بين بغداد وبرلين

2957 Words
لا ايام احلى من ايام الطفولة . واحلى مافيها ايام المدرسة .. كل شي بيها مختلف ..!! الالوان غير الالوان . ورائحة الاشياء غير رائحتها الان . كنت اكره اللونين الاصفر والاسود بشكل لا يصدق . حتى الورود الصفراء في حديقة المدرسة ما كانت تعجبني . ولكن بعد ما كبرت ورايت ما رايت من ماسي بالحياة بديت احن لكل شي يذكرني بطفولتي واتلمس بي نفحات من السعادة والارتياح, بما فيها الأشياء التي كنت اكرهها او لا ارغب فيها حين ذاك ومن ضمنها الوان الورود الصفراء في حديقة المدرسة والوان ارصفة الممرات السوداء والبيضاء . كنت سعيدة بلا ما احس بطعم السعادة لان كنت أتصور الحياة هكذا كما اعيشها . من ارجع من المدرسة العصر الگا ماما تنتظرني عند الباب – كانت ترجع من الشغل للبيت قبلي – . ما كانت دائما تطبخ بالبيت . كنت اتغدى بمطعم المدرسة وبابا وماما يتغدون برا البيت .. او يجيبون اكل سفري من يرجعون من الشغل .. تستقبلني من الباب باحضانها وتدخلني للحمام وبعد ما تحممني تلبسني ملابس نظيفة وتصفف شعري . كنت اميرة, بلا امارة وملكة بلا تاج , ما شعرت لهذا الامر الا بعدما فات الأوان . بعد ما تتاكد من اناقتي وعدم حاجتي لاي شي تطلب مني احضّر دروسي وبعدما انتهي من تحضير دروسي تغير لي ملابسي مرة ثانية وتاخذني قبل المغرب نتمشى لمطعم همبرگر أبو يونان المجاور لفندق دنانير بمنطقة الكرادة مقابل المسرح الوطني حاليا . باياهم كان اشهر مطعم لالذ همبرگر . من كثر الازدحام على المطعم كان عامل محجر حديدي حتى ينظم السرة للزبائن . مرات ننتظر اكثر من نصف ساعة الى ان يوصل لبنا السرة ونحصل حصتنا من الهمبرگر .. كانت ماما تعشق همبرگر أبو يونان .. واني هماتين كنت احبَّه . من كنا نتجول بالسوگ او من نوگف اباب المطعم كانت تحاول جهد إمكانها تتكلم بالعربي حتى تتمكن من اختبار فدراتها بهذا الشأن فكانت دائما تردد بالعربي:- هزا متأم كتير طيب اكل يأمل .. اتيب من متأم برلين .( هذا المطعم كثيرا طييب اكل يعمل . اطيب من مطاعم برلين ) ما كانت امي تبالغ من كانت تبدي رايها باكل مطعم أبو يونان . ريحة الهمبرگر والبصل المحموس كانت توصل عبر الشارع, من كثر ما بيها نكهة . ما كنت اكل بكثرة بمطعم المدرسة . حتى ارجع للبيت جوعانة, وابقى بلا اكل الى ان ناكل لفة همبرگر عند ابو يونان .. اكثر شي كانت تاخذني لمطعمين ناكل بيهن .. مطعم همبرگر ابو يونان , وكشك زغير بوسط ساحة تقاطع المسبح مقابل السفارة الالمانية الغربية . المطعم اللي بساحة تقاطع المسبح كان مبني تحت ضل شجرة كالبتوس كبيرة, وكان اقرب على بيتنا من مطعم أبو يونان . فكنا نروح له اكثر من ما نروح لمطعم ابو يونان . لان ما عليه ازدحام واكله هماتين طيب ونظيف . ابدا ما تنمحي من ذاكرتي ذيك الأيام . الوان كراسي وميز الخيزران اللي مطبگين سطحه بقطع خزفية مطرزة بورود ورصوفات بانتظام تحت ضل الشجرة . حتى ملامح وابتسامة صاحب الكشك ما تفارق خيالي . كل ما نروح له يتمازح وياي بعد ما عرف بي اعرف اتكلم العربية . اما شرطية المرور بملابسها الانيقة ووگفتها الرشيقة عند خطوط العبور فما انساها ابدا . بكل مرة تشوفني تعبر الشارع وتاخذني من ايدي وتعبرني الشارع وما تتركني الى بعد ما توصلني للكشك بلا ما تفارگ الابتسامة الودودة وجها وبلا ما تتوقف عن ترديد كلمات انگليزية غير مفهومة . وقبل لا تعوفني تگرصني من خدي گرصة خفيفة . كل ما تلتقينا تبتسم بوجهي وتگول لي بلكنة متقطعة وركيكة :- how are you ..؟ وكنت اجاوبها بلباقة :- fan thanks and you ؟ الى ان مرة من المرات جاوبتها بالعربي . تفاجأت وحضنتني وشالتني وعبرتني للساحة وهي تردد :- فدوه لـ الله شنو هذا ا****ن اللي ينطع عسل .. هاي منو علمچ تحچين هيچ ..حبيبتي ..؟ خجلت اجاوبها وگول لها اني عراقية .. فد ماما گالت :-هاي زوج مال اني اراكي .. بيبي سار اراكي .. الشرطية بوقها خربت ضحك على حچي ماما .. هههه بلا ما تفهم منه أي شي . اعتدت كل ما نروح للكشك اللي بنص الساحة, اشرب بطل تراوبي . كنت احب مشروب التراوبي حد الموت . احس بي اطيب من الببسي والسفن والكنددراي ومن كل المشروبات اللي كانت شايعة بذاك الوقت . كان كلشي ممتع بالحياة وأكثرها متعة أيام المدرسة . كانت المدرسة بالنسبة لي غاية المتعة . صحيح كان بابا ياخذنا يوم الجمعة يفرنا بشوارع بغداد . خصوصا بعد ما استلم من الحكومة سيارة خاصة . بس احس بيوم الدراسة احلى واكثر متعة .. بالفرصة بين الدروس العب مع صديقاتي, نتگاود ونتسولف بساحة المدرسة . ونضحك على اي شي, حتى اللي ما يضحك نضحك منه . نشتري من الحانوت بطل بارد وقطعة كيك باليومية اللي استلمها من بابا قبل لا يروح لدوامه . على ذكر اليومية . ما كنت اصرفها كلها لوحدي .كنت اشارك بيها وحدة من صديقاتي . بوقتها صادقت طالبة يتيمة من الطالبات اللي كانوا متكفله بيهم وبأكلهم وبملبسهم وحتى بنومتهم المانستيرات – الخوات – المسيحيات . فمن اريد اشتري بطل بارد او كيكه اتقاسمها وياها . وكان هذا الامر يحقق لي اقصى حالات السعادة . ما كنت احس بفرق بيني وبينها . وي نفسي انقهر عليها, احس بيها تخجل من عندي من اخذها للحانوات واشاركها بيوميتي .. كنت شاطرة بكل الدروس . فما اصدگ على ما ندخل للصف . حتى اثبت لزميلاتي تفوقي عليهن بالاجابة على أسئلة المعلمة وحصولي على التشجيع منها ومن الطالبات من خلال تصفيقهن لي استجابة لطلب المعلمة . كنت احس بنفسي اطول واكبر عمر من بقية الطالبات اللي بصفي . كنت گاعدة باول صف للرحلات . لان كنت اگصر من بقية الطالبات . &&& ركضت بينا السنين ركض . بلا ما نحس بيها . من نجحت لصف السادس الابتدائي بسنة الثمانية وسبعين . حبلت ماما . كان حبلها فرحتي الكبرى . اخيرا راح تتحقق امنيتي . ويصير عندي اخ او اخت .. كالعادة سافرنا بالعطلة الصيفية لبرلين . وهناك جابت امي اخوي الوحيد .. كان بابا موجود بيوم ولادة ماما . من جا الولد طلب من عندي بابا اختار له اسم .. فما جا على بالي غير اسم - سنان – بلا ما اعرف السبب ..!! يمكن لان كنت احب السنونوات الكانن يعششن بسگف طرمة بيتنا ابغداد . كنت متعلقة بالسنونوات هوايه . فد يوم من كنت بصف اول ابتدائي او بالثاني . راقبت امهن من تجيب لهن اكل و تطعمهن . بعد ما ابتعدت امهن عنهن بقن يزققن وكان فاتحات حلوگهن .. ففكرت يمكن يكونن بعدهن جوعانات ..!! فخطرت على بالي فكرة جهنمية . استغليت انشغال ماما بالحمام واخذت قطعة جبن گرافت وقربت درج الخشب اللي كان بابا قبل يوم خاله على الحايط القريب من عشهن . حتى يبدل الشمعات. صعدت الدرج على كيفي . الى ان وصلت العش . مديت ايدي على الفراخ ومن فكن حلوگهن خليت بيهن قطع جبن . بالصدفة من دا انزل جتي ماما وشاف*ني وصاحت بيَّ:- Warum stieg die Treppe hinauf شصعدچ على الدرج ..؟ !! گلت لها:- طعّمت الكتاكيت جبن .. تعصبت ونزلتني من الدرج وبعدها صعدت حتى تتاكد . لگت الفراخ ميتات ..!! بقيت كل ما اشوف امهن تتقرب من العش ابچي عليهن . المهم كانت فرحتي بسنان ما تنوصف . كنت ابقى كل النهار گباله . حتى من ينام ابقى اراقبه . كان يشبه ماما بمعانيه ورسومه, وبيعد احلى منها . خلصنا العطلة في برلين ورجعنا لبغداد . اروح للمدرسة وارجع متلهفة على شوفة سنان . كلما اروح للسوگ او للاورزدي وي بابا وماما اشتري له ملاعيب ملعوبة . خرخاشات اشكال والوان, وطوبات زغار و ارانب و بط . شكو لعبة تحلى بعيني اشتريها . فد مرة طلعنا اني وماما للسوگ . وبراس دربونتنا شفنا بزونه زغيره . ضعيفة ويابسة . تريد تموت من الجوع . عطفت ماما عليها وشالتها ورجعتنا للبيت حتى تنطي للبزونه اكل . من شافونا الناس براس الشارع بداوا يضحكون علينا . تعرفون العراقيين وسوالفهم .. ما كان احد بذاك الوقت يربي بزازين وچلاب ومن هاي الشغلات .. البزازين والچلاب كانن موجودات . بس ما كنا انشوفهن الا فوگ السطوح لو قريب من محلات الگصابة . كانت ماما تحب الح*****ت وتحاول تتقرب لهن, وخصوصا البزازين . مرة ماده ايدها على بزون قريب من محل الگصاب بمنطقتنا .. حسبالها مثل بزازين المانيا . وخامشها البزون من ايدها وجارحها . بعدها توبت تتقرب لهن .. هاي البزونه اللي لگيناها, كانت كلش زغيرة . اخذتها ماما وخلتها بالحمام وغسلتها بمي دافي وانطتها اكل . بعدين عفناها بالبيت وطلعنا للسوگ .. من شافها بابا راد يشمرها بالشارع .. بس ماما ترجته وعافها . بقت البزونه بالبيت . وتعودت تنام بغرفتي, الى ان اجا سنان . من كثر تعلقي بسنان توسلت بماما حتى تعوفه ينام بغرفتي ..!! بس ماما رفضت بحجة خوفها عليه من البزونه . فتعهدت لماما اطلع البزونه من غرفتي اذا خلت سنان ينام بصفي . وهماتين رفضت. فطلعت حرگتي بالبزونه وبديت انومها خارج الغرفة .. اغرب شي لاحظته بهاي الحيوانة, كانت كل مرة, وقبل لا نسافر لبرلين باسبوع تختفي . ومن نرجع نلگاها منتظرتنا فوگ السطح . بقى هذا اللغز محيرنا بلا ما نعرف السر وراه .. !! على كل حال عوفونا من البزونه وخل نرجع لقصتنا ..!! نجحت للأول متوسط وصار عمر سنان اكثر من سنة, وسافرنا بالعطلة الصيفية لبرلين, كالعادة . ومن انتهت العطلة رجعنا . لگينا الحكومة مص*ره قرار . على كل اجنبية متزوجة من عراقي تقدم طلب تج*س .. حتى يمنحوها الج*سية العراقيةوتسري عليها احكام القانون العراقي .. ماما من سمعت بالخبر تنرفزت وضاجت لان الامر ما صرف لها . ما كانت تريد تتخلى عن ج*سيتها . كانت تاتامل ترجع لبرلين وتحصل لبابا على الج*سية الامانية . ابدا ما كانت حابه العيش بالعراق . توسل بيها بابا هوايه الى ان تمكن من اقناعها لتقديم طلب للتج*س . كان اللي ما يقدم طلب تج*س يسفرونه لبلده . بهاي الاثناء تغيرت هواي أمور وبسرعة ما متوقعينها . مثلا تغيرت الحكومة بايران وصارت تفجيرات ببغداد . ولزموا الفجر القنبلة على الطلاب بالجامعة المستنصرية . بقى اسم اللي فجر القنبلة عالق بذاكرتي لحد الان . سمير غلام رضا .. واللي تبين من اصول ايرانية . لان بعدها شكو مصايب حلت علينا .. على اثر هذا التفجير . ص*رت الحكومة العراقية قرار بتسفير الاجانب, وشددت اجراءات حصولهم على الج*سية . فاضطرت ماما تقدم طلب لدائرة الاقامة بمطقة الكرادة حتى تحصل على الج*سية العراقية كونها متزوجه من عراقي . بعد ما اتفقت وي بابا من تتحسن وتستقر الامور .. يسافرون لالمانيا ويحاولون بكل الوسائل يحصلون على الج*سية الالمانية .. وما يرجعون للعراق . لكن الامور تغيرت بشكل غير متوقع .. قبل العطلة الصيفية جتي لماما برقية من السفارة الالمانية تخبرها لوفاة جديتي في برلين . وعليها الحضور لبرلين حتى تنهي اجراءات الارث .. اضطرت ماما تاخذ سنان وتسافرت لألمانيا . وبقيت وي بابا, لان ما كنت مكملة الامتحانات .. من سافرت ماما متت قهر . اول مرة افارها وافارگ سنان .. تعودت عليهم, وما عاد اشوف طعم لحياتي بدونهم . كنت اتامل نهاية السنة الدراسية حتى الحق بيهم بالعطلة ولكن من سوء حظي توقفت اذونات السفر لموظفي الدولة وما منحوا بابا إجازة سنوية وما تمكنت الحق بماما لبرلين . خلصت العطلة وبدت الدراسة بلا ما ترجع ماما من برلين . وحلت الكارثة .. بدت حرب ايران . وتوقفت الدراسة . فاتخذتها امي ذريعة حتى لا ترجع للعراق وارسلت لبابا رسالة وطلبت منه يسفرني لبرلين . فوافق بابا على طلبها بسرعة لان خاف على ماما خصوصا بعد ما بدا الطيران الإيراني يقصف داخل بغداد . اليوم اللي سافرت بي كان اصعب يوم مريت لي, من كثر الألم اللي عانيته بيومها وتضارب مشاعري ما أتمكن اوصف لكم إياه . كان اسوء يوم مريت بي . احترت بين تعلقي بماما وله ترك بابا لوحدة لظروف ما اعلم بنهايتها . كنت متشوقة لشوفة سنان وماما هوايه .. بس ما كنت متخيلة ممكن اعوف بابا لوحدة بمثل ذاك الظرف . كان بابا حزين . جدا حزين . اكثر مما تتصورون . بقى ساكت لايام قبل لا ينهي إجراءات سفري . بلا ما تفارگ الجگاير حلگه , وبالليل بدا يشرب عرگ ويحاچي نفسه .. بيوم السفر, صحّاني الفجر . وكانت ما زال ما صاحي من السكر , بالطريق ورث جگارة من چعب الجگارة اللي قبلها وشمر الجكارة الجديدة من الجامة وخله القديمه بين اصابعة ورجع ورث جگارة ثانية . وگف السيارة بمنطقة قريبة من اورزدي شارع الرشيد وطلب مني انزل حتى اتريگ بمطعم يبيع عسل وگيمر, بصف سينما الوطني . رفضت لان ما كان لي نفس اكل . بلا ما يلح علي تحركنا لموقف الباصات بحافظ القاضي . من صارت الحرب توقف الطيران للعراق وكان لازم اسافر بالباصات للاردن ومناك اسافر بطيارة لبرلين الشرقية . من عرفت بالطريق طويل ومتعب ضاقت بي الدنيا . كنت مترددة . مشاعري متضاربة بين لهفتي على امي وسنان . وحزني على فراق بابا ومتاعب الطريق . حانت لحظة الوداع, حضني بابا ب**ت وبوسني وخله خده على خدي وحسيت بحرارة دموعة وارتجاف شفايفه . صعدت بالسيارة وگلبي يتقطع من الحزن والخوف . وصى بابا السايق بيَّ وترجاه يوصلني للمطار من نوصل لعمان . بقى واگف قريب من الشباك ويمسح بدموعه الى ان تحرك الباص .. اول مرة اشوف بابا بموقف ضعيف . كنت متصورته اقوى انسان . فد الانسان ما ينعرف الا بعد ما يوگع بمصيبة .. من تحركت السيارة وابتعدت عن مكان وقوف بابا حسيت بوحدة وغربة وحزن وخوف ما حاسه بيهن قبل ابدا . گضيت الطريق كله مختنگة وابچي . فراق بابا وضعفه **ر خاطري . كلما اباوع على الجامة يتهيأ لي اشوفه واگف على الرصيف ودموعه تسف على خده . الطريق للاردن صحراء قاحلة لا شجر ولا بشر . ليل ونهار بقت السيارة تمشي بينه . نمت وصحيت. ونمت وصحيت . اكثر من مرة وما وصلت لعمان . كل جسمي بدا يوجعني, هذا عدى عن حالة الحزن والضيق والخوف اللي كنت احس بيها كلما يمر الوقت . بعد معاناة وصلنا مطار عمان . من شفت المطار انصدمت ..!! ولا كانه مطار حسبالك گراج سيارات !! حتى سياج للمدرج او صالة انتضار مثل صالات انتظار مطار بغداد او برلين ما كانت بي. بديت اقارن بينه وبين مطار بغداد .. ؟ مطار بغداد اللي بدوا يسمونه مطار صدام كان ارقى واحسن من مطار برلين . فما كان من الممكن اقارن مطار عمان بمطار بغداد . قيت انتظر عدة ساعات حسيت بيهن دهر . كل عيون الناس تباوع علي . واكثر من مرة سالوني شرطة المطار عن أسباب حضوري لوحدي وكنت اضطر اعيد لهم قصة سفري . الى ان حل موعد رحلة برلين . من وصلت برلين لگيت ماما بانتظاري بصالة المطار وياها سنان . من فرحتي بشوفة ماما وسنان . نسيت تعب السفر وقهري على بابا وانشغلت بملاعبة سنان .. &&& كانت ماما حريصة هوايه على دراستي . فما رادت تضيع علي سنة دراسية كاملة . ثاني يوم وصولي اخذتني للسفارة العراقية وكملت اجراءات تسجيلي بالمدرسة العربية في برلين .. بعد ما كملت اجراءات التسجيل رحنا للمدرسة . من دخلت المدرسة انشرح ص*ري . احلا مدرسة في برلين . حتى انها احلى من مدرسة الراهبات اللي كانت ارقى مدارس في بغداد . بنايتها راقية جدا ونظيفة ومرتبة . وطلابها من أبناء نخب الطبقة العربية الراقية في برلين الشرقية .. كانت تضم بصفوفها معظم الطلاب العرب اللي يعمل ابائهم بالسفارات العربيه بالمانيا الشرقية . منهاج الدراسة بالكامل عراقي . لان العراق هو اللي ماسسها . كل الطلاب من العرب. من اليمن و سوريا والجزائر . ومن كل الدول العربية . المدرسة فد شي راقي ولا اكو مثله حتى بالمدارس الالمانية . من كافتريا الى ساحة للال**ب الرياضية الى مسرح .. وغيرها .. وغيرها .. العراقيين بوقتها كانوا عايشين بنعيم ورغد . من يعرف الالماني اوغيره بانك عراقي يتمنى يشيلك من الگاع ويطير بيك . كان تقدير العراقيين لا يضاهيه تقدير . لان الحكومة العراقية كانت تتعامل بحزم وي أي دولة تحاول تقلل من شان الرعايا العراقيين بالخارج . واذا تجرء واحد واهان عراقي باي دولة . تقوم القيامة ولا تقعد . واحتمال يصل الامر الى قطع العلاقات الدبلوماسية او انهاء ال*قود التجارية . الى الحد اللي يجبر رئيس الدولة للاعتذر من الحكومة العراقية ..!! بكل الدول كان العراقي مقدر . حتى بريطانيا اللي كانت مستعمرته للعراق سنين وسنين . كان العراق بوقتها عنده تعاقدات ومصالح تجارية وخصوصا وي البلدان الاشتراكية .. فكانوا يحسبون له الف حساب .. وكان الدينار العراقي له قيمته . من نطلع للسوگ . نشتري بالمية دولار نص السوگ . كان راتب بابا عالي جدا . كان يستلم اكثر من ثلاث مية دينار, يعني بحدود الف دولار . وما كان مصروفنا بألمانيا يتجاوز ميتين دولار بالشهر.. خصوصا ما كنا ندفع ايجار . اغلب الطلاب العراقيين يعانون من مادة الرياضيات والانكليزي .. فيما كنت اشطر طالبة بهاي المادتين . بلا قراءة ولا تحضير احصل 98 او 100 من مية . مع هذا اجرّت لي ماما مُدرِّسة للغة الانكليزية . حتى تعلمني القواعد الاساسيه للغة الانگليزية . المُدَرِّسة اللي اجّرتها ماما كانت مترجم الرئيس الالماني آريش هونيكر . كانت كبيرة بالعمر . فما كانت تحضر لبيتنا كل يوم . كانت تحضر ثلاث مرات بالاسبوع, ومن تنهي محاضرتها تبدي تتسال بيَّ عن اثار العراق . كانت ماما تشوفها صورنا بلموية سامراء, وسلمان باك وعگرگوف واسواق بغداد القديمة . فكانت تحاول تحصل مني ومن ماما على اكبر قدر من التفاصيل عن المواقع الاثرية . كانت مغرمة بالتاريخ والاثار . فكنت احجي لها بالتفصيل عن كل اللي شايفته من مواقع اثارية بالعراق . بلا مبالغة ولا تبجح . كنت جدا ذكية وكنت مخططة ادرس طب أو هندسه مثل بابا وماما . كانت الدنيا زاهية لي مثل ما يگولون . ما شايله هم لأي شي . كل شي متوفر لي . من اطلع للسوگ اي شي اشوفه ويعجبني اشتري . من كثر الملابس العندي, قسم منهن ولا لابستهن غير مرة وحدة . اما الاحذية فكلها ماركات . كنت احتفظ بعشرات الاحذية . اشكال والوان ..!! بالعطل والاعياد تخاذني ماما جولات سياحية . مسارح سينمات, باليه, حفلات موسيقيه ومعارض . ومناظر خلابة بالجبال .. كنت عايشه بنعيم . كان بابا يرسل لنا رسائل وبرقيات يطمنا بيها على حالته ويحول لنا مبالغ من المال . وكل املنا تنتهي الحرب ونلتقي ابابا في برلين او بغداد . مرت الايام وطالت الحرب . والاوضاع بالعراق ما تغيرت . ما سمحوا لبابا يسافر ويلحگنا لالمانيا . فطلب من ماما ترجع للعراق .. طمنها بعودة الحياة لطبيعته وانفتح خط الطيران وما عاد تتمكن الطائرات الإيرانية من قصف بغداد . والامور تحسنت .. على هذا الأساس عفنا برلين ورجعنا لبغداد . بعد وصولنا لبغداد بكم يوم قدمت ماما طلب جديد للحصول على الج*سية العراقية . رجعت داومت من جديد بالصف الثالث المتوسط . بنفس مدرسة راهبات . بعد معاناة, لان بوقتها ما قبلوا يعادلون شهادتي اللي حصلتها من مدرسة الجالية العربية . بحجة كون الوثيقة غير مصدقة من السفارة ومن وزارة الخارجية . ومن هالشغلات الروتينية اللي ما كنت اعرفها . فما قبلوني الا بعد ما دخلوني باختبار وامتحان بدروس الصف الثاني والثالث متوسط ونجحت بالامتحان التمهيدي .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD