الفصل الأول "الجزء الثاني"

1267 Words
نهضت لتبتعد عن الزحام و تجلس بـ مكان هادئ لتُتيح لرأسها التفكير بـ طريقةٍ سليمة وقع إختيارها أسفل شجرة بـ حديقة خضراء خالية.. لتجلس أسفل الشجرة و وضعت قُبعتها الصيفية فوق رأسها وضعت سماعات الأُذن لتستمع إلى بعض الموسيقى الكلاسيكية و لكن صوت خرج من آلة تصوير أوقفها لتجد شاب يرتدي قميص أبيض فُتحت أول ثلاث أزرار منه و بنطال أ**د يقف أمامها بـ آلة تصوير تحجب ملامحه يلتقط لها صورة -عفوًا ولكن ماذا تفعل!... أبعد الشاب آلة التصوير عن وجهه وقال بـ إبتسامة عميقة، خلابة وهو ينظر إليها بـ عينيهِ الزرقاوين -آسف لم أقصد ولكن ملامحك جذابة… كانا يتبادلان الحديث بـ اللغة الإنجليزية نظرًا لعدم إلمامها بـ اللغة الإيطالية لتعتدل بـ جلستها ثم أردفت وهي ترفع حاجبها بـ إستنكار -و ما دخل ملامحي بـ آلة تصوريك؟… ضحك الشاب و إقترب منها ثم جثى أمامها مُتساءلًا بـ لباقة -أيُمكن أن أجلس!... أشارت بـ يدها بـ معنى تفضل فـ جلس أمامها ثم قال بـ إبتسامة ودودة -أُدعى إيليا البارودي صاحب شركة روسينا للعطور -ردت بـ صوتٍ ناعم:تشرفت بـ معرفتك… رفعت يدها لتُصافحه وكذلك هو.. قبض على يدها بـ نعومة ثم تساءل وهو ينزع آلة التصوير عن عنقهِ -ولكن لم أعرف اسمك -هتفت بـ إبتسامة:لأنني لم أُخبرك من الأساس… قهقه إيليا بـ صوتٍ رخيم ثم مسح لـ يدهِ على خُصلاتهِ و قال بـ نبرةٍ توازي رخَامةْ صوته -حسنًا آنستي.. ولكن من أين أنتِ؟ -من أين أنت أولًا… ضحك إيليا ضحكةً رائعة جعلتها تبتسم هي الآخرى ثم هتف بـ شقاوة رزينة -عذرًا آنستي ولكن أنا من سألت أولًا -لقد ربحت تلك المرة… عدلت خُصلاتهِا التي تتطاير بلا هوادة فـ تفاجئت به يلتقط صورة أُخرى ليوضح قائلًا بـ حرج -عذرًا ولكن لم أتمالك نفسي… حدقت به صامتة دون تعبير مُعين فـ بدأ إيليا يشعر بـ الذنب إلا أنها قالت بـ النهاية بـ صوتٍ هادئ -لا بأس.. و لكن لن أُجيب سؤالك -عادل بما فيه الكفاية… إبتسمت بـ تكلف ليردف إيليا بـ جدية -سبب قدومي إليكِ و تصوريك هو أنني أُعجبت… **ت يُعدل حديثه حينما لاحظ تجعد جبينها بـ طريقة لا تكاد تُلحظ -أقصد أُعجبت أنا و شريكي بـ العمل بـ ملامحك الفاتنة و أردنا أن نجعلك واجهه إعلان عطرنا الجديد… **تت ثم إتسعت عيناها وهي تحاول إستيعاب ما قاله.. فغرت فاها لثوان ثم سألته بـ إستدراك -واجهة ماذا؟! -أجاب إيليا بـ صبر:عطرنا كما تعلمين أنني أمتلك شركة آآ -قاطعته قائلة:أعلم أعلم ولكن هل تتحدث بـ جدية؟… أومأ دون أن يرد. كيف له أن يأتي بـ ذلك الوقت الذي هي في أمس الحاجة إلى المُساعدة بعدما رحلت إلى هذا البلد الغريب وهي لا تكاد تعي ما يحدث معها الذكريات القاسية التي كانت تُهاجمها من حين إلى آخر جعلت منها ورقة في مهب الريح.. تتحرك من مكان إلى آخر دون هدف و تكاد الأموال التي حصلت عليها تنفذ قاطع سيل تفكيرها صوت إيليا وهو يتحدث يحاول إقناعها -أعلم أنني فاجئتك ولكن لا تقلقي تستطيعي البحث عني و عن الشركة كيفما تشائين -سألته مباشرةً:ولكن كيف تعرض العمل بهذة الطريقة.. ماذا إذ كُنت لا أبحث عن عمل أو أنني شخص لا يُمكن الوثوق به! -أجاب وكأنه شئ بديهي:العمل عمل.. وهناك عقود و شرطة.. أعتقد أنك فهمتي إلى ماذا أريد قوله… أومأت صامتة فـ إبتسم إيليا وقال بـ نبرةٍ مُطمئنة وهو يُعاود وضع آلة التصوير حول عنقه -أفهم ترددك لذلك سأترك لكِ هذا.. وسأنتظر قرارك آنستي… مدّ يده بـ بطاقة تعريف خاصة به لتلتقطها منه وقبل أن تسحبها أمسك يها إيليا و قَبّلها بـ رُقي كما مظهره تمامًا ثم قال بـ تملق -تشرفت بمعرفتك.. و أتمنى أن نعمل سويًا آنستي الجميلة… ثم نهض إيليا على مضض وكأنه لم يرد النهوض.. إنها تجذبه كما المغناطيس تمامًا بـ ملامحها الفاتنة بـ جماح قوي يصعب ألا يقع بـ شباكهِ أي رجل ولكن سؤال ألح عليه وهو يبتعد مُحدقًا بـ صورتها بـ آلة التصوير مَنْ مِنَ الرجال ستقع له؟! *************************************** -و بعدين! متعرفش راحت فين!... تساءل وهو يُحدق بـ عدة أوراق أمامه ليرد رجل يبدو في الأربعين من العُمر بـ إحترام -لا يا باشا.. ركبت الطيارة اللي رايحة فرنسا بس بعد يومين بالظبط إختفت منها.. حتى الأماكن اللي كنا موفرينها ليها مرحتهاش -تمام روح أنت و متشغلش بالك تاني.. أهم حاجة عاوز ملكية الحاجات اللي عيلتها أخدتها مني ترجع حتى لو دبحتهم -تحت أمرك يا باشا… تركه الرجل و رحل ليضع أرغد الأوراق فوق المكتب ثم توجه إلى النافذة يُحدق بها و يتذكر تلك المُدة التي تلاعبت به تلك الحقيرة ولكن ليست هي فقط كِلاهما كانا أفاعي سامة لبعضهما.. يلتفان حول أجساديهما ليحكم الخناق حولهما يبثان السموم لتجري بـ الدماء فـ تحولها إلى آخرى سوداء.. كانت علاقة مقيتة محفوفة بـ القذارة و لكنه رجل أعجبته إمرأة تجيد فن الإغواء وهي أُنثى أذهلتها الأموال فـ طافا كِلاهما بـ رغبتيهما حتى باتا عبدين لها و كان ما كان تلك المُدة التي أغدق عليها بـ الأموال و المجوهرات و البيوت الفارهة و هو يعلم جيدًا أنها لم توافق إلا من أجل أمواله و استغلت هي ذلك.. ساقها غرورها أنه أصبح عبدها فـ خانته ولكن من هي لتخون أرغد الرازي!.. أرغد الرازي ي**ن ولا يُخان قاعدته كـ قاعدة جميع الرجال كما أغدق و دلل ها هو أغرق و قسى.. عاقب بـ أكثر الطُرق قذارة ولكنها هي ما أرضت غروره الذكوري.. عليه أن يسترد كُل ما سُرق منه إبتسم بـ إنتشاء كُلما تذكر ملامح وجهها و هو يُخبرها أنها لم تكن…. قاطع سيل أفكاره صوت طرقات تتبعها دلوف السكرتيرة المؤقتة ثم قالت بـ نبرةٍ خافتة -في واحدة مُصرة تقابل حضرتك -سأل دون أن يستدير:مين! -بتقول أنها خالة حضرتك… إرتفع حاجبيه بـ تعجب.. خالته! لِمَ تذكرته الآن!.. عائلته التي لا يعلم عنها شئ بعد رحيل والدته مُنذ سنواتٍ عدة حك صدغه بـ تململ ثم قال بـ جمود وهو يستدير ليعود ويجلس فوق مقعدهِ الوثير -خليها تتدخل… أومأت و خرجت لتعود بعد عدة لحظات وخلفها سيدة بسيطة الهيئة جميلة الملامح تُشبه والدته إلى حدٍ كبير فـ أشارت إلى السيدة لتتقدم و تجلس أشار إليها أرغد لترحل فـ فعلت و خرجت بينما تقف السيدة و كأنها فتاة مُذنبة أمامه وهو لا يُبالي حقًا أشار أرغد إليها بـ الجلوس دون أن يفتح فمه و إنتظرها تتحدث حتى قال هو بعدما يئس من **تها بـ ملل -أظن أنك مش جاية تسمعيني سُكاتك.. اليوم طويل وأنا عندي شُغل… عضت السيدة على شفاها بـ توتر و حزن.. قاسي كما عهدت والده اللعين.. لم تره أبدًا فـ لم يسمح لها أو لعائلتها القدوم و رؤية ش*يقتها.. والآن هي تجلس أمام ابن ش*يقتها الذي لا تعرفه قبضت يدها وقالت بعد **تٍ طويل و تردد بالغ -أنت.. أكيد متعرفنيش -لأ أعرفك.. الوالدة حكتلي عنك… **تت قليلًا على الأقل ش*يقتها لم تنسَ.. عضت ل**نها ثم أجبرت نفسها على الحديث تحت نظراته المُدققة كـ سهام قاتلة -كويس.. قصداك فـ خدمة… ثم **تت تنظر إلى ملامحهِ الصخرية دون حديث.. حاولت أن تستشف ردة فعل له ولكن لا شئ وكأنه تمثال جامد لا يملك حياة.. ليزداد توترها و وصل ذروته حينما سمعت صوته يقول -كملي سامعك… أغمضت عيناها بـ قوة تشد على جفنيها.. قلة الحيلة جلبتها اليوم إلى هُنا.. لتفتح عيناها بعد لحظات قائلة -هتساعدني حتى وأنت متعرفنيش! -إبتسم بـ سُخرية وقال بـ ثِقل:الضفر عمره ما يطلع من اللحم… تجعدت ملامحها بـ أسى من نبرتهِ الثقيلة و ملامحهِ التي تنطق بـ السُخرية المُميتة و لكنها إبتلعت كل هذا من أجل حاجتها -مش محتاج تعرف الأول أني خالتك ولا لأ! -أجاب بـ هادئة إلا أنها أوصلت ما يُريده:أظن إنك أذكى من إنك تكذبي و أنتِ عارفة مين أرغد الرازي… أومأت بـ توتر بالغ ثم قالت بعد عناء -محتاجاك تشغل بنتي عندك.. أي حاجة مش مهم بس أهم حاجة تشغلها زي ما قولت الضفر عمره ما يطلع من اللحم وإحنا يا بني محتاجين لمساعدتك… نقر أرغد على المكتب بـ أناملهِ وهو يعترف بـ داخلهِ أنها فاجئته بـ الأول ظن أنها ستطلب مبلغ مالي كما أوحت حالتها المتدهورة ولكن عمل!.. لقد فاق توقعاته لذلك إبتسم بـ خُبثٍ و حك ذقنه بـ تفكير طويل إنتهى بـ كلمة واحدة أجفلت السيدة وأخافتها لسبب لا تعلمه و لكن قلبها نبأها أنه كـ والدهِ تمامًا -موافق...
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD