المقدمة والفصل الأول "الجزء الأول"

4146 Words
في هذا العالم.. الناس أنواع! نوع يريد امتلاك كل شيء ويظن أن العالم تحت سلطته! هو المسيطر والمهيمن.. القاضي والجلاد!! ونوع يخضع للأول باستسلام.. والمبرر العيش بسلام. يسيرون بمبدأ "من خاف سلم" وآخر يحارب القهر والظلم.. رافضًا تلك السلطة المه***ة ينادي بالعدل وإعطاء الفرصة في إبداء الرأي. أما الأخير المذبذب.. رافض الظلم والقهر لكن مجبر أن يبقى بعيدًا لوجود أكثر من سبب يبقوه صامتًا.. ومن داخله شعلة تزداد في الاشتعال مع مرور الوقت.. سيأتي يوم وتتحول إلى قنبلة تهدد بالانفجار. ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡ الفصل الأول هناك لحظة تمر تطرح موقفًا يتطلب الاختيار بين عدة بدائل.. اختيار يكشف عن نفسك ودواخلك دون أن تدري!! ولكل خَيار منهم مقابل ستخسره في سبيل تحقيقه لكن أقسى ما يمكن خسارته هو المجهول!! دخول معركة ولا تعرف أقصى ما يمكن خسارته أهو حريتك.. مبادئك.. أم نفسك! **ت الإحساس، المشاعر، والقلوب **ت يجعلك تشعر أن الزمان غير الزمان.. الوقت يمر وكأن ال*قارب صنعت من ملل أن الحياة بلا شعور وبلا أمل وكل ما تتمناه حلم لكنه لم يكتمل. -"مولاتي.. الملك سليم يخبرك أن الملك نيار حضر إلى قاعة الاحتفال، ويطلب منكِ الإسراع بالهبوط حتى تتم مراسم الخطبة" قالتها أروى منحنية أمام مخدومتها واضعة كفيها فوق بعضهما أمامها وابتسامة هادئة مرسومة على محياها.. ف*نهدت تنظر إليها بالمرآة ترى نظراتها الراضية وإعجاب من جمالها! لكن نظراتها هي خليط من القوة مشوبة بالتردد والانفعال، خضار مقلتيها اشتد في عادة منها عندما ينشغل تفكيرها بشيء ما! استدارت تعطيها نظرة طويلة كمن تسألها، هل ما ستفعله صحيح؟ هل قبولها بالخطبة في صالحها أم ألقت بنفسها في بؤرة لا تعلم مداها؟ كصحراء قاحلة خطت فيها برضاها عازمة على إيجاد نهر جارٍ وسطها وداخلها يهز رأسه أسفًا على هذه المجازفة. التقطت أروى قلقها فاقتربت مُمسِدة على ذراعيها، تهمس بابتسامة وعيناها تناظر خاصتها في المرآة : -"دومًا تكونين أيقونة الجمال، أراهن أن الملك سيخر صريعًا عندما يرى ف*نتك" ابتسامة ساخرة رُسِمت على مَحياها، تتقدم خطوات للأمام مولية ظهرها لها وأناملها تتشابك معًا ببرود وبنبرة هادئة ذات بحّة مميزة : -"أخبرتك مرارًا أروى ألا تبالغي في حديثك.." ثم استدارت تنظر إلى وجهها رافعة حاجبها الأيسر ومازالت سخريتها في حديثها : -"عن أي ملك تتحدثين؟ كل ما ترينه أمامك ما هو إلا زيف يُخفي خلفه مصالح كثيرة فقط" ابتسامة جانبية ارتسمت واهتز كتفيها بقهقهة مستهزئة ناظرة لأسفل تهز رأسها بيأس هامسة بنوع من خيبة الأمل : -"مصالح لا وجود لي في أي طرف من الأطراف" رفعت رأسها بشموخ تنظر لوصيفتها مكملة بجمود : -"ككبش فداء حتى تسير الأمور بسلاسة" وضعت أروى كفيها فوق بعضهما أمامها تتن*د بعمق لكن نظراتها مليئة بالمعاني المبطنة التي لا يفهمها غير ملكتها : -"منذ متى والأميرة ليان ابنة الملك سليم كبش فداء لشيء؟ لا أحد يستطيع إجبارك على شيء، ولا أحد يمكنه التحكم بكِ" اقتربت ليان من المرآة مرة أخرى تحمل تاجها الماسي تضعه فوق رأسها ثم ألقت نظرة على نفسها قبل أن تحيل حدقتيها إلى وصيفتها بنظرة غامضة تشوبها المكر: -"أتظنين هذا حتى ولو كان النِد هو المغوار؟" أخفضت أروى أنظارها إلى أطراف ثوبها بنوع من التفكير: -"لا أحد يعلم ما يخبئه القدر يا مولاتي" شردت للحظات قصيرة في تلك الجملة التي ألقتها بفلسفة، ثم ابتسمت بهدوء تومئ برأسها بإعجاب لها، تفكر بأنها لا تُعد وصيفتها فقط بل صديقتها منذ نعومة أظافرها. الفتاة الوحيدة للملك سليم ملك مملكة الشرق، ليس لديها أخوة لتكن أروى صديقتها الوحيدة. عدّلت من هندامها ثم خرجت من غرفتها متجهة إلى حيث سيقام الحفل تمسك بيد أروى لعلها تستمد منها القوة. ★★★★★ ال**ت احتراق القلب في مقبرة الجسد.. تتلقفه خطايا الذاكرة ولا شارة للتوبة. نحب من **يم قلبنا، نهب الروح والنفس، ونعشق كل ما يتعلق به.. لكن قد تتزايد جروحنا مع الوقت ولا أحد يشعر!! يقف برفقة الملك سليم يتحدثان في أمور المملكة قبل أن يجذب انتباهه الهرج الخافت من حوله فزوى ما بين حاجبيه ونظر باتجاه الباب الذي فُتح، وطلت منه تلك الهالة الهادئة، تسير رافعة رأسها بشموخ يليق بها وخلفها العديد من الفتيات. عيناه شملتها بنظرات متفحصة من أعلى لأسفل، يتأمل جمالها وقد ازداد بثوبها القرمزي المرصع بالماس، ذو أكمام ضيقة بطول ذراعيها وتهبط باتساع، وتاجها الماسي فوق رأسها مثبت به وشاح بطول ظهرها، وشعرها يهبط بتموجات جميلة أعطتها هدوء وجمال. جمال ممزوج بخضار عينها الهادئ، وصفاء بشرتها، وذهبية خصلاتها البراقة. تلاقت الأعين للحظات وهي تقترب منه فرفع حاجبه بإعجاب يلتقط القوة بين خُضرة حدقتيها، قوة جذبته كالمغناطيس جعلته لم يحدْ عن نظراتها إلى أن وصلت إليه. انحنت بتحية فمد يده يمسك كفها وجعلها تستقيم، قبّل ظاهره ناظرًا لها، وابتسامة صغيرة ظهرت على جانب شفتيه. وجدته يقف بهالته وهيبته العظيمة، يرفع أنفه بكبرياء يليق به ولا يليق بغيره. كانت تتأمله بشرود.. نيار حاكم مملكة الشَمال ( المغوار ) كما يسميه الجميع. ملك ومحارب قوي لا يخاف أحد بل يحسب له الجميع ألف حساب، ورأيه هو ما يُنفذ. انتبهت على ضغط كفه فوق خاصها ثم استدار ومازال ممسكًا بها يسيران باتجاه مكانهما المخصص لتبدأ مراسم الخطبة، والتي تعتبر أول خطوة في اتحاد المملكتين سويًا. وقفا الاثنان لارتداء الخواتم، فجاءت أروى تحملها ووقفت قبالتهم منحنية باحترام للجميع فأمسك يدها وألبسها خاتمها، ثم أمسكت الخاتم المخصص له وهي شاردة... تعود بذاكرتها إلى اليوم الذي أخبرها فيها والدها بأمر الخطبة. الطريق شائك الظروف عائق حياة غائمة مملؤة بالصعاب!! أن يضعك القدر في وجه مكارهك ورفضك ولا تملك شيئًا سوى أنك مجبر على تقبل كل هذا هو التحدي الأكبر! جالسة في الشرفة الواسعة في القسم الشرقي من القصر، في مكانها المفضل وحولها كثير من الحمام تطعمه بيدها، تدندن بلحن جميل بصوتها الرقيق، وهديله يشاركها بسعادة بجانبها العديد من الجواري. وجدت والدها يتقدم منها، فانحنت الفتيات وهن يهمنّ بالذهاب.. فوقفت تستقبله بابتسامة محببة، يقترب منها بمثيلتها يحيط وجهها بكفيه مقبلًا جبينها، واحتواها بين ذراعيه بحنان. وقف بجانبها ينظر إلى مملكته من الشرفة ب**ت استمر لوقت قصير، ثم قال دون أن يلتفت لها : -"أتعلمين يا ليان؟ والدي توفى وأنا في الخامسة والعشرين من عمري.. وجدت نفسي مسئول عن مملكة بأكملها.. عن شعب وأناس من كافة الطبقات، ومطالب بالعدل بينهم جميعًا" -"أطال الله عمرك يا أبي" قالتها تحتوي ذراعه في حضنها ومالت برأسها على كتفه فقبّل أعلى رأسها وأكمل : -"وعمرك يا ابنتي.. أنتِ بالتأكيد تعرفين الاتحاد الجديد بين مملكتنا ومملكة الشَمال، وأنه سيكون قوة كبيرة لنا" أومأت برأسها دون رد.. فأردف متابعًا : -"ولهذا فإن ملكها طلب الزواج منكِ حبيبتي" توسعت عيناها بدهشة لكنها لم تتحدث، منتظرة تكملة حديثه : -"تعلمين أنني لن أوافق إلا إذا كنت مطمئنًا بالكامل، والملك معروف بعدله وقوته وحكمته.. وستكونين ملكته لكِ كافة الاحترام كملكة وزوجة" ابتعدت قليلًا عن أحضانه مفكرة.. نيار معروف بعدله وقوته، لكن معروف أيضًا بعيوبه، بل هو عيب واحد يستحيل التغاضي عنه، ليكون سؤالها: -"لكن يا أبي، أنت تعلم طقوس القصر كل عام، فكيف لي أن أتعايش مع ذلك؟" أجابها بصرامة ونظرات اللوم مرسلة لها : -"تعلمين لا يوجد على مدى التاريخ ملك دون جواري، وقوانين القصر موجودة منذ سنوات فلا مجال لتغييرها" ضغطت على كفيها بقوة تنفسّ عن غضبها وعيناها اشتعلتا بغيظ. تشعر كأنه يلقي بها في بحر أُجاج مطالبًا إياها بالسباحة فيه.. كيف؟ ثم نظرت له بغموض مقتربة منه هامسة : -"لكن هذا القصر وملكه ليسوا كالجميع، جميعنا يعلم أن الأمر أكبر من مجرد جواري في قصر الملك" تبادلت معه النظرات الطويلة تخفي خلفها كثير من الغموض والتحدي، علمت أنه اتخذ قراره وأعطى كلمته وما كلمتها سوى هباءٌ منثور، شكلية لن تفيد في شيء. قطعت التواصل بينهما آخذة أنفاسها بعمق هامسة ناظرة للأفق البعيد بجمود : -"سأفعل أي شيء يا أبي في صالح المملكة" عادت بذاكرتها إلى الواقع على وكزة أروى لها هامسة : -"ماذا بكِ مولاتي.. بمَ تشردين؟ لا يصح أن تجعلي الملك ينتظر أكثر، هيا ضعِ الخاتم" وضعت خاتم الخطبة تنظر له بجمود شاردة بما فعلته..! ما أن وضعته بإصبعه أصبحت تخصه وحده، وبذلك تمت المصاهرة والاتحاد بين المملكتين.. لتصبح قوة عظيمة تهابها جميع الممالك المجاورة. اتحاد وقوة مغلفان بالغموض والأسرار يقعان تحت يد القدر لا يعلم أحد ماذا يخبئ للجميع؟ أمسك بيدها، وقادها لساحة الرقص يراقصها احتفالًا. فاجأها بسؤاله وهو يطالع عينيها بثبات : -"أنتِ لم تُجبري على تلك الخطبة، أليس كذلك؟" أدارها حول نفسها مرتين ثم ضمها إليه مرة أخرى.. فأجابته بصوت خافت وحاجبين مرفوعين : -"لمَ تقول ذلك! بالطبع لم أُجبر على شيء لا أريده" طالعها ب**ت قبل أن يومئ بجمود يتابع تمايلهما : -"حسنًا.. هذا جيد" قربها أكثر إلى أحضانه فتمسك بكتفه بتلقائية فغرقت المقلتين في بحور بعضهما.. في عينيه سحر الدهاء كذئب بين البراري!! وفي عينيها سحر الهوى كنور بين النجوم!! فهبط إلى أذنها يهمس لها بمكر : -"لكنكِ رائعة في هذا اللون ليان، ستجعلينني من عشاقه في الأيام القادمة" رمقته بشذر اهتاجت له خضرتيها فابتسم بعبث ابتسامة ضاقت لها عيناه. حافظت على ثباتها تتذكر كلمة أروى لها قبل الهبوط إلى هنا.. تجيبه بخفوت مبطن بثقة : -"من يعلم ما الذي تخبئه لنا الأيام المقبلة؟" ★★★★★★★ القدر قاسي هو الوجه الآخر للحقيقة التي تكون مثال للقسوة! اختباراته شديدة الصعوبة، ونتائجه لا تُحتمل! وما أشد قسوة وظلم من ترك وطنك والتشرد كأنك أذنبت وأنت بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب! نتحمله بكثير من الأسرار مر عليها الزمن أسرار تنتظر الكشف عنها وحينما تُكشف سيُحاسب أُناس يظنون أنفسهم فوق ال*قاب لذلك صبرًا.. صبرًا آل ياسر! مكان يبعد ألاف وألاف الأميال ذرات القلق.. التوتر.. والخوف تملأ الهواء من حولها! تقطع الأرض جيئةً وذهابًا في منطقة وسط الغابة أمام منزل خشبي كبير نوعًا ما، تدور برأسها في جميع الاتجاهات تبحث عنه، لا تعرف سبب تأخره إلى الآن! ذهب في رحلته لمملكة الشَمال واليوم عودته، لكنه من المفترض أن يكون هنا في وقت مبكر! تكره تلك الرحلة! أسبوعان قلق وتوتر بالنسبة لها.. لا تعلم ما سر حبه في الذهاب إلى الشَمال في موسم التجارة؟! يستطيعان قضاء حوائجهما من سوق الجنوب، فهو أقرب لهم ولا يضطر المكوث كل هذه المدة . وصلت لذروة توترها وقلقها، فكانت على وشك أن تأخذ مهرتها وتذهب لاستقباله في طريق عودته ولكنها تذكرت أوامره الصارمة في عدم ترك المكان مهما حدث، حتى وإن اختفى لأسابيع وأشهر. ظلت على وضعها تدور حول نفسها تتمتم بقلق : -"لماذا تأخرت إلى الآن؟! هذه ليست عادتك" هزت رأسها لكلا الجانبين تدلك جبينها بتوتر : -"لن أظل مكتوفة الأيدي أجلس هنا ولا أعرف عنه شيئًا" اتجهت نحو مهرتها وجهزتها للذهاب، ولكن قبل أن تتحرك وصلها ض*بات أقدام خيل من كانت تنتظره القوي وصهيله لمسامعها. استقبلته بأعين باسمة، وجه مبتهج، وذراعين مفتوحين، حتى ارتمت في أحضانه باطمئنان تهتف : -"أبي، حمدًا لله على عودتك لي سالمًا!! لماذا تأخرت؟!" وضع كفيه بحنان على وجنتيها المحمرتين بإشراقة وف*نة، ونظرات مطمئنة لها يقول بنبرة هادئة يسكن بها قلقها المعتاد : -"حبيبتي لا داعِ للقلق.. كل ما في الأمر أن اليوم خطبة الملك على الأميرة ليان، ولهذا جميع الطرق مغلقة على حدود المملكة.. وهذا ما جعلني أتأخر عن موعد عودتي" نظرت له بطرف عينيها بسخرية.. فسيرة هذا تثير اشمئزازها لطالما سمعته وسمعت أخباره فلا تشعر سوى الغضب والغيظ. قاطعته قبل أن يكمل حديثه تربت على كتفه وص*ره بحب قائلة : -"حمدًا لله على سلامتك يا أبي! هيا تعالى كي تسترح ثم تسرد لي ماذا فعلت في رحلتك!!" ابتسم يضمها إليه، يعلم سبب كرهها للقصر بأكمله وخاصة نيار، ليؤثر ال**ت بدلًا من إثارة غضب تلك المتوهجة ككل شيء فيها. لكنه يعلم فضولها الذي يسيطر عليها بقوة، ليجدها تقول وهي تضع الطعام أمامه بعدما استراح من سفره، بنبرة أشبه بالسخرية ولم تنظر إليه : -"أسيتقاعد المغوار عن عاداته ويتزوج؟ على الجميع الاحتفال لهذه المناسبة السعيدة، والدعاء لتلك التي ستضيع سنوات عمرها معه هباءً" جلست بجانبه ورأسها يهتز بتعبير مختلط من الاشمئزاز والشفقة : -"أشفق عليها حقًا من هذا الشيء المسمى قسرًا ملك!!" لم يتمالك نفسه وضحك مليء شدقيه رافعًا رأسه لأعلى ، فنظرت له رافعة حاجبيها بتعجب لضحكاته متسائلة : -"ما المضحك يا أبي؟" سعل قليلًا يهدئ من ضحكاته يضع قبضته على فمه وقال من بينهم : -"كنت أفكر ماذا سيحدث إذا سمع ما تفوهتِ به بنبرتك الساخرة تلك؟" أرسلت له نظرة طويلة وهمست بغموض مستندة بذراعيها على الطاولة وأناملها تتشابك معًا : -"وكيف سيعلم به وهو لم يرَ صاحبته قط؟" التقط المعنى المبطن في سؤالها ليطيل النظر في وجهها المتسمر عليه ترفع له حاجبها بسخرية من الفكرة وكأنها تتحداه، فأنهى الحديث ناظرًا في طعامه: -"لا داعٍ لفتح ذلك الأمر مرة أخرى.. انتهى" لا.. اكتفت. لن ت**ت ككل مرة يتحدثان في هذا الأمر فينهي الحديث هكذا! لابد من وضع حد لهذا، لن يعيشا طوال حياتهما مشردين، التعبير الذي يرفضه وبقوة ولكنه الواقع. هتفت بقوة تضغط على نصل السكين دون أن تشعر: -"لا لن أ**ت، لقد اكتفيت أبي.. أخبرني هل سنعيش ما بقى من حياتنا مشردين هكذا؟" قاطعها فجأة ينهرها صافعًا الطاولة بعنف وعيناه تتسع بغضب وقد استحال لونها لبداية الاحمرار : -"ســـارية!! كُفّي عن نعت تلك الصفة" - "لماذا يا أبي؟" أليس اللقب الصحيح لحالنا هذا؟ مشردان من منزلنا ومن وطننا، لينتهي بنا الحال هنا وسط الغابة" نظرت له باشتعال وغضب عارم يعصف بها وبقوة : -"هل ستحاول عدم الالتفات لقلقي كلما تذهب إلى المملكة، بل قلقك إذا تبعك أحد من الجنود؟ فجميعنا يعلم لا يوجد من يسكن الغابة سوى المجرمين الهاربين من العدالة" يعلم أنها محقة تمامًا، ولكن ما لا تعلمه أنه فعل كل هذا من أجلها، لو كان الأمر بيده فحياته فداءً لها، لكنه يعلم أنهم لا يرحمون. أغمض عينيه ول**ن حاله يهمس : "ولو كانت حياتي تكفي فداءً لروحك سأقدمها بص*ر رحب ولا يصيب جسدك خدشًا واحدًا" انتبه على لمستها الرقيقة على كتفه.. تجلس الق*فصاء بجانبه تمسد على ذراعه صعودًا وهبوطًا ترفع رأسها إليه بنظرات حنونة قلقة : -"أخبرني أبي، هل ستظل تخفي عني جروحك التي تصاب بها أثناء عودتك جراء محاولات اختفائك؟" رمقها بصدمة وذهول.. تعلم! لكن متى علمت وهو يُبدع في إخفائها حتى لا تزيد من قلقها؟ تن*د بعمق يهز رأسه عدة مرات قبل أن ينظر إليها يسأل: -" كيف علمتِ؟" وضعت رأسها على قدمه، وضمت ذراعه في أحضانها تهمس بحنان وابتسامة يائسة : -"لا تحاول الإنكار يا بدر الدين، فأنا أراك كل مرة ولكني أحترم تكتمك للأمر" رفعها إليه يضمها ضاحكًا لينتبه إلى خط الدماء السائل من كفها، فهتف بقوة وخوف يتفحص يدها : -"كيف جُرحتِ سارية؟" انتبهت لجرح يدها فأمسكت قطعة من القماش موضوعة على الطاولة توقف بها سيل الدماء مبتسمة له هامسة بمرح غامزة : -" أرأيت؟ هذا ما نجنيه كلما تحدثنا في سيرته، يحدث كارثة" كان نصيبها ض*بة على رأسها منه بمرح.. ثم نهض بها ليعقم الجرح، تاركين خلفهما حديث بقيته مازالت عالقة. أنهى ربط يدها وتطلع إليها بتأمل واضعًا كفه على وجنتها، وابتسامة شاردة على ملامحه راسمًا ملامحها بإبهامه.. فنظرت له بنصف عين ومالت بجسدها نحوه واضعة ذراعيها على كتفيه تحيط عنقه وتقول بخبث ترفع له إحدى حاجبيها : -"تلك الابتسامة والنظرات لا تعني غير شيء واحد فقط ، أنك تذكرت أمي ، صحيح!" ضحك لمداعبتها وأومأ برأسه دون أن يتحدث، فشهقت بصدمة مصطنعة تندفع للخلف واضعة كفيها على وجنتيها وعيونها متسعة تهتف بتعجب : -"وتعترف أيضًا! تفكر بامرأة غيري يا بدر الدين وأنت برفقتي!" عقد بين حاجبيه بعدم فهم في البداية ناظرًا لها بدهشة حقيقة، ما لبست أن تحولت إلى الضحك يجذبها لأحضانه ممسدًا على خصلاتها الكثيفة هامسًا: -"هي ملكت قلبي منذ أن وقعت عيني عليها، سلبتني وفقدت شيئًا مني لديها.. هي حبيبتي وزوجتي ورفيقة دربي" وضع قبلة على جبهتها عندما رفعت له وجهها وعيونها تلمع بالدموع، وأكمل يبعد غرتها خلف أذنها : -"وأنتِ ناتج هذا الحب يا حلوتي.. ثمرة العشق، قطعة منها في كل شيء.. ملامحها الرقيقة، حلاوة روحها، خفة ظلها، وحسها الأمومي.. إن كانت أمك هي حبيبتي، فأنتِ حبة القلب يا ساريتي" وضعت ذراعيها حول خصره تندس به أكثر، لا تعرف أتستمد منه الحنان والدفء أم تمده بهما؟ كل ما تعرفه أن هذا الرجل كل حياتها وستفعل أي شيء في سبيل إسعاده. *************** في هدوء الليل والسكون الذى نأوي إليه كل ليلة تتجمع ما بنا من أحزان والآم موجعة صرخات دموع ذكريات مؤلمة نتمنى أن نتناسى تلك الأحزان ونبحر إلى عالم الحب والطمأنينة سئمت قلوبنا عذاب اليأس والاستسلام فنعيب الزمان والعيب بداخلنا ولا يملك عيب سوانا! ونهجو ذا الزمان بغير ذنب وإن نطق لنا هجانا!! أرواحنا هشة كالزجاج، خفيفة كالريش، ضعيفة كالورق، تأخذها ريح الزمان.. بلا عودة. تاركة لنا غيرها لكنها جديدة، غريبة، محاربة وأول ما تحاربه نفسها! جاء الليل بسمائه الكحيلة بسوادها تنيرها النجوم المنتشرة بعشوائية، يستطيع الشخص أن يتخيل أشكالًا وهمية على حسب حالته سواء حزين أم سعيد.. حبيب أو مجروح !! القمر ساطعًا مكتملًا يتوسط تلك اللآلئ كملك يجلس بكبرياء، ينظر لسكان الأرض برعونة يستمع لهمسات مختلفة.. هناك من تدعو وهناك من يهمس بأمنية يرجو تحقيقها وهناك من تشكو صعوبة الأيام التي تمر!! ليكن من بينهم ثلاثة ينظرون إليه بمشاعر متنوعة وتفكير مختلف.. ليان تقف في شرفة حجرتها تفكر هل ما فعلته صحيح؟ هل قبولها بذلك الارتباط مصلحة للجميع ومصلحتها، بالرغم ما هو معروف عن نيار؟ هل ستستطيع التكيف مع ما يحدث في الشَمال وتعيش كأن شيئًا لا يحدث؟ تنظر إلى القمر لعله يرسل إجابة السؤال لها، هامسة بصوت يشوبه الرجاء له أن يريحها من تشوشها : -"هل أنا على الطريق الصحيح؟ أم سأجد نفسي في نهاية المطاف نادمة وأقول يا ليت؟!" ومن الناحية الأخرى وقف نيار ينظر للسماء، باسطًا كفيه على حافة الشرفة ومئزره يرفرف خلفه بفعل النسيم، لكن بابتسامة مكر وانتصار على محياه شموخ يجابه به شموخ القمر على عرشه بتلك الخطبة ستتوسع حدود مملكته، وفوقها أميرة فاتنة ملكه. قلبه مليء بالرضا على الخطوات التي يخطوها وما يأمل تحقيقه! دقق نظراته يرفع رأسه بكبرياء يعادل كبرياء القمر: -"أعلم أنني سأصل لهدفي وفي أقرب ما يمكن" أما سارية جالسة على حافة نافذة غرفتها تعبث بخصلاتها، نظراتها تحول في كل مكان، تراقب مهرتها الواقفة تأكل بهدوء وأنفاسها الرتيبة مع حركات رأسها بين الحين والآخر تحرك غرتها البيضاء الكثيفة، تستمع إلى حفيف الأشجار بفعل النسيم اللطيف الذي هب فجأة.. وصوت حشرات الليل يصل إليها بوضوح. تفكر متى ستخرج من هذه الغابة؟ متى ستتخلص من شعورها بتأنيب الضمير؟ شيء ما يخبرها أنها السبب في كل هذا وخروج والدها بها من وطنه للتشرد هنا. جميع الفتيات تكون سند لوالديها.. فهل ستكون نقمة عليهما وعلى نفسها قبلهما؟ تن*دت بصوت مسموع تهبط من مجلسها إلى داخل غرفتها بعد أن تسلل النعاس إلى جفنيها، فأمسكت بطرف ستارتها تغلقها فتوقفت ترفع نظرها للقمر تتأمله في **ت تهمس بقلبها : " أتمنى ألا تكون خيالاتي حقيقة!" ★★★★ حين يكون التيار ضدك، والاشياء من حولك لم تعد تسير كما تريد.. حين تشعر بأن كلماتك لا تصل، ومدن أحلامك ما عادت تتسع.. هنا يكون ال**ت الإجابة الوحيدة التي تقدمها لنفسك ، تختصر بها مسافات الألم والإحباط. لكن لا تحسبن ال**ت قبولًا أو نسيانًا لما يحدث!! فالأرض صامتة وفي جوفها بركان. جمع هائل في الساحة الواسعة لقصر الملك سليم، يتأملون القصر بضخامته وتشييده بطريقة تجعلهم يشعرون بعظمة وفخر وقوة مملكتهم. الصخب والهتاف يزداد خاصةً عند ظهور الملك في شرفته بملابسه الملكية الوقورة التي تليق به، لحيته البيضاء مع تاجه الذهبي الكبير أعطته رهبة جمة. بجانبه نيار واقفًا بكبرياء، رافعًا أنفه لأعلى وملابسه السوداء الملكية المتميز بها دائمًا، وعمامته المثبتة بوقار على رأسه، مع لحيته الكثيفة القصيرة وعينيه السوداء بنظراتها الثاقبة. جعلت من يقف أمامه لا يتحمل نظراتها، بل لا يجرؤ على رفع نظره إليه، يشعرون كأنه يغزوهم بعينيه من شدة قوتها. صدح صوت الملك والمكان يعمه السكون، ينصتون باهتمام لما يقوله : -"بالأمس تمت خطبة الملك نيار على ابنتي، وهذا يعد تحالف عظيم بين المملكتين. الجميع يعلم قوة الملك نيار لا مثيل لها ويعد م**ب كبير للجميع، مملكتنا قوية بلا شك وبهذا التحالف ستزداد هذه القوة و السلام والأمان " نظر سليم له إشارةً منه أن الكلمة معه، فتقدم خطوة واحدة يضع يده اليمنى خلف ظهره والأخرى بجانبه، جال بنظره بين الجمع الغفير الموجود في ساحة القصر، بل امتد لخارجها أيضًا يناظر أبعاد التحالف. ظهرت شبه ابتسامة على محياه وقال بصوت رخيم انتبه الجميع له هيبة ورهبة : -"شرف عظيم لي أن تحدث مصاهرة بين المملكتين وتتوحد الدماء الملكية، هذا الارتباط ليس فقط بين العائلتين بل بين الأفراد كذلك، فالارتباط بالملكة ليان هو الفوز الأكيد" أكمل الملك سليم بعده يشهر بيده : -"ستقام الاحتفالات وتوزيع الخيرات احتفالًا بهذا الخبر" بدأ الجمع بالتهليل والصياح يشيحون بقبضتهم في الهواء، داعين للملكين بطوال العمر والخير، فرفع نيار يده مبتسمًا ليهدأ الصخب رويدًا رويدًا، فقال بقوة بعدما ضم ذراعيه الاثنين خلف ظهره معلنًا : -"وبمناسبة هذا، أدعو الملك وأسرته لحضور الاحتفال السنوي لمملكتي والذي سيعقد بعد شهرين من الآن" كانت تقف في الشرفة المقابلة لهما خلف الستار تتابع الاجتماع، وسط جمع من وصيفاتها والجواري، ترمقه بقوة غير مصدقة.. يدعوهم لحضور الاحتفال السنوي والذي تحدث به طقوسه الغريبة؟ هل جاء اليوم الذي ستشهد فيه هذا؟ اتسعت حدقتيها والشراسة تعصف بها كليلة رعدية قوية رافضة اقتراحه.. لو كانت النظرات تقتل، لكان نيار خر صريعًا من قوة نظراتها المرسلة له! تبتهل تشبك يديها أسفل ذقنها، مغمضة الأعين، تدعو أن يرفض والدها مع أن هذا مستحيل، ليصل إليها صوت والدها الجوهري : -"بالطبع إنه لشرف عظيم لنا الحضور لهذا الاحتفال الكبير" تن*دت بيأس تشعر بلمسات أروى على ذراعيها، فنظرت لها بغموض قبل أن تسرع للخروج من الشرفة متجهة إلى غرفتها هاتفة خلفها : -"لا أريد أحدًا معي، أرغب بالبقاء بمفردي" دلفت لجناحها وظلت تدور حول نفسها، غاضبة ساخطة، تفرك كفيها بـ بعضهما تكاد تحفر خندقًا في الأرض من قوة خطواتها، تطبق فكيها بقوة تكظم غيظها وغضبها مما حدث. والدها يعلم رأيها في هذا الأمر، كما أنها تعلم أنه لا يمكنه رفض دعوته، لكنها في نفس الوقت لا تريد الحضور ولا رؤية ما يحدث فيه. حدثت نفسها ترفع رأسها لسقف غرفتها المزين بنقوش ملكية جميلة، يتوسطه ثريا كبيرة من الكريستال والذهب: -"يا الله ماذا أفعل؟ ما هذه الكارثة التي أقحمت نفسي فيها؟" سمعت دقات على باب غرفتها الكبير، فأغمضت عينيها بنفاذ صبر قبل أن تهتف بالطارق : -"ألم أقل أريد البقاء بمفردي؟!" فتحت أروى الباب منحنية احترامًا لها قائلة : -"إن الملكة رقية جاءت لرؤيتك مولاتي" وقبل أن تتحدث كانت رقية تدلف إلى الغرفة بخطواتها الواثقة وخلفها اثنتين من جواريها. انحنت ليان احترامًا لها لتستقيم تنظر إليها، وجدتها واقفة أمامها بشموخ وكبرياء معروفة به في كل مكان، ترتدي ثوب بنفسجي هادئ ممزوج باللون الفضي ضيق حتى الخصر ويهبط باتساع، يزيدها وقار ورهبة التاج الماسي الكبير المرتكز بشموخ فوق رأسها. ملامح جامدة على الرغم من جمالها الملحوظ بالرغم من سنها لكنه لا يساعد أحد على التفكير في الاقتراب منها أو بدء الحديث.. نظرات حادة تخرج من تلك الأعين الزرقاء تشعرك أنها تجردك من كل شيء كأنك لا ترتقي أن تقف أمامها! كانت ليان أول من قطعت هذا ال**ت المخيف ترحب بها: -"أهلًا مولاتي.. تشرفت بك في مضجعي!! كان بإمكانك إرسال أحد لي وستجدينني عندك في التو" جلست رقية تشبك أناملها ترفع أنفها برعونة قبل أن تدعوها للجلوس بجانبها، ثم أمرت الجميع بالخروج حتى تتحدث معها بحرية، وبالفعل ما إن خرجن حتى التفتت لتلك الجالسة تنظر إليها بتساؤل عن سر الزيارة! فالملكة ليست من عاداتها الذهاب لأحد بنفسها، بل تأمر تُطاع. ظلت تنظر إلى ليان بغموض يثير الريبة، غموضها ونظراتها يثيران التوتر، لكنها لم تظهر ذلك بل ظلت تناظرها بنظرات ثابتة. جذبت انتباهها بصوتها الوقور : -"لمَ تركتِ المكان بعد إعلان والدك موافقته على الحضور للمملكة؟!" كادت أن تتحدث لكنها رفعت كفها توقفها، فنظرت إلى يدها المرفوعة في غرور بدهشة واستنكار رافعة حاجبيها وأعين متسعة، لتستمع لبقية حديثها : -"ستصبحين الملكة بعد زواجك من ابني، طبيعته تحتاج لفتاة بقوتك التي أراها في عينيكِ، لا تنجرفي خلف مشاعرك وسخطك على أمور قائمة منذ سنوات، فلن تغيري شيء ولن يستطيع أحد فعل ذلك" رمشت عدة مرات تحاول استيعاب غموض كلماتها وهنا تحدثت وتعابير الدهشة والاستنكار بادية على وجهها : -"هل أنتِ راضية عما يفعله كل عام؟" رفعت رأسها بأنفة وغرور قبل أن تنهض من مكانها وكأنها تقول أن الحديث قد انتهى : -"هذا ليس من شأنك أيتها الأميرة! اخرجي كل هذا من رأسك وفكري في حياتك القادمة" اقتربت برأسها منها هامسة بغموض : -"لأنها حتمًا مختلفة تمامًا عما تعيشينه هنا" التفتت بعد جملتها تنوي الخروج لكن صوت ليان التي وقفت تضع كفيها فوق بعضهما أمامها أوقفها بنبرة كبرياء يشوبه سخرية طفيفة : -"لا يوجد شيء يسمى (لا دخل لي به) أيتها الملكة.. أنا سأكون زوجته وملكة المملكة ولم أعتد أن أغض بصري عما يحدث من أخطاء حولي" ثم اقتربت بضعة خطوات منها بعدما وجدتها تلتفت لها بغضب يلوح في عينيها وأكملت تبادلها نظراتها بثقة : -"وبالتأكيد أنتِ تعرفين من تكون الأميرة ليان وشخصيتها قبل أن يتقدم ابنك لخطبتي صحيح؟" **تت رقية واستمرت تنظر لها بغموض، ثم أومأت برأسها وابتسامة جانبية لاحت على شفتيها ولم تتحدث بل خرجت بغرور فكان في استقبالها أروى وخادمتيها اللواتي انحنين لها قبل أن يسيرا خلفها، تبعتهن أروى بعينيها وهن يبتعدن قبل أن تدلف إلى الغرفة، لتجدها جالسة تنظر في نقطة في الفراغ ووجهها شديد الاحمرار ، جلست على الأرض بجانبها تسألها بخفوت : -"ما بك مولاتي؟" نظرت لها بنظرات فارغة لا تعبر عن شيء سرعان ما تحولت إلى غموض : -"هذه المرأة ليست سهلة أروى.. ليست سهلة أبدًا" ★★★★★★★ لذة الانتصار لا يعادلها لذة.. لكن هل يعد النصر نصرًا والطرف الفائز لا يشعر بتلك ال ***ة؟ جالسًا في شرفته مستند بيده على ظهر الأريكة خلفه مضجعًا، في يده الأخرى كأسًا مليئة بالشراب يستند برأسه للخلف مغلقًا عينيه وعلى ثغره ابتسامة صغيرة. لذة انتصار تعيث في خلجاته، كالخمر يهبط حارقًا لكن نشوته لا يفوقها ***ة. مملكته تتسع، قوة جيشه تزداد، وفوق كل هذا أميرة فاتنة ستكون ملكه عما قريب. رفع رأسه ينظر جانبه لوزيره الذي يشاركه الشراب صديقه منذ الصغر والوحيد الذي يأتمنه على أسراره.. خرج صوته يرفع كأسه يتجرع منه القليل ناظرًا إلى نقطة بعيدة : -"هل كل شيء جاهز للرحيل غدًا مأمون؟" أومأ برأسه بنعم يربط حركته بكلماته : -"نعم.. لا تقلق كل شيء على أتم استعداد" ليكمل الآخر وما زال على وضعه : -"والملكة رقية.. هل علمت بأمر الرحيل؟" ليجيب مرة أخرى بالإيجاب : -"نعم يا مولاي، فكل شيء تم تحت إشرافها" قاطع حديثهم دخول أحد الخدم ينحني أمامه وقال بخفوت وصوت يظهر فيه التوتر وبعض من الخوف: -"مولاي.. الأميرة ليان بانتظارك في الحديقة الشرقية" تجرع ما تبقى من كأسه على دفعة واحدة، لينهض موجهً حديثه إلى الخادم : -"اخبرها أني سألحق بها في التو" انحنى الخادم برأسه يرجع بخطواته للخلف دون أن يرفع عينيه، حتى وصل إلى الباب يخرج متوجهًا إليها يخبرها بقدومه، فالتفت لمأمون مبتسمًا بمكر يقول : -"يبدو أن الحسناء لم تقوَ على الانتظار، لنرى ما الأمر" توجه للخارج تاركًا مأمون خلفه يبتسم يهز رأسه بيأس من صديقه، محدثًا نفسه وهو يحتسي شرابه : -"لا فائدة منك أبدًا.. لن تتغير" ★★★★★★
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD