بالمساءِ كَانت تَجلِس على السرير توضِب حقيبة سفرِها الصغيرة وهي تضع بعض ثيابِها والمُرفقاتِ الأُخرى التي تلزمُها دخلت رنيم وهي تهتفُ بها:
-نغم، هيا العشاءُ جاهز
بعد انتهاء العشاء عاودت ضب باقي أغراضِها لتنتهي منها وهي تُغلِق سحاب الحقيبة لتلتفت نحوَ شقيقتها التي تَجلس على فراشها تُحدّق بها بحُزن تن*دت نغم بعمقٍ وهي تجلس بجوارِها لتضمها لص*رها وهي تتحدث بحنو:
-لا تحزنِ حبيبتي لن أُطيل البقاء فَقَط أربعةُ أيامٍ لا غَير
عانقتها شقيقتها وهي تتحدث بهمسٍ مُتألم:
-تعلمين أُختي، لم أنامُ يوماً بدونِك بعد وفاةِ أمي ومُحمد لم يتبقَ سوى كلانا لبعض
أَغمضت نغم عينيها بقهرٍ وهي تُجاهِد للحفاظِ على قوتها أمام رنيم لتبتسم بلُطفٍ وهي تُردف بدُعابة:
-لن أُطيل ذلك يُمكنكِ أن تَجلبي آية للبقاء برفقتكِ عوضاً عني هذه الأيام إلى أن أَعود ما رأيُك
تهللت أسارير رنيم بالبهجة وهي تتساءل بلهفة:
-وهل سيوافق العم راضي وخالة صفاء؟
غمزت نغم بإحدى عينيها لتُردِف:
-هذا إن لم أكن قد أقنعتُ كلاهما سابقاً بالأمر
هتفت رنيم بسعادة وهي تُسارع بمُعانقةِ نغم لتُغرِق وجهها بالقُبلات:
-حقاً شكراً لكِ أُختي شكراً شكراً
أوقفتها الأخرى وهي تضحك قائلةً:
-حسناً يكفي، والآن أطفئي النور أريدُ النوم لقد تأخر الوقت..
تمدَدت على الفِراش لتَذهب في سباتٍ عميق غافلةٍ عما تحملهُ لها الأيام في جُعبتِها
في صَباحِ اليومِ التَالي كانت تَقف أمام الشركة بجوارها حقِيبة ثِيابِها بينما عينيها تنظران للوقتِ بين كلِ لحظة
دقائِق لتَجد سيارةٍ سوداء ذات دفعٍ تَقفُ أمامها، تمعنت بناظريها بزجاج السيارة الأ**د والذي لا يُظهِر أحداً لتجد زجاج النافذة يتراجع قليلاً للأسفل ليظهر وجهه فقط بعدساتِهِ السمراء التي وضعها على عينيه:
-أتتوقعينَ بأن أترجل لأضع لكِ حقيبتكِ بالسيارة كفاكِ مَضيعةً للوقت هيا
هتف بجملتِهِ الأَخيرةِ بِحدة لتُسارع بالتحرك نحوه وهي تُتمتمُ غيظاً:
-سيذلني أعلمُ ذلك، سفرٌ أسود
قام بفتحِ حقيبةِ سيارتهِ لتتوجه نحوها وهي ترفع حقيبة الثياب لتضعها بها أغلقتها لتتحرك بعدها نحوَ الأمام لتصعد بجواره
أغلقت الباب وقامت بتثبيت حزامِ المقعد حول جسدها لتَحينَ مِنها نظرةً نحوه لتتجمد أنظارها عليه
كان يرتدي ثياباً عَملية مُكونةِ مِن قميصاً قُطنياً أبيض بنطالاً مِن الجينز الأزرق وَحذاءاً رياضياً يُطابِق لون القميص مُنهياً ذلك بعدساتهِ التي زادته جاذبية
بينما هي على الصعيد الآخر ترتدي ثياب عملها الرسمية المُكونةِ مِن كِنزة بيضاء وسترةٍ سوداء أسفلها تنورة مِن نفسِ لونِ السترة ووشاحاً على خُصلاتها يجمع بينَ اللونين
لوت شفتيها بامتعاض وهي تُحدق فيما أمامها، لما ارتدت هذه الثياب يا لها مِن غ*ية
على جانبٍ آخر كانت ريم تجلس بداخل الطائرة في انتظارهِ وهي تتأفف بحنقٍ شديد قاطعها صوتُ المُضيفةِ وهي تتحدث:
-سيدتي يجب عليكِ تثبيت حزام المقعد ستقوم الطائرة بالإقلاع بعد لحظات
تحدثت ريم بعصبية:
-كيف ذلك ولم يأتي السيد زين بعد؟
أجابتها المُضيفة بابتسامةٍ مُوضحة:
-السيد زين لن يأتي لقد وردنا اتصالٌ منه بأنه سيسافر براً ويمكننا الإقلاع، أعتذر يجب عليكِ الاستعداد
انصرفت المُضيفة بعيداً لتترك الأُخرى تكز على أسنانها غيظاً وهي تنفُث ناراً مِن فمها هامسة:
-كل ذلك مِن أجل ما تفوهت به أمس عن هذه الوضيعة زين حسناً سنرى
طوال الطريق في صمتٍ قاتل أضفى عليها مَللاً على وشكِ الفتكِ بها على اليمين صحراء وعلى اليسار كذلك لا يتخللها سوى العديدُ مِن الصخور.
حانت مِنها التفاتة نحوه لتأخذ نفساً عميقاً وهي تتحدث بهدوء:
-سيدي
نظر نحوها لثانية ليعود بأنظارهِ للطريق لتُردف قائلة:
-أشكركَ مرةٍ ثانية على هذا شكراً على تقديرك لذلك
لا يستطيع ألا يستفزها ويغضبها حينما يُريد التحدث بشكلٍ عادي لا ينفك يقدر لذلك لم يتفوه سوى بسخريته اللاذعة:
-وفري مجهودكِ بالامتنان يا آنسة، أنا أفعلُ ذلك مِن أجل مَصلحة شركتي لا مِن أجل سواد عينيكِ ليست جمعيةٌ خيرية
ابتسمت بتهكُم وهي تتحدث بغيرِ تصديق:
-سيدي ألو قلتَ العفو ستموت مِن فورِك لما دائماً تحدثني وكأنني اقترضتُ مِنك مالاً أو كمن قامَ بالنصبِ عليك
هتف بجمود دون أن يُبعد ناظريهِ عَن الطريق:
-وهل تظنين بأنكِ تستطيعين الضحك عليّ
قلبَت عينيها لأعلى بملل وهي تُكمل:
-فقط على سبيلِ المَجاز
قاطعها باستهزاء وهو يَمُد أناملَه لمذياع السيارة ليقوم بتشغيل بعضَ المُوسيقى الهادئة:
-ولا حتى تفكري بذلك على سبيلِ المَجاز، والآن أريدُ أن أنعم ببعضِ الهدوء الذي لا يتَخللهُ صوتكِ الكروان
عضت على شفتيها غيظاً وهي تحدق بالخارج بينما هو نظر لها مِن طرفِ عينه ليعاود نظرهِ للطريق مَرة أُخرى
وصلا إلى الفندق السياحيّ الفاخر المُتواجد بمنطقةَ خليج نعمة ليوقف سيارتُه وهو ينزع عنه الحزام، التفت نحوها ليجدها غارقة في سُباتٍ عميق لتثبُت عينيه عليها للحظات
دقق النظر بها جيداً ليتمعن بأدق تفاصيلها، عينين بنيّة واسعة برموشٍ طويلة مُغلقتان للتنَعُم ببعض الراحة قليلاً أسفلها أنفٌ يونانية يليها شفاهٌ مقوسة لأسفل كإشارةٍ للاعتراض، وكأن هناك ما لا يُرضيها بداخل عالم أحلامها
اختتم ذلك خصلاتٌ سمراء ناعمة قد ظهرت مِن أسفل الوشاح جَعلتُه يتساءل:
-كيف تبدو مِن دون هذا الوشاح هل هي جميلة
أغلق عينيه بقوة وهو ينفخ بضيق بعد أن أشاح بناظريهِ عنها ليلتفت لها بعد لحظاتٍ وهو يهتف بِغلظة:
-أنتِ يا آنسة يا آنسة استيقظي هيا أنتِ
تَململت في نومتها لتبدأ بتحريكِ جفنيها ثم فتحهما بهدوء بينما هو يُحدق فيما أمامهُ بصمتٍ في انتظارِها
تحركت وهي تتثاءب لتدور بعينيها المكان لتبتسم مِن جمالهِ وهي ترى ذلك لأولِ مرة، قطع فرحتها هادمُ اللذات قائلاً:
-هل استيقظت الملكة إليزابيث أخيراً إن كان كذلك فهل نترجل سموكِ مِن هنا هيا
فتح باب السيارة بقوة ليخرج منها بينما هي زمت شفتيها بضيق وهي تهمِس من بين أسنانها:
-هادمُ لذّاتٍ حقيقي
وصل كلاهما إلى ساحة الاستقبال بالفندق ليجدا ريم تقف بانتظارِ ابن عمها تحركت نغم وهي تتحدث بروتينية:
-أستأذنُكَ سيدي هل تُريدُ منّي شيئاً
أومأ برأسهِ وهو يتحدث بحزم غلفهُ بعض الإرهاق بسبب السفر:
-أجل قومي بتجهيز الأوراق الخاصة باجتماعِنا مع السيد أدهم البدري سنلتقي بهِ الساعة السابعةَ مساءاً
أثارها إرهاقهُ قليلاً لتتحدث بدونِ وعيٍ منها بعقدة جبين:
-سيدي لما لا تستريح قليلاً اليوم أنتَ مُنهكٌ جداً مِن السفر
اعتدل لها بكامِل جسدهِ ليضيق بين عينيه قليلاً وهو يُحدقُ بها مُتسائلاً:
-هل هذا اهتمام ما أستمعُ إليه؟
تخَضبت وجنتيها احمراراً بقوة وقد اتسعت عينيها خجلاً وهي تتحدث بتلعثم:
ـ لا لم لم أقصد سيدي، أعتذر كما تُحب، عن إذنك
سارعت بالتقاط حقيبتها للهروبِ مِن أمامِهِ وهي تركض نحو المصعد به بينما هو ينظر في إثرها بأعيُن عابثة، قاطعهُ ريم التي اقتربت منهما وهي تهتف به بحدة:
-لما أرسلتني بالطائرة إن كانت نيتُك هي السفر بسيارتك زين؟
عاد لواجهته الصقيعية وهو يتوجه نحو حجرته التي تُجاور حجرة نغم وتقابل حجرة ريم بينما ترافقهُ الأخيرة:
-ألسنا جميعاً مُتواجدين بنفس المكانِ الآن؟
-وإن يكن أنا لا
قاطعها بحديثهِ هاتفاً بقوة قُبيل أن يدخل لحجرتهِ:
-ريم أريد أن أرتاح قليلاً قبلَ أن نجتمع بالسيد أدهم مساءاً عن إذنك
دخل لحجرته وأغلق الباب بوجهها لتضرب الأرضَ بقدمها بقوة وتتوجه بعدها لُحجرتها مُغلقة الباب بعنفٍ شديد
عند رنيم كانت تجلس على الفِراش وهي تُفكر بكلام رفيقتها لم تجلب ابنة جيرانها لتمكث معها اكتفت فقط بحالها ربما هذا أفضل حتى تتمكن مِن فعل كل ما تريد بأريحية خاصةً وأن ما تريد القيام بهِ مُتعلق بالفارس خاصتها
-يجب عليكِ أن ترسلي لهُ مقطعاً صوتياً يوضح كل ما حدث
هكذا كان حديث نور لها ابتلعت ريقها وهي تقوم بإمساك هاتفها النقال لتقوم بالتوجه نحو المحادثة التي بينهما والتي لا يتواجد بها أي شئٍ مُطلقاً سوى المقطع اليتيم الذي سبق وأرسلتهُ عن طريق الخطأ
ارتجفت أناملها قليلاً وهي تأخذ شهيقاً عميقاً حتى تتمكن مِن الثبات ها قد بدأت لتضغط على زر التسجيل لتحاول التحدث مرة والثانية والثالثة وغيرها مِن المرات التي لا تُحصى تسجل وتتراجع، لقد نال منها التردد ما ينال إلا أنها استطاعت وفي نهاية الأمر التحدث بكل ما حدث وإرسالهُ بالإضافة إلى رسالة أخرى تذ*ل كلامها رسالة كان حتماً ولابد منها حتى تجد تفسيراً لكل ما يفعله
لما تُعاملني بهذهِ الطريقة ربما تجد إجابة فيما سيقول يا إلهي لقد وصلت الرسائل انتفض قلبها لتقوم بإلقاء الهاتف بعيداً عنها وهي تحاول لفت انتباهها إلى أي شئٍ آخر تفعله قامت لتتوجه نحو دورة المياه مِن أجل أخذ حماماً دافئاً علها تهدأ قليلاً
إن كانت تظن بأنها ستتناسى قليلاً إلا أن ذلك لم يحدث طوال استحمامها وعقلها يتضارب، هل سمعها هل تعاطف معها هل علم بأنها مظلومة هل وهل وهل وهل
كزت على أسنانها غيظاً وهي تهمس لنفسها:
-ما كان يجبُ عليّ إرسال رسالتي الأخيرة هذه أنا لا يهمني سوى أن يعلم الحقيقة
تأففت بضيق وهي تخرج مِن الحمام واضعةً مِنشفة حول جسدها بينما تتحدث لحالها:
-سأقوم بمسحها قبل أن يراها نعم هذا أفضل
وصلت إلى الفِراش لتقوم بإمساك الهاتف مُسرعة وهي تتوجه نحو المحادثات ليهوي قلبها بين قدميها وهي تراه قد استمع لمقطعها بالكامل وأيضاً قد رأى الرسالة أيضاً ا****ة ا****ة منذ متى
والأسوأ بأنهُ لم يجيب لم يجيب ولو بحرفٍ واحد اكتفى بالرؤية والاستماع وفقط لوت شفتيها بقهرٍ لن يتغير هذا هو فارس، لما تتفاجأ الآن مِن هذهِ المعاملة لطالما عاملها بهذهِ الطريقة القاسية، ما كان يجب عليها الإنصات إلى رفيقتها أبداً
تجمعت العبرات بعينيها وهي تعض على شفتيها بينما تركض بأناملها نحو رفيقتها وهي تحاول الاتصال بها
ثوانٍ وأتتها الإجابة:
-مرحباً
هتفت رنيم بحزنٍ وحدة:
-ليتني لم أنصت لكِ أبداً ولم أقم بإرسالِ أي شئ تباً
انعقد حاجبي نور بغير فهم لتتدارك الأمر سريعاً وهي تعتدل بجلستها هاتفة:
-اهدئي أخبريني ماذا حدث بتمهل؟
ارتمت الأخرى على الفِراش وهي تشعر بحلقها يؤلمها لتحاول التوضيح:
-لقد فعلت مثلما طلبتِ مني قمتُ بتسجيل مقطعاً صوتياً أوضح بهِ كل شئ كما أخبرتني أرسلتهُ ولا أدري أردت المعرفة لما يعاملني هكذا لذلك قمت بإرسال رسالة بعدها أسألهُ بها عن هذا سألتهُ فقط لما تعاملني بهذهِ الطريقة؟
تحدثت الأُخرى باهتمامٍ وترقب:
-حسناً وماذا كانت النتيجة؟
صاحت رنيم مزمجرة بحدة:
-لا شئ النتيجة لا شئ
رفعت نور حاجبيها وهي تتساءل:
-ولا حتى رأى الرسالة ولا استمع لحديثك
عارضتها رنيم وهي تشرح:
-لا قام برؤيتهم واستمع لكلامي ولكنه لم يجيب أبداً يا نور ما نفع هذا إن لم تُجبني إذاً؟
افترقت شفتي نور ببلاهة وهي تُردد باستنكار:
-وتعترضين لأنه لم يجيب؟
هتفت الثانية بحدة مؤكدة:
-أجل أعترض ما هذهِ الإهانة بحقي إن لم تكن تريد التحدث معي ولا إجابتي لما ترى ما أرسلهُ لك مِن الأساس ولا تُجيب؟
حاولت الثانية التماسك قليلاً وهي تنفخ بضيق لتتحدث مِن بين أسنانها:
-هل تريدين قتلي يا فتاة أم ماذا حاولي تشغيل عقلكِ ولو قليلاً رنيم
تساءلت الثانية بغيرِ فهم:
-ماذا تعنين؟
تن*دت نور وهي تخرج زفيراً حاداً لتتحدث بهدوء:
-افهمي حبيبتي، شخصية فارس التي تتحدثين عنها ليلاً ونهاراً يصعب التعامل معها وفهم ما يدور برأسها أنتِ حزينة لأنهُ استمع لحديثك ولم يُجب عليه في حين أنهُ وبكل سهولة لم يكن ليراهُ بالأساس هو غير مجبر على هذا لمعلومك وبكل بساطة كان مِن الممكن أن يقفل جميع الطرق التي تؤدي إليهِ بوجهك إن كان لا يريد معرفة ما حدث لم يكن ليراها أبدااا، فضولهُ القاتل يدفعهُ لمعرفة كل ما حدث ولكن كبرياءهُ الأقوى يمنعهُ مِن التنازل حتى وسؤالكِ عن السبب إذاً النتيجة النهائية التي نتوصل إليها، هي أن الرجل لا يرفضكِ أبداً ويريد الاستماع لما حدث ولكن هو لا يظهر ذلك لذلك يجب عليكِ استغلال الفرصة وإياكِ ثم إياكِ أن تقطعي الحديث معهُ أبداً رنيم طالما بأنهُ لم يقل لكِ ابتعدي عن حياتي لا تتركيه أبداً مثل هذهِ العينة الو**ة إن كان لا يريد امرأةً بحياتهِ يخبرها بكل صلفٍ بوجهها دون أن يخجل فهمتي؟
أومأت الثانية وهي تستوعب كل كلمة تخبرها بها نور:
-أجل أجل فهمت أنتِ مُحقة، هل هذا يعني بألا أتوقف عن مُراسلتهِ؟!
أومأت لها نور وهي تؤكد:
-أجل يجبُ عليكِ المواصلة
تن*دت الثانية بعمق:
-حسناً سأبذل قُصارى جهدي حسناً سأغلق الآن حتى أرتدي ثيابي أنا أحادثكِ وأنا عارية
لعبت نور حاجبيها وهي تتحدث بمكر:
-أرسلي لهُ صورة وأنتِ هكذا أقسم بالله ستجدينهُ أمامكِ في ثانية
ضحكت الأُخرى عالياً وهي تنهرها لتتحدث بمراوغة بعدها:
أنتِ و**ة لا حبيبتي ليس الآن يقول فقط قبلتها زوجةً لي ولا داعي للصور
بادلتها الثانية الضحك وهي تهتف بسخرية:
-ويعتقد بأنكِ الشيخة رنيم يا إلهي في هذهِ النقطة فقط وأنا تأكدتُ بأنهُ غبي
على جانبٍ آخر بعد يومٍ شاق مِن العمل كان يجلس خلف مكتبهُ يتصفح العديد والعديد مِن الأوراق ليدلف عليهِ العامل وهو يحمل بين يديهِ فنجاناً مِن القهوة السادة، ليهتف:
-القهوة فارس باشا
-ضعها هنا وأغلق الباب خلفك
هتف بكلماتهِ هذهِ ليتوجه العامل يضعها حيثما يريد الثاني ليحمل بين يديهِ قُبيل خروجهِ أربع فناجين فارغين أغلق الباب خلفهُ لينهي فارس أخيراً عملهُ بعد دقائق لقد أصبحت الساعة العاشرة ويجب عليهِ النوم حتى يستيقظ بعد ثلاث ساعات مِن أجل الإكمال
نهض مِن خلف المكتب وهو يتجرع لفافةَ تبغهِ ويتناول بعضاً مِن قهوتهِ، قام بنزع ثيابهِ العلوية كاملة ليرتمي على الفِراش بثقل وهو يتفحص هاتفهُ النقال العديد والعديد مِن الرسائل التي تخص الكثير مِن الإناث اللاتي يتقن للإيقاعِ به تجاهل الجميع وهو يتوجه نحو مكان معين
في الثالثة عصراً وصله مقطعاً منها ورسالة أسفلها لقد كان منشغلاً للغاية لهذا لم يستطع التركيز فقط اكتفى بسماعِ أول دقيقتين ليقرر الاستماع للباقي فيما بعد
الآن سيستمع لكل الحديث دقائق طويلة مِن الإنصات بتمعن لكل كلمة لينتهي منهُ وعينيهِ تنتقل لسؤالها له لما يُعاملها بهذهِ الطريقة تباً كيف يجيب إذا كان هو مِن الأساس لا يعلم لما يعاملها هكذا يتعامل مع الجميع بطبيعية كل ما في الأمر أنهُ لا يستطيع أن يعامل رنيم كالآخرين لا يدري ما السبب ولكن لا يستطيع أن يعاملها كنغم أو واحدة مِن شقيقاتهِ أبداً منذُ صغرهِ ومعاملتهُ لها بها بعض الحدة والقسوة
تن*د بضيقٍ وغضب وهو ينفخ الدخان الملوث ليخرج من محادثتها نحو محادثة أخرى، قام بفتحها لتقع عينيهِ على هذهِ الكلمات:
ـ " هذا الفيديو قمتُ بتسجيلهِ لك اليوم سيدي "
قام فارس بفتح الفيديو لتقع عينيهِ على رنيم وهي تتشاجر مع نفس الشاب ليكز على أسنانهِ غيظاً وهو يراهُ يحاول الاحتكاك بها، تفاجأ لثانية وهو يراها تسدد لهُ صفعةً بعد محاولة الآخر في نعتهِ بشئٍ ما ليرتفع حاجبهُ إعجاباً مِن حديثها فيما بعد خاصةً بعد الجزء الذي تهدده بهِ بأنه لو حاول الاقتراب منها سيقوم بتمزيقِ أشلاءِه
دون وعيٍ ارتسمت ابتسامة رضا على جانب شفتيهِ بالكاد تُرى واستمرت لثانيتين فقط ليهمس رافعاً حاجبهُ بخيلاء:
-قوية
ربط بين المقطع الصوتي وبين ما يرى الآن ليتن*د بعمقٍ وهو يفكر بين نفسهِ، ربما تسرّع قليلاً بالحكمِ عليها، بعد ما حدث قام بتكليف أحد الأشخاص لمراقبتها في الخفاء لإبلاغهُ كل ما يحدث معها خاصةً بعد طلبهِ ملفاً كاملاً بهِ جميع تفاصيل هاذين الشابين لتقع عينيهِ على شهاب
الحرص منه هذا الو*د والدهُ ذو سلطة وكمثل هؤلاء الشباب لا يراعون ولا يتركون شيئاً وإلا يفعلوه لذلك يجب عليهِ حمايتها في الخفاء من أي محاولةٍ منهُ للاحتكاك بها خاصةً وأنهُ متأكد بأن و*داً مثلهُ بعد ما أهانهُ وضربهُ على مرأى الكل لن يترك رنيم وشأنها هو لا يخافُ البتة ولن يستطيع لا شهاب وغيره بأذيتهِ أبداً أو المساس به ولكن هي هي مَن يجب عليهِ حمايتها، خاصةً وبعد هذا التهديد الذي وجهتهُ لهُ
ضحك ليفصح عن نواجذهُ وأنيابهُ الطويلة بينما يتجرع مِن التبغ هامساً بصوتٍ غليظ:
-أعجبتني
قام بفتح الرسائل ليقوم بإرسال بعض الكلمات إلى مَن يعمل لديه آمراً:
-استمر بمراقبتها دائماً ولا تجعلها تغفل عن عينيكَ أبداً وتخبرني بكل ما يحدث ولا تسمح لأحد بالمساسِ بها
أتاهُ الرد بطواعية:
-كما تأمر سيدي
همّ بإغلاق الهاتف لتحين منهُ نظرة نحو صورتها الشخصية على الحساب ليتفحصها بهدوء لثوانٍ ليقوم بعدها بإغلاقه والنوم مِن أجل الاستيقاظ لعمله
على جانبٍ آخر كان يقف على رمالِ الشاطئ بثيابهِ المُكونةِ من قميصٍ أ**د بدونِ أكمام وبنطالٍ يصل للركبة كان يضع يديه بجيبيّه بينما يُحدق بشرودٍ بمياه البحر السوداءِ ليلاً
لم يَشعُر بمن تخطو بقدميها الحافيتين على الرمالِ مِن خلفه لتنُاديه بهدوء:
-سيد زين
لم يستمع إليها ربما لأنه ولأول مرة بحياتهِ تحدث هذهِ السابقة كان غارقاً حد النُخاع بالزلزال الذي على يُنبئ عن حدوثه بالأيام القادمة وأين قلبه
عاودت الهتاف به ولكن هذه المرة قد تخلل صوتها بحة ناعمة استرعت انتباهه ليلتفت لها مُسرعاً لتقع عينيه عليها في فستانٍ عسلي اللون قطني يصلُ للكاحل بأكمامٍ طويلة يعلوه وشاحاً مِن نفسِ اللون
للمرةِ الأُولى يراها بهذه الهيئةِ ال فاتنة اقتربت منهُ قليلاً لتتحدث بطبيعتها الهادئة هادئة منذ متى وهي هادئة:
-سيدي، أريدُ أن أُذكرُكَ بدعوة الغذاء الخاصة بالسيدة لُجين مِن أجل الصفقة الجديدة
أومأ برأسهِ بهدوءٍ قليلاً بينما هي تحركت للابتعادِ إلا أنها تَوقفت بمكانِها بعد أن هتف بها:
-نغم
التفتت لهُ مُجيبة:
-نعم
-اقتربي
هتف بها بصوتٍ هادئ بينما هي عقدت جبينها بغيرِ فهمٍ إلا أنها تحركت مُنصاعةً لأمرهِ لتقف بجِوارهِ وهي تتساءل:
-أجل سيدي
تن*د عَميقاً ليُلقي بسؤالهِ :
-تحدثي؟
ابتسمت بغيرِ فهم مستفسرة:
-عن ماذا؟
حدق بها قليلاً ليُردِف:
-عنكِ
تَفاجأت بقوة من هذا السؤال المُباغِت لها أحقاً يريدُ أن تتحدث عن نفسها، ماذا يظُن؟ بأنها واحدة كمَن يقضي معهن بعض الوقت هل يريد تسليةَ وقتهِ الآن لملمت شتات نفسها لتتحدث بابتسامةٍ باردة:
-أعتذرُ سيدي ولكِن لا أظن بأن مَنصبُكَ يسمح بالتدخلِ في شئون العاملينَ لد*ك عُمتَ مَساءاً
همت بالتحرُك مُبتعدة إلا أن هُتافهُ الهادئ مُحدقاً بالبحرِ أمامه أوقفها:
-نغم محمد الصالحيّ خمسٌ وعشرون عاماً بكالوريوس تجارة والابنة الكُبرى لثلاثِ أبناء تصغركِ شقيقتُكِ رنيم بثلاثِ أعوام وكان لد*كِ شقيقٌ يبلُغ منَ العُمرِ عشرةُ أعوام ولكن توفى
قاطعته مُصرخةً وهي تقف قبالة وجهه تنفُث نيراناً مِن أنفها:
-توقف
غدا وجهها مليئاً بحُمرة الغضب واستحالت عينيها إلى بركتي دماء تتفاقم منهما ألسنةَ لهبٍ مُتطايرة أكملت من بين أسنانها بينما تجمعت العبراتُ بعينيها:
-ما الذي تُريده ألا يكفيكَ كل ما تقوم بفعلهِ لإيذائي هل تُريد أن تقتلني قهراً بتصرفاتِك أتتلذذ برؤيتي أتعذب
افترقت شفتيه بارتباكٍ قليلاً وهم بالتحدث موضحاً لم ينتوي أبداً إيصالها لهذه الحال هو فقط أراد أن يُشاركها تفاصيل حياتها
أردفت مِن بين أسنانِها بغضبٍ أ**د بينما العبرات تَقاطرت على وجنتيها ببطء:
-بأي حقٍ تتدخل في شئون حياتي؟ مَن سمحَ لكَ بذلك؟ هل ترى بأن ذكر مَن فقدتهم مِن أحبتي هو شئٍ مُضحِك أترى بأن مُعاودِتك لفتح جراح قلبي بتذكيري بهم هو أمرٍ عاديلن ألومَكَ على هذا أتدري لما لأنك لم تُعاني يوماً مِثلي أنا أنا ابنة الأحياء الشعبية التي كُتب عليها المشقة، وُلدت لتتضور جوعاً أخي قد اختطفه الموت مِنا وهو بالكادِ يبلُغ العاشرة، كان مريضاً بالسرطان لتتبَعهُ لتتبعهُ والدتي مِن فرطِ حزنها عليه
أخفضت رأسها لتتساقط العبراتُ بقوة بينما شهقاتها الخافتة قد جعلت غشاوةً تتعلق بعينيه بينما مرارةِ العلقم قد تمكنت من حلقه أغمض عينيه ليُعاوِد فتحهما بعد ثوانٍ ليجدها تُحدق به بصمت
حاول ابتلاع ريقهُ بينما هي ترميهِ بسهامِ عينيها المُتأججةِ غضباً وحسرة ليشعر ببعضِ الندم الذي تسلل في الخفاءِ نحو قلبه ما الذي حدث لكل هذا لم يكن يقصد البتة إيصالها لهذا م كان يجب عليهِ التحدث مِن الأساس هذا يستحقه
هذا ما يستحق حتى لا يتدخل بشئون أحد بعد ذلك لقد أراد رفع الفوارق بينهم ولو قليل لتأتيهِ هذهِ النتيجة أفضل حتى لا يتناسى بعد ذلك مَن يكون
رفعت ذقنها لأعلى وهي تقترب مِنهُ للغاية ليُصبح الفاصل بينهما هو إنشاً واحداً، تحدثت من بين أسنانها بينما عينيها قد جفت عليهما العبرات:
-أنت لن تستطيع الشعور بما أعانيه لأنك لم تفقد يوماً عزيزاً عليك وحتى لو حدث ذلك لن تشعر بشئ أنت قاسي مُتحجرُ القلب كحجر الصنوان لا يُمتعُك سوى عذاب مَن حولك عواطف البشر ليست لعبة مسموحٌ لك باللعبِ بها سيدي أنت لا تُدرك ماهية الشوق لقطعةً مِن روِحك أترى هذهِ العبرات؟
هتفت بسؤالها وهي تمسح بعض ما يتواجد على وجنتها لترفع بِنانِها أمامَ عينيه هامسةً:
-هذه مرآةُ القلوبِ التي تبوحُ بمدى ألمِنا ولكنك لن تستعِب ما أقولَهُ أبداً لأنك لست بشراً أنت مُجرد تمثالٍ بلا روح.
وهل يستطيع التحدث هل كان للسانهِ الذي يُشابِه السيف القدرة على قطع لسانها كلماتها لم تكن باليسيرةِ عليه. إن كان ما رأتهُ طوالَ حديثها هو الواجهة اللامُبالية والجامدة التي لا تنُمُ عن أي تأثرٍ ولو بمِقدار ذرة فهي ليسَت على درايةٍ بمقدارِ البراكين التي ترغي وتزبد بداخلهِ
نيرانُ مُستعرة إن أُتيحَ لها الفُرصة للخروج لأكلت الأخضرِ واليابس نيرانُ حُرقة لتذكيرهِ بماضٍ أليم كلما أتى على رأسه يُسارِع بالهروبِ مِنهُ وإلا أردى بيه قتيلاً
لم يصدُر عنهُ سوى كلمة واحدة خرجت بازدراءٍ واشمئزاز:
-اغربي عَن وجهي
تشنجت تعابيرُ وجهها احتقاراً وهي تُردِف قُبيل انصرافها بنبرة صارمة:
-غداً ستأتيكَ ورقة استقالتي لا أريدُ العمل لدى شخصٍ مِثلِك
أشاحت بوجهها وهي تخطو بقدميها تنهب مِن الرمال بينما هو ما إن تأكد مِن ابتعادها وقد تصدّعت قشرةِ الجليد والقوة ليُطلق زفيراً حارقاً عدة مرات قوس حاجبيه ألماً وهو يركع ليستند بكفيه على ركبتيه مُخرجاً كل ما يعتمرُ ص*رهُ مِن قهرٍ وحسرة
قطب بين حاجبيه بغضب وهو يكز على أسنانهِ غضباً بينما العبرات قد أخذت موقعها مِن عينيه لتتكاثف بقوة وهي تُصارع للهطول إلا أنّهُ لم يُعطِها الفُرصة ليعتدل واقفاً بشموخ وهو يأخذ شهيقاً عالياً مُتصنعاً القُوة لا لن ينهار لن يتذكر ما حدث أبداً حتى لا يتزلزل شموخه، هو زين الدين التاجي رمز القوة والبطش كجدهُ تماماً لن تكون واحدة مثلها السبب في زعزعة كيانهِ أبداً عاود التقاط شهيقاً عالياً وهو يلتفت عائداً للداخل
-لقد أخذَت بعقلي هذهِ الفتاة لن أُنكِر ذلك
هتف بها هذا الشخص وهو يتناول كأساً مِن الشراب بينما عينيهِ تُراقبان فريستهُ الشهية، لوت جانب شفتيها بسخرية وهي ترفع كأس المشروب لفمها لتتجرع مِنهُ قليلاً وهي تستند على سياج المركب الحديدي:
-كفاكَ هُراءاً يا أيمن لُعابُكَ بالعادة يسيل أمام أيةِ أُنثى
التفت الآخر بجسدهِ الرياضي وطولهِ الفارع نحوها ليحدّقها بعينيه الخضراء وهو يتحدث باستنكار:
-هراء هل تُطلقين عليها هراءً يا ريم لن ألومك غيرتكِ العمياء مِنها على وشكِ الفتكِ بكِ
اختتم كلامه بضحكة هازئة ليرفع المشروب لفمه بينما هي التفتت له بِشراسة مُتحدثةً بحِنق:
-عن أي غيرة تتحدث وا****ة وهل انتهت جميع نساءُ الأرض لأغير مِن هذه ابنة الأحياءِ الفقيرة التي ترتدي ثياباً رثّة هذا ما ينقُص
ضحك عالياً ليتحدث بعد أن هدأ قليلاً:
-عزيزتي وهل تُشككين في قدرتي على فهم ما تُخبأه كل أُنثى بعينيها أنتِ لا تغارين فحسب بل ستموتين قهراً خاصةً بعد أن رأيتِ مدى تقاربها لحبيبُ قلبكِ زين
اصطك فكيها ببعضهما وهي تتحدث بفحيحٍ مُحذرة:
-اصمُت
أطلق تنهيدة عميقة ليتحدث ببراءة مُصطنعة:
-كما تُريدين، لا باس سأجد أُخرى تُعاونني على الفوز بالآنسة نغم بينما جائزتها ستكون السيد زين
ضيقت بين عينيها لتُسارع بالقبضِ على تلابيبه مُهددةً:
-فقط تجرأ على فِعلها وسأقتلك حياً ألا يكفيني هذه الشمطاء لتأتيني بأُخرى
رفع حاجباً ليتحدث بصرامة:
-أبعدي أصابعك وإلا سأ**رها لكِ ثم إنكِ مَن رفض الاستماعُ لي مِن البداية
تأففت بضيق وهي تبتعد عنه لتتحدث مُتسائلة:
-أخبرني ما الذي تُريده؟
ابتسم بمكرٍ بينما عادت عينيه لتنظر نحو مياهِ البحر لتضيقَ للحظاتٍ ثمَّ ما لبِثَ أن هتف مُشيراً بأنامله لها:
-أليس هذا حبيبُ القلب وغريمتُكِ الجديدة؟
عقدت جبينها بغيرِ فهم لتنظر نحو ما يُشير إليهِ لتقع عينيها عليهما بعيداً على الشاطئ رفع أيمن حاجباً ببرود وهو يتساءل:
-هل هما على وشكِ الالتصاق ببعضهِما أم أن هذا يُخيّل لي؟
كانت أظافرها تحتك بالحديد تنغرز به مِن فرط غضبها هامسةً:
-الو**ة ربيبةُ الأزقة
تأفف بضيقٍ وهو يهتف بها:
-كفاكِ سباباً واستمعي إليّ أنا أريدها وأنتِ تريدين الآخر إذاً يجبُ عليكِ الإنصاتَ لي ولا تُضيعيّ من وقتي كثيراً
التفتت له لتحاول التماسُك هاتفةً:
-ماذا تريد؟
كان يجلس مع رِفاقهِ بالملهى الليلي وهو يحتسي المشروب بنهم بعد ما حدث معهُ اليوم بالجامعة لقد قامت بصفعهِ أمام الجميع لا يدري لما لم يقم بتمزيق جسدها بتلك اللحظة فقط كل ما قام بفعلهِ هو تحطيم كل ما حوله لتتعالى بعد ذلك الهمسات والغمزات بين طلاب الجامعة عن إهانة شهاب الأنصاريَ
قاطع تفكيرهُ أحد رفاقهُ مُتحدثاً بنزق:
-كفاك شهاب دعك منها العديد مِن الفتيات يتمنين رضاك فقط
تحدث آخر قائلاً:
-ما بك يا هذا هو يحبها؟
أجابهُ الأول بسخط:
-وماذا يعني ما الذي يجنيهِ مِن وراء هذا الحب إلى الآن أخبرني الفتاة تحادث هذا وذاك وفوق كل ذلك لقد تعرض للإهانة على يدها
تحطمت كأس الشراب التي بيد شهاب ليصمت الجميع عن الحديث لتتحدث فتاة بسخرية:
-علام كل هذا الحب شهاب هي لم تُبادلك يوماً أيةِ عواطف لقد قامت بصفعكَ أمام الجامعة بأكملها وأنت لا تزال مُغرمٌ بها؟
انتفض واقفاً كمن لدغتهُ حية وهو يزمجر بغضبٍ أ**د:
-اصمتي أيتها اللعينة وإلا قمت بتمزيقكِ انتِ بدلاً منها ا****ة عليكم جميعاً
هتف بها للجميع ليغادر كالعاصفة بينما هتف رفيقهُ بهم:
-ماذا بكم لقد أراد التنفيث عن غضبهِ قليلاً ونسيان الأمر بالسهرِ معكم وأنتم قمت بتخريب مِزاجهِ تباً لكم
أنهى كلماتهِ ليخرج هو الآخر لاحقاً صديقهُ والذي وجده يصعد لسيارتهِ ليهتف بهِ:
-شهاب انتظر لا تُعطي بالاً لهؤلاء الحُثالة
تحدث بجمودٍ وهو يتحرك بسيارتهِ:
كما قلت حُثالة سأعود للمنزل أراك غداً
أنهى كلماتهِ ليبتعد بالسيارة تحت أنظار الثاني بينما في الطريق أخرج هاتفهُ ليقوم بإجراءِ مُكالمة هاتفية لحظاتٍ لتأتيهِ الإجابة :
-أجل سيد شهاب؟
تساءل هو بحدة:
-هل استطعت التوصل لشئ؟
أجابهُ الآخر بالنفي مُتأسفاً:
-أعتذر سيدي ليس بعد
زمجر الثاني بغضب وهو يضرب على مقود السيارة:
-كيف ليس بعد وا****ة ألم أعطيكَ الفيديو الذي بهِ الحادثة لترى صورته؟
أجاب الآخر مُوضحاً:
-أؤكد لك سيدي أنني أعمل على الأمر ولكنني لا اعلم ما الخطأ مِن الصعب الوصولِ إليهِ أو التعرف عليهِ خاصةً وأن وجههُ بالفيديو غير واضح تماماً
هتف بغضبٍ قاطعاً:
-لا يهمني علام أعطيكَ نقوداً غداً أو بعد غد أريد رؤية ملفاً كاملاً بهِ كل المعلومات عن هذا الوغد
أنهى كلماتهُ ليغلق الهاتف دون أن ينتظر رداً منهُ ليتابع طريقهُ نحو منزلهُ
بالبيت كانت تجلس على حوضِ الزهور بالحديقة في انتظارِه خرجت خِلسة مِن وراءِ والدها هذا البستانيّ الذي يعمل بمنزل الأنصاريّ منذ سنواتٍ كثيرة كانت ترتدي تنورة طويلة وكنزة قطنية بيضاء ثيابها رديئة ولكنها صالحة للاستعمال الآدمي
سمراء بخصلاتٍ عسلية كثيفة تصل إلى عنقها ملفوفة بطريقة ساحرة أعين خضراء وبعضٍ مِن النمش الذي يتناثر على وجهها وجسدٍ متوسط تشبه والدتها الراحلة إلا أن سمرتها التي ورثتها مِن والدها قد زادتها جمالاً
شادن وتعني الغزالة وهي كذلك اسمٌ على مُسمى بالعشرين مِن العمر تدرس بكلية اللغات جمالها غريبٌ وملفتٌ للنظر، يلفت الجميع إلا هو هذا الأعمى الذي لا يراها أبداً والذي تجلس هي في انتظارهِ الآن حتى تطمئن عليه
تعيش مع والدها بمنزل الأنصاري ولتعاونهُ قليلاً قررت أن تعمل كخادمة به اعترض والدها بشدة إلا أنها أقنعتهُ حتى توفر عليهِ مصاريف ومستلزمات الدراسة خاصةً وأنهُ مُتعب ويجب عليهِ تخفيف وطأة العمل عليه
قاطعها أنوار السيارة التي تدلف إلى ساحة الاستقبال لتبتسم بسعادة وهي تنهض مِن على حوض الأزهار لتقف بانتظارهِ حتى تراه
قطبت بين حاجبيها باستغراب وهي ترى معالمهُ الغاضبة بينما يتحرك بخطواتهِ الحادة نحو الداخل ركضت خلفهُ لتجده يصعد على الدرجِ للأعلى لتوقفهُ بصوتها الناعم:
-سيد شهاب
التفت لها بحدة ليهتف بحالهِ:
-ماذا تُريدين؟
انقطع لسانها عن الحديث وهي تشعر بأن الكلمات طارت منه لتحاول التحدث بما خطر على بالها:
-هل أحضر لك مشروباً دافئاً أراك غاضباً بعض الشئ؟
هتف بكلمتهِ الوحيدة بحدة وهو يردف صعوداً:
-حسناً
ابتسمت بسعادة وهي تركض نحو المطبخ تقوم بإعداد بعض النعناعِ له بينما الجميع نيام، حانت منها التفاتة نحو الساعة لتجدها الثانية عشر منتصف الليل
أنهت ما تفعل لتصعد نحو الأعلى لتقوم بطرقِ الباب بخفوت أتاها صوتهِ الحاد مِن الداخل لتدلف له تبحث بعينيها عنه لم تجده أتاها صوتهِ مرة أُخرى مِن حجرة تبديلِ الثياب:
-ضعيهِ على الطاولة وانصرفي أين هي وا****ة؟
أنهى كلماتهِ وهو يبحث عن شئٍ ما ليخرج عليها بالمنشفة التي تحيط خصرهُ وأُخرى حول عنقهِ لتخجل كثيراً وهي تستمع لسؤالهِ الأخير:
-عن ماذا تبحث أخبرني؟
قام بفتح خزانتهُ وهو يدور بعينيهِ غاضباً:
-قلادتي السوداء
هتفت بهِ بنعومة:
-أعرف مكانها
توقف عن البحث لينتقل بعينيهِ لها وهو يراقبها تتحرك صوب درجٍ ما وهي تقوم بإخراج القلادة له هاتفةً:
-حينما كنت أرتب لك الحجرة وجدتها على الأرض بجانبِ الفِراش لذلك قمتُ بوضعها هنا
التقطتها منها وهو يتحدث بحدة خافتة:
-شكراً يمكنكِ الانصراف الآن
أومأت برأسها وقد لانت عينيها حزناً متى ستستطيع الاقتراب منه تحركت لتبتعد عنهُ وهي تخرج مِن الحجرة بينما تصطحب معها خيباتِ الأمل متسائلة إلى متى؟