bc

أحلام فتاة قروية

book_age16+
4
FOLLOW
1K
READ
others
drama
like
intro-logo
Blurb

قصة حقيقية ، عن فتاة في أسرة فقيرة ، كبيرة العدد

تتنقل الفتاة مع والدها في بلاد كثيرة، حتى تستقر في بلده صغيرة

وبعد محاولات كثيرة تجد فرصة ذهبية في التعليم ، تحاول تطوير نفسها ،ولكن الكريق لم يكن ممهد أمامها، فعانت كثيرا لكي تحقق حلمها

........

بقلم

نانيس خطاب

........

للتواصل

naniskids1@gmail.com‬‏

chap-preview
Free preview
أحلام فتاة قروية
أَحْلاَمُ فَتَاةٍ قَرَوِيَّةٍ .................................. اللطمة شعرت بلطمة على وجهي عندما قال لي: أسامة ابن صاحب المصنع الذي كنت أعمل به قبل التحاقي بالدراسة في المدرسة وهو يشير لي باحتقارٍ: لا تجادليني؛ نفذي أوامري، احضري لي الطعام من منزلي، ماذا تظنين نفسك؟ ، أنتِ مجرد فتاة بلهاء جاهلة! قلت بحدة: أنا لست بلهاء ولا بجاهلة، أنا سأكمل تعليمي ، وسأذهب إلى المدرسة، وسألتحق بالابتدائي، ثم التحق بالإعدادي، ، ثم ألتحق بالثانوي مثلك. قال رافعاً كتفيه باستهتار: أنتِ ستلتحقين بالثانوي مثلي أنا! قلت بحنق: نعم.. سأكمل تعليمي؛ حتى أصل للجامعة أيضًا. قال مبتسمًا: لا تحلمي كثيرًا؛ حتى لا تقعي من سماء أحلامك فيتهشم رأسك. تركت المصنع باكية منتحبة، وهدفي مواصلة تعليمي، وأنا أعلم جيِّدًا أن طريقي طويل مفروش بالشوك والصعاب ، لكني أُصر على هدفي فى مواصلة تعليمى ولا سبيل أمامى للتراجع إلا بالموت . قابلت رجاء زميلتى فى المصنع، كانت صديقتى الوحيدة فى هذا المصنع الكئيب قالت رجاء بلهفة : ماذا بكِ يا شيرين ؟! نظرت لها بعين ت**وها الدموع قائلة: لا شيء يا رجاء . سمعت همسات زميلاتى : سناء وسعاد وهدى. لم أستطع النظر خلفى وأنا أسمع ضحكاتهم الخافتة الساخرة. قلت لرجاء ململة ذرات كرامتى المتناثرة مشيرة إليهم بسبابتي من وراء ظهرى: اسألى زميلاتك الضاحكات الشامتات؟ قالت سناء بضيق وهى تضم فاها الواسع : وما لنا وهذا الأمر ؟ قالت سعاد وقد برز جحوظ عينيها الواسعتين : الأمر بينك وبين ابن صاحب المصنع. قالت هدى تطفو على وجهها ابتسامة الشماتة تضخم من صوتها الرفيع لتقلدني: أنا سأكمل تعليمي ، وسأذهب إلى المدرسة، وسألتحق بالابتدائي، ثم التحق بالإعدادي، ، ثم ألتحق بالثانوي مثلك. ضحك الجميع بتهكم التفت إليهم قابضة على يدى لأجمع قوتى ،كم تمنيت لحظتها أن تصبح يدي رحاية ورؤسهم بينها. قلت بصوت مرتفع بقدر ما أتاني الله من قوة : نعم سأكمل تعليمى وسأصبح أفضل منكم ومنه ، وستعيش أحقادكم تجاهي تأكل قلوبكم المريضة التى تحقد و تغار من تفوقي ومن إصراري ،لأن الإنسان لا يغار إلا ممن هو أفضل منه ، والأيام ستأتي وسنرى من منا المُحق. وجدت رأسه مطلة من النافذة تنظر لي ، فنظرت له بنظره توعد ، شاب وجهي الحمرة عندما رمانى بنظرة إعجاب. فحولت وجهي بسرعة للفتيات وقلت بكلمات أقل هدوء : سنرى ...... سنرى تركتهم يلوكون أحقادهم مع كلماتهم التافهة التي لا يعرفون غيرها . مشت معي رجاء لتودعني قالت : سأصبح بلا أصدقاء في هذا المصنع، كيف سأعمل بدونكِ ؟ أنتِ صديقتى الوحيدة هناك قلت لها دامعة : لا تخافي يا صديقتى سنظل أصدقاء طالما نستنشق هواء الحياة حضنتها بشدة مودعين بعضنا وقلت لها بابتسامة : متى ستكون خطبتك؟ قالت مبتسمة: بعد شهر ، وي**م العريس أن يكون حفل عقد قران في أسوان نظرت إليها متأملة: إذا ستتزوجين وتسافرين سريعا ، حمدا لله أنني تركت العمل فلم أكن لأصبر ساعة بدونك مع هذا الشيء يطلق عليه صاحب العمل عادت بي الذاكرة إلى الوراء، عندما أشار أبي للسائق الجالس بجواره قائلاً: أهذه بلدة حلاوة الكبرى؟ أجاب وهو يقترب من البلدة: نعم. قلت لأمي التي جلست معنا أعلي السيارة بجوار أمتعتنا: هل سنستقر هنا أخيرًا بعدما كنا طيورًا مهاجرة؛ تحط على كل بلدة، وترحل سريعًا؟ رمقتني أمي بنظرة صارمة قائلة بتذمر: شيرين. صَمَتُّ ورُحْتُ أجوب بنظري في بلدتنا الجديدة. البحر يتقدمها وتتلألأ مياهه الهادئة على شواطئه، تصطف مقاعد للاستراحة، يتخللها أشجار رقيقة تتدلي فروعها لتلامس البحر، كأنها تغتسل من غبار السيارات المتلاحقة على الطريق. رمقْتُ شجرة عجوزًا ابتسمتُ وحييتها برأسي، شبه لى أنها ابتسمت لي محركة فروعها، قلت بصوت هادئ: سأحضر غدًا؛ لنتحدث سويًّا، صَمتت سعيدة ملوحة لي بفروعها المتغضنة. البيوت تقف خلف البحر متراصة، وفي الشمال ربضت المدرسة الابتدائية الإعدادية شامخًا كمنارة للعلم والمعرفة. وقفت السيارة أمام منزل بالطوب اللبن تتخلله الشمس من كثرة الشروخ. أشار أبي بحسم: انقلوا الأمتعة. أعطتني أمي أصغر الأشياء، فقد كنت في الثامنة من عمري، لكني تعمدت حمل الأشياء الثقيلة حتى لا أكون أقل من أخوتي. قالت أمى بصوت منهك : خذى هذه يا شيرين. أبيت حمل الأشياء الصغيرة . قلت بحنق : لماذا أنا من يحمل الأشياء الصغيرة؟ ضحكت أمى ضحكة هادئة وقالت : يالك من فتاة عنيدة. تجولت بأعينها وسط محتويات العربة لم أنتظر حتى تلتقط أمي شيء آخر صغير ، لكنى وقفت فوق عجلات السيارة الكبيرة وحملت أول شيء أمامى وقد كان عمود سرير من الحديد القديم الثقيل. كان العمود طويلاً يتجاوز طولى فلم أستطع حمله واقفاً. حاولت حمله على يدى فلم أعرف، فحاولت حمله على رقبتى فثنى ظهرى وكاد أن يدكني في الأرض كالمسمار، حاولت حملة عدة خطوات . قابلنى أبى ضاحكاً : أنه ثقيل عليكِ يا حبيبتى ، ثم حمله من فوق رقبتى وكأنه أنقذنى من هلاك محقق. نظرت إليه بوجه يشوبه الصفره وبابتسامة ترتسم على صفحات وجهى المرهق وقلت بتكبر : أحذر يا أبى فأنه ثقيل عليك ، لكنه لا يمثل لى ثقل فما هو إلى عمود حديدي. نظر لى أبى بتعجب لكنى لم أنبس ببنت كلمة فقد بتدليك عضلات رقبتى وظهرى من شدة الألم. مر النهار في ترتيب المنزل ذو الحجرات الضيقة؛ الذي يعتمد على أشعة الشمس في الضوء وعلى الأواني في نزح المياه. أشار أبي لحجرة قائلاً: هذه غرفة للأولاد. وأشار إلي أخرى هذه للبنات، أما هذه غرف*نا. استطرد مبتسمًا.. وطبعًا هذه الصالة. دخل أخى الصغير حمادة مزعوراً، وامسك بجلباب أبى يرفعه قائلاً بخوف : أبى ........ أبى انحنى له أبى طويل القامة وامسك بيده الصغيرة ضارباً عليها وقال : لا ترفع جلبابى يا صغير فأخواتك البنات لم يعدوا صغيرات ليروا جسدى. نظر له أخى حمادة بنظرات متحيرة لا يفهم تلك الكلمات العاقلة ، لم يستطع تجميعها لتصبح جملة مفهوم في عالمه الطفولي . امسكت أمى بأخى وقالت : لا تؤنبه فهو مازال صغيراً. انتبهت أمى لارتعاشة جسد حمادة ونظرت لأبى قائلة : الولد يرتعش جسده. قال أبى وقد حمل حمادة على كتفه يضمه إليه : ماذا يخيفك يا حمادة ؟ قال حمادة بصوت مرتعش : العفريت ...... العفريت يا أبى نظرت له متوجسة حاملة كلماته بشيء من الإضطراب وقلت : أى عفريت يا حمادة؟ قال بصوت قد غطته الطمأنينة بعض الشيء: العفريت عند صديقي حسام. رسمت علامات التعجب على وجوهنا فلم يعد الغريب كلمة العفريت فقط ؟،لكن من هو حسام صديق أخى ؟ قالت أختى أماني التي جاءت من بيت زوجها لتساعدنى في ترتيب البيت : من هو حسام صديق ؟ قال حمادة : أ ..........ألا تعرفى حسام صديقى ؟ أجابت أنا عليه بدهشة : ليست هى فقط من لا تعرفه ، أنا أيضاً أعرفه . قال حمادة : حسام تعرفت عليه اليوم فهو يكبرنى بثلاث أعوام ،أنه فى الصف الرابع الإبتدائى ، بيته هو البيت الأبيض الكبير المحاط بالأشجار فى أول البلد. ثم استطرد بكلمات متلعثمة : رأيت فى بيته العفريت. قالت أمى باستنكار : عفريت قال حمادة نعم : عندما حملت الأغراض مع أبي شعرت بالظمأ ، وقد كان حسام واقف أمام بيته ، فطلبت منه أن أشرب ماء. رحب بي وأدخلني بيته وقال لي : هل تريد ماء مثلج؟ فكرت لبرهة وقلت : نعم . فقال لى : حسناً ..... تعالى معى. اوقفنى أمام شيء كبيراً ، كالدولاب وفتحه فوجدته ينير ويخرج منه بردوه قلت له وقد دب الخوف بأوصالى : ما هذا يا حسام ؟ قال مبتسماً : ألا تعرفه؟ قلت له بريبة : لا.......أنه يشبه قصص الخيال. فضحك ضحكات متلاحقة وقال : نعم أنه ........أنه العفريت فهربت مسرعاً من البيت. أتى صوت من خلفنا يقول بصوت يرتدى الخجل والأسف : أسف يا حمادة ، لم أقصد تخويفك ، كنت أضحك معك فقط . نظر حمادة لى فقد كنت كتابه الذى يجد فيه كل ما يريد من المعرفة ، كان يعتبرني كمكتبة الإسكندرية . ابتسمت له فى هدوء وقلت : أنها الثلاجة يا حمادة. جلست طوال الليل أشرح له ما معنى الثلاجة؟ ، وما فائدتها؟ ، وكيف تثلج المأكولات والمشروبات ........ وأجابت الكثير من أسئلته الغير متناهية. جاءت عمتي لأبي دامعة وقالت: أخي الحبيب بعد وفاة زوجي وعدم إنجابي أصبحت وحيدة أتجرع كئوس الوحدة، ولم يعد لي إلا أنت في هذه الحياة القاحلة،بعد أن أنقض على وفاة زوجى عام كامل ولم أعد أستطيع أجلس فى الزقازيق بمفردي بعد الآن. خذ ميراثي عن زوجي وَابْنِ لنا بيتًا هنا، لنعيش معًا، سمعنا كلماتها زغاريد الفرح تدق آذاننا. ذهبت إلي صديقتي الشجرة العجوز أتراقص مع الفرحة، وقَصصت عليها ما حدث مثلما أفعل كل صباح. شعرت بالأمان عندما عشنا في بيت من الطوب الأحمر؛ فاليوم لا خوف من هطول المطر، لا خوف من الرعد والبرق، لا خوف من قسوة البرودة. أخذت عمتى الدور الثاني من البيت . جلست أنا وهى فى غرفة نوم واحدة وضعت فيها سريرها القديم وتسريحتها المطفية المرآة موضوع عليها زجاجات من البرفانات الفارغة النسائية والرجالية ومشط وبعض الدبابيس ذات الطابع القديم التى قدمت طلباتها للعزل من أعلى التسريحة لأنتهاء صلاحيتها فى العمل. سألتُ عمتى بعين جائلة وسط تسريحتها المرتبة بعناية ، ولكن أفضل ما يطلق عليها دولاب للكراكيب . قولت بلهجة متعجبة طفولية : لماذا تضعين كل هذه الكراكيب على تسريحتك يا عمتى؟ نظرت لى بابتسامة تملأ ص*رها الرحب وقالت هى تمشى بيدها البيضاء الناعمة التى تدل على الرفاهية : هذه ذكريات يا حبيبتى وليست طلبات للزينة. نظرت إليها مشيرة إلى أعلى الدولاب القديم المتناهى فى العلو : الذكريات مكانها ها هنا . ابتسمت وامسكت برأسى بين راحتيها وقالت : لا الذكريات توضع هناك عندما نريد إخفاءها والتخلص منها ، أما الذكريات هنا وأشارت برأسها على التسريحة : عندما نريد لأعيننا أن تجوب فى عالم الذكريات طوال بقائنا على قيد الحياة. امسكت بقارورة من العطر تشبه أفلام السينما القديمة وقالت : هذه مثلاً أول هدية أحضرها لى زوجى وكانت يوم عرسنا . نظرت إلى القارورة التي أعلن الصدأ احتلاله لها منذ زمن طويل ولم استطع كتمات ضحكاتى فوضعت يدى على فمى وقلت : لقد رأيتها من قبل عند جارتنا في فيلم عنتر أبن شداد. وقفت لأمثل المشهد عندما قال البطل المعادى : هات العطر يا ولد .....ها ها ..... هاها وخرجت أجري على الصالة وأنا أضحك متفادية لض*بات عمتى على ظهرى . جلست على كرسى الأنتريه الموضوع عليه لباس كرتون يبدو جديد عن أثاث عمتي وأنا أضحك. لحقت بى عمتى وهى مازالت تحاول الجري خلفي لض*بي ضاحكة . جَلست على الأريكة الكبيرة ومازلت ممسكة بالقارورة بين راحتيها وكأن راحتيها تحضن القارورة وتُقبلها بحنان وقالت : يالكِ من فتاة شقية تلعبين بوقار الماضى. قلت لعمتي مشيرة للكرسى الذى أجلس عليه :أهذا غطاء جديد للأنتريه؟ قالت عمتى وقد زحف الحزن على ملامحها : هذا آخر شيء اشتريته قبل وفاة زوجى منذ عام تقريباً. حاولت المزاح لقتل لحظات الحزن وقلت: سأتزوج معكِ يا عمتى فى شقتك جميلة وبهذا لن يحضر العريس أثاث ولكنى سأضيف للشقة تلك الحجرة الباقية التي يسكنها الدجاج والبط قلت رافعه يدي بحركات ثمثيل للانفعال : فأنا وزوجى أحق من الطيور بسكنتها ، ونستطيع حينها أن نذ*ح الطيور ونأكلها فبهذا نض*ب عصافير كثيرة بحجراً واحد فقط. ابتسمت عمتي وقامت تمسك بي لتض*بنى وتقول : تريدين الزواج والطعام والأثاث على حسابنا وزوج ماذا يحضر؟ .........و ماذا يفعل إذا ؟ تمازجت ضحكاتي مع صراخى لض*ب عمتى. كنت أقرب أخواتي لعمتى ؛لأنها تحب الثقافة ، فقد كان زوجها يخرج ليلاً وكانت تجلس منتظراه بالساعات الطويلة، ولكن ليس لاشتياقها الخالص له، لكنه كان يأتي لها بأطباق دسمة من المعلومات والقصص المختلفة عن السرقات والا****ف وقصص الحب والغرام التي يرويها هو وأصدقائه في المقهى فقد كان زوج عمتى كاتب فى المحكمة وكان يجلس ليلاً مع أصحابه العاملين في المحكمة و المكتظة عقولهم بحكايات عن أحوال الناس من خلال عملهم ، ويحبون الحكايات ويحبون أيضاً أن ينهون حياتهم مع نهاية أحجار الجوزة التي يشربونها. كنت الملاذ لعمتي والبديل لزوجها الراحل وأصبحت خاتم سليمان الذى يقص عليها المعلومات الشيقة ،فعندما يؤذن أذان المغرب يدق الباب معلناً عن حضور زائر المساء كما أطلقت عليه أمى أجرى مسرعة فاتحة إلى الباب يقف حسام أمى واضعاً الجريدة تحت قميصه ثم يفتح الزر علوى ليخرج الجريدة ويقول هامساً: هذه هي جريدة اليوم أقرأيها . أهز رأسي بتلقائية كما تعودت يومياً. أقول ببسمة شاكرة : أشكرك يا حسام. يقول لى مسرعاُ وكأنه يعطينى شحنة م**رات وليست جريدة: أخى سمير يسلم عليكِ. تبهت ابتسامتى وأتردد فى الرد فأنا لا أعرف هذا المدعو بسمير ولم أره فى حياتى ولكنى أبتلع خاطرى وأقول : الله يسلمك ويسلمه. ينظر حسام حوله ويقول : سأنتظر حماده يحضر لى الجريدة بنفس الطريقة. السلام عليكم. تعلو الضحكة جبين قلبي ؛ لفرحتى بالجريدة والأسلوب حسام التمثيلي . أرد السلام مسرعة وأغلق الباب وأضحك . أجلس طوال الليل أقرأ لعمتي الأخبار المنوعة كأخبار الفن وأخبار الحوادث، رغم كرهي للنميمة عن الغير ، وترويج الإشاعات التي يشوبها بعض الأكاذيب فى هذه الأخبار . لكني كنت سعيدة لتنمية قدرتي على القراءة وأيضاً للحصول على معلومات جديدة كل يوم وتتوج فرحتى الخمسة وعشرون قرشاً التى تدفعهم لى عمتى ليؤنس وحدتها و**بها معلومات جديدة لتتباهى بها على من حولها من الجارات. ويأتي الصباح لتجلس عمتى فى نافذة البيت لتسمع الراديو وتستعرض معلوماتها كلما قيل اسم مغنية أو ممثلة أو أُذيع مسلسل. تمسك أمى بأذنى وتشدها ضاحكة وتقول : أنتِ سبب كل هذه الثرثرة . ابتسم وأنا أقف بجانب عمتى بالنافذة لأجد الجارات تقفن فى النوافذ وعلى السطوح وفى الشوارع تاركات أعمالهن المنزلية فاتحات ثغرهم محملقات فى وجه عمتي وهي تسرد حكايتها بقوة و إثارة. ولا يمنع من تزويد عمتى لبعض الشائعات لتزويد الحكايات بالإثارة والتشويق. أدخل رأسي من النافذة سامعة قولهم جميعاً فى نفس الوقت بأصوات ممتلئة بالأثارة والمتعة : وماذا حدث بعد ذلك ؟ أضحك لأمى التى ترفع يديها للسماء قائلة : يارب .. ابتليتنى بعالمة واحدة ورضيت ابتلائك وشكرتك ، فكيف لى بأبتلائين فى بيت واحد ؟ يضحك أبى الذى يجلس ليقص القماش ويقول : من تقصدين بالابتلاء الثانى ؟ تنظر له أمى وتقول بأحترام متصنعه عدم السمع : ماذا تقول ...لا أسمعك ؟ ثم تحاول لف دفة الحديث قائلة : هل أنتهيت من القمصان لكي أثبت أزرارها؟ ينظر لها أبى متفهماُ مخبائاً ابتسامة بين ثنايا شفتيه ولكنه لا يجيبها. أضحك ناظرة لهما فكل منهما يفهم الآخر ويعرف كيفية الرد عليه فى الوقت المناسب. مرت الأيام............ جلست بجوار عمتى أقراء لها الجريدة وأقول: أرأيت يا عمتى خبر غريب فى الجريدة يقولون أن هناك سيدة توفت بعد وفاة زوجها بساعة ، ولم تستطيع الحياة بدونه وضحكت. لاحت سحابة الحزن تعلن عن سقوط دموع من عينيها مسحت عمتى دموعها التي خبأتها بغطاء رأسها الأبيض الشفاف الذى باح سر دموعها من وراءه مسكت بيد عمتى التى برزت منها التجاعيد تكشف عن عمرها الذي تجاوز الستين وقُلت : ماذا بكِ يا عمتي الحبيبة ؟ قالت بصوت متهدج : لقد مرت سنة وأكثر على وفاة زوجى ومع ذلك العيش وأكل وأضحك بغير اكتراث، . نظرت نافذة عن نفسها الاتهامات قائلة : لقد كنت أحبه حقاً يا شيرين. قلت بابتسامة تسربت من بين ثنايا شفتاي لوقع كلماتها الطفولية على أذنى : أعرف يا عمتى. نظرت لى بتعجب وقالت : كيف تعرفين ؟ إنكِ مازلت صغيرة بعد لن تفهمي إحساسي. أكملت حديثها تسأل نفسها : ترى هل العيب فىّ أنا أم فى تلك السيدة التى تتحدث عنها الجريدة؟ رفعت كتفى باسمه ولم أعرف الجواب. قالت قاطعة أمرها : سأذهب غداً لزيارة مقابر زوجى فى بلدنا. ثم استدارت لى بصوت متوسل : هل تأتين معى غداً يا شيرين؟ عجبتنى الفكرة ، ابتسم عقلى قائلاً شيء جميل ومُثير ؛ فبهذا أرى بلد مختلفة وناس جديدة وكما يقال السفر فيه سبع فوائد، وقبل أن أجيب بالموافقة. قالت عمتى لغوايتى : سأعطيكِ خمس جنيهات لو وافقنى بالسفر معى. أمطرت عمتى بوابل من القبل فقد كانت الخمس جنيها بمثابة ثروة بالنسبة لى وهى تعرف ذلك وقلت بكلمات متشابكة : موافقة ....... موافقة ..........موافقة. جلست طوال الليل لم تغمض لى عين أمسك بالقلم والورقة واحسب ، ماذا سأفعل بالخمسة جنيهات ؟ فروحت أكتب واشطب طوال الليل حتى رسوت على ضفاف قراري الأخير. طويت الصفحة التى لم يظهر منها سطراً واحداً بسبب تشطيبات القلم الجاف الأحمر، وفتحت صفحه بيضاء غير ناصعة البياض، لم يظهر بها إلا بعض السطور الغير مكتملة لرخص ثمنها . كتبت وسط السطر بخط كبير خمسة جنيهات ثم نزلت لطرف الصفحة وكتبت على السطر الأول جنيهاً إلى أمى وعمتى لشراء سكر النبات الذى يحبونه ويذوب بسهولة بين أسنانهم المتهالكة . ثم كتبت فى السطر الثانى جنيهاً لأبى ليشترى ................ طال بى حبل أفكارى ماذا يشتري أبى بالجنية سيشتري ..................؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم انتبهت فلم أجد القلم فشهقت وقلت : أين القلم فهو ملك لوالدى، يخط به لأمى على أماكن الأزرار لتثبتها بالخيط على القمصان . وقفت على السرير لأبحث فى ملابسى فلم أجده ، ثم انحنيت على الأرض لأبحث تحت السرير فلم أجده. فحاولت جاهدة أبحث عنه على السرير دون أن أزعج عمتى . فتحت عمتى عينيها وقالت : ماذا بكِ يا شيرين؟ قلت متلعثمة : لا شيء. قالت وقد بدأ النوم يتطاير من عينيها : عن ماذا تبحثين ؟ قلت وقد سكن القلق قسمات وجهى : قلم أبى ضاع منى ، وهو يحتاج إليه فى عمله ، سأضر أن أحضر له قلم أخر. ابتسمت عمتى وقالت : القلم فى شعرك يا شيرين ، لقد أضاعت الخمسة جنيهات عقلك يا فتاتى . ابتسمت وأنا أخرج القلم من بين خصلات شعرى الطويل مبتسمة . قلت لعمتي وقد شرفت مرة ثانية على باب عالم الأحلامشكراً يا عمتي ، لقد أنقذتني من البحث الطويل. قلت وقد أعجبتني الفكرة : أة ......... فكرة رائعة سأشترى لأبى قلم أخر وبعض الأبر والخيط الملون. وسأعطي إلى حمادة جنيه لشراء الحلوى له وإلى حسام وابتسمت وأنا أدون ما أقول فى الورقة وقلت : نعتبرها دفعة أولى لحسام لسداد الم**رات أقصد الجرائد. ثم قلت :سآخذ أنا جنية أيضاً لأشتري به.............؟؟؟؟؟؟؟ فكرت كثيراً ماذا أشتري ثم قلت : أشترى بسكويت أم شوكولا أم علكة أو ......................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تراقصت الأفكار وهى تلف وتدور حول رأسى وكأنها الكواكب تدور حول مدار الشمس . ثم قلت سأذهب لمحل الحلوى وسأحاول شراء أكبر قدر من الحلوى بهذا الجنية ثم أكملت وجنية أكلم به صديقتى رجاء هاتفياً لدعوتها لزيارتى يوم الجمعة القادم . ثم قلت وأمانى أختى يجب أن أعطيها أى مبلغ أنها متزوجة ولكنها تأتى لنا بأستمرار لتزورنا وتساعد أمى فى كل أغراض المنزل . فكرت بباقي أخوتى وقلت أخي الأكبر يعمل فى بمدينة دمياط، ولا يأتي إلا أجازات قليلة. أما أختى تحية فهى فى الصعيد ويمنعها زوجها من الحضور إلينا لأن عندها ثمانية أطفال ولا تستطيع إحضارهم معها هذه المسافة الطويلة ولا تسطع تركهم بمفردهم لانهم ما زالوا صغاراً . أما أخواتى الأربعة الباقيات فأنهم متزوجات فى بلاد عربية مختلفة ولا يأتون إلا نادراً حاولت تذكر منذ متى لم أراهم؟ لكن الذاكرة عاندتنى ولم تفتح لي صفحات ذاكرتي . ثم قلت لنفسى : سأكلم رجاء دقيقتين بنصف جنية وأسأحتفط لأمانى بالنصف الآخر لحين حضورها . سأحتفظ به مع أمي أو أبى ثم قلت : لا أمى ستنفقه مع مصاريف المنزل وأبى سينفقه مع مصاريف الخياطة سأعطيه لعمتي ثم قلت لا : عمتى ستضعه فى مكان وستنسى كعادتها. قررت أخيراً الأحتفظ به معى ثم قلت بقلق : هذا أيضاً غير أمن لأن حمادة لو طلب منى نقود لن أستطيع منعها منه . ثم ضحكت وقلت : والنفس أمارة بالسوء ومن الممكن أن تحلو النقود بعيني و أنفقها أنا ، وساعتها سامحينى يا أمانى فعندما تمسك قرش فى يدك تجد له ألف باب أمامك ليصرف فيه. ثم قلت لأئمة نفسى: ألن أعطى شيء للفقراء ؟ …… أحلام فتاة قروية ……. بقلم نانيس خطاب ........... للتواصل naniskids1@gmail.com‬‏

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

أنين الغرام

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.8K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

معشوقتي

read
1K
bc

بنت الشيطان

read
1.7K
bc

عشق آسر. (الجزء الثاني من سلسلة علاقات متغيرة ).

read
2.5K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook