إستيقظت منى مبكراً في صباح اليوم التالي، كانت منى في غاية السعادة لا تصدق مافعله أسامة بالأمس، وكيف عرف مابداخلها وكيف لاحظ إنزعاجها كلما مرت أمام هذا المطعم بل وإستطاع أن يحوله من مكان يزعجها إلى ذكرى جميلة ستبقى في عقلها للأبد فنهضت منى من نومها ونظرت لأسامة وهو لايزال نائماً وقالت بصوت منخفض "أحبك يا أغلى من قلبي ومن حياتي" ثم قبلته قبلة خفيفة على خده وأسرعت لتعد له الإفطار .
إستيقظ أسامة هو الأخر من نومه وما أن فتح عينيه ولم يجد منى إلى جواره حتى إنتفض من السرير وصاح "منى منى" فأتاه صوتها من خارج الغرفة وهي تقول "نعم حبيبي أنا هنا" ف*نهد أسامة وهدأ إنزعاجه ثم خرج من الغرفة وإبتسم إذ وجد منى بالمطبخ تعد له الفطور فقال لها "ماذا تفعلين...لماذا لم تأخذي قسطاً من النوم" فردت منى "قد أخذت قسطاً كبيراً وجميلاً ومريحاً أيضاً" ثم اقتربت منه ووضعت يدها على خده وقالت له "لكن حبيبي تعب لأجلي كثيراً جداً جداً وعليه الآن أن يرتاح قليلاً" ثم قالت له "هيا أجلس لتتناول فطورك".
جلس أسامة ومنى ليتناولا فطورهما وبدأت منى الحديث وهي تسأله "هل لد*ك عمل اليوم" فرد أسامة " للأسف لكني لن أتأخر ساعتان على الأكثر وسوف أعود ...أعدك" فنظرت له منى وكأن عيونها ترفض ألا تراه لدقيقة لكنها تن*دت وقالت له "حسناً سأجد ما يشغلني لا تقلق" فنظر لها أسامة وقال "هل يوجد مايمكنه أن يشغلك عني؟" فإبتسمت له منى وقالت له "سخيف حبيبي" فضحك أسامة ضحكة عالية على رد منى ثم أكمل فطوره.
ما أن دخل أسامة الجامعة حتى فوجىء بهاتفه يرن فرد أسامة "ألو ... نعم يابشرى أنا بالجامعة الآن ما الأمر؟" فردت بشرى "أريد أن أتحدث معك والآن" فأجابها أسامة "الآن لكن..." وقبل أن يكمل قاطعته "أنا بالمكتب في إنتظارك" ثم أنهت المكالمة.
عقد أسامة حاجباه وفهم أن هناك أمر كبير قد حدث لكنه لم يفهم ماهو فأسرع ليلحق ببشرى بالمكتب ودخل ورأها متوترة جداً فسألها "نعم بشرى مالأمر؟" فنظرت له والغضب الشديد بادياً عليها وقالت له "قل لي أنت ما الأمر؟....حقيقة الأمر؟" فقال لها أسامة "ماذاتعنين؟" فردت بشرى وهي تحاول ان تسيطر على أعصابها لكن لايبدو أنها تنجح في ذلك وصاحت به "ماعلاقتك بمني؟" فقال لها "ماذا؟! ...منى إبنة عمي و..." فقاطعته وهي تجز على أسنانها "أعلم أنها أبنة عمك ولكن من والد طفلها؟" فنظر أسامة بعيداً قليلاً وأخذ نفساً عميقاً وزفره ثم عاد لينظر لها "ماذا تعنين؟" فقالت له "سؤالي واضح من والد الطفل ياأسامة...هل كان الأمر غلطة حدثت بينكم أم ماذا لا تقنعني أنه فجأة تزوجت منى وأصبحت حامل هكذا بين ليلة وضحاها ووجودها معك بشقتك وخروجكما معاً يومياً حتى انك تعطيها دوائها بنفسك" ثم صاحت به "أجيبني هيا هل تحبها أم ما الأمر هيا؟" **ت أسامة قليلاً ونظر إلى الأرض ثم نظر لبشرى وقال لها "تريدين أن تعرفي حقيقة علاقتي بمنى...حسناً منى زوجتي ...وأم طفلي" تفاجأت بشرى برد أسامة رغم أنها تقريباً كانت تتوقعه وقالت له "زوجتك...زوجتك ...منذ متى وكيف حدث هذا ومتى قبل خطبتنا أم بعدها أم ماذا؟" فقال لها "حدث قبل خطبتنا ...بعد ان اعترفت لك بإعجابي بك وطلبتي مهلة لتفكري... بعدها سافرت إلى أهلي وهناك تزوجنا" فقالت له "ومنذ ذاك الحين تخدعني لماذا لم تخبرني؟" فقال لها "لم أستطع فأنتي تعلمين قوانين الجامعة بهذا الشأن وما كنت أعلم كيف ستكون ردة فعلك" فقالت له وقد هدأت نبرة صوتها وقالت له "قوانين الجامعة" ثم **تت لبرهة وضحكت بتهكم وقالت له "حول هذا الأمر لد*ك لجنة بعد ساعة لتحدد موقفك بعد ماعلموا بما حدث" وهنا اتسعت عينا أسامة وأمسك بذراعها "ماذا فعلتي؟!...هل أخبرتهم بهذه السرعة" فإبتسمت بشرى وقالت له "بالطبع فأبي هو عميد هذه الجامعة" ثم نزعت ذراعها من يده وتركته ومضت.
بعد مرور ساعة دخل أسامة إلى غرفة الإجتماعات بالجامعة حيث كانت اللجنة منعقدة في إنتظاره، وبالطبع على رأسها والد بشرى، وبدأ بسؤال أسامة عن حقيقة علاقته بمنى فأجاب أسامة انها زوجته ثم أوضح أن زواجه بمنى لم يكن بعد مقابلته لها بالجامعة بل أن حقيقة الأمر أنها إبنة عمه وبالصعيد كان الأمر الواضح زواجهما منذ أن كانا صغيرين أي قبل أن تسن هذه القوانين من الأساس وبعد أن إنتهت اللجنة من الحديث معه طلبت منه أن ينتظر بالخارج ليتشاوروا في الأمر وفي النهاية خرج القرار بتقديم أسامة لإستقالته مع نهاية هذا العام وليس فصله من جهة الجامعة.
سمع حسام بما حدث من هبة خطيبته وأسرع لأسامة فوجده قد خرج من غرفة الاجتماعات حيث علم بقرار اللجنة للتو فقال له "أسامة ماذا حدث؟" فقال له أسامة دون أن ينظر له "حدث ماتوقعته" فسأله حسام "ماذا؟" فرد أسامة "لا أعلم كيف علمت بشرى بأمر زواجي وأخبرت والدها وهو قام بدوره وعقد اللجنة" فهم حسام الوضع وقطب حاجباه وقال "وماذا فعلت مع اللجنة" فقال له أسامة "ماذا؟ لاشىء أوضحت موقفي وان منى ابنة عمي من الأساس" فسأل حسام "والنتيجة" فقال أسامة "يجب أن أقٌدم إستقالتي بنهاية هذه السنة" فصاح حسام "ماذا؟!" فقال أسامة "إهدأ هذا أفضل من الفصل وأيضاً لازال أمامي وقت لأبحث عن جامعة أخرى" ثم وضع ذراعه على كتفي حسام وإبتسم وهو يقول "هيا بنا لاتنزعج هكذا لايزال هناك نور".
"ماذاا؟" صاحت منى وهي تتحدث مع صديقتها هالة على الهاتف والتي قالت لها "نعم الجامعة كلها تتحدث عن أمر زواجك أنتي ودكتور أسامة ... لماذا لم تخبريني؟" فقطبت منى حاجباها وتجاهلت سؤال صديقتها وسألتها "وأين أسامة أقصد دكتور أسامة الآن؟" فقالت لها "لا اعلم لكنه خرج منذ قليل بصحبة دكتور حسام" فردت منى "حسناً هالة يجب أن أنهي المكالمة الآن" ثم انهت مكالمتها معها واتصلت بأسامة.
قطب أسامة حاجباه عندما وجد منى تتصل به وقال لحسام "أتظن أن منى قد علمت بالأمر؟" وقبل أن يجيب حسام وقف وإبتعد عنه ليرد على هاتفه "آلو حبيبتي...أنا بخير لاتقلقي هكذا...إهدئي...لا أعلم كيف عرفت ... لا لم أفصل .... سأقدم استقالتي بنهاية العام...لا تقلقي سأجد جامعة أخرى...منى أرجوكي إهدئي أنتي وأتركي الأمر لي ممكن؟....حسناً سأنهي المكالمة الآن" ثم آنهى المكالمة وعاد لحسام وقال له وهو يتناول جاكته "هيا يجب ان اعود لمنى قد علمت بالأمر ولابد أنها منهارة الآن" فأومأ حسام برأسه ودفع حساب ماكان يشربونه حيث أخذ حسام أسامة وذهبا لإحدى المطاعم المطلة على النيل ليتحدثا في الأمر.
أسرع أسامة وعاد إلى المنزل وهو في غاية القلق على منى فهو يعلم أن الأمر أصعب عليها منه بمائة مرة ليس فقط لأنه يعلم مايجب أن يفعله لكن منى تخاف عليه أكثر حتى من نفسها وستظن أنها السبب لذا ما أن دخل حتى وجد ماتوقعه ووجدها جالسة على الأريكة وعيونها حمراء من شدة البكاء ودموعها تنهمر بشدة فأسرع إليها وجلس إلى جوارها وقال لها "حبيبتي أرجوكي إهدئي" فنظرت له وقالت وهي تبكي "هذا مستقبلك ...كيف فعلت هذا بك؟" ثم أمسك يدها وقال لها "فعلتي ماذا؟ أنتي لم تفعلي شىء" فقالت له "هذه الجامعة التي تركت أمريكا لأجلها ستتركها بسببي" فإقترب منها وهو يحاول أن يهدأها وقال لها "لم أترك أمريكا بسبب الجامعة ولكن بسببك أنتي أردت أن أكون معك قلبي أراد ذلك حتى وان لم يعي عقلي هذا حينها" ثم أكمل "حبيبتي أرجوكِ إهدئي لأجلي أنا أرجوك، أرجوك لأجل أبننا أنا سأتصرف بالأمر أم أنك لاتثقين بي" فنظرت له ولم ترد فضمها إليه وهو يربت على ظهرها "إهدئي صدقيني هذا أفضل لي كثيراً انا أردت أن أتركها من الأساس وماحدث أزاح حملاً ثقيلاً من على كاهلي إهدئي وسترين زوجك ومايستطيع فعله" ظلت منى تبكي وهي تسند رأسها على ص*ره ولا تعرف ماعليها فعله ورغم انها تحاول أن تهدأ لأجله إلا انها لاتستطيع أن توقف دموعها.
مرت الأيام بل والأشهر على أسامة وهو يحاول أن يقدم في عدد من الجامعات لكن المشكلة أن والد بشرى كانت له علاقات بالعديد من عمداء الجامعات الأخرى وكان دائماً السبب الرئيسي في رفض الجامعات له لكن أسامة كان مثابراً ولم ييأس وكانت منى تشاهده وتشاهد مايبذله من مجهود وهي ليس بيدها شىء وهي تشعر أنها السبب في كل هذا لكن ماذا عليها أن تفعل لأجله هذا ما لاتعلمه ولا تعرفه وظلا هكذا حتى إقتربت نهاية العام الدراسي وأصبحت منى بشهرها الثامن من الحمل ولا تستطيع فعل شىء لزوجها سوى أن تبقى بالقرب منه وتسانده أما أسامة لم يفقد الأمل وكان يسعى بكل الطرق الممكنة ويساعده في ذلك أيضاً صديقه حسام.
"مابك يابشرى؟" سألت هبة بشرى عندما دخلت مكتبها ووجدتها في قمة الغضب فقالت لها بشرى "ماذا ترين؟ أنا سعيدة جداً خطيبي حتى الآن لم يتحدث معي ولم يعد إلى صوابه رغم كل مافعلته" فعقدت هبة حاجباها وقالت لها"خطيبك ...خطيبك من ....أسامة" فأجابت بشرى"وهل أنا مخطوبة لغيره" فقالت لها هبة "أسامة ألم ينتهي الأمر وهو الأن رجل متزوج وقريباً سيكون لديه ابن" فصاحت بشرى "لاتقولي هذا هل تظنين أني سأتركه لها ..قد ظل معاجباً بي لأكثر من سبع سنوات وهي خلال بضعة أشهر تريد أن تأخذه مني" فقالت لها هبة "بشرى افيقي ماذا تقولين؟...يكفي هذا أرجوكي أتركيهم في حالهم يكفي ماهم به قد طرد أسامة من الجامعة تقريباً ولايستطيع أن يجد عمل بسبب والدك" فأجابت بشرى "فليتركها ويعود لي وكل شىء سيرجع كما كان" فقالت هبة "هذا ليس عدلاً يكفي ماتعانيه هذه الفتاة الحمل وقلقها على زوجها كيف سيتحمل قلبها المريض هذا" وهنا قطبت بشرى حاجباها وقالت لهبة "قلبها المريض؟! ماذا تعني؟" فقالت هبة "منى مريضة بالقلب وحالتها صعبة أيضاً فأرجوك أتركيهم وشأنهم" فردت بشرى "يالها من أنانية لأجل نفسها تربط حياتها بحياته بل وتريد أن تنجب له أبن أيضاً وهي في أي لحظة ممكن أن تموت وتتركه" ثم أمسكت بشرى بحقيبتها وبهاتفها وهمّت بالخروج فقالت لها هبة "إلى أين؟" فردت بشرى "لا شأن لك" ثم خرجت من الجامعة.
فوجئت منى بصوت طرقات على الباب بعد خروج أسامة وحسام ليذهبا لإحدى الجامعات فقامت وفتحت الباب وإذ ببشرى أمامها فقالت وهي في غاية الدهشة "بشرى!" فردت بشرى "نعم هل ستسمحي لي بالدخول؟" فردت منى وهي تفتح الباب أكثر لترحب بها "بالطبع تفضلي" ثم دخلوا الى غرفة المعيشة وجلست بشرى وقالت لها منى "سأحضر شىء لنشربه" فأومأت بشرى برأسها بالإيجاب.
قليلاً وعادت منى بعد أن أحضرت ماتشربه بشرى وقدمته لها وما أن جلست حتى بدأت بشرى الحديث قائلة "حسناً بالطبع أنت لا تزالين في حيرة عن سبب مجيئي إلى هنا؟" فنظرت منى لها وأومأت برأسها بالإيجاب، فأكملت بشرى حديثها و قالت لها "حسناً سأسألك مباشرة كيف حال أسامة وهل إستطاع أن يجد عملاً حتى الآن أم ماذا؟" لم تجب منى على سؤال بشرى وأشاحت بنظرها بعيداً عنها فقالت بشرى "حسناً سأجيب أنا ...لا بل ولن يفعل مادمت انا هنا وأنا لن أسمح بذلك مادمتي أنتي معه" فقطبت منى حاجباها وقالت لها "ماذا تقصدين؟" فقالت لها "يجب أن تتركيه" فردت منى "فليكن موتي قبل أن يحدث هذا" فقالت "حقاً كم أنتي أنانية أنت تعرفين أننا نحب بعضنا البعض منذ أكثر من سبع سنوات وأنتي في بضعة أشهر تريدي أن تنهي كل شىء" فأجابت منى "عفوا بشرى لكنك مخطئة أنا وأسامة نحب بعضنا منذ أكثر من عشر سنوات وليس مجرد إعجاب قابلتيه أنتي بأنك تحتاجي وقت للتفكير" فنظرت لها بشرى وهي في شدة الغيظ، لكنها تيقنت أن الأمر على هذا النحو لن يحقق هدفها لذا فكرت لدقيقة ثم إبتسمت وعادت إلى منى وقالت لها بعد أن قامت وربتت على كتفها وهي تحاول أن تهدأها وقد بدلت من نبرة الغضب التي بصوتها إلى نبرة هادئة قلقة عليها "منى أرجوك إهدئي أنا لا أريد أن يحدث لك شىء" فنظرت لها منى في غضب وقالت لها "ماذا تعنين؟" فقالت بشرى "لاشىء لا أعني شىء أنا قد علمت أن قلبك ضعيف وانا أخاف عليكي هذا كل مافي الأمر أما بشأن أسامة مادمتي تحبيه كل هذا الحب وهو يحبك أيضاً إلى هذا الحد فسوف أبتعد عنكما بل سوف أساعدكما أيضاً" وهنا إعتدلت منى وابتسمت لبشرى وقالت لها "حقاً؟" فأجابتها بشرى وهي تبتسم وقالت لها "نعم سوف أذهب الآن لأبي ليوقف مايفعله وخلال أسبوع على الأكثر سيكون أسامة قد تم تعيينه مارأيك؟" فرحت منى وكادت لاتصدق ماتسمعه فوقفت بشرى وهمّت لتمضي إلا أنها وقفت فجأة وقالت "أه منى هناك شىء آخر" فنظرت لها منى وقالت لها "ماذا؟" فردت بشرى "أنا لا أعلم ماهو مرضك بالضبط قولي لي ما هو ولي أصدقاء بأمريكا أطباء قد يكونوا توصلوا لعلاج ما" فردت منى "لا أعتقد متلازمة ايزنمنغر ليس لها علاج" فقالت بشرى "متلازمة ايزنمنغر" فأومأت منى برأسها فقالت لها بشرى "بل لها لكنه لايزال علاج تجريبي أتودين الاطلاع عليه" فقالت لها منى "حقاً" فقالت لها بشرى "إنتظريني ثم قامت بالإتصال بأحدهم ودخلت إلى الشرفة لتتحدث هناك وبعد أكثر من ساعة دخلت إلى حيث منى وقالت لها "كنت أتحدث إلى صديقي دكتور اسبنسر وهو طبيب مختص بأمراض القلب حيث يقومون بعمل تجارب لعلاج الأمراض المستعصية مثل متلازمة ايزنمنغر وقد أخبرني أن هناك بالفعل تجارب لهذا لكن المشكلة أنها لاتزال تجارب وليس علاج مؤكداً مارأيك؟" ف**تت منى وتن*دت ثم قالت لمنى "سأتحدث مع أسامة ونرى مايجب أن نفعل" فقالت لها بشرى "أسامة لا بالطبع سيرفض فهو من المؤكد سيخاف عليكي كثيراً فكما قلت هذه مجرد تجارب القرار الحقيقي لك أنتي الآن هل تريدين أن تكوني بصحة جيدة لأجل زوجك وتلدين له طفل معاف وبصحة جيدة أم لا" نظرت لها منى وقالت لها "ماذا تريدين أن أفعل؟" فقالت لها "أنا لا أريد شىء سوى أن تظلا أنتي واسامة معاً بخير ولايوجد مايقلقكما لكن لايهم رأي المهم رأيك، الامر على حسب كلام دكتور اسبنسر لن يستغرق سوى عملية بسيطة تأخذ ساعة على الأكثر وفي حالتك قد تلدين هناك أيضاً وعندما تصلين أمريكا ستتصلين بأسامة وبالطبع هو سيلحق بك" **تت منى ولم تعرف ماذا يجب أن تفعل فقاطعتها بشرى وقالت لها "حسناً قد حجزت لك تذكرة طيران بالهاتف وهاهو موعد الطائرة وحجزت لك بالمستشفى هناك أيضاً وإتفقت على كل شىء مع دكتور اسبنسر والقرار لك الآن" ثم كتبت ورقة بكل البيانات وموعد الطائرة وكل شىء وتركتها لها وإنصرفت.
ظلت منى تفكر في كلام بشرى بعد أن انصرفت وحتى بعد ماجاء أسامة لم تخبره بشىء وظلت تفكر في الأمر حقاً هي لا تعلم ماذا عليها أن تفعل، هي تحب أسامة حباً لا يمكن أن يوصف وحقاً لم تفكر في الأمر سابقاً ماذا إن حدث لها شىء قد تأكدت من أن أسامة يكن لها نفس الحب حتى أنه يواجه الدنيا كلها لأجلها ماذا سيفعل وأن نسبة رحيلها عنه أكبر بكثير من أن تكون معه، وماذا عن الطفل كيف سيكون وإن جاء يحمل نفس المرض كيف سيتحمل أسامة هذا؟ بالإضافة إلى أن والداها لم يعلموا بعد بالأمر ماذا سيفعلون به كل هذه الاسئلة كانت برأس منى ولم يكن لديها سوى إجابة واحدة وهي أن تسافر هي أولاً إلى أمريكا وتتصل بأسامة ليلحق بها وتجرب هذا العلاج وربما ... ربما ينجح الأمر وإن لم ينجح .... هنا توقفت منى عن التفكير وإمتلأت عيونها بالدموع، كان أسامة يشعر أن منى بها شىء ما لكنه لايعلم ماهو ومهما سألها لم تكن تجيبه لذا إكتفى بأن ضمها إليه حتى نامت ووضعها على السرير.
إستيقظت منى مبكراً وراحت تفكر في الأمر مرة أخرى ومهما فكرت كانت تصل لنفس النتيجة وهو أنه عليها التجربة أو على الأقل فلتسافر وترى الأمر وتسمع من الأطباء أنفسهم إقتنعت حسناً لم تقتنع ستعود، وما أن قررت حتى أمسكت بهاتفها وإتصلت ببشرى وأخبرتها أنها سوف تذهب ثم أنهت المكالمة.
"نعم هذا هو" صاحت بشرى بعد أن أنهت المكالمة مع منى وكأنها قد بلغت مرادها ثم طلبت رقم أخر وقالت له "ألو هذا أنا اسمع ستنفذ ما إتفقنا عليه وسوف أحول لك المبلغ الذي إتفقنا عليه، طائرتها ستقلع بعد ساعة ستنتظرها أنت في الترانزيت بلندن وقد أرسلت لك صورتها فلتفعلها، هي لن تحتاج لمجهود فدفعة بسيطة بأي طريقة سواء أمام سيارة أو أي شىء سيقضي عليها وعلى من في بطنها....حسناً إتفقنا" ثم أنهت المكالمة.
"من التي ستقضين عليها وعلى من في بطنها؟" صاحت هبة وهي تكلم بشرى عندما دخلت عليها المكتب وسمعتها تتحدث بالهاتف فردت بشرى "لاشأن لك" فقالت هبة "بل لي من هي هل هي منى؟" لم ترد بشرى وهمّت بالخروج إلا أن هبة أمسكت بها وقالت لها "أجيبيني" فنزعت بشرى يدها من يد هبة وقالت لها "نعم" فقالت هبة في ذهول "ستقتليها" فردت بشرى "نعم" فسألتها هبه "الآن أين؟." فإبتسمت بشرى "ليس الآن ولكن لاحقاً" فقالت هبة "ماذا تعنين؟" فردت بشرى "إن ماتت هنا سيظل أسامة يحبها لكن إن هربت منه أولاً ثم اختفت فسيكرهها للآبد" فعقدت هبة حاجباها وأمسكت بهاتفها لتتصل بحسام تخبره إلا أن بشرى نزعت الهاتف منها وقالت لها "فلت**تي ان أردتي أن تستمري أنتي وخطيبك بالجامعة" ثم أسرعت وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح على هبة وخرجت ثم سحبت سلك الهاتف الأرضي.
إستيقظ أسامة من نومه ولم يجد منى بجانبه فظن أنها قد ذهبت للمطبخ كعادتها لتجهز له الفطور فقام ودخل المطبخ إلا أنها لم تكن موجودة ثم بحث في الشقة كلها ثم نظر لخزانة الملابس فلم يجد الملابس فأسرع ليتصل بها لكن هاتفها كان مغلق وما أن إلتفت حتى وجد رسالة موضوعة على الطاولة ....فأمسك أسامة بالرسالة وفتحها بسرعة.
(عزيزي أسامة بل حبيبي الذي لم أعرف معنى الحب إلا معه وله ولم يكن قلبي يوماً لسواه، أرجوك لا تغضب منى أنا لا أستطيع أن أتحمل أن تكون غاضباً مني لكن ليس بإمكاني أن أراك تواجه العالم كله لأجلي وتخاطر بكل ماعملت بجد لأجله وأنا من الممكن أن أتركك في لحظة لتواجه الدنيا وحدك، أعلم ان ليس في مقدوري فعل شىء لكن أقل مايمكنني فعله أن أحاول ، وقد وجدت محاولة وأريد أن أقوم بها لأجلك ولأجل طفلنا لكن إن أخبرتك بها هنا بمصر سترفض فكان عليا ان اسبقك سأتصل بك لأخبرك كل شىء بالتفصيل فأرجوك إنتظر إتصالي وارجوك مرة اخرى ألا تغضب ...أحبك ...أحبك .......أحبك حتى أكثر من روحي ومن عقلي ولا يمكنني أن أقول أحبك أكثر من قلبي لأن قلبي قد كرهته بسبب انه قد يبعدني عنك....حبيبتك منى".
ظلت هبة تحاول فتح باب المكتب لكن دون جدوى المشكلة أن الجامعة كانت فارغة تقريباً فقد إنتهت الامتحانات والتصحيح وظهرت النتائج أيضاً وأخذ الطلاب أجازتهم بل معظم الأساتذة أيضاً لكن هبة لم تفقد الأمل ظلت تحاول فتح الباب من هنا وتحاول أن تنادي أحدهم من هنا أخيراً وجدت أحد أفراد الأمن يقف أسفل النافذة لكنه لايستطيع سماع صوتها لإرتفاع الطابق الذي به المكتب فأسرعت هبة وألقت بكتاب ثقيل كان معها فرفع فرد الأمن نظره إلى أعلى ورأها فأشارت له بالصعود فأسرع فرد الأمن وصعد وما أن فتح لها الباب حتى طلبت منه هاتفه لتجري مكالمة ضرورية وإتصلت بحسام فهي لا تحفظ رقم أحد سواه وليس معها أرقام أحد بعد أن أخذت بشرى هاتفها وأخبرته أن يجعل أسامة يلحق بمنى بالمطار بسرعة فبشرى تنوي قتلها وستخبره بالتفاصيل لاحقاً وما أن أنهت هبة المكالمة حتى إتصل حسام بأسامة.
"ألو أسامة أين أنت؟" سأل حسام أسامة وقبل أن يرد فقال له "اسرع الى المطار إلحق بمنى وامنعها من السفر، طائرتها ستقلع بعد ربع ساعة، بشرى سترسل من يقتلها" فصاح أسامة "ماذا؟!" ثم أسرع وتناول مفاتيح سيارته والبالطو الخاص به واسرع إلى سيارته
كانت منى تجلس بصالة الإنتظار في المطار وهي لاتعلم ما إذا كان ماتفعله صحيحاً أم خطأ لكنها قد بدأت فيه وستكمله لكن قلبها كان ينبض بشدة فما السبب؟ هل هو بسبب بعدها عن أسامة وأنه قد يغضب؟ أم لحيرتها الشديدة؟ أم لخوفها من أن لا ترى أسامة مرة أخرى إن حدث لها شىء؟....لم تكن تعلم السبب لكنها كانت تشعر بخوف شديد لم تشعر به قبلاً وفجأة سمعت منى النداء الأخير لرحلتها فوقفت لتستعد للذهاب وما أن خطت بضع خطوات ناحية بوابة الدخول وإذ برجفة قوية تجتاح عقلها وقلبها تجعلها تتوقف ويجتاحها خوف شديد لم تشعر به يوماً وبدأت الدموع تظهر بعيونها وكلما حاولت أن تتماسك كان الخوف يزداد وكأنها طفل تائه قد فقد والديه وفجأ إذ بيد توضع على كتفها فإنتفضت وإلتفتت لترى من وإذ به أسامة وقال لها "إلى أين أنتي ذاهبة؟" فردت عليه والدموع بدأت تنهمر من عينيها وقالت له "لا أعلم لا أعلم" ثم إرتمت بين ذراعيه وراحت تبكي بشدة فضمها هو إليه وهو يحاول تهدأتها "حسناً حسناً إهدئي الآن إهدئي أنا معك الآن".
جلسا أسامة ومنى بصالة الإنتظار بالمطار حتى هدأت منى ثم سألها "هل أنتي بخير الآن؟" فأومأت برأسها بالإيجاب ثم قال لها "فلنذهب؟" فقالت له "حسناً" ثم حمل الحقيبة وأمسك بها حتى استقلا السيارة وعادا إلى منزلهما.
ما أن وصل أسامة بسيارته إلى منزله حتى وجد حسام وهبة في إنتظارهم وأسرع حسام ليحمل الحقيبة عن أسامة وأسرعت هبة لتسند منى وسألتها "كيف حالك الآن؟" فأجابتها منى بصوت منخفض "بخير" ثم أمسك أسامة بيد منى وصعدوا جميعاً إلى شقته.
جلس الجميع وآتى أسامة بشىء ليشربوه ثم جلس إلى جوار منى ووضع يده على مسند الاريكة حيث تجلس منى ثم راحت منى تقص عليهم ماحدث مع بشرى ثم أكملت هبة ماسمعته عندما دخلت المكتب وماقالته لها بشرى، كان أسامة صامت وممسك بيد منى التي لا تصدق كيف خدعتها بشرى والدموع تسيل من عينيها فأمسك أسامة بيدها وهو في شدة الغضب من بشرى، لكنه لايريد أن يظهر هذا لمنى، لذا فبعد أن إنتهت هبة من حديثها نظر أسامة لمنى وقال لها "هل أنتي متعبة؟ تريدين أن تنامي قليلاً؟" فأومأت منى برأسها بالإيجاب فقال لها "حسناً هيا بنا ونهضا ليدخلا إلى غرفة النوم وهمّ حسام وهبة ليذهبا إلا أن أسامة أشار لهما أن يجلسا حتى يعود.
جلست منى على السرير بعد أن إستعدت للنوم وإلى جوارها أسامة وظل ينظر إليها ثم قال لها "كيف كنت تريدي أن تذهبي وتتركيني ألا تعلمين أن روحي معك أنتي وأن قلبي لا ينبض إلا ليكون معك كيف فعلتي هذا ياحبي الوحيد" فدمعت عينيها، فإقترب منها وضمها له وراح يربت على ظهرها حتى نامت ثم إرتدى أسامة ملابسه وخرج بعد أن تأكد من نوم منى ثم قال لحسام وهبة أن ينتبها عليها حتى يعود وخرج من المنزل.
تفاجأت بشرى عندما فتحت باب منزلها بأسامة يدخل لكنه لم يتحدث معها لكنه توجه إلى والدها الذي ما أن رأه حتى صاح "أنت مالذي تفعله هنا؟!" فصاح به أسامة وهو في شدة الغضب "انا أيضاً لاأريد أن أكون هنا لكني أتيت إليك لأحذرك" فرفع والد بشرى حاجبه وقال له "تحذرني ... أنا!" فقال له "نعم ....قد فعلت معي كل ماتريد أقالتني من الجامعة وإستخدمت نفوذك حتى لا أحصل على عمل وتركتك لكن أن تحاول إبنتك أن تمس زوجتي هذا ما لا أستطيع تحمله" فقال له والد بشرى "ماذا تعني؟" فأجاب أسامة "قد حاولت إبنتك قتل زوجتي وحمداً لله أني قد لحقت بها قبل أن يحدث لها هذا والذي إن كان حدث لأصبح الأمر الأن قضية أخذ بالثأر وأنت سيدي تعلم ما الذي يعنيه الثأر بالنسبة لأهل الصعيد" ثم فتح الباب وخرج.
"ماذا حاولتي؟ قتلها!" صاح والد بشرى ببشرى بعد أن خرج أسامة فقالت له "أبي إنـ.." فقاطعها والدها "ولأجل من؟ رجل لا يراكي ولا يريدك ؟ هل هذا ماربيتك عليه بعد كل ما أعطيتك إياه؟" فقالت بشرى "إسمعني ياأبي أنا أحـ" وإذ بصفعة قوية على وجهها من والدها وقال لها "غداً ستعودين إلى أمريكا وهذا أمر غير قابل للنقاش ....هيا إلى غرفتك" فنظرت له بشرى وهي تبكي وقد وضعت يدها على خدها ثم صعدت إلى غرفتها وهي تجري.