وبالطرف الآخر على تلك القهوة
جلس "ثائر" على ذلك المقعد بعدما قام بسحبه منتظرًا هبوطها فنادى على الصبى بنبرة عالية صافقًا يديه ببعضها البعض
-هاتلى كوباية قهوة سادة و الشيشة يا عبده
وسرعان ما انتبه لصديقه "يوسف" و الذى بذات الوقت زوجًا لشقيقته التؤام مناديًا باسمه
-يوسف
أقترب "يوسف" وسحب المقعد جالسًا بمقابلته فقال "ثائر" بنبرة ساخرة
-مالك يا عم بوزك شبرين ليه سارة منكدة عليك و لا ايه!؟
حرك "يوسف" رأسه بنفى و قال بأبتسامة مكلفة لم تصل لعيناه لا يريد لصديقة أن يأخذ خبرًا عما يحدث بينه و بين شقيقته
-وإيه الجديد ما أختك ماشاء الله بير نكد
جذبه "ثائر" من ملابسه بمرح متمتم من بين اسنانه
-يالا احترم نفسك دى اختى دى مش هتلاقى ضفرها فلم ل**نك كدة و خليك حلو عشان مقلبش عليك
أبتسم "يوسف" و نزع يد "ثائر" مهندمًا ملابسه
-ما انا عارف يا ثائر عارف والله، وبعدين ما انت عارف إنى بحبها بس هى عليها حركات بتنرفزنى يا أخى زى ما تكون مستقصده تنرفزنى
فجاء "عبده" ذلك الصبى الذى يعمل بالقهوة و التى تكون لوالد "ثائر" ولايتخطى عمره ال١٩ عامًا
-وعندك احلى كوباية قهوة و احلى حجر شيشة لاجدع معلم فى المنطقة كلها
ابتسم له "ثائر" و قال بابتسامة جانبية هو يسحب نفسًا من تلك الشيشة
-ثبتنى انت كدة صح
أجابة "عبده" بمشا**ة
-وانا اقدر برضو يا معلم ده انت الخير و البركة
نظر "ثائر" تجاه يوسف و قال
-تشرب حاجة يا يوسف
حرك "يوسف"رأسه بنفى و ض*ب على الطاولة بخفة و قال
-لا انا هقوم بقى يدوب الحق عشان متأخرش
اماء له "ثائر" و سريعًا ما غادر "يوسف"
اما هو فظل منتظًرا هبوطهم سويًا و ما ان رآهم حتى ترك الشيشه من يديه و أقترب منهم فقلبت "هيام"عينيها و قالت بضيق مصطنع
-وبعدين معاك يا عم انت، انت هتفضل كل يوم لازقلى كدة، ما تقولى حاجة يا ماما
تن*دت "هبة" و نظرت تجاه "ثائر" الذى كان يرمق "هيام"بضيق بسبب ملابسها التى رغم طولها و لكنها تتجسم عليها موضحة تفاصيل جسدها الممشوق
فصاح بحنق و عينيه تطلق شرار فعقله و عيناه حتى الآن لا يستوعبان بأنها أصبحت انثى ناضجة فلم تعد تلك الفتاة الصغيرة التى كان يحملها بين يديه
-الهدوم دى تطلعى تغيريها أحسنلك يا هيام
عقدت ما بين حاجبيها و أستدارت ترمق والدتها بنظرات نارية بعدما سيطر الغضب عليها لتحكمه المستمر بها و الأسوء موافقة والدتها له و التى تثير حنقها
-عجبك يا ماما اللى بيقوله ده و بعدين انا لبسى مفهوش حاجة كل البنات بتلبس كدة يعنى مش لوحدى مش عجبه انا
أحتدت عيناه بشراسة متحدثًا ببرود ع** تلك النيران التى كانت كالمرجل
-مش هعيد كلامى تانى يا هيام، هتطلعى و هتغيرى هدومك والا ودينى و ما أعبد ه
كاد أن يكمل حديثه و لكنها قاطعته و هى تتأفف رامقة والدتها بغيظ متجهه داخل البناية التى تقطن بها مرة آخرى مستجيبة لحديثة مبدلة تلك الملابس التى كانت كجلد ثانٍ لها
تن*دت "هبه" و قالت بهدوء شديد
-براحة عليها يا ثائر انت عارف ان هيام عنيدة و انت بذات بتحب تعند معاك
كانت تتحدث و هو يتابعها بعينيه متن*دًا بضيق، ولم تنبته لعينيه التى تنظر لها بلهفة يريد أخبارها بمشاعره الدفينه و التى يخاف ان يظهرها فيخسرها للابد ، فمن تقف أمامه هى حب مراهقته و شبابه لم يدق قلبه لسواها، رغم علمه بأنهم لا يناسبان بعضهم و لكنه لم يستطع التحكم بقلبه الذى تعلق بها و أصبح لها عاشقًا ولهان..
فكلما رآها يشعر بأنه يحلق بالسماء ، خوفه و حبه لابنتها ناتجًا عن حبه لها فكيف لا يخاف عليها و هى قطعة مصغرة منها، يتمنى بأن يأتى اليوم الذى ستشعر به و تبادله بمشاعره الجياشة
دار كل هذا بخلده و هى واقفة أمامه توصيه بمعاملة ابنتها برفق و بطريقة لينه و ذلك لمعرفتها بعناد ابنتها
جاءت "هيام" و قالت بحنق
-يلا بينا
رمقها "ثائر" بنظرة متفحصة من رأسها لاخمص قدميها فتلك الملابس لا بأس بها و لكن جالت عينيه على حجابها الغير مهندم فغمغم بصوت غليظ
-أعدلى الطرحة مش كل يوم هقولك الأسطوانه دى ،المفروض تكونى حفظتى و فهمتى يا بنى آدمه
كزت على اسنانها و أرتعش صدغها من شدة غضبها و رفعت يديها مهندمة حجابها بطريقة عدوانية و قالت بأستنكار
-ها كدة حلو يا استاذ ثائر و لا فى حاجة كمان
مط شفتيه بحركة مسرحية متمتم بمرح و هو يتحرك من مكانه بضع خطوات مشغلًا دراجته النارية
-اهو أحسن من الأول يلا اركبى
ضغظت على شفتيها مغمضة عينيها لوهلة فوقف أمامها و قال
-يلا يا هيام هانم اتفضلى مش هنفضل واقفين كدة كتير
وتحركت حدقتيه رامقًا "هبه" قائلًا بأبتسامة
-عايزة حاجة يا هبه
أبتسمت له بخفوت مغمغمة
-عايزة سلامتكم ،وسوق على مهلك يا ثائر
اماء لها بعينيه مغمغم بابتسامة
-خلى بالك من نفسك
استقلت "هيام" خلفه محاوطة خصرة بيديها و علت أنفاسها بسبب أقترابه المُهلك ذاك...
تحرك "ثائر" بالدراجة النارية ليقوم بأيصالها أمام جامعتها مثلما اعتاد فهى فى عامها الثانى فى كلية تجارة
اما "هبه" فأستقلت الحافلة ذاهبة الى عملها لتستطيع تلبية أحتياجات ابنتها المدلله التى لا يعجبها شئ
***********
وصلا أمام الجامعة فترجلت من خلفه واقفة بجواره و أنفاسها تتسارع مسببة علو و هبوط ص*رها ناظرة له بهيام سريعًا ما تحول لبرود مميت عندما انتبهت لنفسها
-شكرًا على التوصيلة
أبتسم لها بخفة رافعًا حاجبية متحدثًا بلهجة رجولية لا تليق إلا به تجعلها تذوب به اكثر و اكثر
-شكرًا على ايه يا هبلة انتى ده انتى زى أختى برضو
أ**دت عيناها ولاح الغضب بهم و صاحت به بنبرة غاضبة عدوانية شرسة
-انا مش أختك يا ثائر ولا اقربلك أصلًا فمفيش داعى كل شوية تقعد تقولى الكلام ده انت سامع
انهت كلامها و هى ترفع سبابتها واضعه إياها على ص*ره فأخفض نظراته رامقًا أصبعها، مضيقًا عينيه فهو ليس بغبى و ملاحظًا تغييرها الجذرى و طريقتها العدوانيه معه
فتحدث بصوت اجش
-نزلى ايدك يا هيام و اخر مرة تكلمى معايا بالأسلوب الزفت ده انا مش عيل معاكى، و اعملى حسابك بليل هيكون ليا كلام تانى معاكى عشان انتى سوقتى فيها اوى و انا عشان ساكتلك بتتمادى فيها
انهى كلماته و هو يحرك دراجته النارية بأنفعال مغادرًا من أمامها بسرعة البرق
كزت على اسنانها و تحركت من مكانها حتى تدلف من بوابة الجامعة و لكن أوقفها ذلك الصوت الذى جاء من خلفها مناديًا عليها
-هيام .... عاملة ايه
وقفت مكانها و ألتفتت إليه راسمة بسمة مزيفة قائلة ببرود
-كويسة ازيك انت
ابتسم لها ببلاهة مغمغم بتساؤل
-هو مين اللى كان واقف معاكى ده
رفعت حاجبيها و قالت بتلقائية
-وانت مالك بتسأل ليه
ابتلع الشاب ريقه و غمغم بتوتر
-اصلى بشوفه كل يوم بيوصلك فكان عندى فضول بس مش اكتر
زفرت بضيق و قالت بنفاذ صبر
-ده خطيبى و اول ما خلص جامعة هنتجوز ها ارتحت كده رضيت فضولك و بعدين انا مبحبش اقف الوقفة دى مع اى حد عشان هو لو شافنى واقفة الوقفة دي مش بعيد يموتنى و يموتك فيها
توتر الشاب و صاح بأعتذار
-انا اسف بجد مكنتش اعرف و مش هزعجك تانى
كادت ان تجيبه فوجدت من يحاوط ذراعيها بقبضته فرفعت عينيها فلم تجد سواه يقف امامها فأبتلعت ريقها و غمغمت
-ثائر
ابتسم لها بسمة لم تصل لعيناه متمتم من بين اسنانه بغيظ ظهر على ملامحه
-مين البيه ده يا هيام
تلعثمت و زاغت عيناها
-ده ده
ضغط على شفتيه ماسحًا على وجهه براحه يديه و قال بنفاذ صبر
-ده ايه اخلصى !!!!!
أجابه الشاب بدلًا عنها منهيًا ذلك التوتر الذى سيطر عليها
-انا مازن الشيخ زميلها فى الكلية و شوفتها قبل ما تدخل فناديت عليها اسلم عليها
ترك "ثائر" ذراعها و اقترب من الشاب بخطوات هادئة و عينيه تجول من حوله ناظرًا لهؤلاء الطلبة من حوله فقال بنبرة وعيد و تهديد
-طب اسمع بقى يا حيلتها هيام دى خط أحمر، فاهم يعنى إيه خط أحمر يعنى دماغك توزك تهوب ناحيتها هتقول على نفسك يا رحمن يا رحيم و تعرف انى مش هحلك
أبتلع "مازن" ريقه و تصبب العرق من جبينه وغمغم بتوتر
-لا و على ايه الطيب احسن و الف مب**ك على الخطوبة و ربنا يتمملكم على خير
انهى كلماته و غادر من امامهم مهرولًا فظل "ثائر" مكانه محاولًا استيعاب حديث ذلك الشاب