النفق 7

وجه فلسطيني في قفص الأسرى

مرّ يوم كامل منذ دخول الأسرى الثلاثة.

الغارات توقفت، والنفق عاد إلى **ته المألوف.

لكن الجو كان مشحونًا أكثر من أي وقت مضى.

جلس دانيال في ركنه، يراقب ب**ت.

كان يوسف يقف أمام خالد، صوته يرتفع بعربية غاضبة، حتى أن النفق ضجّ بصدى كلماته:

– "خائن! كيف تجرؤ أن تنظر في عيوننا بعد ما فعلت؟! لولا رحمة الله لكنت الآن في تراب تل أبيب، كلبًا عند أسيادك!"

ارتجف خالد في مكانه، لم يرفع رأسه، عيناه مسمّرتان بالأرض.

مدّ يوسف يده كأنه سيض*به، لكن قبضته تجمدت في الهواء، ثم أدار ظهره بعنف ورمى الكلمات الأخيرة:

– "يكفيني أن رائحة خيانتك تعفن الهواء."

جلس بعدها في زاوية بعيدة، يحاول أن يستعيد أنفاسه.

كان المشهد كله صادمًا لدانيال.

ظل يرمق خالد بدهشة متزايدة.

فلسطيني… أسير مثلنا؟! كيف يمكن أن يكون ذلك؟

انتظر حتى خيّم ال**ت من جديد، ثم اقترب قليلًا، صوته متردد:

– "You… you are Palestinian?""أنت... أنت فلسطيني؟"

رفع خالد عينيه ببطء، كان في نظراته خليط من الخجل والمرارة.

– "Yes… I am.""نعم أنا."

تسارعت دقات قلب دانيال.

– "But… why are you here? With us? You are not… our enemy’s enemy?""لكن... لماذا أنت هنا؟ معنا؟ أنت لست... عدو عدونا؟"

ضحك خالد ضحكة قصيرة مشوبة بالمرارة:

– "Enemy’s enemy? I wish it were that simple."عدو العدو؟ أتمنى لو كان الأمر بهذه البساطة.

اقترب أكثر، صوته منخفض كمن يعترف بخطيئة:

– "I was a student… كنت طالب جامعة في رام الله. تعرفت على فتاة… كانت كل حياتي. لم أعرف أنها كانت فخًا. صور… وتهديد… ثم إغراء ببيت وحياة مرفهة. كانوا يعرفون كيف يصطادون ضعفي. فسقطت. أصبحت عميلاً عندهم."

أطرق رأسه وهو يهمس:

– "ظننت أنني أستطيع النجاة. لكنني خسرت كل شيء… أهلي، وطني، وكرامتي."

كان دانيال مأخوذًا بالقصة، لم يدرِ ما يقول.

لكنه شعر أن ما يسمعه ليس مجرد اعتراف شخصي، بل مأساة كاملة تختصر معنى الخيانة.

وفجأة قاطع يوسف بصوت قاسٍ من ركنه:

– "لا تحاول أن تبرر. أنت لم تُسقط نفسك فقط… أنت حاولت إسقاطنا جميعًا. أمك التي بلّغت عنك أشرف منك."

**ت خالد، وجهه يزداد شحوبًا، ولم يجد ردًا.

أما دانيال، فظل يحدق فيه، يزداد فضوله وارتباكه.

كيف يمكن لرجل أن ي**ن قومه بهذه الطريقة؟ ما الذي يجعل إنسانًا يبيع وطنه مقابل بيت؟ وهل أنا… في مكان ما… لست مثله أيضًا؟