اسيل.
للكاتبة ايه عبده النجار
فصل..٣
ركضت بالشارع مسرعة دمعاتها مهطلة كـ أمطار طوبة المزعجة، لاتعلم اتبكى على حالها وما جرى بها ام تفرح لحصولها علي المال التى جاهدت للحصول عليه بكافة الطرق، توقف على بداية الطريق بعدما قطعت مسافة فى الركض عن منزل ذلك الغريب، تن*دت بصعوبة محتضنة حقيبتها بيمينها وشيمالها يحتضن ص*رها المتحرك صعودا وهبوطا بلا توقف، اوقفت إحدى السيارات الأجرة ، ثم صعدت بداخلها دون التلفظ ببنت شفة، ممسكة بحقيبتها خوفا من ان تضيع او يسرقها أحد البلطجية فى ذلك الوقت المتأخر من الليل ...
هتف بها السائق للمرة الثالثة ،وهى تتكأ على نافذة السيارة شاردة بالطريق::
-وصلنا يابنتى
اعتدلت بسرعة له لتقول بتيهه وهى تخرج من حقيبتها بعض العملات الورقي:
-شكرا ياعموا اتفضل الأجرة
انزلت قدميها المرتعشة بصعوبة تدبها أعلى الأرض امام المستشفى،ثم ركضت مسرعة رأت تلك السيدة التي ترتدى ملابس التمريض، اقتربت منها بسرعة حتي كادت أن تقع ،لتمسك بها تلك السيدة الخمسينة، تطلعت إلى عينها بحنان، لتهتف لها أسيل:
- طنط منال انا جيت و جبت الفلوس اهو يلا قولى للدكتور يعمل العملية لـ ماما بسرعة
وضعت بطن قبضتها بحزن أعلى أكتاف تلك الصغيرة هزيلة الجسد لتردف بدموع محاولة مواسية تلگ الفتاة:
-اسيل يا حبيبتي انا عوزاكى تبقي قوية ماشى
طالعتها اسيل ببلاها تجهل ما تقول تلك السيدة ، تجاهلت حديثها ،ثم قالت لها و هى تجذب قبضتها بجوار حقيبتها:
- في ايه يا طنط الفلوس اللى قالوا عليها الدكاترة اهي جبتها معايا في الشنطة، معلش اتاخرت شوية بس غصب عنى..
طالعتها منال بحزن :
- البقاء لله يا بنتى
اسيل بدموع:
- يعني ايه
جزبتها برفق من ساعديها ثم هتفت بها بحنان:
- الحجة يا حبيبتى راحت للى احسن مني و منك ادعيلها بالرحمة يا بنتى..
اسيل بنحيب :
-لا لا متقوليش كده يا طنط، ماما ممتتش انا مقدرش اعيش من غيرها يا طنط امال، مين اللى هـ ياخد باله مني هي كانت بتعملي كل حاجة هي اللى كانت بتعميلي شعري ضفيرة عشان يطول حتي شوفي اهو شعري طويل، وهي اللى كانت بتغطيني باليل و انا نايمة وكانت بتذاكرلي دروسي دا حتى هي وعدتني اننا هنروح نتفسح في شرم الشيخ دي اللى بسمع عنها من اصحابي في عيد ميلادي ال ١٧، لا هي ممتتش لا ..لا ..
انتهت من حديثها بسرعة ،لتفلت نفسها من تحت قبضة تلك السيدة ، ركضت بسرعة إلى الغرفة التى تركض بها والدتها ثم فتحت الباب بقوة وقعت عينيها على فراشها و والدتها ترقد أعلاه بسلام ،اقتربت ببطى منها ركعت على قدميها فور أن وصلت ،احتضنت قبضتها لتقبلهم برفق،اقتربت منها منال بحزن لتقول:
-اسيل يا بنتى حرام عليكي اللى بتعمليه دا ،قومي يا حبيبتي متخفيش انا جنبك و مش هـ سيبك أبدا ..
اسيل ببكاء:
- عاوزة ماما يا طنط
امسكتها من أكتافها لتجزبها بين أحضانها هاتفة بحنان:
- اسيل يا حبيبتي انتي كبرتي و لازم تتحملي المسئولية قومي معايا نعمل تصريح الدفن لأمك بكرة الصبح هندفنها و ناخد العزاء ،اسيل انتي قوية ماشى
اسيل بدموع :
-حاضر..
_______________________________
فى منزل أسيل ....
انهت منال بعض الأجراءات الازمة، ثم دفنت ام اسيل،ثم ذهبت مع اسيل إلى منزلها حتى لا تتركها وحيدة ...
فور أن استقلت من السيارة الأجرة و هى تمسك اسيل التى تسير معها بتيهة، كانت تجول بانظارها مدخل المنزل ،كان منزل بسيط في الطابق الثانى من هذه العمارة قديمة الانشاء،اشارت اليه و تلك الصغيرة بين زراعيها لتقول:
- ده بيتكم
هزت اسيل رأسها بحزن لتقول بصوت مبحوح:
-ايوة
منال :
-طيب يلا ندخل جوة
هزت اسيل رأسها بالموافقة، تقدموا سويا إلى الأعلى ،ثم فتحت أسيل الباب ،لتدخل برفق مشيرة إلى منال للدخول،
دخلت منال وهي تنظر الي ذلك المنزل الصغير، عبارة عن صالة و غرفتين، لا يحتوى على اساس كتير ، الا ذلك الفراش الصغير التى كانت ترقد اعلاه المرحومة والدتها أثناء مرضها ، اما تلك الصغيرة اسيل فـ كانت تنام اعلي كنبة بالقرب من والدتها حتي ترعاها وهى مريضة ...
بعدما تفحصت ذلك المنزل بشفقة ،ساعدتها منال للجلوس أعلى أحد المقاعد لتردف بحنان :
-هعملك اكلة تاكليها
اسيل بنفى:
-لا مش قادرة يا طنط .
منال بأصرار :
- لا لازم تاكلى، اسمعى الكلام،اقعدي ارتاحى و رجعالك .
استدارت إلى الخلف تبحث عن ذلك المطبخ لذلك المنزل المتهالك، تاركة تلك الشاردة،اتجهت إلى تلاجة منزلها ، فتحتها بهدوء لم تجد شي لتطعمه لتلك المسكينه فهي هزيله بسبب قله الاكل، اغلقتها ثانية فور تأكدها من خلوها لتتجه متحدثة إلى أسيل:
- اسيل
اسيل:
- نعم
منال:
- انتي ليكي حد في مصر
هزت رأسها تجيبها بحزن:
- لا انا مليش غير ماما الله يرحمها
منال بحزن:
-طيب و البيت ده بتاعكم
اجابتها اسيل بهدوء:
-لا دا ايجار و بقالنا ٥ شهور مدفعناش
(لم تتذكر اسيل تلك الاموال التي بحوزتها)
منال بجدية:
-لمي هدومك بسرعة
طالعتها اسيل لتقول بتسائل:
- ليه
منال:
انتي هـ تعيشي معايا في الاسكندرية
طالعتها بقوة لتقول:
-فين ؟؟
منال بتأكيد:
- معايا في بيتي انا اصلا مش من مصر بس باجي لشغلي في المستشفي
اسيل بتردد :
بس يا طنط
قاطعتها منال :
-مفيش كلام يلا اسمعى كلامى هاتى هدومك و كتبگ و حاجات المهمة .
هزت اسيل رأسها باستسلام لتقول :
- حاضر .
بعد موافقة أسيل على الذهاب مع منال حيث مكان جديد و حياة جديدة،احضرت جميع متعلقاتها ثم خرجت مع منال الي الاسكندرية مودعة منزل طفولتها لتبدأ حياة جديدة في مكان احسن محاولة نسيان الماضى.....
__________________________________
فى شقته ما زال بها يجلس شارد ، يهاتف نفسه
( لا محبتهاش و لا حاجة فوق يا قلبى،و هي بس مجرد بنت جميلة شفتها و خلاص بس انا هـ خليها ملكي متروحش لحد غيري انا، بس دي أنانية منگ، أنانية ايه بالع** دا انا حرحمها من الشغلانة الزفت دي )
ابتسم برفق ،ثم اعتدل ليرتدي ملابسه ، خرج من منزله ،ليهبط سلالم منزله بسعادة ،صعد سيارته، يقودها بمرح إلى أن وصل إلى فيلاته الضخمة، دخل من الباب يص*ر أصواتا موسيقية بفمه ،يدندن بمرح لتراه جينات هاتفة بجدية:
- سيف ولد
التفت سيف فور أن سمع صوتها ليقول بابتسامه عذبة:
- تيتا ايه اللى مصحيكي لغاية دلوقتى..
جينات بغضب:
-مستنياگ عشان اشوف الولد الخلبوص ،ممكن اعرف بتروح فين كل يوم بالليل ..
طالعها بخبث ليقول :
-شغل يا تيتا شغل
إجابته جينات بغضب :
- شغل لغاية الساعه ١ باليل
سيف بابتسامة:
-ده احلي شغل بيكون باليل
جينات بغضب :
- ولد سيف اتعدل احسنلك
سيف بضحك:
حاضر يا قلب سيف اروح انام بقي
جينات :ماشي روح نام و بعدين لينا كلام تأتي سيف..
هز رأسه بالموافقة،ليتقدم إليها يقبل جبينها بحنان تاركها متجه الى غرفته، بينما وقفت هى تطالع سيره المرح الغير معتاد بسعادة تتسائل بفضول ما سبب تلك السعادة ...
____________________________
صباح يوم جديد استيقظ سيف كعادته مبكر،ارتدى بدلته ثم اتجه الى الشركة، طالع سكرتيرته بابتسامة عزبة ليقول :
-اطلبى مصطفي خليه يجيلي.
هزت السكرتيرة رأسها بالموافقة لتردف بشرود بعد أن رحل من امامها ( مش بعادة يعني ميشخطش و يزعق لا و كمان مبتسم دنا فكرته مفهوش اسنان) فاقت من شرودها ثم امسكت هاتفها لتتصل بمصطفي
داخل مكتب سيف يجلس بهدوء يتابع بعض الملفات ،سمع صوت الباب ليقول:
- ادخل
دلف مصطفى فور أن سمعه ليقول بابتسامة :
- صباح الخير يا سيف
طالعه سيف ليهتف بابتسامة:
صباح الفل
رفع مصطفى أحد حاجبيه باستغراب ليقول:
- ايه مالك يا سيف ..
تجاهل سيف نظراته ليقول بجدية:
- لا ابدا المهم خلينا في الشغل اقعد عاوزك في حاحة مهمة في الملف دا
مصطفي بجدية :
- حاضر....
__________________
بعد يوم طويل فى الشركة ،يجلس سيف شارد ( يدوب امشي علشان الحق اجهز لـ باليل)
اعتدل واقفا ثم ارتدي جاكته ليخرج من غرفته ،متجها إلى حيث سيارته ،قادها بعجلة متجها لفيلاته، دخل لغرفته مباشرة،ثم ابدل بدلته بواحدة اخرى،أخرج هاتفه بيتصل بمدبولى:
اجابه مدبولى بفرحة: اهلا يا سيف بيه..
تجاهله سيف بغرور ليقول:
- انا رايح دلوقتى للشقه خلي اسيل تحصلني على هناك بسرعة...
مدبولى بتوتر:
- امرك يا بيه
اغلق مدبولى الخط ثم خرج مسرعا متجها الي منزل اسيل ،وقف امام باب منزلها صفعه بشدة،و طرقات دائمة لا تتوقف،الى أن خرجت تلك السيدة فى الشقة المقابلة لمنزل أسيل
ام عائشه:
- خير يسطا مدبولى في حاجة
التفت لها مدبولى ليقول:
- بخبط علي الحجة ام اسيل هما مش موجدين و لا اية.
ام عائشة بحزن: ام اسيل تعيش انت يا اسطا
مدبولى بصدمة:
-ااية لا حول ولا قوة الا بالله ،طيب فين اسيل بنتها ..
ام عائشة: عزلت
مدبولي :
-ايه عزلت متعرفيش فين
ام عائشة بتأكيد:
-لا معرفش ، بعد اذنك...
مدبولى لنفسه بخوف:
-يا نهار مش فايت سيف بيه هـ يخرب بيتي لو منفذتلوش طلبة ، دا أيده طايلة و ممكن يودينى في داهية ....
هبط سلالم منزلها بسرعة متجها الي اسفل عمارتها وقف لا يعرف ماذا يفعل،اخرج هاتفه ثم اتصل علي سيف
اجابه سيف على الفور ليقول :
-هى اسيل اتاخرت ليه يا بنى ادم انت،انا هفضل مستني جنابها الليل كله
بلع مدبولى ريقه بصعوبة ليقول بتردد و خوف:
اسيل عزلت من بيتها
سيف : عزلت ليه
مدبولى:
- امها ماتت و سافرت
سيف:
- ماتت, اسمع قدامك بكره و تجيبلي أسيل بأى طريقة انت فاهم..
مدبولى بخوف:
هـ جبها ازاي بس يا سعادة البيه
سيف بغضب:
-معرفش مش انت اللى مشغلها عندك اتصرف و الا انت عارف ايه هيحصلك ..
هتف جملته الأخيرة بغضب ثم القي هاتفه بالأرض بعنف...
____&&&____&&&______
في الاسكندرية جالسة تلك الصغيرة في شرفة منزل منال،اقتربت منها منال من الخلف لتضع راحة قبضتها أعلى أكتافها هاتفة بابتسامة:
-عجباكي البلكونة يا حبيبتي
اسيل بابتسامة:
- حلوه قوي يا طنط
منال :
-ماشي يا حبيبتي حضري نفسك بقى هتكملي مدرستك
التفتت لها اسيل بفرحة:
- بجد يا طنط
منال :
-ايوه يا حبيبة طنط هتبقي في سنه كام
اسيل: 3 ثانوي
منال: عوزاكي بقى تجيبي مجموع يدخلك جامعة الاسكندريه و ابقي فخوره بيكي يا اسيل
حضنتها أسيل بفرحة لتقول:
-ربنا يخليكي ليا يا طنط منال...
__________________________
عند سيف يجلس في مكتبه يتحدث بعنف فى الهاتف ليقول بصوت شديد:
انت يا بنى ادم لغاية دلوقتى ملقتهاش ليه ،اتصرف دور عليها عند اهلها .
اجابه مدبولى برعب:
-هما ملهمش حد يا سيف بيه
سيف باستهزاء:
-ايه مقطوعين من شجرة .
مدبولى بجدية:
-ايوة يا بيه طول عمرهم عايشين في البيت ده و الحارة كلها عارفة انهم ملهمش حد خالص ..
قال سيف بنفاذ صبر:
-امال بتشتغل معاك ازاي مش مفروض تكون عارف كل واحدة عندك
إجابة مدبولى بثقة:
-لا ما هو هى مبتشتغلش عندي من زمان و مبطلعهاش شغل ،انت اول حد جات فيه معايا و عشان بس كانت محتاجة فلوس لامها و اهى ماتت اهى امها يعنى حتى لو كانت موجودة في الحارة مكنتش بردوا هترضى تطلع معايا تأنى ..
جز سيف على نواجزه بغضب ثم اغلق الهاتف بعنف ليقول بغضب:
-غبى واحد حمار ..
-----------------
فى منزل منال
بعد ٣ اسابيع عادت منال من الخارج ،فتحت باب شقتها بالمفتاح لتهتف بصوت جهوري:
- اسيل يا حبيبتي انتي فين انا جيت يا حبيبتي...
لم تكمل كلامها فور أن رأتها نائمة اعلي الارض بلا حركة، اقتربت منها بسرعة تحتضن رأسها لتردف بخوف:
-اسيل فوقي مالك أسيل ..
لم تستجيب لها ،هاتفت الإسعاف بسرعة لتنلقها الى المستشفي.
وصلوا سريعا الى المستشفى
داخل غرفة الكشف بدأ الطبيب في فحصها لتهتف به منال بخوف:
- خير يا دكتور هى مالها
أجابها الدكتور بابتسامة:
-خير يا مدام منال متقلقيش، مبروك هى حامل.....
------------
اقتباسات من الحلقة القادمة
في الاسكندرية
جالسة داخل غرفتها تبكى بشدة،اقتربت منها منال و هي ترمقها بنظرات غاضبة لتقول:
- كده يا اسيل معقول انتي تعملي كده
طالعتها اسيل بعينان منتفختان،لتردف مدافعة عن نفسها:
- ابدا والله غصب عني
منال بغضب:
احكيلي ايه حصل
شردت أسيل قليلا وهي تروي لـ منال ما حدث لها تلك الليلة
في شقة سعاد والدة اسيل:
دخلت تلك السيدة الخمسينة إلى غرفة ابنتها ،فتحت الشرفة ،ليدخل نور الشمس إليها هاتفة بحنان: