bc

زهايمر

book_age12+
34
FOLLOW
1K
READ
others
drama
tragedy
comedy
like
intro-logo
Blurb

النسيان ،التيه ، عدم التذكر ، أن تصبح غريقا في بحور ذكريات لا تعلم بوجودها ، كل تلك المرادفات لها  معنى واحد ، زهايمر ، بطلتنا فتاة لم تتعدى الثالثة والعشرون من عمرها ، مرت بتجربة قاسية ، تركت خطيبها السابق نظرا لخيانته لها ، فتعرفت على رجل غيره ، فارس ، الخيل كل حياته ، جذبته ببراءتها وحبها لإثبات الذات ، عشقها ، قرر الزواج بها ، وافق الأب ،ورفضت الأم ، تلك الزيجة ، فهي تريدها أن تتزوج بخطيبها السابق ، ولكنها تمردت ، وتزوجت بدون رضاها ، يشاء الله ، أن تنجب فتاة مثلها ،عاشت خمس أعوام في سعادة لا تنكرها ، حتى حدثت المأساة ، مرض هاجمها بضراوة ، لم يترك لها مجالا للمقاومة ، بدأ ينهش داخلها كالطاعون ، فتك بكل خلية في عقلها ، لم يترك لها شئ ، حتى ابنتها نسيتها ، ترك زوجها أعماله ، تخلى عن  طموحاته ، تفرغ لها فقط ،ألقى الدنيا وراء ظهره ، لم يفكر بشئ سواها ، لم يرغب سوي إسعادها ، يريدها معه ، ولكن للقدر رأي آخر .

زهايمر احداث نعيشها ، تأخذنا معها إلى عالم آخر ، عالم من الألم والدموع ، تقهرنا أحيانا ، وأحيانا أخرى تبث بنا الأمل ، وتملأ ملامحنا بالتفاؤل . .

chap-preview
Free preview
الفصل الأول
الفصل الاول . تقف بسنت الجمال في وسط الفيلا الكبيرة ، تصرخ بصوت عالي ،علي خطيبها يوسف الخولي رجل الأعمال ، في وجود والدها أنس الجمال ، كانت تتحدث بكل عصبية ، لم يستطع أحد أن يوقفها أو يسايرها في الحديث ، أظهرت غضبها ، قالت ما لم يتخيله يوسف مطلقا . بسنت : أنا قولت لك يا يوسف ميت مرة كل اللي بنا انتهي ، أنا مش هتجوزك ، أنت أيه مش بتفهم ، عايز مني أيه ، بعد ما عرفت حقيقتك ، أنا كنت فاكراك بتحبني ، بس للأسف طلعت بتحب الفلوس ، بتحب سلطتك اللي هتزيد لما تتجوز بنت رجل الأعمال الكبير أنس باشا الجمال ، مفكرتش فيه لم خططت أنت وهو واتفقوا عليه ، مفكرتش فيه يا بابي ، في قلبي اللي انجرح بسببكم أنتو الاتنين . يوسف بكل برود : أنا مش فاهم الدوشة دي أيه لزمتها ، أنت بتحبيني وأنا هتجوزك ، أيه المشكلة هنا ، عشان عرفتي إن فيه شغل بيني وبين والدك ، طبيعي كل رجال الأعمال بيفكروا كده ، ليه م**مة تعقدي الأمور . أنس والدها : يا بنتي افهمي ، يوسف بيحبك بس هو عملي شوية ،مش معني إن فيه بنا شغل ، ده يخليكي تفهمي غلط ، أرجوكي يا بنتي أنا تعبان مش ناقص ، أنا هسيبكوا مع بعض شوية ، أدخل يا يوسف يا ابني في الصالون ، اقفلوا الباب عليكم ، واتكلموا واتفاهموا ، ف*جتوا الخدم علينا ، يلا يا بنتي عشان خاطري . دخلت بسنت وهي تتأفأف بضجر ،تساءلت إلي متي ستظل لعبة في يد يوسف يحركها كيفما يشاء ، ولكنها سوف تعطه فرصة أخيرة ، لعله يخبرها أنه يعشقها ، تلك الكلمة التي تعاني كي تسمعها منه ، كانت تظنه قاسي ، بسبب طبيعة عمله ، ولكنها رأته يتحدث مع غيرها بطريقة لم يفعلها معها ، أثار شكوكها أكثر وأكثر ،اضطرت إلي مراقبته لتعلم ما طبيعة العلاقة بينه وبين تالا السكرتاريه . ألقت بسنت بنفسها علي الكرسي ، تحتضن ص*رها بذراعيها ، علامات الضجر ظاهرة علي ملامحها . جلس يوسف بجوارها ، يعلم أنها الآن تستشيط غضبا ، وهو يحاول أن يمتص غضبها بكل الطرق ، أخرج سيجاره من جيب بنطاله ، أشعله ثم أخذ نفسا عميقا ، ثم زفره ببطء ، لاحظ يوسف توترها ، فتلك الوضعية التي تعشقه بها ، رجل راسي لا يهاب شئ ، ولا يؤثر أحد عليه ، ابتلعت ريقها بصعوبة ، لانت ملامحها ، وظهرت اللمعة في عيونها ، أرادت الهرب من هذا المكان ، لقد حاصرها ، ودك كل حصونها ، حتي بدون أن يتحدث ، هبت واقفة كي تذهب ، ولكنه أمسكها من يدها ، وحاصرها من خصرها بطريقة فجة ، أول مرة يتعامل معها بتلك الطريقة ، أخذ نفسا آخر من سيجاره ثم زفره في وجهها قائلا . يوسف : ممكن أعرف أيه سبب الدوشة دي ، أنت واحدة بتحبيني ، وأنا واحد عايز أتجوزك ، أيه المشكلة إذا كان سبب الجواز حب ولا مصلحة ، في الآخر أنت ال**بانة ، أتجوزتي الشخص اللي بتحبيه ، واللي أنا متأكد إنك هنتنبسطي معاه ، لأنه يعرف كل أمور الستات ، وخبير فيهم كمان . كان يقترب منها حتي كاد أن يلمسها ، كاد أن يلمس جسدها بيده ، انتبهت له عندما حاول تقبيلها ، رفعت نظرها ثم نظرت إليه ، صدمت عندما رأت تلك النظرة تعتليه ، نظرة تتفحصها برغبة أقل ما يقال عنها دنيئة ، كمية غضب لا تعلم من أين أتت سيطرت عليها ، أعطتها القوة لتدفعه ، حتي كاد يقع علي الأرض ،تركته وفرت هاربة فتحت باب الفيلا وخرجت ، استقلت سيارتها ، وقادتها لتهرب من هذا المصير المجهول ، تشعر بتخبط ، فهي تحب يوسف ، ولكنها تريده أن يحبها كما تحبه ،وليس فقط من أجل المصلحة . يلا بينا نتعرف علي الأبطال : بسنت أنس الجمال ، طالبة في الفرقة الثالثة كلية فنون جميلة ، هادئة جدا ، طولها متوسط ،بشوشة الوجه ، بشرة بيضاء مع غمازتين تخ*ف الأنظار عندما تضحك ، عيون سوداء ، سواد ليل بدون قمر . أما يوسف الخولي ، رجل أعمال ،استلم شركة والده ، بعد وفاته ، كان شريك أنس في بعض الأعمال ، ولكن أنس لم يكن معه النقود التي تغطي تلك الأعمال ، الأمر الذي أضطر أنس أن يعرض عليه أن يتزوج بأبنته بسنت ، عرض مغري ، فهي ابنته الوحيدة ، والشركة ستؤول لها قريبا ، فهو مريض ، ومرضه أثر عليه ، والأجل يكاد يقترب . خرج يوسف خلفها ليوقفها ولكنه لم يجده ، سأل والدها إذا كان قد رأها ولكنه لم يراها ، دق الرعب ناقوس الخطر في قلب أنس ، وكان يريد أن يخرج يبحث عنها ولكن يوسف أوقفه ، وخرج هو ثم استقل سيارته ليبحث عنها . . كانت بسنت تقود سيارتها بكل سرعتها ، كان الليل حالك السواد ، القمر لم يكن موجودا لينير المكان ، ظلت تقود السيارة ، ولا تعلم أين هي ، ولا إلي أين تذهب ، نظرت حولها ، رأت المكان خالي ، والطرق هاوية ، شعرت بخطأ ما فعلته ، ولكن الآن ليس وقت العتاب ، تفاجأت بسيارة بها ثلاث رجال ،من الواضح عليهم السكر الشديد ،كانت ترتجف خوفا منهم ، فهي وحيدة والطريق خالي ، ظلوا ي**روا عليها الطريق حتي توقفت سيارتها . حاولت إغلاق السيارة عليها حتي لا يقتحموها ، ولكنهم كانوا أسرع ، قاموا بفتح الباب ، أخرجوها عنوة ، وسحلوها علي الأرض من قدمها ، كادوا ينجحوا لولا وصول حاتم الشرقاوي ، الذي كان عائدا إلى بيته في ضواحي أكتوبر ، هبط من علي دراجته النارية وبدأ يلكم الشباب الثلاثة بقوة ، فتلك كانت موهبته التي يتدرب عليها ليثقلها ، الملاكمة ، أحب شئ إليه بعد الخيول ، لم يصبه أي منهم بأذي ، فهو كان رشيق ، قوي البنية ، ساعده علي التخلص منهم أنهم في حالة سكر بين ، وواضح ، عندما لاحظوا قوته ، خافوا منه علي أنفسهم ، وذهبوا مسرعين عائدين إلي السيارة ، انطلقوا بها ، تاركين حاتم وتلك الأميرة النائمة بمفردهما ، كانت بسنت غائبة عن الوعي ، حاول خاتم افاقتها ولكنه فشل ، أضطر أن يغلق سيارتها ،ويأخذها خلفه علي دراجته النارية ،أخرج رباط قوي ، أجلسها علي الدراجة النارية ثم جلس أمامها ، حاول تثبيتها جيدا ، حتي يتمكن من الانطلاق ، فعل ذلك بمهارة ،قاد دراجته حتي وصل إلي مزرعته ، مزرعة حاتم الشرقاوي للخيول العربية الأصيلة ، نادي حاتم علي الحراس ، الذي أمسك الفتاة ، بدون حتي أن يتجرأ ويسأله عنها ، هبط حاتم وحمل الفتاة ثم دخل بها إلي الاستراحة ، وضعها علي الفراش ،والحراس يتبعه ،كان يحملق بها بشدة ، علم من هيئتها أنها تعرضت للا****ب ، لم يستطع أن يمسك ل**نه ثم قال له . الحارس : يا حاتم بيه ،حضرتك كدا هتودي نفسك في داهية ،دي شكلها حد اتهجم عليها ، لو صحيت ممكن تلبس التهمة دي ليك أنت . . حاتم بغضب ؛ غور من هنا يا بجم ، هاتي بصلة ولا إزازة برفان . ذهب الحارس مسرعا إلي المطبخ ، أحضر بصلة و**رها نصفين ، بمجرد أن شمت بسنت البصلة ، عادت إلي وعيها ، تنفس حاتم الصعداء ، طلب من الحارس أن يحضر له أي شئ يضعه عليها لتستر جسدها ، مسح حاتم الدم من علي وجهها ، من المحتمل أن تكون جرحت رأسها . بحث حاتم عن مص*ر الدم ، فوجده في رأسها فعلا ، في أعلي جبينها ، نظر إلي الجرح ، اطمأن أنه ليس عميق ، أحضر حاتم علبة الاسعافات الأولية التي لا تفارقه أين ما ذهب ، وخيط لها هذا الجرح ، كانت بسنت تشعر بنغز في رأسها ، ولكنها غير مدركة لما يحدث ، استيقظت ، فوجدت نفسها نائمة علي فراش ، وأمامها رجل يتطلع إليها بابتسامة ، شعرت بالخوف منه ، أحكمت ستر جسدها ، لتخفي ما ظهر منها ، لم تختفي ابتسامة حاتم ، الذي يقدر ما تفعله ، قال لها بهدوء ، في محاولة منها كي يهدأها . حاتم : متقلقيش مني يا آنسة ، أنا حاتم الشرقاوي ، أنا اللي أنقذتك من ايد السفلة اللي كانوا عايزين . . بس ما تخفيش أنت سليمة وكله تمام ، بس للأسف ، حضرتك مضطرة تفضلي هنا للصبح ، علي ما تستردي عافيتك ،هبقي أرجعك تاني لمكان عربيتك . هنا دخل الحارس وهو يحمل كوبا من الماء ، أخرج حاتم من حقيبته قرص مسكن ثم أعطاه لها قائلا . حاتم : ده قرص مسكن عشان يخفف شوية من آلامك ، لو قلقانة مني بلاش تخديه ،بس تأكدي ده عشان مصلحتك ، عشان تقدري تنامي . أمعنت بسنت النظر في وجه حاتم ،فشعرت بالاطمئنان ، مدت يدها تأخذ القرص ،ثم وضعته في فمها ، وألحقته ببعض من الماء ، شكرته ثم اندثرت علي الفراش لترتاح ، فهي حقا منهكة مما حدث . كان أنس بمفرده في المنزل ، فزوجته لا تهتم به ولا بابنتها ، الساعة أصبحت الواحدة والسيدة سهيلة لم تعد إلي المنزل الآن ، ولم يصله أي خبر من يوسف الذي كان يبحث عنها غدفي كل مكان ، حتي وصل إلي مكان السيارة ، وجدها مغلقة وبسنت ليست بداخلها ،كور يده ولكم السيارة من شدة الغضب والغيظ ، ظل يسبها علي ما فعلته ، شتمها بأب*ع الألقاب ، لم يهتم لها ولا بوالدها الذي يكاد يجن من كثرة التعب والخوف عليها . أتت زوجته تترنح من تأثير المشروب مثل عادتها ، أمسكها أنس من ذراعها بقسوة أرعبتها ، الصدمة جعلتها تقف مكانها لا تتحدث ، عقدت بين حاجبيها تستوعب ما حدث ، ولكنه باغتها مرة أخري قائلا . أنس : بنت هربت يا هانم ومش عارفين راحت فين ولا حصل لها أيه ، ما طبيعي تهرب لما يكون عندها أم مستهترة زيك ، كل اللي بتفكر فيه متعتها وبس ، واحدة بالرغم من إنها عارفة بضيقة جوزها المالية ، بتخرج كل يوم تسهر علي ترابيزة القمار وتخسر فلوسه اللي تعب وش*ي فيها . ضحكت سهيلة بسخرية ثم قالت بصوت عالي يصل لحد الصراخ . سهيلة : أنت بتكدب الكدبة وبتصدقها ولا أيه ، دي فلوسي ، ورثتها من والدي الله يرحمه ، وأنت أخدتها مني ، وبدل ما تكبرهم ، للأسف خسرتهم ، وبتطلب مني إني أقف جنبك ، إزاي أنا مش فاهمة ،وأنا مش طايقة حتي أبص في وشك ، أنت خلاص بقيت عالة عليه ، أنا بتأخر عشان أرجع ألاقيك نايم ، مش هيبقي صباح ومساء . أمسكها من ذراعها مرة أخري ، وألقاها فوقعت علي الأرض ، أنحني ليصل إلي وجهها الذي أصبح يمقته ، قائلا لها بصوت مثل فحيح الأفاعي . أنس : حد قالك إني أنا دايب في هواكي ، لو كنتي بتكرهيني قيراط ، أنا بكرهك ألف قيراط ، أوعي تكوني فاهمة إني سايبك علي ذمتي حبا فيكي ، أنا لو أطول أرميكي بره وأدوس عليكي كمان ، زي الحشرة مش هتأخر ، أنت مجرد جرثومة اتعلقت بيه ، وأنا عشان خاطر بسنت بس سايبك تعيشي معايا ، لكن أنا أوعدك ، أول ما ترجع ، هطلقك ، وهطردك من البيت ده ، ومش هتعتبيه تاني ، وكل فلوسك اللي ورثيها من أبوكي هرميها لك علي الجزمة القديمة ، يلا غوري من هنا . . قامت سهيلة بسرعة ، وصعدت إلي غرفتها تتوعده ، اتصلت بيوسف تسأله عن بسنت . سهيلة : لقيتها يا يوسف ؟ يوسف : للأسف لأ ملقتهاش يا طنط ، أنا مش عارف أعمل أيه ، شكل خطط كلها فشلت ، بسنت مش عايزة تتجوزني ، وأنا بعد اللي حصل مش ممكن أتجوزها . سهيلة باستغراب وخوف : ليه هو أيه اللي حصل ؟ يوسف بغضب : الهانم سابتني وهربت وأنا بكلمها ، فضلت أدور عليها ملقتهاش ، ودلوقتي أنا واقف قدام العربية ، وهي مش فيها ، والعربية في مكان مقطوع ، يعني أكيد حد خ*فها ، والله أعلم بيعمل معاها أيه دلوقتي . سهيلة بخصة : يا لهوي ، البنت أيه اللي حصل لها ، استر يا رب . يوسف بسخرية : يا رب ، مش حرام واحدة زيك سكرانة ، وجاية من صالة قمار تستنجد بربنا ، ده أنت كنت عايزة تموتي الراجل وتلهفي فلوسه ، يلا غوري بقي أنا مش ناقص ق*فك أنت وبنتك ، وأوعي تتصلي بيه تاني . أغلق يوسف الهاتف ، معلنا تقطيع صفحة تلك المرأة وابنتها للأبد . . أما سهيلة فكانت في حالة هياج ، غير متزنة ، لا تعلم ماذا عليها أن تفعل ، بدأت ملابسها ، ثم هبطت إلي الأسفل ، لتتحدث مع أنس الذي كان يتحدث علي الهاتف ، تخبره بما حدث لبسنت . سهيلة : إلحق يا أنس ، يوسف بيقول إنه لقي العربية بتاعة بسنت فاضية في طريق مقطوع ،بيقول أنها ممكن تكون انخ*فت ، أنا خائفة عليها قوي يا أنس أعمل حاجة الله يخليك . . استغرب أنس لهفتها وخوفها علي بسنت ، لأول مرة يري سهيلة علي هذا الوضع . . رق قلبه تجاهها ، لقد نسي تماما ما قاله لها منذ قليل ، لقد كان يكذب فقط ليسترد كرامته التي بعثرتها مثل حبات الرمال . أنس : متخفيش يا سهيلة هي كويسة ،ومحصلش لها حاجة ، كل الموضوع إن كان فيه أوساخ عايزين يغتصوبها بس الحمد لله ، ربنا بعت لها شاب أنقذها في الوقت المناسب . . سهيلة بلهفة : طيب يلا نروح نجيبها دلوقتي . أنس بحزن : للأسف هي مش راضية تقولي علي العنوان ، بس طمنتني عليها ، وبتقول يومين كده وهترجع لما أعصابها ترتاح . . مطت سهيلة شفتيها ، وتركته وذهبت بدون كلام ، لم تأخذ وقتا طويلا ، غابت عن الدنيا بمجرد أن وضعت رأسها علي الفراش ، قلق أنس عليها ، صعد ليري ماذا تفعل ، ولكنه تفاجأ بأنها غطت في نوم عميق بهذه السرعة ، تعجب منها بشدة ، وتركها وذهب لينام هو الآخر . في الصباح تململت بسنت في فراشها ، تبعثرت هيئتها أكثر ، أصبح شعرها مجعد أكثر ، وبالرغم من ذلك ما زالت جذابة تأسر القلوب ، استيقظت تنظر إلي انعكاس صورتها في المرآة ، تعجبت من تلك الهالات السوداء التي ظهرت فجأة ، استغربت كيف تبدو شاحبة بتلك الطريقة وبهذه السرعة ، نظرت لملابسها المقطعة ، شعرت بإحساس غريب يقبض علي ص*رها ، يكاد يخنقها ، سمعت طرقا علي الباب ، حاولت ستر نفسها فلم تجد ما تستر به جسدها سوي تلك الملاءة الموضوعة علي الفراش ، انتهت من لف جسدها ثم قالت . بسنت : أتفضل أدخل . دخلت إمرأة مسنة ، تحمل بيدها ملابس نسائية . الحاجة إحسان : صباح الخير يا بنتي ، أتفضلي إلبسي الهدوم دي ، وإجهزي عشان البيه بيجهز الفطار ، لما تخلصي انزلي تحت من ريحة الأكل هتعرفي المكان . . ضحكت بسنت ثم قالت : ليه يعني ، هو مين اللي بيطبخ ؟ الحاجة إحسان : البيه حاتم ده تأكلي من أيده أحسن أكل ، ده بيزرع أعشاب تحت في الجنينة تهبل ، مش بياخد أي برشام ولا حبوب من اللي الدكاترة بيكتبوها ، كل مرض له عنده وصفة ،أصله دكتور متخرج من كلية اللي بيبعوا الأدوية دول ، بس أنا مش عارفة اسمها يا بنتي ، اعذريني تعليمي علي قده . ابتسمت بسنت لعفويتها ، ثم قالت لها : كلية الصيدلة ، بس غريبة هو امبارح اداني قرص مسكن ، مش أعشاب . ضحكت إحسان قائلة : هو أي حد يعمل معاه كده ، دول العزاز علي قلبه بس ، وبعدين أنت كنتي في دنيا تانية ، وخاف أحسن تفهميه غلط ، كان بيطمنك يعني . . أنهت بسنت ارتداء ملابسها ثم اقتربت منها ضاحكة : طيب يلا بينا ، أحسن ريحة الأكل عاملة قلبان في معدتي . . ضحكت إحسان عليها وهبطوا سويا لتقف بسنت أمام حاتم المنهمك بإعداد الطعام . بسنت بابتسامة : صباح الخير ، يا دكتور حاتم . ابتسم حاتم لها ، ثم نظر إلي إحسان التي نظرت إلي الأرض من شدة خجلها ، لقد حذرها مرارا وتكرارا من التحدث مع الغرباء في أمور تخصه . حاتم : لحقتي قولتي لها يا دادا ، أعمل فيكي أيه ؟ خافت بسنت أن يؤذيها ، قالت تدافع عنها . بسنت : لأ أبدا هي مقلتش حاجة ، بس أنا قريت شهادة تخرج كانت علي الحيطة في الأوضة اللي نمت فيها . حاتم : اهدي بس ، محصلش حاجة ، دادا إحسان دي في مقام ماما ، هي اللي ربتني ، متخفيش ، تعالي الأكل جاهز ، يلا بينا نفطر ، وتقولي لي علي اللي حصل بالضبط . ذهبت بسنت خلفه ، حاملة بعض الأطباق ، ثم وضعتها علي الطاولة ، في مكان جذاب وساحر ، وسط كمية من الزهور التي علمت أنها نادرة ، يستخدمها في خلطاته الصحية . . جلست أمامه تتناول طعامها علي استحياء ، كان حاتم يختلس النظر إليها ، فعيونها السوداء الواسعة وأهدابها الكثيفة ، وشعرها الطويل ، جذبه ولفت نظره ، كانت كالمهرة الصغيرة بالنسبة لرجل يعشق الخيل ، وكل من يمتلك صفة من صفاته ، وهي كانت تمتلك تلك العيون السوداء بالأهداب الكثيفة . سألها حاتم عن قصتها ، أرادت في البداية أن تخفي حقيقتها ، ولكنه أخبرها بأنه يعلم جيدا من هي ، لقد فتح حقيبتها ورأي بطاقة هويتها . حاتم باعتذار : أنا آسف ، بس أنا اضطريت أفتح الشنطة بتاعتك ، كنت لازم أعرف مين اللي موجودة معايا في البيت ، مش ممكن تكون نصابة ، واللي حصل ده تمثيلية . . ضحكت بسنت بشدة قائلة : خيالك واسع قوي ، بس ده حقك ، أنا يا سيدي بسنت أنس الجمال ، بنت رجل الأعمال أنس الجمال ، واللي حصل إني كنت مخطوبة ل يوسف الخولي رجل أعمال برده ، بس اكتشفت خيانته لي مع السكرتارية ، ولما واجهته مأنكرش ، واعترف لي إنه هيتجوزني عشان مصالح بينه وبين والدي ، أنا لما عرفت نهيت الموضوع وفكيت الخطوبة ، رجعت من مشوار لقيته في البيت عندنا ، بيتكلم مع بابا ، كنت فاكراه جاي يعتذر ويطلب السماح ، طلع جاي يؤكد الكلام اللي قاله ، وعادي إنه يتجوزني عشان مصالحه مع بابا ، ومش مهم يكون بيحبني ، والمهم في الجواز المتعة ، أنا طبعا اتضايقت جدا وسبته ومشيت ، ركبت العربية ، وفضلت أسوق لحد ما وصلت لمكان مهجور ، والباقي حضرتك عارفه . . ابتسم حازم لعفويتها ، ثم قال لها : المفروض أقولك إنك اللي عملتيه ده غلط ، والمفروض ميتكررش ، بس أنا مش هقولك كده ، هقولك أنت عملتي الصح ، مش لازم نظهر ضعفنا قدام الناس ، لازم نكون أقوي ، وأنت كنتي قوية لما سبتيه ومشيتي ، الغلط عندي في التوقيت ، لازم بعد كده تختاري الوقت المناسب عشان تاخدي قراراتك ، مش أي وقت والسلام ، علي العموم والدك اتصل من شوية ، وأنا محبتش أرد عليه ، لأني فهمت من كلامك معاه امبارح إنك مش عايزة ترجعي دلوقتي ، عشان كده أنا بعرض عليكي تبقي في المزرعة كام يوم ، وقبل ما عقلك يود*كي لبعيد أنا همشي النهارده هرجع الشرقية ، النهارده في سبق للخيول العربية ، في بلبيس لو تسمعي عنها ، وأنا مشترك في السباق ، هتكوني لوحدك في المزرعة . بسنت : متشكرة لحضرتك جدا ، أنا فعلا محتاجة أفضل لوحدي ، بعيد عن الضغوطات اللي بابا بيمارسها عليه عشان أرجع ليوسف . . انتهي الطعام ، وحملت بسنت الأطباق ، ثم وضعتها في الحوض ، وعادت لتري خاتم وهو يمطتي الحصان ، كان مثل الفارس في أيام الجاهلية ، لاحظت وجود كمياء مشتركة بينه وبين حصانه الأ**د الجميل ، ابتسم عندما رأها تنظر له ، تقدم منها ثم هبط ليقف أمامها ، قائلا لها . حاتم : ده جواد ، صاحبي الوحيد ، عارف كل خبايا نفسي زي ما بيقولوا ، فيه مني كتير ، كتوم ، صادق ، قوي ، وسريع ، ده اللي هدخل بيه السباق النهارده ادعي لي أ**به . ابتسمت له قائلة : أكيد هت**ب ، الانسجام اللي بينك وبينه بيقول كده . حاتم : إن شاء الله ، لو **بت النهارده هجيبلك هدية معايا وأنا راجع . رفعت حاجبها ثم قالت : حضرتك قولت هكون لوحدي في المزرعة . . ضحك بصوته كله ثم قال : لازم أرجع عشان الحصان ،بس ما تقلقيش همشي علي طول ، إلا إذا رأفتي بحالي وعزمتي عليه أتغدا معاكي ، هكون شاكر لك جدا . . ضحكت بسنت علي طريقتها ، إنه حقا بارع في انتشالها من تلك الأفكار التي تهاجم عقلها وتحاصره . بعد فترة ذهب حاتم وجواده جواد ، وتركها بمفردها تتفقد تلك المزرعة التي تسر النفس عند رؤيتها . . صدع رنين هاتفها باسم والدتها تارة ، ووالدها تارة أخري ، استغربت أن يوسف لم يهتم لها ، ولكنها شعرت أنه الأفضل لها أن تبتعد عنه ،فما هو إلا رجلا مادي لا يهتم سوي بالمال . . أنتهي الفصل اليوم . يا تري أيه اللي هيحصل . دا اللي هنعرفه الفصل اللي جاي . قراءة ممتعة . دمتم بخير وعافية . . .

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

"السكة شمال" بقلم /لولو_محمد

read
1.0K
bc

روح الزين الجزء الثاني بقلم منارجمال"شجن"

read
1K
bc

خيوط الغرام

read
2.2K
bc

احببتها فى قضيتى ❤️ بقلم لوكى مصطفى

read
2.3K
bc

ظُلَأّمً أّلَأّسِـدٍ

read
2.9K
bc

قيود العشق - للكاتبة سارة محمد

read
7.9K
bc

شهد والعشق الأخر

read
1K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook