
يقود السيارة بسرعة جنونية ومخيفة جدًا، من حسن حظه أن الوقت متأخر ولا توجد الكثير من السيارات على هذا الطريق، فسرعته مهوله بالإضافة إلى عينيه المليئة بالدموع والتي تُصعب عليه الرؤية.
هل حقا فعلها! هل حقا طلقها؟ هل خسرها نهائيًا تلك المرة! دموعه لا تتوقف عن النزول وصوت بكائه وشهقاته ونحيبه أعلى من صوت حركة السيارة والهواء حوله.
كل أوقاتهم معًا منذ أول يوم رأها فيه إلى الأن تمر أمام عينيه وكأنه فيلمًا يُشاهدة، يتذكر كل شيء ووجع قلبه لا يرأف بيه أبدًا، قلبه يصرخ وينتفض بين ضلوعه، يقسم إنه يشعر بإنه سيتوقف فى أية لحظة، يكز على أسنانه بحسرة وهو يردد أسمها بينه وبينه وبين نفسه وكأنه ينتظر أن تٌجيبة.
أخذ يحرك رأسه يمينًا ويسارًا رافضًا تصديق إنها لن تكون معه بعد اليوم وإنه خسرها إلى الأبد، فظل يردد بنحيب وبصوت خافت تحول إلى صراخ بالنهاية قائلًا:
- لا يا زينة، لا متسبنيش، لا يا زينــــــــة.
كان يصرخ بأسمها وأغمض عينيه بألم ينهش قلبه، بينما كان يمشي بالسيارة علي يسار الطريق وبنفس سرعته الفائقة ولم ينتبه إلى تلك الشاحنة الخاصة بالنقل التي كانت تلتف من الطريق الأخر لطريق الذي يسير هو فيه، حتى أن سائق الشاحنة لم ينتبه له بسبب سرعته المهولة.
وبمجرد أن فتح عينيه أصتدمت سيارته من الأمام بالشاحنة التي كانت تعبر الطريق من الجانب، مما نتج عليه إنقلاب الشاحنة وتدمير النصف الأمامي من سيارة "مالك" الذي كان يجلس فيه وتناثرت دمائه ولم يعد ظاهرًا فى مقعده بسبب ثني صاج السيارة عليه.
أصوات مكابح السيارات على كلتا الجانبين هما الشيء الوحيد المسموع في ذلك الظلام، يليها صوت تهويل الناس التي أجتمعت على الحادث لأنقاذ ما يمكن إنقاذه، فجزء منهم ذهب لشاحنة النقل، وجزء أخر ذهب نحو "مالك" ليصيح أحدهم:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، حد يتصل بالاسعاف بسرعة يا جدعان.
هتف واحدًا أخر وهو ينظر إلى سيارة "مالك" وهتف بذعر:
- أعوذ بالله الراجل اتفعص بين صاح العربية والدم مغرق الدنيا، ده مستحيل يخرج منها عايش.
واحد أخر أقترب من "مالك" ووضع يده على عنقه مُحاولًا إستشعار نبضه، ولكنه لم يجد به أية نبض، ليهتف بأسئ:
- أشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمدًا رسول الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

