الفصل الثالث

4269 Words
مضت أكثر سبعة أشهر على وجود سيلين في عملها الجديد كبائعة في إحدى المولات الكبيرة في برلين....تعرفت على زملائها الجدد و لكنها كانت تفضل ان تكون وحيدة طوال الوقت.... رغم إبتسامتها الدائمة التي كانت نرسمها على وجهها لتستطيع القيام بعملها على أكمل وجه إلا انها كانت تخفي حزنها الكببر في قلبها بسبب أوضاع حياتها التي كانت تتدهور يوما بعد يوما.... أكملت عملها على الساعة الثامنة مساء ثم توجهت إلى محطة القطارات حتى تستقل القطار المتوجه نحو الحي الذي تقطن فيه... لفت سترتها الجلدية حول جسدها بسبب برودة طقس شهر سبتمبر اول أشهر الخريف قبل أن تجلس على احد المقاعد... نظرت للشاشة العملاقة التي تعرض مواعيد قدوم و إنطلاق القطارات لتجد ان قطارها سيصل بعد دقيقتين.... بعد نصف ساعة كانت تقف أمام باب منزلها تبحث عن المفاتيح في حقيبتها...فتحت الباب ثم دلفت لتجد والدتها عافية على الاريكة كعادتها تنتظر مجيئها...تقدمت نحوها بعد أن رمت حقيبتها جانبا ثم بدأت في إيقاظها بهدوء حتى لا تفزع.... :"مامي... إصحى حبيبي انا جيت...". فتحت هدى عينيها ببطئ لتجد طفلتها الصغيرة تقف أمامها... تن*دت بارتياح قبل أن تمسح وجهها المتعب قائلة :"إنت جيتي يا حبيبتي الحمد لله... كنت مستنياكي بس الظاهر إني نمت مكاني... تعالي إغسلي إيد*كي و انا ححط الاكل على السفرة عشان نتعشى سوى ". سيلين بعتاب و هي تتوجه نحو الحمام لتغسل يديها :"مينفاش (مينفعش) كده يامامي مكانش لازم تتعب نفسك كنا طلبنا بيتزا من برا ا اي حاجة ليه تطبخ ". هدى :" و هو زحنا كل يوم حنقضيها اكل شوارع و بعدين انا مش بتعب و لاحاجة....انا طول النهار قاعدة لوحدي زهقانة و مش بعمل حاجة... بفكر فيكي يابنتي و ببقى مرعوبة كل ما ييجي الدنيا تظلم و إنت بتبقي برا أنا خايفة عليكي مش كفاية مستقبلك اللي ضاع بعد ما سبتي جامعتك... ". خرجت سيلين بعد أن نشفت يديها و هي تلوي شفتيها بامتعاض من حديث والدتها الذي إعتادت على سماعه كل مساء تقريبا جلست على كرسيها و هي تقول :" مام ليه دايما نفس الكلام...حضرتك عاوزانا نعمل إيه مافيش حل غير إني أسيب جامعة و اشوف شغل....أكملت بالالمانية :" أبي رحل و أنت مريضة لاتستطعين متابعة عملك..نحن في بلد غريب لا أحد سيشفق علينا...لم يكن أمامي اي حل يجب أن اخرج للعمل حتى أجلب النقود... من أين سنأتي بثمن الاكل و الدواء و فواتير الماء و الكهرباء و غيرها... نحمد الله أن المنزل ملكنا و إلا كنا الان مشردون في الشوارع.... ". رمقتها هدى بتردد قبل أن تهتف بنبرة منخفضة :" خلينا نرجع مصر يا بنتي كفاية مرمطة هنا ". سيلين بغضب :" أمي...تعلمين رأيي في هذا الموضوع لن اذهب لتلك البلاد رواية بقلمي ياسمسم عزيز ... أكرهها و أكره المصريين جميعا ". قالتها بغل و هي تكز على أسنانها بغضب عندما تذكرت سيف المصري الذي كان سببا في طردها من عملها.... هدى بعتاب :" ملكيش حق يا سيلين و هو في أطيب من المصريين و جدعنة المصريين يعني عاحبينكم الألمان.. جامدين و قلوبهم حجر... خليني ساكتة أحسن ". سيلين و هي تغرس ملعقتها في صحن الشوربة :"على الاقل هم لديهم وجه واحد...قلوبهم قاسية و لا يعرفون معنى الرحمة او التعاطف و لكنهم غير ناكري للجميل....امي دعينا من هذا الموضوع لن أعود لمصر ابدا انا ألمانية لقد ولدت هنا و ترعرعت هنا و لا اعرف بلدا آخر غير ألمانيا.... هدى بحزن :" بس يا بنتي الحمل ثقل عليكي أوي إنت مش ملزومة إنك تشتغلي و تصرفي علينا...إنت مكانك في كليتك مع زمايلك لحد إمتى حتقعدي تشتغلي في المطاعم و المحلات أنا لو مت حتبقي لوحدك يا بنتي إحنا ملناش حد هنا..... سيلين باستهزاء:" سنعود لمصر لنجد أروع عائلة في العالم تنتظرنا.. ارجوكي امي". هدى بتحسر:"أيوا هناك في عيلتي اللي هربت منها من عشرين سنة...عشان حبيت ابوكي و أصريت إني أتجوزه و هربت معاه على هنا بعد ما أبويا رفض علاقتنا....ياريت السنين ترجع بيا لورا مكنتش حعمل اللي أنا عملته زمان ...مكنتش حغلط غلطة قعدت ادفع ثمنها عمري كله.... رواية بقلمي ياسمين عزيز سيلين :" إنت لم تخطئي انت أحببتي والدي فقط...عائلتك قاسية لماذا تركوكي كل هذه السنوات لم يحاولي البحث عنك حتى". هدى :"أنا كمان من ساعة ما سبت القصر محاولتش اتصل بيهم ثاني...الحق عليا انا اللي غلطانة...الجواز مش بس حب بين إثنين... الجواز مسؤلية قبل كل شي انا و ابوكي غلطنا كنا انانيين مفكرناش غير في نفسنا...مفكرناش في أولادنا لما ييجوا يلاقوا نفسهم وحيدين في بلد غريبة و اهو اللي خفت منه حصل .... ". نفخت سيلين وجنتيها بضيق قبل أن تكمل طعامها و هي تستمع لحديث والدتها و هي تحكي لها على حياتها السابقة في قصر والدها عندما كانت صغيرة...". إنتهيا من العشاء لتقوم سيلين بغسل الصحون و ترتيب المطبخ قبل أن تدلف غرفتها طلبا للراحة بعد تعب يوم طويل.... في القاهرة.... و تحديدا في قصر صالح عزالدين.... يقف فريد بين زملائه و أصدقائه الذين أتوا ليحتفلوا معه بحفل زفافه و الذي سعى ان يكون بسيطا و ضيقا يقتصر على حضور عائلته و بعض أصدقائه و طبعا سميحة والدة أروى لم تمانع فالمهم عندها هو أن يتزوج إبنتها.... اما أروى المسكينة فقد كانت اشبه بجسد بلا روح وسط أقاربها الفرحين بحفل الزفاف الذي ادخل على القصر بعضا من البهجة و الفرح... تشعر انه سيغمى عليها من الخوف في كل دقيقة تمر و كأنها ذبيحة تساق نحو هلاكها... تعالت دقات قلبها و بدأ جسدها بالارتعاش بعد أن شاهدت الوحش كما تسميه هي يتقدم نحوهها بجسده الضخم و هيئته المرعبة التي جعلت قلبها يهوي داخل اضلعها فزعا و رعبا منه... رفعت يدها بسرعة لتمسح دموعها التي نزلت رغما عنها و هي تتخيل الجحيم الذي ينتظرها في حياتها القادمة...فهي لطالما سمعت عن جبروته و عجرفته و غروره.... جلس بجانبها دون إهتمام بها حتى أنه لم يلتفت نحوها...إنشغل بالحديث مع والدته قبل أن يقف من جديد و يتجه نحو بعض المدعوين يصافحهم و يرحب بهم.... بعد سويعات قليلة كانت أروى تجلس في جناحه و على سريره بتوتر و هي تفرك يديها بعنف تشعر أن قلبها سيتوقف في اي لحظة من الخوف... دارت بعيناها أرجاء الغرفة لترتجف عظامها من د*كورها القاتم الذي يع** شخصية صاحبها خاصة اللون الاسود الذي طغى على المكان ليعطيه مظهرا كئيبا و مرعبا بالرغم من فخامة التجهيزات...... تن*دت بصوت عال و هي تتمنى داخلها لو أن كل ما تعيشه هو كابوس لعين و ستصحو منه بعد قليل... تمنت لو أنها كانت بتلك الجرأة و القدرة على الوقوف أمام والدتها ودت لو أنها إستطاعت الهرب لكن إلى أين؟؟ كان يجب أن تجرب كل شيئ قبل أن تستستلم.. كان يجب أن تحارب أكثر من ذلك أن تظل قوية و ان تبحث عن حل آخر... أخرجها من دوامة أفكارها دخوله المهيب بطلته الجذابة ببدلة الزفاف التي زادته وسامة و جمالا.... توقف قليلا عن السير عندما رآها ثم زفر بحنق قبل أن يكمل سيره نحو الحمام ليغير ملابسه... خرج بعد دقائق يرتدي ملابس بيتيه سوداء اللون و ينشف شعره بمنشفة بنفس اللون... رمى المنشفة بإهمال على أقرب كرسي قبل أن يتقدم نحو طاولة الزينة ليأخذ منها زجاجة عطره ليرش منه بسخاء على جسده أعاد الزجاجة لمكانها ثم إتجه نحو الاريكة السوداء ليجلس عليها بارتياح واضعا ساقه فوق الاخرى...إلتفت نحوها بعينيه الحادتين كالصقر الذي يكاد ينقض على فريسته يطالع هيئتها بسخرية.... صغيرة و ضئيلة الحجم لا تكاد تصل لاسفل ص*ره لا ينكر جمالها الملفت و خاصة عينيها السوداء الشبيهة بأعين الريم...أغمض عينيه بتعب ثم ارجع رأسه مستندا إلى ظهر الاريكة و هو يطرد تلك الأفكار الغير بريئة التي إجتاحته فجأة... فليس فريد عز الدين من يفقد السيطرة على نفسه بهذه السهولة... تحدث بصوت غليظ أجش ليقطع **ت الغرفة عندما ناداها :"تعالي... إهتزت جسد المسكينة و إرتعدت فرائصها و هي تتمسك بفستانها الكبير و كأنه سيحميها من هذا الوحش الجالس أمامها... تقدمت نحوهه بخطوات بطيئة مترددة و هي تتحاشى النظر نحوه رغم تأهب حواسها لأي حركة تص*ر منه.... :" أقعدي خلينا نتفاهم ". نطق مرة أخرى و هو ينحني للأمام بجسده الضخم الذي إحتل معظم الاريكة لترتمي أروى على الكرسي الذي أشار له بعد أن كادت تقع أرضا من شدة توترها.... فرك فريد ذقنه الحاد قليلا قبل أن يهتف من جديد :"قلتيلي إسمك إيه؟؟ شهقت أروى بداخلها و شعرت بغصة تجتاح حلقها جعلتها تعجز عن التحدث و هي تستمع لما يقوله...تزوجها و هو لا يعرف حتى إسمها ألهذه الدرجة هي بلا قيمة...ليت والدتها كانت موجودة حتى تسمع وترى نتيجة أفعالها.... أردف من جديد بنبرة لا مبالية متجاهلا صدمتها التي ظهرت جليا على وجهها :"إفتكرت..إسمك أروى المهم... إسمعيني كويس عشان في حاجات مهمة لازم تعرفيها عني و تعليمات لازم تلتزمي بيها عشان الحياة تستمر بيننا أنا إنسان عصبي جدا و بكره إني اقول حاجة و متتنفذش...إنت طبعا عارفة أنا تجوزتك ليه ...إنت هنا عشان تهتمي بلجين بنتي... للأسف مامتها توفت و سابتها فهي محتاجة ام بديلة تهتم بيها و تراعيها...عاوزك معاها أربعة و عشرين ساعة ...هدومك و حاجتك كلها في أوضة لوجي....و مش عاوز اشوفك مرة ثانية هوبتي ناحية أوضتي... و مفيش خروج من القصر لا تقوليلي ماما و لا أختي و لا صاحبتي...أي حاجة تحتاجيها تقوليلي و انا حوفرهالك...اتمني إن كلامي واضح عشان مش عاوز أعيده ثاني و دلوقتي تفضلي.... أنهى كلامه و هو رواية بقلمي ياسمين عزيز يشير نحو باب الجناح يأمرها بالخروج بكل وقاحة لتقف أروى من مكانها حاملة فستانها الثقيل و تسير نحو الخارج و هي تتنفس الصعداء... رغم شعور الإهانة القاتل الذي شعرت به و هو يعاملها و كأنها خادمة بل هي بالفعل خادمة لابنته ألم يخبرنا ان سبب زواجه منها هو الاعتناء بالطفلة...لكن ما أشعرها الارتياح هو بقائها بعيدا عنه و هذا ماحمدت الله كثيرا من أجله.. ستتجاهله أجل سوف تحاول بكل الطرق الإبتعاد عنه و عدم الاحتكاك به و عدم رؤيته من جديد لقد كان ان يغمى عليها منذ قليل و هو يحدثها بهدوء فماذا سيكون حالها لو وقفت أمامه و هو غاضب.... فتحت الباب المقابل للجناح و دلفت للداخل لتبتسم رغما منها من مظهر الغرفة الزاهية بالوانها البيضاء و الزهرية التي بعثت بعض البهجة و السعادة بداخلها .... تقدمت للداخل لتجد فتاة صغيرة جميلة للغاية تنام بهدوء على الفراش...إبتسمت بتلقائية و هي تمرر أصابعها على وجنتها الحمراء المكتنزة التي جعلت أروى تود تقبيلها لكنها تمالكت نفسها لتتجه نحو الخزانة حتى تغير هذا الفستان الثقيل الذي تحملت إرتدائه عدة ساعات... جذبت الغطاء بعد أن تمددت بجانب الصغيرة لتغلق عينيها بتعب و هي تزيح من عقلها جميع الأفكار التي تزاحمت فجأة لتؤرق نومها متمتمة بداخلها :"أحسن الحمد لله إنها جات على كده يارب يفضل زي ماهو و خليه بعيد عني دايما ... في الولايات المتحدة الأمريكية.. رفع رأسه من على كتلة الأوراق التي تفترش مكتبه بإهمال... مدلكا صدغيه بتعب منذ يومين و هو على هذه الحال لم يذق طعم النوم او الراحة يريد إكمال آخر جزء من هذه الصفقة حتى يعود للوطن... فقد حان وقت الانتقام... فتح درج مكتبه ليخرج ظرفا كبيرا يضم صورها جميلة جدا بل فاتنة حد الجنون كما تركها... ضحكتها الخلابة التي سلبت عقله منذ النظرة الأولى لازالت كما هي لم تتغير.... قبض على الصور بقوة و عيناه تزداد قتامة من شدة الغضب كلما تذكر ما فعلته به في الماضي.. كيف خدعته بكل سهولة و مزقت قلبه لاشلاء غير مبالية بمشاعره التي سحقتها تحت قدميها بكل قسوة و أنانية... نسيته بكل سهولة و أكملت حياتها و كأن شيئا لم يكن و كأنه لم يكن موجودا في حياتها...بينما هو لا زال يعيش على ذكراها...لم تغب عن تفكيره لحظة واحدة....مايزال يتذكر ذلك اليوم المشؤوم الذي إكتشف فيه خداعها له تحت مسمى الحب.... تن*د بصوت مسموع و هو يتفحص تلك الأوراق من جديد... سامح منصور إبن رجل الأعمال عبدالله منصور...رجل آخر يتقدم لخطبتها ليقوم هو بابعاده كما تعود منذ سنتين... ضحك بسخرية و هو يحاول ان يتذكر كم عدد الرجال الذين أجبرهم على الإبتعاد عنها بمساعدة فريد شقيقه وسيف إبن عمه رغم معارضتهما لافعاله إلا أنهما في الاخر يرضخان لطلبه..... لكن الآن إنتهى كل شيئ... سيعود من جديد لأجلها... لأجل كرامته و رجولته.. لأجل قلبه الذي فقده منذ خمس سنوات على يد طفلة لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها....سيعود حتى يأخذ بثأره منها كما وعدها في آخر لقاء بينهما... فهو رجل و الرجال لا تنكث بوعودها ابدا.. أشرق صباح جديد على قصر آل عز الدين... لتستيقظ تلك الجميلة ذات الشعر البني الحريري و العينان الساحرتان... مطت ذراعيها ب**ل قبل أن تتمتم بنعاس قائلة :"تروماي معدي على جسمي مش سايب فيه حتة سليمة... حركت يديها على فراشها بحثا عن هاتفها لتجده اخيرا تحت الوسادة... فتحته لتشهق فزعة و هي تقفز من فوق سريرها :" يالهوي دي الساعة عشرة... جدي حيسمعني الموشح بتاع كل يوم علشان بتأخر.... رمت الهاتف ثم إتجهت مسرعة نحو الحمام لتغسل وجهها و تغير ثيابها و تنزل للأسفل حيث وجدت جميع العائلة محلقين حول طاولة الإفطار كعادتهم كل صباح.... هرولت إنجي نحو جدها تمسك بيده و تقبلها قائلة بتلعثم:"صباح الخير يا جدو... انا آسفة عشان نزلت متأخر... أشار لها لتسير نحو مقعدها بجانب هشام الذي كان يرمقها بنظراته العاشقة المعتادة... همست و هي تقطب جبينها بتعحب:" الظاهر إني مش انا لوحدي إللي صحيت متأخر النهاردة.... هشام بخفوت : صباح الورد يا نوجة...لا كلنا صحينا متأخر متقلقيش داه حتى سيف خرج من شوية بس... إنجي :" هااا و انا بقول ليه جدو مزعقليش زي عوايده... هشام بابتسامة :"يلا إفطري عشان اوصلك لكليتك في طريقي.... زمت إنجي شفتيها بعدم رضا و هي تتذكر كيف حرمها جدها من سيرتها منذ اسبوعين بعد أن تجاوزت السرعة المحددة لها في إحدى المرات و هي في طريقها للكلية بعد أن إستيقطت متأخرة كعادتها و تم سحب رخصة سياقتها... بعدها تولي شقيقها فريد توصيلها إلى الجامعة كل صباح لكنه اليوم عريس و لذلك كلف الجد هشام بهذه المهمة و هذا ماجعله في غاية السعادة حتى أنه كاد ان يقبل جده صباحا لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة.... خرجا بعد أن إنتهيا من تناول الفطور... فتح لها الباب بحركة نبيلة لتدلف إنجي السيارة غير مهتمة بذالك اللذي كانت عيناه لا تحيدان عنها...و كأنه لا يرى غيرها في المكان... في الطريق للجامعة... إنزلقت إنجي بجسدها لأسفل الكرسي قليلا قائلة بنعاس :"هشام.... ممكن تحجزلي في أي أوتيل عشان عاوزة اكمل نومي.. و لما تيجي تروح المساء تعالي خذني في سكتك.... ضحك عشام و هو يلتفت نحوها ليجدها منكمشة على نفسها كقطة صغيرة تغلق عيناها إستعدادا للنوم... هشام بضحك إنت حتنامي بجد و إلا إيه... مينفعش كده قومي و صحصحي داه إنت عندك محاظرات دلوقتي.... هزت أكتافها ب**ل و هي تجيبه :" مش عاوزة أروح الكلية... حنام في المحاضرة و الله... على فكرة المفروض مكنتش آجي عشان إمبارح الفرح و انا فضلت سهرانة لوقت متأخر ..... " هشام بتهكم و قد تذكر طلتها الساحرة التي جعلته يشعر بالغضب و الغيرة الشديدة من عيون الحاضرين الذين كانوا ينظرون لها بإعجاب :" و فضلتي طول الليل بترقصي.... إنجي بسخط:"الله مش فرح اخويا... هشام و هو بحاول تهدأة نفسه :" اه فرح اخوكي و اد*كي النهاردة مصبحة في الكلية... خليه ينفعك بقى...". إستقامت إنجي في جلستها ثم مسحت وجهها تنشط نفسها قليلا قبل أن تلتفت نحو هشام الغاضب... ضيقت عينيها بمكر قبل أن تضع يدها على يده الموضوعة فوق مقود السيارة ليتنتبه لها هشام و يستدير نحوها دون أن ينبس بكلمة.... إنجي و هي ترفرف بأهدابها قائلة بدلال:"هشام... هشام بنبرة هائمة بعد أن سيطرت عليه بلمسة بسيطة من يديها و نظرة من عينيها :" روح قلب هشام... ". إنجي بخبث و هي تمد شفتها السفلية نحو الإمام كدلالة على حزنها:" مش عاوزة أروح الكلية.... إبتلع هشام ريقه بصعوبة و هو يشعر بتعرق جبينه رغم برودة الطقس ليهتف بصوت متقطع :" ليه بس يا نوجة...مش يمكن ععندك محاضرات.... مهمة و لازم تحضريها...". ابعدت إنجي يدها و هي تزم شفتيها بحزن ملتفتة للجهة الأخرى من السيارة ليتن*د هشام بيأس من دلالها الذي يكاد يذهب بعقله فهو لحد الان لا يزال غير مصدق انها الان تجلس بجانبه و عطرها الهادئ برائحة الياسمين يملأ سيارته.... هشام باحباط :"طيب خلاص يا نوجة متزعليش أنا حاخذك الجامعة ساعتين بالكثير شوفي وراكي إيه و بعدها حاجي آخذك ثاني نتغدى سوى و نقضي بقية اليوم مع بعض عشان للأسف مش حقدر ارجعك القصر .. إنجي و قد لمعت عيناها بسعادة :" لا قصر إيه داه جدو يولع فينا إحنا الاثنين... بعد القليل من الوقت كانت سيارة هشام تقف أمام كلية الإعلام التي تدرس بها إنجي التي ودعته و نزلت متجهة نحو أصدقائها.. أدار هشام سيارته الناحية الأخرى حتى يعود أدراجه نحو المستشفى التي يعمل بها لكنه لمح إنجي صدفة تقف مع شابين و فتاة قرب الباب الخارجي للكلية.... ضيق حاجبيه عندما لمح أحدهما يضع يده على شعرها ليكز هشام على أسنانه بغضب و يوقف السيارة فجأة حتى إحتكت العجلات بالأسفلت مص*رة صريرا مزعجا... أغلق باب السيارة بعنف ثم أخرج هاتفه ليطلب رقمها و عيناه مازلتا مثبتتان عليها حتى رآها تخرج هاتفها من حقيبتها... إنجي بمزاح :"كنت عارفة إنك حيتغير رأيك و تيجي تاخذني..... توقفت عن الحديث عندما قاطعها بنبرة حادة و هو يصرخ بغضب :" مستنيكي برا خمس ثواني و تكوني واقفة قدامي ". حدقت إنجي بشاشة هاتفها بتعجب بعد أن أنهى هشام المكالمة و هي تتمتم بصوت خافت جدا :" مالوا داه... سألتها أحلام صديقتها :" في إيه يا إنجي؟؟ إنجي بلامبالاة :"و لا حاجة انا مضطرة اطلع هشام مستنيتي برا حشوف عاوز إيه و أرجع على طول... تشاو مؤقتا". وصلت إلى سيارته لتجده متكئا عليها و هو ينظر نحوها..و هاتفه بيده... إستقام ثم أشار لها بركوب السيارة قبل أن يلتف هو أيضا ليستقل مكانه و ينطلق.. إنجي بحماس متناسية لهجته الغاضبة منذ قليل :"حتاخدني فين بقى؟؟ هشام بهدوء و هو يكتم غضبه بداخله:"مين الولد اللي كان بيمسحلك على شعرك من شوية؟؟ إنجي بعدم فهم:"ولد؟... ولد مين؟؟ إنكمشت مكانها تحتضن حقيبتها عندما صرخ هشام في وجهها و هو يض*ب المقود بهستريا :" الولد اللي كان واقف معاكوا من شوية... إنطقي إزاي تسيبيه يحط إيده عليكي كده.... إنجي بنبرة لينة تحاول مسايرته:"هشام عشان خاطري إهدى.... أمسكها من ذراعها يهزها بعنف و يده الاخرى على المقود:"حقول لجدي و هو حيربيكي من جديد.. حقله إن حفيدته المحترمة إنجي عزالدين دلوعة العيلة واقفة مع شباب في الجامعة واحد منهم حط إيده عليها.... انا لولا خايف من الفضايح اللي ممكن تحصل من الموضوع داه كنت دخلت **رت إيده اللي حطها عليكي.. إبن....". شهقت إنجي بخوف و صدمة و هي ترى هشام إبن عمها الشاب الهادئ الرزين يتحول إلى وحش غاضب مخيف... مساء .... عاد صالح إلى قصر جده بعد غياب دام سنوات ليستقبله الجميع بفرحة.... سناء و هي تحتضنه للمرة العاشرة :" أنا مش مصدقة إنك خلاص رجعتلنا ياحبيبي.. انا كنت حموت و اشوفك...". صالح بضحك و هو يقبل جبينها :"ياماما ما إنت اللي رافضة تجيلي هناك...". سناء بتكشيرة :" بعيدة اوي ووحشة... كان لازم تختار أمريكا. صالح :" اديني رجعت اهو يا ستي المهم متزهقيش مني بس...". سناء بلهفة:"ياخبر داه انا بفكر اجوزك كمان زي أخوك...". إنجي بمزاح:" إشرب ياعم.. الظاهر إن ماما حاسبة حساب كل حاجة... عاوزة تربطك هنا بأي طريقة ". صالح:"و انا موافق ياستي.. بس.. هو فريد فين انا مش شايفه ". سيف :" ما إنت عارف اخوك...رجع الشغل". صالح و هو يهز رأسه من تصرفات أخيه:"لو مكانش عمل كده ميبقاش فريد... بقى الجميع يتجاذبون أطراف الحديث قبل ان يستأذن صالح الصعود لغرفته ليرتاح... اخرج هاتفه من جيبه ليصل برقم ما... بعد أن اتاه الرد قال :"تمام.... كويس جدا داه المطلوب... مكان هادي و بعيد عن الكل...محدش يقدر يوصله .. عز الطلب...ماشي مع السلامة". رمى هاتفه على السرير تزامنا مع إبتسامته الشريرة التي شقت ثغره ليطلق صفيرا مستمتعا بخططه التي تسير كما يحب..... في فيلا فخمة تعود لمالكها ماجد عزمي..... تحلقت العائلة الصغيرة حول طاولة العشاء كعادتهم كل مساء... ماجد :" إيه اخبار الشغل يايارا... ؟؟ يارا بعدم إهتمام :" سبته.. ماجد بصراخ و هو يرمي الشوكة و السكين من يديه: نعم...إنت إتجننني دي ثالث مرة تعمليها و ت**فيني مع أصحابي... ميرفت (والدة يارا) :" خلاص يا ماجد متكبرش الحكاية البنت مش عاوزة تشتغل.... هو بالعافية ". ماجد بغضب :" كله من دلعك فيها....آدي أخرتها... يارا وهي تلوي ثغرها بملل:" يا بابا قلتلك مية مرة قبل كده انا مش بحب اروح الشركات دي و اتقيد بوقت دخول و خروج و بعدين انا مباقليش كثير متخرجة عاوزة اريح دماغي شوية ... ماجد بسخرية :" اللي يسمعك كده يقول كنتي مقطعة نفسك مذاكرة و إنت يادوب كنتي بتنجحي كل سنة بالعافية...داه انا ببقى م**وف لما بكلملك واحد من أصحابي عشان يلاقيلك شغل عنده...لما يسألني ناجحة بتقدير إيه... ميرفت بغرور:" مش مهم التقدير... المهم إنها خلصت و بقت مهندسة...خليها ترتاح سنة و إلا إثنين و بعدين نشوف حكاية الشغل إبقى إفتحلها مكتب لوحدها بنتي انا مبتشتغلش عند حد .... ماجد بسخرية:" عشان الهانم تبقى تروح و تيجي براحتها... ميرفت بتجاهل:"نسيت مقلتلكش مرات عبدالله منصور كلمتني عاوزين معاد معاك عشان يخطبوا يارا... ماجد بتعجب :"عبد الله منصور بتاع العربيات.... ميرفت :" أيوا هو...قلت إيه؟ ". تدخل ريان شقيق يارا الأصغر قائلا بمرح :" حغير العربية حغير العربية... رمقه والده بنظرة حادة لي**ت ثم إلتفت نحو زوجته قائلا :"أتمنى ميكونش زي اللي قبله...ميكملش أسبوع و يختفي خالص.. ميرفت بتأفف:"خلاص بقى مش وقت المواضيع دي... ا****عة معزومين عندنا آخر الأسبوع أنا بكرة حكلم نجلاء هانم و اقلها ". أومأ لها ماجد دون أن يتحدث قبل أن يعود من جديد ليتناول طعام العشاء بينما إستأذنت يارا نحو غرفتها بعد أن تحججت بأنها متعبة و تريد النوم..... غيرت ملابسها ثم تسطحت على السرير و هي تتذكر حياتها طوال الخمس سنوات الماضية....وتحديدا بعد ذلك اليوم الذي تركها فيها صالح عزالدين....كانت تدرس بجد رغم الصعوبات التي كانت تواجهها لكنها كانت دائما مصرة على النجاح حتى لا تصبح مص*ر سخرية من زملائها الذين لاطالموا تحدثوا من ورائها عن فشل بعد أن تركها النابغة صالح كما كانوا يسمونه.... لم يقترب منها لا رواية بقلمي ياسمين عزيز رامي الحداد و لاغيره من شباب الجامعة حتى في النادي... كلما تحدث معها أحدهم اليوم يختفي بصفة مفاجأة في اليوم التالي... نفت تلك الأفكار من رأسها عندما سمعت هاتفها يرن لتجدها إحدى صديقاتها مروى.... يارا بهدوء:"أهلا ياميرو.... مروى بصراخ :" فينك يابنتي كلنا مستنينك... يارا بتعجب :"مستنيني فين؟؟؟ وضعت مروى يدها على أذنها الأخرى لتسمعها بسبب صوت الاغاني المرتفع :" البارتي إبتدت من زمان...عيد ميلاد فيري إنت نسيتي؟؟ تأففت يارا بضيق لنسيانها أمر عيد ميلادها صديقتهم فريدة:"اووف انا نسيت خالص و مش حقدر آجي دلوقتي... مروى :" مش ممكن يا يويو الشلة كلها هنا مستنيينك داه حتى حازم هنا و مش مبطل سؤال عليكي " يارا بضيق :"تمام نصاية و اكون جنبك..". إستقامت يارا و هي تنظر لشاشة هاتفها لتجدها الساعة التاسعة و النصف ليلا لم تهتم كثيرا فهي معتادة على السهر خارجا كل ليلية و الرجوع متأخرة و ذلك بتشجيع من والدتها اللتي لم تكن ترفض خروجها خاصة و انها تعرف صديقاتها جميعا و هذا ما كان يطمئنها حسب رأيها.... إتجهت نحو خزانتها لتغير ملابسها و ترتدي فستانا فخما باللون الأ**د المطرز بخطوط ذهبية قصير و ضيق يلتصق على جسدها كجلد ثان إرتدته على عجالة ثم فردت شعرها المموج ليغطي كتفيها و ظهرها و وضعت بعض مساحيق التجميل الخفيفة مما زادها جمالا ثم أخذت حقيبتها التابعة للفستان و حذاء باللون الأ**د و نزلت الدرج بسرعة..... من حسن حظها لم تجد أحدا في الأسفل رغم أنها لم تكن تهتم... ركبت سيارتها ثم إنطلقت نحو احد الملاهي الليلة الفخمة حيث يقام عيد الميلاد... دخلت تتهادى بخطوات رشيقة جعلت جميع الرؤوس تلتفت لها و تناظرها باعجاب إحتضنتها مروى قائلة :"واو إيه الجمال داه كله يايويو...قمر آخر حاجة.... أجابتها يارا بغرور و هي تجلس بجانبها واضعة ساقها على الأخرى بأناقة :" طول عمري قمر و ميرو و إلا إنت رأيك إيه.... حازم بابتسامة :"طبعا برنسيسة الجامعة و النادي و كل حتة... إحتضنها مقبلا وجنتها لتجيبه يارا :"دي اقل حاجة عندي...امال فين جوجو مش شايفاها هي ماجاتش؟؟؟ مروى بضحك :" لا جات بس فوق مع أسامة... يارا و هي تلوي شفتيها باشمئزاز :" البنت دي مش حتبطل قرف... مروى :"ما إنت عارفة أسامة مفيش بنت بتاخذ معاه يومين... اليوم الثالث تلاقيها في سريره... يارا :"اللي عاوزة تحافظ على نفسها حتقدر حتى لو قدامها براد بيت ذات نفسه... صحيح إننا بنسهر و نخرج زي و نلبس بحرية... بس كل حاجة و ليها حدود..و هي عارفة إن واحد زي أسامة حيتسلى بيها يومين وبعدها حيرميها و يدور على واحدة جديدة غيرها... مروى بلامبالاة:" ما احنا ياما غنينالها الاسطوانة دي بس مش نافع... بنت غاوية قرف... أقطع ذراعي من هنا لو مكانتش هي اللي طلبت منه..... يارا بقهقهة :" لا في دي معاكي حق..يلا سيبينا منهم يتحرقوا هما الاثنين... قوليلي بقى فين البارتي اللي جايباني عشانها نص الليل دي ". مروى بضحك :"ماهو حازم هو اللي قالي كدة اصل حفلة فريدة بكرة مش الليلة". يارا بغضب :"اه ياكلبة...خليتيتي ألبس الفستان اللي كنت مقررة البسه في البارتي...... أتى حازم و في يده كاسين من عصير البرتقال الفرش كما تحبه يارا... مد لها الكأس الأول ثم. إحتفظ بالثاني لنفسه... يارا بابتسامة ساحرة :"ميرسي يا حازم.... مروى باندفاع :"و انا مجبتليش عصير معاك و إلا الدلع بس ليارا.... حازم و هو يقترب قليلا ليجلس بجانب يارا يرمقها بنظرات إعجاب :"طبعا..الدلع يليق بس للقمر اللي قدامي... ضحكت يارا بينما أجابته مروى بسخرية :" يا سوسو... طب إثقل شوية على طول كدة جابتك على بوزك.. حازم بغيظ:"و إنت مالك...و بعدين إيه اللي مقعدك بينا ماتروحي ترقصي و إلا تشربي و إلا تغوري في داهية.... لاصقة هنا ليه... يارا بضحك :"بالراحة ياحازم... اصل مروى مرهفة الاحاسيس...و شوية كمان و حتعيط.... مروى و هي تصطنع البكاء:"شفتي يايوو هزقني إزاي... ناكر جميل داه انا اللي خليت يارا تيجي الليلة.... يارا و هي تضع الكوب على الطاولة :"أنا بصراحة مش قادرة أتابع الحوار الشيق بتاعكم و مضطرة اروح عشان مقلتش لماما إني طالعة.... حازم بلهفة :"طب خليكي شوية كمان إنت جيتي دلوقتي بس.... يارا معتذرة:"مقدرش ياحازم لو سمحت انا لازم اروح..اوعدك بكرة حبقى وقت أطول... ودعتهم يارا رغم إعتراض حازم الذي كان يريد قضاء أطول وقت معها فهو معجب بها و بشدة... لكزته مروى على ذراعه عندما وجدته مازال ينظر في أثر يارا بشرود :" إيه ياعم... خلاص وقعت إنت كمان.... حازم بتنهيدة تخفي آلامه :" من زمان يامروي من زمان واقع... أخذت مروى سيجارة من علبته الفاخرة لتشعلها و تنفث دخانها في الهواء قائلة :"بس إنت عارف.... الكل عارف إلا هي.... حازم بنبرة مت**رة :" للأسف عارف انا أكثر واحد عارف إيه اللي بيحصل..حاولت أقف في وشه بس للاسف مقدرتش.. انا مش خايف على نفسي بالع** انا مستعد اموت عشانها بس هو عرف يلعبها صح... هددني بعيلتي لو قربت منها ثاني.... مروى بتفكير :" ياترى عارفة... حازم بعجز:"مش عارف... بس أكيد حاسة إن في حاجة مش مضبوطة...إنت مجربتيش تقوليلها.... مروى بسخرية :"حقلها إيه؟؟ إن في واحد مريض بيحوم حواليكي و مراقب كل تحركاتك و اي حد يقرب منك بيهدده عشان يبعد عنك.. و إلا اقلها إنسي إنك تحبي و تتحبي زي بقية البنات الطبيعية.... حازم :" طيب و العمل...هي لازم تعرف.... مروى و هي تهز كتفيها برفض:"أنا مليش دعوة.. مش عايزاها تعيش في رعب بسببي خليها كده أحسن على الاقل بتمارس حياتها بشكل عادي... مش هاوزة أقلقها على الفاضي خاصة إنه مفيش دليل على كلامنا داه.... تابعا حوارهما حتى ساعة متأخرة من الليل قبل أن يعود كل منهما إلى منزله و في عقله الف سؤال و سؤال.... يتبع ♥️?♥️?
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD