الفصل الاول
الفصل الأول
يهبط من علي درجات السلم بخطوات رزينة وهادئة كعادته تحاوطة هالة من الهيبة وصوته الحاد يصدح بنبرة متحكمة لمحدثه بالهاتف :
بلغ رؤساء الاقسام ان فيه اجتماع عاجل الساعة ٥ المناقصة دي لو خرجت برا شركتنا المرة دي مش هتعدي علي خير
انا مش هقبل باي غلط واي تقصير كلكوا هتتحاسبوا عليه انا مش مشغل شوية عيا..
توقف عن الحديث فجأة عندما مرت نسمة رقيقة برائحة ناعمة امامه.. اقفل الهاتف بدون شعور وهو يبصر معشوقته وصغيرته ريم التي توقفت قبالته اسفل الدرج تطالعه بابتسامتها المشعة والمبهجة
يا الاهي الم يكن يريد ان يفتك باي احد من فرط عصبيته منذ قليل ، لمَ الان قلبه تتعالي خفقاته بوتيرة سريعة بالطبع بسبب تلك الصغيرة التي تؤرق احلامه وتغزوها وحدها كل ليلة افاق من تحديقه بها علي صوتها الرقيق يناديه برقة شديدة:
سليم ..سليم انت مش بترد عليا ليه؟
تبسم في وجهها واجاب:
نعم يا ريمو ايه مصحيك بدري كده
قالت ريم وهي ترفع كلتا حاجبيها بلطافة:
بدري مين يا سليم الساعة ٨ وانا عندي جامعه كمان نص ساعه
هتف سليم بضحكة رزينة بينما يبعثر خصلات شعرها :
ليه يا ريمو نبرة الصوت دي كنتي عايزه تغيبي زي كل يوم ولا ايه ده انتي بقالك اسبوعين مأنتخه في البيت يا مفترية
عبثت ملامحها من سخريته وقالت بتذمر:
اسكت يا سليم بقي ماتتريقش عليا لو سمحت
تعالت ضحكات سليم الذي اجاب وهو ويمسكها من وجنتها
المكتنزة الحمراء بقوة:
خلاص يا ستي ماتزعليش، ريمو انشط واحده واشطر واحده في العالم ، هو فيه زيك حد
قالت بدلال وهي تميل براسها علي كف يده:
بجد يا سليم
تن*د بحرارة وهو يومئ برأسه :
طبعًا يا قلب سليم
خفق قلبها من ذاك اللقب الذي اطلقه عليها ولم تنتبه لصوته الذي هتف بتساؤل:
ايه يريم سرحتي في ايه ؟
-هاه كنت بتقول حاجه يا سليم
-لا ده انتي مش معايا خالص يلا ، يلا افطري عشان اوصلك الكلية وتلحقي اول محاضرة
حركت رأسها للأعلى والأسفل مجيبة:
حاضر يلا نفطر
وضع يده علي ظهرها يحسها علي التقدم ليتجهوا لطاولة الافطار التي كان يجلس عليها كلًا من والدته وعمته وابنة عمته بانتظاره ، جذب المقعد لها بنبل واجلسها عليه ومن ثم اتجه ليجلس بمكانه في رأس الطاولة ويباشر بتناول افطاره
بينما تحدثت ابنة عمته نورا فجأة موجهها حديثها الي ريم وعينيها لا تبرحان النظر الي وجهه :
الا قوليلي يا ريم مين اللي كان قاعد معاكي في النادي امبارح ده ؟
غص حلقها وقد توقف الطعام به بصدمة من سؤالها وظلت تسعل بشدة
بينما اندفع رأس سليم بحدة وبنظره مرعبة هتف بنبرة صارمة:
نعم واحد مين ده؟!!!
فزعت ريم من نبرة صوته و بطبيعتها الهشة ترقرقت العبرات بمقلتيها ولم تستطع ان تجيب عن سؤاله
فاستطرد الأخر بنبره اشد حدة وقد انفلت ذمام غضبه:
انطقي يا هاانم
تدخلت كوثر والدة سليم عندما لاحظت تأزم الأمر:
اهدي يا حبيبي اهدي بس اكيد حصل سوء تفاهم ولا حاجه اتكلمي يا ريم ماتخافيش مين ده يا حبيبتي اللي كنتِ قاعدة معاه؟
خرجت ريم اخيرًا عن **تها وهي تقول بنبرة متحشرجة:
ده معاذ ابن خالتي يا طنط شافني قاعدة في النادي امبارح وجه قعد معايا
ازداد غضبه من سماع اجابتها وهتف بحدة وقد تحكمت به غيرته :
ويقعد معاكي ليه زفت؟!
انا مش حظرتك اكتر من مره انك تتجنبيه وتقطعي اي تواصل معاه ازي تسمحي لنفسك تقعدي تتكلمي معاه لوحدكم؟!
زادت عصبيته من بكائها ولكنها اجابته بتبرير:
يا سليم انا معرفتش اقوله ايه وات**فت اطلب منه يمشي وبعدين ده ابن خالتي مش حد غريب
اغاظه دفاعها عنه فضغط علي شوكة الطعام التي يقبض عليها بيده فصاح بغضب:
وكمان بتردي يعني غلطانه وبتبجحي كمان؟
اطلعي علي اوضتك يا ريم ومفيش جامعه انهاردة ، حسابي معاكي بعدين انا اظاهر دلعتك زياده
عضت شفتيها بقوة وقد احمر وجهها بشدة من حدته الغير معتادة معها وهي تطالعه بقهر قبل ان تستقيم واقفة بحركة عنيفة وتهرول صاعدة لغرفتها ب**ت
وفور اختفائها عن اعينهم ارتسمت ابتسامة متشفية علي شفتي نورا التي غمزت لوالدتها التي بادلتها الابتسامة بمثيلتها
خرج تنفس ساخن من جوفه وهو مازال ينظر لمقتدها للتي تركته فارغًا بندم فهو لا يحبذ رؤية دموعها ابدًا وخاصة إن كانت تلك الدموع هو المتسبب بها ولكن تلك الحمقاء لا تعيرُ بالًا لكلامه فجعلت الغيرة تقتحم قلبه وفكرة جلوسها وتحدثها مع رجل غيره تجعل الدماء تهدر بعروقه بغضب
نهض فجأة يمسح شفتيه الغليظتين بمحرمة ورقية ويودع الجالسين بكلمات مقتضبة ويخرج قاصدًا محل عمله
****************
في المساء
عاد من عمه بجسد مُنهك و مرهق وقد كان اليوم طويلًا وشاقًا بالنسبة اليه وقد ساعد مزاجه السيء في ذلك ، قام بنهر وتقريع معظم من قا**ه علي اقل واتفه الأخطاء وعصبيتة كانت مفرطة للغاية وقد لاحظ الموظفون ذلك فكان الجميع يتجنب المواجهة معه
وقف امام باب غرفته يفتح ازرار قميصه وهو يحرك رقبته بألم ممنيًا نفسه بحمام دافيء يزيل ذلك الارهاق عن عاتقه وبمجرد ان فتح الباب صُدم بوجودها بالداخل
وقفت ريم التي كانت تجلس علي الأريكة فور دخوله وقالت بدون مقدمات:
اخيرًا حضرتك جيت كنت عايزه اتكلم معاك في حاجه
تقدم منها بخطوات هادئة وقال وهو بجاهد بالتحكم
بمشاعره :
نعم يا ريم فيه حاجة
شبكت اناملها معًا بتوتر وقالت بتردد:
انا.. انا عايزه اروح اقعد مع خالتوا مش حابة القاعد هنا
يتبع..♥️