bc

Me, Bet & Regret | أنا، رهان وندم

book_age12+
12
FOLLOW
1K
READ
drama
sweet
bxg
humorous
lighthearted
witty
office/work place
friendship
slice of life
stubborn
like
intro-logo
Blurb

عمر التاسعة عشرة هو الحافة بين النضوج وأخر سنوات المراهقة، إنه العتبة التي تفصل بين عالمين مختلفين، وتمامًا في هذه الحافة كانت "يوميّ فوجيوارا" تتآرجح بين تحقيق أحلامها والانصياع لرغبة والدها...نزاع أدى لرهانٍ بينهما، ألقى بها هذا الرهان مع رئيسٍ يكرهها حد النخاع ولا يرغب سوى بالتخلصِّ منها. ولكن هيهات، إن كان الثمن هو الحصول على حريتها في النهاية فقد قررت يوميّ الصبر ستة أشهر والفوز في الرهان -بالطبع مع ممارسة الكثير من اليوغا لتهدئة أعصابها- أضف لهذا مخطط انتقام محكم ينسج في الخلفية وها أنذا أعدك بدراما عمل من الطراز الأول!

chap-preview
Free preview
(1)
تساقطت قطرات المطر وض*بت الأسفلت بنغمةٍ رتيبة، تناثر الرذاذ مع مرور السيارات فوق برك المياه المتجمعة ومع كل خطوةٍ أخذتها شكلّ كعب حذاءها الأحمر القانيّ دواماتٍ صغيرة، لمع الخلخال مع الأضواء القادمة من نوافذ المحلات، ترنح فستانها الأبيض وسقطت خصلها التي باتت داكنة بفعل المطر على جبينها، أزاحت المظلة الحمراء وسمحت للقطرات بالسقوط على وجهها ثم سحبت نفسًا عميقًا. تابعت مشيها وعبرت رصيف مشاة في تقاطعٍ مزدحم شكل مستطيلًا معقدًا، كانت خطوات المارّة مستعجلة على أمل العودة إلى منازلهم سريعًا والتمتع بدفئها والطعام الشهيّ، أما هي فكانت تتلذذ بالهواء الرطب ورائحة التربة التي اختلطت بأوراق الشجر. دوّرت مظلتها وكادت تقفز بمزاجٍ رائق وهي تدندن بصوتٍ عذب بأغنيَّة عن المطر، كانت كلمات الأغنية مآساوية وتنتهي بفراق أبطالها، وكلما وصلت لهذا المقطع بالذات تعالى صوتها ببهجة أكثر...فهي أيضًا فارقت فاصلًا من حياتها وتمنت ألا يعود أبدًا. توقفت خطواتها أمام مقهى وجباتٍ خفيفة، حدقت بشاشة عملاقة تومض في الظلام وقد عرضت إعلانًا ما لأحد ماركات البن الشهيرة فطرقت بل**نها وقالت: أما يزالون يعرضون هذا الإعلان؟ ثم دلفت إلى المقهى فرنّ جرس الباب، التفتت النادلة ذات الشعر المتموج والمرفوع على شكل حصان ناحيتها وقالت بمرح: "مرحبًا بك في مقهى تحت الصفر." "ابتسامتك وحدها كفيلة برفع درجة الحرارة إلى المئة." أجابتها غامزة، قهقهت الثانية ووضعت الصينية التي كانت تمسك بها على الطاولة ثم فتحت ذراعيها لتأخذها في عناقٍ متحمس: "تبًا كم أشتقت إليكِ يومي لم أظن أن هذا ممكن!" بادلتها يومي العناق وقالت: "ولا أنا، ولكن تعلمين يحتاج الشخص بعض التنكيد في حياته وإلا ستكون مملة!" ض*بتها في كتفها: "آوه اخرسي أنا أفضل شيء حدث لكِ في حياتك." ابتعدت يومي، ثنت المظلة الحمراء ووضعت حقيبة يدها على طاولتها المعتادة ثم قالت: "قد أعيد النظر في الأمر بعد كوبٍ من القهوة، وبالمناسبة..." تجولت بناظريها في المقهى شبه الفارغ عدا من رجلٍ عجوزٍ وثنائي جلسا بعيدًا مع رضيعٍ صغير. همست بقلق: "هل هو موجود؟" أومَأت الثانية عدة مرات: "موجود وقلق ويدور مثل نحلة تحاول الخروج عبر الحائط رغم أن النافذة مفتوحة!" ق*فصت يومي وجهها: "ران رجاءً لا تخبريه أني هنا، لا رغبة لي في كوبٍ دسمٍ من البؤس." لوحت ران يدها بتهميش: "لا تقلقي سأحضر لنا بعض الشوكولا الساخنة والمارشملو.." غمزت."فهذا جوها المناسب!" وما إن عبرت ران الفاصل الخشبيّ نحو المطبخ سمعتها تقول: "زيرو لقد أتت يوميّ وهي تتحرق شوقًا لرؤيتك!" – تلك الخائنة! هتفت يومي بغيظ بينما تركت خدها يستريح على صفحة يدها، نظرت عبر الواجهة الزجاجية وحدقت بقطرة مطر، سالت ثم طرقت الإسفلت وتبددت وسط بركة، شعرت باهتزاز الهاتف بداخل جيبها فأخرجته، حول الهاتف لمعت أظافرها بأشكال أوراق اللعب، حدقت باسم المرسل وأطلقت تنهيدة عميقة. "لديّ رحلة عمل إلى كيوتو، أطلبي شيئًا من الخارج، ولا تنسي إغلاق الأبواب جيدًا." نفخت على خصلة ودمدمت: دائمًا يخبرني بعد أن يركب الطائرة، أنا متأكدة أنه ينسى كون لديه ابنة حتى. وضعت ران كوبًا من الشوكولا المليئة بقطع المارشملو الصغيرة أمامها وقالت: "دعيني احذر، سافر والدك مجددًا وأنتِ تشعرين بالهجر والوحدة." رمقتها يومي بنظرة ضجرة: "اخرسي." قهقهت ران مستمتعة لكن سرعان ما خفتت ضحكتها حين لمحت تلك النظرة المتسلية في عيني يوميّ العسليتين التي انحنت للأمام بذقنٍ مرفوع وقالت: "إذن أخبريني، هل نلتِ الدور؟ أم أنه تم رفضك كالعادة وتشعرين بأنكِ فاشلة من الطراز الرفيع." – أوتش أوه اخرسيّ ليس هذا عدلًا، إنها تسلل ولم يحتسبها الحكمّ! أشاحت ران بوجهها بينما نظرات يومي تحثها على الافصاح، فقالت بمضض: "حصلت على دورٍ جانبي..." "...قال أن ملامحي تصلح لدور شارون." **تت لتطرق على الطاولة بانفعال: "أتعرفين من هي شارون؟ إنها أخت الو*د في الفلمّ رباه! فقط لأني امتلك عينين حادتين قليلًا–" - وشعرًا أحمر ثائر. قاطعتها يومي فهشتها دون اهتمام: "هذا لا يعنيّ أن أعلق في هذه الأدوار الكريهة للأبد...إن والديّ يهددني إن لم أحصل على دورٍ رئيسي خلال ستة أشهر فسيطردني من المنزل! تخيليّ! الد*كتاتوريّ! ظننت أنه بعد كل هذه الأعوام سيلين في موقفه ويقوم بدعمي ولكن لااا! ما يزال يمتلك نفس النظرة المتعسفة ذاتها!" أخرجت كل ذلك من ص*رها ثم أخذت رشفة كبيرة من الشوكولا لتهدئة نفسها، ابتسمت يومي وقالت بخبث: "تعلمين أنه يفعل هذا لمصلحتك، لقد تخرجنا من الثانوية وآن وقت الاستقلال بذاوتنا." ضيقت ران عينيها الحادتين ناحيتها فقد فطنت أن الأخرى تعيد ترديد ما يقوله الأخرون لها من أجل إغاظتها. – دعك من هذا. مدت يومي كوب الشوكولا وصدمته بكوبها فأص*ر الزجاج صوت رنين: "مباركٌ لكِ الدور." تجعدت عينيها بحبور وأضافت: "كانت السيدة آيري لتفخر بك." رفعت ران يدها ولامست قلادة ذهبيَّة على شكل قلب تدلت من عنقها ثم بادلت يومي الابتسامة. لم تدم اللحظة طويلًا فقد جر شابٌ عشريني الكرسي الثالث، جلس، اتكأ بمرفقيه على الطاولة وحدق بسطحها بجدية من مات له شخصٍ ما ثم قال بصوتٍ هادئ: "شاركاني هذه السعادة فأنا أحتاجها." رمقت يومي ران بنظرة أنتِ-السبب! لتحرك الثانية كتفيها ببراءة. ابتسمت يوميّ كما لو أنها تبتلع كرةً مسننة وقالت: "مرحبًا زيرو، كيف حالك؟" وما أنهت الجملة انتبهت للخطأ الرهيب الذي ارتكبته، بالايقاع البطئ شاهدت فم زيرو يُفتح ويسحب إلى داخله هواء العالم كله قبل أن ي**ت برهة ثم تنبعث من شفتيه تمتماتٍ سوداوية متلاحقة: "سيئ طبعًا هل بالامكان أن يكون حال الشخص جيد وهو يعيش مع البشر في هذا المجتمع الفاسد؟ لقد زادت شركة البن التي اتعامل معها قيمته إلى الضعفين، إلى الضعفين أقول لك، وبالأمس طلب مني الموظفون الجزئيون علاوة، أتذكرين السيد سنادا؟ الرجل اللئيم الذي يمتلك محل حلويات في الشارع المقاصد؟ ذاك البخيل الذي يشبه شخصية سكروج من رواية ترنيمة عيد الميلاد؟ لقد اغلق محله، باعه، تخلص منه. وأما هذا الجو الرائع! لولا خرق البشر لطبقة الأوزون لما كنت منذ الصباح وحتى هذه اللحظة أعيد وأعيد وأعيد في الحسابات، وأتعلمين؟ إن الأرقام تظل تزداد وتزداد فقط...انظري هذه هي الأرباح... وضع يدًا منخفضة، ثم رفع أخرى حتى كادت أن تلامس المصباح المتدلي من السقف وقال: وهذه هي الضرائب والمنصرفات والمرتبات وثمن المياه والكهرباء وإصلاح الأجهزة. أشار إلى نفسه باصبعه: وهذا أنا، مجرد شاب مسكين من أسرة متوسطة، بغباء قرر أن يفتتح مقهىً عوضًا عن العمل في وظيفة مكتبية بائسة، كهمستر يدور في عجلة الرأسمالية ولكنه على أي حال في نهاية الشهر يحصل على أجرة ثابتة، أما الآن... زمت يومي شفتيها. "الآن أنا همستر مطحون، يفكر ثلاثة مرات يوميًا إن كان شرب القهوة المثلجة طريقة انتحار مثالية أما ربما على أن أفكر في طرقٍ أكثر تطرفًا، كالقفز أمام شاحنة مسرعة." **ت قليلًا ثم سأل بجدية: "ما الذي تظنينه أنتِ؟ القهوة المثلجة أم الشاحنة؟" *** عبرَ واجهة الرواق الشفافة راقب قطرات المطر وهي تض*ب الزجاج، أغلق باب المكتب بالمفتاح مرتين وعوضًا عن متابعة المسير استند بظهره على لوح الباب الصلب، عقد يديه أمام ص*ره بإحكام وقد قبض على مفتاح السيارة، من كتفه تدلت حقيبة حاسوب محمول، قطرة قطرة، استمع للنغمة الرتيبة لصوت المطر، وبعد بضع دقائق رخا ال*قدة ومرر يده عبر شعره الفاحم وهو يتن*د من الأعماق. جحظت عيناه قليلًا حين سمع ضلفة أحد أبواب المكاتب في نهاية الرواق تُفتح فسارع المشيّ نحو المصعد، وقف رجلٌ أربعيني في الرواق وعندما انتبه للجسد ذو البذلة الكحليَّة والذي يسير مبتعدًا بخطواتٍ مسرعة نده: "ريو سايرس قفّ مكانك!" لكن الشاب لم يتوقف بل زاد من سرعته واختفى في بهو المصاعد بينما سمع الثاني ينادي: "عد إلى هنا حالًا، لا يمكنك الهروب من هذا الأمر إلى الأبد!" ضغط ريو على باب المصعد ودلف: آوه شاهدني وأنا أفعل هذا بالضبط. "ريو: 13 السيد سايرس: 0" التفت السيد سايرس نحو الشاب المتكئ على إطار الباب بكتفه، كانت عيناه تتآلقان بمكر وهنالك ابتسامة متسلية على ثغره، فرفع إصبعًا في وجهه وقال: "تعليق متحاذق آخر يا ماكوتو وسأقتطع مرتبك إلى النصف!" "تفريغ جام غضبك عليّ لن يجعل ابنك يستمع إليك." طوى السيد سايرس يديه أمام ص*ره: "لكنه سيحسن من شعوريّ." "وكذلك كوب قهوة سوداء قوية والذي أنا ذاهبٌ لاعداده الآن." بحركةٍ سلطوية من ذقنه أشار له السيد سايرس أن يذهب فاعتدل الشاب في وقفته ومشى مبتعدًا وما إن غاب عن نظره هرش السيد سايرس لحيته النامية بغزارة وقد **تها بعض الشيبات، تن*د وهو يفكر في المكالمة التي عليه اجراءها لاحقًا وكيف أن ذلك الشخص سيضحك على فشله. قلل من سرعة السيارة ثم انعطف وأوقفها على الرصيف، ومضت إشارة المشاة باللون الأخضر، عانق المقود بمرفقيه بينما لمعت الأضواء مع قزحيتيه الزرقاوّين، انع**ت عليهما صورة أخوين مراهقين، كان أحدهما يرفع هاتفه بعيدًا من متناول الآخر والثاني يلوح بكيس الشطائر في يده متوعدًا بالانتقام فزادت قهقهات الآخر علوًا، عبرا إلى الرصيف المجاور وومضت الأضواء مجددًا فبدأت السيارات زحفها المتواصل. فتح الباب وترجل، حاملًا حقيبة الحاسوب معه ومتجاهلًا المظلة الموضوعة على كرسي الراكب، ترك المياه الباردة تغمره بينما مشى على غير هدًى، فعندما لا تمتلك وجهة كل الأماكن تتشابه. وبعد بضع دقائق حين عطس لافتًا أنظار المارة إليه قرر الوقوف أسفل مظلة أحد المحلات، واضعًا يديه عميقًا بداخل جيوب بنطاله حدّق بالسماء، غيوم داكنة وسوداء على مد البصر، كل تارة وأخرى تخللها البرق كومضة تضِئ العالم لبرهة خاطفة تنتهي قبل أن يتسنى لك أن ترمش حتى. في الطريق المقابل لاحظّ اختلاف حركة الحشود، كل من كان يمشي بسرعة وهو يلف نفسه بمعطفه يتوقف قليلًا ويحدّق بشاشة كبيرة جدًا عُلِقت أعلى برجٍ تجاري ضخم، عَرضت الشاشة إعلانًا، جلست فتاة يافعة في كابينة بداخل مقهى تدرجت ألوانه من البنيّ إلى الأخضر الغامق، الاضاءة خافتة بالكاد تُظهر شكل المشهد العام، كانت الفتاة تنظر عبر الزجاج الذي ت**رت فيه الأضواء بألوان قوس قزح، سالت عليه قطرات أمطار تموجت فوقها صورة الفتاة وباتت مشوشة، لكنها ما تزال جميلة. كان المشهد بأكمله يوحيّ بطابعٍ هادئ، الرواية ذات الغلاف الداكن وفوقها وُضِع الهاتف، شاشته مضاءة كمن تلقى رسالة للتو مما تسبب بإسقاط ظلٍ على تفاصيل الفتاة، بين يديها أمسكت كوبًا شفافًا من القهوة، كان كبيرًا وعلى سطحه تكونت رغوة وفقاعات، ارتشفت منه بحركة عفويَّة، دغدغ طعم البن القوي حواسها فكورت أنفها وتجعدت عينيها عند الزوايا. ارتخت القبضة بداخل جيوبه، وراقب بملامح فارغة كل ذلك، تبدو سعيدة... لو كانت الحياة بهذه البساطة. فكر واستدار على عقبيه ثم مشى، كان يبحث عن مكانٍ مناسب لاكمال عمله، تذكر محل حلويات يقع بالقرب من هنا لكن عندما وصل إليه وجده مغلق، بل بدا أن صاحبه قد قام ببيعه. لم يكن يحب هذا المكان تحديدًا لكنه يقع في حيٍ هادئ وقلما يزوره الناس...حك شعره، ربما لهذا بالذات انتهى الأمر به مغلقًا. تن*د وحينها وقعت عينيه على لافتة مقهىً كتب عليه "تحت الصفر" فهزّ رأسه على التسمية. عبر الشارع الزلق بخطواتٍ مسرعة، فتح الباب ودلف فرنّ الجرس، بالرغم من ذلك لم ينتبه أحدٌ لدخوله، كان هنالك فتاتين تشغران طاولة بالقرب من آلة الحساب، بدا إن إحداهما تعمل هنا، بالقرب منه جلس رجلٌ عجوز يحدق عبر النافذة وفي نهاية المحل شغر زوجين طاولة، أمسكت الزوجة برضيعٍ صغيرٍ وهدهدته. "مناسب." فكرّ، ووضع حقيبة الحاسب على طاولة ركنية، بعثر قطرات الماء من شعره ولوهلة جلس فقط بسكون. لفتت يوميّ نظر ران للزبون الجديد التي نهضت من فورها، ناولته القائمة وطلبت منه أن يأخذ وقته ثم عادت أدراجها. تن*دت يومي: "لا أعلم كيف أنتِ ممثلة." - ها؟ لماذا! "اسمعيّ، إنكِ تمتلكين شعرًا أحمر وعيون حادة والآن أضيفي لهذا طولك الذي يتجاوز الـ169 سنتًا ووجهًا يبدو مستعدًا للشجار في أي لحظة! عليكِ أن تبتسمي للزبائن." احمر وجه ران: "أتظنين أني لا أحاول؟ ولكن عدا عندما أتقمص الدور بكل حواسي فأنتِ تعلمين كم أنا خجولة!" - هه، وترغ*ين أن تصيري ممثلة من الدرجة الأولى، تحدثيّ عن الطموح عندما لا يتلاءم مع الامكانيات. هددتها بالكوب: "لا شأن لكِ بطموحيّ أيتها الحاسدة الحاقدة اللئيمة، الفتيات أمثالك بالضبط يستحققن أزواجًا مثل زيرو!" كورت يومي فمها: "اسحبي ما قلته حالًا!" عقدت ران ساقيها بانتصار وقالت: "لا، لطالما تمنيت أن ينتهي بكما الأمر معًا، أنتما مناسبين لبعضكما جدًا." - شو شو اذهبي، لقد فرغ زبونك من الاختيار. نهضت ران من مكانها وأخذت طلبه ثم اتجهت نحو المطبخ لتعلم زيرو، كان الزوجان يقفان أمام طاولة الحساب فانهمكت بطباعة الفاتورة لهما. كانت الاضاءة في المقهى خافتة ولوهلة انطفأت الأنوار ولمع البرق كشبكة عنكبوتية ضخمة في الخارج، ظنّت يومي أنها رأت عينا الشاب تلمعان مع الظلام، هل يبكي؟ عاود الشاب الاندماج مع شاشة حاسبه التي أضاءت قسمات وجهه بطريقة جانبية، كانت ملامحه مرتخية وبدا عليه التركيز فهزت رأسها، لا أظن... وفي تلك اللحظة التفت نحوها فالتقت عيناهما. زعق صوت الرضيع في الخلفيَّة، انحنت والدته وتلقفته من العربة بينما حاول الزوج اشغاله بدبٍ بنيّ ظريف، نظر إلى ران معتذرًا عن الازعاج التي بادرته ابتسامة وحدثت نفسها: لست منزعجة الذنب ذنب وجهي! نده زيرو لران ومد لها كوب كابتشينو تصاعد منه البخار، تناولت الكوب واتجهت إلى طاولة الشاب، عبر الزوجان نحو الباب ولم ينتبها بسبب زعيق الرضيع إلى أن العربة صدمت كاحلها، فقدت ران توازنها وبالايقاع البطئ شاهدت الكوب يحلق في الهواء ويهبط على الأرض متناثرًا كعدة شظايا. شهقت حين رآت منظر الشاب... فقد غمرت القهوة قميصه الرمادي وحاسوبه وانسكبت الرغوة على سطح الطاولة. لوهلة، كل ما كان يُسمع في المكان هو صوت القطرات التي تسقط من شعره وتقطر على الرخام، التفت نحوها وحدجها بنظرة مركزة من الغضب ففتحت فمها بتلعثم وقد اقتربت خطوة: "آ...أنا...العربة، لم أقصد.." نفض ريو القهوة عن يديه بانزعاج وقال: "خرقاء ولا تجيدين الاعتذار حتى؟" **ت برهة وقد ثبتها مقدار الحنق المكبوت في صوته: "تلقين بالأعذار بدلًا عن تحمل المسؤولية." لعن بصوتٍ خافت وهو يحاول إزالة القهوة عن لوحة مفاتيح الحاسب الذي انطفأت شاشته. تذكرت ران تدريباتها وحاولت السيطرة على أعصابها، فهي ما إن توضع في موقفٍ صعب حتى تتلعثم وتفقد صوتها، خصلة لم تكن جيدة لمن تطمح في أن تكون ممثلة. فتحت ران فمها لتعتذر لكنه قال: "أمازلتِ تقفين هكذا؟ على الأقل أصلحي ما أفسدته أم أن والداك لم يعلمانك هذا أيضًا." في ذهنها، استحال الكون للونٍ أبيض مع سماعها كلماته الأخيرة، رفعت يدها دون شعور ولمست القلادة وشعرت بانقباضٍ عنيفٍ في قلبها، كما لو أن أحدهم يعصره بيدٍ حديدية. "عذرًا، ولكن ألا تعتقد أن إفراغ ضغوطات يومك ومشاكلك النفسية في شخصٍ آخر ليس بالملائم؟" قالت يوميّ. فالتفت ناحيتها بحاجبٍ مزدرٍ. "هل تحدثت معك؟" أجابها ببرود. ارتشفت يوميّ من كوب الشوكولا قبل أن تقول: "لحسن حظك، وإلا لما كنت سأقف مثلها هكذا، دون أن تكون أنت وقطع الفنجان ذاك في سلة المهملات." هزّ رأسه فأردفت: "إنها صديقتي وشأنها هو شأنيّ." - هل عدنا لعمر الرابعة فجأة؟ نظرت نحوه بحاجبٍ مرفوع: "عندما يتعلق الأمر بها، فنعم، عدنا للرابعة." أطلق ضحكة ساخرة قطعها ببرود والتفت إلى ران: "إذن، مازلت لم أسمع اعتذارًا." رفع يديه فوق الفوضى أمامه: "ما الذي ستفعلينه إزاء هذا." ابتلعت ران ريقها وأخذت نفسًا عميقًا، اهدئي ران، اهدئي... ليس أول أو أخر زبونٍ وقح فقط انطقي بها! أخذت خطوة للأمام وقالت: "أنا آسـ --إياكِ!" وقفت يومي وقد وضعت يدًا أمامها: "أولًا، لو كنت تمتلك عينين لفهمت أن كل هذا مجرد حادث، عندما خرج الزوجان لم ينتبها أن العربة ارتطمت بها... --هذا صحيح لقد رأيتُ ذلك. تدخل العجوز الذي ظل صامتًا حتى تلك اللحظة فرمقته يومي بنظرة ممتنة، ثم أكملت وهي تنظر في عيني ريو عميقًا: "لم يكن من داعٍ لكلماتك الحادة، الحوادث الخارجة عن سيطرتنا تقع طوال الوقت." بدا أن كلماتها تجاوبت مع شيءٍ بداخله فاهتزت حدقتيه، نظر بثباتٍ إلى الطاولة المتسخة مدة ثم التفت نحوها مجددًا ببطء مخيف: "أتدركين كم شهرًا قضيت وأنا أعمل على هذا المشروع؟" أشار لشاشة الحاسب السوداء: "أنا لا امتلك نسخة منه، والآن كل تلك الساعات ذهبت أدراج الرياح وتقولين 'حادث'؟" "مؤسف حقًا،" قالت يومي بابتسامة متعاطفة: "أستطيع تخيل الاحباط ولكن كونك لم تصنع نسخة أخرى هذه مشكلتك أنت أليس كذلك؟ لقد كان خطَأً غير مقصود، وبلى تستحق اعتذارًا...لكن فقط إن تعاملت بأسلوبٍ جيد...وهذا ما لم يحدث." لمس ريو أذنه: "أنتِ ثرثارة وكثيرة الكلام." "ثرثارة وكثيرة الكلام تعنيان نفس الشيء." ضغطت ران على يد يوميّ بما عنى كفي عن ذلك! إلا أن يومي أردفت: "أعطني رقم حسابك، سأعوضك عن مبلغ الحاسوب..." نظرت لبذلته الغاليَّة التي اتسخت وحذائه الجلدي اللامع وبدا في عينيها 'أها أنت من هذا النوع، الآن فهمت.' انزعج من تلك النظرة فقال: "أتعتقدين أن المال يصلح هذا؟" رمق ران بغضب وقال: "وأنتِ ألا تمتلكين صوتًا؟ أم اكتفيتِ بمحاميتك الخاصة." أومَأت ران بتأكيد: "اكتفيت بمحاميتي الخاصة." تبادلتا ابتسامة صغيرة من الود جعلت وجه ريو يتق*فص. نهض من الكرسي، ففاقهما بطوله بعدة سنتيمترات، حدق إلى الأسفل وقال: "أريد اعتذارًا وإلا لن تنتهي هذه 'الحادثة' على خير." حركت ران عينيها وفكرت بانهاء هذه الدراما فقالت: "حسنًا، أنا آسـ --إياكِ! وقف زيرو بالجهة الأخرى، جذب طوله لأقصى حد، يديه مطويتين أمام ص*ره وقال بهدوء: "عذرًا، موظفتي لن تعتذر لك، ليس بعد الأسلوب الذي تحدثت به، أما عن التعويضات فسأدفع لك ما تريد." ضحك ريو هازئًا من الفكرة: "هل هذا فاصل كوميدي؟ أتمزحون معي؟" - لا. أجابه زيرو: "المزاح ليس موضع قوتي، وكذلك أنا لا أعرض أموالي من باب التسليَّة." في الخلفية كانت ران مشدوهة في لحظة تأثر نادرة أما يوميّ فقد زمت شفتيها المبتسمتين. أغلق ريو الحاسب بحركةٍ خاطفةٍ من يده، وضع على الطاولة عدة فئات نقديَّة ثمنًا للكوب الذي لم يشربه وما إن رنّ جرس الباب حدج ثلاثتهم بنظرة خاويَّة وقال بهدوء: "ستندمون على هذا." بعدما خرج، أخذت ران منشفة وبدأت بتنظيف المكان وهي تقول: "رباه كان عليكما تركي أعتذر، صحيح أنه فظ لكني أفسدت عمله وملابسه!.. وقد بدت أنها كلفت راتب شهرين!!" عادت يومي للجلوس في مقعدها أما زيرو فوضع يديه على خصره وعبرتين ساخنتين تجريان على وجهه، "الحمدلله لم اضطر لدفع تعويض!" حركت ران عينيها: "كنت أعلم أنك لم تكن صادقًا في عرضك!" قهقهت يوميّ وفي الخارج وقف ريو يراقب محادثتهم من وراء الزجاج، انع** اللون الذهبي للمقهى بتناقضٍ بارز مع برودة الشارع والمطر، نفض يديه المتسختين بالقهوة بغيظ وهو يعبر الشارع، وعندما وقعت نظراته على المبنى أمامه، شرعت تفاصيل وجهه بالتغير شيئًا فشيئًا حتى صارت مبتسمة.

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

معشوقتي

read
1K
bc

رواية " معذبتي “ لنوران الدهشان

read
1K
bc

ابنة العم

read
1K
bc

أنين الغرام

read
1K
bc

( عشق العاصم )

read
1K
bc

فتاة انحنت من اجل........الحب

read
1K
bc

جحيم الإنتقام

read
1.7K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook