الفصل ٢

2280 Words
جلست أرضا كالمستسلم، - كيف حدث هذا؟! ربما.. ربما يمكنني العودة بخيالي إلى حيث كنت؟! فأغلقت عينيها بإحكام لبضع ثوان، ثم أخذت تتخيل نفسها في مطار مراكش، جالسة على مقعد بالقرب من أمتعتها، تنتظر شباك التذاكر أن يفتح، ظننا منها أن تذكر تلك الصور، سيعيدها إلى حيث كانت. فتحت عينيها لتعود و تتفحص الوسط الذي تتواجد فيه. وقفت، أخذت نفسا ثم زفرته في انزعاج و ملامح القلق على وجهها، - لا ينجح الأمر! م.. ما الذي يحدث بالضبط؟! التفتت إلى أمتعتها، ثم أسرعت إلى محفظتها لتبحث بين الأشياء فيها، فوجدت أوراقا كثيرة، و قارورات تحمل مدادا من أنواعا و أشكالا و ألوانا مختلفة، و أقلاما من خشب، كل له شكل مميز. أخذ تتفحص القارورات و الأقلام في ذهول، - تماما كما تخيلتها! توقفت عن الحراك عندما لمحت بين القارورات الملونة قارورة الإ**ير الزجاجية. ابتلعت ريقها و قلبها يخفق و كأنها رأت شبحا. أخرجت القارورة، ثم أسرعت و فتحتها لتجد أنها فارغة تماما. - هل حقا.. كل هذا حدث بسبب الإ**ير؟! تركت المحفظة على الأرض، ثم وقفت و هي تلتقط أنفاسها كمن جرى أمتارا. - إلهي.. إلهي! ماذا أفعل الآن؟! هل أنا عالقة في خيالي؟! داخل ذهني؟! أم أن هذا واقع حقا؟!ما الذي فعله الإ**ير بي بالضبط؟! رفعت يدها إلى شفتيها و عيناها تغرغرتا دموعا. خائفة، متفاجئة، لا تدرك كيف تتعامل مع الوضع. شعرت بظل يقترب منها فجأة، فالتفتت إليه، لتجد شابا يبدوا في عشرينياته، طويل القامة، رشيق القد، جميل الملامح، له عينان عسليتان حادتان قليلا، أنف مستقيم دقيق، شفتان ممتلأتان بعض الشيء حمراوتان، و عظام وجهه بارزة بشكل بسيط و جميل. و حول رأسه عمامة بيضاء، أرخى على كتفيه ما بقي منسدلا منها، و شعره البني الطويل يظهر من تحتها. كان يرتدي جبة واسعة مفتوحة من الأمام، و أسفلها قميص و سروال، و حول وسطه حزام جلدي بسيط الشكل. ارتسمت ابتسامة صغيرة لطيفة على وجهه، ثم سأل بعربية فصحى، - هل من مشكلة؟ أ تحتاج مساعدة؟ تجمدت ليلى مكانها وهي تحدق بعينيه العسليتين الجميلتين دون أن تقول شيئا. تقلصت ابتسامته ثم ردد سؤاله، - هل.. من مشكلة؟ استيقظت ليلى من شرودها، فتحت شفتيها لتجيب، لكنها لم تجد جوابا مناسبا، فأطبقتهما مجددا ثم أغلقت عينيها، لتركز على تهدئة و ترتيب أفكارها. اقترب الفتى من ليلى بضع خطوات ثم سأل، - هل أنتَ مريض؟ هزّت ليلى رأسها سلبا، ثم قالت، - ليس.. ليس كذلك. أنا فقط.. - هل أستطيع المساعدة؟ رفعت ليلى عينيها إليه، ثم سألته بعد أن ترددت طويلا، - أين.. أين نحن؟! استغرب الفتى مجيبا، - مراكش. - و القافلة؟ ذاهبة إلى مصر؟ - صحيح. - كما تخيلت! - م.. ما الذي.. تقصده؟! استغرب من حديثها، وهو يحاول أن يفهم وضعها المحير لكن دون جدوى. جلست أرضا و هي تحاول استيعاب الأمر، فجلس بجانبها بعد أن تراجع عن ذلك طويلا، ثم قال بابتسامة مرتبكة، وهو يحاول التخفيف عنها، - أظن أنه.. يمكنني مساعدتك، ان أخبرتني بما يحدث معك. التفتت اليه ليلى، و الحيرة لا تزال على وجهها. ابتسم لها ثم قال، - أنا.. إسمي آزر. فتحت ليلى شفتاها لتقول بعد تردد، - اسمي.. ليلى. استغرب آزر ثم سأل رغبة في التأكد، - ليلى؟! أومأت ثم أشارت إلى ملابسها، - انا فتاة.. فقط.. أغلقت عينيها وهي تشعر بالإحراج من ما ستبوح به، - متنكرة في ثياب شاب. أومأ مستوعبا، سأل بعد مدة من ال**ت، - إذا، هل كل شيء بخير يا ليلى؟ التفتت إليه، بادلته النظرات لوهلة، ثم فتحت شفتيها لتتحدث، لكن صاحب القافلة نادى قائلا، فجذب انتباه الناس، و كذا انتباه ليلى و آزر، - أيها الناس، القافلة ستنطلق. استعدوا. وقفت عن مكانها، أسرعت باتجاه فرسها، و هي تحاول أن تجد حلا لما يحدث. ماذا تفعل الآن، هل تبقى؟ تغادر مع القافلة؟ أم تخلد إلى النوم، فربما تستيقظ من هذا الحلم الذي يشبه الحقيقة! أخذت نفسا، ثم قررت الانطلاق مع القافلة. فإن كان هذا خيالها أو حلمها، أو أيا يكن، فستستيقظ لا محالة! التفتت إلى آزر الذي غادر متجها نحو حصانه، بعد أن تذكرت أنها أخبرته عن نفسها. وقفت لمدة تراقبه وهي تفكر في الأمر. ترددت عدة مرات مقتنعة بأن ما يحدث ليس حقيقة و لا حاجة للقلق، لكن غيرت رأيها أخير و نادت باسمه، و تقدمت نحوه بضع خطوات. - آزر. التفت إليها و شفتاه ترسمان ابتسامة صغيرة. أسرعت اليه ثم قالت بهمس، - أ يمكنك.. أن تحتفظ بسري ذاك؟ أنني.. فتاة. أظن أنه من الأفضل لو.. أرافق القافلة على أنني.. غلام. أومأ آزر ثم أنشد بيتا شعريا كجواب، - السر عندي في بيت له غُلُق ... قد ضاع مفتاحه و البيت مختوم. ثم أضاف، - لا تقلقي. افتر ثغرها عن ضحكة صغيرة شبه مندهشة من جواب كهذا. فتبسم آزر ثم قال، - لو كنت أعلم أن سماعك للشعر سيرسم ابتسامة على وجهك، لأنشدته منذ البداية. ضحكت ضحكة مكتومة، ثم شكرته. فتبسم لها ثم أضاف على كلامه قائلا، - لا أدري عن مشكلتك شيئا، لكن فقط تذكر.. ثم أنشد، دع الأقدار تفعل ما تشاء ... وطب نفسا بما فعل القضاء و لا تفرح و لا تحزن بشيء ... فإن الشيء ليس له بقاء شعرت ليلى بقلبها يطمئن فجأة. أومأت وهي تتأمل ابتسامته اللطيفة، إلى أن أدركت أنها أطالت النظر إليه، فنقلت نظراتها إلى القافلة و قالت، - أظن.. أن القافلة ستنطلق الآن. أومأ آزر، - فلنستعد كذلك. هزت رأسها موافقة ، ثم أسرعت نحو حصانها لتمتطيه. ..... كانت شاردة الذهن طوال الطريق، و هي على ظهر فرسها. و صوتها الداخلي يستعرض مختلف الأفكار، بينما كانت ملامحها تكشف عن كل فكرة مرت بها. كيف لإ**ير أن يصنع كل هذا؟! أم أنها من صنعت هذا العالم بخيالها؟! هل من الممكن أن يكون ذلك الإ**ير قد عبث بعقلها؟ و جعلها سجينة خيالها؟! هل هذا عقاب؟! هل هذه لعنة؟! ماذا لو أنها نعمة! فهي الآن بعيدة عن كل مشاكلها الحقيقية! كما أنها قابلت شابا وسيما ربما يكون من نسج خيالها أيضا، لكنها سعيدة بالأمر. و هي تسبح بين أسئلتها، رفعت بصرها دون تفكير، الى حيث يتواجد آزر. تبسمت و هي تتأمل ما استطاعت رأيته من ملامح وجهه، إلى أن التفت اليها، و إلتقت عيناه بعينيها، فأسرعت و نقلت نظرها بعيدا مدّعية أنها تتأمل ما بحولها. و ما أن شعرت به يعيد بصره الى الطريق أمامه، حتى طأطأت رأسها، و أغلقت عينيها و أطبقت شفتيها بإحكام لمدة قبل أن تتمتم لنفسها، - يال الإحراج! .... خيم الظلام، و توسط القمر السماء، فتوقفت القافلة ليستريح أفرادها. اتخذت ليلى موقعا تنام فيه، فوضعت به أمتعتها، وفرشت لنفسها مكانا. بعد ذلك، جمعت بعض الأغصان، ثم جلست تحاول إشعال النار، لكن دون جدوى، فرمت بها في غضب ثم قالت بنبرة منزعجة، - أ لم تخترع الولاعات بعد؟! تأففت و هي تتحسس بطنها، - تلك الثمار التي تناولنها لا تكفي! لا أزال أشعر بالجوع. ثم تجمدت للحظة وهي تفكر، - لا يمكن أن أشعر بطعم الثمار، أو بالجوع هكذا إلا في عالم حقيقي! هل كنت مخطئة في اعتقادي؟! ليس كل هذا من نسج خيالي؟! لكن.. لا يعقل أن يكون هذا حقيقة! لا يعقل! لاحظ آزر صراعها مع الأغصان، و نقاشها الغريب مع نفسها، فوقف عن مكانه ثم تقدم نحوها. رفعت عينيها إليه عندما اقترب من مكانها، فسألها، - أ تحتاجين إلى مساعدة؟ نظرت إلى الأغصان على الأرض، ثم رفعت عينيها اليه مجددا لتقول، - أظنني.. أحتاج بعض المساعدة. أومأ متبسما، ثم جلس على احدى ركبتيه، و أخذ الغصن من يدها ليبدأ في إشعال النار، بينما كانت ليلى تراقبه و تتفحص ملامحه الجميلة. أخذ يحك غصنا بآخر بحجر، وهو يشرح الطريقة خطوة خطوة، الى أن اشعل النار. قال بعد أن رفع نظراته إلى عينيها، - هكذا. أومأت، ثم **رت اتصال عيونهما، و خفضتهما في ارتباك. - شكرا لك. أومأ ثم قال وهو يشير إلى موقعه، - ان كنت بحاجة لأي شيء، فأنا قريب من موقعك. ثم استأذن، و وقف على قدميه ليغادر. بعد تردد و هي تراقبه يبتعد، وقفت و نادت عليه، فالتفت اليها بابتسامة متسائلة. تقدمت نحوه، فتحت ثغرها في نوع من التردد، ثم نطقت أخيرا، - أ يمكنك.. البقاء قليلا؟ أقصد.. أنني.. تقدم نحوها بضع خطوات، ثم قال مستفهما، - أنك خائفة؟ - لست خائفة! أنا فقط.. - قلقة؟ سكتت لوهلة وهي تبادله النظرات، ثم تكلمت أخيرا، - أظن.. ذلك. أومأ بابتسامة لطيفة ثم قال، - حسنا. سأحضر أمتعتي و أعود. عاد إلى مكانه المفروش، جمع أغراضه و حمل أمتعته، ثم عاد إلى حيث تتواجد ليلى. تقدم نحو النار بعد أن أذنت له، و فرش لنفسه مكانا ينام فيه في الجهة الأخرى للنار، ثم جلس أخيرا، لتجلس ليلى مكانها بدورها و هي تحاول اخفاء توترها. خيم ال**ت عليهما لدقائق، و هما جال**ن، يتأملان السماء و أضواءها، و الأغصان تحترق بلهب النيران، كأنها تعزف لحنا هادئا لإرضاء الجالسين بقربها. سأل وعيناه لاتزالان تتجولان بين النجوم في السماء، - هل تحفظين الشعر؟ التفتت اليه، ليستدير اليها بدوره منتظرا منها جوابا، فأومأت مبتسمة، ثم قالت، - أحفظ.. بضع أبيات من هنا وهناك. - و ما هي الأبيات المفضلة لد*ك؟ **تت لثوان وهي تفكر في الأمر، - الأبيات المفضلة.. ثم أنشدت، - لبست ثوب العيش لم أُستَشَر ... و حِرتُ فيه بين شتى الفِكَر ابتسم آزر ثم أنشد الأبيات معها، ليرافق صوته صوتها، - و سوف أنضو الثوب عني و لم ... أُدرِك لماذا جئت، أين المَقَر ابتسمت بعد إلقائها لتلك الكلمات، ليبادلها و هو يقول، - انها كلمات الفارسي، عمر الخيام. أومأت ليلى، - صحيح. تن*دت ثم أضافت على كلامها، - كان للفرس شعراء و علماء، و فلاسفة بارزين! أكمل آزر ما بدأته من كلام، - كان و لايزال! **تت ليلى بعد أن تذكرت أن خيالها قد جاء بها إلى زمن غير الزمن الذي تعرفه. قالت و ابتسامة متوترة على محياها، - صحيح! ثم ابتلعت ريقها قبل أن تسأل سؤالا قد يثير شك آزر، لكن ما باليد حيلة. - هل لي أن أسألك، في.. في أي عام نحن؟ ارتسمت تعابير الاستغراب على صفحة وجهه، - أ لا تعرفين.. في أي عام نحن؟! فكرت في أن تصنع حجة كاذبة تغفر لها عدم معرفتها، لكنها فشلت، فاستسلمت و اكتفت بهز رأسها نفيا. أجاب وهو لا يزال مندهشة من الأمر، - نحن في عام ستمئة و خمسة عشر هجرية. تشتت نظراتها لمدة وهي تحاول تحويل السنة الهجرية إلى ميلادية، - ما يقارب.. ألف و مئتين و تسعة عشر! قال بعد أن تردد طويلا، - ليلى، هناك شيء غريب.. يحدث معك. قبل أن تنطلق القافلة، كنت تتساءلين عن مكانك، و إلى أين تتجه القافلة! و الآن لا تذكرين في أي عام نحن! هل.. كل شيء بخير؟! اتصلت نظراتهما طويلا. ليلى تفكر في إخباره بالحقيقة، و آزر ينتظر سماع جواب يفسر له ما يحدث. خفضت بصرها ثم قالت، - هل ستصدقني.. إذا ما أخبرتك؟ - بالطبع. - الأمر صعب التصديق. سكت لمدة ثم قال، - أعرف عندما يكذب الناس، و أعرف عندما يقولون الصدق. و لا أظنك كاذبة. - ح.. حسنا! أخذت نفسا، استعدادا لسرد قصتها، - كنت سأسافر إلى مصر، من مراكش، لكن في زمن مختلف. - زمن.. مختلف؟ - عام ألفان و تسعة عشر ميلادية. رفع كلا حاجبيه مذهولا، لكنه لم يقل شيئا، منتظرا منها اتمام حديثها. - قابلت هناك، امرأة قدمت لي ا**يرا، تسميه إ**ير الأمنيات. قالت إنه يحقق كل ما تتمناه، يمكن له أن يجعل خيالك حقيقة. علمتني كيف أستخدمه، فشربته، و جلست أتخيل كيف أتمنى من حياتي أن تصبح. لكنني استخففت بالإ**ير، و ظننته كذبة. و عندما أردت أخذ قسط من الراحة قبل الانطلاق، تركت ذهني ينسج صورا لطالما أحببت نسجها، صور عن هذا الزمان، فغفوت. و عندما استيقظت وجدت نفسي هنا. - لا يصدق! - أخبرتك بذلك! نظف حلقه، - أ تظنين حقا.. أن الإ**ير أحضرك إلى هذا الزمان؟ - أظنه عبث بعقلي و جعلني أسيرة داخل خيالي. - وهل تشعرين أن ما بحولك.. خيال؟ أو حلم؟! - أشعر.. بأن كل شيء حقيقة! و هذا ما يخيفني. - أ لم يخطر ببالك أن كل هذا.. حقيقة. - أخاف أن أفكر في الأمر! سأل بعد سكوت، - و.. ماذا ستفعلين الآن؟ - سأنام، و ربما عندما أستيقظ، سأستيقظ و أجد حياتي المعتادة. - ما لو.. لم ينجح الأمر؟ - في تلك الحال، أظن أنني سأحتاج إلى الإ**ير مجددا. ثم أضافت بعد أن فكرت في الأمر، - ربما.. إن كان هذا العالم حقيقيا، فسأحتاج الإ**ير من جديد! أستعمله مجددا، و هذه المرة بحذر. يجب أن أبحث عن خيميائي يستطيع أن يصنع ذاك الإ**ير. اكتفى بإيماءة صغيرة. فسألته ليلى، - أ حقا.. تصدق كلامي؟ - أعلم أنك لا تكذبين.. لكن.. تراجع عن ما كان يرغب في قوله، ابتسم، ثم قال، - لا عليك. اكتفت بإبتسامة هادئة تخفي بها خيبة الأمل التي تشعر بها، بعد أن أدركت أن الأمر حقا لا يصدق و يبدوا ككذبة، ثم رفعت بصرها إلى السماء وهي تشك في أنه قد صدقها حقا. أراد آزر أن يغير الموضوع و يجعلها تنسى أمر الإ**ير. فسأل، - من أين أنت؟ أقصد أصلك. -أنا مغربية، ذات أصول أمازيغية. التفتت إليه، - و أنت؟ - ولد في اصفهان. عشت نصف طفولتي هناك، و النصف الآخر في بغداد. ثم انتقلت و عائلتي إلى دمشق، و استقررنا هناك. سألت في فضول، - ما الذي.. جعلك تترك دمشق، و تقطع ذلك الطريق كله من هناك إلى مراكش؟! اتسعت ابتسامته ثم أجاب قائلا، - حلمي. لطالما.. حلمت بالسفر لأرى العالم. - السفر! - أجل، السفر. - و هل رأيت العالم بأسره؟ - ليس بعد! لا أزال أرغب في السفر إلى أماكن كثيرة. - مثير للاهتمام! ابتسم لتعليقها على كلامه، ثم سألها قائلا، - و أنت؟ ما سبب سفرك إلى مصر؟ **تت طويلا قبل أن يفتر ثغرها عن ضحكة محرجة، - إنها قصة أخرى. قصة عجيبة أخرى، سأرويها لك في وقت لاحق. - موافق. ابتسم لها، فبادلته بألطف منها. ثم نقلت عينيها إلى النار أمامها، متفادية النظر إلى عينيه اللتان تشعرانها كلما نظرت إليهما، برغبة في تأملهما أكثر. نظفت حلقها ثم قالت، - أشعر.. بالنعاس. من الأفضل أن أخلد إلى النوم. أومأ لها قائلا، - حسنا. تصبحين على خير. - و أنت كذلك. تصبح على خير. ثم رتبت مكانها بيدها، و استلقت. أدارت ظهرها له، و أغلقت عينيها طلبا للراحة. ليستلقي آزر بدوره، على ظهره، و ترك عيناه تتجولان بين أضواء السماء. فتح آزر شفتيه ثم همس لنفسه منشدا، بعد مدة طويلة يراقب فيها بريق النجوم، - سبحان من برأ النجوم كأنها ... درٌّ طفا من فوق بحر مائج. تمكنت ليلى من سماع الكلمات التي أنشدها، فابتسمت متذكرة صاحبها، الشاعر أبو علاء المعري. لكن سرعان ما تلاشت تلك الابتسامة عندما ردد صوت بداخل رأسها، - ماذا ستفعلين ان فشلتي في الاستيقاظ من هذا الخيال؟ ماذا ستفعلين يا ليلى؟! ....
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD