انتشلت هزان يدها من يده بقوة و قالت" فلتحترم نفسك إذا..و الآن..هيا..اخرج من
أرضي" نظر إليها ياغيز للحظات ثم قال" تمام..سأذهب..لكن تأكدي..أنني سأسر و
أفرح بشدة عندما أجعلك تتذللين و تتوسلين لكي لا أفتك منك هذه الأرض" قالت
بثقة" ذلك سيكون في أحلامك فقط يا هذا" ابتسم و قال" ياغيز إيجمان" ثبتت
عينيها قبالة عينيه و قالت بتحد" شيطان إيجمان..لن أقول أنني سررت
بمعرفتك..هيا..اذهب من هنا" تحرك ياغيز مبتعدا من أمامها و عندما وصل إلى
سيارته..فتح الباب..ثم التفت إليها و قال بصوت عال" أنتظرك بعد يومين لكي
تدفعي القسط الأول من قيمة الرهن" و ركب سيارته و انطلق بها مسرعا..بقيت
هزان تتابع ابتعاده للحظات ثم أخذت هاتفها من جيبها و اتصلت بالمحامي سليم و
قالت" مرحبا عم سليم " قال" مرحبا ابنتي هزان..هل أنت بخير؟" تن*دت هزان
بعمق و قالت" .لست بخير..هل كنت تعلم أن والدي رهن الأرض لذلك
المدعو ياغيز إيجمان؟" أجاب" نعم..كنت أعلم بذلك..لقد اضطر أن يرهنها لكي
يتجاوز الأزمة المالية الخانقة التي كان يمر بها..كان يأمل أن يستطيع فك الرهن
بأسرع وقت..لكن الموت سبقه" قالت" و مالحل الآن عم سليم ؟" قال" يجب أن
تسددي قيمة الرهن لكي تستطيعي إستعادة الأرض..لكن يجب أن تتوقعي أن يزيد
المبلغ بحكم مرور الوقت" قالت بصوت مختنق" نعم..أتوقع ذلك..سأفعل ما
بوسعي لكي أفك الرهن" قال" أنا أثق بك مثلما كان يفعل أبوك..لا تستسلمي..و أنا
سأساعدك" قالت" شكرا عم سليم..إلى اللقاء" و أنهت المكالمة..واصلت هزان
العمل في الأرض إلى أن حل الظلام و عادت إلى المنزل..اعترضتها قريبة أمهم
السيدة أمينة التي كانت في نفس الوقت زوجة بهجت رئيس العمال..و قالت" لقد
تأخرتي يا ابنتي" ابتسمت و هي تمسح آثار الطين عن حذاءها و قالت" أعلم
ذلك..سأضطر لقضاء وقت أكثر في الأرض..لقد تخلى العمال عني..لم يبقى سوانا
أنا و زوجك العم بهجت" ربتت المرأة على كتفها و قالت" نحن معك يا ابنتي..إنها
أزمة و ستمر..أنا واثقة من ذلك" هزت هزان رأسها ثم نزعت حذاءها و دخلت إلى
غرفتها..في قصره..جلس ياغيز يشرب قهوته و هو يراجع أوراق رهن
الأرض..تراءت صورة هزان أمام عينيه..إنها فتاة قروية مستفزة..زادت ثقتها
بنفسها من كرهه لها..إنه يكرهها كما يكره كل النساء..يحتقرهن..يعتبرهن عبئا و
.. عائقا..و يبدو أن حياته ستكون مثيرة و هو يعذب تلك الفتاة القروية المتمرّدة..تحت مياه الحمام الدافئة..أغمضت هزان عينيها و تذكرت وجه والدها ..عاتبته كثيرا
على عدم اخبارها بما يمر به..على عدم ثقته بها..رغم أنه كان دائما يخبرها بأنه يثق
بها و يعتمد عليها و لم يحزن أبدا لأنه لم ينجب أولادا..بل كان يكتفي بها و
بأختها..تذكرت هزان وجه ياغيز ففتحت عينيها و هي تكاد تتميز غيضا و غضبا..أنهت
حمامها و خرجت ..جلست على الطاولة مع أختها لتتناولا العشاء..سألت" كيف حال
الدراسة أوفاجيك؟" ابتسمت إيجه و أجابت" جيدة أبلا..لكن" نظرت إليها هزان و
قالت" لكن ماذا؟ هل هنالك مشكلة؟" عبست إيجه و قالت" أبلا..أنا أعتقد أنك
بحاجة إلي..يجب أن أساعدك في الأرض..سأترك المعهد و الدراسة" ضربت هزان
بيدها على الطاولة و صاحت" نيديوسون سان؟ إيجه..ماذا تقولين ؟ هل جننتي؟
أنت لن تتركي الدراسة أبدا..ستتحصلين على البكالوريا و ستختارين اختصاصا و
تدرسين في الجامعة..هل هذا واضح؟" نظرت إليها إيجه بعيون دامعة و قالت" لكننا
في ضائقة مالية..و العمال تخلوا عنا..و الأرض ستصبح قاحلة..هذا ليس عدلا يا
أختي" وقفت هزان و اقتربت من أختها و عانقتها و هي تقول" أنا سعيدة لأنك
كبرتي و صرتي تريدين أن تشاركيني المسؤولية..لكن..لا تقلقي جنم..لقد اتفقت
مع صاحب الرهن أن يقسط لي المبلغ..لن أتخلى عن هذه الأرض و لو دفعت
حياتي ثمنا لذلك" قالت إيجه" أنا أثق بك يا أختي..اسمحي لي أن أساعدك في أيام
العطلة..لوتفا" ابتسمت و قبلتها على خدها و قالت" تمام جنم..لكنك لن تهملي
دراستك أبدا..عديني بذلك" قالت" تمام..سوز..وعد" ..في اليوم
الموالي..استيقظت هزان باكرا كعادتها و ارتدت سروالا أ**دا و قميصا أخضر
اللون..و غطت شعرها بوشاح أ**د ثم ركبت حصانها و أخذت تتجول في
أرضها..على الحدود الشرقية..رأت العمال يزرعون الأرض المجاورة..أرض
..الشيطان
بقيت للحظات تنظر إليهم..سمعت صوت حصان بجانبها..التفتت لتجد ياغيز يقف
بحصانه قبالة حصانها..همت بالإبتعاد لكنه استوقفها قائلا" ماذا حدث ؟ هل جئت
تتجسسين علي؟ هل تريدين سرقة عمالي؟" رمقته هزان بنظرات غاضبة و
أجابت" السرقة ليست من طبعي..السارق يظن جميع من حوله سارقين" إجابتها
استفزته فقال" أنت و**ة جدا أيتها الفتاة القروية" ابتسمت و قالت" في الواقع لست كذلك..لكنني أعامل الناس بنفس طريقتهم" قرب حصانه من حصانها و قال"
تذكري أنني صاحب الرهن..و يجب أن تعامليني باحترام و إلا رفضت أن أقسط لك
المبلغ" غصت هزان بريقها و قالت" تعلم كيف تعاملني باحترام أولا لكي أعاملك
بنفس الطريقة" ابتسم و قال" لست مضطرا لذلك..أنت من تحتاجينني..ليس
الع**" تأففت هزان بضيق و قالت" لن أتجادل معك..غدا سأبدأ بتسديد قيمة
الرهن..إلى اللقاء" و ابتعدت مسرعة..أما هو فبقي في مكانه يتابعها..قال"
ستندمين على وقاحتك آنسة شامكران" ..قضت هزان يومها في الأرض صحبة
بهجت..تفقدت أشجار الزيتون و الخضروات المزروعة..فتحت الصنبور لكي تسقي
الأشجار لكن الماء لم ينطلق منها..أعادت هزان الكرة لكن دون جدوى..اتصلت
بمصلحة المياه فأعلموها أنها لم تدفع الفاتورة لذلك اضطروا إلى قطع المياه
عنها..جمدت هزان في مكانها و شعرت للمرة الأولى بثقل المسؤولية التي تقع
على كاهلها..جلست على التراب و أخذت تحاول جاهدة منع دموعها من الإنهمار
على خديها..ثم أخذت حفنة من التراب و قربتها من أنفها و سحبت رائحتها إلى
أعماقها..ثم وقفت و هي تقول" لن أستسلم..سأصلح كل شيء..ستسير الأمور
على ما يرام" ..ثم حملت دلوا و اتجهت نحو النهر و أخذت تملأ الدلو بالماء و تعود
..إلى الأرض ..تسقي الأشجار و تعود إلى النهر..و هكذا دواليك إلى أن حل الليل...
عادت هزان إلى المنزل بعد أن أخذ التعب منها كل مأخذ..كانت يداها تؤلمانها
بشدة و تتحرك بصعوبة..اعترضتها إيجه و قالت" أختي ..لقد انقطع عنا الماء
..اضطررت لإستعمال الماء الذي وجدته في الخزان لكي أستحم..أنا آسفة"
ابتسمت هزان و قالت" لا مشكلة حبيبتي..سأذهب إلى عين الماء الدافئة و أستحم
هناك" ثم أخذت ثيابها و خرجت..كانت عين المياه الدافئة تقع خلف المنزل..في
المنطقة الجبلية التي تفصل أراضيها عن أراضي ياغيز..حملت هزان معها مصباحا
كبيرا وضعته على حافة العين و نزعت ثيابها و استرخت بين أحضان المياه
الدافئة..أخذت تغني بصوت عذب ..دفء الماء أنساها التعب و جعلها تستمتع اقتربت من المصباح و حملته في يدها و وجهته نحو الصوت و هي تقول" من هذا؟ من هناك؟" انطلق صوت مألوف يجيب" هذا أنا..ياغيز إيجمان..هل
تستمتعين بحمامك آنسة شامكران؟" ردت بعصبية" كنت ..قبل مجيئك..و الآن هلا
ابتعدت من هنا" ترجل ياغيز عن صهوة جواده و اقترب منها قائلا" لماذا؟ هل
تخجلين مني؟ و متى كنتن تخجلن أنتن النساء؟" رفعت هزان حاجبها استغرابا و
قالت" هذا التعميم لا يعنيني..أنا أعرف نفسي جيدا..و رأيك في لا يهمني..لو
سمحت..اذهب من هنا" ضحك ياغيز بصوت عال و قال" أعلم أنك عارية..أتحداك
أن تخرجي من الماء و أنا أقف هنا" صاحت به" أنت رجل وقح و منحرف..لن أفعل
ذلك..هيا..ابتعد لو سمحت" جثى على ركبتيه على حافة العين و قال" هذه ليست
المرة الأولى التي أرى فيها امرأة عارية..لا تقلقي..لست تواقا لرؤية
جسدك..فقروية مثلك..لن يكون فيها ما يشد الإنتباه أصلا..ارتاحي..سأذهب" و بقي
ينظر إليها للحظات..تأمل شعرها الذي التصق بوجهها و كتفيها اللذان تمردا على
سطح الماء ثم امتطى حصانه و ابتعد ...و فور ابتعاده..خرجت هزان من الماء و
..جففت جسمها ثم ارتدت ثيابها و عادت إلى المنزل
في اليوم الموالي..استيقظت هزان باكرا كعادتها..ارتدت سروالا أبيض اللون
يلتصق بساقيها و قميصا أحمرا بياقة مفتوحة و رفعت شعرها في شكل ذيل
حصان و احتذت حذاء أ**دا عالي الكعب..