الفصل السادس

2080 Words
" جمان وحق الله .. ان .. ان اقترب منك احد ساقتله .. انت لي .. اسمعتي .. لم انتظر كل هذا الوقت لياخذك اخر.. انت حبيبتي انا .. لي وحدي " " احتاج وقت للتفكير .. هذا ما اخبرته به " " ماااااذا .. جمااااان .. اجننتي .. وبماذا تفكرين ؟ اتنوين حقا الموافقة ؟ .. انا حقا غ*ي .. انا غ*ي كان علي الاصرار على عمي ليزوجنا السنة الماضية " اهتزت جمان.. تحاول كبت ضحكاتها قبل ان تخرج من بين شفتيها المطبقتين بقوة لكنها لم تستطيع فانطلقت احداها في الجو بصوت مبحوح ثم توالت ضحكاتها وتنحت بجانبه تضحك دون توقف " لقد فعلتها .. لقد تعمدتي فعل هذا .. لابدو كا**ه امامك .. اليس كذلك ؟ .. تبا لي .. انا ا**ه لاني صدقتك " لم تتوقف جمان عن الضحك بينما ثائر يغلي بغضب وسخط ويشتم دون توقف فجأة توقف واخذ يبتعد عنها فترك مع**ها وابتعد بخطوات غاضبة " ثائر .. ثائر " بصوت ضاحك نادته " اتركيني وشأني .. انت ظالمة فعلا .. " " ثااااااائررررر " خطوات ثائر كانت سريعة بينما اخذت جمان تحاول مجاراته " لقد كذبت .. " اعادت كلماتها بصوت اعلى عله يستمع لها " لقد كذبت .. لم اقل له اني سافكر .. قلت له اني مخطوبة واريته الخاتمان " توقف ثائر عن السير ثم تعلقت عيناه بعيناها ينظر كل منهما للاخر .. ثائر نظر اليها بغضب ولوم .. بينما نظراتها متوسلة وعيناها ترسلان الاف رسائل الاعتذار " اسفة " تن*د ثائر ثم رفع يده ليتخلل شعره ويتنفس بعمق ليكبح جماح غضبه منها .. بينما عضت جمان على شفتها وطالعته بنظرة الطفلة البريئة " اوقفي هذا ؟ " " ماذا ؟ " رفعت يدها ووضعت خصل شعرها المنسدل خلف اذنها واخذت ترمش بعينيها له " يا الهي .. وانا الذي كنت اقول انك لا تعرفين الاعيب النساء .. انت تستطيعين تحويلي لخاتم باصبعك بسهولة " ضحكاتها تعالت لم تتوقع هذا الجواب منه لكنها فعلا تجيد التلاب به " هل شعرت بالغيرة ؟ " وغمزته بعينها بينما الضحكات لا تفارقها " خبيثة .. انت طفلة خبيثة فعلا .. عودي لمنزلك فورا قبل ان اقرر الانتقام منك بطريقتي الخاصة " " الا تريد ايصالي ؟ " تمسكت بساعده وشبكت يدها بيده واخذت تددلل عليه بينما هو ما يزال جامد الملامح الى ان وصلا الى مدخل منزلها " اتريد الدخول ؟ امي اشتاقت لك " " ربما لم تلاحظي لكن انا مازلت غاضب .. فلتدخلي " جمان بدل ان تحزن لغضبه ازداد مرحها واخذت تغيظه وهي تدخل ثم قبل ان تغلق الباب قامت بأرسال قبلة هوائية له وضحكت بعمق ومرح وعندما هم بالهجوم عليها اقفلت الباب بسرعة خوفا منه .. تنفست بخوف ثم ابتسمت بفرح فهي منذ زمن لم تضحك هكذا *** منزل جمان صباحا " ولما نغادر .. علينا البقاء في المنزل هنا " تيم وثائر كانا يتجادلان منذ ساعة بينما جمان تراقبهما بحيرة وتنتظر هدوء احدهم على الاقل بينما والدتها تقوم بتنظيف المطبخ " ذلك القصف يشتد وهو لم يتوقف منذ ثلاث ايام .. ووصلتني اخبار ان الوضع سيسوء اكثر لذا عليكم الانتقال ومن الافضل ان تنتقلوا الى الجبل الغربي .. معظم الناس هربت الى هناك تيم" " لا اعرف اظن سارسل جمان وامي الى منزل خالي هناك فهو مسافر والمنزل فارغ .. امي لديها مفتاحه ..اظن هذا حل مؤقت جيد " قاطعه ثائر بينما ينظر نحو جمان لياخذ رأيها " لكن منزل خالك ليس بعيدا جدا .. لما لا تنتقل الى الجبل الغربي كما الجميع .. والدتي تسكن هناك مع زوجها بامكانكم البقاء معهم الى ان يهدأ الوضع " " امي لن ترضى ان تعيش عالة على احد .. انت اكثر من يعرفها .. ثم جمان لا يمكنها ان تبتعد اكثر من اجل عملها في المركز الطبي " " هذا صحيح ثائر .. لا يمكن ان ابتعد اكثر .. منزل خالي جيد في الوقت الراهن " اجابت جمان تؤيد اخيها " رغم اني لست راضيا .. لكن حسنا افضل من البقاء هنا تحت وابل الصواريخ والقذائف " ظهرت والدة جمان من باب غرفة الضيوف وجلست تحدثهم اقنعها كل من تيم وثائر بوجوب الانتقال وبعد جهد رضيت بذلك .. عند ذهاب ثائر ودع جمان قبل رحيله وقام باستفزازها كعادته بغزله الصريح لجمالها وشعرها وعيناها لم ي**ته سوى صراخ جمان بكلمة أمي العالية .. وبعد رحيله اخذت جمان تضحك بلا توقف صباحا كانت جمان تجمع بعض ملابسها وحاجاتها الخاصة للانتقال الى منزل خالها مع امها ومحمد اقتربت من السرير ثم رفعت الدب الكبير واحتضنته واخذت تقبله وتحدثه " ستذهب معي .. لاني لم اعد اعرف النوم دون احتضانك .. اظن ان علم ثائر بذلك سيجن .. فهو يغار منك " دخلت والدتها الي الغرفة وفورا رددت بصوت عالي " هذا الدب سيبقى هنا .. اتركيه في غرفتك .. ليس لدينا مكان لنضعه هناك " تذمرت جمان بطفولية " لا امي .. انا لا انام بدونه .. سناخذه معنا .. ثم اتريدين ان اتركه وحيدا هنا؟ " " انه ليس سوى لعبة محشوة بالقطن .. اتركيه هنا للمرة القادمة.ة اذا استمرينا بالعيش في بيت خالك لفترة اطول .. اظن اننا سنعود قريبا للمنزل .. ولا اريد اخذ الكثير من الاشياء " " ولكن .. انه ليس مجرد لعبة .. انه دميتي المفضلة ... امي ارجوك فقط هو ها ؟ " رفضت امها بشكل قطعي مما اثار استيائها وتذمرها " لا تتاخري سيصل عامر وتيم بعد قليل .. لا يريدان ان نتاخر فالحال اليوم لا ينبئ بالخير " هزت جمان برأسها لكنها ما تزال تتمسك بدبها وتحتضنه بقوة " اسفة عزيزي سمعت الاوامر .. اعدك ساخذك في المرة القادمة " طبعا بعدها وصل اخوها وعامر وغادروا المنزل منتقلين الى منزل خالها عله يكون اكثر امانا *** المركز الطبي عصرا العملية التي كانوا يجرونها كانت صعبة جدا لجمان .. وضع المريض الحرج وضغط دمه المنخفض جدا جعل نجاته مستحيلة .. انتهت العملية بخسارته مما جعل جمان تأن حزنا وكعادتها هربت الى المخزن لتذرف الدموع دون ان يراها احد .. جسدها مرتجف وعيناها تسكبان دموع الخيبة .. انها لم تعدت بعد خسارة الارواح رغم مرور شهران على عملها .. مازالت كلمة فقدنا المريض تنخر عظامها وكأنها تسمعها للمرة الاولى .. " انت هنا .. ؟" صوت روان تجاوز صراعها الداخلي لكنها لم تتحرك او تتكلم فقط ابعدت وجهها حتى لا ترى روان دموعها ثم تنفست بعمق تحاول استجماع قوتها .. فوقت الحزن ليس الان .. الان هناك ارواح اخرى معلقة على حافة الموت وعليها ان تقف وتساعدهم .. الحزن مكانه سريرها حيث يمكنها البكاء بحرية دون اي شاهد على ضعفها ... " دقيقة وسأتي روان. " " حسنا " بقدمين مرتجفتين وقفت ثم نظرت بحزن الى يديها لقد فقدوا روحا اليوم .. عفوا لقد فقدوا اكثر من ذلك بالتاكيد تحت الركام .. لكن هي فقدت واحدا كان بين يديها .. فليسامحها الله ان كانت قد قصرت " يا الله .. يا الله اعني .. ساعدني لاتجاوز هذا العذاب .. يارب .. ارجوك يارب انهي هذه الحرب .. والا سافقد ما تبقى من عقلي " مر باقي اليوم بأسى شديد لقد خسر المركز اكثر من عشرة ارواح اليوم .. منهم من كان بنفسه الاخير ومنهم من لم يتحمل الالم .. واخرون اصاباتهم كانت تظهر النهاية .. جمان كانت على وشك الانهيار .. الدكتوران هيثم وعلي .. كان التعب يهدهما والحزن يكلل ملامحهم .. وباقي العاملين كل منهم انزوى بدون كلام .. صوت سيارة اخترق **تهم .. هذا لا يعني ان الجو العام كان صامت .. ابدا.. فصوت الطائرات والمدافع والصواريخ ممزوجة بالرصاص تكاد ت** سمع الجميع .. رفعت جمان رأسها لتجد ثائر وتيم يقتربان منها " مساء الخير .. لقد تاخرت جمان ولذلك تملكنا القلق .. وجئنا لرؤيتها " دكتور علي رد على اخيها تيم " اهلا .. يمكنها الرحيل معكم الان .. نحن كالعادة لدينا مناوبة .. الفتيات سيغادرن الان " " ان احتجتم لاي مساعدة .. اخبرونا على جهاز اللاسلكي .. الاتصالات مازالت مقطوعة " هز كلا الدكتورين رأسهما بالايجاب بينما ثائر يساعد جمان على الوقوف وياخذها باتجاه السيارة " انت هادئة جدا " صوت ثائر اخترق ال**ت الذي حل على السيارة منذ صعودهما اليها .. انها متعبة .. حزينة .. ومليئة بالخيبة ... ماذا تخبره ؟ .. انها كل يوم تفقد جزء من روحها التي يحبها .. من عفويتها.. من تلقائيتها ومن املها بالنهايات السعيدة ... " لا حاجة للكلام .. كلنا متعبون " صوت تيم من الكرسي الخلفي اجابها " انت محقة .. يوم متعب **ابقه .. اتظنون ان هذا الضغط سيستمر هكذا ؟ .. انهم لم يتوقفوا اليوم ابدا ..هناك عشرات المصابين وعشرات القتلى " " لا احد لديه فكرة متى سينتهي هذا تيم .. الاسوء ان المساعدات ستقطع بسبب الوضع ايضا .. علينا ان نتحسب ونخبر الاخرين " رأس جمان يكاد ينفجر ... انها تريد الراحة فقط .. اي راحة .. وهل يملكون رفاهيتها .. انها حلم .. حلم لا يمكن ادراكه ابدا وهي تتمنى كما الجميع ان تصحوا لتجد نفسها قبل خمس سنوات عندما كان كل شيء مختلف عندما كانت وحشية الحرب مخبئة ... ورائحة الموت لا تصل لاحد .. لكن ما نفع التمني ان كان لا يتحقق ؟؟ *** منزل خالها امام المدخل " اراك غدا .. انتبهي لنفسك .. اعلم يقينا انك لست بخير .. لكن حبيبتي .. علينا ان نصبر لا نملك سوى الدعاء والصبر " نظرت جمان لثائر بحزن وألم عيناها تموجان ببحر دموع راكد .. تأبى ان تحرك امواجه فتذرف الاف الدموع دون توقف ... " لا ترحل .. ابقى هنا ... انا خائفة جدا ثائر " اقترب ثائر منها واحاط جسدها بذراعيه يبثها قوته ودفئه .. يلاطف بيده خصل شعرها الطويل ويغمرها بسيل كلمات مطمئنة .. تسلل الدفئ اليها .. غمر اضلعها وادفئ قلبها البارد المتألم .. ولم تستطيع جمان ايقاف الدموع التي كانت تحبسها فتركت لها الحرية لتعبر سجنها بهدوء دون اي صوت او حركة " لا تخافي .. انا هنا .. انا لن ابتعد عنك ابدا .. انا هنا حبيبتي " " هل ستبقى ؟ ... ارجوك ابقى ثائر ... اتوسل اليك " شدد من احتضانها وردد كلمة اجل لمرتين جعل قلب جمان يهدأ من خفقانه انها لا تريد رحيله خاصة الان .. هي تريده هنا ليطمئنها .. هو امانها وبدونه لا امان يحميها " هل نامت ؟ " سأل ثائر والدة جمان " نعم بني لقد نامت .. اتريد ان اعطيك غطاء بامكانك المبيت مع تيم في غرفة الضيوف " هز ثائر رأسه رافضا الفكرة " علي الرحيل ... علي العودة .. انهم ينتظروني مازال الوضع سيء وهناك عالقون تحت الركام في الجهة الشرقية لا استطيع تركهم .. بقيت فقط الى ان تنام .. فهي كانت بحالة صعبة جدا " هزت والدة جمان رأسها بموافقة وتنفست بعجز " انتبه لنفسك ثائر .. اسأل الله ان يحميكم جميعا " " امين .. ان احتجت لاي شيء اجعلي تيم يخبرني ... اراكم غدا " غادر ثائر بينما دخلت الام لتحاول النوم على السرير المقابل لجمان ... *** بعد خمس ايام المركز الطبي كان سوء الوضع في ازدياد مستمر .. بات انقاذ روح هو المعجزة بحد ذاتها .. متطوعون جديدون اخذوا بالمساعدة.. الادوية والمعقمات كانت على وشك النفاذ وفرق الانقاذ لم تكن تهدأ .. جمان لم تذهب الى المنزل سوى لثلاث ساعات ثم عادت لتواصل عملها .. وهي لم ترى ثائر منذ يومين .. اخيها تيم ياتي بشكل خاطف ويذهب .. وعامر تراه احيانا هنا في المركز الطبي يساعد في نقل المصابين .. الانهاك كان يظهر على وجوه الجميع مخلوط بكم هائل من الحزن والترقب جمان كان لديها ذلك الاحساس بان شيء سيء سيحدث لذلك كانت قلقة بشدة على ثائر وعمها .. " انا قلقة ... انا لم ارى ثائر منذ يومين " " ادعي له بان يحميه الله جمان .. ويحمي الجميع .. " " دكتورة نحتاجك هنا بسرعة " صدح صوت احد المسعفين " قادمة .. اراك فيما بعد روان " عندما انتصف اليوم .. وبينما كانت جمان تعاين احد المرضى .. فجأة توقفت وجسدها تسمر .. ابتلعت ريقها بضعف وعيناها وخذتاها بشدة .. حاولت اخذ عدة انفاس .. لكن الشعور والاحساس باي شيء حولها كان معدوم .. تلفتت حولها وكأنها تبحث عن احد مما جذب انتباه الاخرين لها .. يديها ارتجفتا بشدة .. وقلبها انتفض مجددا .. للحظات بقيت تحدق بجمود دون حراك .. ثم ودون اي كلمة .. دون اي شيء اخذت تنزع الكفين عن يداها ثم همست بصوت خافت جدا لا يسمع " أمي ... " بخطا مترددة خرجت من المركز تلاحقها روان وتكلمها لكنها لا تنصت هي فقط تسير وبعدها اخذت خطواتها تصبح اسرع حتى باتت تجري بسرعة اخذت تركض وتركض .. تتجاوز الطرقات ولا تهتم لكم الطائرات والقصف الذي يحتل الجو .. قلبها يؤلمها وقدميها لا تتوقف ابدا وبمجرد وصولها لبداية الحي الذي يوجد فيه منزل خالها .. تسمرت مكانها وهي ترى الدخان يتصاعد والنيران تلتهم كل شي في الحي .. صوت المسعفين يملئ المكان .. والكل يحارب لاخماد النار وازالة الركام .. جمان تجمدت .. حواسها .. جسدها .. وكل خلية بداخلها .. كله توقف .. ثم وكان صعقة كهربائية اصابت كل جسدها انتفضت بقوة وجرت الى جانب الطريق مقابل منزل خالها المكوم والذي لا يظهر منه سوى الركام .. وبصرخة واحدة هزت الحي بكامله " أمي!!!!! "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD