Chapter 1
صوت قطرات الماء الصغيرة تتخبط على النافذة كأنها تتوسل لإدخالها هربا من هذا الجو البارد. بالنسبة لي هي **مفونية بيتهوفن، مليئة بالهدوء والاسترخاء. كل ما تريده هو الدخول لكننا نكتفي بمشاهدة معاناتها. غير ابهين الا بانها قد تلطخ الداخل إن أذِنا لها. اعشق هذا المشهد، استطيع البقاء هكذا ومشاهدتها ل*قود من غير ملل.
وكأي حياة عادية، هناك دائما من يقاطع لحظاتك الرائعة، إنها تلك السيدة مجعدة الوجه ذات الشعر القصير والنّظارات التي تغطي نَظراتها الحادة الغاضبة اتجاهي. انها معلمتي في الوقت الحاليّ، وانا الآن في أسوء حصة في تاريخ العالم ... نعم انها حصة الآداب.
أنا اكرهها حقا. انتم لا تعلمون مقدار المعاناة التي اعانيها هنا، انها الأسوأ. وصدقوني مهما كانت المدرسة التي تدخلونها ستجدون احدى النسخ من المعلمة آنا. اسألوني انا كوني دخلت ثلاثة عشر مدرسة في الستة اشهر الماضية. رقم قياسي جديد.
المعلمة بسخرية "آنسة كاناليا هل نقاطع اي شيء من لحظات تأملك؟!"
اجبتها بملل ومن دون أي تعابير "انت تفعلين."
عقدت حاجبيها بعدم رضى لتقول بجفاء وتعالي "و**ة كالعادة، هل تظنين انني لا استطيع السيطرة عليكِ؟"
"انا لا اظن شيءً، أنا اتصرف مع جميع المعلمين هكذا انتِ فقط تعطي للأمر أهمية زائدة."
نفثت الهواء بغير صبر لتنطق بعصبية "اخرجي الآن وخذي الكرسي الذي تجلسين عليه معك."
ابتسمت بفتور اغضبها أكثر، لأرد بسخرية "لكن ليس للكرسي اي ذنب ليخرج، ألست المخطئة هنا معلمتي؟"
صرخت بقوة بينما تلون وجهها باللون الاحمر "اخرجي الآن واحمليه فوق رأسك لآخر الدوام."
( ͡°з ͡°)( ͡°з ͡°)( ͡°з ͡°)( ͡°з ͡°)
..........................
الساعة الرابعة واثنتان وثلاثون دقيقة صباحاً:
تن*دت كاناليا لتقول بملل وبرود كاسرة ال**ت "ما هي وجهتنا هذه المرة؟"
جلست وراء المقود امرأة شقراء، نظرت لكاناليا بضع ثواني قبل ان تعيد انظارها للطريق قائلة بهدوء وابتسامة فاترة، "انها منطقة جبلية."
ارتفع حاجب كاناليا للأعلى باستنكار، لتعيد ذات الكلمة التي نطقتها والدتها علّها سمعتها خطأً، "جبلية!!"
ابتسمت والدتها قائلة "نعم كانا.. هذه المرة ستكون منطقة جبلية.. اليس الامر مثيرا؟"
"وهل هناك اي احد يعيش في منطقة جبلية؟؟ ام فكرتك أن نبدأ العيش كفتى الغابة ماوكلي هذه المرة؟ او ربما مع الذئاب الجبلية!" قالت كاناليا، كان صوتها متهكماً اكثر منه ساخراً.
قلبت والدتها عينيها قائلة بصوت غير مبالي، "لا داعي لسخرية هناك الكثير ممن يعيشون هناك، ليس لكونها منطقة جبلية يعني انه لا احد يعيش هناك."
"أجل، أجل ايً يكن.. أتساءل عن المدة التي سنمكثها هناك؟" ردت كاناليا بلا أيّ مبالاة لكلام والدتها، ليس وكأن وجود اشخاص او عدمه سيشكل ايّ فارقٍ لها.
"لن يجدونا هذه المرة أُأَكد لك ذلك." خرج صوت والدتها جدياً للغاية محاولة طمأنتها بكون هذه المرة ستكون حتماً مختلفة عن سابقاتها.
كاناليا بلا مبالاة "وأنا أُأَكد لكي بأنهم سيفعلون." اكتفت والدتها ب**ت ولم تجبها، لتعلن بذلك انتهاء نقاشهما ال*قيم. وذهب كلٌ منهما لأفكاره الخاصة.
~Canalia (كاناليا)
هذه المرة الالف التي ننتقل فيها الى مكان آخر، اطول مدة بقيناها في مكان واحد كانت لمدة شهرين ثم وجدونا ورحلنا.. وكان ذلك منذ سنتين.
نحن الان في سيارة. متوجهين الى 'المنطقة الجبلية' تلك.. مكان اقامتنا الجديد. اراهن اننا سنبقى لثلاثة اسابيع ونغادر.
حسب ثرثرة امي منذ ثلاث ساعات بمحاولة فاشلة لجذب انتباهي وبث الحماسة في داخلي، علمت بأننا سنعيش في بيت يقع بجانب الجبل، وهناك على رأس الجبل تحديداً توجد مدرستنا الجديدة التي تقول بانها رائعة ومعروفة والجميع يحلم بارتيادها لكن موقعها يمنع الكثيرين من ذلك كون المنطقة بعيدة عن المدينة و 'شبه' نائية. نعم، اراهن ان طلابها يعدون على الأصابع.
عائلتي صغيرة مكونة من أمي وأخي الأصغر ذلك الغ*ي النائم في الخلف، هو اصغر مني بسنة واحدة يدعى مايكل.. أبي لم اره في حياتي كلها لأنه ميت.. حياتنا عبارة عن تنقل هروب تنقل، وهذا اختصار لكونه ليس لدي أي أصدقاء مطلقاً. انا لم احاول حتى **بهم بعد عدة مرات من تنقلنا لان الامر اصبح مزعجاً.. ومؤلماً. وقد مللت من ذلك بالفعل.
انا في الثامنة عشر ومايكل في السابعة عشر، امي في الثامنة والثلاثين رغم ذلك تبدو صغيرة جداً ب*عرها الاشقر الذي يصل لمنتصف ظهرها، وعيناها الربيعيتان. وما ساعد حقا في جعل مظهرها يبدو اصغر من سنها هو حيويتها.
في اي مكان نسكن فيه تسرق العديد من نظرات الاعجاب من الرجال، والغيرة من النساء. لكن مع ذلك فهي تمضي الكثير من الوقت خارجاً، اما عندما تعود تبقى في غرفتها تكتب فصول روايات وترسلها الى مديرها باسم مستعار ل**ب المال. لذلك نحن.. انا وهي لم نحظَ فعلياً بمحادثة جدية.. اعني.. كأم وابنتها. احيانا اظنها لا تهتم لأمري انا ومايكل، لكنني سرعان ما اتجاهل الامر. فحياتي غير مستقرة كفاية، بفضل مطاردينا.
تدعى امي كاترين اوكونيل.. ابي توماس بريطاني الأصل وهذا يفسر اوكونيل. ادعى كاناليا اوكونيل... وهذه هي حياتي حرفياً.
(●'▽'●)ゝ(●'▽'●)ゝ(●'▽'●)ゝ
.................................
بعد ست ساعات ونصف توقفت السيارة اخيراً، لتنزل امي وانزل خلفها. ما ان خرجت حتى لسعتني الرياح الباردة. الجو وا****ة شديد البرودة اكثر بمئة مرة من المنطقة السابقة. حركت يدي على ذراعي صعوداً ونزولاً لاشتم تحت انفاسي. كان عليها ان تخبرني ان الطقس هنا متجمد لأرتدي شيئا دافئا اكثر من هذا القميص ذو الاكمام القصيرة.
نظرت حولي اتفقد المكان. كان على بعد مسافة من مكان توقفنا منازل وبضع سيارات. حسنا واو علي الاعتراف لم اتوقع تواجد هذا العدد من المنازل بمنطقة كهذه.
توجهت امي للمنزل الذي توقفنا امامه لتقول بحماس كعادتها. "هذا منزلنا الجديد اليس رائعاً؟" كان تأكيدا اكثر منه سؤالاً.
تجاهلت سؤالها وبقيت صامتة احدق بالمنزل من الخارج، كان ذو طابقين، كبير نسبياً. الطابق الثاني فيه واجهة زجاجية. انه حقاً جميل. لكن يا للأسف سنتركه قريبا.
فتحت باب السيارة الخلفي لأوقظ الغ*ي مايكل برفسة من قدمي، ليستيقظ خارج السيارة وهو يتألم.
دخلنا بعدها وادخلنا الحقائب، اخترت احدى الغرف في الطابق الثاني ووضعت حقائبي فيها. وامي اختارت الغرفة المقابلة لغرفتي وادخلت حقائبها الكثيرة فيها. ببنما مايكل اختار المجاورة لي.
اخذت حماما لأنزل بعد دخول امي لتأخذ هي الاخرى حماماً. كان مايكل يجلس على الاريكة البيضاء بينما شعره الاشقر المائل للبني كلون خاصتي مبتل، لابد انه اخذ حماما لتو هو الآخر.
جلست جواره على الاريكة.. الاثاث جديد أتساءل متى وجدت امي الوقت لتضعه. البيت واسع ومريح واهم شيء التلفاز الكبير.
ارخيت ظهري على الاريكة وامسكت بجهاز التحكم لأشغل التلفاز. قلبت بين القنوات بملل، لينطق مايكل كاسراً ال**ت، "كانا.."
همهمت ليكمل "اليس المكان جميلاً ومريحاً. ان بقينا هنا هذه المرة سيكون الامر رائعا."
أجبته بملل "ان بقينا في اي مكان دون التنقل المستمر سيكون الامر رائعاً.. بغض النظر عن المكان."
حاول مايكل رفع آمالي او على الاغلب آماله بقوله بعد دقائق من ال**ت "امي قالت..".
قطعت جملته قبل ان يكمل هذا الهراء الذي يتكرر مراراً "امي دائما تقول ذلك.. نحن سنستقر في احلامك الوردية فقط."
قال بإحباط كبير "يا اللهي، يا لكي من متشائمة انتِ تحبطين عزيمتي."
سخرت دون ان ابعد عيناي عن التلفاز "كأنك لا تعلم ذلك ايها المتفائل."
استلقى مايكل على الاريكة ليردف متململا، "اعتدنا على هذا على اي حال، ثم.. من الرائع التعرف على الفتيات من مختلف الاصناف." قال بحزن لتتبدل نبرته لواحدة لعوبة في منتصفها.
رفعت حاجباً ونظرت له بعينين نصف مفتوحتين لأخاطب نفسي بهمس، "اصناف؟! تؤ تؤ تؤ نحن الاناث في خطر من امثاله."
رن جرس الباب فجأة. قلت بتذمر "من هذا الغ*ي بحق الاله.. اذهب وافتح الباب مايك."
رد بثقة عمياء وتعابير **ولة، "الخاسر يفتح الباب."
اتسعت ابتسامتي مجيبة دون أي تردد، "اتفقنا."
عند العد لثلاثة رفعت يدي بكل ثقة متأكدة من فوزي، ولم القي عناء النظر حتى لما اختاره.
مايكل—مقص
كاناليا—حجر
ليقول بتذمر واضح وهو يقف "كيف تفعلينها في كل مرة!؟" لم اجبرك على اختيار اللعبة يا ذكي. ابتسمت لأرد بعجرفة "سر المهنة." هذا الغ*ي يختار المقص دائما يا له من فاشل بهذه اللعبة، ويالَ حسن حظي..
لم يلبث مايكل دقائق حتى عاد وعلامات الاستغراب تملأ وجهه لأسأله باستغراب "من؟"
أجاب وهو يحك م***ة رأسه باستغراب، "لا احد.. لم يكن هناك احد.. لابد انهم أطفال يتسلون."
"بداية مذهلة."
(๑'ᴗ')ゞ(๑'ᴗ')ゞ(๑'ᴗ')ゞ(๑'ᴗ')ゞ
.................................
السابعة ودقيقتان صباحاً:
كاناليا "مايك هيا ستفوتنا الحافلة تقول امي انها تغادر باكراً، ان لم ترد الذهاب لرأس الجبل سيراً فأسرع."
مايكل "حسنا، حسنا قادم."
—خارجاً وهما يسيران—
كاناليا "حسب المعلومات التي انتشلتها من امي في الساعتين هذا الصباح، سيتوجب علينا السير ايضاً، الحافلة لن توصلنا لرأس الجبل تماماً."
مايكل بتذمر "بحق خالق السماء الم تجد امي مدرسة اقرب!"
كاناليا "هل تظن اننا في المدينة.. انها المدرسة الوحيدة هنا."
~Canalia (كاناليا)
ركبنا الحافلة لنمرر بطاقاتنا وندخل، كانت الحافلة معظمها طلاب والباقي أناس عاديون. استغرق الطريق نصف ساعة تقريبا.
ثم توقفت الحافلة لننزل، واضع يداي في جيوب معطفي، الجو بارد كا****ة. سرنا بعدها حوالي عشر دقائق لنصل للساحة الأمامية الخاصة بالمدرسة. لأفتح فاهي بدهشة عارمة.
انا لم اتخيل بانها ستكون بهذا الحجم وهذا الكم الكبير من الطلاب. بدى بناء المدرسة كالقصور العريقة الخاصة بمصاصي الدماء او من احدى القصص الخيالية. وما زاد من هيبتها وفخامتها الجو المحيط البارد. او بالأصح المتجمد. حرفياً لا اشعر بأطرافي.
سمعت همسة مايكل بجانبي ب 'وااو' بدهشة لم تقل عن دهشتي. لكن لحظة...
أمعنت النظر حولي، ما هذا بحق خالق الجحيم، ان اغلب من هم بهذه المدرسة مستذئبين. هل تمزح معي امي! هي لم تذكر شيئا عن قطيع مستذئبين ضخم في المدرسة. هل فقدت عقلها هل سيكون هذا آمناً.
نظرت الى مايكل لأرى انعقاد حاجبيه، لابد انه لاحظ ايضا. حول نظره لي ب**ت وغير فهم. لأزفر بضيق، واقول "عندما نعود سنستفسر منها، اما الان تعرف ما يجب عليك فعله صحيح؟"
رمقته بنظرات جادة لأحرك شفاهي من غير ان انطق تحسبا لكي لا يسمعنا او ينتبه لنا احد، فالمستذئبين يتميزون بحاسة سمع حادة. كاناليا، "كبشري طبيعي.."
هز رأسه بملل ليردف "انا سأذهب الان انتبهي لنفسك جيدا واتصلي بي ان حدث شيء حسناً؟"
وغادر دون حتى سماع اجابتي. سيد محب الفتيات كعادته المعهودة ذهب ليتعرف على بعض الفتيات ويأخذ ارقامهن. على الرغم من عدد المستذئبين الهائل الا انها لا تخلوا من البشر.
تن*دت لأسير لداخل بينما بعض الانظار تحولت لي واخرى لم تبالِ ظانين انني بشرية ضعيفة غير مثيرة للاهتمام. وهذا هو المطلوب.
دخلت لداخل مبنى المدرسة، لاندهش اكثر. انها ارقى مما توقعت واكبر بكثير مما تبدو عليه. حسنا بالنسبة لمدرسة توجد في منطقة كهذه فهي.. ما هي الكلمة؟ نعم، خلابة.
على الاغلب انها تحت رئاسة احد قطعان المستذئبين المعروفة بقوتها، والا لما كانت هكذا.
اكثر ما اكرهه الاختلاط بالخوارق للطبيعة كما يسموهم البشر. خاصة الذئاب. لان حواسهم اقوى بعشرات المرات من الاخرين، بالإضافة إلى انهم اقوياء وقد يكون بعضهم مغرورين للغاية اتجاه من هم اضعف... كالبشر. منهم من يكون شديد الملاحظة ايضا. لهذا يتوجب علي ان اكون اكثر حذرا في تصرفاتي ضعف ما اكون مع البشر، وهذا متعب وبغيض. قد اشعر بالفرح هذه المرة عندما ننتقل.
أتساءل اي مجموعة هي هذه. نظرت حولي لأدرك انني ضائعة تماماً. المدرسة كبيرة ولا اعلم اين يقع مكتب مساعد المدير. الذي من المفترض ان آخذ منه جدول حصصي.
لمحت فتاتين تقفان قرب النافذة وتتهامسان وتضحكان وهما تنظران للخارج لشيء ما. تجاهلت الحماسة الغريبة التي تظهرانها، وتقدمت لأسأل عن مكان مكتب مساعد المدير.
التفتت احداهما لي ب*عر بني قصير ويبدو انها مستذئبة، بينما الاخرى بشرية. بقيت البشرية تنظر لبقعة ما متجاهلة سؤالي كلياً، بينما المستذئبة التفتت لي لتجيب "انت في الطابق الثاني اصعدي للطابق الرابع، ثم سيري لأقصى اليمين ستجدينه هناك."
انهت كلامها بابتسامة لابتسم بالمثل واشكرها. صاحت فجأة صديقتها البشرية "لقد أتى، لقد أتى.."