الفصل الاول 1

1701 Words
في احد الاحياء الشعبيه لقاهرة المعز ، منزل مكون من عدة طوابق ،وفي احد الطوابق توجد شقه ، نجد بطلتنا تقف امام المرآه تتحدث مع نفسها ،دلفت لها والدتها السيدة "سميحه"واردفت بعتاب : ليه كدا يا شهد ،تردي على ابوكي بالطريقة دي ،انا ربيتك على كدا. نظرت "شهد"الى صورة والدتها المنع**ه في المرآه وتحدثت بعصبيه :دا مش ابويا،دا جوز امي في فرق الله يكرمك يا ماما . زفرت والدتها بقلة صبر واردفت : ارحميني يابنتي مش موال كل يوم ،هو مش رباكي من صغرك وعلمك وكمان... قاطعتها"شهد " بحدة : ماما مين دا اللي رباني ،مين دا اللى علمني ،الشقه دي شقه ابويا مش كتر خيره هو علشان نيمني في بيته مثلا بالع** دا كتر خيري انا اللي سماحله انه يقعد فى بيتي . نظرت لها والدتها بغضب واردفت بصوت جهورى : تصدقى انك قليله الادب انا مربتكيش فعلا زي ما هو قال . هبطت الدموع من عينيها وكأنها كانت تحاربها لعدم سقوطها والأن لم تعد تحتمل اكتر من ذلك ،انفجرت مقلتيها بسيل من الدموع وذهبت لفراشها الصغير الذى لم يعد يتحملها لتآكله ودفنت وجهها فى وسادتها وبكت واطلقت العنان لدموعها ولنفسها ،رأتها والدتها على ذلك الحال رق قلبها وذهبت بجوارها وجلست واخذت تمسد على شعرها الحريرى برقه وببط لعلها تشعر بحنان امها ،اخذت سميحه نفس طويل ثم اخرجته وتحدثت بصوت ناعم وهادئ : شهد انا عارفه انك مكنتيش عاوزنى اتجوز بعد والدك بس اعمل ايه يابنتى المعلم حسني اقنعنى وقتها انه هاياخد باله منك ومنى ،انا كنت ضعيفه ووحيدة وحزينه ومش ليا حد قولت وماله اهو ضل راجل ولا ضل حيطه ، بس والله يابنتى مع مرور الوقت وشفت معاملته ليكى وانا بحزن وبزعل اوى من نفسي ان اخدت القرار دة فى يوم من الايام ،بس خلاص مبقاش ينفع ارجع ولا اطلق بعد ما خلفت منه سلمى ،هاروح بيكوا فين يابنتي وهاصرف ازاى عليكوا ،حقك عليا متزعليش، انا بس كل اللي بطلبه منك انك تتجنبيه ومالكيش دعوة بيه وتبطلي كل يوم والتانى مشكله مع حد ويجوا يشتكوا منك . رفعت شهد راسها واردفت بصوت مبحوح : كلكوا جايين عليا ياماما، انا اكيد مبعملش مشاكل من هوا ،الناس هما اللي بيستفزوني،عم احمد راجل غلبان ومكتبته كل يوم بتتسرق من الحارة المعفنة دي ،يعني علشان بقف وبشوف شغل الراجل مظبوط،ابقى كدا وحشة كخة مثلا،انا براعي ربنا في أكل عيشي وفي مال الراجل الغلبان دا . تن*دت "سميحه" بصوت عالي ماذا تقول لابنتها وهي تدافع عن الحق ، وبعدها استطردت قائلة : بصي يا شهد انا كل اللي بطلبه منك حاجة واحدة بس ،ابعدي عن عمك حسني،بلاش كل يوم والتاني مشاكل يابنتي اصل انا تعبت . أومأت "شهد" برأسها دليلا على موافقتها، والدتها تعاني من ضعف الشخصية ،تتجنب المشاكل،تريدها ان تتعامل مع المدعو"حسنى "وكأنه والدها،كيف تعامله هكذا وهو يكرها اشد الكره ودائما ما يناديها ببنت "مصطفى " ،دائما تشعر من اتجاهه بالكره لوالدها فالبتالي يكرها لانها من صلبه. ****************************** في مكان اخر . نجد في احد الاحياء المتوسطة الحال ،برجا مكون من عدة طوابق ،وفي احد هذه الطوابق شقة المحاسب "رامي المالكي"، شاب في اواخر العشرينات يعمل محاسب في احد الشركات،ارمل ولديه طفل اسمه "حمزة" عمره ٧ سنوات ،يعيش مع والدته السيدة "صفاء" ، "رامي" شخصيته حازمة مجتهد يسعى لتوفير مستوى افضل لطفله ،كان متزوج من زميلته في العمل ولكن وافتها المنية وهي تضع طفلها حمزة ، منذ ذلك الوقت ورامي يكرس حياته لطفله ووالدته فقط . _رامي ،مكنش له لزوم العقاب دا ،انت كلمته وخلاص . كان هذا صوت "صفاء" عندما دلفت على ابنها تعاتبه على عقابه لحمزة . التفت اليها رامي الذي كان منشغلا بدراسة جدوى لمشروعه ،وترك قلمه والاوراق التي في يديه وخلع نظارته الطبية ووضعها على مكتبه هاتفا بقوة : غلط يتعاقب يا امي ،انا عاوزه يطلع راجل ،بذمتك اللي عمله في المدرسة دا ينفع؟؟ ،انا المدرسة تتصل بيا علشان ض*ب زميله ،لأ ولما اكلمه وافهمه ،يبجح ويقولي مغلطتش،لا ياخد على دماغه ويتعلم الادب . نظرت له "صفاء" بتعجب ،احيانا تشعر بان ابنها متناقض في شخصيته ،لاحظ "رامي " نظراتها المتعجبه قطب ما بين حاجييه هاتفا بتساؤل : مالك يا امي بتبصيلي كدا ليه ، انا قولت حاجة غلط . ابتسمت "صفاء" بسخرية واردفت : انت غريب يا ابني ، مش انت قايله بل**نك دا قدامي ، لما تعمل حاجة اقف ودافع عن نفسك ،متهربش ووضح وجهة نظرك ،جاي دلوقتي وتقولي بجاحة . ما ان انهت "صفاء " جملتها حتى ضحك "رامي " بشدة على حديثها ثم هتف : يا امي على طول بتفهمي كلامي غلط ، انا اقصد يقف ويشرحلي وجهة نظره لكن لما اللي اكبر منه يسمعه وبعد كدا يحكم بانه غلط يبقا يعتذر مش يبجح اكتر ويقول لأ انا مقتنع باللي عملته . عقدت صفاء حاجبيها دليلا على تعقيد ابنها في اتخاذ طرق صعبة لتربية ابنه ، من وجهه نظرها البسيطة ان التربية اسهل من ذلك بكثير ، والدليل على ذلك انها قامت على تربية رامي وجعلته انسان سوي يحترم الجميع ، والجميع يكن له الاحترام ،تساءلت مرارا وتكرارا بداخلها لماذا كل هذه التعقيدات والمصطلحات الغريبه لتربية ابنه ،قاطع تفكيرها صوت "رامي " مردفا: ايه يا ماما ساكتة يعني وبتبصيلي ومش فاهم حاجة . استقامت "صفاء" في جلستها وتحدثت : بص يا ابني هو ابنك وانت حر تربيه بطريقتك ،بس الحياة مش جد أوي، وبعدين دا طفل مهما كان راح ولا جه طفل ، طبيعي يص*ر منه افعال مش محسوبة، بلاش تقسى عليه، من وقت ما قولتله مش يكلمك ولا يأكل معاك وهو هاري نفسه عياط في اوضته يا حبيبي . تن*د "رامي " واردف بصوت رخيم : حاضر يا أمي بس سيبني اكمل عقابي النهاردة بس علشان بعد كدا ميفكرش يعملها تاني . تحركت "صفاء " اتجاهه ومالت نحو ثم طبعت قبلة اعلى جبينه واردفت : ربنا يهد*ك يا ابني ، ويخليلك ابنك ، انا حاسة بيك من يوم موت اميرة وانت بتحاول تكون الاب والام وكل حاجة ، بس معلش راعي انه طفل ونفسيته بتتأثر بسرعة . ابتسم لها "رامي " وجذب يديها التي كانت تمسد بها على رأسه وطبع قبلة حنونة في كف يديها : حاضر يا أمي ربنا يخليكي لينا يارب . **************************** في أحدى المستشفيات . تقف " ليلى" في أحد ممرات المشفى وتتحدث بصوت خافض للغاية مع خطيبها "زكريا" على هاتفها الجوال: اعمل ايه يا زكريا قالولي انتي النهاردة نبطشية علشان مدام سها ابنها تعبان،وبعدين دا شغلي وانت خاطبني وانا كدا . هتف "زكريا" بعصبية : انا خطبتك وقولتلك بطلي شغلك دا وانتي بتعاندي معايا . زفرت "ليلى " بعصبية : هو موال كل يوم يا زكريا ، انا لازم اصرف على نفسي ،انت عارف كويس ان مكتبة بابا مبتغطيش كل المصاريف، وانا لازم اجهز شقتي علشان الست والدتك متتريقيش عليا . لاحظت "ليلى " سكوت زكريا نظرت في هاتفها وجدته انهى المكالمة ، رفعت احدى حاجبيها باعتراض وقامت بسبه في سرها ، وتحدثت بعصبية بالغة : بتقفل في وشي الخط يا زكريا ماشي والله لاقفل التليفون كله ومتعرفش توصللي. _بتعملي ايه عندك يا ليلى؟. تفاجئت ليلى وشهقت بصدمة من وجود الدكتور "كريم " ابتسم لها " كريم " قائلا : في ايه شوفتي عفريت . تلعثمت " ليلى" قائله : لا يا دكتور ، في حاجة حضرتك . اومئ كريم لها برأسه : اه ، كنت عاوزك تجهزي العمليات ،عندنا ولادة قيصري . تحركت "ليلى" بخطوات متعثرة نحو الممر المؤدي لغرفة العمليات دون كلام ،بينما تن*د "كريم " بصعوبة ،منذ ذلك الوقت وهي تتجنبه ،لقد اعترف بحبه لها وهو يعرف جيدا انها مرتبطة وتحب شخصا يدعى "زكريا "، نعم تسرع كثيرا عندما اباح لها بحبه لقد عاقبته بقلة كلامها معه ، وتحاول ان تتجنبه على قدر الامكان . تحرك صوب غرفة المريضة ليقوم بواجبه وبداخله حرب كبيرة ما بين ،كان يجب ان يعترف بحبه حتى تشعر به ،وما بين ان ما فعله خطأ كبير في حقه كانت "شهد " جالسه تقرأ في احد الكتب وتحاول ان تحسن من قرأتها ،ف زوج امها اصر علي خروجها من المدرسة منذ المرحلة الاعدادية ولم تكمل تعليمها ، كان حلم حياتها ان تصبح طبيبة ولكن وقف امام حلمها زوج امها ،وفي النهاية تدمر حلمها وضاع مثل اي امنية كانت تحلم بتحقيقها ،كانت شاردة في احلامها البسيطة وانتبهت على صوت "عم احمد"،تحدثت قائلة : معلش ياعم احمد مسمعتش . ابتسم "احمد" لها بحنان واردف: سرحانة في ايه يا ست البنات . اغلقت "شهد" الكتاب ووضعته امامها : مش سرحانة ولا حاجة ،بقرأ في الكتاب . جذب "عم احمد " الكرسي وجلس عليه وامسك ب يديه فنجان الشاي ثم ارتشف رشفه صغيرة قائلا : مش احنا اتعودنا نقول لبعض ونحكي كل اللي في قلبنا ، مالك يا بنتي . تسابقت الدموع في عينيها وحاولت على قدر الامكان ان تتجنب سقوطها : مفيش ، اتخانقت مع جوز امي معرفش الراجل دا عاوز مني ايه ، انا بحاول ابعد عنه على قد ما بقدر وهو بيحاول بردوا يجر شكلي . قال " احمد " مستفهما : دا كله بسببي ،صح؟. جذبت "شهد"احد المناديل الموضوعة امامها ومسحت عيانها واردفت : هو واخدك حجة مش اكتر ، بس هو بيدور على اي سبب علشان يطردني من البيت ، انا خايفة اوي تكون امي كتبت الشقة باسمه ، كل ما اسالها تتهرب مني ، انا هاضيع ياعم احمد بجد لو كانت كتبته باسمه ، هايطردني انا عارفة دا راجل شراني . هز "عم احمد " رأسه بنفي قائلا : مظنش يابنتي ، امك عارفة حسني كويس ، مظنش تبقا بالغباء دا . ابتسمت " شهد" بسخرية : والله امي انا عارفاها كويس تلاقيها خافت منه ، وسمعت كلامه دا بيبهدلها وبيض*بها وكل يوم شتيمة وفضايح ودي مبتنطقش والحجة هاروح بيكي انتي وسلمى فين واجيب علاج سلمى منين ،وهنصرف ازاي، كلها حجج ، زي مانا بشتغل دلوقتي وبجيب مصروفي ، هاشتغل كام شغلانة مع بعض ، واصرف عليها وعلى سلمى . وضع "عم احمد" فنجان الشاي على المنضدة واستطرد قائلا : بصي يابنتي نصيحة مني بلاش تكوني انتي السبب في خراب بيت امك ، علشان بعد كدا متجبش اللوم عليكي ، سلمى اختك تعبانة واد*كي شايفاها عندها السكر بيخليها تدخل في غيبوبة ودا محتاح مصاريف وحاجات ، بلاش يابنتي وزي ما امك قالت اتجنبي حسني . ذرفت " شهد" الدموع من عينيها وقالت : هو انا مصبرني غير سلمى ، لولا هي مكنتش اتحملته لحظة ، بس كله علشان خاطر عيونها بس . ابتسم " عم احمد" وقال : والله انتي قلبك ابيض بس ميبنش للكل كدا . جذبت " شهد" منديل اخر ومسحت دموعها بقوة وضحكت : انا لازم امسح دموعي دي ،لحد يجي يشوفني كدا ،و يفضحوني في الحارة . استقام " عم احمد" واردف : انا هاروح اصلي العشا ، ظبطي المكتبة واقفلي ، ليلى قالتلي هاتبات في المستشفى . تحركت " بهمة وقامت بترتيب الاقلام والكراسات واردفت : حاضر ، هارتب كل حاجة واقفل واروح .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD