السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله ?
أنـتِ مُـرة كالقهـوة، ولگـن التخلص مـن إدمانُـكِ شـيء صعـب..
ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ
تحرك يوسف في غرفته ذهابا وإيابا وقد تمكن الغضب منه، حاول بشتى الطُرق أن يستوعب حديث جده لكنه لم يقدر! " متى سيُغير جدي من أفعاله؟ " سأل نفسه مرارا وتكرارا لكنه لم يجد اجابة لسؤاله ليستلقي على فراشه بوهن. حاول اغماض جفنيه لكنه تذكر على الفور المُحادثة التي دارت بينه وبين جده يوم زيارته له...
حال خروج فاطمة من المنزل في ذلك اليوم سلّم يوسف على أفراد العائلة ثم لحق بجده الذي دخل إلى مكتبه. فتح الباب بعد أن طرقه عدة مرات ليتفاجأ من وجود مهند في الغرفة ومعه والده يتحدثان إلى جده...
ـ أنا المُصاب هُنا وأنا من لي الحق في سحب القضية أو لا، ما دخلك أنت بالموضوع؟.. صاح مُهند بغضب بينما يُمسك جانبه المُصاب.
ـ جلال أطلب من ابنك أن ي**ت ويلتزم حدوده معي.. قال الجد ببرود قاتل ليهتف الآخر بحدة:" كيف تُجبر الرجل على تزويج حفيدته مقابل تخليك عن القضية، هل أنت واعي لِما تفعل؟!".
ـ كلمة واحدة وسأجعلك تندم طوال حياتك.. هدده بعنف لينظر جلال إلى ابنه نظرة عتاب جعلته يتراجع إلى الوراء ثم جلس على الأريكة مُمسكا معدته بألم.
ـ أذهب إلى غرفتك فأنت لم تتعافى بعد.. قال له الجد بقلق ثم أكمل حديثه بثقة:" بالنسبة لهذا الزواج فأنا لن أتراجع عن قراري أبدا وأنا مُتأكد بأنه سيوافق!".
ـ ألم تتغير بعد؟.. سأله يوسف بهدوء محاولا عدم خوض أي نقاش معه؛ فهو قد فقد عقله منذُ سماعه لفكرة الزواج ولا يدري ما سيفعل إن تمكن الغضب منه!.
ـ لا تتدخل في أمر لا يخصك.. أجابه الجد بلؤم ثم جلس على كُرسيه راسما ابتسامة عريضة على ثغره.
يوسف يتساءل احيانا كيف لهذا الرجل أن يكون بهذه القسوة وهذا القلب المُتحجر؟!.
ـ جدي العزيز أرجوك اسمعني للحظات.. حاول أن يُحادثه بلطف علّه يستجيب له لكنه ض*ب طاولة مكتبه بعنف وقال بتهديد:" قراري لا يعترض عليه أحد، لذا لا تُناقشني في الأمر" ثم تناول عصاه وخرج تاركا المكان لهم... عاد يوسف إلى الواقع ليتن*د بضيق، حمل هاتفه وأتصل على ابن عمه مُهند..
ـ السلام عليكم، كيف صحتك اليوم؟ سأله باهتمام وبعد سماع اجابته قال له بتوتر:" هل حادثت جدي مرة أخرى بشأن قراره؟".
ـ نعم.. أجابه مهند ثم أكمل " أنت تعرفه جيدا هو لا يُغير رأيه بتاتا، كما أنه اختار الشخص الذي سيزوجه لتلك الفتاة! ".
هل شعرتم يوما بكتلة ثلجية تُوضع على قلبكم فجأة لتمنع نبضه؟... هكذا كان شعور يوسف في تلك اللحظة وكأن ذكرها مع شخص آخر بات يُعتبر جريمة بحد ذاتها ناهيك عن فكرة زواجها من شخص آخر.
ـ من هو؟.. سأله يوسف بغضب عارم.
ـ من تُراه غيرهُ؟!..ابن عمتي "يزن" ذاك العاشق للمال، لابد أن جدي قد أغراه بمبلغ ضخم حتى يُوافق.
أغلق يوسف عينيه ثم همس محاولا تهدئة نفسه.." أللهم ألزمني الصبر والثبات". كاد أن يقذف هاتفه بعيدا لكنه تمالك نفسه ليُكمل حديثه مع مهند.." لماذا يُصر جدي على هذا الزواج هل هو من صالحه؟".
ـ يفعل ذلك حتى ينتقم من تلك الفتاة.
ـ ما الذي فعلته له حتى ينتقم منها؟!
ـ هل تذكر القضية التي خسرها جدي والتي كلفته أموال طائلة؟
ـ تقصد قضية التسمم التي رفعها التُجار بحق منتجاته الغذائية ذات الصلاحية المنتهية..
ـ نعم، ففي هذه القضية قام جدي برشوة المُتضررين حتى لا يدلوا بشهادتهم في المحكمة، لكن ثلاثة أشخاص رفضوا رشوته وكانوا السبب في خسارته! منهم تلك الفتاة التي تُدعى فاطمة.. هي شُجاعة جدا لكن شجاعتها ستُكلفها الكثير!.
أغلق يوسف الهاتف دون أن يُعقّب على حديثه فقد أصابته الصدمة مما سمع.. كيف لها أن تكون بهذا التفاني؟! وكيف لها أن تتحمل المسؤولية وهي في
هذا العمر الصغير!.. أسئلة كثيرة جعلته في حيرة من أمره.
ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ
وضعت فاطمة طبق الطعام في الطاولة التي أمامها وبدأت بإطعام أختها رهف بينما عقلها في مكان آخر وتحديدا نهار ذلك اليوم عندما اتصل عليها جدها طالبا منها مرافقتهُ إلى مكان ما اكتشفت فيما بعد أنه منزل آل المالكي لم تجد فرصة حتى ترفض بعد أن رمقها جدها بنظرة رجاء كأنه يخشى الذهاب لوحده. ولن تنسى أبدًا نظرة التعالي التي رمقهما بها السيد مالك ولا كلماته التي تزن في عقلها حتى الأن.
ـ فاطمة جدي يُناد*ك منذ فترة هل ذهبت إليه؟.. انتشلها صوت مُزن من شرودها لتطلب منها اطعام رهف إلى حين عودتها .
طرقت باب غُرفته ثم دلفت إليها لتجده جالسا على كُرسيه الخشبي وواضعا عصاه بقربه، كان هادئا بشكل مُخيف وكأنه الهدوء ما قبل العاصفة!.
ـ هل فكرتي في الأمر؟ سألها بغموض.
ـ أُفكر في ماذا؟ أعادت له السؤال وكأنها لا تعلم مقصده.
حرّك الجد عصاه بشكل دائري ثم أوقفها رافعا انظاره إليها.. تلك النظرة التي تخافها منذ الصغر، تلك النظرة التي سببت لها الكثير من الألم!.
ـ أنت لن تُجبرني على فعل شيء لا أُريده؛ فأنا لم أعد صغيرة جدي العزيز... قالت له بصوت هادئ يخفي خلفه خوفا وقلق.
ـ بالطبع لن أُجبرك.. أجابها بابتسامة باهتة ثم أكمل حديثه:" ولكن، إذا لم توافقي على عرضه ستحدث أمور كثيرة لن تنال رضاكِ! ".
ـ ما الذي ترمي إليه؟.. سألته بخوف.
تن*د الجد براحة وكأنه نال مأربه ثم قال:" إذا لم توافقي على عرضه؛ فإن ابن خالك وليد لن يقدر على الخروج من السجن فكما تعرفين ذاك المدعو مالك له نفوذ واسعة ولن يبخل بتلفيق تهم أُخرى على ذلك المسكين حتى يتعفن في السجن لسنوات عديدة والكل في هذا البيت يعتمد عليه، تخيلي حال بنات خالك في غياب أخيهم وفكري في زواج مُزن الذي لن يكتمل".
ـ ما دخلي أنا بالموضوع، تصرف أنت ألست كبير هذه العائلة؟!.. تحدثت فاطمة بلا مُبالاة اكتسبتها من التجارب التي مرت بها سابقا.
هي لم تكن بتلك الطيبة الزائدة التي تسمح لها بالتضحية بنفسها من أجل سعادة الآخرين، كل ما كان يهمها هو تأمين حياة هانئة لرهف ومؤيد ويبدو أنها كانت نقطة ضعفها التي يعرفها جدها ويستغلها لصالحه دائما!.
ـ في هذه الحالة سأضطر لبيع هذا المنزل من أجل سداد دين وليد..
ـ وأين سنعيش نحن؟.. سألته بقلق.
ـ سأرسلكم للعيش في الريف مع أقاربكم.
ـ الريف!! هتفت فاطمة بتهكم ولم تعد قادرة على تمالك أعصابها.." كيف سأُعالج رهف في تلك المنطقة النائية؟! ومن أين سأجلب لها الدواء اللازم؟ أنت أعلم بحالهم، هم لا يملكون حتى أطباء متخصصون في أمراض القلب! ".
ـ هل لد*كِ حلُ آخر؟.. سألها ببرود
فاطمة أدركت شيئا واحدا.. طالما هي ضعيفة هكذا وتعتمد على الآخرين دائما؛ فسوف تُستغل بأب*ع الطُرق.
ـ أرجوك لا تفعل بي ذلك، أختي رهف هي كل حياتي! أنا لا أتحمل فكرة فُقدانها.. ترجتهُ بصوت باكي وجلست بقربه مُمسكة بيديه.
ـ إذا كُنتِ تُحبينها حقا فعليك التضحية من أجلها..
في تلك الليلة بكت فاطمة كثيرا وسمحت لكتلة البرود التي تُحيط بها نفسها أن تذوب مع سخونة الحياة.
ـ أنا موافقة.. أجابته بعد مُدة قصيرة وخرجت بسرعة حتى لا ترى علامات النصر في وجهه.
هرولت سوسن نحو منزلها حال خروج فاطمة من غرفة جدها فهي كانت تتنصت على مُحادثتهما لتظهر السعادة جلية على وجهها؛ كيف لا وقد ضمنت عودة ابنها!.
ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ
في صباح اليوم التالي خرج يوسف من غُرفته بعد أن صلى الضُحى ليجد عائلته مُجتمعة على غير العادة؛ ففي هذا الوقت من الصباح يكون الجميع نيام!. سلم عليهم بإشراق وقبّل جبين والدته مودعا أياها قبل أن يذهب إلى عمله، لكنها أمسكته من يده وطلبت منه الجلوس للحظات.
لاحظ يوسف نظرات الجميع المصوبة باتجاهه ليسأل بحيرة:" ما بالكم اليوم؟!". لم يرد عليه أحد حتى حمحمت والدته ثم قالت:" يوسف حبيبي، هذا العام بلغت الثمانية والعشرون من عمرك ".
ـ وما الجديد في الأمر؟! سألها بحيرة أكبر ليسمع صوت ضحكات اخوته.
ـ ألم يحن الوقت لتُسعدني كما فعلت أختك أُمنية؟
ـ لماذا، ما الذي فعلته أُمنية؟ سألها بغباء لتمسح رُقية وجهها بانزعاج وانخرط مازن في الضحك حتى دمعت عيناه وهنا ادرك يوسف ما ترمي إليه أمه.
ـ اسمعيني يا أمي الموضوع ليس كما تتخيلين، أنا فقط... حاول أن يشرح لها لكنها قاطعته بقولها:" تُحبها، كان عليك أخباري مُنذ البداية بدل أن تجعلني أُخرج الحديث من فم أخيك بالقوة".
ـ يا رجل لقد كدتُ أن أفقد حياتي بسببك، الأمهات مُخيفات جدا عندما يُشككن بأمر ما!.. قال مازن بينما يستعد للهرب في حالة هجم عليه أخيه، لكنه لم يُدرك أن يوسف قد ذاب من فرط الخجل.
ـ لقد تأخرت عن العمل.. همس لوالدته ثم هرب من أمامهم لتصيح رُقية قائلة لأمنية:" أنتِ الوحيدة التي يستمع لها، أرجوكِ الحقي به قبل أن يهرب" .
كاد يوسف أن يقود سيارته لكن أخته صعدت إليها لتهتف بغنج:" إلى المقهى لو سمحت.. "
ـ ألستِ صائمة؟.. سألها حتى يتخلص منها.
ـ نحن ذاهبان حتى نتحدث..
ـ أليس لكِ بيت؟ لماذا لا تعودين إلى زوجكِ حتى نرتاح من رؤيتك.. حادثها بتذمر طفولي بينما يقود السيارة لكنها لم تهتم له، كانت أمنية ذات بشرة سمراء وقوام نحيل تمتلك ملامح سودانية بارزة بارتدائها " التوب السوداني" وتزيين يديها "بالحناء". حال جلوسهما في المقهى أخذت أمنية تُطالعه بنظرات تفحصيه ثم قالت:" إياك أن تكذب علي".
يوسف يُدرك تماما أن أكثر شخص قريب إليه هي أخته الكُبرى و أمينة أسراره، فلم يمر بمشكلة ما أو مأزق حتى أسرع بإخبارها من دون أن يشعر، وهو لم يبخل عليها هذه المرة وأفصح لها عن كل المشاعر التي انتابته في الآونة الأخيرة بسبب لقائه بفاطمة وقد تردد في اخبارها عن الأحداث الأخيرة وعرض الزواج الذي قدمه جده لها قبل أيام لكنه في نهاية المطاف حكى لها كل شيء.
ـ أنت تُدرك أن جدي عنيد جدا ولن يُغير رأيه بسهولة.. قالت له بقلق .
ـ أُدرك ذلك، لهذا فكرتُ في حل يُرضي كُل الأطراف.
ـ وما هو؟ سألته بخوف وكأنها أدركت ما سيقدم عليه.
ـ بشرط ألا تُخبري به أمي مهما حدث.
في ذلك اليوم أقسمت أُمنية بحفظ سره ولم تُدرك حجم المصاعب التي سيخوضها يوسف بعد هذا القرار!.
ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ ـــــ ـ
كان مالك جالسا في مكتبه عندما سمع صوت طرق على بابه. سمح للطارق بالدخول ليتفاجأ من هويته!
ـ أنرت مكتبي بزيارتك يا يوسف، تفضل بالجلوس... حادثه بصوت رزين ليجلس الآخر على الكرسي المقابل له، بدا له متوتر جدا من ملاحظته لحركة يديه المُستمرة.
ـ هل أتيت في موضوع معين؟ سأله عندما طالت فترة **ته ليجمع يوسف كمية وافرة من الهواء ثم قال:" جئتٌك في أمر القضية التي سترفعُها على وليد كامل المنصوري".
ـ أظنك سمعت قراري قبل أيام.. أجابه بضيق واضح ليُكمل يوسف حديثه:" لم أتي حتى أُقنعك بتبديل قرارك لأنني أٌدرك تماما عدم استماعك لي".
ـ بدأت تفهم بسرعة.. قال له جده وأخذ يُحرك قلمه بانتظار أن يٌكمل حديثه.
ـ أرجوك أسمح لي أن أتزوج أنا من فاطمة.
يتبع...
تررررررا ??
ازيكم كيفنكم؟
أولا تقييمكم للفصل، والأحداث حتى الأن؟
ثانيا من شرير أكثر جد يوسف أم جد فاطمة ?؟
ثالثا تعتقدون قرار يوسف صح ولا غلط ؟