الفصل الرابع
طاولة مستطيلة تمتد لعدة امتار تستقر بقاعة طعام ملكية تنتمي لعائلة المحمدي حيث يجلس الجد هاشم المحمدي مترأسا المائدة وقد استقر علي جانبيها بنيه واحفاده
عائلة أرستقراطية لها مكانتها المميزة بالبلد من حيث الثراء والأصل
ابن اكبر كان هو الرجل الثان من حيث متابعة أعمال العائلة التي تنتشر بأرجاء العالم متص*رة المراكز الأولى بالسيطرة على عدة مجالات اقلها البترول
-لقد جدد قاسم ال*قد بين شركتنا والشركات الاوروبية لتوريد الزهور
اومأ السيد هاشم معلنا عن سماعه ابنه ولم يتحدث؛ فهم يبلغونه ما لديهم كله وينتظرون قراراته او اعتراضه اذا ما وجد بعد انتهاء وجبته حين يجلس بمكتبه مناقشا اياهم بكل ما اخبروه به
- هل من جديد بشأن ما كلفتك به هاشم؟
- لا، لم اصل لشيء بعد عمي
خيبة امل احاطت به حين سمع رد ابن اخيه الذي كلفه منذ سنوات بالبحث عن زوجته واولاده الذين اختفوا منذ اكثر من عشرون عاما ولم يجدهم للان .
حانت منه التفاته ناحية جده الذي وجه اليه نظرة محذرة جعلته يخفض بصره بقلة حيلة فما الزمه به جده يؤرقه خاصة حين يري عمه يتعذب هكذا وليس باستطاعته فعل شيء
هاشم المحمدي الحفيد الاكبر لهاشم المحمدي شاب بأوائل الثلاثينيات من عمره، نسخة مصغرة من سميه فقد ورث الاسم والملامح الحادة، انف مدبب بشموخ واعين باللون الاسود الحالك تتوسط وجه بيضاوي محدد بذقن خفيف زادت من وسامته علاوة علي جسد رياضي بطول فارع وشخصية قوية تجعل الجميع يهابه خاصة انه يعتبر صاحب القرار بكل شيء خلفا لجده
-هاشم اتبعني حين تنتهي للمكتب
امر مباشر وجهه الجد قبل مغادرة المائدة
وقعت عيناه باعين جدته التي كانت تعاتبه بأعينها فلم يتحمل تلك النظرة ونهض يتبع جده لمكتبه تاركا خلفه قلوبا محترقة بعضهم بالشوق والاخر الخذلان
دلف للمكتب دون الحاجة للطرق علي الباب فجده هو من امر ولن يجرؤ احدهم علي الاقتراب من غرفة مكتبه غيره
-جدي
-كيف حالهم هاشم ؟
-بخير جدي ولكن الي متي سنخفي امرهم عنه؟
-حتي يسأم الهيثم من السعي خلفهم هو الاخر
-انه شريكك وايضا الماضي انتهي وقد قبل بما حدث
تذمر هاشم من تعنت رجلا بسبب ثأر لم يتعمده عمه بل كان خارجا عن ارادته
-هو لا يحسبها بهذه الطريقة وايضا العهد الذي قطعته له يقيدني
-عهد؟!
وعي هاشم لما قاله لحفيده فاستعاد بروده الذي تركه للحظات حين شعر بالضعف فهو فرق بين ابنه واولاده لسنوات خوفا مما سيفعله الهيثم اذا ما وقعوا بيديه
-لا تشغل بالك والان ما الذي تم بخصوص ال*قد الجديد ؟
لم يستغرب تقلب مزاج جده فهو اعتاد عليه خاصة حين يتعلق الامر بالأعمال
-هناك اجتماع سيعقده ثائر وشاهين اليوم سيحدد ما اذا كنا سنحصل عليه اما لا
- حسنا سأنتظر تقريرك بالغد
اومأ وغادر الغرفة دون اضافة حرف اخر فلا مجال للجدال الان بشأن أي امر اخر
ما ان اغلق الباب حتى وجد جسد يصطدم به حتي كاد يقع ارضا فحاول ان يتوازن بإمساكه بمن صدمه
شهقة افاقته علي وضعه، واقفا علي مقربة من ابنة عمه وذراعه متشبث بخصرها لدرجة جعلت رأسها يغوص بص*ره نظرا لفارق الطول
كتلة من الشعر ال**تنائي يلتف حول جسد يكاد يكون لطفلة لا يصل طولها لكتفيه حتي، اعين واسعة بلون اسود خلاب، تتوسط وجه بيضاوي ذو بشرة خمرية صافية
ابعدها عنه واستعاد جديته بعد ان انتهي من تأملها وراح يؤنبها
-لماذا تركضين هكذا؟
ارتبكت وحاولت ان تخرج جملة مرتبة قدر المستطاع
-كنت احاول ان الحق بعادل
-لماذا؟
-كي يأخذني معه لزيارة عمتي عالية
-لا، فهو مشغول ولن يذهب ومرة اخرى لا تركضين فانت لم تعودي صغيرة
اغتاظت من طريقته فأحيانا يقول انها طفلة واخري يخبرها بانها لم تعد كذلك
ابتسم علي ملامحها الضجرة واكمل حديثه مغيظا اياها
- والان عودي لغرفتك يا كتلة الشعر انت
انصرفت وهي تدب بأرجلها بالأرض كالأطفال مما جعله يضحك علي شكلها حيث كان شعرها الذي تخطي خصرها بمسافة يتحرك بعشوائية مخفيا جسدها من الخلف جعل لقب كتلة الشعر هو الامثل لوصفها
تن*د مطولا حتي كاد يفرغ ص*ره من الهواء وراح يفكر فيما سيفعله فقد حان وقت الوفاء بالعهد حفاظا علي كل شيء فالهيثم لم يرتضي ثمنا لدم ابنه الذي اهدر غير امواله وايضا دما من نوع اخر يجب ان يقدمه كي ينتهي الامر ويحافظ علي عائلته
-متي ستخبره؟
عرف من هي دون ان يرفع رأسه الذي اسنده للخلف عله يرتاح قليلا مما يجول به
-سأسافر لها بنفسي عائشة
-وهل ستوافق ان تقدم هذا التنازل ؟
-لقد سبق وتنازلت ليس بالأمر الجديد
جناح ملكي هو ما حظت به حين وصلت للفندق الذي اوصلها اليه احد رجال الهيثم وحرص علي توصية مدير الفندق عليها واخباره بانها ضيفة شاهين الهيثم
رافقها المدير بنفسه للجناح الذي ما ان رأته حتي اتسعت حدقتيها من الذهول لفخامته وكادت ترفض لولا ان نهاها المدير عن ذلك معللا
-الفندق ملكا للسيد شاهين وكونك ضيفته فيجب ان تكوني بأفضل مكان به
لم تجادل كثيرا واكتفت بشكره وراحت تتجول بالجناح الذي اقل ما يقال عنه انه معرض فني مصغر بداية من الاثاث المصنوع بحرفية مرورا باللوح الزيتية المعلقة التي تجعلك تشك بانها اصلية لا نسخة مقلدة نهاية بالأرضيات الرخامية التي اجزمت انها رات مثيلتها بالقصر الملكي
انتهت من تجولها وقررت ان ترخي اعصابها بحمام دافئ قبل الخلود للنوم قليلا قبل البدء بجولة بأرجاء المدينة
اكثر من خمس وعشرون عاما مروا منذ التقت به لأول مرة حينها كانت شابة لم تبلغ السابعة عشر ،غادة حسناء كما كان يحب ان يداعبها ،ساعات كان يقضيها يتغزل بأعينها البنيتين وشعرها الاسود الذي كان يضاهي الليالي غير المقمرة حلكة
احبته وغرقت ولم تجد لها منقذا قبلت به ورحب به اخيها حين رفضه الجميع كما اخبرها
تزوجته ورزقت منه بطفلين كان خالد البكري وتبعته عالية باقل من ثلاث اعوام خمس سنوات كان عمر زواجهم ،وعمر سعادتها التي انتهت باتصال والده به وطلبه عودته
ايام عاشتها بقلق ينخر بها حتي عودته التي كانت بداية النهاية
قرار بزواجه هو سك الغفران الذي يطلبه والده كي يعود مرضيا عليه..... اعتقدت ان الامر لن يشغله ولن يفكر به اساسا لكنه صدمها حين أخبرها بموافقته وان الأمر يصب بمصلحتهم
ثارت حين شعرت برضوخه لرغبه ابيه واستعداده لإشراك امرأة أخرى به لم تقبل حتى النقاش بالأمر... رفضت فكبريائها يأبى ذلك وقلبها ينزف من ان**اره
-اما هم أو انا عادل
اقتباس للفصل القادم
ما ان اقترب حتي تهادى لمسامعه لحنا راقيا من الحانه المفضلة فاسرع خطاه حتي ينعم بمنظر تراقص مياه النافورة علي انغامه فوجدها امامه!
حورية تتمايل برشاقة علي الحان معزوفته المفضلة جعلت قلبه يقرع طبولا
شعرها المتناثر حول جسدها بعشوائية بعثرت كيانه سحر القته بأيديها التي تقذفها بكل اتجاه كأنها تستدعي الهواء حولها كي يشاركها رقصتها
اقترب مسحورا بها حتي استقر علي مقربة منها غافلا عن كل شيء الا هي وخطواتها المتقنة كراقصة بالية محترفة
انهت رقصتها بعدة لفات دون ان تفتح اعينها مطمئنة لخلو المكان عدا منها لكنها شعرت بجسدها يستقر بأحضان احدهم اثر اصطدامها به فكان عناقه منقذا لها
كفيها استقرا علي كتفه وذراعيه طوقا خصرها بتملك
ظل يتأمل بوجهها للحظات كأنه لأول مرة يبصر امرأة، ثغرها الوردي الصغير الممتلئ قليلا، انفها المرسوم كما يجب ان يكون واخيرا عيناها اللتان حين فتحتهما وجد بهما بحور من العسل اذابته، غزال شارد اتت لأرضه
-اعتذر
اخرجه من تأمله بها صوتها الذي لم يقل نعومة عن ملامحها
تركها مرغما حين شعر بخجلها الذي ظهر جليا بوجنتيها
ابتسمت بحرج وهرولت مغادرة المكان دون ان تعطيه الفرصة للحديث معها