أوقف نبراس السيارة أمام البناية التي تقطن بها ميار ولكنه لم يسمح لها بـ الترجل.. فـ أمسك يدها سألها ضاحكًا
-أنتِ لسه زعلانة!...
ذمت ميار شفتيها المُمتلئة بـ غضب فـ تُصيبه بـ حرارة حارقة وهو يُحدق بـ شفتيها الشهيتين ينتظر إجابتها ولكنها لم ترد ليُردف بـ جدية و هدوء
-على فكرة أنا كُنت بهزر.. مفيش داعي تزعلي…
سحبت ميار يدها من ثم تأففت قائلة بـ نزق و هي تنظر إليه بـ حنق
-مكنش فيه داعي تعمل حركاتك مع البنات دي معايا.. أنا مش زيهم يا نبراس
-أنا عارف إنك مش زيهم ولا هتكونِ فـ مكانة تجمع بينك و بينهم.. أنا بس هزرت و هزاري كان تقيل…
هتف نبراس بـ هذه العبارة و الجدية ترتسم على ملامحهِ و كذلك نبرته التي لم تستطع ميار إلا تصديقها لتبتسم قائلة
-خلاص محصلش حاجة.. هات الشنطة بتاعي…
إرتخت ملامح وجهه بـ راحة ثم أردف بـ نبرةٍ مازحة، دافئة
-قوليلي الأول صالحتك يا نبراس
-صالحتك يا نبراس.. هات الشنطة بقى…
إلتقط الحقيبة من أسفل ساقهِ ثم أعطاها إياها هاتفًا
-إتفضلي يا ستي الشنطة.. بس ما شاء الله إيدك جت فـ الجون
-قالت عابثة:إحمد ربنا إنها مجتش فـ العارضة…
دفع رأسها بـ خفة ثم قال ضاحكًا وهو يفتح القفل الإلكتروني الخاص بـ السيارة
-طلعتي مش سهلة لأ وسافلة…
وضعت يدها على ص*رها وكأنها أُصيبت بـ حرج ثم قالت بـ نبرةٍ لائمة
-من بعض ما عندكم يا نبراس باشا الرازي
-طب يلا إنزلي بدل أما أوريكِ اللي عندي كله…
أخرجت له ل**نها لتُغيظه فـ ضحك لتفتح باب السيارة و كادت أن تترجل إلا أنها توقفت و سألته
-مجاوبتنيش يعني.. ليه لحد دلوقتي مجربتش توافق على أي معاد.. و تجاوب بجد لأني مش هصدق اللي قولته من شوية…
تن*د نبراس و بـ رأسهِ يطوف مئات الإجابات هل عليه أن يكون صادقًا و يُخبرها ولكن بـ تلك الحالة سيخسرها أم يكذب و لكن سيظل نادمًا على تلك الكذبة.. إلا وأنه بـ النهاية أجاب بـ كذبة ولكنها صادقة
-لأن فيه واحدة عاوزها ة مش عارف هي عوزاني ولا لأ
-أه…
قالتها ميار بـ إحباط و إن**ار لم يلحظه نبراس ثم أجبرت نفسها على الإبتسام قائلة بـ زيف
-أتمنى إنها تطلع عوزاك…
أومأ نبراس بـ **تٍ لتترجل ميار و أغلقت الباب خلفها ثم لوحت بـ يدها له لينطلق بعدها سريعًا.. ظلت هي تنظر خلفه حتى همست بـ غل
-يارب تتقرطس يا نبراس الكلب…
أما هو فـ قد عاد إلى المنزل بـ تثاقل تلك الغ*ية إنها تُثِمله و لكنها لا تفهم ولا تعي ما يحدث معه.. تتمنى له أن يكون مع أُخرى و لكن كيف وهي لا تسمح له
لا يعلم متى بدأت مشاعره تتغير تجاهها ولكن كل ما بات يعلمه أنه لا يستطيع أن يدع آخر يأخذها ولا أن يكن مع غيرها و يقف بينهما عقبة أنه لا يستحقها
ض*ب نبراس على ص*رهِ بـ قوة أسهم الحُب لا ترحم.. هو حقير و يعلم ذلك لذا هو يرى أنه لا يستحقها أبدًا خاصةً وبعد ما حدث مع أريام
إصطدم بـ طريقهِ بـ فتاة لا تصل إلى مستوى ص*رهِ فـ سقطت متأوه ليُجفل و يُمد يده يُساعدها على النهوض ثم قال مُعتذرًا
-آسف مكنتش مركز
-هتفت الفتاة:لأ الغلط مني أنا كُنت ماشية بسرعة و مش مركزة…
نفضت ثيابها و وقفت مكانها حيث يسد نبراس طريقها والذي سألها
-أنتِ محتاجة حاجة!
-حضرتك مين!
-حضرتي واحد من أهل البيت دا.. نبراس الرازي…
إتسعت عينا تالة وهي تعي هوية ذلك الشاب.. إنه ش*يق أرغد ليخرج من فمها تلقائيًا
-أنت أخت الحقير اللي فوق دا!!...
شهقت وهي تضع يدها على فمها بـ ذعر و قبل أن تعتذر وجدت نبراس يضحك قائلًا بـ مُزاح
-أيوة أخوه.. أنتِ بقى مين!
-أجابت بـ إرتباك:كُـ.. كُنت.. جا ية فـ شغل.. مساعدة خاصة
-أها…
أومأ نبراس بلامُبالاة ليبتعد عن طريقها قائلًا وهو يلوح لها
-مبروك.. هنتقابل كتير…
و دلف تاركًا إياها دون حديث ليجد أرغد يجلس أمام التلفاز فـ توجه نبراس إليه و سأله مُباشرةً
-أنت عاوز من البنت اللي بره دي إيه!...
نظر إليه أرغد بـ خمول قبل أن يرد بـ عبث وهو يعود بـ أنظاره إلى شاشة التلفاز الضخمة
-أنت قابلتها.. اسمها تالة
-أنا مالي بـ اسمها.. أنت عاوز منها إيه! …
وضع أرغد يده خلف رأسه ثم قال بـ إريحية و نبرةٍ ماكرة
-والله هي اللي عاوزة مني
-ليرد نبراس بـ إشمئزاز:و أكيد هتدفع مُقابل اللي أنت هتديهولها…
ذم أرغد شفتيه بـ عبوس مُصطنع ثم نظر إلى نبراس و قال
-إخص عليك يا نيبو.. بقى أنا أعمل خدمى لوجه الله وأنت تشك فيا كدا
-واللي زيك يعرف ربنا…
ضحك أرغد دون أن يرد ليُقرر نبراس الصعود ولكن عاد الأول وقال بـ مكر
-عموما دي بنت خالتك. طلبت مني شُغل وأنا وافقت.. متبقاش تظن فيا ظن وحش عشان منزعلش…
إستدار إليه نبراس مُتفاجئًا.. إبنة خالته التي لا يعرف حتى ما هي ملامحها.. و لِمَ وافق ش*يقه على تلك الفعلة رغم أنهما لا يكترثان لعائلتهما
لم يستطع النطق ليجد أرغد ناهضًا ثم سحب مفاتيحه و مُتعلقاته الشخصية قائلًا بـ خُبثٍ و نبرة سوداء
-متقلقش هي لا رهان ولا أنت ليك دخل بيها ولما أبقى أأذيها مش هلومك ولا هفكرك بـ عملتك…
دكنت عيناه بـ لونٍ قاتم لا ينفك أرغد و يُذكره بما فعله مع أريام ولكن عزائه أنه لم يكن يعلم أنه سيفعل ذلك أليس كذلك
إنه حقير قذر
************************************
بعد مرور سنتين
طرقت الباب.. باب مكتبه بعدما عملت هُنا مُنذ سنتين.. لم تكن تعلم أنها ستوافق عما تعمله.. و ما تفعله من أجلهِ
إنها هُنا بـ شركتهِ بعدما كانت بـ منزلهِ صباحًا.. تأتي صباحًا كل يوم تُحضر طعام الإفطار و توقظه ليأخذ حمامًا سريع ثم تُحضر ثيابه ثم ينطلقان إلى الشركة ليبدأ عملها الآخر
لا تنكر أن مرتبها الشهري سخي و المُجزي يجعلها تبتلع ما يحدث يوميًا منه لذلك عليها أن تتحمل
سمعت صوته يسمح لها بـ الدلوف لتأخذ نفسًا عميق و تدلف.. لم تحتج لأن تبتسم حتى و إن كانت مُجبرة لأنها تعلم أنه يعلم أنها تكرهه و تكره تواجدها معه و لكنها مُجبرة
إلتفت أرغد إليها.. لم يتغير طوال تلك المُدة لا شكلًا أو أخلاقيًا.. بل إنه ينحدر إلى القاع أكثر
إبتسم بـ عبثيتهِ المُعتادة ثم تقدم منها و جلس فوق المكتب لتقترب هي بـ كعبها العال الذي يُجبرها على إرتداءهِ بـ مُنتهى الصلف و التعنت و وضعت فوق المكتب ملفًا أصفر اللون ثم قالت بـ عملية بحتة
-دا ملف فيه كل حاجة حضرتك محتاجها عشان الإجتماع.. و موجود فيه ال*قود لو حصل إتفاق فـ نفس الإجتماع…
أخذ أرغد الملف بـ **تٍ تام ثم تفحصه تحت أناظرها بـ بُطءٍ مُتعمد يفعله دائمًا لطالما أنه يُغيظها ليضعه بعدها قائلًا بـ سماجة وهو ينظر إلى فتحة عُنقها الضيقة
-عظيم…
تململت تالة بـ وقفتها وعلمت ما يقصد إلا أنها قررت التجاهل كما تفعل دائمًا ثم قالت بـ نبرةٍ جامدة
-تمام يا فندم.. الوفد الإيطالي وصل من شوية و حبيت أبلغك
-طيب…
نهض أرغد و جذب سترة بذلته و أثناء إرتداءها أردف
-إعملي حسابك هتحضري الإجتماع دا
-صرت على أسنانها قائلة:تحت أمرك يا فندم…
ضحك أرغد بـ خفوت لم تكن عادتها أن توافق بـ تلك السهولة و لكن يبدو أنها تعلمت.. لترفع تالة حاجبها لضحكه الذي لم يُحاول جهدًا ليُخفيها ذلك الحقير
جذب أرغد رابطة عنقه السوداء ثم إلتفت ليقول وهو يتكئ بـ ظهرهِ إلى حافة المكتب
-إربطيلهالي يا مدموزيل تالة…
زفرت بـ نفاذ صبر ثم تقدمت منه لتجذب رابطة عنقه و بدأت في ربطها كما تعلمت.. بينما هو يستمتع بـ ذلك القُرب منها و توتر جسدها و إرتعاشه كُلما إقترب
وضع أرغد يده على خصرها فـ إنتفضت تالة مُبتعدة قبل أن تُنهي إتمام الرابطة ثم هدرت بـ حدة متوترة
-مش هتبطل إيدك دي شوية!
-رد بـ براءة:إيه خوفت عليكِ تقعي
-لو سمحت إحنا فـ الشغل.. إلزم حدودك شوية…
أومأ أرغد ضاحكًا لتشتعل عيناها بـ غضب أكثر ثم أشار إلى رابطة العُنق وقال
-طب كملِ يلا هنتأخر على الـ meeting…
زفرت نفسًا غاضب بـ حدة ثم تقدمت منه و أكملت عملها و قبل أن تُخفض يدها و تبتعد كان أمسك يدها و مال إليها لتنتفض تالة بـ نفور إلا أنه لم يأبه و همس بـ عبث
-بعترف أنتِ أكتر واحدة تعبتني عشان بس أوصلها…
سحبت تالة يدها من غاضبة ثم قفزت بعيدًا عنه و هدرت بـ حدة نافرة
-و هتفضل تتعب و مش هتوصلي يا أرغد بيه.. أنا مش رخيصة زي ما أنت فاكر…
رفع حاجبيه مُعجبًا بها لتقترب هي دون أن تأبه له و سحبت الملف إلا و قبل أن تبتعد قال بـ مكر على الرغم من نعومة نبرته
-متقلقيش ليا أساليب تانية تجيبك راكعة.. بس أنا حبيت اللعبة و هنلعب لحد أما تقولي كفاية…
تركها جامدة في مكانها و تحرك هو بـ خُطىٍ ثابتة، واثقة يجعل قلبها يعتصر مع كل خطوة.. دائمًا ما تعلم أنه سيض*ب و كُلما توقعت كان يُخلف توقعها فـ يتركها حائرة، مُذبذبة.. تخاف أن يض*بها على حين غفلة فـ يُصيبها بـ شدة و يترك روحها تصعد إلى السماء بـ بُطء
لقد سمعت الكثير من حكاياتهِ وعاصرت الكثير.. رأت ما لم تره ولن تره غيرها.. إنه ذئب صبور.. يعلم متى تُنهك فريسته فـ يغرز أنيابه بها و تتركه هي يُنهي حياتها لكثرة إنهاكها و يأسها من الهروب
توقف أرغد ينتظرها و حين طال إنتظاره هتف بـ صوتٍ قوي جعلها تنتفض
-هنتأخر يا آنسة يلا…
أغمضت عيناها و أخذت نفسًا عميق ثم ض*بت بـ كعب حذاءها الأرض خلفه حتى غُرفة الإجتماعات وقبل أن يدلفا سألها
-نبراس وصل!
-أجابت بـ نبرةٍ صخرية:لسه فـ أوضة مكتبه.. شوية و هيحصلنا…
أومأ نبراس و فتح باب الغُرفة بـ ه***ة بالغة.. كان يوجد عدد قليل من نظائره بـ الإجتماع.. يجلسون على الطاولة الزجاجية، المُستديرة إثنين يوليانه ظهرهما أحدهما يقف و الآخر يجلس بـ مقعدهِ
قتمت عيني أرغد بـ غضب.. كيف لأحد أن يجلس مكانه!.. إنه أكثر ما يُغضبه أن يؤذي أحدهم غروره.. ليستدير إلى تالة وعيناه تُطلقان شرر قاتم ثم هدر
-إزاي تسمحي لحد يقعد مكاني!...
كادت تالة أن ترد ولكن صوتٍ آخر أجابه.. صوت يعلمه جيدًا و يُصيبه بـ النفور و الغضب.. تلك النبرة الأنثوية الجامحة التي سحرت "زير نساء" مثله تصدح بـ غرور. وإغاظة
-مش ذنبها.. أنا اللي أصريت أقعد هنا.. مكانك…
لتلتفت و تُعلن عن وجودها بعد هروب دام سنتين.. تجلس فوق مقعده كما يجلس تمامًا ساق فوق أُختها و ذراعيها تستريحان فوق مسندي المقعد.. نظراتها مُحملة بـ التحدي. و الجراءة كما إعتاد.. و تشمخ ذقنها وكأنه لم يؤذها أبدًا
النقطة السوداء بـ حياتهِ
الخائنة الوضيعة
الفاتنة الحقيرة
إنها أريام القاسم