لم يكن الليل قد اكتمل حين دوّى الانفجار الأول.
اهتزت جدران النفق كأنها ستسقط فوقهم، وتساقط الغبار من السقف على رؤوسهم.
ارتجف دانيال، التصق بالحائط، قلبه يخبط كطبل جنائزي.
صرخت ناعوم وهي تغطي رأسها بيديها:
– "Oh my God! They’re bombing again!""يا إلهي! إنهم يقصفون مرة أخرى!"
أوري زأر بألم وغضب، رغم جرحه:
– "Idiots! They don’t even know we are here. They’ll kill us all!""أغ*ياء! إنهم لا يعرفون حتى أننا هنا. سيقتلوننا جميعًا!"
أما خالد فقد جلس في الزاوية، يردد بصوت متقطع:
– "يا رب… يا رب سامحني… لا أريد أن أموت هكذا."
يوسف وقف ثابتًا، عينيه تتفحصان الجدران، يرفع مصباحه الصغير ليرى إن كان السقف قد تصدّع.
رغم أن الغبار غطى وجهه، ظل صوته قويًا:
– "اثبتوا! هذه الأرض ليست لهم… حتى لو دفنونا تحتها."
دوّى انفجار آخر، أشدّ من الأول، حتى أن التراب انهمر كالمطر.
سقط دانيال أرضًا وهو يحاول حماية رأسه. في تلك اللحظة شعر أن الموت يقترب، لا يفرّق بين يهودي أو فلسطيني، خائن أو مقاتل.
الموت هنا عادل… يسوي بينهم جميعًا.
مدّ يوسف يده وأمسك بذراع دانيال، شدّه ليقف:
– "لا تخف. لم يمت من كُتب له أن يشهد بعد."
نظر دانيال إلى عينيه، ورأى فيهما شيئًا لم يفهمه تمامًا:
قوة هادئة، إيمان مطلق بأن المعركة أكبر من جدران النفق.
وبينما اهتز المكان مجددًا، فكر دانيال بمرارة:
"ربما لو كنت مكانه… ما استطعت أن أؤمن بهذا القدر من الصلابة."