الفصل الاول .
تقف بسنت الجمال في وسط الفيلا الكبيرة ، تصرخ بصوت عالي ،علي خطيبها يوسف الخولي رجل الأعمال ، في وجود والدها أنس الجمال ، كانت تتحدث بكل عصبية ، لم يستطع أحد أن يوقفها أو يسايرها في الحديث ، أظهرت غضبها ، قالت ما لم يتخيله يوسف مطلقا .
بسنت :
أنا قولت لك يا يوسف ميت مرة كل اللي بنا انتهي ، أنا مش هتجوزك ، أنت أيه مش بتفهم ، عايز مني أيه ، بعد ما عرفت حقيقتك ، أنا كنت فاكراك بتحبني ، بس للأسف طلعت بتحب الفلوس ، بتحب سلطتك اللي هتزيد لما تتجوز بنت رجل الأعمال الكبير أنس باشا الجمال ، مفكرتش فيه لم خططت أنت وهو واتفقوا عليه ، مفكرتش فيه يا بابي ، في قلبي اللي انجرح بسببكم أنتو الاتنين .
يوسف بكل برود :
أنا مش فاهم الدوشة دي أيه لزمتها ، أنت بتحبيني وأنا هتجوزك ، أيه المشكلة هنا ، عشان عرفتي إن فيه شغل بيني وبين والدك ، طبيعي كل رجال الأعمال بيفكروا كده ، ليه م**مة تعقدي الأمور .
أنس والدها :
يا بنتي افهمي ، يوسف بيحبك بس هو عملي شوية ،مش معني إن فيه بنا شغل ، ده يخليكي تفهمي غلط ، أرجوكي يا بنتي أنا تعبان مش ناقص ، أنا هسيبكوا مع بعض شوية ، أدخل يا يوسف يا ابني في الصالون ، اقفلوا الباب عليكم ، واتكلموا واتفاهموا ، ف*جتوا الخدم علينا ، يلا يا بنتي عشان خاطري .
دخلت بسنت وهي تتأفأف بضجر ،تساءلت إلي متي ستظل لعبة في يد يوسف يحركها كيفما يشاء ، ولكنها سوف تعطه فرصة أخيرة ، لعله يخبرها أنه يعشقها ، تلك الكلمة التي تعاني كي تسمعها منه ، كانت تظنه قاسي ، بسبب طبيعة عمله ، ولكنها رأته يتحدث مع غيرها بطريقة لم يفعلها معها ، أثار شكوكها أكثر وأكثر ،اضطرت إلي مراقبته لتعلم ما طبيعة العلاقة بينه وبين تالا السكرتاريه .
ألقت بسنت بنفسها علي الكرسي ، تحتضن ص*رها بذراعيها ، علامات الضجر ظاهرة علي ملامحها .
جلس يوسف بجوارها ، يعلم أنها الآن تستشيط غضبا ، وهو يحاول أن يمتص غضبها بكل الطرق ،
أخرج سيجاره من جيب بنطاله ، أشعله ثم أخذ نفسا عميقا ، ثم زفره ببطء ، لاحظ يوسف توترها ، فتلك الوضعية التي تعشقه بها ، رجل راسي لا يهاب شئ ، ولا يؤثر أحد عليه ، ابتلعت ريقها بصعوبة ، لانت ملامحها ، وظهرت اللمعة في عيونها ، أرادت الهرب من هذا المكان ، لقد حاصرها ، ودك كل حصونها ، حتي بدون أن يتحدث ، هبت واقفة كي تذهب ، ولكنه أمسكها من يدها ، وحاصرها من خصرها بطريقة فجة ، أول مرة يتعامل معها بتلك الطريقة ، أخذ نفسا آخر من سيجاره ثم زفره في وجهها قائلا .
يوسف :
ممكن أعرف أيه سبب الدوشة دي ، أنت واحدة بتحبيني ، وأنا واحد عايز أتجوزك ، أيه المشكلة إذا كان سبب الجواز حب ولا مصلحة ، في الآخر أنت ال**بانة ، أتجوزتي الشخص اللي بتحبيه ، واللي أنا متأكد إنك هنتنبسطي معاه ، لأنه يعرف كل أمور الستات ، وخبير فيهم كمان .
كان يقترب منها حتي كاد أن يلمسها ، كاد أن يلمس جسدها بيده ، انتبهت له عندما حاول تقبيلها ، رفعت نظرها ثم نظرت إليه ، صدمت عندما رأت تلك النظرة تعتليه ، نظرة تتفحصها برغبة أقل ما يقال عنها دنيئة ، كمية غضب لا تعلم من أين أتت سيطرت عليها ، أعطتها القوة لتدفعه ، حتي كاد يقع علي الأرض ،تركته وفرت هاربة فتحت باب الفيلا وخرجت ، استقلت سيارتها ، وقادتها لتهرب من هذا المصير المجهول ، تشعر بتخبط ، فهي تحب يوسف ، ولكنها تريده أن يحبها كما تحبه ،وليس فقط من أجل المصلحة .
يلا بينا نتعرف علي الأبطال :
بسنت أنس الجمال ، طالبة في الفرقة الثالثة كلية فنون جميلة ، هادئة جدا ، طولها متوسط ،بشوشة الوجه ، بشرة بيضاء مع غمازتين تخ*ف الأنظار عندما تضحك ، عيون سوداء ، سواد ليل بدون قمر .
أما يوسف الخولي ، رجل أعمال ،استلم شركة والده ، بعد وفاته ، كان شريك أنس في بعض الأعمال ، ولكن أنس لم يكن معه النقود التي تغطي تلك الأعمال ، الأمر الذي أضطر أنس أن يعرض عليه أن يتزوج بأبنته بسنت ، عرض مغري ، فهي ابنته الوحيدة ، والشركة ستؤول لها قريبا ، فهو مريض ، ومرضه أثر عليه ، والأجل يكاد يقترب .
خرج يوسف خلفها ليوقفها ولكنه لم يجده ، سأل والدها إذا كان قد رأها ولكنه لم يراها ، دق الرعب ناقوس الخطر في قلب أنس ، وكان يريد أن يخرج يبحث عنها ولكن يوسف أوقفه ، وخرج هو ثم استقل سيارته ليبحث عنها . .
كانت بسنت تقود سيارتها بكل سرعتها ، كان الليل حالك السواد ، القمر لم يكن موجودا لينير المكان ، ظلت تقود السيارة ، ولا تعلم أين هي ، ولا إلي أين تذهب ، نظرت حولها ، رأت المكان خالي ، والطرق هاوية ، شعرت بخطأ ما فعلته ، ولكن الآن ليس وقت العتاب ، تفاجأت بسيارة بها ثلاث رجال ،من الواضح عليهم السكر الشديد ،كانت ترتجف خوفا منهم ، فهي وحيدة والطريق خالي ، ظلوا ي**روا عليها الطريق حتي توقفت سيارتها .
حاولت إغلاق السيارة عليها حتي لا يقتحموها ، ولكنهم كانوا أسرع ، قاموا بفتح الباب ، أخرجوها عنوة ، وسحلوها علي الأرض من قدمها ، كادوا ينجحوا لولا وصول حاتم الشرقاوي ، الذي كان عائدا إلى بيته في ضواحي أكتوبر ، هبط من علي دراجته النارية وبدأ يلكم الشباب الثلاثة بقوة ، فتلك كانت موهبته التي يتدرب عليها ليثقلها ، الملاكمة ، أحب شئ إليه بعد الخيول ، لم يصبه أي منهم بأذي ، فهو كان رشيق ، قوي البنية ، ساعده علي التخلص منهم أنهم في حالة سكر بين ، وواضح ، عندما لاحظوا قوته ، خافوا منه علي أنفسهم ، وذهبوا مسرعين عائدين إلي السيارة ، انطلقوا بها ، تاركين حاتم وتلك الأميرة النائمة بمفردهما ، كانت بسنت غائبة عن الوعي ، حاول خاتم افاقتها ولكنه فشل ، أضطر أن يغلق سيارتها ،ويأخذها خلفه علي دراجته النارية ،أخرج رباط قوي ، أجلسها علي الدراجة النارية ثم جلس أمامها ، حاول تثبيتها جيدا ، حتي يتمكن من الانطلاق ، فعل ذلك بمهارة ،قاد دراجته حتي وصل إلي مزرعته ، مزرعة حاتم الشرقاوي للخيول العربية الأصيلة ، نادي حاتم علي الحراس ، الذي أمسك الفتاة ، بدون حتي أن يتجرأ ويسأله عنها ، هبط حاتم وحمل الفتاة ثم دخل بها إلي الاستراحة ، وضعها علي الفراش ،والحراس يتبعه ،كان يحملق بها بشدة ، علم من هيئتها أنها تعرضت للا****ب ، لم يستطع أن يمسك ل**نه ثم قال له .
الحارس :
يا حاتم بيه ،حضرتك كدا هتودي نفسك في داهية ،دي شكلها حد اتهجم عليها ، لو صحيت ممكن تلبس التهمة دي ليك أنت . .
حاتم بغضب ؛
غور من هنا يا بجم ، هاتي بصلة ولا إزازة برفان .
ذهب الحارس مسرعا إلي المطبخ ، أحضر بصلة و**رها نصفين ، بمجرد أن شمت بسنت البصلة ، عادت إلي وعيها ، تنفس حاتم الصعداء ، طلب من الحارس أن يحضر له أي شئ يضعه عليها لتستر جسدها ، مسح حاتم الدم من علي وجهها ، من المحتمل أن تكون جرحت رأسها .
بحث حاتم عن مص*ر الدم ، فوجده في رأسها فعلا ، في أعلي جبينها ، نظر إلي الجرح ، اطمأن أنه ليس عميق ، أحضر حاتم علبة الاسعافات الأولية التي لا تفارقه أين ما ذهب ، وخيط لها هذا الجرح ، كانت بسنت تشعر بنغز في رأسها ، ولكنها غير مدركة لما يحدث ، استيقظت ، فوجدت نفسها نائمة علي فراش ، وأمامها رجل يتطلع إليها بابتسامة ، شعرت بالخوف منه ، أحكمت ستر جسدها ، لتخفي ما ظهر منها ، لم تختفي ابتسامة حاتم ، الذي يقدر ما تفعله ، قال لها بهدوء ، في محاولة منها كي يهدأها .
حاتم :
متقلقيش مني يا آنسة ، أنا حاتم الشرقاوي ، أنا اللي أنقذتك من ايد السفلة اللي كانوا عايزين . .
بس ما تخفيش أنت سليمة وكله تمام ، بس للأسف ، حضرتك مضطرة تفضلي هنا للصبح ، علي ما تستردي عافيتك ،هبقي أرجعك تاني لمكان عربيتك .
هنا دخل الحارس وهو يحمل كوبا من الماء ، أخرج حاتم من حقيبته قرص مسكن ثم أعطاه لها قائلا .
حاتم :
ده قرص مسكن عشان يخفف شوية من آلامك ، لو قلقانة مني بلاش تخديه ،بس تأكدي ده عشان مصلحتك ، عشان تقدري تنامي .
أمعنت بسنت النظر في وجه حاتم ،فشعرت بالاطمئنان ، مدت يدها تأخذ القرص ،ثم وضعته في فمها ، وألحقته ببعض من الماء ، شكرته ثم اندثرت علي الفراش لترتاح ، فهي حقا منهكة مما حدث .
كان أنس بمفرده في المنزل ، فزوجته لا تهتم به ولا بابنتها ، الساعة أصبحت الواحدة والسيدة سهيلة لم تعد إلي المنزل الآن ، ولم يصله أي خبر من يوسف الذي كان يبحث عنها غدفي كل مكان ، حتي وصل إلي مكان السيارة ، وجدها مغلقة وبسنت ليست بداخلها ،كور يده ولكم السيارة من شدة الغضب والغيظ ، ظل يسبها علي ما فعلته ، شتمها بأب*ع الألقاب ، لم يهتم لها ولا بوالدها الذي يكاد يجن من كثرة التعب والخوف عليها .
أتت زوجته تترنح من تأثير المشروب مثل عادتها ،
أمسكها أنس من ذراعها بقسوة أرعبتها ، الصدمة جعلتها تقف مكانها لا تتحدث ، عقدت بين حاجبيها تستوعب ما حدث ، ولكنه باغتها مرة أخري قائلا .
أنس :
بنت هربت يا هانم ومش عارفين راحت فين ولا حصل لها أيه ، ما طبيعي تهرب لما يكون عندها أم مستهترة زيك ، كل اللي بتفكر فيه متعتها وبس ، واحدة بالرغم من إنها عارفة بضيقة جوزها المالية ، بتخرج كل يوم تسهر علي ترابيزة القمار وتخسر فلوسه اللي تعب وش*ي فيها .
ضحكت سهيلة بسخرية ثم قالت بصوت عالي يصل لحد الصراخ .
سهيلة :
أنت بتكدب الكدبة وبتصدقها ولا أيه ، دي فلوسي ، ورثتها من والدي الله يرحمه ، وأنت أخدتها مني ، وبدل ما تكبرهم ، للأسف خسرتهم ، وبتطلب مني إني أقف جنبك ، إزاي أنا مش فاهمة ،وأنا مش طايقة حتي أبص في وشك ، أنت خلاص بقيت عالة عليه ، أنا بتأخر عشان أرجع ألاقيك نايم ، مش هيبقي صباح ومساء .
أمسكها من ذراعها مرة أخري ، وألقاها فوقعت علي الأرض ، أنحني ليصل إلي وجهها الذي أصبح يمقته ، قائلا لها بصوت مثل فحيح الأفاعي .
أنس :
حد قالك إني أنا دايب في هواكي ، لو كنتي بتكرهيني قيراط ، أنا بكرهك ألف قيراط ، أوعي تكوني فاهمة إني سايبك علي ذمتي حبا فيكي ، أنا لو أطول أرميكي بره وأدوس عليكي كمان ، زي الحشرة مش هتأخر ، أنت مجرد جرثومة اتعلقت بيه ، وأنا عشان خاطر بسنت بس سايبك تعيشي معايا ، لكن أنا أوعدك ، أول ما ترجع ، هطلقك ، وهطردك من البيت ده ، ومش هتعتبيه تاني ، وكل فلوسك اللي ورثيها من أبوكي هرميها لك علي الجزمة القديمة ، يلا غوري من هنا . .
قامت سهيلة بسرعة ، وصعدت إلي غرفتها تتوعده ، اتصلت بيوسف تسأله عن بسنت .
سهيلة :
لقيتها يا يوسف ؟
يوسف :
للأسف لأ ملقتهاش يا طنط ، أنا مش عارف أعمل أيه ، شكل خطط كلها فشلت ، بسنت مش عايزة تتجوزني ، وأنا بعد اللي حصل مش ممكن أتجوزها .
سهيلة باستغراب وخوف :
ليه هو أيه اللي حصل ؟
يوسف بغضب :
الهانم سابتني وهربت وأنا بكلمها ، فضلت أدور عليها ملقتهاش ، ودلوقتي أنا واقف قدام العربية ، وهي مش فيها ، والعربية في مكان مقطوع ، يعني أكيد حد خ*فها ، والله أعلم بيعمل معاها أيه دلوقتي .
سهيلة بخصة :
يا لهوي ، البنت أيه اللي حصل لها ، استر يا رب .
يوسف بسخرية :
يا رب ، مش حرام واحدة زيك سكرانة ، وجاية من صالة قمار تستنجد بربنا ، ده أنت كنت عايزة تموتي الراجل وتلهفي فلوسه ، يلا غوري بقي أنا مش ناقص ق*فك أنت وبنتك ، وأوعي تتصلي بيه تاني .
أغلق يوسف الهاتف ، معلنا تقطيع صفحة تلك المرأة وابنتها للأبد . .
أما سهيلة فكانت في حالة هياج ، غير متزنة ، لا تعلم ماذا عليها أن تفعل ، بدأت ملابسها ، ثم هبطت إلي الأسفل ، لتتحدث مع أنس الذي كان يتحدث علي الهاتف ، تخبره بما حدث لبسنت .
سهيلة :
إلحق يا أنس ، يوسف بيقول إنه لقي العربية بتاعة بسنت فاضية في طريق مقطوع ،بيقول أنها ممكن تكون انخ*فت ، أنا خائفة عليها قوي يا أنس أعمل حاجة الله يخليك . .
استغرب أنس لهفتها وخوفها علي بسنت ، لأول مرة يري سهيلة علي هذا الوضع . .
رق قلبه تجاهها ، لقد نسي تماما ما قاله لها منذ قليل ، لقد كان يكذب فقط ليسترد كرامته التي بعثرتها مثل حبات الرمال .
أنس :
متخفيش يا سهيلة هي كويسة ،ومحصلش لها حاجة ، كل الموضوع إن كان فيه أوساخ عايزين يغتصوبها بس الحمد لله ، ربنا بعت لها شاب أنقذها في الوقت المناسب . .
سهيلة بلهفة :
طيب يلا نروح نجيبها دلوقتي .
أنس بحزن :
للأسف هي مش راضية تقولي علي العنوان ، بس طمنتني عليها ، وبتقول يومين كده وهترجع لما أعصابها ترتاح . .
مطت سهيلة شفتيها ، وتركته وذهبت بدون كلام ، لم تأخذ وقتا طويلا ، غابت عن الدنيا بمجرد أن وضعت رأسها علي الفراش ،
قلق أنس عليها ، صعد ليري ماذا تفعل ، ولكنه تفاجأ بأنها غطت في نوم عميق بهذه السرعة ، تعجب منها بشدة ، وتركها وذهب لينام هو الآخر .
في الصباح تململت بسنت في فراشها ، تبعثرت هيئتها أكثر ، أصبح شعرها مجعد أكثر ، وبالرغم من ذلك ما زالت جذابة تأسر القلوب ، استيقظت تنظر إلي انعكاس صورتها في المرآة ، تعجبت من تلك الهالات السوداء التي ظهرت فجأة ، استغربت كيف تبدو شاحبة بتلك الطريقة وبهذه السرعة ، نظرت لملابسها المقطعة ، شعرت بإحساس غريب يقبض علي ص*رها ، يكاد يخنقها ، سمعت طرقا علي الباب ، حاولت ستر نفسها فلم تجد ما تستر به جسدها سوي تلك الملاءة الموضوعة علي الفراش ، انتهت من لف جسدها ثم قالت .
بسنت :
أتفضل أدخل .
دخلت إمرأة مسنة ، تحمل بيدها ملابس نسائية .
الحاجة إحسان :
صباح الخير يا بنتي ، أتفضلي إلبسي الهدوم دي ، وإجهزي عشان البيه بيجهز الفطار ، لما تخلصي انزلي تحت من ريحة الأكل هتعرفي المكان . .
ضحكت بسنت ثم قالت :
ليه يعني ، هو مين اللي بيطبخ ؟
الحاجة إحسان :
البيه حاتم ده تأكلي من أيده أحسن أكل ، ده بيزرع أعشاب تحت في الجنينة تهبل ، مش بياخد أي برشام ولا حبوب من اللي الدكاترة بيكتبوها ، كل مرض له عنده وصفة ،أصله دكتور متخرج من كلية اللي بيبعوا الأدوية دول ، بس أنا مش عارفة اسمها يا بنتي ، اعذريني تعليمي علي قده .
ابتسمت بسنت لعفويتها ، ثم قالت لها :
كلية الصيدلة ، بس غريبة هو امبارح اداني قرص مسكن ، مش أعشاب .
ضحكت إحسان قائلة :
هو أي حد يعمل معاه كده ، دول العزاز علي قلبه بس ، وبعدين أنت كنتي في دنيا تانية ، وخاف أحسن تفهميه غلط ، كان بيطمنك يعني . .
أنهت بسنت ارتداء ملابسها ثم اقتربت منها ضاحكة :
طيب يلا بينا ، أحسن ريحة الأكل عاملة قلبان في معدتي . .
ضحكت إحسان عليها وهبطوا سويا لتقف بسنت أمام حاتم المنهمك بإعداد الطعام .
بسنت بابتسامة :
صباح الخير ، يا دكتور حاتم .
ابتسم حاتم لها ، ثم نظر إلي إحسان التي نظرت إلي الأرض من شدة خجلها ، لقد حذرها مرارا وتكرارا من التحدث مع الغرباء في أمور تخصه .
حاتم :
لحقتي قولتي لها يا دادا ، أعمل فيكي أيه ؟
خافت بسنت أن يؤذيها ، قالت تدافع عنها .
بسنت :
لأ أبدا هي مقلتش حاجة ، بس أنا قريت شهادة تخرج كانت علي الحيطة في الأوضة اللي نمت فيها .
حاتم :
اهدي بس ، محصلش حاجة ، دادا إحسان دي في مقام ماما ، هي اللي ربتني ، متخفيش ، تعالي الأكل جاهز ، يلا بينا نفطر ، وتقولي لي علي اللي حصل بالضبط .
ذهبت بسنت خلفه ، حاملة بعض الأطباق ، ثم وضعتها علي الطاولة ، في مكان جذاب وساحر ، وسط كمية من الزهور التي علمت أنها نادرة ، يستخدمها في خلطاته الصحية . .
جلست أمامه تتناول طعامها علي استحياء ، كان حاتم يختلس النظر إليها ، فعيونها السوداء الواسعة وأهدابها الكثيفة ، وشعرها الطويل ، جذبه ولفت نظره ، كانت كالمهرة الصغيرة بالنسبة لرجل يعشق الخيل ، وكل من يمتلك صفة من صفاته ، وهي كانت تمتلك تلك العيون السوداء بالأهداب الكثيفة .
سألها حاتم عن قصتها ، أرادت في البداية أن تخفي حقيقتها ، ولكنه أخبرها بأنه يعلم جيدا من هي ، لقد فتح حقيبتها ورأي بطاقة هويتها .
حاتم باعتذار :
أنا آسف ، بس أنا اضطريت أفتح الشنطة بتاعتك ، كنت لازم أعرف مين اللي موجودة معايا في البيت ، مش ممكن تكون نصابة ، واللي حصل ده تمثيلية . .
ضحكت بسنت بشدة قائلة :
خيالك واسع قوي ، بس ده حقك ، أنا يا سيدي بسنت أنس الجمال ، بنت رجل الأعمال أنس الجمال ، واللي حصل إني كنت مخطوبة ل يوسف الخولي رجل أعمال برده ، بس اكتشفت خيانته لي مع السكرتارية ، ولما واجهته مأنكرش ، واعترف لي إنه هيتجوزني عشان مصالح بينه وبين والدي ، أنا لما عرفت نهيت الموضوع وفكيت الخطوبة ، رجعت من مشوار لقيته في البيت عندنا ، بيتكلم مع بابا ، كنت فاكراه جاي يعتذر ويطلب السماح ، طلع جاي يؤكد الكلام اللي قاله ، وعادي إنه يتجوزني عشان مصالحه مع بابا ، ومش مهم يكون بيحبني ، والمهم في الجواز المتعة ، أنا طبعا اتضايقت جدا وسبته ومشيت ، ركبت العربية ، وفضلت أسوق لحد ما وصلت لمكان مهجور ، والباقي حضرتك عارفه . .
ابتسم حازم لعفويتها ، ثم قال لها :
المفروض أقولك إنك اللي عملتيه ده غلط ، والمفروض ميتكررش ، بس أنا مش هقولك كده ، هقولك أنت عملتي الصح ، مش لازم نظهر ضعفنا قدام الناس ، لازم نكون أقوي ، وأنت كنتي قوية لما سبتيه ومشيتي ، الغلط عندي في التوقيت ، لازم بعد كده تختاري الوقت المناسب عشان تاخدي قراراتك ، مش أي وقت والسلام ، علي العموم والدك اتصل من شوية ، وأنا محبتش أرد عليه ، لأني فهمت من كلامك معاه امبارح إنك مش عايزة ترجعي دلوقتي ، عشان كده أنا بعرض عليكي تبقي في المزرعة كام يوم ، وقبل ما عقلك يود*كي لبعيد أنا همشي النهارده هرجع الشرقية ، النهارده في سبق للخيول العربية ، في بلبيس لو تسمعي عنها ، وأنا مشترك في السباق ، هتكوني لوحدك في المزرعة .
بسنت :
متشكرة لحضرتك جدا ، أنا فعلا محتاجة أفضل لوحدي ، بعيد عن الضغوطات اللي بابا بيمارسها عليه عشان أرجع ليوسف . .
انتهي الطعام ، وحملت بسنت الأطباق ، ثم وضعتها في الحوض ، وعادت لتري خاتم وهو يمطتي الحصان ، كان مثل الفارس في أيام الجاهلية ، لاحظت وجود كمياء مشتركة بينه وبين حصانه الأ**د الجميل ، ابتسم عندما رأها تنظر له ، تقدم منها ثم هبط ليقف أمامها ، قائلا لها .
حاتم :
ده جواد ، صاحبي الوحيد ، عارف كل خبايا نفسي زي ما بيقولوا ، فيه مني كتير ، كتوم ، صادق ، قوي ، وسريع ، ده اللي هدخل بيه السباق النهارده ادعي لي أ**به .
ابتسمت له قائلة :
أكيد هت**ب ، الانسجام اللي بينك وبينه بيقول كده .
حاتم :
إن شاء الله ، لو **بت النهارده هجيبلك هدية معايا وأنا راجع .
رفعت حاجبها ثم قالت :
حضرتك قولت هكون لوحدي في المزرعة . .
ضحك بصوته كله ثم قال :
لازم أرجع عشان الحصان ،بس ما تقلقيش همشي علي طول ، إلا إذا رأفتي بحالي وعزمتي عليه أتغدا معاكي ، هكون شاكر لك جدا . .
ضحكت بسنت علي طريقتها ، إنه حقا بارع في انتشالها من تلك الأفكار التي تهاجم عقلها وتحاصره .
بعد فترة ذهب حاتم وجواده جواد ، وتركها بمفردها تتفقد تلك المزرعة التي تسر النفس عند رؤيتها . .
صدع رنين هاتفها باسم والدتها تارة ، ووالدها تارة أخري ، استغربت أن يوسف لم يهتم لها ، ولكنها شعرت أنه الأفضل لها أن تبتعد عنه ،فما هو إلا رجلا مادي لا يهتم سوي بالمال . .
أنتهي الفصل اليوم .
يا تري أيه اللي هيحصل .
دا اللي هنعرفه الفصل اللي جاي .
قراءة ممتعة .
دمتم بخير وعافية . . .