الفصل الرابع

3362 Words
المكيدة الأولى : تزوجت بسن صغيرة لأني كنت وحيد إلا من أصدقائي الذين ألحوا علي بترك فكرة الزواج برمتها كما فعلوا, و لكنهم يملكون حياة دافئة بخلافي بالطبع, عائلة متكاملة تضمهم بين أحضانها و عشيقات و خليلات هنا و بالخارج . سكنتُ شقة بيفرلي و رأيت من الزملاء كل البدع و أنا المستمسك بحياتي القديمة و دراستي , حتى المنضبط منهم مال كل الميل و تشارك بدع الفرنجة فقد كنا مطمع من نساء الأمريكيات فكلنا طيارون و أثرياء نسكن شقة أكثر من فاخرة بضاحية بيفرلي هيلز . وجدتُ من رؤوا ندبتي إنطباع عن شدة بأسي و قوتي و تهوري بالطبع إنما لم أتبع إنطباعات من نساء قد تؤدي لعلاقة طويلة الأمد مع زخم نسائي و ثرثرة غير مجدية و مواعيد غرامية, وجدت أسلم الطرق لما بلغ بي التوق إلى الميل ع***ة بيفرلي العتيدة ماريا دوس, حدثتها سراً و طلبت منها أن توافيني بغرفة مستأجرة بموتيل على الطريق السريع و لبت رغم أنها ع***ة ذو شأن كما عرفت و لا تذهب لبؤر متنحية نائية إنما أتت لأنني من ساكني شقة مالك و نحن ننال منها معاملة خاصة. خفتُ – زفة- الزملاء و تحقيرهم لمقيم الصلاة و الواعظ بالحق, خفت من أن أكون ف*نة لمن إستطاع التماسك, خفت من مالك الذي أقام الرهانات على عفتي المزعومة و قد وصل الرهان لثلاثة آلاف دولار.  بنظرة واحدة من ماريا عرفت من إرتجافي إنها مرتي الأولى و قبل أن تحتسب لي محاولة عبثية بلعبة الحياة وافتها مكالمة جعلتها تنتفض من جانبي و تجيبها بلهفة , كانت تتحدث الإيطالية و لا أفهمها و لكن عندما إنتهت قالت بفرحة غامرة : -        المحقق الخاص وجد إبنتي .. كانت متبناه ..  أنه يوم سعدي . إرتدت ملابسها على عجالة بينما تقول : -        آسفة على أن أذهب الآن .. سوف أعوضك .. المرة القادمة لك حسم 50% .. لا أتعلم المرة القادمة مجانية. تقدمت مني من جديد و طبعت قبلة على ندبتي ثم قالت : -        أكثر شيء مميز بوجهك .. لابد أنك تحبها للغاية لأنها الفرصة الثانية لك بتلك الحياة .. الوداع . خرجت ماريا من الغرفة مسرعة ثم حدث ما يحدث بالافلام العربية و لكن ماركة المستقبل , ض*ب هاتفي بموعد آذان المغرب مذكراً بنجاتي من كبريات الذنوب و حمد الله على الفرصة الثانية للحياة . تلك السقطة أفاقتني من غفلتي و ذكرتني بالمتاح من نعم الله و لذلك إتخذت القرار عند أول أجازة لي سوف أتزوج. توجهت لأمي  و شحذت وددها الذي إنتبذته منذ حاولت قتلي و قلت في نفسي أمي و سوف تظل أمي, كما أن العشيق أي منقذي كان زوجها بالفعل. عاد الوئام برعاية زوجها بالمناسبة فهو من ترفق بي و ألح على أمي بقبولي مجدداً كإبن فهي كما رددت؛ لازالت غاضبة علي لأنني ظننت بها السوء بينما محاولة قتلي مع سبق الإصرار كانت تهديد لي فحسب حتى أنسحب عن محاولة ض*ب زوجها؛ و إدعيتُ تصديقاً.    كما كل رجل ينوي الزواج طلبت من أمي أن تختار لي فتاة طيبة و من أسرة علية لأتزوجها و هي من إنتقت من بين حسان الزقازيق أجمع غابة الكآبة. لما رأيت غادة أول مرة تذكرت نصح مالك الكذاب و تماشيت عليه, غادة لم تكن ق**حة الوجه أبداً و لكن نحيفة أيما نحافة و لازالت رغم أنها تأكل عن عشرة رجال, حادة في تعاملاتها مع الجميع حد الصفاقة إنما وجدت بذلك ميزة لأنني سوف أتركها لفترات طويلة لسفري المستمر و لابد أن تكون حادة مع الجميع إنما لم يجول بخاطري إننى سوف أكون من ضمن متلقين تلك المعاملة. طالبة متعثرة بطب الزقازيق فقد تخرجت بعد عشر سنوات من الدراسة على نفقتي, لا تتقن الطهو , طالبة طب و تبغض القراءة و لذلك فاشلة. تغاضيت عن كل شيء و لكن كونها عمود من الرصاص البارد شيء لا يحتمل, هائمة على الدوام خاصة بوجودي لأنها ببساطة لا تطيق وجودي و تشتهي نقودي فحسب, لا تسألني عن موعد قدومي أو مغادرتي, تسأل فقط عن مصروف البيت إن تناقص أو إن لم تنال علاوة شهرٌ بعد شهر. كنت أرى أمها تسب زوجها و تلقي في أثره القباقيب و غادة جنت و ظنت إني قد أكن - كله ماشي - و أنال ما يناله من زوجته إنما رددت عليها عقلها و أرسلتها لبيت عائلتها إن إستعلى صوتها حتى. أمي أرسلتني للزواج من إبنة مستشار بمحكمة خارج الزقازيق, عمها محامي كبير مشهر ببعض الدونية و لكن أغلب المحامون على تلك الشاكلة لذلك لم أهتم و أكملت الزيجة إنما إكتشفت لاحقاً ع** ذلك بل أقصى اليسار. عاد صديقي عماد من سفره بالخليج للزواج من محبوته منذ الطفولة, تمت الخطبة دون وجود غادة رغم إلحاحي عليها لمرافقتي للحفل الساهر بنادي الزقازيق. الخطيبين إنتويا شراء مستلزمات الزواج من القاهرة و حينها عرضت عليهما مرافقتهما  بسيارتي و بعدما إنتهت الرحلة قدتهما لمحال طعام كبير بمنطقة حي الحسين العتيقة للغداء. فرشت المائدة و نظرات الخطيبة لي لا تنقطع و أعرف الأسباب و أتحاشاها فقد كانت صديقة مقربة لشيماء؛ النزوة الأولى و إبنة صاحب المزرعة و زوج أمي. عماد ينظر لخطيبته لتخفض من نظراتها تجاهي ببعض الحدة ثم يقول متداركاً : -        ما تاكلي يا سلوى . لم تأكل بل قالت لي : -        انت ما عملتش فرح ليه يا وجيه ؟ -        كل حاجة جات بسرعة .. إحنا إجوزنا في شهرين و الفرح بيحتاج ترتيبات . -        عارف يوم خطوبتك على غادة .. شيماء وقعت من طولها و دخلت المستشفى .. انت ما طلعتش جدع زي صاحبك ليه ؟ كنت أعيش بحجيم مع غادة إنما أخفيت عن الجميع و اليوم فقط صرحت : -        قوليلها ربنا خلص حقها كامل . تن*دت براحة بينما تقول : -        طب الحمد لله . و حينها فقط شرعت الخطيبة بتناول طعامها في سعادة مطلقة أما خطيبها ضحك بشدة ثم قال : -        أنا بس نفسي أفهم .. اشمعنا العيلة البايظة دي اللي نسبتها ؟ -        عيلة بايظة ؟! أبو غادة مستشار و عمها الأستاذ فتحي المحامي. الآن الخطيبة و الخطيب هدرت عنهما الضحكات بلا حساب حتى أن الخطيبة إختنقت بطعامها فناولها الخطيب شربة ماء, و بعدما تماثلت الهدوء قالت لخطيبها : -        أقوله و لا أسبيه على عماه ؟ قال الخطيب واعظاً : -        يا بخت من بكاني و بكى عليا .. أنا فكرته عارف طلع متغمي يا ولداه . تحولت لي الخطيبة و قالت : -        أبو غادة كاتب في محكمة مش مستشار .. كان عايشة علينا الدور زيك كده لحد ما جات واحدة بنت مستشار بحق و حقيق و فضتحها و عرف*نا أبوها بيشتغل إيه كويس . أكمل الخطيب : -        لا و إيه .. مش أي كاتب من العالم أستغفر الله العظيم اللي بيعوا المحاضر و بيضعوا حقوق الناس و كله بحسابه .. عمها كان أسمه - كله ماشي – من قبل فيلم خمسة باب .. بتاع كله رخص مخالفة م**رات أي حاجة شمال . الصدمة شلت أطرافي, جمدت الدماء بعروقي, أحرقت خلايا مخي, فقد كان تحملي لبذائتها و برودتها معي لنسبها العريق و الذي ظننت أنني إخترته بعناية ليحمله أبنائي بفخر . قلت لعماد لائماً : -        و انت إزاي ما تقوليش حاجة زي كده ؟ -        انا عرفت من أمي إنك اجوزت .. انت حتى ما سألتنيش .. و لما رجعت لاقيتك خلفت كمان قولت إن الله حليم ستار . لم أسأل أو أجري تحريات من حول العائلة التي إنتويت الإقتران بها لأني حسبت أمي ضمانة كافية فهي من نقلت لي النسب الرفيع , و أصرت عليه أيما أصرار, بل هي من إهتمت بشئون العرس كآفة و دفعت من نقودها السائلة مهر لغادة لأنني ببساطة رفضت, فلأي شيء أدفع فلم يساهموا بأي شيء بخلاف كذبة كبيرة أحيكت من أجلي.    الخطيبة تتكتم على ضحاكتها بالكاد عيونها يملؤها الفرح بعدما نالت شيماء قصاصها كاملاً, ثم تجيب سؤالي دون سؤالها؛ لماذا أمي إختارت لي تلك العائلة اللعينة . سألتني الخطيبة : -        انتوا كنتوا بحبوا بعض يا وجيه ؟ -        لا إجوزنا صالونات . -        غريبة .. اومال إجوزتك ليه و سابت الدكتور مختار أبو شيماء .. أصله خطبها قبلك و كل شيء كان ماشي كويس و مرة واحدة سمعنا إنها إتكتب كتابها عليك و فرحكوا بعد أسبوع .. المفروض شيماء تتجن مش تقع من طولها بس .. الاول أبوها يخطب غادة و بعدين انت تجوزها .      هذه المرة ضحكت من قاع قلبي فأمي عادت للض*ب من جديد, و كنت أداتها للض*ب كما إعتادت, ببادئ الأمر تستزف من أبي النقود لعشيقها عن طريقي ثم زوجتني من خطيبة عشيقها لتغلق على العشيق الطرق أجمع و لا يتبقى له إلا الطريق لسريرها.         شيماء نلتِ قصاصك بأكثر الطرق إبتداعاً و لكم تمنيت مصارحتها علّ قلبها يهدئ و يهنئ, أستحقه كاملاً , شيماء منذ تركتُ الزقازيق لم تمر بخاطري و لو ذكرى عابرة رغم كل ما جمعنا بمراهقتنا. غادة تذكرها و تذكر تسكعي مع شيماء بشقتها على البحر و بالشوارع و إنتظرت أن أسمي إبنتي شيماء و تفاجأت بأسم سما. تعرف غادة عن قصة حبي المزيفة مع شيماء فجميعن درسن بمدرسة ثانوية واحدة و شيماء المسكينة سردت على مسامع الزميلات الأساطير عن قصة حبنا الكبير. القصاص يزداد إبتداعاً لما أجد عماد يعيش أجمل أيام حياته مع عروسه و يترك السفر و الترحال لأجلها, باقي الزملاء واحد تلو الأخر ترك و بال العزوبية و لجأ للزواج طبقاً لقوانين مالك أو غيرها و لكن سعداء نعموا بالهدوء و الألفة و القربة و انا سجنت بغابة الكآبة مع بريقي بالسماء, سما. الهاتف يدق بأسمها و علي أن أتحضر بعريضة دعوة أبرر بها ساعتين بلا السرور, أجيبها تقول : -        إزي ام سما يا أبو سما . -        داهية تحرقها هي و اللي شار بيها . -        لا يا شيخ فاكرني هصدقك ؟ -        انا جاي دلوقتي عايز أشوفك . -        جبت اللي قولتلك عليه ؟ -        و انا هجيبلك صور ليها منين بس يا سارة ؟! -        صور الفرح . -        يا سارة يا روحي .. البيت اللي كنا عايشين فيه .. ما دخلتوش من سبع سنين و إتحول و بقه عيادة هجيب صور ليها منين بقه ؟ و بعدين انتي عايزة تشوفيها ليه ؟ -        عشان بتقول عليها حلوة .. عايزة أعرف حلوة إزاي يعني . -        حتى لو حلوة و ده مش حقيقي وحشة من جوا . -         و لما أنت بتحب الكيرفي إجوزت واحدة سكيني ليه ؟ أضحك فدائماً تجد بكلماتي مدخلاً لم أقصده مباشرةً ثم أقول :                 -        و انتي نازلة إعمليلي أوردر كبدة مشوية من عند أختك .. انا جعان . سلس الطريق حتى الآن, عباس ال*قاد يرحب بي و يفتح لي ذراعيه على مصرعيه, إنما لا أنخدع بالمظاهر و أتخذ طريقاً جانبياً تجنباً لأي إختناق مروري قد يلحق بالشارع. المحال بعباس ال*قاد جميلة بالفعل كما أخبرتني سما فقد إصطحبتها سارة لرحلة تفقدية و إياك و تفقد أي شيء مع سارة لأنها دقيقة للغاية حتى أن سما كانت من تطلب منها العودة للمنزل بعدما نال منها الإرهاق إثر تفقد كل محال بنفس الشارع. إحدى المحال يضع بواجهته الأنشوطة التي كانت تبحث عنها سما و سارة بعدما رءياها على كيم كارديشيان . طوق من المخمل يعلوه أذني أرنب منتصبتان في فكاهية. صففت سيارتي أمام المحال و رحت أتفصح الأطواق و للعن المحال لديه الأنشوطة بألوان متعددة, ستة ألوان مختلفة لأشتريهم جميعا فالنساء بحياتي كثيرات, إبنتي و سارة و الأخوات و بناتهن. خرج علي البائع علي فقلت : -        عايز من كل لون إتنين . جمع البائع ما قلت بحقيبة كبيرة ثم قال : -        600جنيه . جزعت للمبلغ الضخم مقابل أنشوطة و قلت :   -        ليه يا إبني هي الواحدة بكام ؟ -        50. -        التوكة !! ده انا قولت هاخدهم كلهم بـ 50 .. هدفع 100 أخر كلام -        ما ينفعش يا فندم -        150 عشان تروح بدري مجبور الخاطر . دقق بي الفتي لهنية ثم قال : -        إتفضل معايا جوا. دلفت معه للداخل لعله سوف يض*بني و باقي زملائه بالمحال, إلا أن الفتى تركني و ذهب لرجل خمسيني يجلس من خلف الكاشير, أخرج الفتى هاتفه من جيبه و عرض على الرجل شيء و أعرف ما هو شيء فقد قام الرجل الخمسيني من خلف الخزينة و قال مرحباً : -        يا أهلا يا باشا .. إتفضل أقعد حضرتك .. نجيب حاجة سخنة ؟ -        أنا مستجعل لو سمحت .. هدفع 200 أخري . -        حضرتك ما تدفعش حاجة خالص .. وصي بس علينا المدام .. والله حضرتك أول واحد يخش و يشتري من أول النهار .. الرجالة اللي حضرتك شايفهم دول هيروحوا من غير يوميتهم. ثلاثة شباب بمقتبل العمر و أكاد أجزم أنهم ثلاثتهم خريجين كليات مرموقة للغتهم البالغة في التهذب و ملابسهم المنسقة. أدفع 600 جنيه في مجموعة من ربطات الرأس بلا أي حزن و أعد الرجل بصورة فحسب لسارة مع ربطات الشعر و هاشتاج بأسم المحال ثم أمسي عليه مودعاً . أركب سيارتي و أبدء بفرز الربطات إثنتين لسارة و إثنتين لسما و البقية الباقية لأخواتي و بناتهن . أذهب للسرور لا أجد مكان لأصف به سيارتي و حينها ألجأ لعصبة أنور أبو المجد من نساء, تجلس على أريكتها الخشبية تدخن نارجيلتها و هذه المرة لم تسارع للسلام و التحية يبدوا أنها تتدلل .  قلت من داخل سيارتي : -        لو سمحتي يا مدام تركت النارجيلة و قامت إلى بخطوات حثيثة ثم قالت :   -        نعم -        ممكن تركني العربية لو سمحتي ؟ -        تدفع كام ؟ -        اللي إنتي عايزاه   . ترجلت عن السيارة لتركبها هي, قد تجد بين الثغرات مكان لصف قطار, كما أنها أكثر من بارعة بقيادة السيارات بالأماكن الضيقة, هاهي تجد متر مكعب تحشر به سيارتي بزاوية مستحيلة . تترجل من السيارة و تتجه نحوي لتسلمني المفاتيح فأقول : -        خليها معاكي و انا كنت هعرف أخرجها يعني .. ما شاء الله ملكة الدريفتات . -        إيه ده عرفت منين ؟ قالتها بشغف شديد أناملها الدافئة تجد الطريق لص*ري من بين أزرار قميصي ثم صراخ حاد يهتف بعصبية – يا وجيه – و حينها أغلق سترتي على قميصي و أسارع بالخطى إلى سارة الواقفة تهتز بالعصبية من داخل الموهير . هذا هو الإهتزاز و إلا فلا, إهتزازها يقلقل كل محتوياتها العارمة بحمية, الشعر الغجري المجنون, المفاتن الهلامية حتى وجنتاها تحمرا بتوهج في عتمة الليل . أبتسم كالأبلة رغم أن ما ينتظرني عسير بينما تجذبني من يدي و تسحبني للمطعم إنما أجده مطبخ فحسب و لكن شديد البياض و النظافة كل ما به أبيض اللون , أرضيات و حوائط و كراس و طاولة واحدة أبعادها متر ض*ب متر مغطاه بغطاء بلاستيكي أبيض كذلك . تقرصني بذراعي بقسوة ثم تقول بعصبية : -        و بعدين معاك أنا كل مرة أقفشك معاها -        هي وصلت لتقفيشيني معاها .. إحنا كنا بتكلم عادي . -        وجيه -        قلب وجيه -        بلاش الحركات دي ما بحبهاش . -        حاضر شفتي أدب أكتر من كده . تجلسني و كأني أضل الطريق للكرسي الوحيد إلى الطاولة الوحيدة و تذهب لموقد هائل به العديد من العيون الكبيرة, تستخرج من أسفله, من فرن كبير تحديداً لما فتحته نشر الحرارة المحببة بالمكان طبق أبيض من البورسلين به قطع الكبدة المشوية, و طبق من القصدير المطوع المعدني مغلق بإحكام , و طبق صغير به سائل ثقيل لونه أبيض حائل و طبق من السلطة الخضراء, عادت بالاطباق تباعاً تضعها على الطاولة بعصبية قد تحطم الأطباق و تنثر محتوياتها و لكن سوف آكلها رغم ذلك فالرائحة أضائت الخلايا ال**اء بمخي . تعقد رسخيها على ص*رها و تبتسم لي بسخافة بينما تقول : -        كُل . أجلت بعيناي بحثاً عن كرسي أخر حتى وجدت بنهاية المطبخ الشاسع واحداً , ذهبت إليه و حملته لأجلها ثم أجلستها بدوري , جلستُ ثم قلت : -        بص يا سو .. الروب .. مكانه البيت .. حرير موهير بلا أزرق .. مكانه البيت .. يعني ما يتنزلش بيه حتى لو مستعجلة .. ما تخرجيش بيه من باب البيت .. مش ننزل و نركب الاسانسير و نقف في مدخل العمارة  .. فاهم يا سو . سخفت كلماتي بنظراتها المستهينة ثم قالت بتهكم :   -        اه معاك حق .. انت بس اللي تقف تبصبص للبوابة و انت راجع نص الليل من عند أم سما . أقول مراوغاً مشيراً للطبق المغلف : -        الملفوف ده إيه ؟ -        أكل وفيق .. إتصل بيا يأكد على ميعاد بكرة و فضل يرغي في اللي مالوش فيه لحد ما عرف إنك جاي تتعشى راح طلب أوردر .. و أنا بجد إبتديت أزهق أصلا من الجلسات و وفيق و منك أنت كمان . إبتسمت بتعجب ناظراً للطبق المغطى, أرفع عنه قليلاً من الغطاء لأتبين ما بداخله إنما سارة تنزل غطائه من جديد بينما تقول : -        يبرد .. طالب جليرد ليفر برضه.. انت مش عايزني أشوفها ليه ؟ -        أحسن تتعدي. -        من إيه .. هي عيانة ... أهاااا أكيد ودتها للدكتور و تلاقيك ... قاطعت قصتها المذهلة قائلاً : -        تتعدي من بواختها .. يا سارة يا روحي .. انا لما كنت بكلمك عنها الأول كنت بتكلم بأسلوب كويس لأني مش متعود أذم في حد لكن لما حبينا بعض و فضايحنا كلها طلعت على الوش قولتلك هي عملت فيا إيه .. إزاي بقه تفكري إنني ممكن أتض*ب في مخي و أرجعلها تاني . -        لنفس السبب .. سما .. سما على فكرة مش بترد على تليفوناتي و لا تليفونات توتا .. و مش بتعملي لايك خالص على كل بوستاتي. و ها أنا أصبحت بنهاية الطريق السلس و صدامي بالمنحدر أمسى وشيك, و السبب الإبنة و الأخت و الرفيقة, تحكيك مع أمها لأجلى المكائد و لكن الغلبان لهما بالمرصاد . قلت لسارة مبرراً : -        سما متعاقبة .. و سحبت منها الموبايل و النت مقطوع عنها . -        ليه ؟ -        نمرها الشهر ده جات وحشة -        ازاي دي شطورة خالص ؟ -        اللي حصل ,, آكل ولا لسه عايزة حاجة ؟ أومأت بالرفض, رغم أنها تريد الكثير و الكثير, عريتها و تريد تعريتي كذلك و لكنهن نساء و عريهن بهاء, الملاحدة يقولون أن الرجل نموذج أولي من البشرية و الثاني و النموذج الكامل هو النساء, سما وجدت تلك الجملة بكتب هنا و سألتني عن معنى فلم أجد إلا المعنى الظاهري؛ النساء جميلات, أجسادهن مهما بلغ بهن الإختلاف ذو إنحنات و زاويات إختصت بهن رغم الكون و نظرياته التي تحيرت في وصفهن, لهن نحت و رسم بقوانين هندسية, ضحكاتهن زغاريد الفرح , نظراتهن شهب السماء و نهاية فرناً بشري يعد الأطفال و حينها قالت سما ضاحكة : -        انت طيب أوي يا بابا.. و انا واثقة إن ده مش قصد الكاتب . أعلنتي علي الحرب يا سما و كأنك لم تكتفي حروب و لكنك من نسل غابة الكآبة قبل أي شيء, لعائلة مبدئها الغاية تبرر الوسيلة و تمللت من كوني وسيلة الجميع إلاها؛ سبب السرور . عريها عنفوان, بينما عريي خزي ما بعده خزي, فتاة بالرابعة عشر قاومت شعبة من الرجال, قاومت الحياة نفسها لتظل زهرة يانعة قاطفها مالكها. سوف تبكي, لحظات و تبكي , تكون بتلك الحالة لما تكثر التساؤلات داخلها و لا تجد إجابة, لو أخر لحطمت رأسه لتجد إجاباتها و لكني الحلم . يذهب التماسك و تبكي , أترك طعامي و أتمسك بيدها تتركها لي و لا تتسمك بي ثم تغمغم قائلة : -        انا تعبانة هطلع أنام. -        هحفر الأرض يا سارة و أجيبلك الصور .. مرتاحة كده ؟ -        و أبوك ؟ -        معايا صورة له في المحفظة . زاد بكائها فقد كنت أمزح للمراوغة؛ عادت للجنون من جديد بعد أن كدنا نتزوج يوم طلاقها من حسن , تريد من أبي أن يخطبها من أبيها و أبي لم ينسى أبداً أن سارة ض*بت ولده حد الموت ثم أجبرته أن يدفع لها مليون جنيه على سبيل المكافأة لصنع يداها فقد ظل وليد في غيبوبة لأيام عديدة و حتى إستفاق محطم الأضلع. تريد زفاف كبير و بالكاد أستطيع تأثيث شقة مساحتها ثلاثمائة متر بكآفة مدخراتي و قد أعود للإعتماد الكلي على راتب الجيش مع زوجة مثل سارة تبتاع مورد خدود بمائة و خمسون دولار و إبنة أدخلتها أكثر المدارس تكلفة. فقدت شهيتي للطعام و الحياة فقد نزلت عن المنحدر و إصطدمت بحائط فولاذي؛ رأسها الع**د و لكم حذرني وفيق من صلابة رأسها. قلت بإبتئاس : -        أعمل إيه بس يا سارة أكتفه و أجيبه يخطبك !!! قالت ببساطة من بين دموعها : -        اه عادي ما هو راح خطب مراتك الأولانية و أشترالك شقة و جهزها .. يعملي زيها و انت إعمللي الفرح . قلت بخجل : -        أنا كبرت يا سارة .. بنتي بقت طولي .. ما ينفعش أقعد في كوشة. -        مالك قدك و عمل فرح كبير لهنا . لستُ مالك و ليست هنا, فكلانا لا يملك عائلات كبيرة قد يملئوا قاعة أفراح سعة ألف فرد , لكلانا ماضي شائك قد يطفوا على سفح ليلة زفافنا الجميلة و يعكر صفونا. أربت على ظهر يدها و أقول : -        لما شهور العدة تخلص .. نبقى نشوف يا سارة . صاحت بي : -        وطي صوتك محدش يعرف إني كنت زفت غيرك . نظرت لها متعجباً و قلت : -        انتي اللي عليتي صوتك مش أنا .. ممكن آكل بقه ؟ كفكفت دموعها و أومأت بالموافقة. تناولت الشوكة و بدأت أنهم من الكبد المشوي الذي برد بعض الشيء إنما لازال شهي . مازال بجعبتها الكثير فلا تتوقف عن النظر لي , تقاوم رغبة ملحة في قطع طعامي بالحديث . أوفر عنها العناء و أقول : -        قولي يا حبيبتي عايزة إيه ؟ -        عايزاك تحكيلي إزاي أم سما سرقتك  تلات مرات و مأخدتش بالك ؟ دي جابت فيك هاتريك و برضة ما طلقتهاش و هي اللي طلقتك في المحكمة .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD