الفصل الثاني :

1023 Words
" يوري ؟! .. مازلت هنا ؟! .. عمتك تنتظرنا في المنزل " صوت ابن عمته ديفيد اعاده لرشده .. نظر نحو الشاب البريطاني الملامح مدركاً اخيراً انه يقف دون كلام ليراقب عاملة النظافة منذ دقائق .. وهو شيء لم يفعله طوال حياته .. قبض يده وتكلم اخيراً قبل ان يتحرك باتجاه ديفيد " عملاً موفق .. ليلة سعيدة " اقترب من الشاب ذو الشعر الاسود ورمقه الاخير بعيون عسلية متسائلة لكنه هز رأسه بلا مبالاة وتقدمه نحو الممر الطويل الذي يفضي الى المصعد في اخره " اهناك امر ما ؟! " " لديها عينا اوليفيا " تن*د عميق من ديفيد جعله يبتسم بسخرية مرة .. كم هو ميؤوس منه ؟! .. ثم سمع الرد ويد الرجل الاخر تلامس ساعده " يوري .. اوليفيا ماتت .. قبل تسعة عشرة عاماً متى ستتوقف عن جعلها هاجزك قريبي .. انك تهمل حياتك بأكملها دون اهتمام بنفسك او محاولة النسيان حتى .. ومجدداً لم يكن خطئك .. ما حصل لاوليفيا لم يكن ذنبك " كان يعلم هذا .. كان يعرفه ويكرره لنفسه كل ليلة بعد ان يواجه كابوسه المعتاد مع رؤية ملاكه الصغير تناديه وتستنجد به بينما ألسنة اللهب تفصل بينهما .. ومع هذا فهو يختنق .. هو يعيش على هامش الحياة لمجرد ان ليف لم تعد تتنفس مثله .. لمعرفة انه حصل على الجنة بينما بقيت طفلته المدللة .. صغيرته .. تحت رحمة حرارة النيران في ذلك المكان البغيض المشؤوم .. فكيف يمكن ان يسامح نفسه يوماً ؟! " الا يعجبك الطعام بني ؟! " همست العمة صوفيا بصوت امومي لطيف لتعيده من شروده فنظر اليها وابتسم بخفة " ابداً .. انه لذيذ جداً .. سلمت يداك " " انت لا تأكل جيداً " همست بلوم طفيف جعل زوجها يقاطعها بسرعة " اتركيه صوفيا .. افعل ما تريده بني .. لا بد ان حال والدك تؤثر عليك بشدة " والده .. تن*د واخفض رأسه يراقب شرائح اللحم دون ان يرفع اي منها الى فمه .. لا لم يكن ما يشغله والده .. انها صاحبة عطر الغاردينا .. لا يعلم لما مازل منزعجاً شارداً بسبب ملامحها التي افقدته تعقله ورشده .. من اسائته لها .. من نظرتها المتسائلة التي تلاحقه منذ غادر قاعة الاجتماعات قبل ساعة ونصف .. لكنه اخفى هذا ببراعة مكتسبة واجاب " امل ان يتحسن بسرعة .. طبيبه اخبرني انه وبمجرد خروجه يجب ان ياخذ فترة نقاهة طويلة بعيداً عن العمل .. ارجو ان تساعداني لاقناعه بفعل ذلك حفاظاً على صحته " " بالتأكيد بني سنفعل .. ماذا عن العمل ؟! " حادت نظراته نحو ديفيد الذي يأكل بنهم مقابل له والذي اعاد اليه النظرات نفسها متفهما موقفه فهذا ما يقض مضجعه .. رغم كل حذاقته فيبقى آشر لبرمان يتفوقه بمراحل وكم يحتاج لخبراته ومشورته في خطواته التالية وقراراته .. لكن صحة والده اهم من كل ذلك .. " ماذا عن بولا ؟! " ليس مجدداً .. زفر يسند جسده للخلف واعاد نظراته نحو الامرأة الستينية التي تسعى لتزويجه بلا ملل منذ ثلاث سنوات بعد وفاة والدته بحجة انه اصبح بسن مناسب .. " ليس الان عمتي .. ارجوك " " لما لا ؟! .. انها شابة جميلة .. ابنة عائلة مناسبة جداً .. وهي سيدة مجتمع راقية ستناسب مكانتك " " اسمع كلام امي " ضحكة ساخرة غادرت شفتي ديفيد ثم اضاف بتسلية وخبث " لولا اني على وشك الزواج لاخذتها لنفسي .. لكن للاسف انا احب ميليسا رغم ان عائلتها لا تلقى قبولاً عند امي " " انا لا اكرهها ديفيد .. لكن اهلها بلى .. الامر انهم حديثوا الثروة ومبتذلون .. لا جذور عميقة لعائلتهم .. ولا رقي في تصرفاتهم .. لما لا تبحث عن انثى تناسبك ؟! .. هذا .. " مقاطعة اخرى من زوجها جعلها تقطب في وجه الجميع " اتركي الاطفال وشأنهم عزيزتي .. ابنك يعرف صالحه جيداً .. وميلي فتاة رائعة جداً وراقية جداً .. وبالنسبة لك يوري .. الم يحن وقت توقفك عن عزوبيتك القصرية التي تفرضها على نفسك ؟! .. ابحث عن انثى تشاركك الحياة قبل ان يفوت الاوان .. نحن نحب ان نراك مستقراً سعيداً كما ارادت امك لك " كان يمكنه ان يرفض الاستماع لكن هو يحترم السيد جوزيف زوج عمته ويقدر مكانته .. لطالما كان رجلاً رصيناً صادقاً بدماء بريطانية تتصف بالبرودة .. ومع هذا كان يملك عاطفة صادقة نحوه بشكل خاص ويعامله كما لو كان اخاً لابنه " يوماً ما عمي .. سافعل " عندما اجد سلامي الداخلي الذي فقدته بعد موت ملاكي .. اردف داخله دون ان يجرأ على نطق الكلمات فهذا الموضوع يثير سخط العائلة بكاملها .. وذلك لانه يوقف حياته باكملها لاجل ماضي انتهى كما يقولون " الن ننتهي من قصص الميتم القديمة ؟! " " صوفيا !!! " " امي !! " تململت عمته في مكانها بينما يقبض يده تحت الطاولة محاولاً لجم انفعالته .. تنفس بعمق لمرات قبل ان يتحرك ليقف منهياً حديثاً لا يريد خوضه للمرة الالف " كان عشاءً لذيذاً .. شكرا لك عمتي .. ساغادر لاني اريد المرور لارى والدي قبل العودة الى القصر " " انت لم تاكل شيئاً .. ابقى قليلاً بعد " قالت بسرعة وهي تقف محاولة استمالته بعد زلة ل**نها لكنه انتهى .. هناك اختناق في داخله هذا اليوم .. يشعر كما لو ان الاف الصخور تتجمع فوق ص*ره لتجثم هناك ولا تتزحزح مانعة اياه من التنفس براحة " سارافقك .. هيا " تحرك ليمسك بسترة بذلته الاسود ومعطفه السميك وترك هو وديفيد المكان بينما صوت الزوجان يتجادلان وصل لمسامعه حتى تركا غرفة الطعام نهائياً " انها محقة " " ارجوك ديفيد كفى " بمجرد مغادرته لمنزل عمته الفخم اتجه نحو سيارته الرياضية السوداء واحتل مقعد السائق بينما يغلق بابه بعنف " اوليفيا ماتت .. عش حياتك وتوقف عن دفن روحك معها " " غادر " امره بمجرد ان انضم اليه وعندما حاول التكلم مجدداً اقترب ليفتح باب السيارة من جهة قريبه وهتف مجدداً بعنف زائد لم يعتده منه اقراب المقربين اليه " قلت غادر .. " " انت لست طبيعياً اليوم .. حسنا لن اتفوه بحرف لكن يجب ان ارى خالي انا ايضاً .. لنذهب " زفر بحدة وض*ب المقود لمرات .. لم كل ذاك الغضب يتملكه؟! .. الان الحقيقة قيلت بكلمات واضحة امامه .. ليف ماتت .. رباه .. الا يعلم هذا ؟! .. اليس هذا ما يؤلمه ويؤذيه ؟! اغمض عيناه بعدها واخذ انفاس مختنقة ثم قام بانعاش محرك السيارة وانطلق بعد ان همس بصوت مخنوق " ان قلت اي كلمة سارميك خارجاً " ********
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD