صباح الخير، أُمنا الغولة مشيت؟
=تؤتؤ عيب يا عمو تقول على حنين كده.
_طيب يا أرشانة..تعالي يا لمضة نفطر ونسلم على بابا وأود*كي الحضانة.
=الله هروح الحضانة تاني؟
_فرحانة؟
=فرحانة جدًا...أنا بحبك يا عمو أسامة أوي، هروح أجهز شنطتي.
راقبت الفرحة في عيونها وتنطيطها في البيت، أنا فعلًا بحبها وبفرح أما ألاقيها فرحانة. يمكن هيا إللي بتفرحني مش أنا إللي بفرحها.
_ألاء هروح أتطمن على بابا ومريم عقبال ما استراحة الغدا تخلص، معلش لو اتأخرت إبقي شيلي الشغل بدالي لحد ما أجي.
=حاضر متشيليش هم، خلي بالك من نفسك.
دخلت البيت، الأنوار مطفية...
_مريم؟ بابا؟
دخلت برعب أدور في الأوض كلها على مريم وبابا ومفيش حد! البيت فاضي!!!
دخلت برعب أدور في الأوض كلها على مريم وبابا ومفيش حد!
البيت فاضي!!!
دماغي هتتشل من التفكير طب أسال مين ولا أدور فين!
الباب خبط جريت فتحته لقيت أسامة في وشي!
_بابا ومريم فين؟ إنت عملتلهم إيه؟! انطق.
=كالعادة قليلة الذوق ومتسرعة، باباكِ تعب ووديناه المستشفى وهو بخير دلوقتي وقاعد في شقتي مع بابا وإخواتي، ومريم راحت الحضانة وودتها شقتي عشان متقعدش هنا لوحدها، أنا عارف إنه مش ذنبك بس إزاي تسيبي باباكِ لوحده وهو في الحالة دي؟!
حاولت أهدي نفسي الحمدلله المهم إنه كويس، يارب إنت لطيف أوي.
_حط نفسك مكاني، متعرفش الرعب إللي كنت عيشاه أما ملقتهومش في الشقة! كل إللي ليا في الدنيا دي اختفوا مرة واحدة.
=ملقتش طريقة أعرفك بيها إني هاخدهم عندي، باباكِ وضعه كان صعب ومينفعش أستناكِ...عمومًا شقتي في الدور الأخير وأختي دكتورة وهتهتم بوالدك ومريم مندمجة مع أخواتي ومامتي، عايزك تيجي تبصي عليها من بعيد وتشوفي الفرحة إللي في عينيها والأمان إللي هيا حاسة بيه. أنا عارف ياحنين إنه مش وقته بس أنا حبيت أختك جدًا وبعتبرها أختي الصغيرة أو بنتي، وطالما مريم حبتني يبقى في أمل إن أختها الكبيرة تحبني هيا كمان. ممكن تسمحيلي نتقاسم حِملِك؟ مينفعش تشيلي كل ده لوحدك، أنا هسيبلك وقت تفكري فيه... دلوقتي تعالي نتطمن على بابا ونشوف مريم.
حاسة إني متخدرة، طلعت معاه وبصيت لمريم من ورا الباب، بتضحك وتجري في البيت كله وبتلعب مع البنات، واحدة فيهم بتجري عليها وتحضنها وتلف بيها.
هيا دي أختي؟ دي مريم المنعزلة الهادية!!
سلمت على أخواته ومامته ومنكرش إنهم طيبين ومحسسونيش بفرق في المعاملة ولا إني أقل منهم.
_باباكِ نايم دلوقتي عايزة تدخلي تبصي عليه؟
=آه، أسفة تعبتكوا.
_عيب تقولي كده، إحنا إخوات.
=طيب ياجماعة نستأذن إحنا بقى هننزل وأما بابا يصحى هطلع أخده...بجد مش عارفه أشكركوا إزاي.
_حنين عايزة أفضل هنا شوية، ممكن؟
=لا يا مريم تقلنا عليهم انهارده.
_لا عايزة أفضل مع عمو أسامة وألعب مع أسيل وليان.
=مري...
_سيبيها يا حنين تبات هنا انهارده.
=بعد إذنك يا أسامة سيبني أتعامل مع أختي ومتتدخلش.
_تعالي يابنتي باتي معانا انهاردة إنتِ ومريم.
=أسفة ياطنط مش هينفع ربنا يباركلك.
_المكان واسع والأوض كتيرة، إحنا فاتحين الشقتين على بعض وأسامة هيقعد في الشقة التانية ويسبكوا على راحتكوا، مش هبقى متطمنة وإنتوا لوحدكوا.
وبعد إلحاح شديد اضطريت أبات معاهم أنا ومريم.
مامته دخلت الأوضة... _عاملة إيه يابنتي، محتاجة حاجة؟
=ربنا يباركلك يا طنط تسلمي.
_طنط دي مسمعهاش تاني، قوليلي ياماما يا سوسو، أي حاجه غير طنط دي فاهمه؟
معرفش ليه عيطت، يمكن عشان متحملة فوق طاقتي؟ أو صعبت عليا نفسي؟ أو إنهم حنينين بزيادة؟
_اسم الله عليكِ مالك بتعيطي ليه؟ حاجة ضايقتك مننا؟
كنت محتاجة الحضن ده من زمان، حضنتها وفضلت أعيط وهيا تطبطب عليا وتهديني لحد ما نمت، كانت أول مرة أنام وأنا حاسة إني خفيفة مش مليانة هموم، نمت وأنا متطمنة.
صحيت حضرت معاهم الفطار، ولأول مرة أحس بالجو الأسري اللطيف ده...
_قوم يا أسامة وصل حنين الشغل وهاتلي من السوبر ماركت إللي تحتهم جبنة.
=ما في يا ماما جبنة في كل حتة! اشمعنى أجيب من عند شغل حنين؟
_أنا بحب الجبنة إللي هناك اسمع الكلام ومتتلامضش.
=ماما هو إنت دوقتيها قبل كده أصلًا؟
_إنت بقيت رغاي ليه ياولا؟ قول حاضر وانجز نفسك.
=حااااضر.
_يلا هوصلك.
=ملوش لزوم أنا هروح لوحدي.
_ماما عيزاني أجبلها طلبات من هناك، كده كده همشي من نفس الطريق.
=مع إني شايفة إن ملوش داعي.
_إركبي.
=إي ده إحنا مش هنروح بالباص؟
_لا.
=أومال ركبت الباص ليه قبل كده؟
_ساعات بستسهل وبركب الباص.
ركبت معاه وقلبي بيدق لسبب ما أنا معرفوش.
_مش هتقوليلي قرارك؟
اتن*دت =مش عارفه...إنت ليه مجبر تتحمل مسؤوليتنا وتعيشنا في بيتك؟
=عشان هتكوني مراتي، تخيلي؟
_إيه؟
=أومال أنا كنت بكلم نفسي إمبارح؟ هو إنتِ فهمتي كلامي؟
_أنا؟
=يعني شرشوحة ومتسرعة وكمان غ*ية؟ يارب عينني على البلوة دي.
_عادي مش مضطر تتحملني.
=عينيكِ لونها إيه؟ أنا مش هتجوزك لأجلك، أنا هتجوزك لأجل أجيب بنات شبهك وليهم نفس عينيكِ وأفضل أعا** فيهم.
_افرض مطلعوش شبهي ومخدوش لون عيني؟
=لو مطلعوش شبهك أكيد هيطلعوا شبهي، وهيكونوا قمرات عشان أنا قمر ومفيش مني اتنين.
سندت راسي على الشباك وغمضت عيني، خايفة أجازف، مشوفتش منهم حاجة وحشة وهما مش مجبرين يعملوا معايا كده. مريم متعلقة بيهم ومنكرش إني كمان اتعلقت بيهم، بقيت حابة وجوده حواليا كإنه بيحميني وفي كل مشكة ألاقيه جمبي، اتعودت على وجوده.
_أيوة جدعة، نامي بقى وريحي على كتفي واصحي بصيلي بعيونك البريئة دي واصدميني بوصلة تهزيق.
فتحت عيني _منمتش علفكرة، وبعدين مجتش جمبك بطل تتلزق في الناس.
=أنا عارف إنك خايفة ياحنين، وداخلة على حياة جديدة مجهولة، بس خليكِ واثقة إن ربنا مش هيضيعك، وفعلًا مش هتلاقي أفضل من أهلي...مش بقول كده عشان هما أهلي، بس بجد أما تعاشريهم هتعرفي إن كلامي صح.
حسيت إني متحاصرة من كل الجهات ومفيش سبب عشان ارفضه _طب بص، لو بابا وافق أنا مواف... إنت بتلف وراجع ليه؟!
=راجع عشان نكتب كتابنا، باباكِ موافق من أول مرة كلمته فيها، ناميلك شوية بقى لحد ما نوصل وودعي حياة العزوبية.
_إيه؟!
=مقولتيليش لون عينك إيه؟
_بابا هو أنا جيت إزاي؟
=إيه؟!
_في فيلم Boss Baby الأطفال بينزلوا من السما، أنا بقى وقعت على الأرض ولا أنت شقطتني؟
=من السما! شقطتك! ماما فين يامُؤَيَّد؟
_بتعمل الأكل.
=طيب ياحبيبي طفي التي ڤي وأقعد لَوِّن شوية.
_حنين إنتِ بتف*جي الواد على إيه؟
=على كرتونات..ليه؟
_كرتونات إيه ده بيقولي الأطفال بينزلوا من السما!
=أهااا تقصد فيلم الطفل الزعيم ده تحفة لازم تشوفه.
_إنتِ بتضحكي!
=في إيه يا أسامة؟
_في كرتونات مينفعش يتف*ج عليها ياحنين، إنتِ كبيرة وتقدري تميزي بين الصح والغلط لكن هو طفل والحاجات دي بتترسخ في عقله.
=متخافش يا أسامة أنا بتف*ج معاه وبفهمه.
_بتفهميه إيه؟
=الأطفال بتيجي إزاي.
_يارب صبرني! أنا عندي طفل وطفلة والله، إنتِ لا يمكن تكوني أم عاقلة أبدًا.
=تعالى بس متبقاش قفوش كده.
_قفوش! أنا كده عرفت مؤيد جايب الألفاظ دي منين.
=بتعمل إيه يا مؤيد؟
_بحط اللعبة على الشباك عشان تنة ورنة تيجي تصلحها.
=مين إللي تصلحها؟!
_تنة ورنة.
=تنة ورنة؟!
_يووه يا بابا إنت مش عارف حاجة خالص كده! يا ماما لازم تعلمي بابا شوية عشان مش عارف حاجة خالص.
=مؤيد تعالى بسرعة فيلم ديزني الجديد هيبدأ دلوقتي.
_أوه ماي جااد يلا بينا يامامتي.
وقفت أبص للاتنين إللي مسكوا إيد بعض وجريوا على التي ڤي وجمبهم علبتين فشار أكبر منهم..أنا مش محتاج أجيب عيال تاني خلاص..كفاية الاتنين دول عليا.
"في حب ديزني".
(((((ماتخليش الزعل يطوول)))
حدف الفازة عليا _قومي روحي على بيت أبوكِ ومش عايز أشوف وشك تاني.
=أسامة إهدى!
_مش عايز اسمع ولا كلمة، إمشي من وشي.
قومت لبست وأعصابي كلها بتترعش من الصدمة والخوف، مُؤَيَّد قرب عليا ومسح دموعي =ماما بتعيطي ليه؟
حضنته ودفت راسي في شعره كإني بستمد منه القوة _تعبانة شوية يا حبيبي، يلا إلبس الشوز عشان نروح عند تيتا وجدو.
دخلت الشقة ونورت النور _حنين، مؤيد؟
الشقة هادية ليه؟ ضميت حواجبي بتفكير...آه حنين عند والدها. افتكرت إللي حصل واترميت على أقرب كرسي بتعب، فكيت الجرافتة، بقالها تلات أيام هناك ومعرفش عنها حاجة، اضطريت أعترف على مضض إن البيت فاضي من غيرها، شراباتي مكانها متغسلتش، هدومي مرمية على السرير زي ما سبتها امبارح، مفيش غدا مستنيني على السفرة...
دخلت خدت شاور وخبطت على باب الحمام _حنين ناوليني فوطة.
هدوء البيت رد عليا، ابتسمت بحسرة وخرجت جبت الفوطة، بصيت لانعكاس صورتي في المراية وأنا بنشف شعري، مين ده؟ إمتى بقيت قاسي كده؟! اعمل إيه يعني هيا إللي عصبتني.
قعدت على السفرة وبصيت على الطبق إللي قدامي، المفروض إن دي مكرونة...بس مش عارف منظرها عامل كده ليه! الظاهر إنها اتحرقت أو اتعجنت وبردو لسه طعمها ني. كان ممكن أجيب أكل جاهز بس مش برتاح ليه، سبت المعلقة من إيدي وحطيت راسي بين كفوفي بعد ما أدركت إني كنت معتمد عليها في كل حاجة، أبسط الحاجات كانت بتعملهالي بكل حب من غير تأفف، حتى الجرافتة كانت بتظبطهالي، الجزمة كانت بتلمعها، مكانتش بتخليني أعمل حاجة، حسيت دلوقتي إني طفل تايه وأمه سابته ومشيت...لازم أكلمها.
رنيت على فونها، جرس، التاني، التالت...ردت.
_السلام عليكم.
=وعليكم السلام.
سكتنا شوية وأنا مش عارف أقولها إيه، وهيا ساكته مبتتكلمش...
_جهزي مؤيد هاجي أخده بعد ربع ساعة.
=حاضر.
قفلت معاها ودموعي محبوسة في عيني، ليه وصلنا لكده؟ بالرغم من إللي عملته إلا إنها ساكته ومشتكتش.
خبطت على الباب، حماتي فتحتلي _إزيك يا حبيبي، حمدلله على سلامتك.
=الله يسلمك يا أمي.
_رجعت من سفرك إمتى؟
بصتلها باستغراب =إيه؟
_حنين قالتلي إنك كنت مسافر تبع شغلك، ربنا يقويك يا حبيبي.
سكتت ومش عارف أرد، حنين خبت عليهم إن إحنا متخانقين؟ دي آخر حاجة كنت أتوقعها! كل موقف بتعلى في نظرى أكتر.
_مراتك في الأوضة جوه أدخللها عقبال ما أجهز العشا.
خبطت على الباب ودخلت لقيتها بتلبس مؤيد الشنطة وبتبوس راسه.
بصتلها بلهفة وعيوني بتقول وحشتيني...اتعدلت في وقفتها وعيونها جت في عيني وعلطول ودتها الناحية التانية.
سلمت على مؤيد وحضنته وعينيا مفارقتهاش _مؤيد روح خلي تيتا تعملك عصير.
مؤيد خرج، لفت وشها وجت تخرج وراه _استني.
وقفت وهيا مدياني ضهرها =نعم.
صوتها وحشني، استسلامها وضعفها بيندمني أكتر على إللي عملته، ليه متكونش قاسية شوية أو تشتكيني لأهلها؟ يمكن وقتها مكانتش هتصعب عليا بالشكل ده!
أنا حنيت يا حنين...مش هتحني بقى؟
مسكت إيديها _أنا أسف، أنا مش عارف أعمل حاجة من غيرك! إرجعي.
=أرجع عشان تموتني وت**ر الإزاز عليا؟ إنت عايزني أرجع عشان مش لاقي حد يخدمك...مش إنت إللي قولتلي إمشي مش عايز أشوف وشك تاني!
قعدت قدامها في الأرض _أنا في البعد متحاوط بطيف ريحتك، مفتقدك يا حنين، لو عايز حد يخدمني كنت جبت خدامة...بس أنا محتاج حنين، حنين إللي كانت أمي قبل ما تكون زوجتي، إنتِ متعرفيش أنا عامل إزاي في غيابك، اكتشفت إن البيت قبر من غيرك، إنتِ إللي مخلية بيتنا جنة، عارف إني غلطت أما اتعصبت عليكِ بالشكل ده، لحظة شيطان والله.
دموعي بدأت تنزل _مش عارف إمتى بقيت قاسي كده! طلعت كل قسوتي وضغطي عليكِ، أنا راضي بكل إللي عيزاه بس إرجعي معايا متسيبيش البيت، مش طايق ادخله وإنتِ مش فيه، حاسس إن ده مش بيتي، أوعدك مش هضايقك تاني، لو حصل أي حاجة ضايقتك مني امشي وسيبيني.
نزلت لمستوايا ومسحت دموعي، كعادتها حنينة، أنا بضعف قدام حنيتها، حضنتها وبوست راسها _أنا أسف.
اتن*دت =أضمن منين إنك مش هتكرر إللي عملته تاني؟
مسكت إيديها ومشيت صباعي على الجرح إللي اتسببت فيه لما حدفت الفازة _ده هيفكرني عشان مكررش غلطتي.
ودت وشها الناحية التانية وسكتت...
بصتلها برجاء _هترجعي؟
=أما ارتاح يومين.
قومت من مكاني وشمرت القميص _خلاص الورد والشوكولاتة والمصاصات وروايات أحمد خالد توفيق إللي بره دول يلزموني لحد ما ترتاحي يومين.
مسكت في هدومي =لا لا خلاص أنا لبست أهو.
دخل مؤيد ونفخ ص*ره _ها يا بابا رفعت راسنا؟
غمزتله =عيب عليك يا بطل.
_آه يا سوسة إنت وهو! متفقين عليا! طب تعالى بقى.
بصيتلها بحب وهيا بتجري ورا مؤيد، مفيش حياة بتخلو من المشاكل، وارد نزعل من بعض، بس المهم منخليش الزعل يطول عشان منخسرش بعض وإحنا مش حاسين.
((((((عوض ربناا))))))
_هتتجوزي واحد من على النت؟!
=آه فيها إيه؟ ناس كتير دلوقتي بتتجوز من على الفيس وبابجي والدنيا زي الفل.
_بصيلي وإنتِ بتتكلمي يا حنين، إنتِ مقتنعة باللي بتقوليه؟
=إيه يا بنتي إنتِ مكبرة الموضوع ليه، هتخليني محكيش ليكِ حاجة تاني...أنا مشغولة عن إذنك.
مشيت وسبتها وكلامها بيتردد في وداني، حركت راسي يمين وشمال كإني بخرج كلامها من دماغي، فتحت الفون لقيته باعتلي "وحشتيني" ابتسمت ورديت عليه.
رجعت لأول الشات وكل ما قلبت فيه اقتنعت أكتر إن كلام ألاء غلط، هيا بس مش عرفاه وبتخاف عليا بزيادة. فعلًا هو مختلف عن أي حد، استحالة حد بالطيبة والحنية دي يكون مؤذي، فاهمني جدًا وبيتحملني في كل حالاتي وشبهي في كل حاجة وبيحب كل حاجة بحبها، بيعمل كل حاجة اطلبها منه، في الأول مكنتش متطمناله بس هو مهديش غير أما طمنني بكل الطرق، يا بختي بيه والله.
_مش ناوية نتقابل؟
قرأت الرسالة و رديت =مش ناوي تبطل إلحاح؟
_عايز أشوفك حتى لو من بعيد، إنتِ مش راضية ليه؟ لسه مش بتثقي فيا؟!
=لو مش واثقة فيك مش هكلمك، أنا واثقة فيك أكتر من نفسي، طب إيه رأيك تيجي تشرب مع بابا الشاي؟
_أنا معنديش مشكلة أجي من دلوقتي والله، بس إنتِ إللي بتقولي مش هيقبل حد غير بعد سنة رابعة.
=خلاص استنى بس سنة واحدة وبعدها هتشوفني.
_تمام.
=إنت زعلت؟
_كل طلباتك بلبيهالك يا حنين، اشمعنى الطلب الوحيد إللي بطلبه مش راضيه تنفذيه؟ عايز بس أشوفك.
اتن*دت، فعلًا بيعمل حاجة بطلبها منه، حرام أكون قاسية كده.
=حاضر، بس هنتقابل خمس دقايق مش أكتر.
_بحبك.
ابتسمت ونطيت مكاني وفضلت أدوخ في الأوضة وأنا حاضنة الفون، هلبس إيه؟ جريت على دولابي وطلعت كل هدومي وبدأت أقيسها.
حنين بتضيع مني والواد ده واكل عقلها، مش عارفة أعمل إيه! شعور العجز وحش اوي، أما تكون شايف حد عزيز عليك بيقع ومش عارف تشده، بس لو مقدرتش أشدها هحاول امنع وقوعها، وإلا مش هسامح نفسي طول حياتي.
رفعت الفون على وداني _المعلومات إللي هبعتهالك دلوقتي عايزة أعرف كل حاجة عن صاحبها والأكونت يتهكر وكل حاجة عليه تبعتهالي انهاردة.
كل شوية أبص في الفون مستنياه يبعتلي المعلومات، قلقي زاد لما عرفت إن حنين هتقا**ه، هيا مش شايفه إللي أنا شيفاه عشان هيا جوه الدايرة، أقنعها إزاي إنه زيه زي غيره ومفيش راجل بيتجوز بنت من النت! ده ميبقاش اسمه راجل وعمره ما هيتقي ربنا فيها، مخبي كل عيوبه وموريها الحاجات الحلوة بس، مش بيظهرلها غير الحاجات إللي عايز يعرفهالها بس. الفون نور فتحته وإيدي بتترعش من الخوف والانتظار والقلق، فتحت الشات وكان فعلًا فيه كل المعلومات، كنت متوقعة إني هلاقيه بيكلم بنت ولا اتنين، بس إللي لقيته خالف كل توقعاتي!
(٢)
كنت متوقعة إني هلاقيه بيكلم بنت ولا اتنين، بس إللي لقيته خالف كل توقعاتي...
رميت الفون من إيدي على السرير برعب ووقفت أبصله، هو إللي قرأته ده بجد؟ اعمل إيه؟ أنا لازم أقول لحنين، هوريها الشات وأكيد هتصدقني.
_إيه يا بنتي خضيتيني عمالة تقولي انزلي بسرعه نتقابل، في إيه؟
=في حاجة لازم أوريهالك يا حنين.
_توريني إيه؟
=خدي اقرأي الاسكرين ده.
أنا مش هقولها كل حاجة، هوريها بس الاسكرينات عشان متتصدمش ونفسيتها تتعب أكتر.
_إي ده يا ألاء؟
=دي اسكرينات بين الباشا إللي رايحه تقابليه وبين بنات تانية.
بصت للفون وبصتلي وضحكت بصوت عالي، ياربي هتدخل في حالة هيستيرية! قربت منها عشان أخدها في حضني، زقت إيدي جامد ووقفت _بطلي كدب بقى، إنتِ للدرجادي بتحقدي عليا! مش عيزاني أكون في سعيدة في حياتي ليه؟ ليه عايزة تدمري كل حاجة ببنيها؟ هو عشان إنتِ محدش بصلك ولا اتقدملك يبقى عيزاني أكون زيك! عايزة كل البنات يكونوا عوانس زيك! للدرجادي غيرانة مني! تركبي اسكرينات عشان تجبريني أبعد عنه! إنتِ متعرفيهوش يا ماما، بصي يا ألاء دي نهاية صداقتنا، مش عايزة حاجة تربطني بيكِ تاني، وأنا إللي فكراكي أل بتخافي عليا ويهمك مصلحتي، الحمد لله إن ربنا كشفك على حقيقتك، بطلي غل عشان قلبك ميسودش، متكلمينيش تاني طول حياتي، سلام.
_يا أنسة، الحساب.
فوقت على صوت الجرسون وبصيت حواليا باستغراب، أنا فين؟ الساعة كام؟ بقالي ساعتين هنا! ماما رنت عليا كتير، أكيد دلوقتي قلقانة...دفعت الحساب وقومت روحت، معرفش وصلت البيت إزاي
=أنا جيت يا ماما.
_اتأخرتي يا ألاء، مال وشك مصفر ليه؟
=آآه يا ماما الناس وحشة أوي. اترميت في حضنها وعيطت، أول مرة أكون منهارة بالشكل ده! يمكن عشان الض*بة المرادي كانت في مقتل، كل ما افتكر كلام حنين أعيط أكتر، قلبي إللي بيعيط مش عيني.
_هديتِ؟ خدي اشربي العصير واحكيلي حصل إيه لكل ده؟
=ليه إما بنحكي عن مشاكلنا بنتعاير بيها بعد كده؟ المفروض نسكت منفضفضش؟ ماما هو أنا متجوزتش لحد دلوقتي عشان وحشة؟ هو عشان محافظة على قلبي ومرتبطتش بحد ابقى عانس؟! ليه يا ماما أعز الناس لينا بتجرحنا؟ ليه الض*بة دايمًا بتيجي من أقرب حد لينا؟ ليه الشخص إللي بنقول ده بالذات مستحيل يعمل كده، بيكون هو أول واحد يخذلنا ويخالف ظنوننا؟! ليه بنحب بكل طاقتنا وبندي كل الحلو إللي عندنا وبناخد الوحش بس! إحنا ليه طيبين؟ ماما أنا تعبانة أوي.
حضنتني ونظرات عينيها مصدومة وبتقول كل ده مخبياه! ردت عيوني ياه يا ماما وأكتر، أنا مبحكيش عشان مزودش همومك.
اعتزلت الدنيا كام يوم وقفلت الفون، السوشيال متعبة أوي، على قد ما بتسلينا على قد ما بترهقنا وبتستنفذ روحنا.
بالرغم من كل إللي حنين قالتهولي إلا إني لسه خايفة عليها، هيا معرفتش غير إنه بيكلم بنات...ياترى لو عرفت الباقي هتعمل إيه؟ أكيد هتكدبني تاني، مفيش في إيدي غير إني ادعيلها.
_مكنتش أعرف إن الحقيقة أحلى من الصور.
بصيت للأرض ب**وف =اسكت.
ضحك _أخيرًا يا ست حنين وافقتي إني أشوفك، تشربي إيه؟
=هشرب زيك.
كنت في قمة سعادتي معاه واليوم كان حلو جدًا لدرجة متخيلتهاش، فعلًا اختياري كان صح.
وصلت البيت وخدت شاور وبعتله _عايزة كل الصور إللي اتصورناها.
=مفيش رشوة طيب؟
_تؤتؤ.
=خلاص مش باعت.
_خلاص وانا مش هخرج معاك تاني.
=الله هو في تاني؟
_هفكر.
=حالًا هبعتلك الصور، أنا بسوق العربية ولسه موصلتش، عند الإشارة الحمرا هبعتهوملك عنيا.
_مش مشكة أما تروح ابعتهم، ومتنساش صور السناب شات.
=مقدرش اتاخر على القمر، من عنيا.
فتحت الصور وابتسامتي من الودن للودن، الله صورنا جميلة أوي، لايقين على بعض جدًا، ربنا يديمه ليا، بصيت لتغفيلة كان مغفلهالي وضحكت أوي، ماشي أما أشوف وشك، قلبت الصورة وبعدين وقفت ثواني ورجعت التغفيلة تاني ودققت في الصورة، الصورة كانت متاخده اسكرين شوت من سناب شات، شريط الإشعارات كان فيه رسالة اتبعتت وهو بياخد الاسكرين، قرأت الرسالة...إيه ده! كتب كتاب مين؟!! كتب كتابه هو! بعد أسبوع عشان خطوبته طولت! لا، أكيد في حاجة غلط أو أنا فهمت الرسالة غلط.
كتبتله وإيدي بتترعش _صورنا جميلة أوي، ربنا يديمك ليا.
=ويديمك ليا يا حبيبتي.
_بقولك إيه ابعتلي اسكرين شوت كده لشاتات الواتس، إنت عمال تخرج من الشات، بتكلم مين ، هاا هاا أعترف.
بعتلي إيموشنات ضحك كتير =أهو يا ست الغيرانة الشاتات عندك أهي.
فتحت الاسكرين والفون وقع من إيدي...الشات إللي باسم محمد إللي كان باعتله رساله عن كتب الكتاب، مش موجود، مسح الشات!!
مسكت الفون وقعدت في الأرض =مش بتمسح شاتات صح؟
_ممسحتش ولا شات متخافيش، وبعدين حد يبقى عنده القمر دي ويكلم واحدة تانية.
بيكدب! أكيد أنا فاهمه غلط، هو عمره ما يكون بيضحك عليا، حاولت أتوه وكتبتله =شوفت المنشن إللي عملتهولك؟
_لا، نسيت أقولك إن الفيس بتاعي اتهكر من أسبوع.
قلبي اتقبض ودق جامد، من أسبوع؟! من أسبوع ألاء جابتلي اسكرينات من الماسنجر بتاعه، لو كلامها كان صح معنى كده إنها هكرته! لا لا أكيد غلط.
رديت _طيب هتعمل واحد تاني؟
=آه.
_ابقى ابعتلي أدد.
قفلت الفون وقعدت مع نفسي شوية أربط المواضيع ببعضها...
المفروض لو أنا أول واحدة في حياته زي ما بيقول، هيكون عنده حياء شوية، إللي عمره ما كلم بنات مش بيكون منفتح أوي كده في أول علاقة ليه.
حتى حنين كانت دايمًا بتقول...يااه حنين! أنا قولتلها كلام وحش أوي، مهما كانت غيرانة مني أو بتحقد عليا بس مكنش ينفع أجرحها كده.
قررت أروح أزورها...
_اتفضلي يا حنين، آلاء في الأوضة ادخليلها.
=شكرًا يا طنط.
دخلت حضنتها _أنا أسفة.
إيديها فضلوا جمبها ومحضنتنيش ووشها بدون تعابير.
كل مرة بغلط بتعديهالي وأول ما بعتذر بتسامحني وساعات بتيجي تراضيني...بس المرادي حسيت إني خسرتها فعلًا.
=تشربي إيه؟
_مش عايزة حاجة غير إنك تسامحيني، عارفة إني غلطت في حقك و...
=ولا يهمك، وعشان أنهي الموضوع ومشلش وزرك هقولك، سواء صدقتيي أو لا، هو بس مش بيكلم بنات...هو خاطب وكتب كتابه قريب، وعامل أكونت تاني مش باسمه وكله فُجُور وق*ف وعُرِيّ وحاجات تت**في تقرأيها، صور وفيديوهات وكلام مقدرش أوريهوملك...كله كوم والشاتات إللي على الأكونت التاني بينه وبين البنات كوم تاني، مش عايزة أوضحلك أكتر من كده، أكيد فهمتيني، ما عليَّ إلا البلاغ.
حطيت التاج على راسها وثبتته بالدبابيس، بعدت شوية عشان أشوفه مظبوط ولا لأه وعيوني دمعت، قربت منها وحضنتها، مش معقول فرحها انهارده؟ هو هياخد كل اهتمامها، مش هعرف أخرج معاها كل يوم زي زمان، انهارده هودع أحن وأطيب أخت مش صديقة لا، هيا عملت معايا إللي إخواتي معملوهوش، رجعت بالذكريات لورا... مين كان يتخيل إن إللي بقول عليها عانس دي تتجوز قبلي! هيا صانت قلبها وربنا رزققها بواحد يتقي ربنا فيها ويجبلها العالم في كفوف إيديها، عمري ما هسامح نفسي على كلامي المؤذي ليها، بالرغم من إنها سامحتني بس كل ما ببصلها بفتكر وبحس بالذنب، وقفتها جنبي وإصرارها إنها تنتشلتي من إللي كنت فيه وتكشفلي الحقيقة ولو على حساب نفسها، دعمها ليا وقت انهياري، وجودها اللطيف حواليا، انتقامها من البني آدم الحقير وإصرارها إنها تدمر شغله وترفده وتفصحه قدام خطيبته، كل دي ديون في رقبتي ليها، وأول موقف هتحتاجني فيه هديها روحي، والله مش قليل عليها، هيا تستاهل كل الحلو إللي في الدنيا، عشان كده ربنا حفظها ورزقها بواحد قلبه يشبه قلبها، الحلال جميل وعوض ربنا بعد الصبر أجمل.
((((((كلهم مصطفي ابو حججررر)))))
(١)
_يا ترى مخبي إيه؟ أكيد بيتاجر في الأعضاء أو مدمن م**رات.
=إنتِ هبلة ياحنين؟
_ما هو مفيش راجل مثالي بالشكل ده!
=مثالي إزاي؟
_طيب وحنين وكويس مع أهله وكريم معايا ومتدين وصوته حلو ووسيم ومش بيشتم وعمره مازعلني وكل الحلو فيه... مثالي بشكل يخوف، أكيد فيه سر وهيبان مع السنين.
=حنين ده تالت أسبوع جواز!
_بعد أول شهر هيبدأ يتحول هتشوفي، هيبدأ يظهر على حقيقته.
=ربنا يتملك بعقلك، أنا هقوم أروح.
_حنين شوفتي ظرف لونه أ**د جواه أوراق؟
=لا.
_يا ربي مينفعش يضيع ده أنا هروح في داهية.
لقيته عمال يلف حوالين نفسه ويِدَوَّر في كل مكان، أممم أكيد الورق ده تبع العصابة...أنا لازم أكشف حقيقته وألاقيه قبله.
=مش يمكن نسيته في شغلك؟ اسأل حد من صحابك يمكن لقاه في مكتبك.
_لا ده ورق سري محدش يعرف عنه حاجة وممنوع حد يمسكه أو يفتحه أصلًا.
=كنت متأكدة.
_متأكدة من إيه؟
=إيه؟ أنا؟ أقصد كنت متأكدة إنك ممكن تكون يعني نسيته في شغلك.
_يوووه حنين فوقي معايا ودوري عليه كويس وسط الملفات دي وأنا هروح أدور في العربية يمكن يكون هناك.
فضلت أدور وفعلًا لقيته جوا مجلد تاني، إيدي بتترعش من الخوف أو الإثارة معرفش...عايزة اكتشف حقيقته وفي نفس الوقت خايفة أخسره لو لقيت شكوكي صح. فتحت الظرف وض*بات قلبي بتزيد...جواه ورق كتير، سحبت أول ورقة _إنتِ بتعملي إيه؟!!
اتنفضت من مكاني والورق وقع على الأرض =أأ أنا مش بعمل أنا كنت ب...
_إنتِ عارفة إن الورق ده سري ومحذرك أكتر من مرة متفتشيش في أوراقي.
=بس إنت إللي قولتلي أدور و...
_قولتلك دوري مش أفتحيه وأقرأي إللي فيه، إمشي من قدامي دلوقتي.
كانت أول مرة يزعق فيا، بقالنا شهرين مع بعض ودي كانت أول مرة أشوفه بيزعق، أنا قولت بردو مفيش راجل مثالي كده! والورق ده أكيد فيه بلاوي عشان كده مش راضي يوريهولي.
ضحكت بسخرية وأنا بفتكر أبويا وكل إللي كان بيعمله، دموعي بدأت تنزل وشعوري بالإشمئزاز بيزيد، كل الرجالة نفس الصنف كلهم كده.
_إنتِ غلطتي ياحنين، مكنش ينفع تقلبي في خصوصياته.
=هو إللي قالي دوري.
_بس مقالكيش اقرأي...إنتِ إللي بتحاولي تدوري على أي ثغرة فيه، احمدي ربنا إنه رزقك بواحد زيه يعوضك عن إللي شوفتيه في حياتك.
لفيت وشي الناحية التانية =كل الرجالة كده، أكيد في حاجة مخبيها وعامل نفسه كويس...يا ترى هي**د لحد إمتى؟
_ليه مش قادرة تقتنعي بجملة لازال الخير في أمتي إلى يوم الدين؟
=إنتِ إللي بريئة يا ألاء ومش شايفة الدنيا وحشة إزاي.
حطيت الغدا على السفرة ودخلت البلاكونة أنادي أسامة عشان نتغدا، لقيته بيتكلم ومديني ضهره، قربت إيدي منه عشان أخليه ياخد باله مني بس إيدي وقفت على بُعد سنتي واحد من كتفه لما سمعته بيقول _آخر جرعة م**رات كانت قبل جوازي علطول.
(٢)
_آخر جرعة م**رات كانت من أسبوعين تقريبًا.
سندت إيدي على الحيطا ودماغي بتلف...شكوكي طلعت في محلها! حتى أنت يا أسامة! الدنيا بتلف بيا...
=حنين إنتِ كويسة؟ وشك مخطوف كده ليه؟ حنين سمعاني؟
سندني وقعدني وجابلي عصير...كان باين قلقه على وشه، بصتله وسرحت...سرحت لأيام عذابي أنا وماما مع بابا المدمن، الم**رات دمرت حياتنا وعيلتنا الصغيرة، في الآخر بابا سابنا ومشي بعد ما خد كل حاجة في البيت وباعها عشان يشتري م**رات.
أسامة فتح الجرح تاني، فكرني بذكريات كنت بجاهد عشان انساها.
انهرت في العياط _إنت كداااب، كل الرجالة زي بعضها، كلكوا بتخبوا بلاوي سودا، ياريتني ما اتطمنتلك واتجوزتك! فين وعودك ليا إنك هتعوضني؟ كل ده كدب! كل حنيتك وطيبتك دي تمثيل؟
بصلي بصدمة ومتكلمش.
_حبل الكدب قصير، اكتشفت حقيقتك، كنت حاسة والله إنك مخبي حاجة.
إداني ضهره وقال بهدوء =عايزة تقرأي إللي في الورق؟ عايزة تعرفي مخبي إيه؟
قولتله بحسرة _ما أنا فعلًا عرفت، سمعتك وإنت بتقول إن آخر جرعة م**رات كانت قبل جوازك علطول..انكر وقول إن إللي سمعته غلط!
=لا يا حنين، إللي سمعتيه صح..فعلًا آخر جرعة م**رات كانت قبل جوازي، بس آخر جرعة لوالدك مش ليا.
_إيه؟
اتن*د وقعد قصادي =كنت عايزها مفاجأة وإنتِ بوظتي الدنيا. من وقت ما خطبتك وعرفت قصتك وأنا خدت عهد على نفسي إني هلاقي باباكِ وهطلعه من إللي هو فيه، وفعلًا مهدتش إلا لما لقيته وبدأ يتعالج من الم**رات وسحبنا كل السموم من جسمه، كورس التأهيل النفسي مدته ست شهور وقربوا ينتهوا، وهو مستني بفارغ الصبر المدة تخلص عشان يبدأ يشتغل معايا ويرجعلكوا أما يكون إنسان سَوِي وقادر يتحمل مسؤولية أسرة.
مشاعر كتير مختلطة جوايا، مش عارفه أفرح عشان بابا ولا أزعل عشان ظني السيئ وكلامي الجارح إللي قولته! _أنا... أنا أسفة.
=أنا متفهم قلة ثقتك في الرجالة يا حنين ومش هزعل منك ومن كلامك، إللي خلاني أخبي عنك إني عايز أفرحك أما باباكِ يرجعلك تاني إنتِ ومامتك.
عيطت _إنت بجد أحن راجل في الدنيا، بص كإني معرفتش حاجة وهعمل نفسي متفاجأة.
=بعد إيه يا فساد خلاص المفاجأة باظت، قومي نتغدى يا نكدو.
_شوفتي بقى خبى عليكِ ليه! كان عايز يفرحك، إن بعض الظن إثم يا حنين.
=عندك حق، ربنا يباركلي فيه، فعلًا هو عوضي الحلو من الدنيا، عمره ما زعلني ولا ضايقني ودايمًا طيب وحنين وكويس مع أهله وصوته حلو و....بت يا ألاء مفيش راجل مثالي أوي كده، أكيد مخبي حاجة وهتبان مع الوقت، أنا لازم اكتشف هو مخبي إيه.
وترجع ريما لعادتها القديمه??
منذُ فترةٍ وجيزة أُجبرتُ على مساعدة أختي الصغيرة في حلِّ واجبِ الرياضيات -لا أخفيكم سرًا عن مدى كرهي لتلك المادة المعقدة- جلستُ بمللٍ أشرح لها طريقة الحل الصحيحة، فتُكَرِّرُ على مسامعي الجملة المعتادة "مش فاهمة" طفح الكيل...هذه المرة العاشرة التي أوِّضح لها نفس المسألة وتقول بكل سذاجة أنها لم تستوعبها. هممتُ بالصراخ عليها فانكمش وجهها وتراجَعَت للوراء واضعةً يدها على وجهها اتقاءً لبطشي...توقَفَت يدي في منتصف الطريق إلى وجهها، وتذكرتُ أمي التي لم تمل من تكرار الشرح مرارًا ولا تتركني إلا بعد أن تترسخ المعلومة بذهني.
شعرتُ بالخجل، لماذا لم تقسو عليّ؟ كان باستطاعتها أن تَصُبَّ جام غضبها عليّ كما فعلتُ مع أختي الآن.
مرَّ بخاطري موقف مشابه سأختصره لكم.
كنتُ أقرأ إحدى الكتب ولفت انتباهي قصة كاتب أمريكي يعشق الحلوى...كانت أسرته فقيرة بحيث لا مجال لتحَمُّل الرفاهيات كالحلوى. كان ينظر لمتجر بيع الحلوى بنهم ويحلم بالدخول لتلك المدينة السحرية المليئة بقلاع الشوكولاتة وجبال الكريمة التي يقف الكرز -الم**و بالسكر- شامخًا على قمتها...
ظل يدخر ويدخر؛ ليستطيع العبور لذاك العالم السحري، فلكل شيء ثمنه، وبالفعل في أحد الأيام تحقق حلمه وادخر مايكفيه ودخل بثقةٍ ليطلب كل مايشتهيه من الجاتوه المغلف بالشوكولاتة وتماثيل الحلوى وقطع النعناع الحارة وغزل البنات الطازج...إلى أن انتهى به الأمر إلى اقتناء أطنان من الحلوى المختلفة.
سأله صاحب المتجر في دهشة: "هل معك ما يكفي من النقود؟"
أجاب الصغير -ذو السبعة أعوام- في ثقة: "نعم". ومد يده في جيبه وأخرج كل ما معه من مال -وكان عبارة عن البلي الملون- ووضعه في يد البائع وقال ببراءة: "هل يكفي؟"
**ت الرجل قليلًا وقال بحشرجة: "أجل، ولك باقي".
ثم وضع في يد الصغير بعض العملات النقدية، فحمل الأخير كنزه الثمين وذهب فرحًا بِحلوَاه.
مرت الأعوام وشَبَّ صغيرنا وتزوج. بدأ بشق طريقه نحو الحياة؛ بفتح متجر لبيع أسماك الزينة، وكانت مرتفعة الثمن بعض الشيء.
وفي منتصف النهار وقف طفل في الخامسة يرمق الأسماك وعيناه تكاد أن تخرج القلوب -إن صح التعبير- وبجواره أخته التي تكبره بعدة أعوام. وبلا تردد أمسكت الطفلة بيد الصغير وقالت لصاحب المتجر: "أريد بعض الأسماك لأخي".
فتقدم الرجل وهو يشعر أن هناك شيء مألوف، تجاهل الأمر وساعد الصغيران في اقتناء الأسماك.
نظر لدلو الأسماك الممتلئ بشيء من الحذر وقال: "يجب أن تعودي للمنزل بسرعة وتضعي الأسماك في ماء وفير، وأتمنى أن يكفي مالكِ لتغطية هذه الثروة الصغيرة.
تفقدت الطفلة جيوبها وقالت بثقة مطلقة "بالطبع معي، ضع هذه أيضًا وهذه".
في النهاية جمع ثمن الأسماك التي طلبتها وفوجئ بأنها تمثل خُمس رأس ماله تقريبًا. أخبرها بالرقم، وبدا أنها لم تدرك معناه أصلًا. وَضَعَت على الطاولة الكثير من حلوى النعناع وسألت ببراءة: "هل يكفي؟!".
ارتجفت أوصاله وتذكر كل شيء...متجر الحلوى السحري، الطفل ذو السبعة أعوام، البلي الملون، صاحب المتجر...آه، كيف شعر صاحب المتجر وقتها؟ لقد كان موقفه حساس جدًا، ومع ذلك راعى براءة الطفل ولم يخدش مشاعره. وبكل ثقة قَبِل صاحبنا حلوى النعناع -كما قبل صاحب متجر الحلوى البلي- وقال للصغيرة بحشرجة: "أجل، ولكِ باقي".
ثم وضع في يدها بعض العملات المعدنية، فشكرته وغادرت.