"موعدنا لم يكن الليلة بل غداً في التاسعة مساء ، في الفندق ذاته.."نيرمين محدثة رنيم التي اكتشفت لتوها ان ذلك الرجل المريب كان ايضاً لعوباً ، واصلت حديثها " أعلم انكِ تكرهينه لكنني اريد ان اواعده ،لا اريد ان اندم لاحقاً من انني فوت على نفسي فرصة حياة جيدة" ، رنيم ردت بدورها
" عن أي حياة جيدة تتحدثين هل تعلمين ما يقال عن شركة عائلته و طرقها الملتوية للتهرب من مسؤولياتها تجاه الضرائب تارة و تجاه حقوق الموظفين تارة اخرى؟ دعيني اخبركِ ، انهم اشبه بلصوص شرعيين . كما ان الرجل نفسه مخيف و اسلوبه منفر مما يجعلني استنفر لحمايتكِ منه"
نيرمين متحججة " ماذا لو كنتِ مخطئة بشأنه؟ ماذا لو كان في الحقيقة شخصاً جيداً؟"
رنيم " انا اتكلم عن خبرتي كمعالجة نفسية قضت عامين تتعامل مع اشخاص مجرمين كأمثاله "
نيرمين و قد حسمت امرها "لا يهمني. انتِ لا تعلمين مقدار الضغوط التي امر بها .. انا فقط. اسفة لكن اريدك فقط ان تدعيني و شأني رجاء "
بذلك انتهى الحوار بنتائج عقيمة، كانت رنيم قد اتصلت بنيرمين فور مغادرتها مكان لقاء فادي ، وارادت مقابلتها على وجه الضرورة . في قلب رنيم كان خوف على تلك الفتاة التي كانت تبدو و كأنها قطعة من شجرة تنجرف نحو شلال عتي لن يرحمها .
بعينيها البريئتين منذ اول يوم رأتها علمت ان الفتاة كانت في المكان الخطأ، عندما سألت رنيم نيرمين لماذا تعمل كنادلة معرضة نفسها للتحرشات و المضايقات .
اجابت ان لا وظيفة تدفع لها نفس المقدار و هي كانت بحاجة ماسة لتلك النقود.
شعور بالاسف هو ما جعل رنيم تتصرف كأم لها ، رغم انه لم يكن هنالك فارق عمر بينهما .
لم تخبرها ماحدث في تلك الليلة مع فادي .. لكنها حاولت ثنيها عن مواعدته دون جدوى ، مع ذلك لم تكن لتستسلم و تدع ذلك الشخص الدنيء الذي كانه فادي يفترس ضحيته و هي تشاهد دون ان توقفه .
في اليوم التالي كانت تقف وراء عمود آخر في نفس المكان الذي وقفته في البارحة داخل ردهة الفندق . حرصت ان لا يتعرف عليها فادي هذه المرة، و اخذت تراقب الاثنين و هما يقضيان امسيتهما في جو رومانسي واضح.
ارادت المغادرة للحظة و هي تخجل من تصرفاتها التي لم تكن عادة تتخذها في حياتها العادية . لكنها بقت و بررت ان الظروف الاستثنائية تتطلب اجراءات استثنائية ايضاً.
انتهيا الاثنين من العشاء و توجها نحو بار الفندق ، رنيم كمحجبة لم تتمكن من الدخول دون ان تلفت انظار الاخرين لذلك ظلت تعدو ذهابا و ايابا من امام المكان تتطلع من الباب الزجاجي على فادي و نيرمين دون ملل.
كان الرجل يحاول تخدير حواس نيرمين بتقديم اكواب الخمر لها بنية واضحة و هي استغلالها لاحقا عندما تصبح سكرى، و الفتاة بدت كما لو انها مغيبة ال*قل تحت تأثير تعويذة ما ،لا تقاوم و تجاريه .
بعد ساعات قليلة، كانت نيرمين تتخبط و تعاني لتبقى مستيقظة بينما بقاءها متوازنة كان قد اصبح مهمة شاقة ، فأسندها فادي إليه و اخذها متجهاً نحو المصعد . تماما كما كانت قد توقعت رنيم ، لذلك حين فتح المصعد قفزت رنيم تتكلم امام من كانوا على المصعد " مالذي تحاول فعله مع صديقتي!! دعها فوراً!"
نظر اليه من كان في المصعد بنظرات ادانة ببنما قفزت رنيم دون ان تضيع اي وقت لتسحب الفتاة منه و تشدها نحوها .
نظر نحوها بنظرات غضب لم يملك الا ان يكتمها امام اولئك الناس ، و هي بدورها رمقته بنظرات كره و احتقار ، ثم اخذت تجر نيرمين مبتعدتين عنه و متجهتين الى الردهة مجدداً .
تكلم الرجل بعد ان قفز امامها موقفا اياها " مالذي تظنين نفسكِ لتتدخلي ؟ لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ و الا سأجعلكِ تندمين "
تكلمت رنيم بحدة " ابتعد عن طريقي ، نحن في مكان عام و انت لا تستطيع فعل شيء"
هو بنبرة متعالية " انتِ حقاً غ*ية ! "
نظرت اليه رنيم بغضب فقال " لقد سكرت و هي تعلم انني ساستغلها ، أليست هذه موافقة ص**حة منها لي؟!"
ارتبكت رنيم حيث انها لم تفكر بالامر من تلك الناحية لكنها اختارت ان تدعه وراءها و تأخذ الفتاة معها الى شقتها كي تستعيد وعيها اولا قبل ان توصلها الى بيتها.
اعتذرت نيرمين و اخذت تبكي و هي تشرح انها تهورت و انها تشعر بالخزي ، فمهما كانت حاجتها للمال لم يكن يجب ان تتصرف كأمرأة سهلة .
ربتت عليها رنيم و اخذت تستمع الى قصة الفتاة المسكينة . كانت بعد وفاة امها المسؤولة عن اعالة عائلتها. لم يكن لها الا اخوها الاكبر متعاط يعنفها طوال الوقت لاخذ المال منها، و اختها الاصغر التي لا تزال في المدرسة.
كان فظا و قاس معها و دائما ما يفتعل المشاكل مطالبا اياها بأن تعطيه مزيدا من النقود .و ما كان يزيد الطين بلة ، هو انه كان يريدها ان تعطيه مالا لشراء م**راته ، ناعتا اياها بالعاهره، لا يساوم او يتفاهم حتى جعلها تفكر في بيع نفسها في حالة الضعف التي كانت فيها جراء ضغطه المتواصل لها و ابتزازها بأنه سيخرج اختها من المدرسة فقط لتجمع له مزيدا من المال.
احست رنيم بالحزن و قررت مساعدة نيرمين بأن اخبرتها انها ستدلها هي و اختها على جمعية نسوية تستطيع اللجوء اليها لمساعدتها على التخلص من اخيها المسيء.
في اليوم التالي ذهبت معها الى الجمعية و نظرت الى نيرمين التي اشرقت بأمل حياة جديدة فشعرت بالسعادة .
لاحقا غادرت نيرمين و اختها و لجأتا الى مكان غير معروف حيث قررت فيه الفتاة ان تعمل عملا يوفر لها الاحترام و الشعور بالمكانة رغم الدخل الاقل ، و كانت ممتنة لرنيم انها انقذتها من الضياع.
بعد اسبوع على ذلك ، كانت رنيم ستذهب الى المنزل بمفردها كون سمر كانت مشغولة بموعد اخر، فلم تستطع ايصالها .
مشت رنيم و هي تشعر بشخص يتبعها خلال الشارع الخال، فألتفتت لتجده فادي .
سرت قشعريرة فيها و هي تتنبه انه و لابد كان يتتبعها . توقفت لتواجهه و قد حاولت ان لا تبدي خوفها.
تكلم الرجل بابتسامه مغرورة " أليس الأأمن لكِ ان تهربي!"
فردت " انت لا تخيفني بسلوكك هذا ، مالذي اتى بك ؟ هل لا زلت تشعر بالمرارة لفقدانك نيرمين؟"
حاولت استفزازه فلم تنجح ، رد قائلا و هو لا يزال يقترب منها دون توقف " دعكِ منها ، لقد اتيت لاجلكِ .. ألستِ المعجبة السرية بي التي تغار عليّ من كل نساء الارض؟" توقف بعد ان اصبح يقف امامها مباشرة و يبدو كعملاق امامها.
علت وجهها نصف ابتسامة ساخرة و ردت بنفس اسلوبه " بل انا معالجة نفسية انت في حاجة ماسة اليها "
بنبرة لعوب اجاب " أحقاً؟"
كانت رنيم تحاول جاهدة ان تخفي خوفها من ذلك اللقاء في ذلك الزمان و المكان و بنفس الوقت تحاول ايجاد طريقا امنا للفرار منه فأجابت " لا احد سيكون افضل مني !"
هو " انتِ تثيرينني بثقتكِ ، انا حالياً اقاوم بصعوبة ان لا اقبلكِ و اختطفكِ معي"
كان يتكلم كما لو ان الامر عادي للغاية بينما رنيم شعرت بأنها في مأزق.
©ManarMohammed