فرولاتي ?
. . . . . . . . . . .
حل منتصف الليل و المسمرّ لم يزره النوم منذ العاشرة
و رغم تعب السفر و الطائرة إلا أنه لم يتمكن من اقفال جفنيه براحة فكلما فعل تنسج مخيلته تخيلات موحشة و أولها سماع خبر موت والده و انهياره هو و والدته ناحبين أمام جثته
كلما حاول التخلص منها تستمر في الظهور لذا فرق جفنيه يظهر مقلتيه العشبية ينظر في سقف غرفته المظلم و يتن*د بأسى بين الحين و الآخر
بعد دقائق من تأمل الفراغ استقام من استلقاءه و جلس على طرف سريره ببطئ فأمه النائمة بجانبه نومها خفيف و استشعارها لأي حركة خفيفة أمامها كفيل بجعلها تستيقظ
عاود التن*د بينما يداه تسللت لخصلاته تمسدها للوراء بقوة محاولا اسكات ضجيج رأسه لكن لا حياة لمن تنادي فهو يزداد اكثر
انتفض جسده قليلا بفزع مع شهقة صغيرة غادرت ثغره بعد احساسه بيد على ظهره
و بعد أن استوعب أنها خاصة أمه هدء جسده و استرخى قليلا عندما شرعت بالمسح على ظهره بباطن كفها
" بني منذ مدة و أنا أستمع إلى تنهيداتك هل كل شيء بخير ؟ "
نبرتها كانت قلقة بعض الشيء و تاي استطاع أن يشعر بها بين طيات كلامها لذا استدار نحوها ليطمئنها
كانت تستند على مرفقها الأيمن ليحمل تاي يدها اليسرى التي كانت متموضعة على ظهره يقبل باطنها قبلات متتالية ثم يمسكها بين خاصته باحكام و يجيبها مطمئنا اياها
" كل شيء بخير أمي فقط شعرت بالعطش أكملي نومكِ و أنا سأشرب بعض المياه في المطبخ و أعود لكِ "
" حسنا بني " أجابته لتمسد له خصلاته البندقية قليلا ثم تبعد يدها و تستلقي مجددا تحاول النوم من جديد
بينما تاي عند رؤيته لعيني والدته المغمضة نهض من مكانه و خرج من الغرفة باتجاه المطبخ لشرب القليل من المياه و ازالة عطشه و ترطيب شفتيه المشققة لجفافها
خطوة تليها اخرى ببطئ و وصل إلى المطبخ
فتح الثلاجة لتنير الظلام الدامس المحيط بالمطبخ بضوئها الداخلي ، أخذ احدى الزجاجات المملوءة بالمياه ليغادر بها المطبخ بعد أن أغلق باب الأخيرة وعادت الظلمة من جديد
هو كان بصدد العودة إلى سريره و محاولة النوم مجددا لكنه شعر بالإنزعاج و التوتر لذا غير وجهته من غرفة نومه إلى الصالة فلا يريد ازعاج أمه يكفي أنها أفرغت كامل قواها بالبكاء على أبيه قبل ساعات
شغل الإنارة البرتقالية الخافتة و ترك البيضاء الساطعة مطفاة لكي لا تألمه عيناه التي اعتادت على السواد
قطرات المياه تتدفق داخل ثغره جرعة بعد أخرى إلى أن اكتفى منها و شعر بزوال عطشه فأغلق العبوة و وضعها على المنضدة و بقي يتأمل الأثاث بشرود
يريد نزع الشعور المزعج الذي يتغلغل داخله ، يشعره بالكآبة و العجز و الأسى ، يود أن يتخلص منه و يرتاح لكنه لا يعلم كيف يفعل هذا
شخص لا يبكي لن يخرج هذا الكم من الضغط و سيبقى يشعر به إلى أن ينهار
تايهيونغ لا يشعر حتى بالرغبة بالبكاء ليكبته فيبدو فارغ المشاعر لكنه يحمل داخله ما لم يستطع حمله أحد آخر
قاطع شروده صوت جرس الباب لينهض مستغربا يرى من هذا الذي يقدم الى بيتهم في هذا الوقت المتأخر
و ما إن رأى وجه جيمين من شاشة الكاميرا المراقبة لعتبة بوابة الدخول فتحه مسرعا
" جيمين ! "
بنبرة مستغربة نادى تاي الآخر الذي كان يركز نظره في حديقة البيت الأمامية
و فورما سمع جيمين نبرة صديقه التفت نحوه و بسرعة تقدم منه يحاوط منكبيه بساعديه و يضمه في عناق شبه ضيق
تاي لايزال متفاجآ من قدوم الآخر عنوة لكنه بادله العناق واضعا كلا كفيه على ظهر جيمين يمسده قليلا
" تاي ما هذه الضجة بني ؟ "
صوت أمه الهادئ ورائهما جعلهما يفصلان العناق الذي استمر لثواني معدودة فقط و يستديرا ناحيتها
لم يقل تفاجأها بقدوم جيمين أقل من تاي فحملت ملامحها نظرة الإستغراب لكن استغرابها لم يمنع ظهور ابتسامتها الواسعة و الترحيب به يسرور
" جيمين عزيزي مرحبا بك ، تفضل للداخل "
. . . . . . .
خصلاته السوداء مرفوعة للأعلى لتُظهر ف*نة عيناه و جبينه المبيض كحال باقي بشرته
بطقمه النبيذي يجلس برجولة طائغة على أحدى أرائكه الجلدية السوداء
الموضوعة في قبوه السفلي
و يناظر حجرته التي تغيرت بعد إضافة المقصلة
المقصلة التي عندما أضافها شعر بالراحة كون أسلحته اكتملت
فها هي الحجرة تمتلك شتى الأسلحة
بالقاتلة و المعذبة ..
مختلفة الأحجام والأوزان ..
لتبدو بين مقاتيه الكحلية مكتملة و مثالية و لمعان ألماس المقصلة لم يزدها سوى لمعانا و غِنًا
و ما إن حطت أنظاره عليها ، ابتسم
" أتساءل من أول شخص سيفقد رأسه واسطتها ، أو أتركها للزينة لكي لا تتلطخ بدماء أحدهم و تصبح نجسة ؟"
تساءل بينه و بين نفسه بينما يضم يديه ببعضها و التي يلقيها باهمال بين سيقانه المفرقة
هو أعجبه كونه أخذ ما يريد بعد معاناته و عروضه المستمرة و المغرية من أجل **ب كتلة المعادن المقابلة له
لكن شعور طفيف غير مريح تغلغل إلى أوردته يشعره بالسوء لأخذها
خاصة دون علم صاحبها و صانعها بأنامله المبدعة
فجونكوك الأعلم بأهمية المقصلة و تقدير تاي الكبير لها
و التي في سبيل الإحتفاظ بها رفض ملايين الدولارات و الخدمات التي تمكنه من عيش حياته لسنوات دون عمل
لوهلة أراد الإتصال بتايهيونغ و اخباره بفعلته قبل علمه بمفرده عند تفقده لمحله بعد أن يعود
و كان بصدد فعل ذلك لكنه منع نفسه و أعاد تخبأة هاتفه في جيبه القماشي
" لن تضعف أمام أحد جونكوك حتى لو كان ذو مكانة لد*ك ، لا تضعف! "
شرع يأمر نفسه بصوته الهامس لتقوية ذاته بينما يداه تمردتا صاعدتان لوجنتيه تصفعانها بخفة طاردا مع كل صفعة أفكارا تجعل منه متذللا و تنقص من قيمته
رنين هاتفه المعلن عن اتصال وارد قاطع كفيه عن صفع وجنتيه لينزلها من على وجهه مسرعا
حمل هاتفه مجددا ليقرأ اسم المتصل ثم يتن*د
لوهلة شعر بالضعف فورما ظن أن تاي من اتصل بعد اكتشافه اختفاء الألماسية
نظر مطولا ناحية شاشة هاتفه ليتأفف بخفة ثم يجيب
هو فضل عدم الإجابة بالفعل لكنه فعل و أجاب ليشبع فضوله حول ما يريده منه أ**ل في هذا الوقت
" ماذا هناك أ**ل ؟ "
كان باد الإنزعاج من خلال نبرة صوته الخشنة لكن أ**ل لم يهتم قطعا لهذا و أجابه باعتيادية
" متى ستنفذ ما اتفقنا عليه ؟ "
دعك جونكوك المنطقة التي بين حاجبيه اللذان تقطبا بغضب ، هذا الرجل حقا يستفزه دون أدنى سبب !
فقط صدور حرف من بين شفتيه تشعل نيرانا داخل الفحمي
هو لا يطيقه بمعنى الكلمة
تن*د بقلة حيلة ليجيبه
" لا أعلم لكن يبدو لي أن غدا مساءً جيدا لأني سأكون متفرغ "
" توقيت جيد جدا جونكوك ، فقط عذبه قدر المستطاع و ..."
" و ؟ "
" و خذ وقتك في ت***به ، اجعله يتوسل لكي تقتله و اسلب روحه من جسده حين يفقد أمل موته على يد*ك "
و قطع الإتصال من قبل أ**ل
أبعد جونكوك هاتفه من على أذنه يناظره باستغراب ثم يتمتم بين شفتيه
" ما الذي ينوي عليه يا ترى هذا الأ**ل الغريب !"
اليوم التالي برلين ١:٠٠ صباحا
كفيه داخل جيبي بنطاله الأ**د الأمامية و صوت كعب حذاءه الرسمي الأ**د يض*ب أرضية القبو الملساء ليص*ر ضجيج يعكر **ت المكان
بخطوات متباعدة وصل حيث الحجرة المفضلة لديه بين حجرات هذا الرواق
فتح بابها الخشبي القاتم بامساكه لذلك المقبض الذهبي بعدها دلف للداخل
بعد إغلاقه للباب جلس على أريكته المنفردة المفضلة لديه في الجلوس و بقي ينتظر تقدم هاري منه
صوت خطوات متقدمة منه يصبح أقوى و أقوى و هو يقترب حتى انعدم بعد وصوله خلفه
وقف هاري وراءه كالعادة ليتلو هلى سيده ما حدث في غيابه
" لقد أحضرنا سباستيان أرماند سيدي "
نطق هاري بنبرته الثابتة المحترمة لمن هو جالس بالأريكة المحاذية له و الذي يناظره من الجانب بعينيه الحادة
" هل قمتم بتفتيش ثيابه ، شعره ... جسده ؟ تفتيش شامل ؟ "
بنبرته الحادة سأل حارسه الشخصي و مسانده في جميع أعماله
هو يريد من كل شيء أن يكون مثالي حتى لا تتاح فرصة الإطاحة به
فهو قاتل قد زهق مئات الأرواح و كلٌ شخص محب و متعلق بأحدها يود الإنتقام منه و قطع رأسه و تعليقه على بوابة المقبرة
لذلك وجب عليه الحذر
لا يريد وجود أي ثغرة في عمله الغير قانوني تتيح لأ**ل و أعداءه فرصة خداعه و صنع مكائد تقضي عليه
" نعم سيدي ، قاموا باستبدال ملابسه لأخرى لكي لا يغيب عنهم جزء منها في التفتيش و شعره قد حلق كله في حال وضعوا جهاز تغقب بين خصلاته
أما جسده فقد عرضوه لجهاز المسح و الرجال في طريقهم لإحضاره الآن "
أومأ جونكوك و همهم برضى ، يظن أن هذا كافٍ لتأمين نفسه من شر و مكائد أعداءه
و بعد أن اقتنع بعدم وجود أي متعقب انزاح عنه شعور القلق و الخوف من اكتشاف أحد لمكان حجرته السري
بعد انتظار بضع دقائق دوى صوت اصطدام الباب بالحائط يليها دخول مجموعة من حراس جونكوك
حارسين منهم يحكمان القبض على منكبي سباستيان الأصلع يجرانه عل الأرضية الملساء
و باقي الحراس يتقدمون خلفهما احتياطا ، فإن حاول الهروب يسدون طريقه فورا و يعيدون القبض عليه
أركعوا سباستيان أمام رئيسهم بالإجبار يحنوه احتراما له لكن هذا لم يمنعه من رفع رأسه و النظر لجونكوك بحقد
و بعد ملاحظة جونكوك له بملامحه تلك و شعره المحلوق قهقه بصوت عالٍ يسخر منه
" اوه سباستيان أين شعرك الأشقر أنا لا أراه ؟ "
فور سماع سباستيان لذلك الكلام الساخر قهقه هو الآخر
جونكوك زم فمه فور التقاط أذنه صوت ضحك الجاثي أمامه
ليبقى مناظرا له بفراغ
" الشعر ينمو مجددا لكن فقدان سنوات من عمرك لا تجدد جونكوك "
ما الذي يقصده الآن ؟
لكن هذا لم يهمه في هذه اللحظة بل همه الوحيد هو ت***به لتطاوله في الكلام معه
لقد أجاد استفزازه بجدارة
نهض جونكوك من الأريكة يقترب من الجاثي على ركبيته حتى أصبح لا يبعد عنه سوى بسنتمترات قليلة و وقف أمامه
و فجأة سقط سباستيان أرضا جراء تلقيه ركلة في بطنه من ساق جونكوك
" ما الذي تقصده يا هذا ؟ هاه ؟ هل تستخف بي يا نكرة ؟! "
لم يجبه سباستيان بل رفع رأسه ينظر للواقف أمامه و يبتسم بسخرية يستفز الآخر مجددا
" ا****ة ! خذوه و ارموه في الماء الساخن بسرعة "
أمر جونكوك بصراخ ، دمه يغلي الآن و وجهه محمر بغضب
حملوه رجاله بسرعة يدخلونه في الماء الساخن و يخرجونه بعد مرور مدة لا تفوق الدقيقتين بامساكه لقدميه
" توقفوا "
أوقفهم جونكوك بعد عشرين دقيقة قد خاض بها سباستيان العديد من جولات الإختناق ليحضروه بعدها
كان منظره مزر حيث جسده يمتلئ بالحروق و الإرهاق باد على ملامحه كونه حبس أنفاسه و فقدها لمدة طويلة
لكن جونكوك لم يشفق على حاله و لو قليلا
أصلا هو معتاد على الت***ب و القتل
نهض مجددا من مكانه يحضر أحد سكاكينه ينوي تمزيق جلده المحروق لكي يذوق ألم لا يحتمل مقابل استفزازه لمن أمامه
كان بصدد ادخاله داخل أحد حروقه البليغة في ذراعه اليسرى لكنه قوطع بسبب خطوات راكضة تقترب
جونكوك استغرب هذه الأصوات و شعور الخوف تسلل داخله
فور سماعه صوت الشرطة و جنود أمن الدولة يتكلمون أمام بابه فزع و جسده كله تجمد
لم يستطع الهرب ، الوقت كان ضيقا كفاية ليداهم الجنود المكان و جونكوك لم يتزحزح من مكانه
لم يقم بأي حركة ينجي بها نفسه
و الآن استطاع فهم كلام الآخر
حقا عمره الذي سيقضيه في السجن لن يتجدد !
شرعوا بامساك جنوده واحدا واحدا حتى تقدم جنرال هذه الوحدة من جونكوك يلقي أوامره أمامه
بينما بندقية التقنيص التي كانت بين يدي الجنرال يوجهها نحو رأس جونكوك الذي أسقط السكينة التي بين يداه
و رفع يديه مستسلما أمام من يقف قبالته
" ألقوا القبض عليه و خذوه لمركز الشرطة الفدرالية "
أصبحت رؤيته ضبابية بعد أن ض*به أحد الجنود على م***ة رأسه
و لم يلحظ قبل فقدانه الوعي سوى عيني سباستيان المبتسمة بانتصار !
. . . . . . . . . . . .