمرتين ثم شهقت تبتعد للخلف ورفعت عينيها المخفية خلف نظرات واسعة داكنة وشعرها مكوم أسفل الشعر المستعار الأ**د. -:" إيدموند" -:" نعم؟" قطب الرجل.. ومن يلومه لأنه لم يعرفها خاصة مع شكلها هذا.. لهثت بتعب بينما تبعده بيدها وتدخل لشقته دون إذن.. -:" أريد أن أجلس.. قدماي.. قدماي.. لقد سرت لما يزيد عن عشرون ميلاً.. أنا لم أفعل هذا يوماً.. أريد ماءً.. أعطني ماء!" ورمت نفسها فوق الأريكة غير آبهة إن كانت اتسخت من آثار الرمال فوق ثيابها وهي ترمي باقي حاجياتها أسفل قدميها.. ثم أخذت بنزع حذائها اللعين الذي فقد كعبه في مكان ما بعد أن هربت من ذاك المتحرش اللعين. -:" سامنثا ؟!!.. كيف؟!"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD