لم تسالها عما حصل تلك الليلة ولا في اليوم الذي يليه.. تلمح الحزن المرتسم في عينيها فت**ت.. لا تود لها ان تتذكر او تحزن اكثر..
حتى مساء اليوم التالي وهي تنصت لصوتها العذب المنخفض ياتيها من خلف باب غرفتها المغلق..
انها تحاول ايجاد لحن مناسب.. هذا ماقالته لها بعد العشاء.. ثم دخلت غرفتها واعتزلت بها لوقت طويل..
ايفان فضلت الجلوس مقابل التلفاز لتشاهد فيلم رومانسي يعرض لاول مرة.. بين يديها كوب قهوة ساخن ونظراتها مسلطة على الشاشة.. اما اذنيها ف*نصتان للكلمات الحزينة التي تصلها من الخلف.. هادئة جريحة.. تصيب الجرح الداخلي النازف فيها.. فتخفض صوت التلفاز لاقل درجة وتعيد راسها لتسنده الى ظهر الاريكة، ثم تسكن في مكانها تحدق في سقف الغرفة الابيض وتمتص الكلمات كانها هواء تحيى به..
" Don't Forget About Me _ Cloves "
If I fall, can you pull me up ?
Is it true, your watching out
And when I'm tired,
do you lay down with me ?
In my head ..
so I can sleep..
without you?
Hey, hey
Without you..
there's holes in my soul
Hey, hey
Let the water in
Where ever you've gone ?
How, how, how ?
I just need to know..
That you won't forget about me
Where ever you've gone ?
How, how, how ?
I just need to know..
That you won't forget about me
اعادت تلك الجملة لمرات في راسها فيما صوت ميا يختفي تماماً.. تتجمع الدموع في مقلتيها تاثراً.. وترتعش شفتيها.. فتحاول جمع شتاتها من جديد..
هي ليست ضعيفة.. لا.. لقد رات كيف يموت الحب ويفنى.. راقبت انطفاء شعلة الحياة في عيني والدتها وتغلغل النسيان الى عقلها.. لمحت السام والاستخفاف في تصرفات والدها.. الخيانة.. عاشت كل هذا و**دت.. وستظل صامدة..
صوت باب غرفة ميا يفتح اعادها من عمق افكارها فاحنت راسها للامام وتململت في جلستها.. تلمحها تقترب منها وتتامل معالم وجهها الحزين..
" انت بخير ايف ؟ "
" اجل.. بخير.. اغنية جميلة جداً "
ولوت شفتها بحزن ف*نهدت ميا واقتربت تجلس بقربها
" صحيح.. لقد اثرت فيّ كثيراً.. كلماتها رائعة "
" اجل.. جداً "
وضمت كوب القهوة اكثر براحتيها تتامله
" كيف حالك والدتك ؟ "
سالتها ميا بصوت مهتم خافت فاطلقت ايفان تنهيدة عميقة تهز براسها
" لايوجد جديد.. كل شيء على حاله "
ومررت اصابعها على جفنها المبلل بالدموع لتمسحه.. كتفها يلاصق كتف صديقتها وهما تجل**ن متقاربتين متلاصقتين
" اه من الحياة !! "
همهمت ميا ومدت يدها لتحصل على كوب قهوة صديقتها فترفعه وترشف منه لمرات
" امممم.. كنت احتاج هذا "
ابتسمت ايفان ساخرة وعادت لترفع صوت التلفاز
" ماذا تشاهدين ؟ "
" قصة حب سخيفة "
" ستحبين يوماً ما ولن يعود الامر سخيف بالنسبة لك.. سترين "
رفعت ايفان ساقيها للاعلى لتضعهما اسفلها وقد ارتدت منامتها الوردية المفضلة.. فيما تترك شعرها حر فوضوي
" انتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر.. لاثبت لك الع** فقط.. الحب امر سخيف غير موجود "
اعادت ميا الكوب اليها واسترخت في جلستها اكثر تمد ساقيها على الطاولة امامهما..
" ماذا عن السيد هولمر.. انك لم تتحدثي عنه.. ما الذي حصل بالامس ؟ "
تململت ميا مطلقة تافف عالي وعبثت بخصل شعرها ال**تنائية..
" لاشيء مهم.. كما العادة "
التوت شفتي ايفان بتهكم واطلقت الحقيقة للعلن اخيراً قائلة
" ادريان هولمر معجب بك "
" ماذا ؟. كفى سخافات !! "
" هذه هي الحقيقة.. نظرة عينيه وتصرفاته.. تعني شيء واحد.. اهتمام واعجاب " ورفعت حاجبيها مؤكدة
" هه.. توقفي عن خيالك الجامح هذا "
" انت حرة.. لاتصدقي.. لكنني اؤكد لك.. هولمر.. يشعر بالغيرة عليك حبي "
وعادت لترفع كوب القهوة لتشرب منه تلاحظ ال**ت والشرود الذي حل على صديقتها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اليوم التالي كان حافل.. فبعد ان التقت بالمصور المسؤول عن حملة عطورات ما**يم.. عادت سريعاً الى معرض بيتر لتتابع تدريباتها هناك مع عدة عارضات.. تعطي رايها لصديقها ببعض الفساتين وتساعده في تنظيم المكان كما اعتادا.. وماكادت الساعة تقارب على الثانية حتى كادت تهوي ارضاً من الجوع فقررا ان يقصدا مطعم قريب ليتناولا الغداء معاً فيه..
ضاحكاً منها ومن تصرفاتها دلفا الى المكان واتجها نحو الطاولة الفارغة ثم جلسا يتبادلان اطراف الحديث لحين وصول الطعام..
" سيكون عرض ناجح.. اشعر بذلك "
" اتمنى.. علي ان اسوق للمنتج الجديد " ورفع حاجبيه سائماً فتفهمت ايفان قلقه
" الامر ليس بالصعب بيتر.. بات لد*ك اسم الان "
" صحيح.. لكنني بحاجة لفعل المزيد "
" معك حق.. كلنا علينا ذلك "
" كيف يجري امر التجهيزات لمنتج ما**يم؟ "
" بشكل رائع.. المصور محترف بحق.. لقد اختار عدة صور ليتم عرضها في حفل اعلان الدمج.. وسالني عن رايي فيهن.. للحقيقة.. انه محترف كبير "
" هذا خبر جيد.. وماذا بشان السيدة روبن؟. هل قالت شيء جديد بخصوص نسبتها من العقد ؟"
تململت ايفان في جلستها مطلقة تنهيدة عالية ثم اجابت
" ليس بعد.. فقد كنت مشغولة ولم اراها لكنها اتصلت بي بالامس تطلب مجيئي.. مؤكد تود التحدث بهذا الامر "
ولوت شفتها بتهكم فعبس بيتر بها.. تلتمع نظراته البنية وهو ينطق بجدية
" لا تتركي لها امر لوي الذراع.. انت في موقف قوي هنا.. حددي طلباتك واثبتي عليها "
" اخاف ان يتم سحبي من الوكالة.. عقدي مع ما**يم لستة اشهر بعد.. علي ان اضمن بقائي في وكالة السيدة روبن والا.. "
" هراء.. لن تتخلى عنك فانت تعودين بالاف الدولارات عليها "
" ومع ذلك علي ان اكون حذرة.. ف.. "
" مرحباً "
صوت عميق قاطع حديثهما.. وظل يرخى بوجوده على طاولتهما.. عيني ايفان الزرقاوتين ارتفعتا للاعلى لتلتقي بنظرات غافن ريدفورد المسلطة عليها.. تلك اللمعة الغريبة عادت لتسكن نظراته وهو يتاملها فاوقف من جديد انفاس ايفان وسارع ض*بات قلبها..
" هل اقاطع شيء ما ؟ "
سال بيتر بحاجبين مرتفعين فاجاب صديقها باسماً
" مؤكد لا غافن.. تفضل اجلس.. لقد طلبنا الغداء للتو"
" غداء.. رائع فانا جائع. " وامتدت يده لتبعد الكرسي المجاور لكرسي ايفان ليجلس عليه
" سوف اتناول غدائي معكما اذاً " والقى نظرة دقيقة عليها " هل تمانعين ؟ "
اجل.. امانع.. تباً لك..
هتفت داخلاً لكنها كبتت جوابها الفظ ومنحته ابتسامة مكشرة تجيب
" مؤكد لا "
ونحت راسها نحو الامام تمد يدها لتبعد خصل شعرها عن عينيها.. تحاول الا تعود بنظراتها نحو غافن.. والذي بدا بقميص ابيض بسيط وبنطال جينز رجل عادي طبيعي يضخ جاذبية.. بشكل مفرط يوقف الانفاس..
" كيف حالك بيتر ؟ "
قال بعد ان اشار للنادل وطلب الغداء له ايضاً..
" بافضل حال.. وانت ؟ "
" جيد جداً " واستند بكوعيه الى الطاولة ينظر في وجه ايفان المتورد
" وانت ايفان.. كيف حالك ؟. لم اراكي مؤخراً "
" انا بخير.. حمداً لله "
" جيد " ومنحها ابتسامة لطيفة ساحرة.. ربما يستخدمها حين يود ايقاع احدى النساء في شباكه.. لكنها ابتسامة اعتادت عليها.. ربما تسارع ض*بات قلبها قليلاً او توقف انفاسها.. لكنها شابة ناضجة عاقلة تعرف كيف تتصدى لمثل هذه الجاذبية المفرطة..
" كيف تجري امور الحملة الاعلانية.. ايفان اخبرتني بامر دمج شركتي ما**يم وريدفورد "
" كل شيء يسير كما خططت له.. وسنعلن عن الدمج في حفلة يوم السبت القادم "
وارتفعت يده لتفرك زاوية فكه.. ف*نهدت ايفان بصوت منخفض.. متوترة من قربه منها فهي تكاد تشعر بكتفه يلامس كتفها.. كلما تحرك او تململ..
الطعام وصل اخيراً فاستطاعت ابعاد تفكيرها عنه لتنزوي في وجبتها وتركز بها بعيداً عن حديث العمل الذي يجري على الطاولة.. صوت غافن الاجش الغريب يصل الى مسامعها وكانه لحن تعزفه ميا على غيتارها.. تباً.. ما هذه السخافات.. كيف يمكن لصوت ان يكون موسيقى !؟. لقد فقدت عقلها هذا واضح
" ايفان سترافقني الى الحفل "
حين سمعت اسمها عادت بتركيزها اليهما.. ترفع راسها للاعلى بعيداً عن صحنها فتجد ابتسامة خفية متوضعة على شفتي بيتر
" لم تخبريني بانك سترافقين غافن "
" لقد.. نسيت.. كنا مشغولين بامور اخرى "
ورفعت حاجبيها باشارة الى العرض السري الذي يجهزان له.. فاوما بيتر متفهماً وتناول لقمة من صحنه
" لامشكلة.. ستكونين نجمة الحفل مؤكد "
وابتسم لها بمحبة فبادلته الابتسام فيما يقلب غافن نظراته بينهما.. ويعبث بالشوكة في طعامه دون ان ياكل..
" طبعا ستكون نجمة الحفل.. لانها الاجمل "
وبدت لمحات الاعجاب واضحة تماماً في نظراته فنحت ايفان وجهها المحمر حرجاً عنه.. لتشكر ربها حين علا صوت رنين هاتف بيتر الخاص فوضع الشوكة من يده جانباً وحمل هاتفه ليجيب
" الو.. ماذا.. نعم صحيح.. لاتقل بانك لم تلاحظ.. تباً.. حسناً.. لامشكلة.. قادم.. فهمت.. وداعاً "
وانهى الاتصال سريعاً ثم تململ في كرسيه
" انا علي ان استاذن.. حصلت مشكلة في صالة العرض "
" اكل شيء بخير ؟ "
" اجل ايفي.. لاتقلقي.. ابقي وتابعي وجبة غداءك "
" اوه لا.. سوف ارافقك "
وكادت تضع الشوكة جانباً لكن يد غافن اوقفتها.. تمسك اصابعه بمع**ها ليمنعها من الوقوف ثم يهمهم بصوت جاد
" انت لم تتمي غداءك بعد "
" غافن محق.. ابقي ايفان لو سمحت "
تقابلت نظراتها بنظرات غافن.. تلمح شيء غريب في عمق عينيه.. انزعاج ربما.. فقد كان رجل قادر على التحكم في انفعالاته بشكل سريع..
" ولكن يا بيتر " وجذبت مع**ها من قبضة غافن
" ابقي ايفي.. لاتهتمي.. حادثيني مساء حين تعودين الى المنزل.. اتفقنا ؟ "
ودنا من مكان جلوسها ليهب وجنتها قبلة سريعة ثم تحرك مودعاً اياهما وخرج..
ضمت ايفان فمها باستياء لما حصل تشعر بانها اجبرت على البقاء بسبب كلاهما.. وبعبوس واضح عادت لتتناول طعامها تفضل ال**ت بقربه على النظر في وجهه
" لاداعي للعبوس.. لم يحصل شيء"
ارتدت ايفان اليه.. ترمقه بسخط شديد.. عليها ان تضع النقاط على الحروف من الان
" اسمع جيداً سيد ريدفورد.. انت صاحب الشركة التي اعمل بها.. لا اكثر ولا اقل.. وبعيداً عن العمل لا علاقة لك بحياتي الخاصة "
" انا لم افعل شيء " قاطعها مستنكراً
" ولن تفعل.. لست ولي امري.. خارج نطاق عملك افضل ان تلتزم بحدودك معي "
وعادت لتضع الشوكة من جديد تنوي الوقوف والانسحاب..
" ايفان " يده عادت لتقبض على ذراعها فعبست به غاضبة..
صوت غافن خرج هادئ متفهم وهو يتابع
" انا اعتذر.. لم اتقصد فعل اي شيء لازعاجك.. اني فقط.. اردت لك ان تتمي وجبتك "
اجلت حلقها ب**ت.. تنظر في عينيه اللامعتين الصادقتين وتغرق في جمالهما..
" اود ان.. نجلس معاً لبعض الوقت.. بعيداً عن العمل والشركة.. ان كان هذا يزعج حبيبك.. فما كان عليه ان يتركك هنا معي "
" حبيبي! "
وقطبت تحاول استيعاب ما يقوله.. هل يظن بان بيتر حبيبها ؟.
" لو كنت مكانه لما سمحت لك بالبقاء مع اي رجل لوحدكما... ابداً.. لما وافقت بان ترافقي رجل اخر غيري لحفل سخيف "
" انا.. انت فقط.. "
" اسف لتصرفي.. لكنني منزعج مما فعله لا اكثر.. واود حقاً ان نجلس لبعض الوقت معاً "
مررت ل**نها على شفتيها لا تعرف بما تجيبه.. تاخذ نفس عميق لتخفف من سرعة ض*بات قلبها.. اصابعه حررت ذراعها برويد ثم منحها ابتسامة لطيفة
" لنتابع طعامنا.. موافقة؟. اتمي غدائك ثم يمكننا الانصراف "
من هذا الرجل ؟!. اهو حقاً غافن ريدفورد الذي قرات عنه في المجلات والمواقع الالكترونية.؟!.
ووجدت نفسها شاردة بذلك وهي تعود لتناول الطعام بقربه.. **ت ثقيل حل عليهما وافكارها البعيدة تتعلق به.. بما قراته.. شاب ثلاثيني ذكي وناجح.. صنع بنفسه ثروة طائلة لا تقدر.. ورث من والده شركة ريدفورد لصناعة المجوهرات كابن وحيد وطورها لتغدو الافضل والاقوى.. جاعلاً من اسمها ماركة عالمية تنتشر في كل بقاع الارض.. قاسي جدي وعملي جداً.. لايقبل بالمساومات ولا يتنازل.. لاتغريه اي امراة كما اجاب في احدى المقابلات.. ورغم تعلق النساء به ومرافقتهن في حفلاته العامة الا انه لم يعلن يوماً عن علاقة جدية حقيقية..
" بما تفكرين ؟ "
سالها وهو يرشف من شرابه فابتلعت لقمتها لتجيبه
" لاشيء محدد "
" هل ازعجك ما قلته عن بيتر.. لما لم تخبريني بانه حبيبك ؟ "
" لا احب التحدث باموري الخاصة "
وركزت بعينيها على طعامها فهي ليست كاذبة محترفة.. بل مريعة وجداً.. وان نظر في ملامحها فقد يكتشف الحقيقة..
" هل ستسبب مرافقتك لي الى الحفل مشاكل بينكما ؟ "
" وهل ستلغي الدعوة لو فعلت ؟ "
ورفعت عينين متسائلتين اليه فهز براسه يرد :
" لا.. سوف ترافقيني.. هذا امر لا تراجع عنه "
باستسلام لذلك اومات براسها وعادت الى صحنها.. تحاول انهاء السلطة اللذيذة..
" هل لد*ك اخوة واخوات ؟ "
صدمها سؤاله فارتعشت يدها المتمسكة بالشوكة.. تثقل انفاسها وهي تجيب
" لا.. انا وحيدة لوالدي.. وانت ؟ "
" لدي اخت واحدة.. متزوجة "
همهمت متفهمة.. ووضعت الشوكة جانباً معلنة انتهاء الوجبة.. فرفع غافن يده سريعاً يشير للنادل.. يصدمها وهو يطلب منه بان يزيل الطعام ويحضر لهما القهوة
" قهوة.. لكنني.. "
" الد*ك عمل مهم ؟ "
سالها رافعاً لحاجبيه فعضت شفتها صامتة.. لا ليس لديها شيء..
" جيد.. حصلت على اجابتي.. سنشرب القهوة وننصرف اعدك "
" حسناً.. كان علي ان اقابل السيدة روبين لكن.. لاطاقة لمجابهتها اليوم "
عبس غافن متسائلاً.. يتململ في جلسته بقربها ويرفع يده ليمدها باسترخاء على ظهر كرسيها.. يدير جانب جسده نحوها ليغدو مواجهاً لها تماماً.. من يراهما الان من بعيد يظن بانهما عاشقان..
" مابها روبين ؟. هل هنالك مشكلة ؟ "
" لا.. لاشيء مهم "