الفصل الرابع

1501 Words
ابتسم جرير له ليغادر مكتبه وهو يمد يده لصديقه يرشده للاريكة الجانبية في المكتب ( أنا بخير .. وانت يا مرشح الشعب كيف حالك ) علت ضحكة نسيم المشاغبة ( لقد انتشر الخبر بشكل سريع ) هز جرير راسه وهو يجلس بقرب صديقه ( الصحف واخبار الانترنيت كلها تتحدث عن المرشح الشاب الذي ورث حب السياسة من عمه المستقيل لاسباب مجهولة ) توقف عن الحديث عند دخول السكرتيرة مرة اخرى وهي تحمل قهوة لهمها وما أن غادرت قال نسيم ( ربما هذا شيء جيد ) أومأ جرير وهو يرتشف قهوته ( ولكنك لم تأت الي لتتحدث عن اخبارك العالمية ) ارتفعت ضحكة نسيم ليحمل فنجان قهوته يرتشف منها ( في بعض الاحيان اخاف من ذكائك ) نظر جرير له بطرف عينيه وفنجانه قرب فمه ( هيا قل ما تريد ) تبدلت ملامح نسيم في ثوان من المشا** الضحوك لشخص جدي مجيبا ( دعمك فقط ) وضع جرير فنجانه ليرفع قدم فوق اخرى يتكأ للخلف ويديه مشبوكة فوق قدمه ( لكنني لم ادخل في مجال السياسة من قبل وبصراحة لا احب دخوله ) اجابه نسيم فورا ( لم اطلب منك دخوله ... ولكن مجرد دعم انت رجل اعمال وانت تعلم هذا المجال يحتاج لدعم من الاقتصاد ايضا .. ) رد جرير ( لم اقتنع .. ثم لا اريد تغير مجال عملي .. قانوني ابقى بعيدا عن السياسة ترتاح راسي ) تأفف نسيم منه عدة مرات ليقول بنفاذ صبر ( انت رجل اعمال صناعي لماذا دخلت في المجال الطبي ؟) نظر له جرير بعدم فهم من تحول مجال الحديث ( وما شأن هذا بهذا ؟) ابتسم نسيم لصديقه ( لقد دخلت به من اجل زوجتك .. اعلم انها على وشك انتهاء دراستها وانت رغبت ان تدخل مجال عملها ) تن*د جرير بنفاذ صبر ( ما الذي تحاول الوصول له الآن ؟) كشر نسيم بحزم ( المقصد انك قد تدخل أي مجال تحتاج له ... والسياسة من هذه المجالات ثم انت تعتبر رجل قانون يا صديقي فالمانع .. ثم انت لن تدخل بشكل مباشر مجرد دعم دعنا نقول دعم صوري فقط ) رفع جرير حاجبيه بالرفض مرة اخرى ليقول نسيم بياس ( يا اخي اعتبرني زوجتك وقررت خوض السياسة ) علا صوت الاعتراض من جرير وعلامات الق*ف ترتسم على وجهه ( ا**ت ايها الغ*ي ) ضحك نسيم بصوت عال ليتابع ( بعيدا عن المزاح .. فكر بالامر بجدية ) هدأ جرير ليعود لطبيعته العملية وهو يسأل ( وبالنسبة للدعم الاعلامي من استغليت للمساعدة ) علت نظرات الفخر على محياه مجيبا ( بالطبع فارس ومن غيره) ( وهل وافق .. ) ساله جرير ليجيب نسيم بثقة ( بالطبع .. فارسي المنقذ ) لينظر لجرير بنظرات لئيمة طفولية ( ليس مثلك ) ليرفع جرير يديه نحو السماء بقلة حيلة ( لا اعلم كيف ستناقش قضايا الوطن في مجلس الشعب بهذا العقل الطفولي ) امسك فنجانه بهدوء لينظر بطرف عينه باتجاه صديقه ( ليكن الله بعون الشعب ) .............................................................................................. اخفض صوت التلفاز وتن*د .. لقد انتهت الاغنية , ولكن نبضاته لم تنتهي .. لماذا القدر يحمله لحناياها كل مرة .. لماذا تغيب عن باله شهور ثم تعود بقوة ... لتحطمه .. ت**ر قلبه كما فعلت منذ خمس وعشرين سنة .. ومن يومها وهي تقرر معاقبته بشدة .. تغيب وتعود لتوجع قلبه . واليوم كان سعيد فصغيرة الذي رباه كبر ويحقق احلامه كما حلم هو من قبل .. ليقرر فتح التلفاز ليلحق باخباره ولكن الصدمة تكون بان تظهر الاغنية .. تلك الاغنية التي حرمها على نفسه منذ ان اختفت .. ولكنه الان تجمد .. وكان اصابعه تحولت لهلام فلم يقدر على ان يغير القناة وبقي يسمع .. ويتذكر .. يتذكر نفسه وهو يغني لها لتبتسم وتعترض ( ماجد ارجوك توقف صوتك ليس جميل ) كلماتها وابتساماتها اندمجت مع صوت الاغنية .. رمى نفسه على السرير باهمال ينظر في اللاشيء ( ماهذا الغباء .. هل هناك عاقل يتعلق باغنية , تحطمه بعض الكلمات .. تحمله نحو وجع حاول ان يتخلص منه ) ابتسم بالم ليتابع محادثا نفسه ( كل ما يربطني بك هذه الاغنية والكثير من نبضات قلبي المعلقة بحبال قلبك ) فلا هو عرف طريق لها ولا استطاع ان يعرف أي خبر عنها .. منذ خمس وعشرين عام وهو يبحث دون فائدة .. كل ما يعلمه انها غادرت البلاد ولم تعد بعد .. لا صورة لها .. لقد عاقبته بشدة اخفت كل شيء قد يذكره بها ولكن لحسن حظه ربما انها لم تتمكن من محو الاغنية ايضا . اغمض عينيه يحاول النوم وهو يتنفس بصوت مسموع وروح موجوعة على حبيبة لا يعلم عن اثرها شيء . .................................................................................................. ( خالي .. خالي ) علا صوتها الانثوي في ارجاء البيت باحثة عنه .. فهو ما زال بالبيت وهذا ليس موعد نومه .. بحثت في كل مكان دون جدوى حتى وجدت جدتها في البهو لتسالها بحماس ( جدتي اين خالي ؟) ابتسمت لها جدتها مجيبة ( لقد ذهب لغرفته لمتابعة الاخبار من هناك ) اسرعت بالابتعاد وهي تصعد السلم بسرعة لتقول بصوت مرتفع ( سوف اذهب اليه ) اقتربت من باب الغرفة لتطرقها بخفة عدة نقرات متتالية مشكلة نغمة خاصة بها لتسمعه يقول من الداخل ( تعالي ياعفريتة ) فتحت الباب مبتسمة تمد راسها من باب الغرفة ( كيف هو وسيمنا ) لتفتح عينيها بخوف وهي تراه ممدد على فراشه يده فوق جبينه والتعب تملك منه .. لتقترب بهلع ( هل انت بخير خالي .. هل اطلب لك الطبيب ) رفع يده عن وجهه يتأملها بحب ابوي هذه الصغيرة كانت تعويضا له عن حرمانه .. لقد رباها على يديه كما كان يحلم ان يربي ابنته من تلك .. ولكن تلك ذهبت دون ان تحقق له تلك الامنية وتنجب له او تسمح له ان يكون اب .. ولكن ميرال كانت تلك الهدية .. فمنذ وفاة شقيقته وزوجها اتخذها ابنة له ,, دللها .. رباها .. لتكون تعويضا له ويكون عوضا لها عما فقدت . اقتربت منه مرة اخرى وعلامات القلق والخوف سيطرت عليها ( خالي .. لا تقلقني اكثر ) اعتدل في جلسته ليمسك راسها بين يديه مقبلا جبينها ( لا تقلق طفلتي .. انا بخير ولكني متعب قليلا ) جلست بقربه واضعة راسها على ساعده ( متعب جسديا ) هز راسه بالنفي لتتابع ( اشعر انها ستعود قريبا ) تن*د بتعب ( اشعر انها لن تعود حتى اغادر هذه الحياة ) انتفضت على كلماته لتجيب بانفعال ( بعيد الشر عنك ..لا تقل ذلك ) **ت وهي عرفت انه يفكر بها .. فمن لا يعرف سر حزن خالها ماجد في هذه البيت .. اصراره على ذكر زوجته في كل مناسبة .. حبه لها اثر فيها كثير .. الحب .. نعم هنا البداية والنهاية .. في كل مرة ترى خالها ماجد تكره الحب .. ولكن في النفس الوقت عندما ترى زوج ابنة خالها نبيل تشعر ان الحب جميل ,, لتحتار بين حبين حب مدمر كحب خالها وحب يحي كحب نبيل .. اقتربت منه لتسال وهي تنظر نحو النافذو نفس المكان الذي ينظر له ( هل الحب مؤلم ؟) لم يجبها لعدة ثوان وهي تنتظر اجابته ليقول اخيرا ( ألم ولكنه ألم لذيذ .. تشعرين ان قلبك يكاد ينفجر من الألم ولكن حلاوة اللقاء .. ابتسامة من تحبين تمحي كل تلك السنوات من الألم ) لم تجبه لانها لم تفهم والاصح انها لم تقتنع بكلماته ليكمل بعد ان شعر بعدم تصديقها ( كل شيء في هذه الحياة له وجهان .. وكذلك الحب .. له وجه جميل يجعل حياتنا سعيدة مزهرة ووجه اخر يجعنا نتألم ..نحزن .. ولكن دائما الوجه الأول يتغلب على الثاني) حاولت ان تجيبه ولكن دخول نسيم كالاعصار جعلها ت**ت لتقول بقلة حيلة ( ملك الضجة وصل ) كتف ساعديه امام ص*ر غير مهتم بها ليخرج لها ل**نه بطفولية لا تناسب حجمه ابدا ( غيورة ) وقفت ممتعضة ليوقفها خالها بضجر ( توقفا عن الشجار او اخرجا من هنا ) سكت الاثنان بسرعة فها هي العادة كلما اجتمع نسيم وميرال تتحول الجلسة لحرب طاحنة .. ليبادر نسيم بالقول ( حسنا ليس لدي وقت جئت اخبرك بما حصل ) استدار ماجد نحوه ليسأل ( هل وافق جرير ؟) أومأ نسيم بالايجاب ( صحيح انه رفع ضغطي ولكن نعم في النهاية وافق ) ( وفارس ؟) قالها ماجد مقاطعا حديث نسيم ليجيبه نسيم ( وافق فورا وقال ان مجلته ستكون اول المجلات التي ستغطي كل صغيرة وكبيرة لحملتي الانتخابية ) اقترب منه ماجد حتى اصبح امامه فورا ليبتسم بفخر نحو ابن اخيه ممسكا كتفه بيد ويده الاخرى تربد على رقبته ( سوف اراك نائبا قريبا جدا ) ليعلو تصفيق من خلفهما وميرالر تقول بسعادة ( اتمنى ذلك من كل قلبي فلا احد يستحق هذا المنصب اكثر منك ) ليبتسم نسيم نحوها وشعور بالثقة بسبب دعم عائلته ومن حوله يزيد ويكبر ........................................................................................ منذ ان غادر نسيم وهو في مكانه جالس .. بالطبع وافق منذ البداية على دعمه ولكنه اراد ان يلعب باعصابه قليلا .. فرؤية نسيم يفقد اعصابه ويتحول لرجل مشا** تروقه كثير ..ابتسم وهو يتذكر ملامح حين اعلن مواقفته له وكيف هجم عليه يحتضنه كانه طفل وجد والدته ليبعده بق*ف مصطنع ( ابتعد عني ) ليضحك نسيم فيكمل كلامه ( ارجوك تصرف كرجل سياسي لا اريد خسارة اموالي هكذا ) هز نسيم رأسه كالطفل لينفخ جرير بقلة حيلة ويودع صديقه ليعود ل**ته بعد عادت كلمات نسيم لرأسه .. نعم هو قرر الاستثمار في الطب لاجلها .. هذا اخر فصل لها في الجامعة وقريبا ستعود لتكون زوجته علنيا .. امام الناس وامام عائلته وهناك تكمن الطامة الكبرى .. تن*د ليقف متجها نحو مكتبه ( حسنا لندع تلك المواجهات لوقتها .. الاهم هو تخرجها ) .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD