الفصل الخامس
جالستين في الكوخ الخشبي في حديقة منزل طِراد هربا من الأولاد الذين يحدثون جلبة تكاد تذهب بعقول الجميع و قد أنضم إليهم أكرم و حنين أولاد صبا و شمس و عز الدين أولاد نجمة كانت جميلة تجلس بشرود واضعة يدها جوارها على المقعد تستند إليه و عيناها تنظر إلى الأرض الخالية إلا من طاولة في وسط الكوخ الخشبي .. سألتها صفوة بهدوء لتخرجها من صمتها ..” هل حدث شئ جميلة قبل مجيئنا ..لما أنت صامته “
رفعت جميلة رأسها تنظر إلى صفوة .. قائلة بشرود ..” أخبريني صفوة هل أخيك فريد مرتبط بفتاة ما أو هو يحب رؤية حقاً كما أخبرتني من قبل “
أجابت صفوة بدهشة ..” متى أخبرتك أنه يحبها ذكريني “
اغتاظت جميلة فهي تظن أن صفوة تتلاعب بها فقالت تذكرها بحديثهم ذلك اليوم عن خطيب رؤية ..فرفعت صفوة حاجبها ..” اااااه هذا اليوم و لكني أخبرتك أنه هناك مشكلة بينهما و أنه يشك بها أنها متعلقة بفريد أنت هى من ظنت أن فريد يحبها .. و لكنك رأيتهم معا و لا شيء من ذلك بينهما “
قالت جميلة من بين أسنانها ..” و لكن ما رأيته يثبت ذلك و لا ينفيه “
سألتها صفوة بتعجب ..” كيف ذلك أخبريني ببرهانك “
قالت جميلة و ملامح وجهها تكفهر ..” أنها تمازحه و تلامسه لقد لمست كتفه و أمسكت بشعره و هل هناك فتاة تفعل ذلك مع رجل إن لم تكن تحبه “
نظرت صفوة لجميلة بدهشة متعجبة من سذاجة صديقتها هل هناك أحد يفكر بهذه الطريقة .. قالت صفوة بتعجب ..” أنت تمزحين أليس كذلك جميلة هذا ليس السبب الحقيقي لظنك بالتأكيد ..و إلا أنا أيضاً أحب فريد لأني أفعل ذلك طوال الوقت ..المسه و أضربه و أشد شعره غيظا بعض الأحيان “
أجابتها جميلة بنفي ..” لا لأنك أخته “
نفت صفوة ..” لا هو ابن عمي و ليس أخي و لكني أعده أخي على إيه حال فلا تقلقي “
أحتقن وجهه جميلة و قالت غاضبة ..” لم أقلق ليس لي علاقة به “
هزت صفوة كتفيها بلامبالاة قائلة ..” حسنا إن كان كذلك لا تضايقي نفسك لشيء لا يهمك “
صمتت جميلة و قد أرتسم الضيق على وجهها فقالت صفوة بهدوء ..
” لقد أخبرتني أختي عتاب أنها وجدت له عروس مناسبة تسكن بالجوار هى مازالت تدرس و لكنها لا تمانع لتعقد قرانهم الآن و يتزوجان بعد الجامعة و غداً ستخبره عنها ربما وافق و ذهب معها و زوجها لخطبتها“
اعتدلت جميلة في جلستها و وضعت قدم فوق الأخرى و قالت ببرود .. ” مبارك له أبلغيه تهنئتي “
مطت صفوة شفتيها ساخرة و قالت بمكر ..” ستأتي لخطبته بالتأكيد “
ردت جميلة بجمود ..” أجل بالتأكيد ..و الآن كفى حديث عن أخيك و أخبريني بما حدث اليوم في محاضرة أستاذ زين قريب قريبكم خطيب رؤية ..“
ارتبكت صفوة ..” ماذا سيحدث ..لا شيء بالطبع كانت محاضرة عادية “
هزت جميلة رأسها بمكر ..” بالطبع عادية “
سألتها صفوة بحنق .. ” ماذا تقصدين بحديثك “
رفعت جميلة حاجبها ساخرة ..” لا شيء ..هل قولت شيء يا صديقتي “
صمتت كلتاهما بعض الوقت ثم عادتا و تحدثتا في كل شيء يحدث معهما متجاهلتين الحديث عن فريد و الأستاذ زين .. ليمر الوقت سريعًا و يأتي موعد ذهابهم و هما متفقتان على اللقاء في الغد في الجامعة .
**********************
بعد أسبوع
قالت فريدة لجميلة الواقفة بخجل في غرفتها بعد أن أرسلت في طلبها لتأتي لرؤيتها ..” أجلسي جميلة أريد الحديث معك حبيبتي وحدنا و لذلك أرسلت في طلبك لتأتي هنا “
جلست جميلة على المقعد الذي أشارت لها فريدة لتجلس عليه فهي رغم تحسن صحتها منذ تلك الوعكة التي ألمت بها الأسبوع الماضي و لكنها لم تشأ أن تحادثها في الخارج أمام والدتها و نجمة ..كانت تريد الحديث معها وحدهم بهدوء لتعرف ماذا يدور في عقل هذه الفتاة و حتى لا تشعر بالخجل من الحديث أمامهم .. قالت فريدة تسألها بجدية ” جميلة أخبريني حبيبتي هل فكرتي في ما طلبته منك منذ أيام .. هل فكرتي في طلب فريد ما رأيك أخبريني “
كانت جميلة تشعر بالحيرة لا تعرف ماذا تجيبها فهي للأن لا تعرف ماذا تريد بالضبط ..هل تريد فريد حقاً أم لا تريد أن ترتبط على الأطلاق .. كانت تشعر بالتشتت و الحيرة من اضطراب مشاعرها الغير مفهومة بالنسبة لها ..قالت بتردد ..” جدتي أنا لا أعرف ماذا أقول لك أنا حقاً لا أعرف ماذا أريد بالضبط “
ابتسمت فريدة بهدوء و سألتها بتروي ..” جميلة هل أنت معجبة بفريد و لو قليلاً“
أجابتها جميلة بخجل و هى تنظر إلى اللاشيء ..” لا أعرف جدتي “
نظرت فريدة إليها بحنان فهذه الفتاة لا تعرف ماذا تريد و بماذا تشعر حتى يا إلهي ما هذه الحيرة يبدوا أن قصتك فريد ستكون أصعبهم ..
قالت فريدة تسألها بصبر ..” أفهم من هذا أنك لا تريدينه أليس كذلك هل أبلغه أن يصرف النظر و يكف عن انتظارك جميلة و يرى حياته بعيداً عنك .. أنت تعرفين هو له سنوات ينتظر أن لم يكن هناك رغبة في الموافقة من ناحيتك أخبريني لأبلغه أن يوافق على الفتاة التي أخبرته عنها شقيقته “
لمعت عيناها بالدموع و قالت بصوت مختنق .. ” أفعلي ما ترينه صواب جدتي “
نظرت إليها فريدة بشفقة لما تبكي إذ لم تكن تريده لما يحزنها الأمر .. قالت فريدة باهتمام ..” جميلة هل تستمعين مني حبيبتي و إن لم يعجبك الحديث سيكون هذا فصال بيننا و لن أجبرك على شئ و لن تسمعي شيئاً عن هذا الموضوع مرة أخرى “
هزت جميلة رأسها صامته و ضمت يديها على قدميها ..منتظرة ما ستقوله فريدة التي تن*دت قائلة ..” أنا سأقترح حل يرضي جميع الأطراف أنت و والدك و فريد أيضاً .., تريدين سماعه “
أومأت جميلة برأسها موافقة فقالت فريدة تكمل ..” أقترح عليك أن تقبلي خطبة فريد لشهر كامل تدرسان بعضكما إن وجدتي نفسك و قد استرحت معه و ترين أنه مناسب لك و بدأتي ترتاحين معه يمكنكما أن تعقدا القران و تتعرفان على بعضكما أكثر و تتزوجان كما تريدي أنت بعد انتهاء دراستك ما رأيك في هذا الحل “
سألتها جميلة بقلق ..” و إن لم أرد أن أكمل معه و اكتشفت أني لا أريده ماذا أفعل و ماذا أقول لأبي “
ردت فريدة تطمئنها ..” حينها ستأتين إلي و أنا من سأتصرف بهذا الشأن أتفقنا “
هزت جميلة رأسها فقالت فريدة تسألها لأخر مرة ..” هل أنت موافقة على الخطبة الآن هل أبلغ فريد بموافقتك “
قالت جميلة ..” و والدي جدتي “
قالت فريدة تطمئنها ..” دعي والدك لي المهم أنت أنطقي يا فتاة لقد أتعبتني “
أخفضت رأسها خجلا و قالت ..” لا بأس جدتي أخبريه بموافقتي “
فتحت فريدة ذراعيها لها قائلة بفرح..” تعالي هنا لأضمك مهنئة يا حبيبتي مبارك لك لن تجدي من هو مثل فريد في أخلاقه و أدبه“ ضمتها جميلة بخجل و هى تكمل بفرح.. ” هيا أذهبي و أتي لي بسناء على الفور هيا أسرعي .“
خرجت جميلة لتنفذ أمر فريدة و هى تشعر بالحيرة أكثر منها بالفرح .
*********************
”أسرعي أختي لقد تأخرنا “ هتف بها فريد بضيق و هو يحث عتاب على الإسراع لتجهز ..كانت فريدة قد أخبرته في لقاء عاجل بينهما في منزلها أن جميلة موافقة على الخطبة و رغم شعوره بخيبة أمل لعدم قبولها عقد القران الآن إلا أن هذا يعد بداية ليسير نحو هدفه .. كان قد طلب من عتاب ترك جيشها الصغير لدي الخالة شكرية حماتها حتى يكونون سهلي الحركة دون جلبة الأولاد و رغم تذمر عتاب إلا أنها وافقت لتأخذ هدنة منهم قليلاً .. خرجت صفوة بعد أن استعدت لتذهب معهم قائلة لفريد بمكر ..” هنيئا لك يا أخي أخيراً ستتزوج جميلة الجميلات “
رد فريد ساخرا ..” عينك هذه هى من أفسدت الأمر أنها خطبة و ليس عقد قران و مع صديقتك هذه أشعر بأني أقف مكاني و لم أتحرك ماذا ستضيف إلي الخطبة من ميزات لن أستطيع أن أقترب منها كما أريد أو حتى أمسك بيدها أو نتحدث وحدنا دون مراقبة من والديها “
خرج فجر بعد أن أنهى ارتداء ملابسه سامعا حديث فريد فقال ساخرا .. ” هاي هاي هاي في ماذا تتحدث مع صفوة يا فريد عصرك و أوانك لقد أحمرت الفتاة خجلا من حديثك الوقح “
رد فريد بسخرية ..” أنظروا من يتحدث عن الوقاحة ..المص*ر الوحيد لها في بيتنا “
قال فجر بلامبالاة ..” و لكني لم أكن أحادث الفتيات ع**ك أنت “
قال فريد و هو يضع يديه في جيب سروال بذلته السوداء ..
” أنا لن أجيبك حتى لا أتعصب و يحرق دمي و أنا ذاهب لأقابل جميلتي “
ضحك فجر بمرح ..” جميلتك حسنا أهنئ بها تلك الفتاة العبوس التي لم أرى أسنانها منذ عرفتها و لا رأيتها تبتسم لرغيف الخبز الساخن “
أغتاظ فريد و قال بضيق ..” أحتفظ بأرائك لنفسك لا أريد سماع حديثك يا أبو شورت “
خرجت عتاب قائلة بتذمر ..” لم ذكرته الآن فريد لن ننتهي الآن من تقطيمنا لم كنت أفعله معه منذ سنوات “
أبتسم فجر و ذهب يقف جوارها و ينظر إليها بفستانها الأزرق الطويل بأكمامه الضيقة و إحكامه على جسدها من الأعلى ليظهر مفاتنها التي قد امتلأت قليلاً بعد إنجابها للفتيات ..لف يده حول خصرها ليقبل عنقها بقوة قائلاً ..” لا تخشي شيئاً حبيبتي أنا أعدها أجمل أيام حياتي التي عشتها معك متوحشتي “
قالت صفوة بتذمر ..” الرحمة يا رب أقبل يد*كما هذا ليس وقت وصلة الغزل المعتادة هذه لقد سئمت حقاً و الآن سيضاف وصلة أخرى و كأني أتحمل الأولى ..هل نستطيع أن نذهب الآن “
أشار فريد إليهم لينصرفوا فسألت عتاب ..” أين الصبية الثلاثة شهاب و إيهاب و سامي لم أرهم هل ذهبا مع بهجة و الأولاد عند العم رضوان “
أجابتها صفوة ..” لا بل ذهبن لذلك النادي الصغير على أول الحارة ليلعبا على تلك الأل**ب على النت ككرة القدم “
رفعت عتاب عيناها للأعلى بيأس قائلة..” في السادسة عشرة و مازالا يلعبون لعب الأطفال تلك “
قال فريد متذمرا ..” عتاب حاسبيهم حين نعود أختي و لكن الآن لنذهب أرجوك تأخرنا “
أشارت إليهم ليخرج الجميع من المنزل ليذهبا لبيت العم محمود ليطلبا يد جميلة غير مستوعبين للان قبولها بالخطبة
*******************
”تعال فريد أجلس جواري “ أشارت فريدة جوارها على الأريكة في غرفة جلوس محمود فبعد أن وصلا بقليل و رحبت بهم سناء و محمود أتت نجمة و طِراد و الجدة فريدة لحضور قراءة الفاتحة .. بعد أن سلما على الجميع جلس محمود يتحدث مع طِراد و فجر و ذهبت عتاب و صفوة مع نجمة لغرفة جميلة .. جلس فريد بجوار فريدة يتحدثان بهمس سألته فريدة ..” هل أحضرت لها هدية معك “
أجابها فريد بهمس ..” أجل جدتي و لكن أين هى “
ردت باسمة و ربتت على قدمه ..” ستأتي بعد قليل بني مؤكد تستعد صفوة و شقيقتك معها لتحضرها “
مال فريد على أذنها أكثر قائلاً ..” ألم تستطيعي إقناعها بعقد قران جدتي كيف سأتقرب منها هكذا “
ضحكت فريدة بمرح قائلة ..” ما نوع التقرب الذي تريده بالضبط فريد أيها الوقح “
رد فريد ضاحكا بمرح..” لا تقوليها جدتي أنا لست هكذا و لكن فقط حتى لا تخجل هى من الحديث معي فالخطبة و كأني مازلت غريب عنها “
قالت فريدة تجيبه بمكر ..” علي أنا فريد أنتم هذه الأيام لا تحتاجون لرباط من أي نوع لتتعارفوا “
رد فريد بنفي و حزم ..” و لكني لست هكذا جدتي و أنت تعلمين و جميلة أيضاً “
ربتت فريدة على قدمه و قالت ..” أعلم بني و لكن أعطيها بعض الوقت لتشعر معك بالراحة “
تن*د باستسلام ..” أعطيها عمرى كله يا جدتي “
قالت فريدة تسأله ..” هل تحبها لهذا الحد فريد “
رد فريد عاتبا ..” أنا لن أجيبك مرة أخرى على سؤالك هذا جدتي “
قالت باسمة ..” أتمنى لك السعادة بني جميلة فتاة جيدة أخلاقا و أدبا و لها حظ من اسمها بالتأكيد فهي جميلة للغاية أتمنى أن تكون لك زوجة صالحة “
أمسك فريد بيدها و قبلها ممتنا و أجاب ..” لا حرمني الله منك جدتي لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونك “
قالت فريدة تجيبه ..” لا شيء بني كنت ستحصل على حبك في النهاية بالتأكيد و الآن أخبر زوج شقيقتك أن يتحدث في الشئ الهام “
أحنى رأسه موافقا و تنحنح قائلاً لينتبه محمود و الأخرين لما سيقوله ..” عمي محمود هل نستطيع أن نتحدث عن طلباتك“
رد محمود بهدوء ..” بني ليس لي طلبات سوى أن تنتظر لتنهي جميلة دراستها و لا تأتي قبل ذلك تطالبني بإتمام زواجكم وقتها لن أقبل بالتأكيد “
دلفت عتاب و نجمة و سناء لينضموا إليهم فنظر فريد لشقيقته بتساؤل لاحظت نجمة ذلك فابتسمت له غامزة بعينيها شعر فريد بالخجل لفعلتها عندما سأل محمود سناء ” أين جميلة لماذا تأخرت هكذا “
أجابته سناء ..” ستأتي بعد قليل “
قال فجر متحدثا ..” لما لا نحدد يوم للخطبة عم محمود لحين تأتي العروس “
و هكذا تحدثا في الخطبة و كل ما يخص الزيجة حتى أتت جميلة مع صفوة تخفض رأسها خجلا و ارتباكا ..كانت ترتدي ثوب طويل وردي بياقة عريضة و صف من الأزرار تصل لخصرها و يحيط خصرها النحيف حزام على شكل سلسلة تعقد على جانبها و يتدلى منه عدة كرات صغيرة من اللؤلؤ و حذاء بكعب عالي و تترك شعرها منسدل و غرتها المتراصة على جبينها العريض تخفي حاجبيها الثقيلين كانت تضع حمرة خفيفة و ملمع لشفتيها فكانت تبدوا رائعة للغاية خطفت أنفاسه لم يعرف فريد أنه نهض من مجلسه إلا عندما أمسكت فريدة يده تجلسه بجانبها مرة أخرى و هى تقول بمرح مازحة نهض ..” ما بك هل تيبست قدمك و تسمرت مكانك أجلس لننهي حديثنا “
جلس فريد بخجل من حديثها الذي لفت نظر والدها و زوج شقيقتها .. قال فجر بهدوء ..” هل نقرأ الفاتحة الآن عم محمود بما أن العروس أتت و لكن لنخبرها أولا بموعد الخطبة لعله لا يناسبها “
التفت محمود ليقول لجميلة الجالسة جوار سناء و عتاب شقيقة فريد .. ” حبيبتي لقد حددنا الخطبة الأسبوع المقبل ما رأيك ستكون خطبة بسيطة تضم العائلتين فقط و الأصدقاء ما رأيك هل لد*ك اعتراض “
لم تستطع أن تجيب والدها لقد هرب صوتها كما دمائها من عروقها من شدة الخجل و القلق لم هى مقدمة عليه للأن لا تعرف هل فعلت الصواب بقول الخطبة أم لا ..لا تعرف هل عليها أن تغير شيء من طريقة حياتها هل عليها التزامات تجاه فريد أم لا أسئلة كثيرة تدور في رأسها و لا تعرف لها جواب .. ” جميلة أنا أسألك هل لد*ك مانع من موعد الخطبة الأسبوع المقبل “
سألها محمود بجدية بعد أن طال صمتها لتجيبه بصوت خافت مرتبك .. ” ما تراه أنت مناسبا أبي لا أمانع عليه “
أبتسم محمود براحة و قال ..” حسنا حبيبتي فلنقرأ الفاتحة “
قرأ الجميع الفاتحة بفرح و قاما بعدها بتهنئة جميلة و فريد عندما دلف للغرفة ياسين الحامل عز الدين بين ذراعيه و ممدوح الممسك بشمس التي تركت يده و اندفعت لأحضان والدها ..أقترب ياسين من جميلة قائلاً و هو يقبلها على وجنتها ..” مبارك لك أختي أنا سعيد من أجلك “
ابتسمت جميلة برقة و أحاطته و عز الدين بذراعيها قائلة ..” شكراً لك ياسين “
قال ممدوح بمرح ..” و أنا أختي ألن تضميني كياسين “
ضحكت جميلة قائلة بإغاظة ..” لا أخشى أن تترك علاماتك على وجهي و ذراعي “
تذمر ممدوح قائلاً ..” أختي لقد كنت صغيراً وقتها هل مازالت تتذكرين لقد نسيته أنا “
قالت سناء ضاحكة ..” و لكن أجسادهم لم تنس ممدوح لقد عانوا كثيرا منك “
ضمته جميلة قائلة بحنان ..” كنت أمزح معك أخي “
قالت فريدة باسمة ..” أين هدية عروستنا فريد أم لم تحضر لها شيء لتكون نقطة سوداء في تاريخك لديها “
رد فريد باسما ..” بل أحضرت جدتي و هل أنسى شيء كهذا “
أخرج فريد من جيبه علبه صغيرة فتحها ليخرج منها خاتم من الذهب رقيق كجميلته و هو أن يلبسها إياه لتأخذ صفوة الخاتم من يده قائلة ..
” هاته أنا سألبسها إياه “
قال فريد مغتاظا ..” يا لك من حشرية “
ألبستها صفوة الخاتم فقال و هو يمد لها سلسلة ذهبية طويلة تحتوي على حرفيهم معا ..” خذي هذه أيضاً بما أنك حشرت أنفك بيننا “
كان فريد يعلم أن هذا أفضل حتى لا يخجلها أكثر من ذلك باقترابه منها أمام الجميع .. كانت عيناه تكاد تأكلها أمام الجميع فوكزته فريدة في جانبه قائلة بخفوت ..” تحشم يا ولد نحن جالسين معك أخفض عينك هذه و إلا ثقبها لك محمود و أنت تنظر لجميلته “
قال فريد هامسا ..” لقد أصبحت جميلتي الآن جدتي “
قالت عتاب تقاطع همساتهم ..” لا أعرف على ماذا تتهامسان منذ أتينا من يراكم يظن أن جدتي فريدة هى العروس “
ضحك الجميع على حديثها فقال فجر ..” ألا تولي خطيبتك بعض الاهتمام سيد فريد حتى لا تظن أنك ممل و فظ “
قال فريد ببرود ..” لا تتدخل أنت و هى لن تظن شيئاً بحديثك هذا كل ما ستظنه أن زوج شقيقتي يدس أنفه فيما لا يعنيه “
ضحكت فريدة بمرح قائلة ..” كفي فريد لا تتعرض لفجر بكلمة و إلا نمت اليوم دون عشاء و استيقظت بالماء البارد كالماضي “
تذمرت عتاب ..” لم جدتي ذكرتني بتلك الأيام لم لا تدعوني أنساها “
قالت فريدة لجميلة الواقفة بخجل ..” عزيزتي حمدا لله أنك لن تكوني معها في منزل واحد هل تعرفين ماذا يسمون منزلهم في الحارة “
قاطعتها صفوة ضاحكة ..” يا إلهي جدتي من أين علمتي ذلك من طويل اللسان الذي أخبرك “
قالت عتاب بغيظ ..” مؤكد الحمقاء المزعجة الثرثارة صبا قسما لن تفلت من يدي هى و زوجها الأ**ق “
كان محمود ينظر إلى الأحاديث الدائرة بين العائلة فأبتسم براحة .. ربما هذا ما تحتاجه ابنته لتخرج من قوقعتها و تكون سهلة المعشر كشقيقتها ربما عائلة فريد تحتويها بحنانها لتندمج معهم .
قالت فريدة تقاطع الجميع ..” كفى حديث الآن أود أن أخبركم بأن الخطبة ستكون في بيتنا و لا رجعة في ذلك محمود “
أبتسم محمود قائلاً ..” أنت تأمرين يا جدة “
أمضوا الوقت بالحديث الهادئ بعدها إلى حين موعد رحيل الجميع إلى منازلهم “
*******************
تلتف حولها الفتيات ينظرن لخاتم خطبتها اللامع و سلسالها المحتوي على حرفي اسمهما ..قالت أحدي الفتيات تسألها و صفوة تقف جوارها .. ” هل تقولين أنك قد خطبتي لفريد قريب صفوة ذلك الضخم بشعره الأ**د الناعم و ملامحه الجميلة كالفتيات “
ردت صفوة عليها بسخرية ..” أخي فريد لا شيء به يشبه الفتيات هو أكثر رجولة من غيره هنا في الجامعة “
أجابتها الفتاة ببرود ..” لم أقصد ذلك صفوة و أنت تعرفين “
قالت صفوة بمكر .. ” نعم أعرف أن عيناك كانت على أخي فلا تحاولي أن تصفيه بما ليس به لتكرهه جميلة “
أحتقن وجهه الفتاة و قالت بضيق ..” أنت مخطئة و لم أفعل ذلك على العموم لقد ارتبطا فلا تخشي شيئاً ليس حديثي هو من سيكره جميلة به لو كانت تكرهه ما خطبت له و ستتزوجه أليس كذلك جميلة “
قالت جميلة بضيق ..” هل يمكن أن لا نتحدث عنه هنا نحن زملاء دراسة و لا داعي لنسمح لشيء أو أحد بإحداث مشكلة بيننا و الآن أخبريني بما أخذتموه في المحاضرة أمس “
عادت الفتيات للحديث عن الذي درسنه بالأمس متناسون فريد و الخطبة مما أشعر جميلة بالراحة التي لا تعرف سببها .. و هل هى شعرت بالضيق من تلميح صفوة عن الفتاة و أنها معجبة بفريد أم هى فقط لا تريد الحديث عنه مع أحد لتحتفظ بكل ما يخصهما لهم وحدهم بعد وقت أنفض الجمع و ذهبت الفتيات كلا في طريقها ..قالت صفوة لجميلة ..” هل نذهب إلى البيت معا أم ذاهبة لنجمة اليوم “
ردت جميلة بنفي ..” لا لن أذهب اليوم هيا لنرحل “
جمعا أشيائهما في حقائبهم و خرجتا من الجامعة .. ما هى إلا بضع خطوات لتجد ذلك الذي كاد ي**ر لها ذراعها من قبل و جرح قدميها يسير جوارهم بسيارته و هو يضايقهن بالحديث ..” تعاليا أوصلكن جميلتي إلى المنزل لدي سيارة فاخرة و ليست سيارة أجرة كالذي تذهبان معه “
شعرت صفوة بالغضب و كانت تود لو كان يسير على قدميه لت**رها له و لكن ما ضايقها هو خوف جميلة التي تعلقت بذراعها بخوف فقالت تطمئنها ..” أهدئي جميلة لن يستطيع فعل شيء لنا ..لا تخافي لن يقترب منك “
سألتها جميلة بقلق ..” لما لم يأتي فريد اليوم صفوة حتى لا نتعرض لهكذا موقف “
رغم شعور صفوة بالفرح لنظرة جميلة لفريد أنه يمثل لها الحماية من هكذا أشخاص إلا أنها لا تريدها ضعيفة تريدها قوية بذاتها و ليس بأحد قالت صفوة تطمئنها ..” حبيبتي هو لم يستطع المجيء اليوم لديه عمل في المكتب خاصته و لكني لا أريدك أن تقلقي أنا معك “
قال الشاب في السيارة ..” على ماذا تتهامسان هل تتفقان على من ستأتي معي “
قالت صفوة غاضبة ..” قسما أيها الحقير سأشكوك لإدارة الجامعة أيها الو*د البذيء لا تظن أنني خائفة منك لو كنت رجلا حقا أهبط من سيارتك و قف أمامي و سترى ما سأفعله بك “
رد الشاب بغضب ساخر ..” حقاً أيتها الغ*ية كصديقتك المنكمشة جوارك تلك ألا تعرفين من أنا .. حسنا سنرى ماذا ستفعلين لي و أنا أيضاً سترين ما سأفعله بك أنت و هى “
قالت صفوة تستفزه ..” لو أنت رجل حقاً أريني نفسك و قف هنا أمامي و ليس مختبئ في سيارتك كالفتيات “
شعر الشاب بالغضب و أوقف السيارة علي جانب الطريق بحدة مما أسترعي أنتباه بعض المارة ليهبط من سيارته و يتجه إليهم و عيناه تحمل من الحقد ما يكفي لحرق كلتاهما ...