توقفت فرح عن السير ثم دفعت كيس الشيبسي
نحو صديقتها هاتفة بحدة : بقلك إيه يامريم
حلي عن دماغي أنا مش ناقصة هبلك داه
متبقيش زي البنات الهايفة بتاعة اليومين دول
اللي الروايات لحست مخها.
نفت مريم برأسها منزعجة من تعليقها قبل أن
ترد عليها:
-بقى عشان بقلك تعالي نجرب حظنا في الشركات
و المؤسسات الكبيرة تقولي عني هايفة
الحق عليا أنا اللي عاوزة أرقيكي وش فقر
بصحيح.
رمشت فرح بعينيها و هي ترمق مريم بنظرات مشككة في كلامها لتضحك الأخرى معترفة من
جديد:
- خلاص بقى متبصيليش كده اه ياختي
انا عاوزة أشتغل في شركة زي البطلات اللي في
الروايات و أوقع صاحب الشركة الوسيم ابو عضلات
حديد و هيييييح ونعيش في ثبات و نبات و نخلف
سيلا و آدم.
تعمدت فرح لكمها بقوة على كتفها حتى تصحو من أحلامها الوردية ثم قالت:
-فوقي يا بنت الهبلة و إلا بلاش طنط حورية دي ست عاقلة و مش عارفة إزاي خلفت بغلة
زيك، بت إنت متأكدة إنها أمك و إلا في حاجة
مخبياها عليا قال أبطال روايات، طب ماشي خلينا
مثلا نفترض إننا رحنا قدمنا في شركة و إتقبلنا
تقدري تقوليلي إبن صاحب الشركة الغني
الوسيم اللي شبه مهند و عمار بتوع المسلسلات
التركي هيبصوا لبنات عادية زينا ليه؟ على جمال
مامي و إلا على فلوس بابي و حتى لو صدفت
و طلع البعيد أهبل و حمار و الست
والدته نيفين هانم بنت نازك الصلحدار
حرم خورشيد بيك رضيت عليه وافقت يتجوز واحد مش من مستواه الإجتماعي تضمني منين إنه مش
هيزهق منك بعد سنة أو إثنين جواز و يرميكي برا حياته، يعني سيادته هيسيب سالي و ميريام
و دينا و لانا و هيبصلنا إحنا، فوقي يا ختي و بلاش تبصي
لفوق لحسن رقبتك تن**ر و حاولي تشيلي
الهبل اللي في دماغك داه و إفصلي، إقرئي روايات
اه بس متحاوليش تعيشها، عيشي عيشة أهلك
أحسن لك.
تن*دت مريم من جديد وهي تحرك رأسها رافضة الاقتناع بحجج صديقتها الواهية فهي تعتبر
أن قصص الابطال التي تقرأها في الروايات
ممكن أن تجسد في الحقيقة لذلك لم تكف
عن إقناع فرح بالذهاب إلى الشركات بحثا عن
عمل، و التي رفضت إقتراحها رفضا قاطعا
لأنها كانت متأكدة أن لا أحد سيقبلها خاصة
و أنهما لم تكونا من الطلبة المتفوقين في
الجامعة بل الع** تماما حيث تخرجت الاثنتان
بتقدير متوسط لذلك إختارت البحث في
محلات الملابس او المكتبات.
توقفت فرح عن السير و هي تنظر نحو شاب
عادي بملامح مصرية و ملابس بسيطة
يسير على قدميه و يحمل في يده كيسا
مليئا باغراض منزلية.
أشارت نحوه برأسها محدثة مريم:
-أهو داه بقى نموذج للعريس المنتظر
بإذن الله شاب اسمراني زي بقية الشباب
اللي بنشوفهم كل يوم لا في عضلات حديدية و لا
عنين خضراء و لا أيتها حاجة، و باين من شكله
أنه بسيط لا عايش في فيلا و لا في قصر و مش
بعيد أنه ليه بيدور علي شقة عشان يأجرها.
جعدت مريم ملامح وجهها باشمئزاز قبل أن
تنطق باستسلام:
-حسبي الله ونعم فيكي يا شيخة قلبتي
مودي و انا مش ناقصة، شايفة وشي داه إبقي
تفي عليه لو قبلت أخرج معاكي ثاني، هقول إيه بس طول عمرك بومة و وش فقر و هتموتي في الحارة المعفنة اللي إنت عايشة فيها دلوقتي.
ضحكت فرح و هي تمسك بها فمريم كانت تنوي
العودة إلى منزلها بدل الاستمرار في هذه الجولة
المملة و هي تقول:
-طب خلاص متزعليش، أنا كنت بتكلم على
نفسي، إنت حلوة و زي القمر و هتتجوزي الأمير
هاري حلو كده.
مطت مريم شفتيها بعدم رضا قبل أن تنطق
بمزاح هي الأخرى:
-تؤ مش التايب بتاعي .داه أصفر و شعره كيرلي عامل زي راس الب**كلي انا عاوزة واحد كده يبقى طول بعرض أسمراني و عنده لحية، اه اهم حاجة عاوزاها في جوزي المستقبلي هي اللحية.
رمقتها فرح بسخرية قبل أن تعلق:
-ليه فاكرة نفسك قملة هتسرحي في لحيته؟ إيه كمية السخافة اللي بتشرشر منك
دي.
لوحت لها مريم بعدم إهتمام و هي تكمل واصفة
مميزات فارس أحلامها الذي تحلم به:
-اه و عنده قصر هنا في القاهرة و شاليه في
الساحل و فيلا في إسكندرية و ياسلام لو يكون عنده بيت في لندن و إلا باريس اصلي بحب اصيف برا.
تن*دت فرح بيأس من أحلام صديقتها المستحيلة
قبل أن تشهق فجأة و هي تشير بإصبعها نحو
إحدى محلات الملابس الفاخرة التي ظهرت
أمامها فجأة هاتفة باقتراح:
-داه محل غوتشي...تعالي ندخل و نجرب حظنا
فيه مش يمكن تخ*ف زي ما حصل مع البت جورجينا مرات كريستيانو و نبقى في العلالي.
ضحكت مريم و هي تتبعها مدمدمة بسخرية:
-ما إنتي طلعتي زيي أهو أمال عاملة فيها
الآنسة واقعيه ليه؟
جذبتها فرح من يدها ثم سارت بها حتى وصلت
أمام المحل، دفعت الباب الزجاجي ثم دلفت
لتنبهرا بشدة من جماله و ترتيبه فقد كان هادئا
بشكل مريح و رائحة المعطرات تملأه ع**
الغبار و الاتربة التي تركاها في الخارج.
أسرعت الفتاتان تجوبان المكان و تشاهدان بلهفة
الفساتين المعلقة التي كانت في غاية الجمال
و الأناقة كخاصة الممثلات و الفنانات التي يرونهم
في التلفاز.
همست مريم لفرح التي لم تستطع كتم شهقتها
و هي تقرأ ذلك الرقم الكبير الذي قرأته و هي تتفقد
بطاقة الفستان.
-فيه إيه مالك فضحتينا يابنتي، إنت عاوزاهم
يطردونا؟
تمتمت فرح من جديد و هي تعيد قراءة الرقم
من جديد بعيون ذاهلة:
- عارفة يابت الفستان داه ثمنه كام؟ مئة ألف جنيه....
لوت مريم شفتيها بسخرية و هي تزيح الفستان من
يد صديقتها و تعيده مكانه قائلة بتفسير:
-داه محل غوتشي ياماما إنت فاكراها العتبة
أغلى فستان بأربعين جنيه.
جادلتها فرح بعدم إقتناع:
-بس داه كثير اوي و إيه يعني غوتشي، ماهو
فستان زيه زي كل الفساتين الثانية و إلا هو
هينظف معايا الشقة و يطبخلي الغدا داه حتى
شكله يق*ف ابيض و مخطط بالاسود عامل زي
جلد ا****ر الوحشي، لو معايا مية الف جنيه كنت
أشتريت بيهم عربية أحسنلي ..
ضحكت مريم و هي تلتفت حولها مخافة أن تسمعها
إحدى العاملات لتتوسع عيناها بانبهار و قد
لفت إنتباهها ذلك الشاب الأسمر الذي كان يقف
و يتحدث مع إحدى الفتيات، لكزت فرح في كتفها
حتى تجعلها تراه قائلة:
-بصي هناك يابت، شايفة مز المزاميز اللي
واقف مع البياعة يالهوي على جماله نسخة حية
بتمشي على رجلين بتوصف بالملي فارس أحلامي
إلي في بالي... هييييح.
لكزتها فرح حتى تخفض صوتها و هي
تنظر إلى الشخص الذي كانت مريم تشير نحوه
لتجد شابا طويلا بجسد رياضي أسمر البشرة
ملامحه لاتظهر لها جيدا لكنه كان يرتدي نظارة
سوداء و يحمل في يده عصا خاصة بالمكفوفين.
بحلقت فيه كالبلهاء و كأنها منومة مغناطيسيا
فقد كان الشاب رغم حالته الخاصة ذو هيبة
و حضور طاغيبن في المكان، افاقت من ذهولها
على صوت مريم التي نطقت بخيبة أمل:
- خسارة الحلو ميكملش بصي داه طلع أعمى
حظي و انا عارفاه يوم ما فارس أحلامي
يظهر ألاقيه مبيشوفش.
ردت عليها فرح و هي لاتزال تحت تأثير سحره
جاذبيته:
- و فيها إيه ياغ*ية و بعدين متقوليش عليه
أعمى، إسمها كفيف ياجاهلة راعي شعور الناس
و انت بتحدفي طوب من بقك.
دفعتها مريم بخفة لتحثها على التقدم عزة خطوات للأمام مقتربتان من المكان الذي كان يقف الشاب و البائعة ثم إختباتا وراء رف من الملابس المعلقة
حتى تتمكنا من سماع صوته قائلة:
-طب إخرسي خلينا نشوف هما بيتكلموا عن
إيه؟
فرح بهمس:
- الظاهر إنه بيشتري قميص، يااع
ذوقه طلع وحش اوي هو في راجل يلبس
قميص فوشيا إيه داه؟
مريم بتفكير:
-غريبة مش يمكن في إن، بصراحة انا مش مطمنة للبنت دي؟
حولت فرح بصرها نحو الفتاة التي كانت
تضحك بدلال دون سبب و هي تحدث الشاي
قائلة:
-حضرتك زبون غالي علينا اوي يا سليم بيه
و انا بنفسي اللي نقيتلك القميص الأبيض داه
زي حضرتك ما طلبت بالضبط.
همست فرح لمريم و هي تشتم الفتاة:
- يابنت النصاب، بقى ملقيتيش غير المسكين
داه تنصبي عليه داه انا هطين عيشة أهلها.
أمسكتها مريم حتى لاتتهور فهي تعلم صديقتها
جيدا لن تتوانى عن إفتعال فضيحة في هذا
المكان و لن تهتم لشيئ.
-رايحة فين يامجنونة، إنت عاوزاهم يلبسونا قضية
إحنا مالنا بيه خد قاله تعالى إشتري من المكان داه
و بعدين هو غني و معاه فلوس كثير بكرة يشتري
غيره ملناش دعوة و يلا خلينا نمشي من
هنا أنا إبتديت أخاف.
أخرجت فرح هاتفها لتبدأ بتصويرهما ثم
هتفت بت**يم و قد لمعت عيناها بالتحدي:
-ملناش دعوة إزاي داه الساكت عن الحق
يبقى شيطان أعمي و أخرس كمان و
انا بقى هوريهم ولاد
النصابة دول إنما خليتهم يقولوا حقي برقبتي
مبقاش انا فرح بنت فهيمة، بصي يابت و إتعلمي
من ستك و نقي الفستان اللي يعجبك و انا
بنفسي هخلي مدير المحل يلفهولك كادو
تف*جي بس.
مطت شفتيها و هي تنطق بآخر كلمة لتنفجر
مريم بضحك مكتوم على صديقتها المجنونة
إنتهت فرح من التصوير ثم أعطت الهاتف
لصديقتها و اوصتها ان تتمسك به جيدا
في يدها و تنتظرها هنا.
على الجانب الاخر كانت صافي فتاة المحل
تبتسم بخبث ممزوج بالسخرية معتقدة انها
سوف تخدع سليم مرة أخرى فهو في كل
مرة يأتي إلى هنا و يشتري ملابسه تقوم هي
باختيار الألوان التي لاتباع كثيرا في المحل
و تعطيها له، مثل ماحدث مع هذا القميص
ذو اللون الق**ح فالمسكين سليم طلب منها
إحضار قميص ابيض لكنها أحضرت بدلا منه
آخر باللون الوردي المشع موهمة إياه انه
نفس طلبه كما أنها زادت من سعره بضع آلاف الجنيهات حتى تحتفظ بها لنفسها، و لأن سليم
عنيد و يرفض أن يساعده اي شخص كان يرفض
دائما أن يدخل معه سائقه العم يونس و يأمره
بالبقاء خارجا في السيارة.
ناولت سليم القميص الذي أخذه و بدأ في
تحسس قماشه قبل أن يعيده لها مرة أخري
قائلا بهدوء:
-تمام انا هاخذه.
ضحكت صافي بخفوت قبل أن تمليه سعر
القميص قائلة:
- سعره ثلاثة آلاف جنيه يا سليم بيه.
مدت صافي يدها حتى تأخذ منه القميص
لكنها فوجئت بيد أخرى تعترض طريقها
و تأخذه بدلا منها و التي لم تكن سوى
فرح التي تدخلت في الوقت المناسب قائلة:
-أنا آسفة ياحبيبي عشان تأخرت عليك،
الله إيه القميص التحفة داه.
ضحكت بخفة موجهة حديثها نحو سليم
و هي تمسك بذراعه مما جعله يتوتر بشدة
فهو لايعلم مالذي يجري حوله و من هذه الفتاة
التي ظهرت فجأة مدعية انها تعرفه، تحسس
هاتفه في جيبه حتى يهاتف سائقه تحسبا لأي
مشكلة قد تعترضه لكن توقف عندما سمعها الفتاة تتحدث من جديد:
-ذوقك غريب اوي ياسليم، هو إنت عاوز القميص
داه عشان تلبسه في حفلة تنكرية بس بصراحة
هيطلع حلو اوي عليك، إنت اي حاجة بتلبسها
بتبقى عليك تجنن.
رمت القميص على صافي التي تلون وجهها
بألوان الطيف و بدأ الرعب يجتاح جسدها
مخافة ان تعلم هذه الفتاة بحقيقة ما فعلته
لم تمهلها فرح كثيرا التي تحولت نبرتها من هادئة
إلى أخرى متعودة و مهددة و هي ترشقها
بأعين تنطق بالشر:
-بقى ملقيتيش غير خطيبي تنصبي عليه
يا زبالة ياحقيرة، عاوزة تبيعيه قميص لونه
يق*ف زي وشك و كمان زايدة سعره من دماغك
عشان تلهفي الفرق، إذا كان هو إبن ناس و
سكتلك عن حقه فأنا لا، يومك مش معدي
بإذن الله عشان تحرمي تستغلي الناس ياحرامية
إنت و اللي مشغلك هنا.
إرتبك سليم من صراخها رغم انه بدأ يفهم
مالذي يجري حوله و علم ان شخصا آخر
أضيف لقائمة الناس الذين إستغلوا فقدان
بصره ليسلبوه أمواله، شعور الضعف و الخزي
إجتاحا قلبه و هل هناك أسوأ من أن يشعر الإنسان انه غير قادر على حماية نفسه من الضباع
التي تتربص به فمنذ إصابته بفقدان بصره
أصبح الجميع ينظر له كبنك متحرك يجب
الاستفادة منه رفع رأسه ناحية البائعة
التي سمعها تبكي و تعتذر عما فعلته قائلة
بنبرة متوسلة:
-أنا مش قصدي، صدقيني انا بس...
قاطعتها فرح و هي تصرخ في وجهها:
-إنت هتبسبسيلي فين مدير المخروبة دي
ناديهولي.
إنحنت صافي لتمسك بذراع سليم الأخرى
وهي تهتف بنبرة باكية:
-أرجوك ياسليم بيه سامحني أنا و الله عملت
كده عشان كنت محتاجة فلوس ثمن علاج أمي
ارجوك انا مستعدة اعمل اي حاجة بس متقولش
للمدير داه هيطردني و انا محتاجة اوي للشغل.
دفعتها فرح بعيد عن سليم و هي
تعيد حديثها بسخرية مقلدة نبرتها:
-أرجوك ياثليم بيه، و مفكرتيش في والدتك
و إنت بتنصبي على خطيبي، انا قلتلك عاوزة
مدير المكان هو فين تلاقيه مخبي نفسه بعد
ما تفضحتوا ماانتوا تلاقيوا عاملين رباطية
مع بعض و بتقسموا الأرباح، غوري ناديه
و إلا هدخل انا الاقيه بمعرفتي، يلا غوري.
صاحت بصوت أعلى لتسير صافي بخطوات
مترددة نحو
مكتب المدير هي تلتفت حولها مخافة ان
يكون أحد الزبائن قد إستمع لهذه الفضيحة
و ما إن إختفت حتى تركت فرح ذراع
سليم و هي تتمتم باعتذار:
-أنا آسفة حضرتك عشان مسكتك
من غير قصد، و كمان عشان تدخلت
بس و الله غصب مش بمزاجي أصلي
بعيد عنك أنا شخصيتي حشرية موت
طالعة لستي الله يرحمها كانوا مسميينها
في الحارة زمان طنط حشرية، كانت كلما
تلاقي خناقة في الحارة تدب و تيجي وسطها
و انا اخذت الجينات بتاعتها للأسف.، عن إذن
حضرتك.
أوقفها سليم قائلا و قد عرف انها لم تكن
تريد أن تتحدث معه اكثر حتى لا تشعره
بالعجز:
-إنت رايحة فين يا آنسة مش كنتي عاوزة تكلمي
المدير.
ردت عليه فرح بهدوء:
- مبقاش في داعي انا بس كنت
بخوف البنت عشان تتربى اكيد مش هكون
السبب و اقطع عيشها رغم إنها تستاهل عشان
عملتها السوداء دي، على العموم لما ييجي
قله أي حاجة هما اكيد مش عاوزين يعملوا شوشرة
في المكان.
لا ينكر سليم كمية الراحة التي شعر بها فجأة
بوجود هذه الفتاة الغريبة بجواره رغم انه
يقا**ها لأول مرة في حياته إلا أن شيئا بداخله
كان يتمنى لو أنها تبق معه طوال حياته
ليوقفها من جديد مقترحا:
-لا خليكي عشان تختاريلي القميص الأبيض
اللي انا كنت عاوزه مش يمكن يجبولي لون ثاني
مش حلو.
إبتسم لها باقتضاب و هو لا يعرف كيف
تفوه بهذه الحماقات لكن كل ما كان يريده
هو أن تظل قليلا معه و ما جعله يندهش
هو أنها أجابته .
-طب ممكن أنده لصاحبتي مريم أصلها واقفة هناك عشان كانت خايفة تتدخل، قالت إن مالهاش
دعوة.
سليم بارتباك:
-أيوا طبعا بس انا... يعني...
ممكن اعرف إنت إسمك إيه؟
فرح بضحك:
-محسوبتك فرح عبدالله، خريجة لغة
انجليزية و كنت بدور على شغل في المحل
بس الظاهر إن مفيش نصيب.
أخفض سليم رأسه و هو يضحك بخفوت
قبل أن يعلق:
- يعني افهم من كلامك إن أنا السبب
و في الحالة دي لازم أعوضك.
أشارت فرح نحو صديقتها مريم لتأتي ناحيتهما
لكن ما إن سمعت كلام سليم حتى
شهقت بدهشة لتندفع مبررة له بعد أن ظنت
أنه يتكلم بجدية:
-لا طبعا انا مش قصدي و الله إحنا
بس، أقصد انا و مريم سمعنا كلامك إنت
و البت البياعة أقصد السيلر،
بس طبعا مكناش نقصد نتسمع عليكوا
لكن أنا زي ما قلتلك بنت حشرية زي
جدتي و لما عرفت إنها عاوزة تبيعك قميص
شعبان عبد الرحيم حبيت أتدخل.
قاطعتهم مريم التي وصلت للتو و حيتهم
قائلة:
- أهلا....
أومأ لها سليم بالإيجاب و كأن سيجيبها
لكنه سمع فرح تهمس له:
-حضرتك هما جايين، ممكن تسيبيني أتصرف
معاهم اصل الحكاية عجبتني اوي و عاوزة
أعيش الدور.
أجابها سليم الذي لم يستطع امساك نفسه
عن الضحك:
- تمام.... إعملي اللي إنت عايزاه اصلا هما
يستاهلوا أي حاجة تعمليها فيهم.
كان سليم متفاجئ من نفسه كيف
إستطاعت هذه الفتاة جعله يضحك
بعد سنوات من الحزن و الوحدة.
كجنية ألقت عليه تعويذة السعادة لتجعله
يتمنى لو تطول هذه اللحظات بل و أن لا تنتهي
ابدا.
جاء المدير و هو يصرخ و يعربد على تلك
المسكينة صافي مما جعل فرح تستشيط غيضا
فهي كانت متأكدة من أنه يمثل أنه لا
يعلم بافعالها و إستغلالها للزبائن و أنه
يفعل ذلك فقط لكي يبرئ نفسه و إن لزم
الأمر سوف يضحي بصافي و يرميها خارجا
فهي ليست سوى كبش فداء لا أهمية لها.
وصل نحوهم لهمهم بصوت منخفض معتذرا
و هو يرسم على وجهه إبتسامة سمجة:
-سليم بيه حضرتك منور المحل يا فندم.
لوت فرح شفتيها باشمئزاز منه لكن مريم
لكزتها قبل أن تجذبها حتى تهمس لها:
-داه بيقله يا سليم بيه، داه طلع شخصية
مهمة اوي و مش بعيد يكون عنده شركات
و مصانع في أنحاء الشرق الأوسط زي
أبطال الروايات.
أجابتها فرح و هي تكز على أسنانها:
-ممكن تسكتي خليني اشوف باقي الحكاية.
صافحه سليم الذي إرتسمت على وجهه
ملامح الغضب فهو أيضا كان متأكد من
أن مدير المحل مشاركا معها في هذه الجريمة
التي وقعت بحقه ليتحدث بصوت حازم :
-أكيد عرفت اللي حصل، و انا متأكد إنها
مش اول مرة أنا زبون دائم عندكوا و كل لبسي
بشتريه من هنا و لحد دلوقتي مش عارف
أنا إشتريت إيه؟ الظاهر إني طول السنتين
اللي فاتوا كنت بلبس على ذوقكوا.
تدخلت فرح مضيفة و هي تمثل الاهتمام
الزائف ببراعة لا تدري من أين جاءتها:
-أيوا فعلا أنا الفترة اللي فاتت لاحظت
إن ستايل لبسك متغير اوي و دولابك مليان
قمصان ملونة و حاجات غريبة اوي.
نظر نحوها المدير يرمقها باستفهام
لتجيبه فرح بعد أن فهمت مغزى نظراته:
-أنا فرح خطيبة سليم بيه.
شحب لون المدير و رفع يده حتى
يرخي ربطة عنقه بعد أن شعر بالاختناق
موقنا بأن هناك مصيبة في الطريق
سارع ليمد يده نحو فرح حتى يسلم عليها
لكنها رفضت قائلة باعتذار واه:
-حضرتك اسفة، مبسلمش على رجالة
إنت مش شايف الحجاب اللي أنا لابساه.
لا ينكر سليم إعجابه بها الذي تضاعف
بعد أن علم أنها محجبة مقرا في داخله
بأنها أغرب فتاة يتعرف عليها في حياته.
أومأ لها المدير و هو يعتذر من جديد
محاولا إظهار نفسه بأنه ملاك موجها
حديثه نحو سليم:
-أنا أسف حضرتك أنا معرفش إزاي داه
حصل بس اكيد في سوء تفاهم و انا مستعد
أنفذ كل اللي إنت عايزه، إحنا محلنا
محترم و بيقدر اوي زباينه خصوصا المميزين
زي حضرتك يا سليم بيه.
رفعت فرح حاجبيها مستغربة من وقاحته
لتهتف بصوت عال قليلا حتى تثير إرتباكه
أكثر:
-اه فعلا محترم أوي لدرجة إنه الزبون يطلب
لون و قياس معين يجيه حاجة ثانية، سليم
خطيبي...
تحدثت مسترسلة و هي تشير بسبابتها لنفسها بغرور مصطنع:
أنا طلب من الآنسة اللي وراك دي قميص
أبيض فجبتله واحد فوشيا وكانت
بتضحك و هي بتصبله، مستمتعة أوي و هي
بتخدعه عشان هو كفيف و مش قادر
يشوفها، بس لا مش كل مرة هتعرفوا
تفلتوا بعملتكوا و انا..
توقفت قليلا و هي تأخذ الهاتف من يد
صديقتها مريم قبل أن تضيف من جديد
بنبرة أكثر حدة و هي تشغل ذلك الفيديو
الذي قامت بتصويره منذ قليل:
-بص حضرتك انا موثقة كل اللي حصل
صوت و صورة، تفضل شوف بنفسك و لو
النظر بقي على قده طلع النظارة و انا هستناك
أصلي فاضية النهاردة و معنديش حاجة اعملها
بص، و تأكد كويس مش داه هو نفسه المحل
المحترم بتاعكوا و دي السيلر الحلوة و هي
بتنصب على سليم بيه؟
كانت مريم تخفي ضحكتها و هي تتفرس
وجه المدير الذي تعرق و إحمر من شدة
رعبه بينما كانت صافي تبكي دون
توقف، تجزم أنها لو لم تكن تعرف فرح من
قبل لكانت خدعت فيها هي أيضا فصديقتها
بدت مقنعة جدا في آدائها و هي تلعب دور
الفتاة الغنية خطيبة رجل الأعمال الثري.