استيقظ على صوت الهاتف المزعج.. عبس وجهه يتن*د بصوت مسموع ورفع جذعه عن الفراش يُحرك رأسه في كلا الاتجاهين لتص*ر صوت طقطقة.. ثم التقط الهاتف وأجاب على المتصل ليتحدث معه لدقائق قليلة.. بعد ذلك أنهى المكالمة وترك الهاتف كما كان..
التفت برأسه ليرى فاطمة ولاحظ ارتعاش بدنها.. فأخذ ينتقل ببصره بينها وبين المكيف ليضع الغطاء عليها فورًا وقام بإغلاق المكيف.. من ثم نهض عن الفراش ودلف إلى المرحاض لينعش بدنه بالماء الفاتر..
بعد ربع ساعة تقريبًا انتشرت حبات العرق على جبهتها لتستيقظ وهي تزفر.. ثم رفعت جذعها تمسح على وجنتيها ونظرت حولها لتشعر بالدهشة في لحظة وبنيتها تنظر إلى الأشياء بتمعن وكأنها تتعرف على المكان .. تركت الفراش ووقفت تضم يديها إلى ص*رها.. بعد لحظات استمعت إلى صوت فتح باب لتنظر ناحيته لتراه يخرج واضعًا منشفه حول خصره تاركًا ص*ره عاري ويخلل أصابعه بين شعره المبلل..
بطريقة لا إرادية جحظت عيناها ثم فلتت صرخة من بين شفتيها مخبأه وجهها بكفيها.. وقف يتطلع إليها في دهشة قائلًا :
-شوفتي جن؟
-لاء شوفت بني آدم عريان
وجد نفسه يضحك ضحكة خفيفة ووقف خلفها بعدة خطوات قائلًا بمرح :
-البني آدم ده جوزك لو كنتِ نسيتي يعني
حركت أحد كفيها أن يغادر من أمامها قائلة :
-لو سمحت اتفضل اللبس.. انت مش م**وف
صدح صوت ضحكاته بالمكان ثانية لتشعر باهتزاز سمعها لينبض قلبها بعشق نغمة ضحكاته.. تركها هو واتجه إلى الخزانة ودلف إلى الداخل مغلقًا الباب خلفه.. أزاحت كفيها عن وجهها وتن*دت بعمق لتستنشق رائحة غسولة فاتسعت ابتسامتها.. لكنها لم تدوم طويلًا واختفت لتجلس على حافة الفراش تنظر إلى الفراغ بحزن هامسة :
-مش مصدقة اللي بيحصل بجد مصدومة
تحسست الحجاب لتقوم بنزعه عن رأسها لكونها تشعر بالحر الشديد.. وظلت جالسة حتى خرج من الغرفة فقامت بوضع الحجاب على شعرها ثانية.. بينما وقف هو أمام المرآة يمشط شعره ووضع القليل من عطرة المميز.. نهضت عن الفراش ناظرة إليه متسائلة :
-أنت رايح فين؟!
التفت ينظر إليها قاطبًا جبينه وتن*د قائلًا :
-المحكمة.. مش هتأخر
تحدثت بنبرة خجل :
-لكن يعني أهلك هيقولوا ايه لما تخرج تاني يوم الفرح
-عادي الفرح جه فجأة وميعاد المحكمة ماينفعش يتأجل
أومأت بتفهم ونظرت إلى الأمام تحرك كفها أمام وجهها.. لاحظ ذلك وعلم بأنها تشعر بالحر فالتقط جهاز التحكم الخاص بالمكيف ووقف إلى جوارها يعلمها كيف تجعله يعمل.. بعد ذلك فتح اول درج من المنضدة الصغيرة والتقط جهاز تحكم آخر يفتح به ستائر الغرفة وواحد ثالث ينهي به قفل باب الشرفة.. رفعت حاجبيها تطلع إليه في تعجب قائلة :
-ايه الوقاحة دي.. كل حاجة هنا بتشتغل بالريموت
-وقاحة؟.. طب مش هقولك تشغلي حنفية الميه ازاي
قال كلماته الأخيرة بمشا**ة لتقول هي بثقة عمياء :
-أكيد بالريموت.. كان ناقص أنت كمان تشتغل بالريموت
جز بأسنانه على شفتاه السفلية يقترب منها أكثر فنظرت إليه بحظر وهو يقول بجدية :
-لو كنت بشتغل بالريموت كنتِ رفضتي اروح المحكمة
توترت وأطرقت عيناها قائلة :
-أ أ لاء طبعًا تروح شغلك ماتروحش مش فارق معايا
أومأ برأسه وترك أجهزة التحكم أعلى المنضدة واتجه إلى باب الغرفة فتساءلت بلهفة :
-الحنفية بتشتغل ازاي؟
توقف عن السير وأجاب دون أن يلتفت إليها :
-قربي ايد*كِ منها وهي هتنزل الميه لوحدها
من ثم تابع السير تاركًا إياها تتعجب.. خرج تاركًا باب الغرفة مفتوح والتقط سجادة صلاة من أعلى يد الاريكة وضعها على الأرض ووقف يصلي فرض الصباح.. تذكرت هي الصلاة لتركض إلى الباب كي تلحق به وتسأل عن مكان القبلة لتقف عند عتبة الباب عندما رأته يُصلي..
وقفت لدقيقة تقريبًا ودق باب الجناح فنظرت إليه بلهفة وشعرت بالخجل من أن تفتح بنفسها.. فيما كان يُنهي حازم صلاته ونهض متجهًا إلى الباب لتدخل هي على الفور.. فتح إياه ليجد حياة بابتسامتها البشوشة حاملة صينية الافطار قائلة :
-صباح الفل يا متر
أخذ منها الصينية وقال مبتسمًا :
-صباح الجمال
-أنا قولت هخبط مرة واحده بس علشان مابقاش غلسه
ابتسم على مزحتها قائلًا بترحاب :
-تيجي في أي وقت يا حياة
-تسلم يا متر.. سلامي لفاطمة
أومأ برأسه فأغلقت الباب وغادرت.. التفت متجهًا إلى الطاولة وترك الصينية أعلاها ينادي فاطمة.. جاءت ترد النداء فجلس على الاريكة متسائلًا :
-مافتحتيش ليه؟!
وقفت خلف المقعد المجاور إلى الاريكة وقالت بخجل :
-ات**فت
أشار إلى المقعد عازمًا عليها بالجلوس فجلست عاقده ذراعيها أمام ص*رها واستمعت إلى حديثه الجاد :
-بلاش **وف لأنك أنتِ مش قاعده هنا يومين.. خدي على المكان أنتِ صاحبة مكان.. أمي طيبة وهتحبيها وحياة اعتبريها اختك هي كمان طيبة ولطيفة جدًا وكمان مرام اختي وزهره.. صدقيني هيحبوكي واعتبري نفسك في بيتك
-هحاول بإذن الله..
أشار إلى الطعام عازمًا عليها بتناوله.. لكنها نهضت متجه إلى الداخل قائلة :
-هصلي الصبح الأول
تركها على راحتها ونهض عن الاريكة متجهًا إلى خزانة الأحذية وقام بفتحها ليأخذ حذاء رياضي وجوارب تليق به.. بعد ذلك عاد إلى الاريكة وجلس يرتدي إياهم.. عقب انتهاءه دلف إلى الداخل ليلتقط أغراضه الشخصية في ذات اللحظة خرجت من المرحاض وهي تضبط حجابها قائلة :
-ممكن تجبلي السجادة هنا
نظر إليها للحظات فقد علم بأنها تخجل أن تُصلي أمامه ثم ابتسم بلؤم قائلًا :
-السجادة مفرودة بره.. أنا جوزك ومش كل شوية أفكرك
ثم خرج من الغرفة فزفرت بهدوء وخرجت مضطرة لتصلي فرض الصباح على مضض.. جلس هو يتناول الافطار ووضع القليل من الشاي داخل الفنجان وتناول رشفه رشفه بحرص.. عقب انتهائها نهضت وجلست على المقعد وتناولت الافطار ومن حين لآخر تنظر إليه ويبدو عليها الحزن والسعادة في آنً واحد
***
كانت تجلس في الحديقة برفقة الصغير وعندما ذهب إلى النوم بين يديها دلفت إلى الداخل كي تعطيه إلى حياة.. أخذته وصعدت إلى الطابق العلوي.. وجلست هي على الاريكة شاردة لتفيق من ذلك الشرود بعد لحظات على صوت حازم :
-صباح الفل يا أمي
ابتسمت قائلة :
-صباح الخير.. على فين؟
وقف أمامها ينظر إلى ساعة يده قائلًا :
-عندي قضية كمان ساعة
رفعت أحد حاجبيها وقالت بلؤم :
-في عريس يسيب عروسته تاني يوم الفرح؟..
تن*د بهدوء ثم استأذن دون أن يجيب عليها لكنها نهضت عن الاريكة طالبة منه أن ينتظر.. التقطت تذكرتين من أعلى المنضدة المقابلة لها ومدت يدها بهما قائلة :
-حجزت لك انت ومراتك تذكرتين لجزر المالديف
هبط بنظره إلى التذكرتين للحظات ثم أخذهما ناظرًا إليها بثبات قائلًا :
-شكرًا.. لكن للأسف مش هينفع نسافر اليومين دول
-مفيش مشكلة قدامك شهرين روحوا في اي وقت
أومأ بتفهم ثم تركها واتجه إلى غرفة المكتب ودلف إلى الداخل.. زفرت بهدوء قابضة قبضتها فلديها فضول شديد تعرف لماذا تزوج بهذه السرعة.. والتفكير الكثير جعلها تستنج شيء مريب مما جعلها حزينة وغاضبة على ابنها.. لكن كي تتيقن من ذلك الشيء لابد أن تواجه به..
حسمت قرارها وانتظرت حتى خرج من غرفة المكتب وقالت على الفور :
-حازم عايزه اتكلم معاك
نظر إلى ساعة يده بعد ذلك عاد بالنظر إليها مهتم لسماع ما تريد قوله.. تقدمت خطوتين لتقف في مواجهته وقالت بجدية :
-سألت ليه قرار الجواز السريع ده رفضت تقولي.. فكرت كتير جدًا حاولت أحل اللغز ده مقدرتش.. لحد ما عرفت يا حازم.. مفيش غير حاجة واحده تخليك تتجوز في يوم وليله.. انت بتصلح غلطة صح
حك جبينه يتن*د بهدوء وقد فهم ما ترمي إليه جيدًا لكنه تصنع انه لم يفهم شيئًا علها تتراجع عن ما هتفت به :
-مش فاهم حضرتك تقصدي ايه
تعجبت من رده فابتسمت بلؤم وقالت بتأكيد :
-فاهم انا اقصد ايه كويس.. وطالما أنت نكرت يبقى احساسي صح
-يعني حضرتك عايزة تقولي أن انا وفاطمة غلطنا وبنصلح الغلطة دي.. كنتِ قولي كده على طول مفيش داعي للف والدوران
قال كلماته مندفعًا بحده مما جعلها تحملق به وأشارت إليه بسبابتها قائلة بتأكيد :
-اندفاعك ده بيدل على ان احساسي صح واللي حصل ده مصيبة
-علشان أنتِ أمي مش هتناقش معاكِ ولا حتى أفهمك انك غلطانه.. أنتِ عايزه تعيشي معايا تمانيه وعشرين سنه تانين علشان تقدري تفهميني.. لأن تفكيرك ده بيدل على انك ولا عرفاني كويس ولا عارفه أخلاقي
تركها واتجه إلى الباب بخطوات واسعة ويغلق قبضته تارة ويفتحها تارة أخرى كما أنه يجز أضراسه بشدة.. ولم يكترث لنداء والدته له وخرج مغلقًا الباب خلفه بعنف.. زفرت بصوت مسموع واضعة رأسها بين يديها من ثم خرجت إلى حديقة المنزل وجلست على الاريكة تحملق بالفراغ
***
" النادي.."
ذهبت إلى الملعب مباشرةً وهي تحمل بين يديها تذكرة لمشاهدة مباراة نسائية.. وقفت عن السير عندما رأت كابتن محمد وأخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته بهدوء.. بعد ذلك اتجهت نحوه وهي تتنحنح ووقفت إلى جواره قائلة بصوتها الرجولي التي تطلقه الحنجرة صراحه بصعوبة :
-صباح الخير يا كابتن
نظر إليه بلهفة واستدار نصف استدارة قائلًا :
-صباح النور.. اهلًا يا كابتن والف مب**ك على فرح أختك
-الله يبارك في حضرتك.. عقبالك
أومأ برأسه ولفت نظرة التذكرة ليأخذها من يده يتفحصها.. تأملته هي عن قرب وتفرك في أصابع يديها في توتر.. فهي تفكر ان تعترف بأنها فتاة لكونها شعرت بالندم على ذلك القرار المتهور.. وأتاها ذلك الشعور عندما عاد ش*يقها وأخذ قرار بالمكوث معها.. مد يده بالتذكرة متسائلًا :
-ليه هتحضر مباراة نسائية؟!
أخذت التذكرة وردت عليه بسؤال :
-مابتحبش المباراة النسائية؟!
-لاء خالص مالهاش لازمة.. أنا ضد أن البنات تلعب كورة قدم.. معروف كرة القدم للشباب
جزت أضراسها بغيظ شديد لكنها تمالكت وقالت علها تقنعه بأنه مخطئ :
-غلط يا كابتن زي ما في دكتور في دكتورة.. زي ما في مهندس في مهندسة.. انا اعرف بنات ناجحة جدًا في كرة القدم واخدت بطولات
ابتسم بهدوء قائلًا :
-باين عليك بتحب لعب البنات
-لأنهم مش واخدين حقهم زي الشباب.. فيه بنات تقدر على المستحيل لكن للأسف المجتمع مش مديهم فرصة
عقد ذراعيه أمام ص*ره يتن*د بعمق وتحدث بهدوء :
-طبعًا وانا مش ضد أن البنت تحقق حلمها.. وطبعًا كل واحد ووجهة نظرة..
ثم أردف :
-اتفضل أنت على التدريب.. عندي مشوار مهم
تحرك من أمام عيناها عقب انتهاء حديثه لتنظر إليه حتى اختفى.. ثم تحسست ب**كة الشعر متجه إلى أحد المقاعد وتركت حقيبة الظهر عليها.. بعد ذلك ذهبت إلى حيث يجلس الشباب كي تقوم بتدريبهم اليوم..
بعد نصف ساعة تقريبًا صدح صوت هاتفها داخل الحقيبة لكنها لم تستمع إليه لكونها بعيدة عنه.. انشغلت بالتدريبات وبدأت تعطي لهما الكثير من الإرشادات والنصائح حتى انتهى وقت التدريب المحدد.. صفقت بيديها سامحة لهما بالمغادرة فقال أحدهم :
-حضرتك ممتاز يا كابتن في التدريب
ليؤكد صديقًا له على حديثه :
-فعلًا.. حضرتك مش بتبخل علينا بأي معلومة
اتسعت ابتسامتها قائلة :
-موفقين يا شباب
انتظرت للحظات واتجهت إلى حيث المقعد المنشود ووقفت تفتح سحابة الحقيبة لتأخذ منشفه تجفف بها حبات العرق المنتشرة على جبهتها وعنقها.. وباليد الأخرى التقطت الهاتف تتفحصه لتجد عدة مكالمات من صديقتها " مروة.." منذ نصف ساعة.. جلست على المقعد واتصلت عليها وهي تنظر حولها.. أجاب الطرف الثاني بعد لحظات متسائلة :
-كنتِ فين يا كارمن؟!
تحدثت بصوت منخفض :
-ما انتِ عارفه اكيد في التدريب
-الأستاذ بتاعك كابتن محمد كان هنا وبيسأل عليكِ..
جحظت عيناها في دهشة والأخيرة تتابع حديثها المريب :
-ده غير ان سميه سمعتك وأنتِ مغيرة صوتك سمعتها وهي بتحكي للبنات
وضعت كفها على وجهها ثم وضعت المنشفة داخل الحقيبة وحملت إياها على كتفها ونهضت عن المقعد مستعدة للمغادرة متسائلة في توتر :
-كابتن محمد كان عايزني في ايه؟!
-لاء مش عارفه هو سأل المسؤول وعلشان أنا صاحبتك سألني عليكِ.. كارمن أنهي الموضوع ده في أقرب فرصة ارجوكِ وكفاية لحد كده
شعرت بالخوف والقلق حقًا والكثير من الأسئلة بدأت تحوم حول رأسها.. كما أن كابتن محمد إذا سأل عن اسمها بالكامل سيكتشف الحقيقة.. أنهت المكالمة مع صديقتها ونظرت حولها لتشعر وكأن كل شيء يدور بها.. وضعت كفها على رأسها وعندما شعرت بتحسن تركت المكان وغادرت
***
" القصر.."
تحديدًا الجناح الخاص بـ حازم.. كانت تجلس على الاريكة تشاهد التلفاز تارة وتقلب بالهاتف تارة أخرى حتى شعرت بالسأم الشديد.. تركت الأريكة وأخذت المكان ذهابًا وإيابًا لدقائق قليلة.. حتى أخذت قرار أن تخرج من هنا وتتعرف على من بالأسفل.. برغم الخجل المسيطر عليها سيطرة كاملة ألا انها حسمت قرارها.. دلفت إلى الغرفة وأخرجت من غرفة الخزانة عباءة بيضاء فضفاضه مزينه بورود زرقاء صغيرة..
ارتدت إياها وخبأت شعرها بحجاب أزرق يليق بها.. ثم تن*دت بعمق وزفرت بهدوء بعد ذلك اتجهت إلى الباب لكونها توقفت عن السير عندما استمعت إلى صوت يأتي من الحديقة.. غيرت مسارها إلى الشرفة وخرجت لترى مرام تلعب الكورة مع زهره وتحيها.. ثم نظرت إلى الأسفل لترى نجلاء تجلس على المقعد..
في ذات اللحظة خرجت حياة ووضعت فنجان قهوة أعلى الطاولة قائلة :
-احلى فنجان قهوة لعيونك
-تسلملي أيد*كِ يا حبيبتي
جلست على الاريكة ومسحت على ذراعها بلطف وتساءلت باهتمام :
-اعترفي بقى وقوليلي مالك؟!.. متأكدة أن فيه حاجة حصلت
تن*دت بحزن وقالت دون مقدمات :
-واجهت حازم بحقيقة جوازه المفاجئ وردت فعله بينت اني صح.. الجوازة دي تصليح غلطة
صعقت بمجرد أن استمعت إلى كلماتها ووضعت كفيها أعلى ص*رها لتشعر بدقات قلبها العالية.. واستمعت إلى رد حياة عليها التي يبدو عليها الحزن :
-مش من تاني يوم كده.. مع اني متأكدة أن حازم مستحيل يعمل كده وفاطمة كمان شكلها بنوته محترمة
نجلاء بحنق شديد :
-بلاش تخدعك المظاهر يا حياة.. دي واحده مانعرفش عنها حاجة.. واللي حضر الفرح أهل والدتها بس
هبطت دموع الحسرة والقهر على وجنتيها بغزاره وعلى الفور دلفت إلى الداخل.. جلست على الفراش تضم قدميها إلى ص*رها بقوة وتعالت شهقاتها المتقاطعة.. أصابها الشعور بعدة خناجر أصابت بدنها بطريقة عشوائية فتعالت صوت بكائها ورمت رأسها على الوسادة دافنه وجهها بها..
في تلك اللحظة تمنت الموت.. زواجها من ابن عمها كان أفضل لها من أن يعلم الجميع بأنها فتاة ب*عة وقعت في ذلك الخطأ الفادح.. طردت تلك الأفكار من راسها ورفعت إياها عن الوسادة تفكر ان تذهب إليهما الآن وتخبرهم بحقيقة الأمر لكن شيء ما داخلها منعها من ذلك..
نهضت عن الفراش متجه إلى غرفة الخزانة وأخذت حقيبة معينه أخرجت منها شريط من المهدئ والآخر منوم.. كانت قد بدأت في أخذ تلك الحبوب عندما بدأ عمها يجبرها على الزواج من رامز.. وأصبحت لم تستطيع الاستغناء عن المهدئ عندما تدخل في حالة هستيريا البكاء.. ابتلعت حبة مهدئ بالماء وتليها المنوم بعد ذلك وضعتهم داخل الحقيبة..
أغلقت باب الشرفة وأظلمت الغرفة ثم مددت على الفراش واغمضت عينيها مستعده إلى النوم.. لم تكف عن البكاء حتى بعد أن ذهبت إلى النوم.. فالكلمات التي اخترقت آذنيها كالقطع الزجاج الصغيرة ليست هينه على قلبها
***
" النادي.."
أخذته قدماه إلى الملعب كي يشاهد المباراة النسائية.. فيبدو أن كلمات عُدي جعلته يفكر بالأمر ويعطي لكرة القدم النسائية بعض من الاهتمام.. حجز تذكرة وجلس بالمقاعد الأولى مستعدًا للمشاهدة باهتمام..
جاءت كارمن برفقة صديقتها وجلس الاثنان بالصف الأول ولم تنتبه من الكابتن الذي يجلس بالصف الخلفي.. بدأت المباراة بعد دقائق فانتبهت كارمن إلى فريقها جيدًا ومن كثرة توترها بدأت تمسح على وجنتيها.. بدأ الجميع بتشجيع الفريق الخاص بهم بحرارة عالية..
بعد ربع ساعة تقريبًا قذفت أحدهم الكورة لكنها لم تُصيب هدفها جيدًا.. لتزفر كارمن بضيق وبدأت تلقب تلك الفتاة بالغباء بصوت عال.. بدأت مروة تهدئها ومسكت بكفها لكنها نفضته.. انتبه كابتن محمد منها وابتسم بمجرد أن رآها وأيضًا علم كم هي معصبه..
النتيجة الأن اثنان صفر لصالح الفريق الثاني.. وعبث الحظ مع الفريق الأول بركلة جزاء لتمسك كارمن بمرفق صديقتها بقوة فهي تشعر بالأمل الآن.. لكن خاب أملها ولم تُصيب الكورة الهدف.. جزت أضراسها بشدة وتركت المباراة واتجهت إلى الخارج.. حاولت مروة أن توقفها لكنها لم تكترث لها..
نهض هو الآخر عن مقعده ولحق بها وبمجرد خروجه من البوابة نادىٰ عليها.. استمعت إلى نبرة صوته لتتوقف عن السير تحملق بالفراغ في دهشة.. ثم تن*دت وبكل هدوء التفتت إليه وابتسمت باضطراب قائلة :
-كابتن محمد أهلًا بحضرتك
وقف أمامها قائلًا :
-أهلا بيكِ.. كنت بسأل عليكِ
أومأت بخفه وتساءلت في توتر :
-حضرتك عايزني في ايه؟!
تحدث مازحًا :
-اصل بقالك كام يوم ماجتيش تطمني على الحرق قولت اجيلك انا
وجدت نفسها تبتسم وتحدثت بخجل لكونها تسببت في حرق جزء من بدنه :
-أسفه يا كابتن وقتها ماكنتش مركزة
-مش بقولك كده علشان تعتذري..
ثم أردف باهتمام :
-المهم كنتِ معصبه أوي كده ليه وقت المباراة.. دي مباراة عادية مش بطولة
زمت شفتيها بغيظ من كلماته الأخيرة وتحدثت بحنق :
-هيجي اليوم ونلعب على بطولة تنكتب في التاريخ
تعجب من حديثها كما أوضحت غضبها وتساءل :
-نلعب؟!.. أنتِ لاعبة كورة؟!
فاقت على نفسها ولُقبت نفسها بالبلهاء وكادت أن تنفي ذلك لكن جاءت فتاة من متابعيها وقالت وهي تمضي من جوارها :
-كابتن كارمن لازم تلعبي الماتش الجاي لتاني مرة الفريق هيخسر
نظرت إليها تومئ بالإيجاب مبتسمه ثم عادت بالنظر إليه وتحدثت في توتر :
-أه كنت بلعب وهما استغنوا عني لأن الفترة اللي فاتت غبت كتير عن التدريبات
-أنا ممكن اتكلم مع المسؤول وترجعي تاني
كارمن بلهفة :
-لاء.. يعني انا هتصرف
-ياريت علشان مشتاق أشوف لعبك
حملقت به في دهشة لكونها لم تصدق كلماته واتسعت ابتسامتها الرقيقة قائلة :
-بجد؟.. حضرتك مهتم تشوف لعبي وممكن تقيمه
-أه طبعًا.. كابتن جديد اتعرفت عليه هو شجعني التفت للمباراة النسائية
تن*دت بعمق وشعرت بالسعادة وأن خططتها نجحت على وجه السرعة وتحدثت بحماس كبير :
-كابتن أنا فرحانه جدا بكلامك ده.. وكمان نفسي الصحافة يهتموا بينا شوية وبرامج تطلبنا نعمل لقاء ونتكلم عن الكورة
رأى الحماس على هيئة لمعه داخل عيناها جعلتها فتاة جميلة للغاية رغم بساطة ملامحها وابتسم هو الأخير ليقول بنبرة جادة متوعدة :
-أوعدك اشتغل على ده والكل يتكلم عنكم وعن نجاحكم
ضمت كفيها في بعضها البعض تشكره بامتنان شديد وتحدثت بشغف :
-تسمح لي اعزم حضرتك على حاجة بمناسبة الكلام الجميل ده
-أه طبعًا.. شيء يشرفني
***
" مساء اليوم.."
عاد حازم من العمل الساعة العاشرة والنصف مساءً.. نظر حوله ليجد المكان هادئ ثم صعد إلى الطابق العلوي متوجهًا إلى الجناح الخاص به.. عند وصوله دخل مغلقًا الباب خلفه ووجد صينية الطعام أعلى المنضدة مغطاه بصينية أُخرى عليها.. قام بكشفها ليجد الطعام كما هو ويبدو أن فاطمة لم تقترب منه..
فدخل الغرفة وأضاء المصباح الكبير كي يرى بوضوح.. ورآها نائمة على الفراش فتقدم نحوها بعد أن ترك اغراضه أعلى الاريكة.. جلس على حافة الفراش والتقط الهاتف الخاص بها ليرى مكالماته الفائتة والهاتف ليس صامتًا.. تعجب من عدم ردها عليه والطعام التي لم تقترب منه..
وضع الهاتف كما كان وبدأ يربت على كتفها برفق ويناديها لكنها لم تستجيب.. ف*ناول قارورة المياه من أعلى المنضدة الصغيرة ووضع بعض قطرات الماء على وجهها لكن لم يرمش لها رمش.. فزع قلبه قبل بدنه وترك القارورة وبدأ يربت على وجنتها ويناديها بلهفة قلق :
-فاطمة فوقي.. فاطمة.. فاطمة
بدل مكانه بالجلوس إلى جوارها ليحيط كتفها بذراعه وحاول إيقاظها بشتى الطرق لكنها لم تستجيب.. اخرج الهاتف من جيب سرواله وهاتف آسر ابن عمه.. أجاب بعد لحظات ليقول حازم بنبرة قلق واضحة :
-فاطمة مغمي عليها يا آسر مش عارف اعملها ايه
-طيب ماتعملش اي حاجة وأنا جايلك حالًا
-لو انت في المستشفى اجيبها واجيلك
قال ليهدأ من رهبة قلقه :
-لا يا حبيبي بإذن الله مش هتحتاج تروح مستشفى.. اطمن مسافة الطريق هكون عندك
أنهى معه المكالمة وألقى بالهاتف على الفراش وحاول إيقاظها لكن فشل محاولاته.. وضع رأسها على الوسادة برفق وبدأ بفك حجاب رأسها ليضعه جانبًا.. ثم حرك يده على شعرها من الامام ووجد نفسه يضع يده على عنقها كي يطمئن على النبض.. شعر بنبضاتها أسفل كفه لكنه بطئ للغاية.. فعقد بين حاجبيه وقبلها على جبينها بحنان وعدة قبلات على كف يدها ثم نظر إليها بعينين لامعتين بدموع القلق رغمًا عنه هامسًا :
-كوني بخير أرجوكِ
***يتبع